رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 2
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
مرارة واقع .. وشقاء ايامٍ عصيبة ..!
صباحٌ جديد .. وشقاء يومٍ وليد بدأ من بداية ساعاته الأولى . هكذا هي الحياة شقاء ..
اليوم تحديداً ترغب في البكاء اكثر من أي وقتٍ مضى ..
الطريق طويل .. واسبوع مضى قصير جداً امام ماستعانيه في ا لأيام القادمه ..
في الجيمس والنوم يغلبها والعباية مضايقتها والدنيا عليها زحمة ..
تتخيل نفسها في سريرها ونايمه بكل راحه وهدوء بدون همسات اميرة اللي تدعي وتسب في عمتها ام زوجها ..
وبدون تربيت فاطمة مدرسة الدين لها وتلقينها محاضرة طويلة عريضة عن الصبر والتحمل ومحاولتها ارضاء زوجها وامه ..
وبدون لااله الا الله بصوت عالي تفزع الميت ...
لدرجة انها تحسب نفسها بيصير عليهم حادث والعم سعد يتشهد ..
حاولت شادن تمد رجولها اللي تحسها انشلت من كثر ماهي مثنيتها بالسيارة وماقدرت تمدها من المقعد اللي قدام مسبب لها زحمة ومضيق عليها المكان .
التفتت على سارة وهي شبه ميته .. وابتسمت .
هذي سارة صديقة عمرها من يوم عرفتها وهي نوامه ومحد يقدر يصحيها بسهولة ..
امها تقول نومها موت ..
واذا سألت عنها وهي نايمه تقول سارة ميته .
اكلوا مطب قوي وتجاوزه العم سعد بقدرة قادر وكل مدرسة صاحت ..
الا فاطمة تتشهد وتسبح وتهلل ..
امانادية المعروفة بخوفها المبالغ واللي محد يتحمله من البنات قعدت تصيح وكأن الموت قاب قوسين او ادنى منها ..
كعادتها عند أي مطب ولا جمل او ناقه يقابلهم بالطريق .
: يارب متى تتوب علينا من هالعنا ..؟
قالته نورة الحامل بالشهر السابع وهي فعلاً متأزمه من المشوار الطويل لقرية السبيل واللي تبعد عن جدة حوالي 300 كيلو .
رفعت سارة طرحتها عن وجهها قالت : وين يتوب علينا ونادية معانا وصوتها يشرد حتى الغنم اللي حوالينا ..
كتمت شادن ضحكتها حتى ماتحرج نادية .. ودقتها بكتفها يعني اسكتي ..
وابتسمت نورة اللي تحس بالمعاناة من صوت نادية وصراخها والملل من كثرة شكاويها وخوفها ..
قالت نادية بسخرية ممزوجة بخوف وترقب : ماعليه ماعليه ، انتي بس نامي وكبري قلبك وانسي إنا بطريق طويل ومجهول وارواحنا نشيلها على كفوفنا ..
زفرت سارة بآهه ممزوجة بملل من كثر ماتعيد وتزيد نادية بهالكلام : اوووه ، ياقلبي حتى انتي نامي وقوي قلبك ، واذا صار لك شي فهو مقدر ومكتوب ..
ردت ناديه باعتراض : اش حستفيد اذا نمت وانقلبت سيارتنا ولا صدمنا جمل ولا سيارة مقابلتنا بالطريق الضيق هذا ..؟
سارة وهي تلف براسها على الجهه الثانية في محاولة منها انها تعدله استعداد لنومه جديده : تستفيدين انك اذا جوك الملايكة يحاسبونك تردين بتركيز وانتي مرتاحه وشبعانة نوم مو تعبانه وتخربطين وتنسين اللي سويتيه بدنياك ..
شهقت فاطمة قالت : استغفر الله العظيم ، اللهم لاتؤاخذنا بما يقول السفهاء منا ، سارة اش هذا الكلام ؟ لاتنسين ان الانسان مايتكلم الا بعمله وقلبه .. والا يمدي كل كافر جاوب على كيفه عشان يدخل الجنه ..
ردت سارة وهي تعدل غطاها وتسند راسها على كتف شادن : الحين انا السفهاء الله يسامحك ،
: مااقصد ياسارة بس نخاف ربي يسخط علينا بسبب كلمتك ..
: ادري يافاطمه بس كيف اسكت هالخبله اللي وراك ..
تكلمت اميرة : بنات استهدوا بالله مو معقوله ياسارة كل ماشفتي نادية خايفه فتحتي سالفه طويلة عريضة ..
التفتت على ناديه قالت : بعدين انتي ياناديه الله يهديك وسعي صدرك وبالك وفوضي امرك لله ، وترى اللي ربي مقدره لك راح يصيبك لو كنتي بحضن امك ..
سكتت ناديه آسفه لحالها وحالتها .. وبقلبها " مو بيدي ياناس .. عمري ماتصنعت الخوف ولا تدلعت .. حكايات المدرسات اللي ضاعت ارواحهن على الطرق البعيده ماتفارقني ثانية وحده والموت بالنسبة لي رعب "
امتلا الجو روحانية وهدوء وسكينه بفعل تسبيحات فاطمة وتهليلها واستغفارها واللي اقتدى فيها الكل ونهجوا نهجها بهاللحظات ..!
اربع ساعات طويلة ومملة وتعيسة مضت عليهم في السيارة الواسعه لمن شافها من برا .. والضيقه والملل والتعب وقلة النوم على اللي راكبات فيها ويدورن الوسع والراحه ..
اخيراً وصلوا ..
المهم انهم وصلوا بالسلامه ..
السلامه في حال مثل هذا هي المرجوة والمطلوبة وغيرها كل شي يهون ..
نزلوا من السيارة وكل وحده معاها شنطتها وأكياس فيها اغراضهم تخص الشرح من وسائل تعليميه وكتب وأدوات وماالى ذلك .. وحافظات اكل عشان الفطور ووجبات سريعه للغدا اللي مايلحقون عليه في بيوتهم الا من بعد الساعه 6 المغرب او 7 .
: هاتي هاتي عنك يانورة ..
قالته شادن وهي تمد يدها لاغراض نورة
ردت نورة وهي تنتظر المساعده وبدون تردد سلمتها الاغراض وقالت من قلب : الله يجزاك خير ..
اخذت شادن نص اغراض نورة اللي يادوب تشيل عمرها والنص الباقي شالته سارة بحكم انهم اخف مدرستين معاهم ،، بنات ماتزوجوا وشباب وصغار بالسن والأهم همومهن اقل من هموم المتزوجات .
***
في مكان ثاني .. !!
كله هموم ومآسي..
الأمل مثل الطيف اللي يلوح من بعيد بعضهم يقدر يمسكه ويناله ويظفر فيه ويصير من اسعد الناس ..
وبعضهم يعتبره سراب يشوفه من بعيد وهو عارف انه مايقدر يوصله ويعيش وروحه على كفه ، مهموم .. وشبح الموت اقرب له من طيف الأمل ..
واقفه قدام غرفة الانعاش وهي تتضرع لله وتبتهل وتدعي يارب عافها .. ( يارب اشفها انت الشافي لاشفاء الا شفاءك .. شفاءً لايغادره سقماً )
يارب طفلتي بريئة وماتقدر على التحمل اكثر من كذا يارب الطف بها انت اللطيف الخبير .
طلع الدكتور من الغرفة وهو يشوفها مو معاه ... !
تمشي رايحه جايه قدام الباب ،
تنتظره وتتمتم بكلام قدر يعرف انها تدعي لبنتها وتكلم ربها وحس ان قلبه عوره عليها ..
وش يقول لها ..؟
وشلون يبث لها الخبر ..؟
كأنه اول مرة تواجهه صعوبه بهالشكل رغم انه اعتاد على مواجهة الصعاب وخاصة لمن ينقل خبر وفاة المريض لاهله ..!!
تنحنح عندها عشان تحس فيه . فزت بمكانها وبسرعه توجهت له .
: ها يادكتور طمني على بنتي . !!
تردد الدكتور ورد بارتباك : اااا ممممم ..
نزلت نظارته من فوق عيونه وقعد يمسحها بمنديل ويدعكها بقوووة ..
طالع فيها وقرر انه يقول وعلى الله .. : يا اختي ام ندى انتي تعرفين حالة بنتك من اول ماجبتيها مو مرتاحة بحياتها وووو .. بلع ريقه الطبيب السعودي اللي حس ان الحرمة اللي قدامه في مقام امه وحب يمهد لها الصدمه اللي راح يقولها والقنبله اللي راح يفجرها .. كمل بحنان فاض عليها ووصلها وعرفت مغزاه .. تعرفين ياخاله الطفلة ندى تعذبت كثير ولو عاشت اكثر ووضعها هذا حالتها بتسوء وبتتعب اكثر وهي طفله ماتتحمل
قاطعته ودموعها مغرقة غطاها اللي مو مبين شي من وجهها : ماتت ..؟
نزل راسه بالأرض قال : الطيحه قوية وراسها تأثر ماقدرنا نسيطر على النزيف الداخلي .. انتي انسانه مؤمنه ياخاله وان شاء الله ربي يبارك لك في اخوانها .
: اخوانها ...؟
وانهارت تبكي وراحت وخلته آسف لحالها ومحتار منها ومن آخر كلمة اطلقتها ...
ركبت مع اول ليموزين قابلتها عند بوابة المستشفى وتوجهت لبيتها اللي اجتمعت فيه جنتها بانتماء نايف وشادن له مع نارها وجحيمها اللي هي وجود صالح الزوج الثاني سبب شقاها وشقى عيالها .
***
قبل اذان المغرب بحوالي نص ساعه
دخلت البيت راجعة من المدرسة ..
زفرت بآهه من عمق تعبها ... وعيونها تبحث عن امها اللي تنوح داخل غرفتها ..
: يمه ..! ندى .. ! يمه وينكم ..؟
طلعت امها من غرفتها وهي تشهق ووجهها متورم ويدل على انها ماتبكي من فعايل زوجها اللي شادن اعتادتها ..
هالدموع غير ..
وهالحزن غير ..
ماقد شافته بوجه امها الا لمن توفى ابوها ..!
حطت يدها على قلبها وهي تشعر ان نبضه توقف ..
وتحس برعشة في اطرافها وهي تنتظر الكارثه ..
بكت امها وحاولت تتكلم بس الحزن الجمها والقهر اخرسها
قالت شادن بخوف : يمه لايكون نايف ....
قاطعتها الام الثكلى والمكلومة وهي تهز راسها وتمسح خشمها بمنديل قالت بصوت مبحوح : ندى ...
شهقت شادن وتهاوت على الارض من هول الخبر ..
رجولها ماعادت تقدر على الوقفه .
الصدمه والمرار والفقد والوجع ..
نزلت دموعها على خدها ..
على الرغم ان موت ندى ممكن يكون احسن لها واحسن لاهلها الا انها اعتادت عليها وعلى براءتها ووجودها في البيت واهتمامها فيها ..
ندى البراءة والضعف والطفله اللي بدون هموم ومآسي وماتعرف من الدنيا غير شادن الحنونة وماما الحبيبة .. ونايف الأخ العطوف .. وتعرف صالح الأب الشرير واللي صورته ترتبط في ذهنها فوراً بالخوف والبكا ..
: يمه اش صار لها مو تاركتها طيبه وتضحك ومافيها الا العافيه قبل ماامشي للمدرسة ..؟
اخذت امها منديل ثاني من العلبة اللي على الطاولة وجلست تمسح عيونها وخشمها وكأن شادن شالت بعض حزنها وبكاها وخففت شي من اللي بقلبها ..
قالت بصوت مبحوح : ابوها اليوم دخل علينا مو في عقله واخذ مني الخمسمية ريال اللي تركتيها عندي غصباً عني .. وهو خارج شاف ندى تبكي خايفه من صوته .. بكت وزاد نحيبها وكملت بحزن بالغ .. دفها ياشادن لمن شافها خايفه منه ... طاحت على راسها ودخلت في غيبوبة وماطولت ..!
صرخت شادن وبكت اكثر قالت ودموعها ماخذه مجراها على وجهها : يعني ذبح بنته ..
ذبح بنتك انتي يايمه ..!! ذبح اختي انا .. !!
تكفين يمه لاتسكتين ..
حاولت ام نايف تهدي نفسها وتوضح الصورة المؤلمة لبنتها الثايرة بلحظات حزن وقهر قالت وهي تشهق وتحاول تتماسك : كلمت خالك ابغاه يروح يدفنها ويروح معاي للشرطه
بس حلف ان تكلمت ولا جبت سيرة صالح ليسوي اللي مانرضاه ..
: حسبي الله ونعم الوكيل .. اش تتوقعين منه يايمه .. هذا صالح ماسكه مع رقبته ولو ضريناه راح يضره ويطالبه بفلوسه واخوك عاد يبيع ولده ولايفرط بريال حسبي الله ونعم الوكيل ...
آآآه بس ياويلي عليك يانايف ..
وينك عنا يانايف تركتنا ولا ندري عنك ..!
كملت مناحتها مع امها .. وكل وحده تحاول تشيل الهم لوحدها وتستفرد بالحزن عن الثانية ..
بس وشلون والمصيبة وحده والهم واحد والخوف مشتركات فيه مع الأسى والحزن ..
خسارة اذا البنت فقدت عزها وسندها ..
خسارة اذا راح الأب وخطفه الموت بعز شبابه وعز حاجتها له ..
وخسارة اذا راح الاخ السند اللي تحتاجه في ظل وجود صالح السكير وماتدري وين اراضيه بعد ليلة ماتنساها طول عمرها قضاها نايف بمضاربه مع صالح .. نتجت عنها كسر ضلعين لصالح وشرخ بجبينه اضطر انه يعمل لها ثلاث غرز بالمستشفى ..
ومن بعدها اختفى نايف لاحس ولا خبر ولا احد يدري هو حي ولا ميت .. وعلمه عند العليم الخبير ..
ومابقى غير صالح السكير العربيد واللي مايعرف من الايمان غير اسمه .. والخوف من ربي مايعرف له طريق او وجهه ..
***
صباحٌ جديد .. وشقاء يومٍ وليد بدأ من بداية ساعاته الأولى . هكذا هي الحياة شقاء ..
اليوم تحديداً ترغب في البكاء اكثر من أي وقتٍ مضى ..
الطريق طويل .. واسبوع مضى قصير جداً امام ماستعانيه في ا لأيام القادمه ..
في الجيمس والنوم يغلبها والعباية مضايقتها والدنيا عليها زحمة ..
تتخيل نفسها في سريرها ونايمه بكل راحه وهدوء بدون همسات اميرة اللي تدعي وتسب في عمتها ام زوجها ..
وبدون تربيت فاطمة مدرسة الدين لها وتلقينها محاضرة طويلة عريضة عن الصبر والتحمل ومحاولتها ارضاء زوجها وامه ..
وبدون لااله الا الله بصوت عالي تفزع الميت ...
لدرجة انها تحسب نفسها بيصير عليهم حادث والعم سعد يتشهد ..
حاولت شادن تمد رجولها اللي تحسها انشلت من كثر ماهي مثنيتها بالسيارة وماقدرت تمدها من المقعد اللي قدام مسبب لها زحمة ومضيق عليها المكان .
التفتت على سارة وهي شبه ميته .. وابتسمت .
هذي سارة صديقة عمرها من يوم عرفتها وهي نوامه ومحد يقدر يصحيها بسهولة ..
امها تقول نومها موت ..
واذا سألت عنها وهي نايمه تقول سارة ميته .
اكلوا مطب قوي وتجاوزه العم سعد بقدرة قادر وكل مدرسة صاحت ..
الا فاطمة تتشهد وتسبح وتهلل ..
امانادية المعروفة بخوفها المبالغ واللي محد يتحمله من البنات قعدت تصيح وكأن الموت قاب قوسين او ادنى منها ..
كعادتها عند أي مطب ولا جمل او ناقه يقابلهم بالطريق .
: يارب متى تتوب علينا من هالعنا ..؟
قالته نورة الحامل بالشهر السابع وهي فعلاً متأزمه من المشوار الطويل لقرية السبيل واللي تبعد عن جدة حوالي 300 كيلو .
رفعت سارة طرحتها عن وجهها قالت : وين يتوب علينا ونادية معانا وصوتها يشرد حتى الغنم اللي حوالينا ..
كتمت شادن ضحكتها حتى ماتحرج نادية .. ودقتها بكتفها يعني اسكتي ..
وابتسمت نورة اللي تحس بالمعاناة من صوت نادية وصراخها والملل من كثرة شكاويها وخوفها ..
قالت نادية بسخرية ممزوجة بخوف وترقب : ماعليه ماعليه ، انتي بس نامي وكبري قلبك وانسي إنا بطريق طويل ومجهول وارواحنا نشيلها على كفوفنا ..
زفرت سارة بآهه ممزوجة بملل من كثر ماتعيد وتزيد نادية بهالكلام : اوووه ، ياقلبي حتى انتي نامي وقوي قلبك ، واذا صار لك شي فهو مقدر ومكتوب ..
ردت ناديه باعتراض : اش حستفيد اذا نمت وانقلبت سيارتنا ولا صدمنا جمل ولا سيارة مقابلتنا بالطريق الضيق هذا ..؟
سارة وهي تلف براسها على الجهه الثانية في محاولة منها انها تعدله استعداد لنومه جديده : تستفيدين انك اذا جوك الملايكة يحاسبونك تردين بتركيز وانتي مرتاحه وشبعانة نوم مو تعبانه وتخربطين وتنسين اللي سويتيه بدنياك ..
شهقت فاطمة قالت : استغفر الله العظيم ، اللهم لاتؤاخذنا بما يقول السفهاء منا ، سارة اش هذا الكلام ؟ لاتنسين ان الانسان مايتكلم الا بعمله وقلبه .. والا يمدي كل كافر جاوب على كيفه عشان يدخل الجنه ..
ردت سارة وهي تعدل غطاها وتسند راسها على كتف شادن : الحين انا السفهاء الله يسامحك ،
: مااقصد ياسارة بس نخاف ربي يسخط علينا بسبب كلمتك ..
: ادري يافاطمه بس كيف اسكت هالخبله اللي وراك ..
تكلمت اميرة : بنات استهدوا بالله مو معقوله ياسارة كل ماشفتي نادية خايفه فتحتي سالفه طويلة عريضة ..
التفتت على ناديه قالت : بعدين انتي ياناديه الله يهديك وسعي صدرك وبالك وفوضي امرك لله ، وترى اللي ربي مقدره لك راح يصيبك لو كنتي بحضن امك ..
سكتت ناديه آسفه لحالها وحالتها .. وبقلبها " مو بيدي ياناس .. عمري ماتصنعت الخوف ولا تدلعت .. حكايات المدرسات اللي ضاعت ارواحهن على الطرق البعيده ماتفارقني ثانية وحده والموت بالنسبة لي رعب "
امتلا الجو روحانية وهدوء وسكينه بفعل تسبيحات فاطمة وتهليلها واستغفارها واللي اقتدى فيها الكل ونهجوا نهجها بهاللحظات ..!
اربع ساعات طويلة ومملة وتعيسة مضت عليهم في السيارة الواسعه لمن شافها من برا .. والضيقه والملل والتعب وقلة النوم على اللي راكبات فيها ويدورن الوسع والراحه ..
اخيراً وصلوا ..
المهم انهم وصلوا بالسلامه ..
السلامه في حال مثل هذا هي المرجوة والمطلوبة وغيرها كل شي يهون ..
نزلوا من السيارة وكل وحده معاها شنطتها وأكياس فيها اغراضهم تخص الشرح من وسائل تعليميه وكتب وأدوات وماالى ذلك .. وحافظات اكل عشان الفطور ووجبات سريعه للغدا اللي مايلحقون عليه في بيوتهم الا من بعد الساعه 6 المغرب او 7 .
: هاتي هاتي عنك يانورة ..
قالته شادن وهي تمد يدها لاغراض نورة
ردت نورة وهي تنتظر المساعده وبدون تردد سلمتها الاغراض وقالت من قلب : الله يجزاك خير ..
اخذت شادن نص اغراض نورة اللي يادوب تشيل عمرها والنص الباقي شالته سارة بحكم انهم اخف مدرستين معاهم ،، بنات ماتزوجوا وشباب وصغار بالسن والأهم همومهن اقل من هموم المتزوجات .
***
في مكان ثاني .. !!
كله هموم ومآسي..
الأمل مثل الطيف اللي يلوح من بعيد بعضهم يقدر يمسكه ويناله ويظفر فيه ويصير من اسعد الناس ..
وبعضهم يعتبره سراب يشوفه من بعيد وهو عارف انه مايقدر يوصله ويعيش وروحه على كفه ، مهموم .. وشبح الموت اقرب له من طيف الأمل ..
واقفه قدام غرفة الانعاش وهي تتضرع لله وتبتهل وتدعي يارب عافها .. ( يارب اشفها انت الشافي لاشفاء الا شفاءك .. شفاءً لايغادره سقماً )
يارب طفلتي بريئة وماتقدر على التحمل اكثر من كذا يارب الطف بها انت اللطيف الخبير .
طلع الدكتور من الغرفة وهو يشوفها مو معاه ... !
تمشي رايحه جايه قدام الباب ،
تنتظره وتتمتم بكلام قدر يعرف انها تدعي لبنتها وتكلم ربها وحس ان قلبه عوره عليها ..
وش يقول لها ..؟
وشلون يبث لها الخبر ..؟
كأنه اول مرة تواجهه صعوبه بهالشكل رغم انه اعتاد على مواجهة الصعاب وخاصة لمن ينقل خبر وفاة المريض لاهله ..!!
تنحنح عندها عشان تحس فيه . فزت بمكانها وبسرعه توجهت له .
: ها يادكتور طمني على بنتي . !!
تردد الدكتور ورد بارتباك : اااا ممممم ..
نزلت نظارته من فوق عيونه وقعد يمسحها بمنديل ويدعكها بقوووة ..
طالع فيها وقرر انه يقول وعلى الله .. : يا اختي ام ندى انتي تعرفين حالة بنتك من اول ماجبتيها مو مرتاحة بحياتها وووو .. بلع ريقه الطبيب السعودي اللي حس ان الحرمة اللي قدامه في مقام امه وحب يمهد لها الصدمه اللي راح يقولها والقنبله اللي راح يفجرها .. كمل بحنان فاض عليها ووصلها وعرفت مغزاه .. تعرفين ياخاله الطفلة ندى تعذبت كثير ولو عاشت اكثر ووضعها هذا حالتها بتسوء وبتتعب اكثر وهي طفله ماتتحمل
قاطعته ودموعها مغرقة غطاها اللي مو مبين شي من وجهها : ماتت ..؟
نزل راسه بالأرض قال : الطيحه قوية وراسها تأثر ماقدرنا نسيطر على النزيف الداخلي .. انتي انسانه مؤمنه ياخاله وان شاء الله ربي يبارك لك في اخوانها .
: اخوانها ...؟
وانهارت تبكي وراحت وخلته آسف لحالها ومحتار منها ومن آخر كلمة اطلقتها ...
ركبت مع اول ليموزين قابلتها عند بوابة المستشفى وتوجهت لبيتها اللي اجتمعت فيه جنتها بانتماء نايف وشادن له مع نارها وجحيمها اللي هي وجود صالح الزوج الثاني سبب شقاها وشقى عيالها .
***
قبل اذان المغرب بحوالي نص ساعه
دخلت البيت راجعة من المدرسة ..
زفرت بآهه من عمق تعبها ... وعيونها تبحث عن امها اللي تنوح داخل غرفتها ..
: يمه ..! ندى .. ! يمه وينكم ..؟
طلعت امها من غرفتها وهي تشهق ووجهها متورم ويدل على انها ماتبكي من فعايل زوجها اللي شادن اعتادتها ..
هالدموع غير ..
وهالحزن غير ..
ماقد شافته بوجه امها الا لمن توفى ابوها ..!
حطت يدها على قلبها وهي تشعر ان نبضه توقف ..
وتحس برعشة في اطرافها وهي تنتظر الكارثه ..
بكت امها وحاولت تتكلم بس الحزن الجمها والقهر اخرسها
قالت شادن بخوف : يمه لايكون نايف ....
قاطعتها الام الثكلى والمكلومة وهي تهز راسها وتمسح خشمها بمنديل قالت بصوت مبحوح : ندى ...
شهقت شادن وتهاوت على الارض من هول الخبر ..
رجولها ماعادت تقدر على الوقفه .
الصدمه والمرار والفقد والوجع ..
نزلت دموعها على خدها ..
على الرغم ان موت ندى ممكن يكون احسن لها واحسن لاهلها الا انها اعتادت عليها وعلى براءتها ووجودها في البيت واهتمامها فيها ..
ندى البراءة والضعف والطفله اللي بدون هموم ومآسي وماتعرف من الدنيا غير شادن الحنونة وماما الحبيبة .. ونايف الأخ العطوف .. وتعرف صالح الأب الشرير واللي صورته ترتبط في ذهنها فوراً بالخوف والبكا ..
: يمه اش صار لها مو تاركتها طيبه وتضحك ومافيها الا العافيه قبل ماامشي للمدرسة ..؟
اخذت امها منديل ثاني من العلبة اللي على الطاولة وجلست تمسح عيونها وخشمها وكأن شادن شالت بعض حزنها وبكاها وخففت شي من اللي بقلبها ..
قالت بصوت مبحوح : ابوها اليوم دخل علينا مو في عقله واخذ مني الخمسمية ريال اللي تركتيها عندي غصباً عني .. وهو خارج شاف ندى تبكي خايفه من صوته .. بكت وزاد نحيبها وكملت بحزن بالغ .. دفها ياشادن لمن شافها خايفه منه ... طاحت على راسها ودخلت في غيبوبة وماطولت ..!
صرخت شادن وبكت اكثر قالت ودموعها ماخذه مجراها على وجهها : يعني ذبح بنته ..
ذبح بنتك انتي يايمه ..!! ذبح اختي انا .. !!
تكفين يمه لاتسكتين ..
حاولت ام نايف تهدي نفسها وتوضح الصورة المؤلمة لبنتها الثايرة بلحظات حزن وقهر قالت وهي تشهق وتحاول تتماسك : كلمت خالك ابغاه يروح يدفنها ويروح معاي للشرطه
بس حلف ان تكلمت ولا جبت سيرة صالح ليسوي اللي مانرضاه ..
: حسبي الله ونعم الوكيل .. اش تتوقعين منه يايمه .. هذا صالح ماسكه مع رقبته ولو ضريناه راح يضره ويطالبه بفلوسه واخوك عاد يبيع ولده ولايفرط بريال حسبي الله ونعم الوكيل ...
آآآه بس ياويلي عليك يانايف ..
وينك عنا يانايف تركتنا ولا ندري عنك ..!
كملت مناحتها مع امها .. وكل وحده تحاول تشيل الهم لوحدها وتستفرد بالحزن عن الثانية ..
بس وشلون والمصيبة وحده والهم واحد والخوف مشتركات فيه مع الأسى والحزن ..
خسارة اذا البنت فقدت عزها وسندها ..
خسارة اذا راح الأب وخطفه الموت بعز شبابه وعز حاجتها له ..
وخسارة اذا راح الاخ السند اللي تحتاجه في ظل وجود صالح السكير وماتدري وين اراضيه بعد ليلة ماتنساها طول عمرها قضاها نايف بمضاربه مع صالح .. نتجت عنها كسر ضلعين لصالح وشرخ بجبينه اضطر انه يعمل لها ثلاث غرز بالمستشفى ..
ومن بعدها اختفى نايف لاحس ولا خبر ولا احد يدري هو حي ولا ميت .. وعلمه عند العليم الخبير ..
ومابقى غير صالح السكير العربيد واللي مايعرف من الايمان غير اسمه .. والخوف من ربي مايعرف له طريق او وجهه ..
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
وجع الفراق والفقد ..!
بعد ثلاثه ايام من العزا وهطول الدمع ومرارة الحزن على ندى
والحسرة والخوف على الغايب ..!!
استسلمت عزيزة ( ام نايف ) للنوم بعد مااعطتها شادن حبتين بندول سكنت الصداع اللي يهاجمها بين فترة وفترة ..
انسحبت من الغرفة بهدوء وهي تمشي على اطراف اصابعها ..
واخذت جوالها .. دقت على اقرب الناس لها واللي دايماً تلاقيها وقت حاجتها لها ..
انتظار ..!
كان هذا جواب جوال سارة عليها ..
زفرت بآهه دلاله على الضيق والملل .. و " اكيد تكلم خالد هالوقت "
مااعطتها سارة فرصه تكمل تخمينها لأنها دقت عليها ..
: هلا سارة .. آسفه على الازعاج ادري تكلمين حبيب القلب ..!
: ههههههههههه لا عادي ماازعجتيني اصلاً هو تعبان ويبغى ينام ..!
: من يلومه والحين الساعه اثنين ونص الفجر .... اسمعي بتداومين ..؟
: ايوه خلاص خارجه الحين ..
: سلمي على البنات ..
: يوصل .. ها كيف امك اليوم ..؟
: ماعليها احسن من امس .. الحين تركتها تنام ..
: ياقلبي عليها مو سهل اللي شافته وتعيشه .. الله يصبر قلبها ويريح بالها .
: اللهم آمين ..
: طيب نايف للحين مارجع .. ؟
: المشكله ياسارة ماندري وين اراضيه .. !! وامي خايفه ان صاير له شي ..
: لا ان شاء الله مافيه الا العافية ..
اسمعي .. خالك ليه ماسأل عنه في المستشفيات او بلغ الشرطه بغيابه ..؟
: خالي مايبغى سيرة نايف بالمرة لأنه على قولته اعتدى على صالح واللي يعتدي على صالح معناتها اعتدى عليه هو وضر مصالحه الشخصية .. تخيلي ياسارة امس يقول لامي قلعته وليته هو اللي مكان ندى وافتكينا منه ..!
: ياربي هذا ماعنده قلب .. حسبي الله ونعم الوكيل ..!
: خليها على الله بس .
: طيب وصالح للحين مارجع ولا يدري عن بنته ..؟
: لا مارجع وعساه مايرجع ..!
: شادن حبيبتي انتبهوا منه .. ياخوفي لايقول انكم انتم اللي ذبحتوها ..!
: مايقدر يقول هالكلام .
قاطعتها سارة : يالله يالله ياشادن هذا ابو سعد عند الباب .. ان شاء الله اليوم راح امر عليكم اذا ربي رجعني ..
: ترجعين بالسلامه ان شاء الله واشوفك على خير ..
: ان شاء الله يالله مع السلامه
: الله معاك .. لاتنسين دعاء السفر ..
: اوكي .
قفلت من صاحبتها وسندت براسها على مخدتها في محاولة واستجداء للنوم ..!
الوحدة قاتلة ..
والتفكير في الأمور السيئة اللي تحيط بها شيء متعب لأبعد الحدود ..
ياليت فيه من يواسيها ويخفف همها عنها ..
..
فكرها مشغول بأشياء اكبر منها ..
موت ندى ..
غياب نايف عن البيت ..
خطر وجود صالح في البيت عليها ..!
خوفها على امها وعلى نفسها منه ..
حزن امها ومشوارها الطويل للسبيل ..
حضنت مخدتها وغمضت عيونها غصب ..
رفعت صوتها وكأنها تبي تطرد أي فكرة تهاجمها وتنغص عليها نومها قالت : ( ياحي ياقيوم برحمتك استغيث اصلح لي شأني كله ولاتكلني الى نفسي طرفة عين ) .لعل وعسى انها تصحى وتلا قي امها بكرة بحال احسن ونفسية مرتاحه اكثر من اليوم والايام اللي قبل ...
***
قرية السبيل ..
وفي المدرسة القديمة واللي جدرانها مشتققه وأسقف غرفها خشب وفوقه تراب ..
وتحديداً في صف سادس ابتدائي ..
نادية وهي منهمكه في الشرح ..
المسائل الرياضيه تخلي المدرس ينسى كل اللي حوله وينغمس مابين الأعداد وكأنه في متاهه ويدور على منفذ للخروج ..!
: يلا ياجهير قومي عند السبورة وحلي المسألة ..
وقفت جهير ووصلت السبورة وهي تتسحب خايفه تكون طريقة الحل اللي في راسها غلط ..
قالت بسرعه وهي تطالع ورى الباب الحديد المفتوح حتى الهوا يدخل لأن التكييف ماله اثر بالمدرسة ولا حتى المراوح : ابله شوفي فيه عقرب ورى الباب .. !!
وكأن نادية انصعقت بماس كهربائي ..
تجمدت بمكانها ..
والصورة والمنظر لا تحسد عليهم ..
رجعت تمشي بهلع لآخر الفصل ..
حاولت تبل ريقها بلعابها بس جميع عضلاتها مشلوله عن اي حركه .. الا المشي البطيئ ..!
قالت عذبه اللي جالسه في الصف الأول : ابلا انا اذبحها الحين ..
صرخت نادية بهلع : لا لا لا لا تقربين منها ... ياربي كيف حنخرج الحين ..
ردت عذبه وهي تحس ان مدرستها مرعوبة ويمكن تغيب عن الوعي بأي لحظة .. : ابله انا دايم اذبحها عادي ..
ردت وصدرها يعلو ويهبط وكأنها قاب قوسين او ادنى من الموت : لا لا لا .. فركت يدينها وطقطقت اصابعها قالت بقلق : ب ب بنااات ك ك كييييف نخرج .. ؟
طلعت مزنه مع الباب والعقرب بمكانها ماتحركت ..
: ابلا اطلعي والله ماتقرب منتس .. شفتيني انا طلعت وماتحركت .
تثنت نادية على الأرض ووجهها ممتقع الوان ودموعها متجمده بمكانها والخوف يرجف بأطرافها قالت بخنقه : لا لا خلوني هنا مزنه روحي نادي المديرة ..!
راحت مزنه ورجعت مع المديرة ونورة واميرة اللي كانوا جالسين معاها في الادارة ..
اميرة بهلع لمن شافت حال نادية اللي نساها وجود العقرب وخطرها : نادية اطلعي ماراح تسوي لك شي .
ردت نادية بعيونها ونظراتها اللي تنقلها مابين العقرب واميرة .. والضعف والخوف هم تعبيراتها ..
تكلمت نورة : خلاص يانادية ربك حطها بعيون مسلمين الحين تجي الخالة تموتها انتي لاتخافين واطلعي ترى خوفتي البنات معاك ..
وقفت عذبة ونزلت جزمتها ( الله يكرمكم ) وخبطتها بقوة وخبرة وكأنه امر معتاده عليه ..
قالت وهي تحركها بقطعة من كرتونة الطباشير اللي بجنب السبورة : خلاص ماتت .
دخلت ابلا سميحه على نادية ومسكتها بيدها لحد ماوقفت قالت : اهوه عزبة اتلتها مافيش خوف دالوأتي يالله اطلعي يانادية بأى خوفتي البنات .
ردت نادية : خرجوها برا الله يخليكم عشان اخرج ..
اخذت عذبه العقرب الميته واللي اختلطت اجزاءها ببعض من قوة الضربه وحطتها على قطعة كرتون كبيرة وطلعتها برا ..
خرجت نادية من الفصل ودموعها على خدها تترجم تعابير كثيرة بداخلها ..
فرحة بالنجاة ، ورهبة الموقف ، وصدمة من الواقع ، وخوف من الجاي والقادم ..!!!
اخذتها اميرة لغرفة المدرسات وجابت لها المديرة عصير ليمون تهدي فيها اعصابها ..!
وصارت نادية حديث جميع الطالبات والمدرسات ..
اللي تستهزيء منها واللي تحمد ربها على نعمة العافيه والصحه وقوة القلب .. واللي آسفه لحالها وتدعي لها بالشفاء والعافية ..
اضافت نادية لتاريخ كل المدرسات حدث رسخته الذاكرة من ضمن احداث قرية السبيل ومعاناة الطريق .. ومزجت مابين الفكاهه والعبرة ..
..
--------------------------------------------------------------------------------
الفصل الثاني ....!
قرية الأجواد
في القرية الصغيرة والبعيده عن النهضة والتطور والتقنية ..!
الاجواد قرية تبعد عن السبيل بمسافه قصيرة ..!
واقف قدام بيته الجديد ..
بهامته وطوله الفارع ..
سمار جبينه منعكسة عليه اشعة شمس العصرية ..
وهو يساوي الارض من قدام الرصيف الجديد اللي حول البيت .. !
حط يده على اعلى بطنه من الجهه اليمين ووقف باعتدال ..!
" آآآآه يالتعب .. اللهم اني اسألك العفو والعافية "
زفر بها ونزل الكريك ( اداة حفر ) من يده ..!
والتفت على الصوت اللي زهمه من وراه ..
: ياوليدي ارفق بنفسك تراك اهلكتها بالشغل .
جا عماد يمشي ناحية جدته ( ام ناصر ) ومسك يدها بدال الشغاله اللي تساندها وتعينها على المشي ..
قال : وش اسوي ياجدتي .. شغلي منيب تاكله على احد ..!
ردت الجدة ام ناصر بحدة : وهالعمال اللي انت مجمعهم وشو له تعطيهم فلوسك وهم مايخدمونك ..؟
: هذولا هم اللي سنعوه بس يبي له مساواة . . الا انتي وين بتروحين ..؟
: ابي اروح اسير على ام عبدالعزيز تقول خالتك مهيب صويحيه ..!
: علامها عسى ماشر ..؟
: السكر مرتفع عندها وتو رجل خالتك جابها من الطايف ..!
: لا لا ماتشوف شر ان شاء الله ..
: عماد ..!
: لبيه يالغاليه .
: وش سويت بموضوع بنت خالك ..؟
مسح جبينه اللي تكوم عليه العرق بقفا يده اليسار وقال : ابشري باللي تبين امس خلصت اوراقها وعن قريب بتقر عينتس فيها ..!
تهلل وجه ام ناصر وحست بالرضا والاطمئنان قالت من عمق قلبها : يالله ياكريم الوجه ارض عنه وخله لي واصلح له امره وشانه ..
سلم عماد على راسها وهو يبتسم قال : ايه هذا الدعا اللي انا ابيه مهب اللي انتي خابرته ..
: هههههههههه هذاك ادعي به كل وقت وكل ساعه ماعليّ منك ..
: اجل روحي لام عبدالعزيز قبل لا ازعل ثم ارجع في كلامي .
ضحكت الجده من طريقة تهديده قالت : توكلت على الله .. ناد لي هذي خلها تجيني ماعاد امشي الا وهي معي .
وقف عماد على باب البيت ونادى بصوته العالي : لسلي .. لسلي اطلعي تعالي بسرعه ..
جات الشغاله الاندنويسة بسرعه ومسكت يد ام ناصر ورافقتها تزور جارتها وام زوج بنتها ..!
وهو يراقبها بنظرة محبة وعرفان وبقلبه كالعاده امنيات انه يرد لها جمايلها عليه ويعينه ربه على كسب رضاها وودها ..
***
دق التلفون وشادن نايمه على الكنبة اللي في الصالة ..!
شافت الساعه 12 الظهر .. وقامت بكسل ومدت يدها عليه ..
: الو ..
سمعت صوته الكريه والبغيض يتسلل لسمعها من ورى السماعه
وهو يقول بخبث : اوووه شادن الحلوة في البيت هالوقت ؟.. غريبة ماداومتي ؟
كشرت بقرف قالت : خير اش تبغى بعد اللي سويته ؟
شهق باستهبال : انا سويت شي ...؟ لا لا لا اكيد هالعجوز الخرفانه تكذب عليك وتتهمني .. تبغاك تكرهيني لأنها تغار منك ياعمري ..!
: حقيير وسافل وتااافه .
قفلت السماعه بقوة وهي تلعن الساعه اللي دخل فيها صالح حياتهم ..
" امي اللي خلت منك رجال قدام الناس تقول عنها عجوز خرفانه ياتاافه ..؟ الله لايسامحك ياخالي ليه تبلانا في هالبلوة "
وقفت على حيلها بعد ماطار النوم وتعكر مزاجها ..
دقت باب غرفة امها بهدوء ودخلت .
تأملتها وهي تعانق سجادتها باخلاص ووفاء .
" ليتك تعلمت دينك من امي ياصالح الطالح ..
شتان مابين الأرض والسماء ،
ومابين الوحل والماء الفرات ..
مابين الطهر والوباء "
سلمت امها على يمينها وشمالها ورفعت يدينها تدعي للميت والغايب والحاضر .. الزوج الحبيب اللي اخذته منها الدنيا وتغربلت بعده ..
وفلذات كبدها وقطع قلبها ..!
: يمه اجهز فطور ولا اسوي غدا ..؟
: لا حبيبتي لاتسوين شي جارتنا ام مشاري اتصلت تقول بتجيب لنا غدا وتجي تتغدى عندنا ..
: ترى الزفت هذا دق قبل شوي ..!
: اش يبغى ..؟
: ماادري عنه قفلت في وجهه قبل مااعرف اش يبغى ..؟
طالعتها عزيزة بشك وخوف قالت : ليه قفلتي قال لك شي ..؟
: كالعادة يمه ..
: حسبي الله ونعم الوكيل .. اش نسوي ياربي ..؟ الله يردك عليّ يانايف .. ياخوفي لايرجع اليوم ونايف للحين ماجا .. ومايلاقي احد يوقف بوجهه .
: يمه تراني بخلي سارة تقول لابوها يبلغ الشرطه عن غياب نايف .
ضربت عزيزة على صدرها قالت : لا الله لايقول ان فيه شي .. ان شاء الله يرجع لنا اليوم ..
: يمه نايف له اكثر من عشرة ايام غايب ..
: طيب اتصلي على ابراهيم صاحبه اسأليه عنه ..!
: اتصلي عليه انتي يمه .. نايف لو عرف اني كلمت صاحبه والله ليتجنن .
وقفت ام نايف وطبقت سجادتها وشرشف صلاتها قالت : اعطيني النوته اللي بمكتبة التلفزيون اتذكر اني سجلت رقم اهل ابراهيم لمن نام نايف عندهم زمان .
جابتها شادن واتصلت ام نايف على بيت صاحب ولدها ..
اول ماسمعت الو من الحرمه الكبيرة اللي ردت عليها ..
قالت : السلام عليكم ورحمة الله
: عليكم السلام ورحمة الله .. من معاي ..؟
: اختي انا ام نايف صاحب ولدكم ابراهيم .
: هلا بك اختي الله يعينكم .. ويساعدكم .. وان شاء الله ربي يفرجها على نايف قريب .
شهقت عزيزة ودمعت عيونها قالت : نايف فين ..؟ ويفرجها عليه من ايش ..
تخربطت الحرمة ولامت نفسها كثير لأنها صدمت ام نايف وفجعتها ..
: لاتخافين ياام نايف .. انا ماادري سمعت ابراهيم يقول انه في السجن موضوعه مرة بسيط .. اعذريني اختي والله اني حسبتك تعرفين بالموضوع ..
: يعني ولدي مسجون .. اش قضيته ..؟ ماتدرين ..؟
: اعتقد ان زوج امه .. أأأ اقصد زوجك له يد بالموضوع .. اتوقع متهاوشين وولدك ضربه هذا اللي فهمته .. بس ولا يهمك اختي الحين اخلي ابراهيم يكلمك ويقول لك على كل شي ..!
: الله يهديه ليه مابلغنا ..
: ابراهيم يحسبكم عارفين بالموضوع .. على العموم لاتخافين ان شاء الله موضوعه ماراح يطول .
مصيبة ثانية وهم جديد وقضية اكبر ..
دمعت عيونها وقلبها يبكي اكثر واكثر ..
قالت وهي تحاول تثبت صوتها اللي بدا يختل مثل شعورها واحساسها
: مشكورين الله يعافيكم ماتقصرون .. لاتنسين تخلين ابراهيم يطمني عليه .
: ولا يهمك الحين يدق عليكم ..
: يالله مع السلامه
: الله معاك .
التفتت على شادن اللي فهمت الموضوع وحضنت الخدادية وبكت بقوووة .. " حبس حامينا ورادع وقاحته وتصرفاته .. الحين من بينقذني منه .. ياربي رحمتك وسترك .."
: يمه .
شهقت عزيزة وهي تقرا افكار بنتها وخوفها وقلقها على اخوها وحياتها قالت : الحمد لله انه حي .. حسبته صاير له شي ..
قربت من شادن اللي تبكي بحسرة .. قالت بهمس : تدرين قضيته سهله .. اشوا انها مو مخدرات ولا سرقه او قتل او شي يفشل ويعيب ..!
رجعت خصلة من شعر شادن ورى اذنها وكملت
: اخوك دخل السجن وهو يدافع عن اهله وضرب صالح اللي يستاهل القتل يعني شي يشرف .
: ادري يمه بسسسسس ....
قاطعتها بوجع وقلة حيلة وهي تحاول تحميها وتطمن قلبها
: لاتخافين منه والله والله والله شوفيني حلفت بالله مايأذيك صالح وانا عايشة لك ..
قطع كلامهم صوت الباب اللي انفتح وتسكر بقوووة ..
وقفت شادن ودخلت غرفتها وانتظرت عزيزة لحد مادخل صالح وهو يطالع بغرفة شادن اللي قفلت بابها بقوة ..
قال : اش فيها كأنها شايفه جني ليه شردت ..؟
ردت عزيزة وهي قرفانه من نظراته الهايمه لغرفة بنتها ..
قالت : مالك دخل فيها ولو سمحت خذ اغراضك واطلع من بيتي الحين .
انفجر من الضحك ورمى نفسه على الكنبة
: هههههههههههههههههههههههههههههه الله يقطع شيطانك ياهالعجوز .. قومي بس سوي لي شاهي وثقليه خليني اروق ..
طلع بكت دخانه ودس زقارة في فمه وهو يحلم .. ويتأمل في باب غرفة شادن ..
انتبه للكرسي المتحرك حق ندى في زاوية الصالة ومطبق قال : هذا اش فيه هنا لايكون مكسور وتبغين واحد جديد .. نفض جيوبه وكمل : تراني طفران ماعندي فلوووس جيوووبي فاااااضية شوفي .
تكتفت عزيزة وطالعت فيه بحقد قالت : لا مو مكسور بنوديه لدار المعاقين يمكن يحتاجونه ..
وقف وهو مكشر قال : ليه بترمين بنتي بالدار ماتقدرين تقومين عليها .. ولا عيال خالد اهم من بنتي المسكينه .. بتتخلين عنها ياعزيزة عشانها معاقه ..
: بنتك ..؟ الحين بنتك ياصالح بعد مارميتها وقتلتها ..؟
: اييييش عيدي عيدي اللي قلتيه .. فين ندى ..؟
طالع يمين ويسار قال : لايكون سويتي لبنتي شي عشان تنتقمين مني لأني دخلت ولدك السجن .
: انت اللي قتلت ندى لمن دفيتها وطاحت على راسها .. بس ترى حق بنتي مارااح اسكت عليه .. وراح اطلب تشريح للجثه وادعي عليك عند الشرطه .
اخذ شماغه وهو يسب ويلعن ويتوعد ويهدد وطلع مع الباب ...
تنفست ام نايف بعمق وراحت لبنتها تطمنها انها بدت تخوف صالح وتهدده وتشغله عنهم لأول مرة ..!!
***
في السيارة وهم راجعين لبيوتهم ..
سارة وهي مستعجله ومحرجة من نورة اللي بقت معاها : حبيبي اكلمك بعد شوي لسه ماوصلت .
قفلت سارة جوالها بعد ماردت على خالد حبيب الطفولة والعمر كله .. بالرغم انها مكلمته قبل الفجر الا انها تشتاق له ..
قالت نورة وهي تحاول تمد رجولها اللي شبه مقيده ومورمة من الحمل في جيمس ابو سعد : هذا خطيبك ياسارة .. ؟
: ايوه .
: الله يسعدكم ماشاء الله باين انه يحبك .
تكلمت سارة بأريحيه لأن الجمس ماباقي فيه الا هي ونورة قالت : انا بصراحة اموت عليه وخالد حب الطفولة والعمر كله ان شاء الله .. وهو امممم اعتقد يحبني ..؟
: اعتقد ..؟ وليه مو متأكده ..؟
: ههههههه خلودي مايحب يبين مشاعره .
: هههههههههههه يعني المهم يعرف انك تحبينه من صغرك ..؟
جمعت سارة اغراضها وحطتها بحضنها قالت : هالاكتشاف صار بعد الملكه ..
: ماشاء الله عسى الله يهنيكم انا والله ماعرفت زوجي الا من بعد الملكة ..
: اهم شي ربي يوفقكم وتتفاهمون .
: الحمد لله زوجي مافيه منه الله يخليه لي .
وصلوا بيت ابو مشاري ونزلت سارة قالت : يالله نورة مع السلامه اشوفك بكرة ان شاء الله .
: على خير ان شاء الله .. مع السلامه .
راحت سارة بسرعه دخلت البيت وقلبها يلهف على خالد ومكالمته ..
نزل مشاري اخوها مع الدرج ووقفت تسلم عليه قالت : فينك لنا يومين ماشفناك ..؟
: رحت للطايف عندي شغل .
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
صرت عيونها قالت : يعني عند رهوومه حبيبة القلب ..
: لا مارحت لخالتي ولا مريت عليهم .. بعدين تسأليني فيني ماقالت لك امي ..؟
: لا ماقالت لي اصلاً ماسألتها ..
: ولا اتصلتي وسألتي ..
: ممممم سوري كنت مشغولة ..
: ادري انك مشغولة ومو فاضية لأحد .. مو انا دقيت ثلاث مرات عليك وحصلته انتظار وحضرتك مافكرتي تردين ..
فتحت طرحتها وفكت الشباصة من شعرها وانسدل على ظهرها بأريحيه قالت : اكيد اني كنت اكلم خالد .
: الله ياخذ هالخالد ماادري اش عاجبك فيه ومخليك تتمسكين فيه للحين .
: مشاري لو سمحت ..!
: انتي تدرين اني مااطيقه .
: طالما انك ماتطيقه ليه ماتكلمت من البداية قبل لانملك ..!
: لأني توهقت فيه .. حسبته رجال ويستاهل اختي .. بس ماعرفته زين الا بعد الملكة .
: وليه ان شاء الله شو سامع عنه ..؟
: المشكلة اني مو سمعت .. اشر على عيونه وكمل : انا شفت بهذولي ياسارة وياليتني ماشفت .. ولا ياليتني شفت قبل ماتملكون .
اعطت الشغاله اغراضها تطلعها لغرفتها وتكتفت قالت : وايش اللي شفته على خالد يااستاذ مشاري ..؟
ناظر بعيونها برجاء قال : عندك استعداد تسمعين .. واذا قلت لك اللي شفته بتصدقيني ياسارة ..؟
صدت عنه ..
ماتبي تسمع عن خالد شي ..
ولاتبغى تصدق فيه شي ..
قالت ببرود : لا ماعندي ولاني مستعده اسمع في خالد شي ..! مشاري انا اعرف خالد اكثر منك .. واعرفك اذا حقدت على احد نسيت هند ولا اذكرك فيها .
رفع يده بيصفعها بس ردها وهو ضاغط على اسنانه ...
تعوذ من الشيطان الرجيم .. واستهدى بالله ووخر عن طريقها متجه للباب ..
طلع مع الباب وهو يتذكر هند ..
هند صدمة عمره ..
الصفعه اللي تلقاها منها صحته وافاقته من الجري ورى مشاعره ..
تنفس بعمق وهو يقفل البوابه وراه ويمشي لسيارته ..
ذكراها تطلع شياطين الانس والجن قدامه ..
فضل انه ينسحب ويبعد عن البيت حتى مايتسبب بأي اضرار للي حوله ..!
رن جوالها وطالعت الشاشة .. وتهلل وجهها ..
فتحت باب غرفتها وعبايتها عليها وطرحتها على كتفها ..
رمت اغراضها على سريرها ونزلت عبايتها وهي تسولف معاه
: كنت اكلم مشاري ..
: وش يقول لك ..؟
: كنت اسأله فينه له يومين ماشفته قال انه كان بالطايف ..!
: هو متى يتزوج ويفكك من شره ..؟
: هههههههههه مين مشاري ..؟
: ايه اجل مين ..
: من قال لك ان مشاري مضايقني .
: يعني كلامه عني مايضايقك ؟
فتحت عيونها بقوة قالت : اش عرفك عن كلامه عنك .
: شي طبيعي ان كلامه عني مايعجبك لأنه يكرهني .
: ياربي اموت واعرف اش بينك وبين مشاري اخوي .. واش اللي غير حالكم وانتم زمان اصحاب ..
: مافيه شي يبقى على حاله .
: انت عارف انه الحين معارض على زواجنا ..
: قلعته لايوافق المهم انتي توافقين .
فسخت صندلها ( الله يكرمكم ) قالت : خالد الا مشاري ترى ماارضى عليه .
: فكينا منه وقولي لي كيف دوامك اليوم .
: يعني ....زيّ كل يوم تعب وشمس وحر وقلق ناديه ...
راحت سارة تسرد له حكايات يومها بدقة متناهية ..
كانت تقول له ادق تفاصيل حياتها ..
يومياتها واحداثها ..
لأنها تعتبر نفسها ملكه وله لوحده ومن حقه هو ..
ولابد تطلعه عليها وعلى حياتها بحق وحقيقه .!
اياً كانت التفاصيل .. مهمه ولا العكس المهم ان خالد يعرفها لأن هذا من باب الاخلاص في نظرها ..!
***
اسبوع ثاني مر على وفاة ندى ورجعت شادن لمدرستها ..
كانت واقفه مع سارة بوسط الساحه المشمسة
قالت : ماعاد فيني ياسارة انا خايفه منه ..
ردت سارة وهي رافعه الكتاب بينها وبين اشعة الشمس : طيب والحل ..؟
: مافيه حل الا اني استأجر مع البنات هنا واوافق على كلام ناديه .
: لا لا ياشادن الله يخليك .. انتي ماتدرين نادية ترجع تداوم ولا لا .. بعدين صدقيني هذي مغامرة ويبغى لها تفكير وان سكنتي مع نادية هنا بتتجنن من العيشة هنا وبتجننك معاها ..
: ماشفتيه البارحه .. تمنيت الموت وانا بالوضع هذا .. لاسند ولا اهل ولا محامي عني ..
خلاص ياسارة ماعاد في بيتنا امان .. اتغرب واعيش مع بنات وبوسط قرية بعيده وعند ناس مانعرف منهم احد احسن من اني اعيش قرب صالح وشره ..!!
: فكري كويس ياشادن .. بتعيشين في قرية نائية مافيها من الخدمات شي ؟.. لاتلفون ولا مويه زي الخلق .. حتى الكهرباء ماتشتغل الا فترات في اليوم . . شادن الله يخليك دوري غير هالحل ..
: مانفعتني الخدمات في جده .. من اول ماادخل بيتنا لحد مااخرج واجي للمدرسة وانا في خوف ورعب..
هزت راسها بيأس ولوت فمها قالت : صدقيني ياسارة مافيه حلول . ابتسمت لصاحبتها اللي مو متخيله انها تقدر تعيش بدون ماتكلمها ولا تجي معاها ولا تروح لبيتها كل مااشتاقت لها .. وكملت : بعدين ياسارونة لاتنسين اني احب هالناس كلامهم يذكرني بكلام ابوي الله يرحمه .. ولمن كان يكلمني عن عاداتهم نفس عادات اهل السبيل .. !
سارة اللي شايله هم فكرتها وقرارها الصعب والجديد قالت بدون ماتعلق على آخر كلامها : طيب خالك وينه عنكم ... قولوا له على تصرفات صالح معاك .
: هه حبيبتي خالي يعبد الريال عباده .. وصالح يطلبه مية الف ريال مو الفين ولا ثلاثه .. تبغينه يروح يقول له ليه تسوي وليه ماتسوي ..؟
لا ياقلبي لو شفتي خالي كيف يرفع صالح عند النجووم وكيف يحترمه ويقدره عشان هذاك يحس انه زي الناس له احترام ووجود ومايطالب خالي بفلوسه . وازيدك من الشعر بيت لمن قالت له امي ان صالح بيأذيني وانه يدور الفرص حتى يعتدي علي رفع صوته عليها قال لاعاد اسمع هالكلام تفضحونا بالناس .. وان سمعته لاتلومون الا انفسكم ..
: خلاص ياشادن اتصلي على الشرطه وبلغيهم .. مافيه احسن من هالحل .
حطت شادن اصابعها على عيونها اللي تعبتها الشمس قالت : صعب ياسارة .. هذي سمعة وشرف وانا خايفه ان صالح ينتقم مني اذا بلغت عنه ويوسخ سمعتي مااستبعد شي عليه .. خليني اسكن هنا وانفد بنفسي لحد مايطلع نايف ويرجع لنا ويرَّجع لنا معه الامان زي اول . .
جاتهم فاطمه تمشي قالت : بنات ليه واقفين بالشمس ادخلوا شوفوا اذانــيكـم كيف حمرا .
قالت سارة وهي تتحسس اذنها الحارة من اشعة الشمس القوية في ساحة المدرسة : يالله داخلين .. احرقتنا الشمس واحنا ورانا زواج .
ابتسمت شادن قالت : يالله ماباقي شي وتتزوجين .
: ان شاء الله انا وانتي بنفس الشهر .
: ههههههههههههه ضحكتيني .. من هذا اللي بيخطبني ويتزوجني بهالسرعه .
: ماتدرين كل شي مقدر ومكتوب ويمكن نصيبك يجيك اليوم وبكرة تتزوجين .
: الله كريم .
قالت فاطمه وهي تمشي قدامهم : ترى نادية بكرة بترجع ولولا اني حاولت فيها ورحت لها في بيتها واقنعتها كان فصلت .
ردت شادن : لاااا مو معقوله .
قالت سارة : والله انا متوقعه ان نادية تبطل من التدريس من زمان .. خاصة بعد سالفة العقرب ياربي ياهذاك اليوم حتى واحنا بالسيارة كل ماغفت فزت مفزوعه وتصرخ الله يعين زوجها المسكين تلاقينه للحين ماينام ..!
قالت فاطمه بلهجة ناصحة : سارة لاتتشمتين .
: مااتشمت يافاطمه والله اني آسفة لحالها .. بجد احسها مسكينه الله يعافيها ويساعدها ..
ردت شادن : الله يستر كيف بسكن هنا اذا فيه عقارب وثعابين و اوووووه شوفوا شوفوا ...
التفتوا البنات على المكان اللي اشرت عليه شادن وهي ميته ضحك .. عنزة صغيرة تجري بوسط ساحة المدرسة وهي حاسة نفسها دخلت بالمكان الخطأ ..
تايهه وحايرة وتدور المنفذ اللي يرجعها لبر الامان .. وكل زاوية تروح لها تشوف عندها باب ولا مخرج ولا فتحه تخرجها من السور اللي مليان بشر ..
سوء حظها حطها في مدرسة وبكل زاوية مجموعة من الناس ..
شافوا اميرة مطلعه بنات فصلها ويضحكون على المنظر بالرغم ان البنات متعودات على الغنم وكل طالبه عند اهلها غنم ..!
الا انا المنظر مضحك ..
عنز في المدرسة وتجري باستخافاف وخوف ..
شافوا الخاله جات تمشي بالعصا وطردتها لحد ماخرجتها مع باب المدرسة ..
دخلوا البنات لغرفة المدرسات ميتين ضحك وكأن المنظر ولا في الخيال رغم انه عادي جداً .. بس غرابته على بنات المدينة واللي بعضهم ماقد شافوا عنز او غنم على الطبيعه الا في قرية السبيل ..
***
: يبه قلت لك سمعته مو كويسه وبس ..
: الحين يامشاري بعد ماملك على البنت جيت تقول لايمكن سارة تتزوجه .
: يايبه انت تدري اني من زمان ماني موافق بس اللي عرفته عنه قبل كم يوم خلاني ارفضه ومستحيل اخليه ياخذ اختي .
: قول لي اش سمعت ..؟
: مااقدر يبه .. الكلام ماينقال ..
: يعني غزلنجي .. يعرف بنات .. ولا مدمن ولا يسرق ولا ايش بالضبط فهمني ياولدي .
: يايبه الموضوع اكبر من هذا كله .. خالد .. استغفر الله العظيم .. المهم يبه ترى ماراح ياخذ سارة ..
رد ابوه بحكمه : خلاص صار زوج اختك.. وهي متعلقه فيه وانت تدري انها تكلمه بالساعات .
: هذا اللي كاسر ظهري يايبه وابيك تساعدني . قول لها لاعاد تكلمه لأنه ماراح ياخذها .
جلس ابو مشاري على الكنبه وهو تعبان قال : يامشاري ياولدي انا للحين ماادري عيب الرجال ايش بالضبط . بعدين خلاص طاحت الفاس بالراس وسارة صارت زوجته رسمي ..
: ااخخخخخ يايبه لوتدري باللي في قلبي .. النوم ماعدت اذوقه زي الناس هم سارة وزواجها ..
دخلت ام مشاري لابسه عبايتها وشنطتها في يدها قالت : مشاري يالله قوم ودنا لبريمان يالله .
التفت مشاري قال : يوووه كيف نسيت ام نايف الله يخزيك ياشيطان .. يالله يالله امشي يمه انا جاي وراك .
تكلم ابو مشاري : بتوديها تزور ولدها .
: اكيد يبه مسكينه مالها غيرنا .. حتى بنتها سمعت انها بتسكن في قرية السبيل عشان تفتك من شر صالح الله حسبي عليه .
: صالح هذا محد قدر يوقفه عند حده .. والله لولا اني ماابغى اتدخل فيهم وانا محد اشتكى لي لااروح اكسر راسه .
: الله يعينهم عليه هذا ابتلاء على قولة سارة .
طالع بساعته ووقف قال : يالله يبه بروح للحرمه اوديها تزور ولدها قبل ماتفوتها الزيارة .
طلع مشاري مع امه لام نايف اللي تنتظر اليوم هذا من اسابيع ..
***
هناك في المكان اللي مايتمناه لا عاقل ولا مجنون ..
الكآبة ماليه الدنيا عليهم ..
القيد قهر ..
والسجن عذاب ..
جالس يفكر بأخته وامه ..
من يوم ماجا وهو مايقدر ينام من الهم والتفكير فيهم ..
المدة طالت وهو بعيد عنهم وصالح مانوى يتنازل ..
وهذي فيها سجن سنه وهو مايقدر يعيش على هالوضع اكثر ..
ماهمه سجنه وبعده عن العالم والحرية كثر ماهمه انه بعيد عن امه واخته اللي تحت بطش صالح وطيشه وفساده ورذيلته ..
قلبه يحرقه وصالح حر ويمشي ويبطش باهله وهو مقيد بأسوار السجن .. ناداه مازن اللي تعرف عليه في السجن وشاف فيه الانسان الصالح بمعنى الكلمه ودخل السجن ظلم وبهتان .
: نايف وين رحت يااخوي .
: بهالدنيا يامازن
: لاتفكر وتتعب نفسك احمد ربك كلها ان طالت المدة سنه .. مو زي اللي مضى من عمره ثلاث سنين ظلم وباقي له ثلاث ..
: ادع ربك يامازن ان الله يظهر الحق ويفرجها عليك انت انظلمت والظالم يتمشى ويعيث في الأرض فساد وانت مسجون بتهمة مالك فيها ذنب . يمكن هذا امتحان من ربي .. ادع ربي وانا اخوك ترى المظلوم دعوته قريبه .
: مفوض امري لربي هو المنتقم الجبار .. هو الحق اللي مايضيع عنده الحق ياخوي .. واذا على صاحبي مصير رجله بتطيحه في شر اعماله لأن خطوته مو نظيفه ودربها فساد في فساد .. وربك ان امهل مايهمل .
: الله يظهر الحق وينول كل مجرم جزاه .
: اللهم آمين . تعال تعال خلنا نروح لابو سلمان شايب وجالس لحاله ماعنده احد وشكله زعلان لأن محد زاره اليوم .
: هالرجال شفت ابوي فيه رغم انه قتل ومحكوم عليه بمؤبد بس دفاعه عن شرفه ونفسه كفيل انه يكبره في عيوننا ومانعده مجرم .
قام نايف ومعاه مازن راحوا عند ابو سلمان اللي محكوم عليه بالمؤبد لأنه قتل رجال اعتدى على بنته الصغيره وقتله وللحين مابلغ ولده السن القانوني حتى يشوفون رأيه يسامح ولا يأمر بتنفيذ القصاص فيه .
: مساك الله بالخير ياابو سلمان ..
قالها نايف وجلس على طول بجنبه .
: هلا مساكم الله بالنور .
قال مازن وهو يجلس على طرف ابوسلمان الثاني : اش فيه مزاجك اليوم .. كأنك مو على بعضك . محد زارك ولا ايش ؟
: لا محد زارني وقلبي مشغول على بنتي الصغيرة .. الاسبوع اللي راح يقولون عندها حمى والدكاترة يعتقدون انها ضنك ..
دخل الشرطي قال : نايف بن خالد قوم لك زيارة .
وقف نايف وهو معتقد وجازم ان اللي زاره ابراهيم صاحبه كالعاده ..
وطلع وهو يتسحب .. وآخر شي توقعه وظنه انه يشوف امه قدامه ..
***
متمدد على الكنبة في بمكتبه ويقرا في كتاب عن السياسة والاقتصاد ..
عماد وقته كله مشغول ..
لايمكن يعطي نفسه لحظات للراحه او ينعم بالفراغ زي بقية الناس ..
يمكن لأنه يهرب من التفكير ..
ويمكن لأنه اعتاد على الانشغال .
قام عدل جسمه على الوضع اللي يريحه وحط تحت ظهره تكاية صغيره وقلب على صفحة ثانية ..
دقت عليه الشغاله الباب ووصلها صوته ..
: ايييييييه من ..؟
ردت الشغاله باتزان : مستر ماما كبيرة تبغاك .
قفل الكتاب بعد ماحدد الصفحة اللي وقف عندها وطلع لجدته اللي جالسة بصالتها ..
جلس عندها وحط يده على فخذها قال : ها يالغالية آمريني ..!
: مايامر عليك عدو وانا جدتك .. ابيك بسالفة .
ابتسم عماد وبانت اسنانه المصفوفة بدقة قال : عسى مهب نفس السالفه ..؟
عدلت ام ناصر جلستها وتعمدت اللهجه الجاده والحاده قالت : اليوم علمتني ام فهد مرة خالك ناصر تقول شافت وضحى بنت عبدالهادي عز الله وانا امك انها نعم النسب .. البنت مزيونه وامها ونعم السمعه وو .... تهدج صوت ام ناصر وكملت والدمعه بطرف عينها : ياوليدي دي اشوف عيالك .. لاتحرمني ....
قاطعها وهو يضحك ويحاول يغير مودها ويقلب الموضوع كالعاده لهزل : ههههههههههههههههه الله يخليتس لي بس .. وش تبين بالازعاج والغثا .. مايكفون عيال فوزية اذا جونا قلبوا بيتنا كن فيه جن مو اوادم .
ناظرت فيه يائسة ..
تدري انها ماراح توصل لنتيجه ..
قالت : لاتحدني على شين مايرضيك ياعماد .. تراني ابي اخطب لك واخليك توافق غصب عليك .. طاوعني ياوليدي واخذ لك مرة تسنعك وتراعيك وتجيب لك عيال قبل عمرك يروح ..
: الحين ورى ماتخطبينها لاحمد تراه طول ماجاه عيال وحرمته مهيب مريحته ودوم يشتكي منها ..
: احمد خله يجيني ثم يصير خير ..
: اوووه ذكرتيني فيه والله .. امس وانا في جده كلمني يقول هات امي لمنطقة فيها شبكه وده يكلمتس .
وبلهفه على ضناها اللي يعمل في السفارة السعودية بعمان قالت : ياوليدي وشلونه ..؟
: ماعليه طيب مستانس في عمان وماعاد يبي يرجع شكله بياخذ الجنسية .
: الله لايقوله .. يخلي جنسيته .. وش زينها السعودية ...
: حتى عمان وش زينها .
: ماقلت شي بس وراه يخلي جنسيته وياخذ جنسية غيره ..
قدر عماد انه يغير الموضوع برمته وينقلها لسالفه ثانيه كعادته لمن يفتح موضوع الزواج ..!
الزواج هو آخر شي يفكر فيه ..!
والزواج شي مستبعد من قاموس حياته ..!
والزواج بالنسبه له مستحيل ..
***
--------------------------------------------------------------------------------
فصلٌ ثالث ...
صفعةُ الحظ
وصلت البيت بعد المغرب لأن ابوسعد وقف بهم في الطريق يسوي البنشر اللي صار له ..
ولولا ان الله رحمه بواحد وقف له وساعده لحد ماخلص ولا جلسوا لآخر الليل . .
شافت سيارة صالح عند البيت وطالعت بسارة قالت : خلي تلفونك مفتوح وياويلك لو الاقيه انتظار بدق عليك بعد شوي ..
ردت عليها سارة بسرعه : طيب دقي طمنيني عليك ترى خالد اكيد بيدق عليّ .
: ياربي من هالخالد ماارتحت له
: اكيد ماراح ترتاحين له وانتي ومشاري تفكيركم واحد .
: هههههههههههه ياحليله مشاري لو بس مو خاطب بنت خالتك كان تزوجته وافتكيت من صالح وهمه .
: هههههههههههههههه ترى بقول له هالكلام ..!
: وجع لاتفضحيني في اخوك .. ياويلك لو قلتي له وربي لازعل . يالله يالله زعلنا ابو سعد .
نزلت شادن وأشرت لسارة انها بتكلمها ودخلت للبيت ..
***
: آآآه ياندى .. الله يرحمها .. ياليتك ماقلتي لي يايمه ..
تدرين انها بنتي مو اختي .. اخخ بس لو بيدي شي .. والله لآخذ حقها منه ..
قاله نايف وهو يعض على اسنانه من القهر .. وحاط راسه بين يدينه ..
نزلت دمعة امه اللي تحاول تثبتها بمكانها من اول ماوصلت قالت : لا حبيبي فكنا من شره يكفي اللي جا منك ولا تتعرض له من اليوم
ورايح .. يكفي انك بعيد عني ومسجون .
: يمه لاتخافين كلها كم يوم واطلع ..
شهقت عزيزة وبكت وهي تشوف ولدها وفرحتها مكبوله ومقيده بسبب قيد ولدها ..
قالت ودموعها ماخذه مجرى اعتادته على خدودها : وين كم يوم وانت لك الحين شهر تقريباً وهو ماتنازل .. هذا صالح اعرفه ماراح يتنازل ..
: لا يمه بيتنازل .. دعواتك لي بس ..
حط يده ع لى يد امه .. تنهد وقال : والله ماشلت همي كثر مانا شايل همك انتي وشادن ..
: ربك كريم يمه وهو اللي بيحمينا من شره .. الله يرحم ابوك لو ماقاطع اهله كان يمدي لها سند بغيابك .. ويمدي صالح خاف وماصار لنا اللي قاعد يصير ..
هز راسه والهم على وجهه ومالي قلبه قال : ترى صالح وسخ اعرفه ،
اخاف يستغل عدم وجودي في البيت ويسوي لها شي .. ثم والله والله يايمه مايشفيني فيه القتل . وانتي تعرفيني .
فتحت امه عيونها على وسعها " لايمكن نايف يوسخ يده بدم صالح القذر ويقضي على حياته بسببه يكفي اللي جاه منه .. "
: لاتخاف يانايف .. وترى شادن بتروح تسكن مع زميلاتها ا للي استأجروا في القرية لحد ماتطلع انت .. المهم لاتشغل بالك ولا تفكر .
: يمه ايش اللي تسكن هناك ..
: نايف مافيه حل الا هذا .. صالح وحش ةماله امان وهي هناك مع زميلاتها .. توكل على ربك وان شاء الله يفرجها علينا وعليك قريب ..
: الله كريم يايمه توكلت عليه واستعنت به وفوضت امري له ..
: يالله حبيب قلبي انا بمشي الحين يمدي شادن رجعت وماراح تلاقيني في البيت عاد انا من الفرحه اني بشوفك نسيت جوالي ..
: ارجعي يمه لا تلاقي صالح قدامها ..
وقفت عزيزة وسلمت عليه وحضنته ودموعها انهمرت اكثر .. وقلبها انعصر اكثر ..
كيف تروح وتخليه ..
كيف تتركه وهي تدري انه مو مرتاح وبيرجع للسجن ..
بس مابيدها حيله وماتقدر تسوي له الا الدعاء لعل الله يرأف بحاله وحالها ويرد لها فلذة كبدها حاميها وسندها وكافيها شر صالح من سنين بعد ربها ..
***
ضحك من قلبه وهو يشوف شهد تقلد وحده من مدرساتها ..
: اللي حتتكلم حوقفها في الشمس تلات ساعات . واللي تصير مؤدبة حديها درجات اكتر ولا اجيب لها هدية .
قال عماد وهو مستانس من حركاتها : تعالي تعالي اجل تلات ساعات .
جلست شهد في حضنه قالت بكل براءة : مو انا اللي تقوله هذي ابلاسعدية .. صافية تقول تراها مكاوية .
: وانتي وشو . ؟
: انا زمان جداوية بعدين صرت امممم امممم اممممم ايوه خلاص صرت اجوادية .
: ههههههههههههههههههههههههههههه .. اجوادية يقالك من الاجواد يعني .
: هههههههههههه ايوه .
دخلت فوزية وهي تبتسم من ولد اختها اللي نادراً مايضحك ..
واكثر شخص يضحكه ويسعده في البيت هي شهد اللي يعتبرها بنته ..
قالت : خير وش قالت هالشهد خلت ضحكك واصل لبرا .
هدت ضحكته ومسح على راس شهد قال : كل اللي تقوله شهد يونسني ويسعدني الله يصلحها ويخليها لاهلها .
قرب منها وباسها على خدها قال : يالله هاتي الرياضيات خليني اشرح لك .
فزت شهد وجابت كتابها .. ودخلت جدته مع الشغاله بعد ماكملت صلاتها ..
قالت ام ناصر اللي شكلها سمعت حديثه مع خالته : ياوليدي لو انك معرس يمدي معك ولدن سنين شهد . .
طالع بخالته فوزية واللي يعتبرها اخته قال : تعالي يافوزية صكي السالفه مثل مافتحتيها .
فتحت عيونها قالت : انا اللي فتحتها ..؟
: ايه انتي .. اقول ياجدتي ..
: يالبيه .
: لبى قلبتس .. اليوم تراني رحت وانهيت كل الاجراءات باقي بس الخطاب يوصل للمدرسة ويتم القرار .
طالعتهم فوزية قالت : وش خطابه وقراره ..؟
شرب بقية قهوته ووقف قال : عندك جدتي اسأليها على كيفك .
ردت فوزية بيأس : عز الله مااخذت منها لاحق ولاباطل بس تعال علمني بالسالفه .
لبس شماغه وحط عقاله عليه قال : اجل اصبري لين الموضوع يتم وتعرفين بنفسك .
جات شهد قالت : عماد وين رايح من يشرح لي ..؟
: خلاص شوي ارجع اشرح لك .. الحين تذكرت لي شغله بخلصها واجيك .
: يووه انا بعد شوي ابي انام .
نزل شماغه ورماه على التكاية قال : اجل نقعد عشان شهد بنت عبدالعزيز من اغلى منها .
انكبت على كتابها وبدا يشرح لها المسائل البسيطه عليه والصعبه على شهد وتشوفها ولا معادلة من النوع الصعب لطالبة ثانوية ..
***
:هلا واااااااالله .. حيا الله شادن .. اووه من زمان انتظرك خاصة ان عجوز الشؤم مو فيه ماادري وين انقلعت ..
دخلت تمشي بحذر وخوف .. وهي تطالع في انحاء البيت " لا لا مو معقوله يكون صادق .. فين تروح امي ..؟ لايكون سوى لها شي .."
دق جوال صالح اللي هلاَّ ورحب فيها ..
وفتح الخط وقعد يكلم ..
استغلت انشغاله وانسحبت بسرعه وطلعت لغرفتها وهي ماتدري ان صالح قد جهزها له ولنواياه الشينه ..
دخلتها بخوف وسكرت الباب وكأنه هو اللي بيحميها منه .. وووو المفتاح .. !
مو فيه ..
لا لا موجود بس مكسوور ..
الخبيث كسره حتى ماتقفل الباب ...
اش تسوي الحين .. ؟
سمعت صوته تحت يكلم واحد ويتلفظ عليه بكلام وقح مثله ..
طلعت جوالها بسرعه ودقت على سارة ..
: هلا سارة الحقيني امي مو فيه وصالح ناوي على شر كسر مفتاح غرفتي ..
تكفين سارة الحين تعالي انتي وابوك ولا مشاري ولا أي احد المهم تعالوا .
سارة بخوف وارتباك : طيب طيب برجع لك الحين لاتخافين ..
ارتجفت لمن سمعت صوته يكلم ويقول : الحين مو فاضي لك مشغول بشي اهم منك انت ووجهك لكن والله لاوريك الليلة .
بسرعه سحبت الصوفه اللي بعيد عن الباب بحيلها كله وكأن قوتها تضاعفت عشان تنقذ نفسها ..
ثبتتها ورى الباب وانطلقت للحمام وجوالها في يدها ..
اشوا ان مفتاح باب الحمام فيه ..
اكيد نساه ولو خطر على باله انها بتدخل الحمام ماترك مفتاحه ..
دقت على امها وهي ترتجف ..
" يمه تكفين ردي .. لاتخليني بوضع مثل هذا "
بس جوال امها مارد وخيب املها ..
رجعت دقت على سارة : سارة وينك احسه دخل غرفتي تكفين سارة انا محبوسة في الحمام .. وبيكسر الباب اكيد .
: خلاص انا وابوي عند الباب انا بدخل وابوي بيكلم صالح لحد ماتخرجين .. ماعليك لاتخافين .. شادن نبلغ الشرطه ..؟
: لا لا لا استني المهم اخرج .. اذا مافتح الباب بلغوا الشرطه تكفين سارة خايفه منه .
: لاتخافين يالله شوفي فتحت الشغاله ابوي بيدخل يناديه وانا بجي عندك الله يستر انتي بس لاتخافين مو مسوي لك شي ..
دخل ابو مشاري ونادى صالح بعالي صوته ..
نادى مرة ثانية وثالثه بصوت مفزوع وخايف وغاضب وثاير بنفس الوقت ..
: صالح وينك يارجال انزل تعال ابغاك بموضوع انزل ولا طلعت لك فوق ..
تلحلح صالح في مكانه وهو يتوعد الشغاله الصومالية اللي تجي تنظف البيت وتمشي .. لأنها فتحت الباب من غير ماتقول له وخربت عليه مخططاته ..
طلع من غرفة شادن اللي فتح بابها بسهوله لأن الكنبة الصعبه على شادن سهله على أي رجل وماكان يعيقه الا باب الحمام واللي يبغى جهد بسيط منه عشان يقدر يفتحه ..
نزل تحت وبنيته انه راح يصرف هالغثيث بنظره ويفتك منه ويرجع لدناءته ..
نزل مع الدرج وطلعت سارة تجري فوق .. بعد مالمحها لعن الساعه اللي عرفت فيها الشغاله بيتهم ...
: هلا هلا حيا الله الجار تفضل للمجلس اش جابك لقسم الحريم الله يهديك
: الله يهديك انت ويصلحك .. ماابغى اتفضل حبيت بس اوصل بنتي لصديقتها وارجع .
ابتسم صالح بخبث : اجل بتروح ..؟
: ايه ماشي بس انتظر البنات ينزلن .
: أي بنات ..؟
: بنتي وبنت خالد الله يرحمه ..!
: لا لا ياابومشاري بنتك تروح لكن شادن مااسمح لها .
كشر ابو مشاري وهو يحاول يتمالك اعصابه ولا يطلق عليه رصاصة ترديه ميت حتى يفتك ويفك الناس منه ...
قال بعصبيه : تسمح ولا ماتسمح .. اش يخصك انت ..؟
: شادن مثل بنتي وانا مسؤول عنها .
: شادن محد مسؤول عنها غير اخوها وامها وانت ماتمثل لها الا زوج ام فرجاء لاتخليني اغلط عليك ياصالح ولاتتدخل ..
: وانا قلت ماتطلع يعني ماتطلع ..!
: بس انا قلت تطلع غصب .
نزلت شادن وسارة ماسكتها بيدها لأن الخوف يشل وصالح وغد مايخاف ربه والخوف منه مرض اكثر منه خوف ..!
سحب يد شادن من سارة بقوة ورماها على الارض قال : ماتطلعين يعني ماتطلعين ..!
طلع ابو مشاري المسدس اللي كان بجيبه وجايبه معاه احتياط واستعداد لأي طاريء ..
قال : ابعد ياصالح عن بنت خالد .. اللي يمسها بأذى كأنه يمس بنتي وترى محد بيردني عنك الا الشرطه اذا اتصلت فيهم ...
دخلت ام نايف بسرعه ولهفه وقلبها يدق بقوة من لمن شافت سيارة صالح برا ..
: يمه شادن .. قطعت كلامها وسكتت بعد ما شلها المنظر وتجمدت بمكانها ..
شادن ورى سارة وابومشاري مشهر المسدس على صالح اللي رافع يدينه بخوف وماتكلم ..
انطلقت شادن من ورى سارة وراحت لامها
: يمه بنطلع من هالبيت ماعاد نبغاه .. تكفين يمه ماعاد فيه امان .
تكلم ابو مشاري : لولا اني ماابغى الفضايح كان وديته للمكان اللي يناسبه .. هذا مكانه السجن مو نايف ..
تحركت سارة وراحت لام شادن قالت بهمس : خالتي يالله تعالوا عندنا ..
: شادن تروح معاكم وانا بجلس هنا في بيتي محد بيطلعني منه ..
هزت شادن راسها بمعنى لا قالت وهي ترتجف وتبكي : لايمه ماراح اخليك هنا ..! خايفه عليك منه ..
مسحت على راس بنتها وكأنها تهديها وتطمن قلبها قالت : انتي روحي وبيننا اتصال لاتخافين علي .
طلعت شادن مع سارة وابوها ..
خوفها على امها موترها اكثر .. لأنها تعرف صالح زين ..
قوته مايعرف يشهرها الا قدام امها اذا نايف غاب عن البيت وتوارى عن نظره بعيد ..!
***
بعد ماوصلت لبيت ابو مشاري ..!
وفي غرفة سارة ..
جالسة على سرير سارة .. ونشيجها مستمر ..
حاولت سارة تهديها على قد ماتقدر ..
: شادن حبيبتي اشربي عصير الليمون خلاص لاتفكرين فيه ولاتبكين .
ضمت سارة على يد صاحبتها ومدت عليها كاس العصير وهي تترجاها بعيونها وكلامها ..
شربت رشفه من العصير ونزلته على الكمودينو ..
قالت بقهر وهي تمسح خشمها بالمنديل : شفتي ياسارة حال البنت بدون ابو ولا اخو .. شوفي وش يسوون فيها امثال صالح ..
: الله يرحم ابوك ويرد لك اخوك .. خلاص الا مايفرجها ربي لاتضايقين نفسك ..
وبنصف ابتسامه باهته : تصدقين ..! لمن يكون نايف موجود في بيتنا عمره ماتجرأ وناظر فيني .. بس مجرد مايلاقيني لوحدي تظهر شياطينه ويبين على حقيقته الدنيئة ..
: الله ياخذه قولي آمين . الا ماينتقم ربك منه ..
: ماراح انتظر .. من بكرة بسكن مع البنات خلاص .
قاطعتها سارة : لا تفكرين الحين كثير .. بعدين ماتدرين يمكن نايف يطلع الاسبوع الجاي ولا اللي بعده ..
: وافرضي لاقدر الله نايف ماطلع بدري ..؟
: اسكني عندنا .. عادي احنا جيرانك وبمثابة اهلك ولا عندك شك بكلامي ..؟
: ماعندي شك ياسارة تدرين اني اعتبركم اهل بس لوكنتي بمكاني اش راح تسوين ..؟
ردت سارة بقلة حيلة : خليني اكلم ابوي اشوف اش سوى مع الحقييير هذا ..!!
خرجت سارة برا الغرفه بجوالها تكلم ابوها وتركتها مع همها وافكارها اللي حيرتها واحتارت معاها ..
غمضت عيونها وهي تذكر فضل الله عليها وتحمده الف مرة وتشكره انه انقذها من براثن حقد صالح وقذارته ..
مدت يدها على جوالها اللي بشنطتها .. وحصلت ثلاثه اتصالات من امها وعلى طول دقت عليها ..
: هلا يمه ..
ردت ام نايف بصوت متهدج تحاول تقاوم البكا وماتبين المناحه اللي سوتها بعد ضرب صالح لها..
قالت : هلا هلا حبيبتي ها كيفك الحين ان شاء الله ارتحتي .
شهقت شادن بقوة وبكت اكثر لمن عرفت ان امها تبكي بألم
قالت : يمه اكيد ضربك .. الله ياخذه .. حسبي الله عليه .. والله لاشتكيه على الشرطه ماعاد يهمني شي ..
قاطعتها امها وهي تحاول تثبت وتبين قوتها المتهالكه ..
: لا حبيبتي لاتشتكين ولا شي الحين اجيك واجيب لك اغراضك اللي تحتاجينها .. اجلسي عند سارة الليلة وبكرة يحلها ربك .
دخلت سارة عليها قالت : شادن ابوي يقول انه تركه في بيته وراح ..
قاطعتها شادن وردت على امها : خلاص يمه انا انتظرك لاتتأخرين برسل عليك سواق اهل سارة ..
: ان شاء الله مااتأخر .. مع السلامه ياعمري ..
: مع السلامه .
التفتت على سارة قالت : شكله ضرب امي ..؟
: الله ياخذه عنكم عاجل غير آجل .الحين امك ليه ماترفع عليه قضية خلع .. الحمد لله ماعندها منه عيال حتى ندى ارتاحت منه ومن شيل اسمه وابوته ..
تنهدت بوجع وخيال ندى اللي مايفارقها يزيد حضور وصورتها تتجلى قدامها بكل براءة
قالت : تدرين انه سبب اعاقة ندى لأنه 24 ساعة سكران والسكر يأثر على الجنين .. يعني تسبب بشقاها السنين اللي عاشتها وتسبب في حرمانها من الحياة ..
مسحت دمعتها اللي نزلت وذكرى ندى تزف الجرح وتيقظ وجع الذكرى ..
كملت وقالت : فكها ربي من اسمه ومن اعاقتها اللي سببها لها ..
ردت سارة بصوت حاني تمس به جروح صاحبتها لعلها تدملها ولا تخفف من وجعها : شادن عمري خلاص هدي نفسك وربي راح يفرجها وتتذكرين كلامي بكرة .. بعدين ابوي قال لي انه بيكلف لنايف محامي وراح يطلع لكم قريب ..!
: من هنا لين نايف يرجع اش اعمل طيب .. عدلت جلستها على السرير وتربعت قالت بحماس .. اقول لك .. خليني اقول لامي تجيب لي شنطة وملابس ..خلاص من بكرة بقول للبنات نسكن في القرية طالما حصلوا البيت .
رمتها سارة بالخدادية بعتب .. قالت : يعني مقررة وحاسمه امرك ..؟
: ان شاء الله .
زمت سارة شفايفها قالت : شكلي راح اسكن معاك !
ردت شادن بسرعه وصوت عالي : الله لايقوله .. انتي مو مضطره عندك اهل وبيت وترجعين تلاقين الراحه والامان مو مثلي مشرده ..!
: اش هالكلام .. مشردة عشان مشكله صارت .
: مشكلتي من زمان ياسارة .. من يوم صالح دخل بيتنا ..!
: لاتزعلين نفسك الحين .. المفروض انا اللي تزعل لأني بفارقك ..
: يالله يابنت الحلال .. المهم انا نتـقابل في المدرسة ونعرف اخبار بعض هناك ..
كشرت سارة وسوت نفسها بتبكي وهي تمزح حتى تغير المود والجو الكئيب قالت : ياحرام هناك مافيه جوال كيف ادق عليك ..؟ واذا انتهت الموية كيف تتحممي ..؟ وكيف بتنامين بدون صوت المكيف ؟.
خبطتها شادن على كتفها بابتسامه قالت : ياشيخه اذا على الجوال مو مهم يكفي اشوفك كل يوم واتطمن عليك .. وتجيبين لي اخبار امي هذا المهم . اما المويه والكهرباء فراح اعيش زي مايعيشون اهل القرية ...
رن جوال سارة وتهلل وجهها لمن عرفت انه خالد
ردت بحيا : هلا والله
: هلا والله سارة ها وشلونك اليوم .
: انا بخير .. انت كيفك ..؟
: بخير .. الا بسألك سارة ..
: اسأل حبيبي ..؟
: تذكرين الولد اللي جا عندكم مممم وش اسمه وش اسمه .. ايه ايه اعتقد اسمه عدنان ..!
: ايوه ولد جيراننا اش فيه ..؟
حك راسه وهو يسوق السيارة متوجه للاستراحه اللي يجتمع فيها مع اصحابه قال : لا بس ابي اعرف هم سعوديين ولا متسعودين .
: لا هم سوريين الاصل بس ماخذين الجنسية من زمان .
: وانا اقول وش هالزين في الولد طلع سوري ياحليله .
: بس لحد الحين ماعرفت ليه تسأل عنه ..!
: ها ..؟ هههههههههه ماادري جا في راسي وتذكرته على فكرة ترى الاسبوع الجاي مسوي لك مفاجأة ..!
: مفاجأة ايش ..؟ قول ..!
: لا ماراح اقول لك الا الاسبوع الجاي .. يالله ارجع اكلمك بعد شوي الحين بدخل عند العيال في الاستراحه واذا رجعت دقيت عليك ..
: اوكي حبيبي .
: فمان الله .
: مع السلامه .
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
قفلت وضمت الجوال على صدرها وكأنها تضمه من خلال جهاز الجوال ..
قالت شادن باستغراب : يسأل عن عدنان ..؟
: ايوه يقول تذكرته وقلت اسأل عنه .
هزت شادن كتوفها باستغراب .. وهي تمسح وجهها المتورم من البكا وتلم شعرها القصير بشباصة صغيرة قالت : تكفين سارة ارسلي السايق يجيب امي .
: اوووه صحيح نسيت .. وقفت وقالت : يالله الحين ارسله ..!
طلعت سارة من عندها ونزلت تحت ..
خلت شادن تفكر بمصيرها وحياتها اللي يوم عن يوم تتغير للأسوأ بفعل خالها اللي رمى صالح عليهم ونكب حياتهم وزعزع امنهم وامانهم ..
ضمت راسها بين يدينها وهمست " ياحي ياقيوم ارأف بحالي ولاتكلني الى نفسي طرفة عين .. لاحول ولاقوة الا بالله .. لاحول ولاقوة الا بالله .. لاحول ولاقوة الا بالله "
***
اليوم الثاني بالمدرسة وفي غرفة المدرسات تحديداً ..
فاطمة وشادن يسولفون بود ومودة .. وسارة تمشط شعرها وتزبط مكياجها الخفيف ...
: عند جد تتكلمين .. يعني بنصير اربع ..؟
: ليه من غيري انا وانتي وناديه .. ؟
: هذي سهير اللي جات امس .. فجعتها المسافه قالت انها بتسكن هنا اذا لقت احد يسكن معاها .
ردت شادن وهي تبتسم تحاول تخفي المها تحت هالابتسامه : يالله عشانكم وعشان احميكم قلت مايصير ثلاث ولايا لوحدهم لازم يكون معاهم احد يحميهم ..
اخذت سارة المسطرة الطويلة حقت نادية وخطبت شادن وهي تكلم فاطمه اللي تضحك ومعجبه بحركات شادن وتظاهرها بالقوة .. وفرحها بأنها راح تكمل العدد المطلوب حتى يسكنون هنا بدل المشاوير اللي اهلكت ارواح اغلب مدرساتنا في المناطق النائية ..!
قالت سارة بسخرية : وانتي تقدرين تحمين نفسك حتى تحمين فاطمه ونادية ..
تحسست شادن مكان ضربة المسطرة بألم قالت وهي تتأوه : أي بنت عورتيني وجع .. ايوه احميهم لازمهم وحده قوية مو زي فاطمه الهادية ولا نادية الخوافه ..
دخلت نادية الغرفه وسمعت آخر جمله قالت : خير اش فيه ..؟
نطت سارة وهي تلم شعرها المفتوح بشباصة قالت : اقول نادية .. ماادري كيف اشكرك على هالفكرة الجهنمية انك قررتي تسكنين بالقرية هذي وتفكينا من صراخك بالسيارة .. كون حضرتي مااقدر انام زين الا بالسيارة ..
وعلى فكرة تراه احسن لك واحسن لي انا ونورة المسكينه اللي ماتقدر تاخذ لها غفوة من صراخك .
ردت نادية ببراءة وهي ترمي كتبها وادواتها الهندسية على الطاولة قالت : اسكتي بس ياسارة حتى زوجي ماعاد يطيقني كل شوي يقول بوديك طبيب نفسي ولا شيخ يقرا عليك .
ابتسمت سارة قالت : لام الله من لامه .. بصراحه معاه حق يانادية انتي عندك مرض اسمه الرهاب ..
: بسم الله علي اش هالمرض .. حرام عليكِ لاتفاولي علي ..
صدت سارة عنها قالت بصوت هادي بس مسموع : هييييييي علينا .. الحين بتوسوس من جديد ..
التفتت عليها قالت : هذا يابنت الحلال الخوف الزايد عن حده .. يعني تخافين من اشياء تشوفينها مرعبه وهي بالنسبة لبقية الناس عادية ..
تأملتها نادية بعيون خايفه قالت : صدق ياسارة ولا تتريقين علي وتكذبين عشان اخاف اكثر .
: لا صدق والله وانتي باين ان مشكلتك نفسيه .
لوت نادية شفايفها بقلة حيلة قالت : الحين اقول بسكن هنا وافتك من المشوار والخوف من الحوادث بس المشكله هنا فيه عقارب وثعابين وحشرات تخوف اكثر .. يعني بالله لو رحت لطبيب نفسي ببطل خوف واشوف العقارب والثعابين ومااخاف منها ..؟
وقفت شادن وزبطت تنورتها وبلوزتها قالت : ندوش لاتفكرين بكلام سارة تتعبين .. اعملي زيي وطنشي كلامها .. على فكرة تراني قررت اسكن معاكم بس شدوا حيلكم وجيبوا عفشكم .
: والله صدق ..!
: ايوه ومن بكرة بجي معاكم ..!
: الحمد لله انو انتي اللي بتسكنين معانا مو غيرك .. والله محد يحن علي الا انتي وفاطمه ياشادن الباقين يخاصموني وهم يعرفون انو مو بيدي ..
: ماعليك من سارة تراها دايما تزعل عشانك بس ماعندها اسلوب .
: ادري ان قلبها طيب وهذا اللي مايخليني ازعل منها .
تكلمت فاطمة : يالله بنات تعالوا افطروا ولا مو جيعانين ..!
اجتمعوا البنات حول السفرة اللي حطتها فاطمه قالت سارة لأميرة اللي سوت لهم فطاير ولا اشهى : اميرة ماشاء الله عليك كيف تلحقين على الشغل والعيال وزوجك ونومك .
رشفت اميرة من كاسة الشاهي قالت : الحمد لله ربي ميسر لي لولا وجود عمتي عندي في البيت كان انا ممشية اموري وماعندي مشاكل لكن الله يساعدني عليها .
تنفست شادن بعمق قالت : محد خالي هم يااميرة .
ردت نادية اللي تعاني من الخوف والكوابيس وهمها يختلف عن هموم الناس كلهم قالت : صادقه والله ياشادن محد خالي هم ..
انا حتى النوم زي الناس ماعدت انامه من الكوابيس والاحلام بالحوادث ولا العقارب والثعابين مسببة لي رعب .
بلعت سارة لقمتها بالقوة حتى ماتغص من الضحك قالت : ياقلبي قلت لك حالتك متقدمه الله يساعدك .
قاطعتهم طالبه دخلت غرفة المدرسات عليهم قالت : ابله شادن المديرة تقول خليها تجي .
نزلت قطعة الفطيرة من يدها قالت : خيراللهم اجعله خير ..!
وقفت وطلعت من الغرفه متوجهه للادارة اللي بجنب غرفتهن .. وشافت وجه ابلا سميحه الدائري بخدود مليانه ومحمرة ..
قالت : السلام عليكم ..
: وعليكم السلام .. اهلاً .. اهلاً يابلا شادن ..
: خير ياابلا سميحه قالت لي الطالبة انك تبغيني ..
تغير وجه المديرة وعدلت نظارتها وجلستها قالت بارتباك : آآه اصلووو .. مممم والله مش عارفة أأولك ايه ..؟
: خير فيه شي ياابلا سمحيه ..؟
: اصلو دالوأتِ قالي قواب من الوزارة وفيه نئلك .
فتحت عيونها وفز قلبها بمكانها
" لا لا مو وقت النقل ماابغى ارجع لجده ..
يمكن غلطانه وتقصد سارة هي اللي مفروض تنقل للرياض عشان زواجها مو انا "
تكلمت بعد ثواني فكرت فيها وتخيلت : اكيد انا ؟ مو سارة زميلتي ؟ .
: لا لا لا القرار باسم حضرتك .. مش سارة .
جلست على الكرسي وقعدت تكلم نفسها : ياويلي يعني برجع لجده ... هذا وقته ..؟
نزلت ابلا سميحه اللي سمعتها نظارتها قالت : بصراحه ..
: بصراحه ايش ..؟
: المشكلة ياشادن ان نئلك مش لجدة ..
فتحت فمها وطالعتها بدقه واهتمام وقلة صبر قالت : اجل فين نقلوني ..؟
: على قرية اريبة من السبيل مش بعيد اوي .. يعني حوالي ستين كيلو بس .
شهقت شادن وحطت يدها على راسها ..
مسكت راسها وهي مو مصدقه الحين كيف تروح لمكان ابعد من هذا .. واصلاً من بيوديها اذا المدرسة هذي لمن جات لها جات مع سارة والحين سارة هنا وهي بتروح مكان ثاني وماعندها احد يوديها .. ياربي تعين بس ..
هزت راسها لأبلا سميحه اللي حاولت تهديها وتثبت ان مالها يد في نقلها وقامت راحت للبنات اللي نسوا انها طلعت وكملوا فطورهم ..
اللي تسولف ،، واللي تسمع ،، واللي تراقب المكان مثل نادية وتخاف تدخل عليها حشرة ولا فيه عقرب مندسة بأي مكان في الغرفة ..
حاولت تجلس عادي بس وين تجلس عادي وتكون طبيعيه ونقلها بالنسبة لها مصيبة .
انقذها صوت الصفارة اللي استبدلوها عن صوت الجرس للحصة الرابعه وكل وحده قامت لفصلها ..
جلست مع فاطمه قالت : شادن خير اش فيك ..؟ اش كانت تبغى منك المديرة ..
لوت فمها قالت : جاني نقل لقرية قريبة منها .
: اش قلتي ..؟ ياربي مالقوا الا انتي .؟ الحين كيف بنسكن انا ونادية هنا لازم نكون اربعه على الاقل ...
حست انها ضايقت زميلتها بتفكيرها بنفسها .. كملت بلهجه مختلفه تدل على انها حست فيها
: بعدين ياقلبي عليك كيف بتروحين وسارة هنا .
وقفت على حيلها مالها خلق تتكلم مع احد ..
هي اصلاً مخنوقه وكلام فاطمة يخنقها اكثر ..
طلعت من الغرفة تمشت بالساحة المشمسة والجو الحار دقايق طويلة عليها ..
دموعها تنزل غصب ..
وحيده ومالها سند ..
مالها اهل ولا عزوة ..
لو اللي نقل سارة كان الموضوع بيصير اهون على سارة ..
عندها ابو واخو واهل ..
بس هي ..
من بيوديها ولا من بيساندها غير امها اللي تحتاج من يساندها ويوقف معاها بوجه صالح والزمن ..!
توجهت لسارة وهي تشرح في فصل خامس ومركزة مع البنات والشرح ولا انتبهت لشادن اللي وقفت عند الباب .
التفتت عليها سارة بالصدفه قالت : بسم الله فجعتيني من متى وانتي هنا ؟
: مطولة ؟
: مممم دقايق واجي ... فيك شي .؟
: كملي شرح وتعالي ..!
لاحظت سارة ان في عيون شادن دموع وحزن ونزلت الطبشورة بجنب اللوح الخشب المعلق في الفصل . وتوجهت لصاحبتها وبقلبها يالله عساه خير ..
التفتت للبنات قبل ماتطلع قالت : سلمى قومي وقفي على البنات لااسمع صوت لحد ماارجع .. انتم اكتبوا اللي على السبورة وراجعة لكم .
طلعت بسرعه لشادن اللي بعدت عن الباب حتى ماينتبهون الطالبات لدموعها ..
: شادن اش فيك .؟
: جاني نقل لقرية ثانية .
: اييييش .؟ اش قاعده تقولين انتي .؟ وكيف يجيك نقل من دون ماتطلبين ..؟
: ماادري الحين بلغتني المديرة وتقول ان جاها خطاب من الوزارة فيه نقلي لمدرسة تبعد عن هنا حوالي ستين كيلو .
: وانا طيب ؟
: انتي شو ؟
: ماجاني نقل ؟
: لا بس انا ..!
: اش معنى انتي واحنا متعينات مع بعض وواسطتنا وحده . و
قاطعتها شادن : انا المنحوسة كل شي في حياتي نحس بنحس واصلاً التعيين كله نحس علي وشكلي ببطل تدريس ماجاني من وراه الا القلق . بس المشكله فين اجلس والمدرسة تمثل لي الأمان من شر صالح .. طالعت بالسما وعيونها غرقانه دموع .. قالت بضعف وقلة حيلة : ياربي افرجها من عندك ..!
سكتت سارة بعدين قالت : ماعليك بخلي ابوي يرجعك انا مو متخيله اني اجلس لوحدي بدونك .. غير كذا انتي من بيوديك للمدرسة الثانية اذا اخوك في السجن وخالك مو داري عنك وصالح لايمكن ينفعك .
: ياليت ياسارة تكلمينه .. اقل شي انتي عندك احد يساعدك ويهتم فيك ويشملني اهتمامهم فيك .
: احنا اخوات ياشادن ماعليك ولاتفكرين بكرة ابوي يشوف موضوعك بس لاتشيلين هم .
: الله يكتب اللي فيه خير
: اللهم آمين .
***
يمشي بسيارته في شوارع جده ..
كيف يرجع للبيت بعد كلام احمد اليوم عنه ..
وبأي وجه يطالع في اخته وهو اللي سأل عن خالد وقال لابوه ان ماعليه كلام .. ويمدحونه بالشغل والجيران واصحابه ماقالوا عنه شي شين ..
حتى اهله يعرفهم من صغره وناس محترمين وطيبين ..
الغلط منه ولا من الناس ولا من خالد نفسه ..
دق عليها مرتين وشافه انتظار ..
تنهد من قلبه ..
خايف على سارة لاتعيش بصدمه مثل اللي عاشها ..
هند ..!
اخخ ياهند هي اكبر عقبه في حياته ..
وهي اللي قلبت موازين تفكيره ..
خلته يروح ويخطب ريهام بنت خالته ويملك عليها بدون أي تردد ..
ولولا ان ريهام انسانه طيبه وهاديه وتحبه كان ماطلع من ازمة هند لليوم واغلق ابواب قلبه عن شي اسمه احاسيس ومشاعر ..
هند اللي كانت تبتزه في بطاقات الشحن والفلوس بحجة احتياجها هي واهلها ووعودها له بالحب وانتظارها بلهفة وشوق لمن يتأخر عليها ..
تفاجأ بها تكلم ثلاثه من اصحابه .. وتعرفت عليهم عن طريقه وهو مايدري ..
هند بنت الجيران اللي حبها واخلص لها واعطاها كل مشاعره بدون مايطلب أي مقابل الا الوفاء والاخلاص اللي تصنعتهم ثم خدعته بأشر الطرق وابشعها ..
تذكر سامي وهو يكلمها بحب ولمن سمعه يقول هند سأله وعلمه عنها ومن هي بنته ..!
ماينسى شياكة سامي والهدية اللي في يده وهو رايح يقابلها ومقرر انه ياخذها لشقته ..!
كيف تسمح لنفسها تخونه وهو اللي حافظ عليها حتى من نفسه ..!
الخيانه صعبه ..
وانك تصير بصورة الغبي ويستغلك الشخص اللي بمثابة شريك الروح ونصفها شي صعب ..
ضرب بقبضته على الطارة بقوة وذاكرته تسترجع الأحداث البشعه والصدمه اللي مر فيها ..
اخذ جواله مرة ثانية ودق على سارة ..
فتحت الخط على طول قالت بملل : هلا مشمش ..
: اجل مشمش ياسويرة .
: عمى عمى اش سويرة هذي .
ابتسم نص ابتسامه مريرة قال بهدوء : هذي اخت مشمش .
: طيب اجل خلاص آسفين .. اهلين سيد مشاري .
: هلا بك ..! ساعه انتظار ..؟
: ممممم تدري من اكلم .
: ايييييه ادري .. اسمعي انا برجع للبيت بعد ربع ساعه ابغاك تنزلين لي في الحديقه ابي اكلمك في موضوع مهم .
اصطنعت التثاوب وفتحت فمها قالت بصوت يبي النوم : ماعليه مشاري خلها مرة ثانية الحين فيني نوم .
قفل منها من دون مايرد عليها .. وهي تقبلت الامر عادي ..!
طالعتها امها وهي جالسه تفتش في ملابسها وتطلع القديم بتوديه للجمعيه الخيريه مع بقية الملابس اللي جمعتها ..
قالت : بنت اخوك يبغاك بشي مهم ليه تتهربين منه ؟.
تمددت على سريرها قالت : مواضيعه الايام هذي بصراحه مرة بااايخه وانا بصراحه ماابغى اوجع راسي .
: ليه ..؟
: طالع لي بكلام من راسه يقول ان خالد ماراح ياخذك وانه مو كويس .
شهقت امها قالت بلوم : وانتي ماتبغين تسمعينه يمكن يكون صادق .
: لامو صادق .. بينه وبين خالد خلاف وهو يهدده انه ماياخذني ويبغى يشوه سمعة خالد عندي عشان اكرهه .
: سارة يابنتي شوفي اخوك اكيد خايف عليك من شي .. لأنه مو معقوله يكون تفكير مشاري سخيف ويفكر انه يضيع مستقبلك عشان خلافه مع خالد .
: يمه الله يخليك .. فكيني من خرابيط مشاري لأن راسي بينفجر منه خلقه .. تجين انتي تكملين عليه .
طلعت امها من عندها وهي معزمة ومقررة انها تعرف وش اللي في راس مشاري بالضبط ..!
***
عدى اليوم وهمها اكثر وخوفها اكثر وبكاها اكثر ..
اليوم تحديداً بكت ابوها اكثر من أي يوم راح ..
بكت نايف لدرجة ان امها سمعت بكاها وهي برا الغرفه ..
دخلت عليها تجري ..
: يمه شادن وش فيك ..
: مافيه شي يمه ..
: وليه هالدموع كلها ؟
: ابكي حالنا يمه .
: دوبك شفتي حالنا ... ولا يعني عشان جيتي الليلة تنامين عندي بتقلبينها علي نكد ..
قربت من بنتها ومسحت على راسها
قالت بحنية ممزوجة بوجع : لاتزيدين علي ياشادن فيني اللي يكفي انتي بكرة بتتزوجين وتروحين لحياة ثانية وتشوفين دنيا غير .. تفاءلي خير يمه ولا تنكدين على نفسك .
مسحت دموعها وعدلت ظهرها اللي كانت مسندته على السرير قالت : يمه اليوم جاني نقل لقريه بعيد عن اللي ادرس فيها الحين .
طالعتها امها بنظرات مليانه خوف وصدمة ماكانت على البال ولا الخاطر قالت : ايش ..؟ من متى هالكلام ..؟
: اقول لك اليوم يمه ..!
: لاحول ولاقوة الا بالله .. طيب سارة معاك ..؟
: لا يمه .. المصيبة انه انا لوحدي وماادري ايش السبب المديرة تقول تفاجأت بالقرار .
شهقت وكملت كلامها : القرية مو بعيد عن السبيل مرة قريبة يعني حوالي ستين خمسة وستين كيلو بالكثير .
وقفت ام نايف .. وبمرارة وقلة حيلة عقبت : ياربي على هالمصيبة والله مو ناقصين .. الحين من بيوديك هناك .. ؟
: هذا اللي كاسر ظهري يمه .. ماعندي احد .. ان جلست قابلت الوسخ هذا وان بغيت اروح مافي يدي حيله ولاعندي احد يسندني ويوقف معاي . ياويلي عليك يانايف بس ..
: حسبي الله على اللي حرمنا منه .
: طيب يمه اش اسوي من بيوديني اقل شي اول اسبوع للاجواد ..؟
: ايش ..؟ الاجواد شو تعملين في الاجواد ..
: القرية اللي راح ادرس فيها اسمها الاجواد .
: الأجواد .
: ايوه الأجواد يمه . اش فيك ..؟
سكتت عزيزة وعيونها مطيرتها فيها مليون كلمة وكلمة ومستغربة ..
اش هالصدف والاقدار اللي رمت بنتها للاجواد بالذات .
قالت ونبضها يزيد وتحس ان دمها يغلي اكثر واكثر قالت : لا ياشادن اتركي عنك التدريس والمشاكل وخليك عندي قريبه ولا اقولك قدمي على مدرسة اهليه قريبه مني اقل شي انام اذا رحتي لمدرستك مو زي الحين ..
قاطعتها : يمه اترك وظيفه براتب اربعه الاف ريال وبكرة يزيد الين يوصل سته سبعه واقدم على اهليه زين ان اعطوني الف وخمسية .. وكيف نصرف ان شاء الله ؟ .. من راتب ابوي التقاعدي اللي مايوصلك منه ريال ويروح كله على سكر صالح وشرابه وسهراته .
يمه الشقا فيني فيني خليني اكمل طريقي وانا مستعينه بالله ..
: وش تسوين الف وخمسمية تعيشنا وبالي مرتاح .. احسن من عشرة الاف وقلبي مو مرتاح لمشوارك اللي يبدا من نص الليل .
: الحين المشوار للاجواد بيفرق عن المشوار للسبيل .. حطت يدها على يد امها وضمت عليها بحب واطمئنان قالت : اصبري يمه بشوف اذا ابو مشاري سوى شي ولا امري لله والله يعيني . يمكن خيرة ..
: الله يكتب لك اللي فيه خير بس ترى ياشادن ماني مخليتك تروحين للقرية هذيك مو عايفتك انا .
: ماتفرق يايمه عن السبيل كل الفرق اللي بينهم ستين كيلو . يعني زيادة نص ساعه على مشواري للسبيل .
ناظرتها امها بنظرة غريبة وقامت وتركتها بحيرة ..
كأن امها بثت فيها القوة بضعفها ..
وكأن الدموع على الرحيل اللي تتوقعه مر بدون سارة ومساندة اهلها جفت ونشفت بفعل دموع امها وخوفها ..!!
سلمت امها وجعها واستكانت ..
غفت عينها وتراخى جسدها يطلب الراحة والهدوء بعد الجهد اللي مر فيه اليوم .!!
***
بعد اسبوع من قرار النقل والمحاولات الغير مجدية من ابو مشاري للتراجع عن النقل ..
قرر يودي شادن لمدرستها الجديدة وسارة معاها كأول يوم .
: يالله مقدر ومكتوب ياسارة الله يعطي ابوك العافيه ماادري كيف ارد له جمايله ..!
: ابوي مايبغى منك جمايل .. لاتنسين انك بنت صاحبه ويعتبرك زي بنته .
: الله يخليه لكم .. والله ماانسى وقفات ابوك معانا .. بس ربي يفك سجن نايف ونفتك من صالح وانا اشوف القرية هذي اللي ماادري اش مصيري فيها .
: ان شاء الله خير .. المهم بعدين اذا قدمتي نقل تقدرين تنقلين بسهولة ..
: ضحكتيني .. انتي انقلي الحين وانا يفرجها ربي علي متى ما نقلت نقلت ماوراي شي زيك ..
: انا بنقل ان شاء الله .. بس قولي الله يستر علي لحد مااتزوج اخاف يصير لنا شي بهالطريق .. واموت ولا يتأجل زواجي ..
: استغفر الله العظيم .. بنت تفاءلي بالخير ولاخلاص عدتك ناديه ..
: هههههههههههه لا لا خلاص ماصاير لي شي بإذن الله .. المهم خلاص قررتي الليلة كمان تنامين عند امك ..
: ايوه هالابتلاء الليلة مو هنا ..
: يالله الله يهنيكم ولايرده عليكم .. شادن خالد يدق سلمي على خالتي .
: ياذا خالد .. يالله يالله اشوفك بكرة على خير .. انتبهي لاتتأخرين ..
بعد ما قفلت سارة من شادن وفتحت الخط لخالد ..
: هلا حبيبي
: من تكلمين قبل شوي ..؟
: قول السلام .. كيفك مو على طول تسأل من يكلمني ..!
: سلام وكيفك ومن كنتي تكلمين ..؟
: لايكون تغار ..؟
: اما اغار عليك ..!
: خالد اشفيك ..؟
: مافيني شي بس اكيد مااغار عليك لأني واثق منك .. ارتحتي ..؟
: لا طبعا ماارتحت مافيه بنت بالدنيا تشوف زوجها مايغار عليها وترتاح ..!
: سارة لاتقلبينها نكد ترى ا كثر مايكرهني في البنات قلقهم الزايد .
: لاوالله .. ؟
: هههههههههههه زعلتي ..؟
: اش رايك ..
: طيب بكرة تراني عندكم في جده .
نست زعلها وكلامه وفتحت عيونها بفرح غمر اجواءها قالت بحماس
: لااااا احلف ..
: ههههههههههههههههههه لازم
: عن جد خالد ولاتكذب علي .
: لا عن جد ونص .. المهم بمر عليك بعد العشا
تأملت اظارفها بحرج وردت بهمس : الله يحييك حبيبي . اجل خلاص بقفل عشان تجي وانت مشتاق لي . مو طفشان مني .
: المهم سارة .. تكفين لايجي مشاري وانا فيه .. ولا اقول لك لايدري اني راح اجيكم ..!
: خالد اللي بينك وبين مشاري مالي دخل فيه .. ومع كذا راح اقول لمشاري مايحتك فيك ولا يقابلك اذا تبغى ..!
: ايييييييه تسوين خير والله ماابي اشوف وجهه .
: عموماً مشاري بكرة ماسك مكان ابوي في الشركه . واكيد راح يداوم كمان في الليل .
: ليه وش عند ابوك بكرة ..؟
: بيوديني انا وشادن لمدرستها الجديدة .
: نقلت .؟
: ايوه موقلت لك على نقلها .. ؟
: الا بس خلاص يعني بتودع مدرستكم .
: ايوه خلاص بكرة اول يوم لها في مدرستها الجديدة .
: الله يعين المهم اذا جيتك بكرة الاقيك مرتاحه مو تعبانه وتبغين النوم .
: كم بتاخذ في جده ؟ .
: اسبوع ان شاء الله .
: ياحبيبي ياخالد مو مصدقه انك بتجي .
: ادعي لاختي هي اللي اصرت اني اجي عشان اشوفها ومنها اشوفك .
: اخس عليك ماجيت عشاني يعني .
: هههههههههههههههه هذي من يفكنا منها الحين .. الا جاي عشانك .
: طيب حبيبي ان شاء الله اشوفك بكرة على خير .
: على خير ياعمري يالله مع السلامه .
قفلت منه وطارت تحت عند امها وبلغتها بكلام خالد ووصت الشغاله تهتم بالحلى والمعجنات وترتب المجلس ..
ورجعت لغرفتها تتأهب للنوم ..
ضروري تنام قبل ماتروح لمدرسة شادن ..
حتى اذا رجعت تكون مرتاحه وتقدر تقابله بدون تعب ..
فتحت درج الكومودينو اللي بجنبها واخذت البوم الصور حقت ملكتها هي وخالد ..
تحبه بكل مافيه ..
صحيح ان مافيه من المواصفات اللي تحبها في الرجل شي بس تحب خالد بكل مافيه ..
تأملته بدقه .. مو طويل ..
ونحيف لدرجة انها تحسه انحف منها بالرغم ان جسمها اقرب للنحافه ..
شكله عادي بس عاجبها ..
على انها كانت تتمنى عيونه واسعه وشكله وسيم بس تنازلت عن هالأماني ورمتها ورى ظهرها واكتفت بملامح خالد العادية ..!
ضمتها على صدرها وغمضت عيونها لحد ماداهمها النوم وهي بعز احلامها وخيالاتها اللي كستها باللون الوردي ورسمتها زي ماتحب وتتمنى ..
***
: ش شش اااادن اددري انك هنننا .. اففتحي .
سمعت صوته سكران عند باب غرفتها وتمنت انها ماجات تنام الليلة عند امها ..
اخذت جوالها ودقت على امها اللي نايمه بغرفتها ..
وصلها صوت امها مرعوب : شادن فيك شي ..؟
: يمممه صالح عند باب غرفتي .
: الله لايحييه .. اش جابه هالوقت ..؟
: تعالي لي يمه اللي يخليك ..
فزت عزيزة من سريرها وراحت لبنتها ..
،،
يهتز عند الباب كل ماحاول يسند طوله اختل اكثر ..
سكران كالعاده ..
: انت اشفيك ..؟
: م م م اااالك دخخخل اصلاً انننا احببب شااادددن وابي اتززوجها علىى سنة الله ووورس رسوووووله .
شافته مامن كلامها معاه رجا ولا فايده قالت : لاحول ولاقوة الا بالله .. طيب تعال شادن مو في غرفتها شوفها في مجلس الحريم نايمه .
ضحك في وجهها : ص ص صصصددددق . ؟
: ايوه صدق تعال بس .
ضحك بخبث وقلة عقل قال : وووننعععم الززووووججه اللللي ت ت تبببحث عن راااحة زو زو زوجها ..
مسكته بيده لحد مادخل مجلس الحريم وهو يترنح ..
سحبت المفتاح وقفلت عليه ورجعت لبنتها ..
نامت مع شادن لحد ماقرب الفجر لأن اليوم مو شرط تروح على الوقت اللي تروح فيه لمدرستها الاولى .
بتروح بس تشوف مدرستها الجديدة وترجع يعني مو دوام رسمي ..
***
مع ابو مشاري في السيارة ..!
ركبت السيارة بجنب سارة في المرتبه اللي ورى قالت سارة بهمس : تدرين ان خالد بيجي اليوم عندنا ..
: لاااه وانا اقول البنت نامت بدري ماشاء الله مو عوايدها وصاحية نشيطه ورايقه ..
: ههههههههه عاد تصدقين . .! لولا انك محتاجتني اليوم كان اغيب واقعد استناه الين العشا .
: لاحول ولا قوة الا بالله والله ماادري اش عامل لك هالخالد .. جد جد مايستاهل كل هالحب .
: شادن وجع لاتقولين كذا ثم ارجع ابوي للبيت .
: لا لا تكفين محتاجتك اليوم .
كملوا سوالفهم بهمس واحياناً سارة تكلم ابوها اللي اغلب وقته يهوجس بشغله وعياله خاصة هم زواج سارة من خالد اللي مشاري رافض النقاش فيه جملة وتفصيلا ..
مر الوقت طوييل ..
الطريق هو هو الا انهم اليوم تجاوزوا قرية السبيل وتعدوها لقرية بعدها .. واحسن شي ان الطريق سيده ومافيه تفرعات الا بلوحات ارشاديه تدل على كل قريه ..
الحمد لله ان وصل هالقرى اسفلت وفيها لوحات ارشاديه .. خاصة اللي تحذر من المناطق اللي تكثر فيها الجمال ..
ماتفاجأت شادن لمن شافت قرية الاجواد تشبه قرية السبيل ..
المدرسة في قرية السبيل على الطرف يعني مااعطتهم فرصه يدخلون لداخل القرية ويعرفون عنها اكثر زي قرية الاجواد اللي دخلوا لآخرها تقريباً ومروا على اغلب البيوت ..
الاجواد ماتختلف عن السبيل كثير .. اللهم ان فيها تقريباً اربع او خمس بيوت جديده .. وبيت كبير الوانه مابين الزيتي والتفاحي هو الوحيد اللي يلفت الانظار في القرية البسيطه ..
ويعتبر غريب عليها وحرام فيها ..!
لأنه بهالجمال وهالتكلفه يكون في قرية نائية ومافيها خدمات ولو صاحبه بناه في جده او الطايف اومكه كان احسن له ..
اما باقي البيوت فهي شعبية صغار وعليها اسوار ..
بعضها اسمنت بدون الوان من برا وأبوابها حديد صغار .
تخيلت ان جدتها عايشة في بيت زي البيوت هذي ..
وتذكرت كلام ابوها عن بيوتهم ..
شعبية ولها سقف من خشب . ..
اذا امطرت السماء عليهم تنزل الموية من السقف وياما وياما ماقدر ينام في غرفته اللي يشاركه فيها اخوانه ناصر وفواز واحمد ..
لأن صوت الماء وهو ينقط في القدر اللي امه حطته تحت الشق اللي في السقف مزعج ومؤرق ..
تذكرت كلام ابوها عن قريتهم وبيتهم بحب وحنين ..
حبت المكان لأن طريقة ابوها وهو يتكلم عنه مشوقه ..
الحياة هنا بدون رتوش ، بدون مظاهر او تكلف ، كل شي طبيعي وعفوي والحياة بسيطه وجميلة ..
لفت نظرها الحرمه اللي عند الغنم وفي يدها طاسة كبيرة وهي لابسه ثوب احمر وبرقع ورغم هذا تحس انها متسترة ..
ثوبها واسع ومو مبين تفاصيل جسمها او شي منه وبرقعها ضيق على عيونها وطرحتها طويله ومغطيه اكتافها وصدرها وظهرها .
ضحكت سارة قالت وهي تقرب منها : الله يرحم حال اهل السبيل متطورين شوية .
: هههه ايه بقووة اقول امشي امشي مااخس من قديد غير عسفان . اش دراك عن السبيل ترى ماشفتي فيها غير المدرسة والبيوت اللي بجنبها زي هذي .. باقي القرية وناسها مانعرف عنهم شي ..
وصلوا المدرسة بعد جهد ونزلن قال ابو مشاري
: انا بجلس مع الحارس واول ماتخلصون كلموني ..
ردت سارة : ان شاء الله يبه ... اعتقد ماراح نطول .
التفتت سارة على صاحبتها قالت
: شفتي البيت اللي لونه زيتي يسوى القريه باللي فيها .
: ياحبك للمظاهر ..خلينا ندخل نشوف المديرة مثل ابلا سميحه ولا عكسها .
نزلت غطاها وردت : عاد حلاة مدرسة السبيل هي ابلا سميحه .
تكلمت شادن باحباط : بسم الله وش هالمدرسة ليه الغرف بعيده عن بعض ..!
: شكله بيت شعبي مأجر للمدرسة .
: نفس حالة السبيل بس هنا الفصول متشتته و بسم الله المكان يخوف ..
: بكرة تتعودين ولانسيتي اول يوم جينا فيه للسبيل ..
دخلوا مدرسة عبارة عن حوش كبير وفيه حوالي 9 غرف بعضها قريب من بعض وبعضها بعيده .. سألت شادن الفراشه اللي جالسه تحت وحده من الغرف ومسوية لها جلسه وعندها قهوة وشاهي وتخيط في براقع وطرح سودا عندها ..
: السلام عليكم ...
على نفس وضعها وكأنها ماتبغى احد يشغلها عن تركيزها ردت : عليكم السلام .
: فين الادارة ياخاله . ؟
رفعت راسها ثواني ورجعت تكمل شغلها وهي تقول : آخر غرفة مقابلة لوجهتس .
طالعوا البنات في بعض ومشوا على حسب وصفها .. دخلوا وشادن تشيل اوراقها قالت : السلام عليكم .
ردت بنت سعودية في العشرينات من عمرها توقعتها شادن وسارة انها مدرسة ومن جده ونفس وضعهن : عليكم السلام .
: امممم انا شادن خالد مدرسة جديدة تعينت عندكم من يومين .
ناظرتها بدقة وعقدت حواجبها قالت بلهجة استهزاء : تعينتي ولا منقولة ..؟
التفتت شادن على سارة باستغراب وابتسمت قالت : منقولة وانا اصلاً جديدة دوبني تعينت السنه هذي .
: هاتي اوراقك .
: انتي المديرة ..؟
: ايه المديرة .. مو ماليه عينك ..؟
عرفوا من لهجتها انها من القرى اللي هنا وشكلها الله يرحم حال ابلا سميحه بس ..!
اعطتها جدولها وراحت شادن وسارة معاها ماتكلمت لغرفة المدرسات القريبة من الاداره وتعرفت عليهم بنفس الطريقه اللي تعرفت فيها على مدرسات السبيل .
وعرفت على سارة انها صديقتها وجاية معاها وانها من مدرسة السبيل واللي طلعوا كلهم يعرفونها ..
تقبلوا المدرسات شادن وقعدوا يعرفون على انفسهم تكلمت خلود : انا خلود مدرسة اللغه العربية .. وهذي مريم مدرسة الدين .. والعنود مدرسة سنه اولى خريجة معهد معلمات .. ودلال مدرسة علوم .. وجواهر مدرسة رياضيات وسهام تربية فنية وتدبير منزلي . وسلمى في فصلها تدرس سنه ثالث ابتدائي وبتشوفينها ان شاء الله .
دخلت عليهم بعد شوي وحده كبيرة وجلست تعلق وتحاول تضحك شادن وتقول لها عن وضع القرية .. كيف عيشة الناس هنا .. اش احسن شي واش الأسوأ ..
خمنوا انها من القرية .. وماخلتهم خلود الا اثبتت تخمينهم ..
قالت : هذي امنا واختنا الكبيرة نوير خريجة معهد معلمات قديمه وهي اصلاً من سكان القرية .. وتدرس سنة ثاني ابتدائي ..
قلدتها العنود قالت : وتدرس سنه ثاني ابتدائي ..! احلفي بس انهم ابتدائي .. اجل فيه غير الابتدائي يوم تكلفين على نفسك وتقولين ثاني ابتدائي ؟
: هههههههههههههههههه حبيت اوضح لزميلتنا الجديده . .. يمكن تحسب ان عندنا متوسط وثانوي .
ضحكت شادن وشاركتها سارة بابتسامه وهي في بالها المديرة واسلوبها البشع ..
اخيراً تكلمت سارة قالت للعنود : الحين مديرتكم ليه مكشرة وتتكلم من غير نفس .
: بالعكس مديرتنا هادية وفي حالها يااخت سارة .. ابتسمت وكملت : بس دايما طفشانه بتتعود شادن عليهاعادي لاتشيل همها .
طالعتهم نوير بقلق قالت لشادن باهتمام : نوف تعرفك .؟
ردت عليها شادن : نوف مين ؟
: اقصد المديرة ..؟
: اسمها نوف ..؟ لا لا ماتعرفني ولا اعرفها اول مرة اشوفها .
هزت اكتافها وقالت بصوت واطي جداً كأنها تكلم نفسها : غريبة .
صبت مريم القهوة للبنات ومدت صحن الحلا على شادن وسارة قالت : ذوقوا عمايل نوير .
تكلمت نوير : عاد هذا فيه اختراعات لأن بقالة ابو فالح مافيها اغلب مكونات الحلا يعني مثلاً مكعبات الشكولاته حطيت بدالها كاكاو وقشطه .. ومشي حالك بس .
ضحكت سارة قالت : ههههههههههههههههه اهم شي ان طعمه لذيذ تسلم يدينك .
: الله يسلمك ..
في هاللحظات تايهه .. وين الراحة وهذا هو حالها تشتت من بعد ماحست انها استقرت ..
جات عند مديرة شكلها حاقدة عليها من قلبها وماتدري اش السبب .. وامها ماتدري اش حالها الحين ووش سوى لها صالح بعد ماقفلت عليه البارحه الباب وحبسته
.. وناايف آآه يانايف ...
ياترى لو كنت موجود الحين كيف بيكون وضعي اقل شي بكون متطمنه على امي ..
وصالح ماتجرأ عليّ بوقاحته وكلامه ودق باب غرفتي بنص الليل ..
ويمكن جيت اليوم معاي بدال ابو مشاري ..
اخخخخ بس ليتها الحياة على كيفنا ..
ليت القسمة والنصيب بإرادتنا ..
ليت الدنيا على مزاجنا ..
لكن ماكل مايتمنى المرء يدركه ..
ومانيل المطالب بالتمنى ...
وفعلاً ماتؤحذ الدنيا الا غلاباً ..
ايه والله غلاباً ياصالح ياانا شادن بنت خالد ولا انت ياسكير يا**** ..
دمعت عيونها غصباً عنها وانتبهت لها نوير قالت بعفوية : شادن وش فيك حبيبتي ؟ من اولها دموع .. ؟
لاحظت ان نوير مهتمه فيها ومسحت دمعتها بطرف اصبعها وابتسمت قالت : ها ..؟ لا بس عشان المكان غريب علي وسارة ماراح تجي معاي وانا متعودة عليها من صغري ..
عدلت سارة جلستها وحاولت على قد ماتقدر تغير الجو وتصير طبيعيه وتبين ان صوتها عادي رغم انها مخنوقه قالت : يابنت الحلال اسكتي والله انا اللي شكلي بقدم نقل لمدرستكم احس فيها راحة نفسيه .
فهمت عليها شادن وجارتها وابتسمت قالت : ايوه الدليل الاستقبال الحلو ولا استقبال ابلا سميحه الله يذكرها بالخير .
طالعوا المدرسات في بعض مو فاهمين شي قالت سارة : هذي مديرتنا في السبيل مرة عسل ومو معترفه بشي اسمه قوانين مخليه كل وحده على راحتها تقول يكفي انكم في القرية الغريبة هذي وطفشانين مانبي نزيد عليكم التعب خذوا راحتكم .
ضحكوا البنات على اسلوب سارة قالت العنود وهي تقوم توقف قالت : ياحظكم ليت عندي مديرة مثلها كان جبت فصلي للغرفه هذي ولا جبت لي مخدة وفراش وكل مااشتهيت النوم حطيت راسي ونمت .. يالله يالله عن اذنكم بروح لبزاريني تلاقين كل وحده ماسكه بشعر الثانية متهاوشات .
قالت شادن وهي تضحك : ههههههههههههههههههههه اشوا اني ماادرس سنه اولى مااعرف اتعامل معاهم الا بحنان اخاف بكرة اجيب لهم شكولاتات وعصاير والعاب وننسى الدروس .
: اجل امسكي الفصول العليا ودرسيهم تاريخ وبعدي عن الصغار لاتدمرينهم بالدلع .
طلعت العنود والبنات يضحكون من اسلوبها وخفة دمها ومرحها ..
التفتت شادن على سارة اللي تسولف مع نوير ومنسجمات ونوير لازالت تذكر المحاسن في قريتها مثل البساطه والكفاح وكلٍ يجري على رزقه وعلاقات الناس في بعض موطدة مو زي اهل المدن اللي مايشوفون بعض الا في السنه حسنه .
طالعت شادن بساعتها قالت : يالله ياسارة بنمشي عشان ابوك تلاقينه طفشان .
فزت نوير قالت : اصبري ياشادن خليني اروح للبيت واعلم ابو سامر يعزم ابو سارة وغداكم عندي اليوم .
طالعوا شادن وسارة في بعض باستغراب من الكرم الحاتمي اللي في نوير ويمكن في اهل القرية كلهم قالت شادن : لا اش تروحين للبيت ..؟ بعدين اعرف عمي ابومشاري ماراح يجلس .
: يابنت الحلال بيتي شوفيه بجنب المدرسه قريب خليني بس انادي ابو سامر ويشوف الرجال . ترى والله دخلتوا قلبي وحبيتكم .
تكلمت سارة وهي تقفل عبايتها : تسلمين ياام سامر ماراح يجلس ابوي اعرفه بعدين عنده اشغال وارتباطات تلاقينه الحين على جمر يبغى يرجع .
: اجل الله يستر عليكم
سلمت عليها شادن قالت : يالله مع السلامه اشوفك بكرة ان شاء الله
: على خير ياقلبي
كررت سارة مع السلامه وزادت عليها : ان كان فيه نصيب نلتقي .
: ان شاء نلتقي وعلى خير .. عاد انتي طلي علينا مع شادن كل ماحصلتي فرصه
: ان شاء الله .
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
طلعوا البنات وبقلب شادن مية رغبه وأمنيه واحساس بالراحه مبطن بخوف .. لولا الحيا من ابو مشاري كان قالت له يتركها بالمدرسة ولا ترجع معاهم لبيت امها اللي اخذه صالح بسيطرته وبحقده وجشعه وصار يعتبر من ممتلكاته ولا لبيته هو .. .
توكلت على الله وسلمته امرها ..
ركبت معاهم وبدوا مشوارهم عازمين العودة لجده بعد مااتفق ابو مشاري مع ابو بدر السواق اللي يوصل المدرسات اللي يجون من جده انه يوصل شادن بالمبلغ المطلوب واعطاه العنوان واتفقوا على ان شادن تكون جاهزة من الساعه اثنين نص الليل عشان يوصلون المدرسه في الوقت المحدد .
تكلم ابو مشاري : اسمعي ياشادن ..!
همست بصوت واطي مستحيه من ابو مشاري : هلا .
: انا جلست مع الحارس وفهمت منه انك منقوله هنا وفيه ناس موصينه اذا جيتي للمدرسة يبلغهم فوراً بس انا طلبت منه يصبر لحد ماامهد لك الموضوع ..!!
جال في راسها مليون سؤال وبدت الحيرة تدب في قلبها .. الخوف والشك والظن شلوا لها لسانها ..
انقذتها سارة لمن قالت : يبه مين الناس ..؟
: شادن يابنتي تعرفين ديرة ابوك اش اسمها ..؟
همست بـ : لا .
: وشلون ماتعرفين الديرة اللي انولد ابوك فيها وتربي وكبر فيها .. ماكان يكلمكم عنها ؟ .
: الا بس كان يقول الديرة عمره ماجاب اسمها عندنا .
: اها .. هاترى اللي نقلك من اهل ابوك .. هذي ديرة عمانك .. وجدتك عايشه هنا ..
اخرستها المفاجأة .. مو معقوله يطلع لها اهل بين يوم وليله ..
مومعقولة تجي برجولها ويصير لها عمان وجدة .. يعني اهل وعزوة وسند .. وهي اللي كانت بتشرد عن صالح وتسكن في بيت مافيه الا ثلاث حريم وفي ديرة غريبة بعيده لاتلفون ولا كهرباء ولا ...
قطعت سارة عليها افكارها وتفكيرها وسحبتها من شرودها لمن قالت : معقولة امك ماتدري ..؟
ردت عليها بهمس : الا شكلها تدري الدليل انها لمن عرفت اسم القرية قالت اتركي التدريس عنك وقدمي اوراقك على مدرسة اهليه قريبة ..
: طيب ليه ماقالت لك عن اهلك يمكن ينقذونك من صالح وشره .
: امي لولا خوفها علينا مافكرت تجاري خالي وتتزوج صالح ..
: اتذكر قلتي لي انه هددها لو ماوافقت على صالح بياخذكم يوديكم عند اهل ابوك ..
: حسبي الله ونعم الوكيل .. المهم الحين كيف اوصل لهم .. والله مااقدر ياسارة احس برهبه .. والموقف اكبر من اني اواجهه لوحدي .
: ياشيخه توكلي على ربك واسألي عنهم .
: لا لا ماراح اسأل خلاص جابوني وعرفوا مكاني يجوني .
ساد الصمت من جديد .. اللي غارقة في مفاجأتها وصدمتها وكيف تقابل المصير الجاي واللي غرقت بأحلامها وأمنياتها بلقاء الحبيب اللي بيقابلها اليوم ...
وصلوا جدة وكل وحده توجهت لبيتها ..!
هالمرة شادن اقوى ..
لها اهل ياناس ..!
لها عزوة وسند غير نايف المكبل ومقيد بعيد عنها ..!
لها عم .. وولد عم ..
هم اللي يخافون على عرضهم وشرفهم وبيوقفون صالح عن حده ويفكونها هي وامها منه ..
***
رجع من عند البوابه بعد ماطلع يشوف من ..!
شافته جدته يدخل وقصرت على صوت الراديو قالت : من عند الباب ياوليدي ..؟
ابتسم لها وهو يراقب وجهها وتعابيره استعداداً لأي طاريء وتغيير اذا سمعت الخبر ..
قال : ابشرتس يالغاليه .. هذي بنت ولدتس جات للمدرسة اليوم . يعني بكرة ولا بعده بتشوفينها ..!
حست برعده دبت في اطرافها وقشعريرة اكتست جسدها قالت : ياربي لك الحمد ولك الشكر .. الله يبيض جهك ياولد مشعل . اشهد انك سنافي ..!
حلقت عيونها بالدمع .. وتذكرت الولد الغايب المفقود .. واللي اخذته الدنيا منها قبل لاتقر عينها فيه وتطفي جمرة الشوق اللي بداخلها له ..
الله يرحمك ياخالد ويجعل مثواك جنان الخلد ..!
قالته في نفسها وهي تحاول تبعد عن الحزن وتمني نفسها بشوفة بنت ولدها في القريب العاجل ..!
قرب عماد منها ومسح على راسها ولف يده من رى كتفها قال : لودريت ان الدعوة فيها دموع ماكان سعيت في هالامر .
مسحت دمعتها بطرف طرحتها قالت : ياوليدي دموع الفرح عساني افرح بعيالك .
وقف ولد بنتها بعد مارسم لها ا بتسامه خلفها وجع لايمكن تدثره الايام .. الا بقدرة قادر ..!
: وين تبي تروح ..؟
رد عليها وهو يعطيها ظهرها ويلبس طاقيته وياخذ شماغه من فوق الكنب قال : ابي امشي لجده وراي شغلي تركته ماجيته من ثلاث ايام .
: ياوليدي اترك الشغل هذا عنك وتعال ازرع المزرعه ولا افتح لك سوق بيع فيه واشتري بدال الخطوط اللي اهلكت اعمار المسلمين وانت تمهدها رايح جاي .
عدل عقاله على مراية المغسلة القريبه من الصاله ورد بصوت عالي يوصل لجدته الجالسة بصالتها : امر الله عاد ياام ناصر هذا شغلي اللي درسته لي سنين .. انتي بس ادعي لي وان شاء الله ماصاير لي الا اللي ربي كاتبه .
تمتمت بـ : يالله ياربي افتح له ابواب الرزق واهده وارزقه ببنت الحلال اللي تسعده وتقر عيني بعياله .
طلع عماد وخلف جدته وراه بابتهالاتها ودعواتها وحبها له .. وهو آسف على حالها وانه راح يخيب املها ويحطم احلامها ..
***
اذن العشا وهي متأهبه ومجهزة ..
شعرها الذهبي الناعم فاتحته على اكتافها ولابسه تنورة قصيرة حمرا وبلوزة ابيض وزهري ناعمه وبكم قصير ..
راحت للمطبخ تمشي بدلع وصندلها اللي تزينه الاكسسوارات الناعمه يحدث صوت ويعلن وجودها بأي مكان تتواجد فيه ..
طالعها مشاري وكأنه ملدوغ ولا مصعوق ..
فتح عيونه وكشر وكأن شياطين الجن والانس اجتمعت قدام عيونه ..
: خير ان شاء اشوفك لابسه ومتزينة ... لايكون بتقابلينه .
: مشاري اش فيك .. اكيد بقابله .. مو زوجي ولا نسيت انا خلاص ملكنا .
: سارة انقلعي وغيري هالخرابيط اللي عليك .
طالعت في ملابسها بغرابه قالت : ملابسي مافيها شي .
عض على اسنانه قال بقلة صبر : سارة اسمعي الكلام لاتخليني ارتكب فيك انتي وياه جريمه ..
تدخلت ام مشاري عشان تنقذ الموقف وتهديه على قد ماتقدر ..
: مشاري يمه هدي نفسك ولا يصير الا اللي تبغاه .
ردت سارة : يمه ماله دخل فيني واذا ابوي مو معترض اني اقابل خالد ولا البس كذا خلاص محد يهمني .
مسكها من شعرها قال : اقسم بالله لو ماتروحين وتبدلين ياسارة لتكون نهاية خالد هذا على يدي انا وانا اصلاً ادور الفرصة اللي اشفي غليلي منه .
طالعته امه بخوف قالت : مشاري تراك زودتها .. كرهك لخالد مو طبيعي .. اذا انت شايف عليه شي قول لنا ترانا على بر .
طالع بسارة قال : بالطيب ياسارة روحي بدلي ولا اقولك خليه يجي يسلم و ينقلع مو لازم يشوفك .
خافت سارة ان الموضوع يتأزم اكثر من كذا وانسحبت لغرفتها بدلت ملابسها ولبست تنورة لونها فيروزي طويلة وعليها بلوزة قطنية سماوي وابيض وبكم طويلة وساترة نوعاً ما ..
ونزلت لمن سمعت الجرس يدق .. وتأكدت انه الحبيب المنتظر ..
***
: خالي محمد عندنا ..؟ كيف جينا على باله ..؟
: جاي يخطبك لولده نادر..!
: اييييش ..؟ اش اللي قاعده تقولينه يمه ..؟
: ادري ياشادن مين نادر ..! بس انا قلت اقول لك على سبب جية خالك محمد . ولا انا مستحيل اخليك تتزوجين نادر .
: هه والله عجب .. يعني يرمي علينا صالح بعدين يرميني على نادر والله لو تشتعل بيني وبينك ياخالي للسما مااخذ ولدك المدمن الصايع .
: المهم الحين تعالي سلمي على خالك وفكينا من المشاكل تراه ماقصر معاي لمن عرف اني متهاوشة مع صالح اليوم ..
: خلاص يمه فرجت الحين صار لي عمان واهل مو زي اول .. !
: تعالي سلمي على خالك بعدين نتكلم في موضوع اهل ابوك اللي طلع لنا فجأة .
طالعت في امها بعتب وقامت لخالها الجالس في مجلس الرجال لوحده .
سلمت عليه وجلست قريب منه وهي تحاول على قد ماتقدر انها في طبيعتها ..
ساد الصمت لثواني وتكلم خالها .. : ها ياشادن اش اخبار التدريس عسى ما يتعب ..؟
: الحمد لله مرتاحه فيه .
فك شماغه وعدله قال : كم وصل راتبك ؟
سؤاله عادي ومتوقع بالنسبة لشادن وامها بحكم انهم خابزين محمد وعاجنينه ويعرفون طبعه زين ..
ردت ببرود وكذب متقن : ثلاثه الاف ونصها يروح في القطه مع المدرسات والنص الثاني للسواق .
: هههههههههه يفرجها ربي ، يفرجها ربي .. بكرة تنقلين وتفتكين من السواق ويزيد راتبك وتاخذين ولد الحلال اللي يستر عليك .
: لا ماعاد ابي انقل .. خلاص انا استقريت هناك .
طالع في امها اللي كانت تترجى شادن انها تسكت وتتقي المشاكل وشر اخوها ..
قال : اش تقول بنتك ياعزيزة ..؟
: ها ..؟ قصدها انها بتسكن عند عمانها هناك .
: عمانها ..؟
تكلمت شادن بجرأة وقوة لأول مرة تحس فيها : ايوه عماني ياعمي .. ولانسيت ان عندي اهل واعمام .
: عمانك لو فيهم خير كان جوك من زمان مو الحين تروحين لهم برجولك ..
: نسيت ياخالي ولا اذكرك .. نسيت لمن عمي ناصر جا وطردته انت وصالح .. نسيت لمن قلتوا ان خالد باع البيت وهذا مو بيته ..
لف راسه عنها قال : وقبل وينهم عن ولدهم .. بعدين اللي سويته هذا عشان امك بغت تموت يوم عرفت ان ناصر يبي ياخذ عيالها منها .
: امي بغت تموت ..؟ ولا عشان تلاقي لصالح الوسخ مأوى وبيت وحرمه وراتب شهري ..؟ .. الله يرحم ابوي ورثه صالح بدون وجه حق .
تكلمت عزيزة ودمعتها متحجرة بعيونها .. : شادن خلاص اسكتي .
خايفه من بطش محمد اخوها اذا زعل .. تعرفه وماتنسى تهديده ووعيده لها ..
التفت عليها وشاف ضعفها اللي يزيد من جبروته وقسوته وبطشه ..
قال : اسمعي ياعزيزة بنتك هذي متمردة .. وشكلها تبي من يربيها من جديد .. لكن ترى ملكة نادر وشادن يوم الاربعاء في الليل لو نادر مو في سوريا كان الليلة ملكت لها على ولدي غصب .. رضيتوا ولا مارضيتوا ..
وقفت شادن بتحدي قالت : لا ياخالي انا مو امي تامرني وتنهاني على كيفك .. ولدك مايناسبني ولا اناسبه وانا ادري ليه تبغاني آخذه .. تبي لولدك وحده موظفه تصرف عليه ..!
: عزيزة بتسكتين بنتك ولا لا ..؟
طالعت عزيزة بشادن اللي متكتفه وكأن محد هامها في الدنيا ولا هي متحسفه على شي قالت : شادن خلاص ادخلي ولاتزودينها ..
نظرة الحزن والخوف اللي بعيون امها دايماً تكسرها ، تهزها وتضعفها كثيير ..
هزت راسها لامها المكلومه والموجوعه .. غياب نايف يكسرها ويحزنها .. وموت ندى للحين جرحه ينزف .. ومابقى الا شادن خايفه عليها حتى من نسمة الهوا لاتجرحها او تضايقها ..
طلعت من المجلس ونفث محمد قوته وجبروته المزيفه قدام ضعف عزيزة : اقسم بالله لو بنتك ماتحسن ادبها لااربيها بطريقتي هذي قليلة ادب ولا بد لها من رجال يعدل اسلوبها .
: خلاص يامحمد توكل على الله ومايصير الا اللي تبغى استنى بس علينا كم يوم .
: انا قلت الاربعاء يعني الاربعاء فاهمه ولا لا ..
طلع وردع الباب بقوة وترك صداه يرن في اذن عزيزة وكلامه يتردد على مسامعها ..
--------------------------------------------------------------------------------
فصل ٌ رابع ..!
حين يمتزج الشوق بالوجع
وحانت الساعه المنتظرة ..!
بلهفة المشتاق . . وعيون المحب ..
دخلت مستحيه وهي تشيل صينية القهوة والحلا ..
عدل جلسته وهو يتأملها ببرود قال : ساعه انتظر اعوذ بالله .
صافحته وصبت له فنجال قهوة نزلته على الطاولة قدامه ..
وجلست بعيد عنه قالت بحيا وخجل وما كأنها اللي كل ليلة تسولف معاه للفجر : استحيت ادخل ومشاري عندك .
: الحين هو مو مايتغير ..؟ دايم ماد بوزه اذا شافني . الله يعينكم عليه اذا هو طول الوقت مقابلكم بهالوجه .
ابتسمت بدلع وحطت رجل على رجل قالت : ماعليك من مشاري قول لي كيفك .؟
: الحمد لله بخير .. اسمعي انا كلمت عمي ابي اطلع انا وانتي .. ووافق .
فتحت عيونها وردت باستغراب : ابوي وافق ..
: ايوه وافق بعد حب الخشوم .. بس شرط علي ذاك الشرط اللي كرهني بعمري ..
: اش شرطه ..؟
: قال لازم مشاري يطلع معاكم .
شهقت سارة وهي تتخيل انها تطلع مع خالد ومشاري مع بعض .. ياربي كيف بيكون التوتر ولا الملل ..
: وفين بنروح ان شاء الله .. ؟
: هههههههههههه حتى انتي مثل ابوك خفتي .. هذا انتم يالبنات ماتتحركون الا وقلوبكم تدق من الخوف ..
رشف من فنجاله وكمل : لاتخافين عازمك على العشا بس .
اعتلت خدودها حمرة وطالعت بالارض .. قالت : بس غريبة ابوي يوافق .
قرب منها قال : ابوك ابن حلال وطيب لحيت عليه ووافق بس هالعقده طلع وهو معصب .
فتحت عيونها وابتسمت قالت : مين العقده ..؟
: من غيره مشاري اللي بيجيب لي السكر والضغط وال..
قاطعته : بسم الله عليك لاتقول كذا ان شاء الله مايجيك الا العافيه ..
ضحك خالد منها ورشف من فنجاله قال : يالله جهزي بنطلع خليني اشوف اخوك المعقد وهو يموت من القهر اذا شافك تطلعين معاي .
طالعته ساره باستغراب وكأن داهمها شك بنية خالد في سبب عزيمته لها..
قالت : اش قصدك ..؟
: مااقصد شي يابنت الحلال .. بس عجلي انا واقف برا انتظرك . يالله ..
وقف وطلع مع باب المجلس من دون ماتتكلم .
طلعت للصاله وشافت مشاري يدخن بشراهه مو على العادة ..
وهو اللي نادراً يدخن قدامهم ..
حنت عليه وعلى حاله وبقلبها " معقولة كل هذا كره لخالد "
قربت منه وحطت يدها على كتفه قالت بحنانها المعهود على مشاري بالذات
: مشاري اذا اخروجي معاه بيضايقك بلاش اخرج .
رمى سيجارته في الطفاية اللي امتلت من اعقاب السجاير ..
قال : ابوي حلف مااردك وانك لتروحين .. حلف مااردك وانك لتروحين مع الواطي هذا .. يعني ياسارة تطلعين مع واحد فاسد ووسخ وانا اطالع ومااقدر اسوي شي .
وقف على حيله وناظر في عيونها ووجهه ينضخ بالدم الفاير والعصبيه وفورة الدم والغضب الجامح دلاله واضحه عليه ..
عاجز قدام ابوه ويمينه اللي شهره في وجهه ..
مسك يدها وشد عليها .. وغمض عيونه بقوة وهو يحاول يضبط اعصابه ..
قال : انتبهي على نفسك ياسارة .. انتبهي من خالد على قد ماتقدرين لاتقولين زوجي وماراح يضرني . وانا ماراح اخليك .
امتقع وجهها من الخوف والحيرة والاستغراب ..
شعور غريب اجتاحها وهي تتخيل خالد يضرها ولايأذيها ..
حاولت ترفض الصورة وتبعدها بس وجه مشاري مايعطيها فرصة .. حست ببرودة تسري في اطرافها .. قالت ببرود وخوف مكبوت .. وهي تبتسم : مشاري ليه تقول كذا .. ؟
طلع سيجارة ووقف قال : خالد وسخ ياسارة .. ومايستاهلك ..
وبردة فعل سريعه دخلت اطراف اصابعها السبابه من كل يد في اذانيها وهزت راسها بمعنى ماابغى اسمعك ..
اعطته ظهرها وطلعت فوق ..
تجر خطوتها ..
مشاري خوفها ..
بث الخوف بدل الفرح ..
وبث الهم بدال السعادة اللي المفروض تكتسيها هالليلة بشوفة الحبيب وقربه ..
حطت يدها على قلبها وهي تحس نبضاته تعلو ..
" الله يستر الله يستر هذا اللي كنت خايفه اسمعه من مشاري "
قالتها وهي تاخذ عبايتها وتطلع متردده تكمل وتكتشف بنفسها ولا تتراجع ثم تحرم نفسها من حلم وتحرم خالد من طلب و رغبه ..
***
متمدده بسريرها وعيونها ذبلانه والنوم قريب منها ..!
وامها تمسد لها شعرها بحنان وهي في قمة انسجامها بحركة امها اللي عودتها عليها من صغرها ..
: ماادري ياشادن خايفه انهم ياخذونك مني ..!!
: يمه الحين كم عمري ..؟ بعدين حالتي عاجبتك هنا ولا تبيني اتشحطط في بيت ابو مشاري وابهذل مشاري اما يروح للطايف ويتحجج بشغل ابوه وهو في الحقيقه عشان يخليني على راحتي ولا كل شوي عمي ينادي اذا بغى يطلع ولا ينزل ..
قاطعتها امها بخوف وحيرة : بس ياشادن اقدر اشوفك متى مابغيت .
: يمه تشوفيني خايفه ومو آمنه وعند الناس اللي ماتربطني صله الا الجيرة .. ولا اغيب عنك اسبوع اسبوعين الين ربي يفك سجن نايف وانا مرتاحه وبأمان .
: انتي تعرفين اهل ابوك حتى تضمنين راحتك عندهم .
: يايمه ياحبيبتي اهل ابوي اقل شي انهم بيخافون علي .. بيحموني مو مثل صالح وخالي .. انا بنتهم وشرفهم وعارهم ماراح يخلون أي شي يمسني ولا تنسين ان جدتي للحين عايشة يعني راح اسكن معاها مو مع الناس .
: انتي روحي لدوامك عادي وحاولي تسألين عنهم من دون ماتحسسين احد بشي .. خايفه عليك ياشادن ماابغاك تروحين الا وانتي ضامنه انهم بيكرمونك وماراح يهينونك .
: حاضر وابشري ولا يهمك يااغلى الناس .. . ماعاد فيه اهانه اكثر من اهانة خالي وصالح .. بعدين تراني اقوى منك لاتخافين عليّ .
ابتسمت امها بحنان وحب وفخر قالت : ايوه بأمارة كلامك مع خالك اول مرة اشوفه يتكلم بارتباك وخوف ..
: مو اللي قواه عليك ضعفك وخوفك منه لو بس مرة تقولين له لاااا واعلى مافي خيلك اركبه كان مايمديه تمادى .. والله يايمه خالي ماعنده الا الكلام والتهديد ولا مافي يده شي يسويه لنا .
: ماعليك من خالك ولاتفكرين الا بنفسك .. يالله حبيبتي نامي عشان تصحين نشيطه ..
وقفت امها بعد ماطبعت بوسة بين عيونها وقفلت النور قالت شادن بهمس والنوم بدا يداعب جفونها : يمه .
: هلا عمري .
قالت بصوت ذبلان : لاتخافين على بنتك ولاتشيلين همها .. ووعد يمه اذا ماحسيت نفسي مرتاحه لارجع لك واسوي اللي تبغينه .
رجعت امها وحضنتها بقوة على صدرها ..
بنتها طالعه لابوها ..
كان شجاع ومايهاب ..
كان قد المواقف ويعتمد عليه ..
اشوا ان عيالها طلعوا على ابوهم .. وماطلعوا عليها ولا ماعاشوا وشقوا طريق حياتهم بين صالح ومحمد ..!
كان جوابها لبنتها تنهداتها اللي تبث من خلالها تيارات حنان ساخنه ..
تطفي كل ذرة حزن او تعب في جسد وقلب شادن ..
همست : تصبحين على خير يمه .
: وانتي من اهله ياروح امك .
طلعت امها من عندها .. والفخر والفرح ببنتها ينتشلونها من تفكيرها بالظلم والقهر وسطوة اخوها وزوجها ..!
***
في مطعم يامال الشام وقريب من كورنيش البحر الاحمر ..
مستحيه ..
وخايفه .
على كثر ماتمنت قرب خالد بليلة حالمة وشاعرية مثل هذي الا انها كارهه الوضع وتتمنى تفز وترجع للبيت ..
قلق مشاري عليها خوفها وخرب عليها يومها كله ..
بلع خالد لقمته بصعوبة وشرب من كاس البيبسي اللي قدامه وهو يطالع فيها
قال : وش دعوة مستحية ..؟ يالله كلي تراني خالد اللي كل يوم يكلمك ويسولف معاك .
طالعته ياكل بارتياح وهو ابعد مايكون عن الشاعريه والجو الحلو واحساسه بوجودها ..!
تذكرت وجه مشاري اللي يحمل تعابير القلق والخوف الحقيقي ..
قالت بخوف : خالد بنرجع .
بلع لقمته بصعوبة وهو يقول :الله يلعنك يامشاري وين نغصت عليّ هه ..
رمى الشوكه من يده وطلع المصاصة من الكاس وشرب البيبسي جرعه وحده ..
دق جوالها وشافت اسم مشاري يزين الشاشة وابتسمت ..
" لازم ارد تطمنه انها بخير ومو مثل ماتوقع "
مد يده ومسك يدها قبل لاتفتح الزر الاخضر قال : طلبتك وعشان خاطري لاتردين عليه ..
: بسس ...
قاطعها وهو مكشر : انا ادري انه مشاري خليه يتعلم ان الوقت هذا خاص بيني وبينك محد له دخل فيه .
: خالد الله يخليك يكفي انه زعلان من خرجتنا مع بعض مايصير اطنشه .
: واذا قلت عشان خاطري ..
لوت فمها وبضيق تركت الجوال اللي الح عليها ودق اكثر من خمس مرات ورى بعض ..
تدري ان مشاري يغلي ومو مطمن ..
وتدري انها زادت قهره قهر ..
سحب جوالها وقفله نهائي .. وعلى شفايفه ابتسامة نصر ..
ابتسم لها قال : سارة تعشي ..!
: ها ... ؟ ممم خلاص شبعت .
: وش اللي شبعتي .. انتي مااكلتي شي حتى تشبعين .
ابتسمت له من ورى قلبها وهي تهز رجلها بتوتر وقلق ..
قالت : ماعليه خالد خلنا نرجع للبيت الله يخليك .
طالع بالساعه واعترض بتكشيرة و: لا سارة بتزعليني منك .. الحين اللي يشوفك مايقول هذي اللي دايما تترجاني وكل شوي تقول تعال تعال .
غمضت بقلق وعدم ارتياح قالت : خالد ماعليه مرة ثانية الايام جاية . بعدين لاتنسى زواجنا خلاص ماباقي عليه شي .
وقفت قالت : بروح اغسل على بال ماتحاسب ..
وقف ومد يده عليها قال : اجلسي بس خمس دقايق وش مستعجلة عليه .
واضطرت انها تذعن لأمره وجلست ..
اخذ جواله ووجهه عليها قال : القمر ليه كذا مكشر ؟
رفعت حاجبها باستغراب ..
لأول مرة خالد يجي على لسانه كلمة غزل ..
انصدمت وهي تطالع بجواله موجهه عليها ويحاول يوزنه على وجهها
: خالد اش قاعد تسوي ؟
: بصور زوجتي فيها شي ... بالله ابتسمي وشيلي هالتكشيرة .
: من جدك ولاتمزح ؟
: لا من جدي مافيها شي اذا اخذت صورة زوجتي معاي .. ابي انام عليها واصبح عليها .
غطت وجهها ووقفت قالت : لو سمحت خلنا نمشي .
: تعالي هنا ... وش فيك زعلتي ..؟
اخذت شنطتها وهي تغلي من الغضب قالت بعصبيه : المفروض انك انت اللي تحرص ان صوري ماتدخل الجوال مو تحطها بيدك .
: وش فيها اذا دخلت الجوال ..؟ ترى هذا جهازي وماراح ابيعه تطمني ولا يمسكه احد غيري ..
فتحت جوالها وعلى طول دق وفتحت الخط على طول : ايوه مشاري هلا والله ..
تنفس مشاري بعمق قال : ليه ماتردين وليه قفلتي الجوال ..؟
: اذا رجعت اقول لك .؟
: سوى لك شي هالوسخ .
: مشاري الحين انا نازلة .. وهمست : تطمن محد يقدر يسوي لي شي وانا اخت مشاري .
تنهد من قلب وبارتياح قال : زين يالله انزلي بسرعه انا برا .
نزلت على بال مايحاسب خالد ولحقها يجري ..
: سارة انتظري دقيقه .. آسف يابنت الحلال .. والله آسف .
: خلاص خالد انا برجع مع مشاري .
مسك يدها قال : تعالي تعالي انا اللي بوصلك مثل ماجبتك لاتنسين اني عطيت ابوك كلمة .
: لا خالد ...
قاطعها : خلاص ياسارة والله آسف اركبي بس معاي .
اضطرت انها تركب سيارته وتتفادى انتباه الناس وعيونهم اللي انغرزت على يده وهي ماسكه معصمها ..
دقت على مشاري قالت : هلا مشاري ماعليه برجع مع خالد للبيت ارجع انت .
: اووووووف .. زين انا وراكم .
: اوكي .
التفتت عليه قالت : بيمشي ورانا لاتسرع اوكي .
تنفس بضيق قال : ياذا مشاري اللي علني من الحين هذا وانا مملك خالص .. اجل وشلون لو انا ماملكنا للحين وش بيسوي .. الحين هو ليه مايبي يفهم انك زووووجتي ياعالم زوجتي وداخل بيني وبينها وكأني ارتكب حرام اذا شفتها ولا قعدت معاها ..
: خالد انت تدري ان ماباقي الا كم شهر واصير زوجتك وفي بيتك يعني محد بيحاسبك على شي بس الحين انا في بيت ابوي ومحد يضمن الدنيا ومشاري معاه حق يخاف عليّ ..
قاطعها : يخاف عليك مني .. وش بسوي لك انا ..؟
: يعني اقل شي من كلام الناس اللي مايرحم ..
: الله يعينك ياخالد طلعت الاخت اخس من الاخو .
: خاااالد
: خلاص خلاص سكتنا .
اطبق الصمت على جو السيارة لحد ماوصلوا بيت ابو مشاري ..
نزلت سارة ودخلت البيت وهي في اشد حالات ضيقها .
اما مشاري فجلس في سيارته وهو يتأملها تدخل ومشيتها السريعه تدل على غضبها ...
محد فاهمه ولحد يبغى يفهمه ..
سارة ماتصلح لخالد ولا هو يصلح لها ..
حط راسه على الطارة . .
الدنيا ضايقه فيه ..
بس خلاص .. اليوم راح يحط النقط على الحروف وينهي الموضوع ..
ومصلحتها فوق كل اعتبار ...
سواء صدمتها ولا نفسيتها ولا حياتها بعد كذا واسم مطلقه اللي راح يلازمها لأجلٍ غير مسمى ..!
لو خالد يتوب كان غفرنا وسامحنا ونسينا بس المشكله انه يتمادى يوم عن يوم وسمعته صارت في الحضيض وهو يعتبر متزوج وبعد فترة قصيرة المفروض يدخل بزوجته ...
شغل سيارته وكأنه لو هرب من المكان هذا راح يهرب من التفكير والموضوع كله ..
لف من ورى بيتهم يبي يمسك طريق يودي للمسجد .. لعله اذا قرأ قرآن تهدا نفسه ويدله ربي على الطريق الصحيح الأخف ضرر سواء على سارة ولا امه وابوه ..
اخذ بريك ووقف فجأة بين البيوت ..
هاله المنظر اللي قدامه ..
ماتردد لحظة وحده انه ينزل من السيارة ..
وراح يجري بسرعته كلها ..
وكأن شياطين الأنس والجن اجتمعت قدامه وراح يهجم عليها ويبديها عن بكرة ابيها ..!
اول ماوصله هجم عليه كالأسد مو ناقصه الا الزئير ثم يفترسه بيدينه ورجوله وأسنانه ..
وجه لوجه خالد لكمات عديده .. وضرب في كل مكان قدرت يدينه تطوله ..
ورفسه برجوله بهستيريا ..
مسكه من حلق ثوبه ووقفه ودفه لحد ماثبته على جدار بيت جارهم ابو عدنان .
تكلم خالد وهو مخنوق ونفسه يضيق : م م مشاري بتذبحني .
دمعت عيونه من وجع الموت اللي دنى وقرب بسبب قضبة يد مشاري على حلقه ..
التفت مشاري على عدنان اللي في يده خمسين ريال قال : ارم الفلوس اللي في يدك على الارض ويالله روح على البيت .
تكلم عدنان اللي عمره مايتجاوز 12 سنه وهو يرتجف خوف من مشاري المجنون ..
قال : انا مالي صلاح ..هادي فلوسو اداني هيا وقال انو بكرة حيجيب لي هدية لأنو يحبني .. وكمان قال لاتقول لاحد ..
بثورة مجنون وهيجان غيور على دينه واهله وجيرانه صفعه مشاري على وجهه اكثر ووجه له لكمات مجنونة اقوى ، صعب ان خالد يقدر يقاومها او يردها ..
يمكن تشفي شي قهره من يوم شافه في شقة اخته مع ولد الحارس الافغاني ..
: ياوسخ ماتخاف ربك .. ياواطي تهز عرش ربي جهاراً نهاراً ..
يادنيء .. ياسافل .. ماخذ اختي ليه وانت شاذ تدور الأطفال واشباهك .
تقريباً فش شي من غليله بعد نص ساعه من الضرب المتواصل ولولا حضور ابوه بعد ماناداه عدنان وانقذ خالد منه ولا كان استمر للفجر او لحد مايسكت خالد ويصير جثه هامده ..
: مشاري مجنون انت تسوي بالرجال كذا ..؟ المفروض انا وديناه المستشفى مو نخليه يركب سيارته بهالحال .. الرجال يمكن يموت بسببك .
مسح العرق المتصبب من وجهه بمنديل قال : ماتدري يبه وش مسوي .
رمى ابوه العقال بشماغه على الكنبة ..
قال : علمني سوى شي لاختك ..؟
: لا يبه ماسوى لها شي ..؟ بسسس
: بس ايش بتتكلم ولا لا .
خلاص ماعاد فيها ..
اول كان يداري ويحاول يمهد للموضوع حتى مايرتفع السكر عند ابوه وتصير مضاعفات .. وكان يمهد للموضوع بطريقه احسن من كذا ..
بس اليوم ماعاد فيها أي تردد ..!
حكى مشاري لابوه السالفه ..
وبداية شكوكه ..
وحكاية ولد الحارس وكلام اصحاب خالد عنه وان له باع طويل في الوباء هذا ..
رمى ابو مشاري نفسه على الكنبة باحباط وقهر ..
حط راسه بين يدينه وزفر بآهة موجعه ..
قال بخيبة واحباط : طالما هذا طريقه اش يبغى في بنات الناس .
: يبه خالد ماخطب سارة الا بعد ماتحدى مع واحد من اصحابي لمن قال اني بلغت الهيئة عن رقم السيارة اللي خطفوا اصحابها الولد من الدانوب .. تتذكره ..؟
: ايوه اتذكر .. بس اش دخلك انت بانتقام خالد ..
: هذولا اصحاب خالد .. والمفروض انه معاهم .. ماعرفت بالموضوع هذا الا من احمد صاحبي لمن عرف انه ملك على سارة .
كانت المصيبة عظيمة على الأب والاخ .. ومالها أي تعبير ووصف .
رد ابوه بأسى : لا اله الا الله .. كل هذا يطلع منك ياخالد . والله ان اهله من احسن الناس وابوه انسان فيه خير ويسكن في المسجد اكثر من سكنه في بيته .
: ابتلاء يبه عسى الله يعافينا .
: الله يهديه ويستر على عيال المسلمين . اسمع ياولدي .. كلم سارة امراً مو طلباً انها تقطع مكالماته بدءاً من هذي اللحظة . وطلاقها راح يتم لو على قص رقبتي .
: ابشر يبه .. بس ترى سارة ....
قاطعه ابوه بتفهم : لاتشيل هم سارة .. الايام تعلمها وابن آدم معرض للمشاكل والمصايب .. خلها تاخذ درس في الحياة وتتعب شوي ولا تتعب طول عمرها .
: زين يبه متى بتكلم اهله حتى يطلق سارة .
ضغط ابو مشاري بيدينه على وجهه
قال : خل الامور تهدى الحين .. وان شاء الله مايتم هالزواج ..! الخوف ان خالد يشتكي عليك . ولايفكر ينتقم منك .
: ماراح يشتكي لأنه بيفضح نفسه .. وانا متوكل على ربي لاتخاف عليّ .
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
***
يوم ثاني ..!
الجو اليوم في جمس ابو بدر غير عن جيمس
بوسعد ...
هناك اميرة ومشاكلها ،
نادية وخوفها ،
وفاطمه ونصايحها ،
ونورة وتعبها وتأوهاتها بين فترة وفترة ،
وسارة ونومها ..
اما الجو هنا ركووود والكل نايم .. كل شوي خلود اللي راميه غطاها من بدري تقوم وتتمطط وتشوف الطريق وساعتها وترجع تناام .
تذكرت انها بتروح لمكان جديد وغريب ..
وجه المديرة نوف وعبوسها ونظراتها لها ..
تذكرت سااارة انها اليوم مو معاها ..
فعلاً وحيدة وغريبة ومالها بهالدنيا حظ ..
وكأن الحظ يمشي بعكس اتجاهها ..
بس خيط الامل ماانقطع وهي تمني نفسها بعمانها واهلها اللي بيوقفون معاها ضد الزمن ..
اخيرا طلع النور وقدرت تشوف القرى اللي يمرون فيها قريه ورى قريه ..
قرية العدل ..
قرية السلام بعدها بمسافه قصيرة ..
وصلوا لقرية السبيل ..
تمنت لو بكيفها وبيدها وتنزل هنا وتروح عند زميلاتها .
قرية عين المها ..قد ايش حلو هالاسم ..
بس خسارة مافيها الا كم بيت وينعدون على الأصابع والغنم فيها اكثر من الناس .
يوم مشرق جديد بس الشمس مختفيه من اول ماقربوا من القرى النائية عن جده ومكه والطايف ..
كل مااقتربوا من القرى القريبة من السبيل والاجواد والجو يزداد جمال وفتنه واغراء ..
الغيوم في السماء ملبده ..
ورذاذ المطر يقطر على السيارة بشكل آسر ..
والمناطق هنا اغلبها فضاء واسع الأشجار وبعض الأعشاب اللي اتلفتها الحيوانات بأكلها .. تزين المكان خاصة انه تشعر من شافها في هالجو بأنها ترقص فرح بالمطر .. ومتأهبه لاستقباله ..!
طالعت في خلود الغرقانه بنومها قالت : خلود .. خلود اصحي شوفي المنظر ..
حركت خلود راسها وهي راسمه على وجهها علامات تدل على الانزعاج وتعكير النوم والمزاج ..
ففضلت شادن انها تتركها تكمل نومها ..
تكلمت سهام قالت : ترى القرى هذي اجواءها حلوة زي اجواء الطايف . اسأليني انا اللي لي سنه وهذي السنة الثانية هنا .. كل فترة وفترة تجي امطار وبكميات كبيرة لدرجة انا نضطر نغيب بالايام حتى مانغرق في السيول .
ردت شادن بفرح غيّر لها مودها اللي قبل شوي : الله يعني بنشوف امطار زي الخلق والناس مو زي امطار جده اللي مانشوفها الا في السنه حسنه على قولتهم ..!!!
ضحكت جواهر قالت : شكلك محبوسة في جده .
: الا اروح لمكه والطايف والمدينه بس مااطول وماقد صادفت امطار الا مرة وحده بالطايف .
: طيب ماقد رحتي للجنوب هناك الامطار شبه يومي .
ردت عليها وهي تتأمل المناطق اللي تقطعها السيارة بسرعه متوسطه : ادري بس ماصارت فرصه اروح هناك ..
تنفست سهام بعمق قالت : بنات تشمون ريحة المطر ..
: فتحت شادن الشباك اللي بجنبها واستنشقت ريح الخزامى والعشب الاخضر وهي مبلله بالرش الخفيف قالت بفرح ونفسية متجدده : نفسي اتمشى هنا ..
ردت سهام المولعه بالمناظر الطبيعيه وريحة المطر : ياليت ابو بدر يوقف هنا .
اما ابو بدر فما كان معاهم .. ذهنه مشغول في المطر لو زاد عن كذا ...
والأفضل انه يرجع اليوم بدري ولا يجلس وينتظر الوضع يمكن المطر يبقى على حاله هذا مجرد رش خفيف لحد مايطلعون ..!
همه كان اكبر من التأمل والتمشيات والاستمتاع بالجو والمنظر ..!!
.. اخيرا وصلوا لقريه الأجواد ..
دقايق وكانت في المدرسه تطبق عبايتها بعد ماوقعت على حضورها ورجعت للغرفه مع البنات زميلاتها ...
في الطابور ..!
المديرة هنا عكس ابلا سميحه .. متجهمه وشرسة من نظراتها ..
ممكن تكون متكبرة وممكن مغرورة وممكن مقهورة من شي وانعكس على تصرفاتها ..
عيونها تقول انها مقهورة وعندها مشكله وتعاني ..
قربت من شادن قالت : بكرة مناوبتك انتي ونوير .
هزت راسها شادن بحاضر وسكتت احتراماً لقوانين الاذاعه والانصات لها .
اخيراً خلص الطابور .
الطالبات دخلوا فصولهن والمدرسات اللي توجهت لفصلها وحصتها الاولى واللي راحت لغرفة المدرسات بانتظار وقت حصتها .
دخلت شادن غرفة المدرسات قالت نوير اللي تجمع دفاتر الطالبات من درج مكتبها : ها ياشادن عسى المدرسة اعجبتك .؟
ابتسمت شادن قالت لها بمحبة واخوة : والله يانوير لسه مااقدر احكم من اول يوم .. يعني تقريبا تشبه مدرسة السبيل بس المديرة فرق كبير الله يذكر ابلا سميحه بالخير ..
ضحكت نوير قالت : ذكرتيني بسارة صاحبتك .. ياليتها معانا كان يصير الجو غير .
: عاد سارة مافيه منها الله يسعدها ..
: آمين يالله حبيبتي عن اذنك انا بروح لفصلي اشوفك في الفسحه ان شاء الله .
: موفقه يارب .
طلعت نوير ودخلت خلود وعيونها منفخه من النوم ونفسها تكمل لولا ان عندها حصة اولى وقواعد تبغى لها تركيز ونشاط ..
قالت بسرعه : شادن الله يخليك صبي لي كوب نسكافيه باخذه معاي للفصل .
: حرام عليك بتاخذين معاك النسكافيه تشهين البنات فيهم .
: والله ..؟ شايفه كذا ..؟
: ايوه مساكين حرام تشهينهم بالريحه .
جلست خلود على الارض قالت : اجل صبي لي بشرب لو رشفتين عشان النوم يروح مني احسني لو اغمض نمت وانا واقفه .
صبت لها شادن نسكافيه من الترمس ومدته عليها قالت : خلود متى فاضية ..؟
: مممممم الرابعه والسادسه بس ..
: الله يعينك
: احنا مدرسات العربي نهلك مو زي التاريخ والجغرافيا ..
: ماعليك مديرتكم ماخلتني على التاريخ والجغرافيا ..
: ليه ..؟
: اعطتني فنية سنة اولى وثاني وثالث .
صرت خلود عيونها قالت : لئيمة . قبل فترة موزعتها بين البنات وماعليهن ضغط ولا شي .
: يالله الله يعين هذي البداية .
: ماعليك بكرة تتعودين عليها .. اوووه تأخرت على البنات والدرس اليوم طويل .. يالله اشوفك شدون .
قطعوا عليها دلال وجواهر وحدتها وقرروا يطلعون في الساحه المكشوفه واللي مايحجبها عن السما ستار او حاجز ..!
اخذوا معاهم القهوة والحلا اللي جابتها خلود وسهام خاصة ان الجو لايفوّت والبنات هنا متعودات على كسر بعض القوانين اذا فيها جو مثل هذا وتغيير للنفسية .!!
***
متحطمه ونفسيتها سيئة لابعد الحدود ..
الى الآن عاجزة تستوعب اللي قاله ابوها لها .
" خالد مايصلح لك ولا ينفعك .. وهي كلمة وحده ياسارة .. مكالمات مافيه وتفكير بخالد انسي ..! "
اخذت الجوال اللي كانت مقفلته من يومين عصيبة مرت عليها وفتحته ..!
يومين ماسمعت صوته والشوق انهكها ..
بالرغم انها المفروض تزعل منه لحركته الا انها سامحته وماتقدر تزعل منه ..
واختلقت له العذر انه خلاص تأسف منها وماكان قاصد زعلها ..
ضمت على الجوال بيدها ..
بداخلها رغبة عارمة انها تتجاوز قوانين ابوها الصارمة بنظرها ..
وتسمع صوته ..!
ضغطت على رقمه بيد طفل خايف من عقاب امه وابوه ..!
دق مرة ومرتين وثلاث وأخيراً انفتح الخط ..
وصلها صوته تعبان .. بـ : الوو نعم ..؟
هو صدق ولا تحلم ..؟
طالعت بالشاشه ..
لا لا صدق الخط مفتوح وسمعته ..
تجاهلت لهجته الحاده والجلفه وسمحت لنفسها بالاستمتاع بصوته وبس ..
حطته على اذنها من جديد وجلست بارتياح عكس قبل ثواني .
همست بخوف وفرح : خاالد .
: ايه خالد وش بغيتي ..؟
: ها ..؟ اش فيك ..؟ تعبان ..؟ ليه صوتك كذا ..؟
: يعني ماتدرين وش فيني ..؟
قالت باحباط ودمعتها بعينها : اكيد ابوي قال لك لاتكلمها .
: ابوك قال لك شي عني .
: لا .
عرف انها ماتدري وش صار بينهم قال : انا كنت تعبان اليومين اللي راحت وحسبتك تدرين .
و بلهفة وخوف : سلامتك حبيبي .. ماتشوف شر .
: الله يسلمك . سارة .
: هلا حبيبي .
: صحيح مشاري هو اللي حشى راس ابوك عليّ ومنعك تكلميني لكن اللي ابيك تعرفينه ان مشاري له غرض من تفريقنا وانك ماتكلميني .
: ها ..؟ لا خالد انت فاهم غلط ..
: اجل وش اللي مو فاهمه .
قالت بكذب محبوك : ابوي يقول لاتتمادين بالمكالمات معاه قبل الزواج . اذا اخذك كلموا بعض على كيفكم .
: اها .. يعني مشاري ماله علاقه .
تذكرت وجه مشاري لو سمعها .. او شافها وهي تكلمه ..
صحيح انها ماارتكبت حرام خالد زوجها شرعاً وقانوناً بس قرار ابوها واخوها ان هالزواج ايام وراح يتفكك وكلٍ يروح في حال سبيله .
حست بتأنيب الضمير والخوف بدا يتسلل لقلبها لمن خطر على بالها غضبه وقهره ونظرة الألم اللي بعيونه اذا عرف انها تكلمه ..
قالت بخوف : طيب خالد انا مضطرة اقفل الحين بعدين ادق عليك .
: اها .. طيب .. على كيفك ياسارة .. خلي مشاري ينفعك ترى انتي الخسرانه .
: خالد اش قاعد تقول وليه كلامك كذا .. ؟
: والله انا عارف مشاري ليه حاقد عليّ .. بس ماابي اقول لك حتى مااخلي صورة اخوك تهتز قدامك .
: مشاري ..؟
: ايه .. المهم مو مشغوله انتي .. يالله يالله مع السلامه .
قفل على طول وهي ورمت الجوال بجنبها ..
وبعقلها ملايين الأسئلة معقول خالد ماسك شي على مشاري عشان كذا مايبيها تكمل معاه بيفرق بينهم حتى ماينفضح ..؟
لا لا لا .. هي تعرف مشاري رجال ..
مشاري مصلي صوام مايحيد عن طريق المسجد ..
عيبه الوحيد الدخان .
والدخان ابتلاء وعادة سيئة لايمكن تقلل من رجولة الرجال او تنزل من قدره وتغير صورته ..!
حياتها متخربطه ..
وعقلها مابين اصدق خالد ولا انكر كلامه واصدق مشاري ..!
تحب خالد وتحلم فيه ..
وتقدر مشاري وتثق فيه ..!
الحياة في نظرها باتت اضيق من ثقب ابرة ..
وعقلها في دوامه ..
يصعب الخلاص من الخروج منها بسهولة ..!
تفكيرها مشتت مابين العقل والقلب ..
والحلم والواقع
..
ضمت مخدتها على صدرها ..
وسمحت لدموعها بالتعبير بطريقتها الخاصة .. لمن تعجز عن التوصل للحقيقه ..
***
ثلاثه ايام مرت عليها في مدرسة الاجواد واليوم هو الرابع ..
كل شي مر عليها عادي مافيه شي يفرق عن طقوس مدرسة السبيل ماعدا القوانين الصارمة اللي تفرضها ابلا نوف على شادن ..
تساءلت عن سبب معاملتها الجافة هذي ومالقت أي تفسير ..
اذا اول يوم قبل نهاية الدوام مرت عليها وقالت لها تمر على كل الفصول تشوف باقي طالبات ولا انصرفوا كلهم من المدرسه ..
ولمن قالت انها مو مناوبه ومناوبتها بكرة ..!
قالت لها بعنجهية : عارفه بس مايمنع انك تساعدين زميلاتك ...
اليوم الثلاثاء ..
وعندها الحصص الاخير فاضية ..
راحت لدورة المياه لأن ماعندها حصص اخيرة وقررت تتوضا عشان تصلي قبل ماينادي ابو بدر ..
البنات يقولون الثلاثاء والأربعاء يمشي بسرعه مايحب يتأخر لو دقايق ويعصب اذا تأخروا .
بعد ماسلمت على يسارها وبدت تستغفر وتسبح التفتت وراها شافت شهد طالبه بالصف الثالث الابتدائي عرفتها من نوير اللي دايماً ترسلها وتناديها اذا بغت شي ..
وباعتبارها صديقة ولدها سامر .تعتبرها بنتها ...
احلى بنت بالمدرسة وأشيك وانظف وأرتب ..
البنات هنا اشكالهم يعني مو مرة انيقات او مرتبات وبعضهم يجون للمدرسة وشعورهم فيها زيت ..
بس شهد تلفت انتباه أي مدرسة في المدرسة شعرها مقصوص قصير مرة وشباصاتها ومريولها وجزمتها ( الله يكرمكم ) وشنطتها مرة انيقه والبنت باين انها مو من اهل القرية او ان اهلها ناس متطورين حبه عن اهل القرية . .
طالعتها شادن وابتسمت لها وهي شبكت اصابعها في بعض قالت بابتسامة بريئة زيها واعتلت خدودها حمرة خجل كونها واقفه قدام مدرسة وهي طالبه ..
: السلام عليكم .
: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. اهلين ياشهد .
: ابلا شادن .
: هلا حبيبتي بغيتي شي .؟
: ابلا صحيح انتي بنت خالي خالد . .؟
ارتجفت شادت وحست بألم في بطنها ..
فتحت طرحتها عن راسها قالت : تعالي تعالي اجلسي .. قولي لي مين امك اش اسمها ؟
جلست شهد وهي مستحيه قالت : امي فوزية سعد عبدالله ال..
حست ان قلبها تحرك من مكانه قالت بلهفة : يابعد عمري . وجدتك حصة ..؟
: ايوه .. دايما دايما دايما تسألني عنك ..!
: اش تقول .؟
: تقول ابي اشوفها واسلم عليها وابي اعرف اخبار نايف ولد خالد .
طالعت في الساعه قالت : ياعمري سلمي لي عليهم وقولي بكرة ان شاء الله اجيهم .
: اصلاً هي كانت بتجي للمدرسة بس عيا عماد قال شادن تجي عندك بدال ماتروحين لها .
: عماد من ..؟ اخوك ؟
ضحكت شهد بعفوية وبراءة وحطت يدها على فمها قالت : هههههههه لا مو اخوي عماد ولد خالتي شريفه ..
: اها الله يرحمها ..
: ابلا الله يخليك تعالي اليوم عندنا .. شوفي عماد وجدتي وماما وفيصل اخوي .
: ياعمري اليوم مااقدر لأني ماقلت لامي ومااقدر اتأخر عليها تقلق علي ..
: يعني خلاص اخلي ماما تفتح الغرفه حقتك ..؟
: ليه انتم مسوين لي غرفه .؟
: ايوه عماد قال لماما خلي لها الغرفه اللي بجنب غرفتك . اصلا بيت عماد حلو فيه غرف كثير والعاب ومراجيح .
ضحكت شادن لبراءة الطفلة وكلامها الناعم والطفولي ولهجتها المحببه قالت تجاريها : خلاص اذا جيتكم راح العب معاك .
فتحت شهد يدينها ووسعتها قالت : فيه مرجيحه كبيييييييييرة .. حتى ماما ومنال وحنان اذا جو عندنا يلعبون فيها .
: لحظة لحظة مين منال وحنان ..
: بنات خالي ناصر .
: اها .. ياعمري ياشهد كلامك يجنن ...
دخلت نوف الغرفه وشافت شهد تسولف مع شادن وهالها وارعبها المنظر قالت بغيض وهي عاضة على اسنانها
: شهد وش مدخلتس هنا ..؟
ردت شهد ببراءتها المعتادة : ابلا نوف شوفي ابلا شادن تراها بنت خالي وبكرة بتجينا في بيتنا .
طالعت نوف في شادن بنظرة ماقدرت شادن تفسرها : شهد يالله روحي للبيت عشان ماتتأخرين .
طلعت شهد تجري ولحقتها نوف من دون ماتنبس ببنت شفه ..!
اما شادن تجاهلت نوف ولافكرت بكلامها لأن بالها مشغول بشي ثاني وكأن طاقة القدر انفتحت لها ..
" الحمد لله ماتعبت ولاتعنيت ارسل ربي عليّ هالطفلة تختصر لي مشوار ممكن يكون محرج وطويل وصعب عليّ "
تنفست بعمق ولبست طرحتها مرة ثانية وتغطت وشافت خلود تاخذ سلة القهوة اللي جابتها معاها وتطلع لأن البنات سبقوها للسيارة . ولحقتها تجري حتى تتحاشى عصبية ابو بدر وغضبه .
***
بعد مارجعت لبيت امها ..
وحكت لامها تفاصيل يومها ماعدا معاملة نوف لها لأن امها مو ناقصه هم حتى تشيل همها في المدرسة ..
قالت وهي تعدل جلستها على الكنبة بجنب امها
: يمه بروح لهم بكرة وبجلس عندهم لآخر الاسبوع تكفين يمه ..
تنهدت امها وتهديد اخوها وموعده اللي اقترب في بالها ومافارق ذهنها ..
قالت : طيب اجلسي عندهم للجمعه عشان تفتكين من خالك وولده ، بس لااوصيك أي شي يضايقك ولا يعكر عليك على طول ترجعين وماتجلسين دقيقه وحده .
:يمه لاتخافين انا متفاءلة ان شاء الله مافيه الا الخير .. ومن كلام شهد احسهم مشتاقين ولا متحمسين وتعرفين بنتك مو راعية مشاكل يعني مافيه الا الخير بس دعواتك ..
: الله يسترعليك يابنتي .
دست راسها بصدر امها الدافي .. لو تجلس فيه طول عمرها ماتشبع منه .. ومهما كبرت مااكتفت من حضن امها وريحته وحنانها .. !!
دق جوالها وشافت اسم سارة .. بعدت عن امها وعلى طول ردت ..
: اهلين وسهلين باللي تتغلى علينا ومقفلة جوالها لها يومين .
: هلا شادن ماشاء الله شكلك مبسوطه .
: اش فيك انتي صوتك مو عاجبني .
وبخيبه وصلها صوت سارة : ماتدرين عن القرارات الجديدة ..؟
فزت شادن وراحت لغرفتها قالت : سارة اش هالكلام ليه طيب ..؟
شهقت سارة باكية ..
وسردت عليها احداث ليلتها مع خالد في المطعم ..
من محاولته تصويرها ..
لنقاشهم الحاد واعتراضه على خوف مشاري عليها منه . .
وبعدين لمن قفلت جوالها ومكالمتها الباردة له .. وتشكيكه بمشاري ..!
علقت شادن : بصراحه ياسارة ولا تزعلين مني خالد مامعاه حق ابداً وغلطان ولا فيه واحد يقول لزوجته بصورك بالجوال والله لو انها عدوة وهو فيه ذرة نخوة وشهامه مايسويها .. !
: هو تأسف مني وقال لي انه كان يبغاها له عشان يشوفني بكل وقت .. بس مو هذا السبب اللي يخلي ابوي يقرر هالقرار لأني ماقلت لهم .
: طيب يابنت يمكن اهلك شايفين عليه شي يخليهم يطلقونك منه .. انتي بس لا تستعجلين و انتظري الا مايجون ويقولون لك السبب .. والله والله ياسارة لو خالد نصيبك محد يقدر يطلقك منه ولو مو نصيبك لو تموتين مااخذتيه .. استعيني بالله وفوضي له امرك .
: يابرودك ياشادن هذا وانتي تعرفين حبي لخالد ..
: ادري والله ياسارة بس انتي لاتعذبين نفسك .. الموضوع بيد ربي سواء في صالحك ولا ضدك .. تعالي .. ماجاب لك هدية هو ..؟
: لا ليه الهدية ..؟
: ياربي لك الحمد .. فيه واحد جاي يزور خطيبته ويده فاضة صدق ماعنده ذوق ..
: شاااادن مو ناقصتك الله يخليك .
: مممم تجين عندي ولا اجي عندك .
: لا لا بنام تعبانه من البارحه مانمت .. ماعليه شادن مرة ثانية نتقابل .
: اوكي سارونه بس حاولي تهدين نفسك وتفوضين امرك لله .. وادعي ربي يختار لك ..
: ونعم بالله .. المهم انتي اش سويتي وكيف المديرة معاك .
استلمت شادن دورها في الحكي وبدت تسرد لها وش صار لها خلال الأيام اللي راحت ..
وبلغتها الخبر الأهم ان بكرة راح تزور اهلها ..
دعت لها سارة بالتوفيق وردت لها الدعوة وقفلن من بعض بمودة توثق علاقتهن المتينه بعد ارتاحت سارة وكأنها نزلت من الحمل اللي اثقل كاهلها على كتف شادن .. تشيله معها وتساعدها على حمل البقية منه ..!
***
هناك في بريمان ( اسم لاحد السجون في منطقة جده )
في نفس المكان اللي جمع الظلم بالحق ..
البراءة بالاجرام . .
السلام والحرب ..
نفسه المكان اللي ظهر فيه العدل لبعض الناس واختفى عند بعضهم ..
جالس في لوحده ويتخيل لو صالح يعتدي على اخته ولا يسوي لامه شي ..
ياترى كيف و ضعهم بدونه ..
تذكر استنجاد شادن فيه دايماً اذا شافته ووصالح في البيت ..
خوفها من صالح وكرهها له والأكيد انه بسبب ومو من فراغ ..
تنهد لهج لسانه وقلبه بـ ( ياحي ياقيوم برحمتك استغيث اصلح لي شأني كله ولاتكلني الى نفسي طرفة عين )
وقف على حيله وراح لمازن اللي سانده وآزره في محنته بالتذكير بجزاء الصابرين وان الله اذا احب عبده ابتلاه ..
: اش فيك اليوم يانايف ..؟
: افكر باهلي يامازن .. اختي ماادري وش صاير عليها وامي مسكينه تقاوم طغيان صالح وهي ضعيفه ماتعودت على القسوة ..
: يارجال لاتفكر .. امس انا وصيت ابوي يمر على جاركم يجي يزورك ويطمنك على اهلك .
: ماادري ليه هالمرة مشاري ماجاني الله يجعله خير ..
: اكيد عذره معاه ..
وقف عندهم ابو سلمان وهو متوضي قال : قوموا ياعيال توضوا الصلاة لاتفوتكم ..
ابوسلمان متبني الأبرياء والصالحين في السجن ..
امثال نايف اللي دخل السجن بتهمه المفروض يكافأ عليها بدل مايجازى ..
ومازن اللي كان دخوله للسجن حرام وهو الصديق اللي وفى وستر على خويه وصاحبه ورفيق عمره مادرى بالغدر اللي يحاك من ورى ظهره وان الخوي استغل وجوده في بيت مازن ومارس نشاطه الدنيء في توزيع المخدرات داخل اسوار بيته ومجلسه ...
ولمن فتشت الشرطه البيت حصلت كمية هيروين انكرها وجحدها صاحب مازن وتدبس فيها مازن والنتيجه حكم بالسجن ست سنوات ..
وقفوا نايف ومازن وتوجهوا للخالق العادل ..
هو اللي نصْرهم على يده ..
وفرجهم بقدرته ..
وهو اللي مايتخلى عن عبده اذا لجأ له ..
وهو العدل اللي مايرضى بالاجحاف والظلم حتى وان امهل لكنه لايهمل جل وعلا ..
قال ابو سلمان بمحبة : ادعوا ربكم وانا عمكم .. ترى الدعاء سهام الليل وقارع ابواب السماء اذا جاكم النهار بانت اثاره وظهرت ثماره .
هزوا روسهم وكلٍ توجه للباريء العزيز باللي في قلبه ..
***
مانامت طول الليلة ..
هالاسبوع مر عليها كأنه دهر ..
خايفه من اخوها لأن نفس السيناريو ينعاد مع بنتها ..
تذكرت لمن جاها بعد وفاة ابونايف بثلاث سنوات كلها حزن ومرارة ودموع ومرض ..
: صالح ال.. خطبك ..
: خله يدور على غيري مالي رغبة بالرجال من بعد ابو نايف .
: بس انا عطيت الرجال كلمه وانتهى الموضوه وحبيت يكون عندك خبر من بدري ..
: اش قاعد تقول ياابو نادر انا اتزوج بعد خالد .. ولا تبغاني اتزوج هالرجال اللي محد يمدحه .
: انتي وش عليك من كلام الناس .. صالح خويي اعرفه زين وواثق انه رجال وطيب وكريم ومتوظف قبل شهرين وراتبه خمسه الاف يعني ماينقصه شي حتى ترفضينه
: مستحيل اتزوج بعد ابو نايف يامحمد .
: وش هالكلام ..؟ تبين عيالك يتيتمون طول العمر انا جايك ابيك تربين عيالك مع ابو ثاني يحميهم ويخاف عليهم ويصونك وانتي ترفضين
: مو موافقه يامحمد ولا تطولها .
: ماهو على كيفك ياعزيزة والحريم مالهن عندي راي ولا مشورة بكرة بيجي صالح يملك والخميس مثل اليوم من الاسبوع الجاي زواجك
: لا يامحمد تكفى ابغى اربي عيالي .. انا حرمت الرجال بعد خالد ..
قاطعها قال : انا عطيت للرجال كلمه واسكتي لااسمع صوتك فاهمه ولا لا ..؟ وطلع وتركها في دموعها وعيالها مذهولين رافضين كل شي بعد وفاة ابوهم ..
تزوجت صالح بدون مهر ..
بدون حفل وفرح ..
ملك لها محمد غصب عنها وهددها انه يودي عيالها لديرة ابوهم وجدتهم لو ماوقعت وكلمت المأذون انها موافقه ويحرمها شوفتهم للأبد ..
ودخل عليها صالح بعد اسبوع ..!
ماتنسى نظرة عيالها المفجوعين ومقهورين وشلون رجال غريب يدخل غرفة ابوهم كذا وبكل بساطه وبسهولة ..
اول ليلة مع صالح قضتها بكا وحزن وهوشة مع صالح واللي ختمها بضرب مبرح لها .
الحين نفس الأحداث تنعاد ومحمد باسه قوي وكلامه بيمشيه على بنتها مثل مامشاه عليها قبل ..
وشلون توقف بوجهه
وهي خايفه ان نايف يطول في السجن لو ماوافقت شادن ...
وبعدها يتسبد محمد فيها بمساندة ومؤازرة صالح ..!
الساعه ثنين فجر الاربعا ...
الاربعا موعد محمد وولده ..
صلت التهجد ودعت الله انه ييسر لبنتها امورها ويرد لها نايف ويقر عينها فيه .. ويكفيها شر من فيه شر سواء صالح ولا محمد وولده ..
مرتها شادن وهي لابسه عبايتها ومعاها شنطة صغيرة فيها بعض اغراضها اللي تحتاجها اذا جلست هاليومين عند جدتها .
قالت : يالله يمه انا ماشيه اهتمي بنفسك ولا تفكرين كثير وروحي عند ام مشاري تراها وصتني أأكد عليك تجينها .
وقفت وجات عند بنتها ..
مسكت طرف عباية بنتها من فوق بحيرة قالت باستسلام لابد منه : شادن اجلسي عند جدتك الاسبوع كله .
: الاسبوع كله ..؟
: ايوه لين احل الموضوع مع محمد .
: طيب يمه بخلي خلود تكلمك تعرفين مافيه اتصالات هناك .
: احرصي على نفسك ولاتخافين من خالك مايقدرك يجبرك على شي .
سلمت على راسها وابتسمت لها قالت : انتي اللي لاتخافين انا ادري خالي مايقدر يسوي لي شي وقوته عليك انتي عشانك تخافين منه اما انا مااخاف الا من ربي .
ردت لها امها الابتسامه ممزوجه بخوف وقلق وهزت راسها قالت : خير ان شاء الله .
: يالله يمه مع السلامه .. وصل ابو بدر ..
: الله معاك .
***
الخوف والترقب والتوتر هو سيد الموقف في هالصباح ...
اليوم الطريق مختلف ..
بالرغم انه هو هو ونفسه ..
بس الفرق انه طويل غير عن كل يوم ..
والاحساس مختلف رغم الارتياح الا ان فيه رهبه ..
رغم الشوق الا انه فيه رغبه بالابتعاد ..
رغم الأمل بالأمان الا ان فيه خوف من الآتي .
" يارب فوضت امري لك " قالته وهي تجمع باقي اغراضها كتبها ووسائلها التعليميه ودفاتر الطالبات اللي في كيس وطاح منها ثلاثه ..
دخلت المدرسه وتركت الشنطة اللي فيها ملابسها وبعض اغراضها اللي تلزمها وهي في بيت جدتها .. بسيارة ابو بدر حتى ماتشوفها نوف وتخاصم وتلقى على شادن منفذ او زلة .
بعد اربع حصص شرحتها بحماس واخلاص واتقان وتفاني في توصيل المعلومة للطالبات راحت عند نوير اللي تعرف اهل القرية كلهم ..
وقفت على باب فصلها وشافتها تصحح دفاتر البنات مو منتبهة لها ..
دقت على الباب قالت طالبه من اللي يجلسون في الصف الاول : ابله ابله .
رفعت نوير راسها واشرت البنت للباب قالت : شوفي ابلا شادن .
انتبهت نوير وابتسمت قالت : هلا شادن تفضلي .
ردت لها شادن الابتسامه بمثلها قالت : لا ممكن تجين دقيقتين ابغاك .
: زين يالله جايتك ..
قامت من كرسيها والتفتت على البنات
قالت : ولا وحدة تتحرك من مكانها دقايق وراجعة لكم اللي الاقيها واقفه ولا تتكلم بصوت عالي عاقبتها .
طلعت برا مع شادن قالت : هلا شادن نوف قالت لك شي ..؟
ابتسمت شادن لنوير لتكرارها هالسؤال لأنها من يوم جات للمدرسة وهي حاسة ان نوف تكن لها حقد مجهول السبب بالنسبة لها ..
شبكت يدينها في بعض وقالت : لا ماقالت شي اليوم .. ممم ابغى اسألك نوير ..!
: تفضلي .
: بسألك عن ناس تعرفينهم في القريه .
: من ؟
: اهل سعد بن عبدالله ال ..
: سعد بن عبدالله .. سعد بن عبدالله ال... .. اللي امهم حصة ال..
: ايوووه هم .
: وش فيهم ؟ وش تبين منهم ؟
: هذولا عماني وحصة تصير جدتي ام ابوي
فتحت نوير عيونها بذهول قالت : احلفي ... وانا اقول نوف وش فيها عليك وتقول انك نقلتي هنا عشان تغثينها من قبل ماتشوفك .
: ليه نوف اش دخلها فيهم ؟.
: جارتهم بس ماعليك من نوف الحين .
: طيب المهم اليوم انا بروح لبيت جدتي وخايفه ومرتبكه تصدقين ماقد شفتها ..
: ليه كذا حرام عليكم .
: ابوي الله يرحمه صارت له ظروف وانقطع عنهم وانا واخوي مانعرف مكانهم وتعرفين مافيه اتصالات هنا .
: الله يعين هذي الدنيا تجمع وتفرق .. ياقلبي تطمني هدي بالك ..
عمانك ناس طيبين وجدتك عايشة في بيت ولدها او ولد بنتها اللي هو عماد . ترى نوف تعرفهم اكثر اذا تبيني اسألها لك اكيد تعرفهم اكثر مني .
: لا لا فكينا من نوف ماابي احتك فيها . بس انا ماني راجعه لجده اليوم وخايفه من وضعي عند جدتي ماادري كيف ..! فأبغاك تكونين معاي .
ضحكت نوير واستغربت قلق شادن من اهلها وهي اللي تدري بأهل القرية وطيبتهم والخوف او القلق ماله أي داعي ..
قالت : لا ياعمري بتستقبلك وتشيلك على كفوف الراحه وانا ماني رايحه معاك لأن ماله داعي بس بوصف لك بيتي متى مااحتجتيني تلاقيني . .
هزت راسها وعضت على شفتها السفلى بحيرة قالت : اوكي اللي تشوفينه .
: بيتي ثاني بيت اذا طلعتي من المدرسة على يمينك .. يعني مو فيللا فيللا .. تقدرين تقولين فيللا صغيرة لونها بيج على ابيض .
هزت شادن راسها قالت : انا بروح مع شهد تقدر توصلني ..؟
: ايوه تقدر .. وترى شهد زارتني كذا مرة تلعب مع ولدي سامر وتعرف بيتي زين .. وانتم طالعين خليها توريك اياه .
: ان شاء الله .
..
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
دقات قلبها تسابق خطواتها ..
وبدت رجفه خفيفة تسري بجسدها ..
وسرعة دمها زادت ..
ماتدري خوف ولا شوق وفرح ..
حانت الساعة اللي من اسبوع تنتظرها وتحسب لها الف حساب ..
مرت على فصل ثالث ابتدائي ونادت شهد اللي جات تجري وضمت شادن كأنها تعرفها من سنين .
قالت ببراءة : جدتي تقول تجيني ولا جيتها للمدرسة .
: اليوم بروح انا وانتي لها ها اش رايك ؟
نطت شهد اكثر من مرة قالت : هييييييييييييييييييي يالله بروح اجيب شنطتي ونطلع الحين .
: ههههههههههههههههه لا مو الحين استني باقي لك الحصة الخامسة احضريها واذا خلصتي تعالي للغرفة عندي اطلع معاك اوكي
قالت بقلة حيلة واذعان : طيب .
رجعت شهد لفصلها وشادن توجهت لغرفة المدرسات لقت فيها مريم والعنود .. وسلمى اللي ماتطلع من فصل ثالث الا نادرا لمن يكون عليهم فنية او علوم .
جلست على مكتبها اللي تشاركها فيه نوير وطلعت علبة مكياجها وزبطت مكياج خفيف ومشطت شعرها الناعم الأسود القصير واللي اطول خصلة فيه توصل لأسفل اكتافها .
حطت روج ثابت ومسكرة وقفلت علبة المكياج ورجعتها لشنطتها .
قالت سلمى : خير بتقابلين احد ..؟
: ايوه بروح لبيت جدتي بعد شوي ..!
: ماشاء الله وابو بدر عادي ينزلك عندها . ؟
ضحكت شادن من سلمى قالت : هههههههههههههه لا ماراح اروح مع ابو بدر بروح انا وشهد . !!
: شهد عبدالعزيز اللي سنة ثالث ؟
: ايوه كيف عرفتيها ..
: ماتبغى ذكاء مافي المدرسة شهد الا هي ..!
: اها .
: تقرب لك ؟
: ايوه تصير بنت عمتي اخت ابوي الله يرحمه .
: الله يرحمه .. وانا اقول النعومه والشياكه اللي بشهد اثريها مو طالعه لغريب .. فيها منك نعومه شعرها وسواده بس انتي ابيض منها وملامحك احلى .
: تسلمين ياعمري والله شهودة كلها حلا واحلى مني بسم الله عليها .
: هي حلوة بس مو احلى ولا انعم واشيك منك . يمكن الشمس اللي تطلع فيها كثير اثرت عليها شويه .
ردت شادن وهي تقفل علبة القلوس وتضحك : حياتي ياسلمى .. وين سارة تسمعك كل شوي تقول لي مافيك انوثه وكأنك ولد عشاني مااحط مكياج كثير ومااطول شعري .
: ههههههههههههه لا بالعكس حتى لو ماتحطين مكياج كثير زي بعض البنات بس انتي بسيطه وانيقه .
: تسلمين لي ياسلمى كلك ذوق .
دخلت عليهم شهد قالت : ابلا شادن يالله نمشي .
قامت لها شادن ومسكت يدينها وهي تضحك قالت : ههههههههههههه بدري ياشهودة .
: خلاص خلصت الواجب .. والابلا قالت روحي .
: لا حبيبتي لسه ماخلص الدوام وانا مااقدر اخرج الا بعد مايخلص الدوام . روحي انتظريني واذا خلصت اناديك .
: اذا تأخرت عماد ياخذني ومااروح معاك اوريك بيت جدتي .
: مممممم ورطه بجد اجل بخلي ابلا نوير تروح معاي للمديرة تسمح لي اخرج بدري.
وقفت شادن وشهد ماسكه شنطتها وماعاد فيها تنتظر ..
متحمسة وفرحانه ..
ولو بكيفها مشت في هاللحظة وبهالثانية بس مضطرة تسمع الأوامر والكلام وتصبر ..
اليوم حدث هام بالنسبة لشهد تحس بشي جديد في حياتها ومميز ..
اخيراً صارت وحدة من المدرسات اللي يمثلون لها قدوة واهتمام وحب استطلاع وطموح تقرب لها وقريبة منها .
قد ايش الطفل عالمه حلو ..
مافيه احلى من الفرح على وجهه وفي عيونه ..
وسبحان الله اشياء بسيطه وعادية تدخل البهجه لنفسه ويعيش لحظات غير عادية بالنسبة له .
دخلت ابلا نوير قبل ماتخرج شادن جاية من الادارة ..
قالت لها شادن : ام سامر تروحين معاي لنوف ابي اطلع الحين اخاف ولد عمتي يجي ياخذ شهد اذا تأخرت وانا استحي اروح معاه .
: ممممممممم زين خليني اروح اقول لها والحقيني بعد دقيقه .
: اوكي بجي وراك ..
راحت نوير وكلمت نوف اللي لوت فمها وعقدت حواجبها لمن سمعت نوير تقول ان شادن بتروح لاهلها الحين .
قالت : وليه حضرتها ترسلتس ماجات بنفسها واستأذنت .
ردت نوير اللي تمون على نوف بحكم انهم من اهل القرية ونوير اكبر من نوف واقدم منها في المدرسة .
: البنت بتجيك بس انا حبيت اقول لك قبل تجي خفت تحرجينها بصراحه ولا ترفضين انها تطلع الحين .
رمت القلم من يدها وتأففت قالت : وليه احرجها ولا امنعها تطلع ... نزلت راسها وطالعت بالاوراق اللي قدامها قالت : الدوام اصلاً خلص ماباقي شي وهي مو مناوبه اليوم اذا بتروح عادي .
دخلت شادن وسلمت وغمزت لها نوير وهي تبتسم يعني اوكي .
قالت شادن : بعد اذنك ابلا نوف .....
قاطعتها نوف وهي تكتب ومارفعت راسها قالت : ايوه ايوه قالت لي نوير اذا تبين تروحين روحي .
ابتسمت شادن قالت : مشكورة .
وطلعت من دون ماتسمع رد نوف عليها
قالت : شهد يالله امشي .
طلعت مع شهد موجهتها ودليلها في القرية ولبيت جدتها ..
اول مرة تطلع من المدرسه وتتجاوز سيارة ابو بدر بعد مامرتها واخذت شنطة ملابسها منها . ..
وأول مرة تمشي في مكان ماتعرفه من دون امها ولا نايف او سارة ..
وأول مرة تروح لمكان كل مشاعرها تنصب تجاهه بالرغم انا تجهله وماتعرفه .
قلق ، خوف ، ارتباك ، فرح وشوق واحساس بالحنين لريحة الغالي (ابوها ) وحب استطلاع ورغبة في معرفة اهله والبيئة اللي تربى فيها ...
وبنفسها " الله يرحمك ياابوي تمنيتك معاي بهاللحظة اللي اكيد راح تسعدك "
اشوا ان الجو حلو ومو حر ..
ولا كان تحترق وهي تمشي على رجولها في عز الظهر ..
من اربعه ايام والغيوم متلبده بالسما وحاجبة الشمس كل يوم تقول ان فيه احتمال ان المطر ينزل ..
شافت البيت اللي وصفته لها نوير وسألت شهد عنه واكدت لها انه بيت ابلا نوير .
غاصت رجلها في رمل يستخدم في بناء بيت جديد قالت شهد بحماس : ابلا ابلا شوفي هذا بيتنا .. امي قالت لابوي يسوي لنا مثل بيت عماد .. حلو صح ؟
كانت تتعثر بمشيتها على عكس شهد اللي تعودت على المشي في الرمل وأرضية القرية اللي تميل للصحراوية اكثر من الجبلية ..
قالت : لسه ماخلص بس ان شاء الله يصير حلو .
: تعالي تفرجي عليه معاي .
: لا حبيبتي مو الحين بعدين اجي معاك ونشوفه بس الحين مااقدر
: طيب .
مشت بوسط الحارة ومرت بجنب البيوت اللي بعض شبابيكها مفتوحه .. شافت وحده تطل من الشباك ونادت شهد بصوت عالي .
: شههههد .
ردت شهد : نعععععم .
وبأريحيه تكلمت الحرمة وكأن كل اللي يسمعونها من الجيران والمارة يقربون لها ومن العايلة
قالت : هذي من اللي معك ؟
: هذي ابلا شادن جات بتسلم على جدتي .
: والله ..؟ خليها تتفضل حياها الله .
طالعت شادن وحست باحراج فظيع ..
قالت بصوت هادي : شهد ليه تتكلمين ؟ امشي بسرعه .
تكلمت شهد وببراءة : هذي صالحه ام جواهر وغالية جارة عمتي جميلة .
ضحكت شادن لأنها تحس نفسها غريبة بين اهل ومعارف شهد اللي حافظة تقريباً اهل القرية كلهم على صغر سنها ...
قالت : طيب امشي بسرعه ولا تطالعين في الناس ولا تردين على احد .
سمعت الحرمه تقول : تعالوا بفتح لكم الباب .
قالت شادن لشهد : شهد قولي مرة ثانية ان شاء الله الحين مانقدر .
ردت شهد بصوت عالي : ابلا شادن تقول مرة ثانية لأن الحين مانقدر
ردت الحرمه : اجل على راحتكم .
مشت شادن بسرعه وهي لازالت تتعثر في الرمل وعبايتها باين انها غبرت .. المهم متى توصل بس ..
خلاص كل اهل الحي عرفوا انها رايحه لجدتها لأنهم تقريباً كلهم فاتحين الشبابيك ويطالعون برا عادي .
: ابلا ابلا هذا بيت جدتي شوفي
الحمد لله اخيراً جاها الفرج ..
طالعت شادن وهي تقدم خطوة وتأخر الثانية ..
ياربي كيف بيكون استقبال جدتها لها ..
اذا جدتها حبتها اكيد الباقين راح يتقبلونها ..
واذا العكس مالها قعده هنا لو دقيقه وحده ..
تذكرت ان بيت ابلا نوير قريب وقت الطواريء وهو اول بيت ومكان راح تلجأ له اذا احتاج الأمر .
قالت شهد .. : ابلا شفتيها ؟
: شو ياعمري آسفه ماسمعتك !
: اقول لك شوفي سيارات عماد !
التفتت شادن لكراش السيارات اللي بجنب الفيللا قالت : شفتها ماشاء الله عليها حلوة .
كانت سيارتين وحده فخمه لونها فضي .. والثانية كامري وبيضا وشكلها حقت مشاوير عادية لداخل القرية ..
: باقي الجيب تلاقين عماد راح عليه .
: طيب شهد دقي الباب .
دقت شهد البوابه بيدها وركلتها برجلها ..
قالت شادن : دقي الجرس .
: مايشتغل الحين عشان الكهرباء طافيه الحين .
شهقت شادن وارتعبت لمجرد احساسها انها بتجلس هنا في الحر بدون تكييف او نور . قالت : ومتى يشتغل ..؟
شهد بعفوية : يشتغل من العصر اليييييييييييين الصباح بعدين يطفي الييييييين العصر .
قطعت الشغاله اللي فتحت البوابه كلامهم وزاد توتر شادن بنبضات متسارعه ورعشة اوصالها ..!
دخلت شهد قبلها تجري وهي تنادي امها بصوت عالي ..
اما هي متردده تدخل ولا تنتظر لين احد يدخلها ..
ماانتظرت كثير الا جات حرمة في منتصف العشرينات لابسه جلابية عادية ولامه شعرها ورى وهي ترحب وتهلي
: ياهلا والله ومرحبا . . ياربي تحيي شادن اللي ماقد شفناها ..
قالت بحرج مخالطه فرح : هلا والله الله يسلمك .
سلمت عليها بحرارة قالت : تفضلي حبيبتي ادخلي امي تنتظرك على جمر .
دخلت شادن ورى الحرمة اللي عرفت انها عمتها فوزية ام شهد
لأن شهد جات معاها وهي تقول بفخر : ماما شوفي هذي ابلا شادن انا انا اللي جبتها للبيت ..
نزلت غاطاها وتركت طرحتها زي ماهي لافتها على شعرها وقلبها يغمره احساس غريب .." ريحة ابوي .. اهل ابوي .. ناس ابوي ... يارب طلبتك عساهم يكونون احسن من اخوان امي ... "
طالعت المكان من داخل البيت يوحي ببساطه وجمال بوقت واحد ..
والألوان هادية ومريحه ومو متكلفه ..!
مايفرق كثير عن بيتهم الا ان هذا باين انه جديد والوانه احلى من الوان بيتهم .
وتردد السؤال نفسه لمن شافت البيت هذا اول مرة من برا ..
" ليه اللي بناه يحطه هنا بقرية تنقصها الاف الخدمات ونائية عن الدنيا كلها مافيها شوية غنم وجمال ومدرسة ابتدائية وكم بيت شعبي "
مشت كم خطوة للصالة الثانية والصغيرة واللي مصممه على شكل مجلس عربي .. جلسه من النوع الأنيق والبسيط توحي بالتراث والباديه ...
سمعت صوت اقتحم مشاعرها وتفكيرها واحلامها وأمنياتها .. واستقر بالقلب والخلايا والدم ..
..صوت مخنوق
وهلا ومرحبا تتخللها شهقات انسان كبير اجحفته الدنيا وحرمته من انسان غالي وجرح فراقه وبعده لايمكن تدمله السنين والايام ..
الفرحة تكسر وتجبر بوقت واحد ..
وتناقضات المشاعر مابين السعادة وتحقيق الحلم بشوفة بنت ولدها .. والحزن العميق بذكرى الغالي الراحل ..!
تقدمت خطوة تدور على صاحبة الصوت
.. استقرت عيونها عليها وشافتها ..
حرمه كبيرة جالسه على الأرض بجنبها عصا عشان تتركى عليها .. وهي تحاول تقاوم العجز والكبر ووجع الركب والروماتيزم وتقوم لبنت ولدها اللي حرمها منه عناده وعناد ابوه والزمن ..
اسرعت شادن لعندها ..
سلمت عليها وهي جالسه ..
باست راسها ويدينها وراسها مرة ثانية ..
ماكفاها الا لمن رمت نفسها بحضنها ودموعها تغسل كل اوجاعها وهمومها وحزنها في حضن ام الغالي ..
الأمن والأمان والحنان والقوة اللي تحتاجها ..
باست راسها من جديد وهي تقول : سامحينا ياجدتي ماكنا عارفين كيف نوصل لك .
الجدة ماتقدر على التعبير في هاللحظة .. دموعها كانت خير تعبير واقوى دليل على فرحتها بشوفة بنت الغالي ..
وبنفس الوقت تجددت الجروح اللي اصلاً ماالتئمت للحين .
قربت فوزية من امها قالت : يمه الله يهداك هذا استقبال .. الحين الدموع ليه والمفروض تفرحين بشادن وجيتها لنا ..؟
هزت راسها الجدة وهي تضم شادن لصدرها : دموع الوله والفرح بشوفتها .
سحبت فوزية شادن قالت : روحي غسلي ياشادن وتعالي تقهوي وعطينا اخبارك ترى لنا عليك حق ..
ابتسمت شادن ووخرت نفسها عن جدتها شويه ووقفت بتروح تغسل وترجع لهم مروقة شوي ..
مدت عليها فوزية فنجال القهوة .. وسمعوا صوت عماد يسولف مع شهد عند الباب ..
فزت شادن من مكانها ووقفت وهي تحط طرحتها على راسها قالت فوزية : ماراح يجي اكيد شهد قالت له انك هنا ..
نادى عماد فوزية وطلعت له ..
قال : سويتي غدا ولا اغدي بنت اخوك ..؟
: امي تقول مو اليوم عشان تبي تجمع اخواني كلهم والوقت الحين تأخر .
: زين اجل انا بطلع اتغدى عند فواز عازمني . تبون شي قبل لاامشي .
: لاسلامتك سلم لي على فواز وخله يمر علينا اليوم ..
عطاها ظهره وقفل الباب وراه ورجعت فوزية تكمل حديثها الشيق مع بنت اخوها .. بحب استطلاع لاكتشافها والتعمق في معرفة الكثير عنها .. لأن البعد والسنين اللي راحت كفيلة بأنها تشوقها لها اكثر وتحمسها للقرب منها ..!
احداث اقوى ..
وشخصيات جديدة ستدخل بهدوء او قوة ..
--------------------------------------------------------------------------------
وفتحت السماءُ ابوابها //
فصلٌ خامس ...!
*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛*؛
بعد ماصلت العصر اخذتها فوزية لغرفتها اللي جهزوها لها من يوم عرفوا انها استقرت بمدرسة الأجواد .
الغرفه كبيرة واكبر من غرفتها في بيتهم ..فيها سرير عادي وانيق ..
مخداته ومفرشه ناعمين بألوان موف ووردي ..
دخلت الحمام المشترك بين غرفتها وغرفة عمتها ..
واخذت لها شور سريع وطلعت لبست بيجامه جابتها معاها بنطلون اصفر طويل وبلوزة كم طويل لونها ابيض ومخططه بالأصفر خطوط عريضة ..
جففت شعرها ومشطته وقررت تنام لها ساعتين طالما الكهرباء اشتغلت ..
الساعات اللي قضتها مع جدتها وعمتها كانت حارة ..
سواء حرارة المشاعرة .. او حرارة جو البيت بدون التكييف اللي تعودت عليه ..
تقلبت بسريرها والنوم ابعد مايكون عنها ..
المكان غريب عليها وصعب تتأقلم عليه بسهولة ..
مرت الساعتين وهي تفكر بخالها ومواجهة امها له اليوم ..
وصالح اللي من بعد حادثة هذيك الليلة ماشافته .. ولاتدري عنه ..
تخيلت وجهه وهو يدري ان لها اهل .
لها عم وولد عم .. وولد خاله ..!
وعندها جدتها اللي استشفت من جلستها معاها قوتها ودفاعها عن حقها وصعب مراسها اذا احد داس لها على طرف ..
لها سند ومن بيقف في وجهه ويمكن يرتكب فيه جريمة ان درى ان عمايله معها ..!
تنفست بعمق وابتسمت لاحساسها بنشوة الانتصار وانها ودعت الضعف والخوف من صالح وخالها ...
ماانتبهت للوقت اللي مر عليها الا لمن فزت بمكانها وهي تسمع صوت شهد اللي دقت عليها تقول : ابلا شادن ماما تقول اذا انتي صاحيه انزلي تقهوي معانا .
باست شهد على خدها قالت : ايوه ياعمري صاحية ومانمت .
قامت توضت وصلت وفتحت الباب لفوزية اللي دقت عليها تقول انها طولت بنومها وهم مشتاقين لها ..
ابتسمت لها وشافت فوزية تطالعها وتضحك قالت بمرح : انتبهي لاتنزلين عند امي ببيجامتك ثم تذبحك .
طالعت في لبسها وفتحت عيونها قالت : ها..؟ ليه ..؟
: هههههههههههههههههههه امي تقول ماعندنا بنات يلبسون بناطيل .
: اها ... ههههههههههههههههههه اشوا فجعتيني بس عشان البنطلون .. فيه ناس كثير مايحبونه .
: عاد امي متشددة بزياده انا مستحيل البس عندها الا قمصان عادية وجلابيات .. حتى التنورة فيها كلام عندها .
رفعت شادن حواجبها ولوت فمها قالت : لو دريت جبت معاي شي يعجبها .. ماجبت الا تنانير وبناطيل وبلايز .
: التنانير احتمال تعديها .. اهم شي القصير والبنطلون هذي محرمه شرعاً وقانوناً عند امي .
: ههههههههههههههههههههه اجل خلاص ببدل الحين البس تنورة وبلوزة واجي وراك .
: اذا تبغين جلابيه جبت لك .
: ممممم اوكي نلبس جلابيه ..
: طيب انتظريني دقايق واجيبها لك .
نزلت بعد ربع ساعه مع فوزية وهي لابسه جلابية فوزية وشكلها واسعه وطويلة شوية عليها بس ماشي حالها مثل ماقالت شادن ..
راحت لجدتها سلمت على راسها وجلست بجنبها والثانيه قعدت تسولف لها عن ايام زمان وحكاياتها مع عيالها ..
احياناً تبكي وتبكِّي البنات واحيانا تبتسم من ذكرياتهم ..
قررت شادن تمارس حقها الطبيعي مع جدتها وتحقق الأمنية اللي من صغرها تحلم فيها ..
حطت راسها على فخذ جدتها وتمددت وهي تتخيل لو امها معاها ونايف يسولف معاهم هنا ..
زفرت بآهه مكبوته وموجعه ..
وشلون يجتمعون وهم مشتتين ..
كل منهم في ارض ومكان محد يتمناه ..
الام مكلومة وموجوعه واكيد ان حربها مع اخوها بدت ..
والاخو محبوس ويده ممنوعه عن الدفاع عنها وعن امها ومحجوب بينه وبينهم ...
نزلت دمعه صامته من شادن وجدتها تدلك في شعرها وتخاصمها ليه تقصه ..
وان الحرمة تاجها هو شعرها وزينها وزينتها في شعرها واللي تقص شعرها مالها طله ولا فيها زين ولا قََـَبْلـَة ..
مست اصابعها دمعة شادن اللي نزلت منها ومتوجهه لاذنها وخلف رقبتها ..
وبسرعه شالت يدها تحسباً لعدم احراجها وتأجيل للمسائله والتحقيق ..
بس مافاتها انها تسألها لمن قامت فوزية تشوف العشا وتشرف عليه ..
: علميني ياشادن وش صاير عليكم ..؟ اخوتس ( اخوك ) فيه شي ..؟ امتس ( امك ) وش وضعها ..؟
همست شادن بصوت مخنوق : مافيهم الا العافية ياجدتي ..!
: مهوب ا نا اللي تلعبين عليه بهالكلمتين انا من يوم شفتس وسألتتس عن اهلتس عرفت من وجهتس ان فيهم شي .
نزلت دموع شادن اكثر ومسحتها ام ناصر باطراف اصابعها قالت : لاتنزل دمعتس وراسي حيٍ لتس ( لك )
جلست شادن وترقبت المكان بنظراتها وتطمنت ان محد حولها ..
قالت : بقولك ياجدة على اللي يصير لنا .. اصلاً لازم اقول لكم .. انتم اهلنا ومالنا غيركم ..
وانا ... انا ...
وانخرطت في بكاء مرير ..
هدتها جدتها وهي تقول : اذكري الله يابنتي والله محد يضركم من يوم عرفت طريقكم وانا ام ناصر .. علميني يابنيتي بدال الدموع اللي ماتسوي شي ..
سحبت لها منديل ومسحت به دموعها الغزيرة ..
قالت وهي تشهق بصوت واطي : ابي احد يوقف معانا ياجدتي .. من اول ماشفتك حسيت ان عز ابوي رجع لي ومحد راح يأذينا ..
وبصوت قوي يحاول يخفي وراه اللوعه ردت ام ناصر
: علميني وش اللي قاهرتس ( قاهرك ) الله يقهره دنيا وآخره ..
ضغطت على اصابع يدينها اليسار بإبهام وسبابة يمينها بتوتر قالت
: امي تزوجت واحد مايعرف ربه لاوظيفه ولا دين ولا اخلاق ..
: افااااا ياذا العلم ... هذا عوض خالد ..!!!
: هذا عوض ابوي ياجدتي ... بهذلنا انا ونايف وخلا حياتنا جحيم ..
: انا سمعت ان اخوها غاصبها عليه وارسلت ناصر يدوركم ويجيبكم لي .. لكنه رجع لي يقول انكم نقلتوا وبعتوا بيت خالد ..
سكتت الجدة ثواني واخذت نفس عميق وكلمت : والله يابنيتي لولا خوفنا من ربنا كان بلغنا الشرطه واخذناكم غصب بس خفنا نقطع قلب امتس عليكم .. يسد حزنها على ابوتس الله يرحمه .. سمعت انها حزنت عليه وبغت تلحقه .
تنهدت شادن وهي تشوف موقف جدتها ناحية امها وتعاطفها معاها
قالت بارتياح نوعا ما ..
: صادقة ياجدتي امي مرضت بعد وفاة ابوي الله يرحمه وحزنت عليه سنتين بس خالي محمد انسان جشع مايهمه غير نفسه . زوَّجها صالح وقلب نعيمنا جحيم .. حط راسه براس نايف وانا يضايقني بالرايحه والجاية وجنى على بنته اول لمن حملت فيها امي وهو مدمن كحول ومخدرات وجات معاقه .. ثم لمن جا قبل شهر تقريبا وركلها برجله طاحت ندى على راسها وجاها نزيف في المخ وتوفت بعده على طول.
وبحمية القريب الغيور صفقت بكف على كف قالت : لاحوول ولاقوة الا بالله حسبي الله ونعم الوكيل على الظالم ... وامتس عسى حالها اشوا ؟
: امي صابرة وتصبر وتتحمل ..
علمها صالح الصبر من يوم تزوجته وهي صابرة بس اللي يقهرها عمايله فيني انا ونايف وكل الباقي يهون عند امي .
: وش هو مسوي لتس انتي ونايف عساه للبلا ..
سردت لها شادن كل اللي يسويه صالح بالتفصيل الممل ..
والجده تتوجع بداخلها وتحاول تظهر صلابتها وتحملها قالت بقوة وتماسك ..
: افاااااا نايف مسجون... والله مايطول سجنه وانا ام ناصر محييني ربي .
حاولت شادن تتماسك ولاتنزل دموعها ..
لابد تتعلم من هالاسطورة .. بدل ماتضعف وتستسلم لمشاعرها وضعفها ..!
رغم اوجاعها .. وفقدها للزوج .. وقبلها وفاة بنتها بعز شبابها بعد ماجابت عماد وتركته لحمة طرية في يدها .. ثم وفاة الولد الغالي اللي حرمها الزمن شوفته .. وغياب احمد آخر العنقود عنها بالسنة والسنتين لأن شغله يفرض عليه البعد ..!
مع هذا كله صامده بكل قوة ..!
تأملت الجدة القوية وهي تحاول تهب وتوقف في وجه كل من يضرهم ..
هي فعلاً محتاجه هالقوة اللي توقف بوجه خالها من زمان ..
محتاجة السند اللي يحيي الأمل بداخلها ويعيشها بسكينه وامن واطمئنان وامان ..
تحتاج العزة والقوة اللي شافتها اليوم وجدتها تستميت ولحد يمسهم بأذى ..
حتى امهم الغريبة اللي ماعرفتها ولا قد شافتها حست بضعفها ورحمتها ..
واخوها اللي هو اخوها ضامها وقهرها ولا فكر بضعفها وحاجتها له ..
اليوم بس لقت ضالتها اللي تدور عليها من وفاة ابوها ..
فزت وهي بعمق افكارها لمن سمعت صوت رجال برا ..
ووصلها صوته وهو يقول لفوزية اللي واقفه عنده ..
: طلعيها لي ابي اشوفها وامسي عليها بالخير .
دخلت فوزية وهي تضحك قالت : يمه اطلعي له يقول انه من الصبح ماشافك .
اخذت ام ناصر عصاها قالت لشادن :هذا عماد ولد خالتس شريفه الله يرحمها ولايحرني عليه ..
التفتت على فوزية قالت : قوميني يافوزية خليني اروح له .
مدت فوزية يدها لامها ووقفتها وراحت تمشي طالعه من مجلس الحريم لولد بنتها اللي تغليه اكثر من عيالها ..
وشدان بوسط استغرابها من طريقة نطق جدتها للاسم اللي مكانه بهالقرية تحسه غلط خاصة ان اغلب اسماؤهم قديمه اذا مو كلها ..
عْمَاد ( بتسكين العين وفتح الميم ) .
ابتسمت على طريقة جدتها وحمدت ربها ان اسمها ينطق مثل ماهو بكل مكان ولو ان فيه ناس كثير تستنكره وتجهل معناه .
,,,
وصلت ام ناصر لولد بنتها اللي بادرها بالسلام و: مساتس الله بالخير يالغاليه .
ردت عليه : مسا النور والسرور .. تعال لحجرتي ابيك بسالفه .
مسك يدها ومشت معه لغرفتها ..
تبي تبثه همومها قبل لاتثقلها اكثر ..
تبيه يشيلها لأنه قد الحمل .. وهي اللي تعرفه زين رجال قد الصعاب وياما جربته بمواقف آخرها شوفة شادن اللي سعى فيها وتسبب لها ..
جلست بمساعدته وجلس بجنبها . .
نزل شماغه وطاقيته بجنبه ..
قال : عسى ماشر ..؟
اخذت الجدة الوجوعه نفس عميق عله يطفي من نار القهر بداخلها قالت
: الا الشر بعينه وعلمه .
: افااا .. عسى ماقالت لتس بنت ولدتس شي كدر عليتس ...
: قالت اللي مايسر وانا امك ..
سردت له كل اللي قالته شادن ..
خالها وصالح .. وسالفة نايف اللي هي همها ووجعها ..!
وهو بوسط ذهول من هالناس اللي ماتخاف الله ولاترحم اليتيم والمسكين ..
قال بثقة وهو يطمنها ويحط يده على يدها اللي جعدها الزمن والعمر
: ريحي بالتس يالغالية ولاتشيلين هم .. ازهلي الموضوع ومالتس الا من يرضيتس ويطمن قلبتس .
انكسر الشموخ وتخلخلت القوة وسقطت الدمعه اللي اذا شافها تمنى يموت الف مرة وترجع بمكانها ..
قالت بصوت متهدج ويرتعد : هذا ولد خالد ياعماد ...
قاطعها بانفعال مكبوت وتعصب لدمعة جدته قبل كل شي
: انا ماقلت ابشري باللي تبين .. دمعتس لاتنزل الله يخليتس لي .
رفعت راسها بشموخ قالت : وبنت خالك مالها مقعاد مع رجل امها .. ابيها تقعد عندي .
هذا اللي ماحسب حسابه ..
وهذا آخر شي يتمناه ..
يعني بتقعد معه وفي بيته ..
لمتى طيب ..؟
دايماً ..؟
وهو اللي شايل هم اليومين اللي بتجلسها عندهم ..
فز على حيله ووقف قال : يصير خير يصير خير المهم انتي لاتفكرين بهالموضوع وكلها ايام ويجي نايف لحد البيت هنا وتشوفينه وتقرين عينتس فيه ....
تنفست ام ناصر باطمئنان قالت : ياجعلني اقر عيني بعيالك .
ابتسم والهم ماخذ طريقه لقلبه وهو حاس انه راح يبدا حرب شعواء مع القلق والنقاش الحاد مع جدته ..
قال : زين يالغاليه انا تعبان ودي اروح انام صاحي من صلاة الفجر .. يالله تامرين على شي .
: ياوليدي تعشى قبل لاترقد .
: ماني مشتهي شي والله ابي الفراش حيلي منهد في هالمزرعه من صباح ربي .. يالله تصبحين على خير .
: تلقى الخير يمه .
طلع من عندها ونادى شهد بصوت عالي ينبه بمروره للصاله وطلع فوق متوجه لغرفته ..
؛؛؛
كملت شادن الجلسة مع جدتها وعمتها بعد مارفضت انهم يسوون لها عشا رسمي ..
وبعد العشا الخفيف قامت فوق مع عمتها فوزية اللي جاية تقضي عندهم فترة لحد مايخلص بيتها ..
دخلت لغرفتها وفتحت الستارة ..
تحس نفسها فوق وتطل على كل بيوت القرية الشعبيه ..
تأملتها .. كلها مظلمه اكيد الناس هنا ينامون بدري ..
ساورها شعور بالرغبه انها تشوف الفجرهنا وتراقب حركات الناس من اول مايصحون . .!!
تذكرت بيتهم مرة صعب انها تفتح الشباك في الليل وحتى لو طلت منه الجو رطوبة وكل بيت بجنبه بيت لدرجه انها احيانا تحس باختناق . . .
سكرت الستارة ورجعت تنام ..
ارتاحت بعد كلام جدتها وحست باطمئنان مو ناقصها هنا غير امها ونايف بس ان شاء الله ربي يفرجها عليهم ويجتمعون قريب وهم آمنين مطمئنين .
حطت راسها على سريرها وداهمها النوم بود وحنان .. وكأنه يرحب فيها ويهلي بها في هالمكان الآمن ..
***
دق الباب بقوة وبعنف ..
وراحت عزيزة تفتح ..
ماخاب توقعها وظنها لمن فتحت الباب وشافت وجه اخوها اللي ربطته بكل المآسي اللي تمر فيها ..
: ادخل يانادر ..
قاله محمد بنبرة عدم رضا عن ولده .. وهو يسبقه لداخل البيت ..
سلم على اخته ببرود قال : صالح فيه ولا لا ..؟
ردت ام نايف ببرود وهي تكتف يدينها : لا مو فيه لي كم يوم ماشفته .
طالعها بعتب ولوم وزم شفايفه قال : مللتي الرجال من البيت .. طفشتيه وكرهتيه بالسكن عندك .
: فكة منه الله لايرده ..
: الحين بتظلين على الباب ماتبين تدخلينا ..
: تفضلوا الله يحييكم .. طالعت في نادر اللي ماتكلم وعيونه في الارض وعاقد حواجبه ..
قالت : كيفك يانادر ..؟
طالعها وهومغلوب على امره وسلم على راسها قال : بخير ياعمتي انتي كيفك ..؟
: بخير الحمد لله .
دخلوا في المجلس وكلٍ اخذ مكانه ..
قال ابو نادر بلهجة آمرة ومافيها مجال لأي نقاش ..
: نادي بنتك نادر يبي يشوفها ..وبسخريه اردف : نظرة شرعيه .
ردت عزيزة بهدوء : الله يهديك يامحمد .. اخوها مسجون وانت جاي تبي تملك اصبر الين يطلع نايف .
: لا والف لا .. ان طلع نايف ماوافق وبيخرب شغلنا كله .. خلينا نخلص قبل لايطلع .
التفتت عزيزة على نادر اللي يطالع بساعته وشكله مل من الجلسه من بدايتها قالت : ها يانادر عساك توظفت .
ابتسم لها وتلحلح بجلسته قال : مايحتاج اتوظف الوالد مو مقصر علي بشي .
: وبكرة بتفتح بيت تبي الوالد يصرف عليك ؟ .
قاطعها محمد : حرمته موظفه وابوه الله معطيه بعدين نادر مالقى وظيفة تناسبه .. الحين الوظايف تبغى لها شهادات وهو شهادته ابتدائية ماتوظف احد .
: طيب ليه انت ماتفتح له محل ولا تسوي له مشروع يشغل نفسه فيه بدل السفر والفراغ .
فز نادر من مكانه قال : اوووه يالله يايبه شكل عمتي ماتبيني لبنتها قايل لك من الاول لاتجبرني عليها ولا تجبرها عليّ ..
وقف ابوه وهزه لحد ماجلس وصرخ بوجهه : انت لاتتكلم الا اذا قلت لك فاهم ولا لا ..
التفت لعزيزة قال : بنتك وين ناديها نادر مشترط علي انه اول يشوفها .
ردت عزيزة بكل برود : بنتي مو هنا ..؟
: وين ذلفت ..؟
: عند اهلها ..!
: اييييش .. ومن اهلها ان شاء الله .
: راحت لبيت جدتها وبتسكن عندهم .
وقف نادر من جديد وكأن حمل انزاح من على قلبه لأنه يدري ان شادن تكرهه من صغرهم ومستحيل يتفق هو وياها .. ومايبغى يدخل راسه بمشاكل وقلق هو في غنى عنهم .
قال : يالله يبه انا سويت اللي علي وجيت معاك خلني ارجع للعيال موعدهم نطلع لابحر ..
انسحب من المجلس قبل مايسمع رد ابوه وبدا محمد الموشح اللي اعتادته عزيزة منه تهديد ووعيد ودعاء وسب وسخط .. وأخيراً اطلق اليمين اللي هز عزيزة وزعزع قلبها من مكانه
: والله ثم والله ياعزيزة مايطلع نايف لين املك لشادن على نادر .. ولا والله لاخليه يعمر بالسجن ولا راح اخلي صالح يتنازل لين اشوفك انتي وبنتك تترجوني اني ازوجها نادر .
تفاجأ الكل بدخول صالح وهو يقول : نادر راح ياخذ شادن ونايف ماراح يطلع من السجن تطمن ياابو نادر ..
وقف محمد ورحب وهلاَّ في صالح اللي ابتسم لنادر قال : شفتها ولا اجيبها لك من شعرها اخليك تشوفها .
شبك نادر يدينه في بعض قال بتوتر : لا تغصبونها على شي اذا ماتبيني حتى انا ماابيها .. يالله ياابوي مشينا .
رد محمد : انت ياصالح الله يهديك ماتدري عن الدنيا البنت شردت وراحت لاهلها .
طالع صالح في عزيزة قال بسخرية : هه أي اهل هذولا لايكون صدقت ان ابو مشاري مثل ابوها .. ؟
: اقول لك راحت لاهلها في ديرتهم .. لعمانها ياصالح ..؟
فتح صالح عيونه على وسع والتفت على عزيزة قال بغضب عارم وصدمه ارجفت اوصاله : ايش ايش ايش .. وليه حضرتها تطلع من دون ماتقول لي .. من سمح لها .. من سمح لها ردي ..
نفض عزيزة وهو يردد : كيف تسمحين لها تطلع من دون مااعرف ..؟
صرخت عزيزة من مسكته قالت : راحت لاهلها بعدين من انت حتى تقول لك مجرد واحد **** يبهذلها بالرايحه والجاية ..
صرخ نادر لاارادياً على الصفعه القوية على وجه عمته واللي اعتادتها وماعادت تستغربها ..
: صااااااالح ..
سحبه ابوه من يده وهو انصاع لابوه ومشى وراه ومحمد يردد : وش يدخلك انت ، وهذا اللي انت فالح فيه .. ليه ماتكلمت لمن قالت انها راحت وشردت منك ..
سكت نادر بلاحول او قوة امام تسلط ابوه واهانته له بالطالعه والنازله .
اما صالح فطلع من البيت وشياطين الانس والجن تتراءى امامه وهو في غضب عارم ..
راحت شادن ونفدت بجلدها منه ..
والله يسترمن اللي وراها اذا قالت لهم على اللي يسويه لها ..
هذا همه .. واللي ماحسب حسابه ..
ماصدق يفتك من نايف يطلعون اهل واعمام نفث بأخخخخخخخ وهو يضرب بقبضته على الطارة بقوته .. والله يستر بس الله يستر ..
..
جلست بمكانها وهي تتحسس الكف اللي راح يعلم مثل اللي قبله وقبله وقبله .. وبيترك علامات كثيرة سواء في الوجه لأثر اصابعه ولا في القلب لأثر وجعه .. !
..: ( اللهم فارج الهم وكاشف الغم ومجيب دعوة المضطرين رحمن الدنيا والآخرة و رحيمهما أنت ترحمني فارحمني برحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك )..
نفثتها من قلبها وارسلتها للسماء تستغيث اللي بيده الفرج وعلى يده النصر والنصرة لعل وعسى انه يستجيبها ويحميها من مكائد وشر اخوها وزوجها المزعوم .. ويرد لها ضناها ويستر على بنتها قطعة قلبها ..
***
جالس الصباح مع جدته يتقهوى والريموت في يده يتنقل من قناة اخبارية لدينيه لاقتصادية .
قالت جدته وهي تلاحظ توتره قالت : ياوليدي خلنا نشوف الشيخ لاتغيره .
انتبه لجدته ورجع للقناة اللي قبل وتركها على الشيخ اللي يلقي محاضرة دينيه ..
قال وهو يشوف شهد تنزل من فوق وعيونها منفخه : ياهلا بالمزيونه تعالي تعالي .
ردت شهد قالت : عماد ودني للبقالة ماما عيت تخليني اروح مع سامر امس ..
: تعالي تعالي .. جات عنده ولف يده عليها وجلسها على فخده وقعد يمسد لها شعرها قال : وسامر هذا اللي ازعجتينا فيه ماعنده غير هالبقاله عز الله مااغنى البقاله غيره .
ردت شهد : انا ابغى اشتري لابلا شادن شيبس هي تحب الشيبس ..
تذكر كلام جدته وجلستها عنده في البيت ..
جلس شهد بجنبه .. وصب لنفسه فنجال قهوة قال : اها يعني ماتبين تروحين عشانك انتي ..
: تكفى عماد ابغى اشتري لابلا شادن لأني احبها ..
ردت ام ناصر بخبث وهي تبتسم : فيه احدٍ يعرف شادن وماحبها .. الله يسلمها عقل وثقل وملح وزين ..
تنحنح عماد وعدل جلسته بخوف وقلق من جدته قال : يالله ياشهد قومي البسي بسرعه عشان نروح للبقاله ولاتراني مشيت وخليتك ..
وقفت شهد وراحت تجري فوق بنشاط وحيوية عكس حالها لمن نزلت ..
تكلمت ام ناصر وكأن الوضع حلا لها واعجبها قالت : ياوليدي بنت خالد مسيكينه ماابيها تروح لرجل امها .. ومالها غيرنا .. انت يرضيك انها تروح لواحدن يبلشها وناشب لها في الروحة والجية .. ماترضاها انت .
قاطعها بسرعه وهو يشرب فنجاله ويصب له ثاني : يابنت الحلال مايرضني وماني ساكت له ووالله اللي خلقني مااخليها له ولاخذ حق عيال ولدتس لاتحسبيني راضي .. واذا على روحتها لبيت امها لاتروح .. اللي تبينه يصير وهذا البيت وش كبره خليها تقعد وتداوم من هنا ..
وانا اطلع للملحق اللي برا ازينه واسكن فيه .
: والله مايقوله الله .. تسكن برا وهذا بيتك .. ؟ انت اقعد في بيتك وهي بنت خالك مهيب غريبة ..
وقف على حيله بيهرب من بقية النقاش وجدته شكله مبيته النية لأمر مايسره ولا يرضيه .. قال بصوت عالي بدون تفكير : يالله ياشااااادن مشينا ..
طالع بجدته اللي ابتسمت واردف بقهر : لاحووووووووووول ولا قوووووة الا بالله الله هذي ين اشغلتني الله لايشغلنا الا بطاعته .
اتسعت ابتسامة ام ناصر قالت بتفاؤل : قاله الله وانا امك قاله الله .
زفر بأأوف مكبوته قال بضيق : وش اللي قاله الله .. الله يخليتس لي بس .. ورفع صوته يالله ياشهههههد تراني مشيت .
نزلت شهد تجري وصندلها في يدها قالت : لاتروح انا جيت .
تحسس جيوبه ، مفاتيحه ومحفظته واغراضه كلها موجوده ..
مسك يد شهد وطلع وهي تنط من الفرح بأنها راح تجيب لشادن شي تحبه ..
نزلت شادن من فوق بعد ماتأكدت من الشغاله ان عماد خرج ..
اخذت جلال فوزية وحطته على شعرها تحسباً اذا عماد رجع ولا دخل عليهم احد ..
سلمت على جدتها وصبحتها بالخير وجلست بجنبها ..
قالت ام ناصر : مسرعتس تقومين ..
ردت وهي تزبط الجلال على راسها وتلفه : الحمد لله شبعت نوم ياجدتي .. البارحه نايمه بدري واصلاً انا متعودة اصحى من الساعه اثنين قبل الفجر..
: الله عانتس وانا امتس اشوا انتس جيتي عندي وافتكيتي من عنا المشوار .
: الحمد لله .. جدتي .
: يالبيه
: ابغى اسألك ..
: وشو يابنيتي ..؟
: كيف عرفتوا اني في السبيل ومن اللي نقلني .
: عرفت من اخت رجل هلا بنت عمتس ناصر .. بنتها تدرس في السبيل علمت هلا باسمتس وهلا علمتنا .
: طيب نقلتوني ماتدورن انا بنتكم ولا تشابه بالاسماء .
: لا راح عماد وسأل عنتس وجاب اسمتس الكامل وكل علومتس من ملفتس بالوزاره .
فتحت عيونها قالت : الله .. يعني اللي نقلني عماد ..؟
: ايه جابتس عندي .. عماد مايبي من الدنيا شي كثر رضاي عسى الله يرضى عنه دنيا وآخرة .
صبت لها فنجال قهوة قالت : اتذكر ابوي الله يرحمه كان يكلمنا عن عمتي شريفه ودايماً يقول انها اقرب اخواته له .. ودايماً يفكر بعماد يقول ليتني اعرف اش صار عليه .
وبآهه ممزوجه بندم قالت الجدة : الله يسامح اللي حرمني من ابوتس ..!
هزت شادن راسها لمن سمعت صوت جدتها تهدج .. وخافت انها تبكي قالت وهي تغير الموضوع : جدتي شهد فينها ماشفتها بغرفة عمتي ومالها صوت هنا ..؟
: طلعت مع عماد للبقاله .
ابتسمت شادن قالت : شفتي شهد البارحه اش تقول ..؟
: وش قالت لتس ..؟
: تقول والله مانخليك تروحين من بيتنا لو تموتين .
: ههههههههههههههههه وهي صادزة ( صادقه ) ماعاد انتي برايحه من غير شر الا اذا كان زيارة لامتس وترجعين .
حست شادن بغثيان وتذكرت خوف امها من هالوضع وهالقرار ..
بس انقذتها جدتها لمن فهمت عليها وقالت : يابنيتي انا ماابي اجبرتس انتس تجلسين عندي .. هذا ودي ورغبتي لكن اذا تبين العلم الصحيح واللي في صالحتس اسمعي مني واجلسي عندي منها تفتكين من عنا الخط ومنها تفارقين رجل امتس ..
قاطعتها شادن : بس امي ياجدتي ..
: امتس متى مابغيتي تكلمينها كلميها .. هذا عماد معه تلفون يقدر يكلم به ولا يروح لديرة السعد ويكلم منها يقول ان الجوال يشتغل فيها .
: قريبه الديرة هذي ولابعيده ..
: مهيب قريبه لكن تقدرين تروحين لها ان شاء الله .
تذكرت امها وخالها وياترى وش سوى لها قالت بلهفه وخوف
: الله يستر على امي .. الله يستر والله قلبي معورني عليها .
: علامتس وانا امتس وش روعتس ..؟
: تذكرت خالي خايفه انه يسوي لامي شي .. قلت لك ياجدتي البارحه موعد جيته هو وولده ..
: ياخس هالرجال يبي يغصبتس مثل ماغصب امتس .
: انتي ما تعرفينه ياجدتي ..؟
: الله يخسه من رجال .. الا يعرفه ناصر ولدي وعلمني عنه .... يقول يوم جاه بعد وفاة خالد الله يرحمه ماقدره وحتى ماعزمه ولا رحب فيه ماتسنه ( كأنه ) اخو نسيبه .
: خالي الله يهديه ..
قاطعتها الجدة وهي تحاول تبث بداخلها الطمأنينة : ماعليتس منه هو والثاني عماد توعدهم يوم علمته .
: ياجدتي لاتخلين عماد يروح لهم ترى شرهم يطاله ماتدرين كيف يفكرون .
ابتسمت الجده بثقه قالت : لاااااا يخسون عن ولدي .. محد يقدر يضره غير ربه .. ماتعرفينه انتي .. وان الله احياني ذكرتس ليا شفتي بعينتس وش يبي يسوي فيهم .
وكأن جدتها سكبت على روحها العطشى ماء زلال اسقى الجفاف وارواه ..
تنفست بارتياح وطمأنينه كانت محتاجتها من سنين ..
قالت : الله يخليك لنا ياجدتي .. تدرين اني بخوف من بعد وفاة ابوي الله يرحمه وماحسيت بالاطمئنان الا وانا عندك .
: ماعاد فيه خوف وانتي عند اهلتس وانا جدتس . وهذا عماد ولد عمتس يبي يقف معتس انتي واخوتس البارح اوعدني انه يقر عيني بنايف .
دخلت شهد تجري من برا قالت وهي تحط يدها على قلبها وتتنهد بارتياح وبقوة : اشوا حسبتك رجعتي لامك وتركتينا .
ضحكت شادن وفتحت لها يدينها وجات شهد تجري حضنتها وباستها على خدودها قالت : اصلاً انا اذا ابغى اروح لازم اقول لك واستأذن منك لأنك اللي جبتيني هنا ولا نسيتي ..؟
: لا مانسيت . بس عماد يقول روحي يمكن انها راحت لامها ولا يمكن تشيل شنطتها .
ضحكت شادن بحب لشهد قالت : شوفي ياشهودة .. انا ماراح ارجع الا اذا وافقتي .. لوت فمها وكملت : واذا ماوافقتي عاد اش اسوي بجلس عندكم للأبد .
: مااااااني موووووااافقه داااااايما . واذا بيتنا خلص وسكنا فيه تروحين معاي وتجلسين معاي في غرفتي .. بابا وعدني يجيب لي غرفة فله .
ردت عليها شادن بنفس لهجتها قالت : فله ولا لولو كاتي .
: لا فله .. تبغين زيها ..؟
حضنتها شادن اكثر وهي تضحك قالت : ههههههههههههه ياحبيبة قلبي اش هذا اللي في الكيس .؟ .
: جبت لك شيبس عشان انتي تحبينه .
مدت عليها كيس الشيبس وشادن شاكرة لها بـ : ياعمري تسلمين ..
دق الباب وراحت شهد تفتح ورجعت بعد دقيقة وشادن متأهبه ومغطية وجهها بالجلال على اساس اذا كان عماد تطلع فوق قبل يدخل ..
رجعت شهد تجري قالت ببرود : خالي ناصر جا .
فزت شادن من مكانها كيف بتقابله لأول مرة ..
شعور صعب انك بين يوم وليلة تجلس مع انسان غريب وتعامله على اساس انه اقرب الناس لك وانت اول مرة تشوفه ..
قوت قلبها بالأدعية والذكر وتنفست بعمق وهي تبث بداخلها القوة اللي لازم ترافقها بطريقها حتى تقدر تعيش ..
سلم على امه وهي جالسه وباس راسها ..
ورجع لبنت اخوه ..
سلمت عليه برسمية وهي ترتجف رافضه الموقف بس لابد تتقبله وتعيشه وتتأقلم عليه ..
: حيا الله بنت خالد .. وشلونتس يبه .؟
: الحمد لله ياعمي انت كيفك ..؟
: اللهم لك الحمد قرت عيوننا بشوفتتس .؟
: الله يخليك ياعمي .
: وشلون امتس ونايف ..؟
: كلهم بخير ..
سألها عن نايف وكان ردها هو نفسه ردها على جدتها اول ماسلمت عليها ..
جلس ناصر اللي عمره تجاوز الخمسين وبدا الشيب يطغى على سواد لحيته وراسه ..
قال : اليوم غداتس عند امي لكن العشا عندي .
: لا ياعمي الله يخليك .. بيتك وبيت جدتي واحد ومايحتاج رسميات .
تكلمت ام ناصر : خلوها على راحتها لاتغصبونها على شي من امس وانا احول فيها عيت ..
بس ليا جا نايف بني نذبح لها هي وياه بدال الوحده ثلاث ولا اربع .
رد ناصر باحترام : شورتس وهداية الله يالغالية .. يالله اسمحوا لي ابي اروح للمزرعه محرص علي عماد اقف مع العمال .
: الله يعينك وانا امك ترفق بعمرك ولا تجهد نفسك .
: ابشري يالغاليه .
: اخذت علاج السكر ..؟
: ايه اخذته ... ها اسلم عليكم .
: بامان الله .
طلع ناصر وترك وراه نظرات شادن ،، وحنان امه ودعواتها له ان الله ييسر له اموره ويعافيه ويكتب له بكل خطوة توفيق ورزق ..
***
وقف بجنب غرفتها دقايق ..
انصدم وتسمرت رجوله وهو يسمعها تبرر له وشكلها متضايقه ..
مايحب يتصنت على احد ..
بس هذي سارة ..
غلاها بغلا روحه ..
يدري ان حظها تعيس وخالد مستمر في خداعها وسحبها لتيار الوهم ..
عوره قلبه لمن سمعها تقول : (الله يخليك لاتزعل والله مو قصدي انا ادري انهم يصدقون الناس والحساد كثير ..
طيب اعتبرني ماقلت شي .... خالد حبيبي لاتعصب .. خلاص والله خلاص ..
وعد اكلمك بكرة بس انت لاتدق عليّ حتى مايخاصموني اذا عرفوا اني لسه اكلمك ..
طيب ماراح اداوم عشانك .. خلهم يخصمون من الراتب وخلهم يرفعون غيابي عادي المهم انت لاتزعل . )
ومشاري على وضعه وكل كلمه تنغرس بقلبه وتألمه ..
ماعاد يقدر يستحمل ويخليها تتمادى ..
فتح الباب عليها بقوة ودخل ..
كانت آخر شي تتمناه دخول مشاري عليها ..
تخربطت وارتبكت قالت : طيب شادن اكلمك بعدين .
التفتت على مشاري اللي من شكل وجهه وعيونه اقل مايوصف به هايج وثاير من الغضب قالت : هلا مشاري فيه شي ..؟
قرب منها وهي تقوقعت على نفسها وحطت يدها اليسار على راسها تحاول تغطي اذنها حتى ماتسمع أي كلمة يقولها وهو بهالحال ..
: من كنتي تكلمين ..؟
: ها ..؟ ك ك كنت اكلم شادن .. فيها شي هذي كمان .
: لاوالله ..؟ وشادن متى رجعت من ديرة اهلها ؟.
تذكرت ان شادن مو في جده و ماعندها جوال وهي بنفسها اللي قالت هالكلام لمشاري قالت : ها مشاري .. جات .. وبترجع ااا .
سحب الجوال من يدها اللي ترتجف وفتح الجهاز بعصبيه .. وطلع الشريحه وكسرها بأسنانه ورماها عليها
قال : انتي اللي وصلتيني لكذا ..
قاطعته بانفعال وتحدي : مشاري خالد زوجي وغصب عنك زوجي وانا ماراح اتطلق منه .. ياخي احبه ليه ماتبغى تفهم .
: صاحية انتي ولامجنونة .. تحبين انسان مريض .. لادين و لا خلق ولاخوف من الله ..
: هذا شي يخصني ...!
: ياسارة وانا اخوك .
: مشاري لوسمحت لاتتدخل بحياتي ..
: مو بكيفك ياسارة .. انتي مو في وعيك ولايمكن اخليك تروحين برجولك لخالد الفاسد احنا مو عايفينك انتي بنتنا ونخاف عليك وعلى سمعتنا ..
: ياسلام .. وانت ترمي بلاويك على خالد تحسبني مو دارية عنك يامشاري ولاخايف ان خالد يفضحك عني وتبغى تفرق بيني وبينه .
مارد عليها الا بصفعه كادت انها تخلع فكها من مكانه ..
ويده اللي غرزها بقاع شعرها وشده من مكانه بغيض وقهر
قال وهو عاض على اسنانه : مو انا ياسارة اللي مايخاف ربه .. مو انا اللي اجري ورى اطفال ابرياء اشبع غريزيتي المريضه .. مو انا اللي اهز عرش ربي ليل ونهار .. مو انا اللي يضحك على بنات الناس ويمارس الفحش مع عيال خلق ربي ..
كان صراخها وبكاها واصل لغرفة امها وابوها اللي وصلوا على صوت مشاري وهو في اشد حالات انفعاله ..
وقف ابوه وتكلم بصوت آمر وعالي : مشاري اترك اختك .
نفضها مشاري من يده ورماها على سريرها وهي في بكاء مرير ..
جات امها عندها بتحاول تواسيها وتخفف عنها بس ابومشاري مااعطاها فرصة .. سحبها بيدها وأشر لها تقوم وتتركها ..
انسحبوا من الغرفة وتركوها ..
يمكن اذا جلست مع نفسها تصحى ..
ويمكن اذا شافتهم مو معترضين على فعل مشاري تتأكد انهم صح وهي لوحدها غلط ..
بكت حظها وحالها وقلبها وحلمها ..
بكت خالد المتهم مابين الشك والبراءة ..
تصدق مشاري ولا تصدق كلام خالد اللي قدر يدخل الشك لقلبها بكلمتين عن اخوها المصلي ليل ونهار في بيت الله ..
مرت عليها ثلاث ساعات متواصلة مابين بكا وخيبة امل بأبوها وامها اللي حتى اعتراض مااعترضوا وهم اللي دللوها طول عمرها وماسمحوا لاحد يمسها بكلمه مو يضربها مشاري وهم راضين وكأنهم يقولون هذا حقها وجزاها ..
تعبانه والبكا اضناها وانهكها ..
تبي من يواسيها في خيبتها ..
تفتقد شادن وتتمنى وجودها وقربها ..
تفتقد خالد وتخاف فراقه ..
تنهدت من عمق اعماقها وهي تتذكر ان مالها ملجأ الا الله ..
شهقت وهي تتذكر انها ماصلت العشا والساعه اوشكت على 12 ووقتها راح يعدي ..
قامت دخلت الحمام وتوضأت وصلت العشا وجلست على سجادتها ووجهت يدينها للسما واللي في السما ..
ابتهلت لربها تطلب عونه ومساعدته بـ (ياحي ياقيوم برحمتك استغيث اصلح لي شأني كله ولاتكلني الى نفسي طرفة عين ) ...
كررتها من قلب ومرات عدة .. بصدق واحتياج وحاجة .. لعل وعسى ان ربي يرحم حالها ويرسيها على طريق الصواب .
***
مروا عليها الخميس والجمعه ..
وهي في بيت جدتها كل يوم تكتشف شي جديد هنا ...
الجيران بسطاء لدرجة ان الوحده تزور جارتها بدون ماتاخذ اذنها وتقول لها .. ماعليها الا انها تدق الباب وتدخل وماتلاقي الا التراحيب وهلا ومسهلا ..
بدون تكلفه او لبس ..
كل وحده تحط جلالها عليها وتمشي لجارتها اذا هي قريبة ..
والأكل على الأرض .. مايحتاج طاولة وصحون وقرقعه ملاعق وشوك وسكاكين ..
بالرغم ان في المطبخ طاولة طعام الا انها ماتستخدم للأكل ..
الوحيد اللي ياكل عليها هي الشغالة الاندنوسية ..
جلست في غرفتها تنظف بقايا المكياج اللي حطته العصر لمن زاروها جارات جدتها ام ناصر ..
بدلت جلابيتها الواسعه اللي اخذتها من عمتها فوزية ولبست بيجامه قطنيه بكم طويل ..
واخذت اللوشن حقها وحطت منه على يدينها ..
الجو غريب ..
من المغرب تسمع اصوات رعد والهواء القوي برا يحرك الشبابيك ومراوح الشفط ..
راحت لفوزية اللي تحاول تنوم ولدها فيصل ..
دقت الباب عليها ..
وصلها صوت عمتها .. : ادخلي ياشادن .
دخلت وعلى وجهها ابتسامه عريضة قالت : اش عرفك انه انا ..
غطت فوزية ولدها وقامت جلست قالت : لأن مافيه احد يدق الباب الا انتي وعماد .. عماد الله يخليه لنا نايم في المجلس من المغرب . وانتي هنا .. معناها اكيد انتي اللي تدقين .
: اوووه صحيح تفشلت في عماد .. صحيح خلاص برجع لبيتنا بس كيف اقنع جدتي .
: بسم الله الرحمن الر
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
صحت على صوت منبه جوالها اللي وقتته على الساعه 6 ..
سبحان الله كل يوم تقوم من نص الليل وتحرم نفسها من احلى نومه .. اخذت الجوال تناظر فيه ..
مافيه ولا علامه تدل على ان فيه شبكة او برج للجوال ..
تحس ان ناقصها شي مهم اذا مافيه هنا جوال ولا تلفون .
نفسها تتطمن على امها وتطمنها عليها وتقول لها كلام جدتها اللي يبعث السرور والفرح في النفس .
قامت توضت وصلت وبدلت ملابسها وحطت مكياج خفيف حسدت نوف ونوير على النعمه اللي هم عايشين فيها ..
الوحدة تشبع نوم وتفطر زي الناس وتلبس زي الناس وتمشي لدوامها زي الخلق والناس ..
مو تصحى من عز نومها وتجري تلبس وتشيل اغراضها اللي دايما ناقصه وناسية منها شي ..
نزلت مع الدرج وعبايتها في يدها وشنطتها في يدها الثانيه .. سمعت صوت شهد ومرت عليها .. بس رجعت لمن سمعت صوت رجال .. وبسرعه نزلت تحت وراحت لجدتها لبست عبايتها ولفت طرحتها على راسها بعد ماصبحتها بالخير وباست راسها .. قالت : يالله ياجدتي اشوفك على خير
: افطرتي ..؟
: لا بطلع اسمع صوت عماد فوق ماابغاه ينزل ويلاقيني ..!
: هذا عماد يبي يمشي لجده .. وبغى يودي شهد قلت له لا يوديها بتروح معتس . عاد شهد الغالية لازم يشوفها قبل يروح ..
سمعت صوت شهد وهي تنزل مع الدرج قالت : يالله جدتي شهد نزلت بنطلع .
: اقعدي افطري بعدين اطلعوا تونا بدري ..!
جلست شادن وبجنبها شهد اللي قالت صباح الخير اول مانزلت وردوا عليها بصباح النور ..
قالت شادن وهي تاكل من الفطور اللي محطوط عند جدتها عبارة عن خبز بر مع لبن وسمن : يوووه ياجدتي يازين نوم الليل ذبحتني المشاوير اصحى من نص الليل عشان اوصل عندكم .
: السفر قطعةٍ من جهنم يابنيتي . مير الله فكتس منه .
ضحكت لجدتها قالت بدلع : طيب جدتي .. بتنقلوني لجدة زي ماجبتوني هنا ؟
ردت الجده بجدية : وش ننقلتس له ..؟ حنا ماجبناتس عندنا ونبي ننقلتس .
: يعني اسكن هنا طول ..
سمعت صوت عماد ينادي شهد وسكتت .. وبسرعه وقفت ..
غطت وجهها بطرحتها وراحت للمغسلة وغسلت يدينها وفمها
ورجعت اخذت غطاها زبطته عليها واخذت شنطتها حقت المدرسة .
رجعت شهد تجري من عند عماد وفي يدها عشرة ريال قالت : عطاني عماد مصروفي .. ابلا شادن ..
: هلا .
: عماد يقول تكتب لي رقم تلفون بيتهم والعنوان .. وجوال صالح اذا تعرفه . صالح من اخوك ..؟
: لا ياعمري بس ليه ..؟
: ماادري ..
طلعت ورقة وقلم وكتبت عليها العناوين قالت : رقم صالح مو عندي بس اذا يبغى رقم خالي اعطيته له يعرف رقمه .
راحت شهد تجري محملة بالكلام والورقة ورجعت تقول : يقول خليها تكتبه بسرعه .
كتبت رقم خالها اللي نقلته من جوالها ومدت الورقه عليها قالت : يالله امشي بسرعه تأخرنا .
بعد دقيقه طلعت هي وشهد من البيت وراحوا للمدرسة..
اليوم مستانسه بالطريق عكس يوم جات لبيت جدتها مع نفس الطريق ..
تمشي بهدوء وتتفرج في البيوت ونفسها تعرف حكاية كل بيت ..
ووش ورى هالشبابيك اللي بعضها مفتوح من بدري وبعضها لسه ماانفتح ...
وحكاية كل حرمة صاحية من بدري ومتوجهه لغنمها وش شعورها وش احساسها وهي تكافح مثل الرجل بالضبط ..
تأملتهم باعجاب وحب للحياة هنا .. بس ماتمنت تكون بمكان وحده منهم .. لأنها تعرف نفسها ماراح تصبر على الشقاء مثلهم ولا قد تعودت على تعب او اكثر من مسؤولية البيت ومساعدة امها ثم التدريس والوظيفه ..
وصلوا للمدرسة في وقت قياسي
وشهد كل بيت يمرون فيه تعلمها باسم صاحبته او صاحبه لحد ماوقفوا على باب المدرسة
قالت وهي تأشر على المدرسه : وهذا اصلاً بيت ابو غزلان اللي تدرس في صف رابع تعرفينها ..؟ اعطاه نوف وابلا نوير والمدرسات ... ضحكت شادن من شهد وثقتها في معلوماتها ..
هزت راسها قالت : يالله حبيبتي ادخلي وروحي عند زميلاتك ..!
توجهت شادن لغرفة الإدارة ووقعت على حضورها وراحت لغرفة المدرسات تنزل عبايتها وتزبط شكلها على بال مايجي موعد الطابور ..
اليوم تحس بنشاط وحيوية ومتفاءلة عكس الايام اللي راحت محبطه وكسلانه وفيها نوم ..
سألتها نوير اللي سبقتها للمدرسة عن الوضع في بيت جدتها وراحت تقول لها عن جدتها وعمتها فوزية وحياتها عندهم ..
وان جدتها اصرت انها تسكن عندهم ..
: شفتي ماقلت لك ناس طيبين وراح يحطونك على كفوف الراحه .
: صادقه والله .. الله يخليهم لي ..
دخلوا البنات زميلاتهن اللي تعنوا وقطعوا مسافه طويلة من نص الليل .. وبعدها بدقايق سمعوا صوت الصفارة البديله للجرس تعلن الطابور .. وقامت مع نوير وسهام المناوبة اليوم هي وجواهر ..
اليوم نشيطه على غير عادتها ..
ساعدت سهام وقدرت تضبط البنات وتنظم الطابور ..
والبسمه اللي ارتسمت على محياها دلالة واضحه انها مرتاحه ..
اقل شي تطمنت على نفسها وعلى مستقبلها بعد ماكان مظلم بنظرها ..
***
في جده وتحديداً في المقر الرئيسي لمجموعة شركات العماد ..!
دخل الشركه وتوجه على طول لمكاتب الموظفين قبل لايروح لمكتبه ..
شاف عبدالعزيز طالع من دورة المياة ولمن شافه وقف وسلم عليه وهو متخربط ..
هالرجال له هيبه تجمد الموية وتجمد قلوب الرجال ...
: هلا عبدالعزيز كيفك ..؟ وكيف الشغل ؟
: بخير طال عمرك وكل شي زي ماتحب !!
اشر له بيده قال : اصبر لاتدخل الا بعدي ..!!!
دخل على الموظفين ورمزي يسولف في الجوال وفي يده ملف اول ماشافه رماه وقفل الجوال ووقف على طول .
قال عماد : السلام عليكم .
فز راشد اللي كان منغمس يكتب وهو اكثر واحد مخلص في عمله بشهادة اتمامه لشغله على اكمل وجه وزملاؤه ومدير شؤون الموظفين .
: هلا هلا طال عمرك الله يحييك والحمد لله على السلامه
: هلا بك ياراشد الله يبقيك ويسلمك ها كيف الشغل ؟
: تمام ابشرك و
قاطعه قال : هات لي جميع الملفات والحقني ياراشد
طلع برا وراشد جمع الملفات حقت الموظفين ولحقه لمكتبه والحركه بدت غير هالمرة كلٍ خايف على نفسه من عماد اللي لو يشوف زلة على احد مارحمه ولا عذره .
استقبله إياد السكرتير اللبناني باسلوب راقي ..
وفتح له مكتبه بسرعه ودخل عماد ..
دخل عليه مدير مكتبه الاستاذ فايز ورحب فيه وعماد استقبله باهتمام لأنه هو اللي شايل الشركه ومتفاني في عمله ويثق فيه بلاحدود .
ولولا الله ثم فايز كان يمدي عماد يداوم يومياً ولاسكن في جده وترك جدته عشان يقابل شغله ..
طلب قهوة له ولفايز عشان يبدون جلسة عمل طويلة وإياد يزودهم بالأوراق والملفات المهمه ..
وصلت القهوة وكملوا حديثهم اللي ماطلع من اطار الشغل الين اذن الظهر ..
قاموا صلوا جماعه في المسجد التابع للشركه ..
وطلع عماد متوجه للمكان الأهم بالنسبه له ولجدته ..
.. الا وجع جدته ، وهم جدته ..
الا كسرها وحسرتها وقهرها على عيال خالد الغالي اللي مات ونار شوقه تلظى بقلبها ..
الحمد لله انه شخص له وزنه في المجتمع وله معارف من الشخصيات الكبيرة والأهم انه معطيه الله المال والمال بحد ذاته سلطه يقدر يستخدمها بأي مكان وبأي زمان . . . ..
قدم له العسكري فنجال القهوة ..
قال الضابط المسؤول عن قضية نايف : سم ياابو مشعل تقهو الله يحييك ..
: سم الله عدوك ياابو محمد والله يبقيك ويسلمك ..
: آمرني ترى ابو ثامر موصيني عليك ..
: مايامر عليك عدو ... كلمك ابوثامر بالموضوع ..
: اي نعم كلمني وشرح لي قضية ولد خالك .. وبصراحه انا استغربت ان محد جا من اهله خاصة ان المدعي زوج امه وان المخطي بحسب ادعاءات نايف انه هو المعتدي ونايف يدافع عن امه واخته ..
: فعلاً ياطويل العمر هذا هو اللي صار ..
: المشكلة ان المدعي رافض يتنازل ..
: انا اجيبه لك واخليه يتنازل ولايهمك ..!
: تبي تشوف نايف ..؟
: ياليت والله .. وابيه اليوم يطلع معي .
: ابشر باللي تبي بس طلوعه فيها اجراءات تاخذ لها يومين .
: يجيك ياابو محمد متى مابغيت وتكمل الاجراءات .. خلني افرح قلب امه فيه .
: تم على امرك ياابو مشعل .. تراك غالي من غلا ابو ثامر .
: الله يسلمك ويبارك فيك .
مرت عشر دقايق ووصل نايف من السجن مع العسكري ..
وقف عماد وسلم عليه ونايف مستغرب من هالشخص اللي طلب مقابلته وهو مايعرفه ..
وقف الضابط يعرف بعماد قال : اخ نايف هذا عماد مشعل ال.....
رجل اعمال .. جاي يساعدك وابشرك تبي تطلع اليوم ان تنازل المدعي عليك ..
طلع الضابط حتى ياخذون راحتهم وجلس نايف على الكرسي المقابل لعماد وهو رافع جاحبه بغرابه ..!!
: وش اخبارك يانايف ..؟
رد وهو رافع حاجبه دلالة على الاستغراب : مثل ماتشوف .
: ادري انك ماتعرفني ..
: من اللي مرسلك علي ..؟
: جدتك ام ابوك الله يرحمه ..؟
فتح عيونه بقووة وتأمله بملامح باهته وبارده بنفس الوقت ..
: انا عماد بن مشعل .. ولد عمتك شريفه الله يرحمها اذا سمعت عنها ..
فز نايف من مكانه وكأنه الابرة اللي يدور عليها من سنين بوسط القش اخيراً لقاها..
لقى احد من اهله واللي بيدله عليهم قال بفرح
: اوووه ياهلا والله ومسهلا .. الله يحييك .. هذي والله الساعه المباركه اللي شفت منكم احد .. اخيراً قدرت اعرف طريقكم .. جدتي وش دراها عني ..؟
ابتسم له عماد على فرحة نايف اللي خلته يردد كم جملة ورى بعض بدون تركيز وتروي
قال : اصبر اصبر .. لاحق تعرف كل شي .. الحين خلني احل لك موضوعك ثم اعلمك باللي تبيه .. !!
: موضوعي بيد العله هذا وادري ماهو متنازل ... بس عطني اخبارك واخبار جدتي وعماني ..!
قاطعه عماد : بيتنازل غصب عنه واذا امك تبي الطلاق بيطلقها غصب ..
زادت اتساع عيون نايف قال : من جدك تقدر عليه ..؟ لنا سنين واحنا نحاول فيه بس يبي البيت بدل الطلاق وبيت ابوي مستحيل نفرط فيه .
: انت بس لاتشيل هم .. الرجال بيجيك بعد شوي ويتنازل ..!
: اش دراك ..؟
: ارسلت له واحد من الموظفين عندي وبيجيبه لك ويتنازل على طول ..
عرف نايف ان عماد بيقنع صالح بالفلوس لأن مثل هذا جشع وطماع لايمكن يتنازل الا اذا سد فمه بكم ريال ...
: الله يقدرني وارد لك جمايلك ياابو مشعل ..
: افا يانايف هذا كلام وانت معتبرك اخوي من قبل لااشوفك ..!
: الله يسلمك ياابو مشعل من طيب اصلك والله .
: عاد العجوز مشغلتني تبي تشوفك ..
كملوا كلامهم وسوالفهم واللي انتهت بجية صالح وتنازله وسط ذهول نايف واستغرابه
اما عماد فكان واثق انه راح يصير اللي خطط له من الساعه تسعه الصباح باتفاق مع واحد من موظفينه اللي يتميز بالاقناع والحيلة واختاره عماد لهالموضوع بالتحديد والذات ..!
اخيراً خرج نايف على مسؤولية عماد وكفالته لحد ماتنهتي الاجراءات اللي تاخذ من يومين لثلاثه ايام ..!
***
في الفصل وتحديداً الحصة السادسه ..
تشرح عن الملك عبدالعزيز وكيف اسس البلاد ووحد اطرافها المترامية ... طالعت في هيا اشطر طالبه في الفصل وهي مو معاهم سرحانه وبعالم ثاني .. وحالها مو على بعضه اليوم
قالت بنبرة صارمه : هيا خليك معانا اش فيك اليوم .؟
: ها ..؟ طيب ابله ..
تكلمت غزيل لصديقتها عذبة بهمس : هيا مهيب معنا .. تفكر في رويشد عقب البارح ..
سمعتهم شادن وجات عندهم قالت لهم بصوت واطي وهي تحاول جاهده انها ماتضحك من طريقة غزيل الغريبه
: لاتعيدونها وتتكلمون على صاحبتكم واذا عندكم كلام خلوه لبعد الحصة .
ويالله قومي ياغزيل اشرحي لنا عن دخول الملك عبدالعزيز للرياض ..
: ها .؟ ممم ابله مافهمت .
: قومي ياعذبة ..!
: ممم دخل الملك عبدالعزيز للرياض وهو جاي من الكويت ووو .... نزلت راسها تحت وتركتهم شادن واقفين بعد ماناظرتهم نظرة تدل على اللوم والزعل ...
اعادت الشرح لحد مااستوعبوا ..
قالت لعذبة تعيده واعادته وبعدها غزيل حفظته واعادته .
خلتهم يجلسون بعد مانبهتهم انها هالمرة تهديد والمرة الجاية راح تطلعهم برا اذا ماركزوا في الدرس وتركوا الأحاديث الجانبية ..
انتهت الحصة وطلعت شادن بعد مااخذت كتبها واغراضها وراحت لغرفة المدرسات شافت فيه نقاش حاد وخلود ثايرة وزعلانه ونوير تضحك عليها قالت شادن وهي تأشر لمريم : اش فيه ليه خلود معصبة .
: فيه وحده من البنات عمرها 11 سنه ملكت امس
فتحت شادن عيونها منهبله قالت : لااااااا معقوله ..؟ البنت هنا في المدرسة ؟
تكلمت نوير اللي مرة متعودة على الوضع : تعرفين هيا محسن .؟؟
قالت شادن وهي تضرب على راسها وتتذكر كلمة غزيل : اوووه وانا اقول البنت اليوم مو في طبيعتها ..
: تراها ماتبي احد يكلمها في الموضوع لأن امها البارحه عندي تقول اقنعيها تروح لمدرستها .. بنات لاحد يتكلم معاها .
: ياحراااام والله صغيرة بس اكيد زواجها بعد كم سنه ..!
ردت نوير وهي تضحك : ههههههههههههههههههههه ياحليلك ياشادن بالك طويل البنت زواجها في العيد .
: لااااا حرام مرة صغيرة اش هالظلم ؟
: عادي هنا الوضع طبيعي فيه وحده عمرها 13 سنه معاها ولدين .
قالت خلود بعصبيه : ناس متخلفين مافيه وعي المفروض ...
قاطعتها نوير : خلود هدي اعصابك صحيح فيه جهل بس لاتقولين متخلفين ..!
قالت جواهر اللي تلبس عبايتها ومعصبه بصمت : فعلاً مافيه وعي انا اول يوم داومت فيه لقيت طالبه تقول ابوي متزوج اربع ويبي يطلق وحده عشان يتزوج من جديد وحده عمرها 16 سنه ...!
قالت مريم وهي بدورها تلف طرحتها على راسها : اهل القرى ماعندهم ثقافه ولا تطور ..
ردت سهام : بنات لاتشملون اختي في قرية قريبه من الاجواد ناسها متطورين وفاهمين ومايختلفون عنا الا بأشياء بسيطه ..
نوير بدفاع المستميت : حبيبتي زي مااهل القرى عندهم عادات وتقاليد متأخرة ترى عندهم تقاليد وتراث محافظين عليها احسن من اهل المدن بكثير ..
قامت شادن وفضلت انها تنسحب من النقاش اللي احتد ولبست عبايتها .. وطلعت لشهد حتى ترجع معاها ..!
***
الوحشة قاتله ..
والوحدة عذاب ..
والصمت احياناً يمل من نفسه ..
في بيتها وقفت قدام المراية تطالع بشكلها ...
اليوم الحمد لله اشوا علامة الكف الجديد اختفت تقريباً من وجهها ..
تذكرت البيت بدون شادن ..
اثريها هي روح البيت ونايف هو الحياة اللي تدب في البيت وتحس فيها
دق الجرس .. واحتارت من يجيها بهالوقت ..
لو شادن لايمكن تجي قبل اذان العصر ..
ولو الجيران ماقد سووها وجو قبل المغرب ..
" يالله عساه خير "
راحت بتفتح .. بس انفتح الباب ورجعت بخيبة امل لأن صالح هو الوحيد اللي يملك المفتاح وشادن بعيد ونايف مقيد ومسجون ..!
دخلت المطبخ ..
ماتبي تشوف وجهه ولاتحتك معاه .. ولا لها خلق تكلمه او تسمعه ..
: ياام نايف .
سمعت الصوت .. اللي تغلغل لعمق قلبها ..
سرى مع دمها بشرايينها وأوردتها وخلاياها اللي ماتت فأحياها بقدرة الله ..!
طالعت في باب المطبخ ببتأكد هي واهمه ولا صدق اللي سمعته ..
: ياام نايف وينك ..؟ يالغاليه وينك ..؟ ياامي العزيزة .. ترى نايف رجع ..
سبقت دموعها صوتها وردها عليه ..
اول ماحطت رجلها خارج باب المطبخ كان في وجهها ..
حضنته بقوة .. وهو استسلم لها .. برجولته وسنين عمره العشرين .. رجع نايف الطفل اللي اجمل لحظات عمره لمن تحضنه ويشم ريحتها ..
: هلا وغلا بحبيب قلبي .. ياربي تحييه .. الحمد لله على سلامتك ..
متى خرجت ..؟
رفع جسمه الطويل من على صدرها وباس راسها ويدها .. قال وهو يضحك : ههههههههههههههههههههههه اصبري علي اجاوب سؤال سؤال ..
: اش هالمفاجأة الحلوة ..؟
: البركه بأهل ابوي الله يرحمه ..
فتحت عزيزة عيونها على وسع وبلحظات طويله فهمت كل شي ..
اخذته بيده قالت : تعال ارتاح وقول لي بالتفصيل كيف خرجت ..
: اول قولي لي .. اش اللي بوجهك ..؟
ابتسمت بوجع قالت : عادي قبل البارحه دخل علي سكران وقفلت دونه باب غرفتي ونام بالصاله .. بس مافوتها لي .. المهم ..
قاطعها : بكرة بيروح للمحكمه ويطلقك ..!
: تتكلم جد ..؟
: ايوه يمه وراح اقول لك الحين على كل شي ..!
سرد على امه تفاصيل اليوم وقال لها عن عماد وموقف صالح .. وتهديد عماد لصالح اللي خلاه يخاف برعب ويوافق على التنازل والطلاق بسرعه ..!
وكملت امه معاه الجلسة بالأحداث اللي صارت في غيابه
نقل شادن خطبتها .. رفضها لنادر .. تهديد خالهم ..!!
المهم انها قرت عينها وتطمن قلبها وبشرها نايف بفراق صالح .. وتأملت من الله الخير في المستقبل ..!
***
الساعه 2 تماماً قبل الفجر ../
حياتها منتهى الملل والوجع والكآبة ..!
حياتها فارغه بدون انتظار خالد ولهفتها على مكالمته ..
رغم برودته الا انها اشتاقت له ..
ورغم انه قاسي وجاف معاها الا انها اعتادت على اسلوبه وتحبه .
تخيلت لو انه يعاملها بحنان ورقة ..
يقول لها حبيبتي وعمري ويدلعها بسارونة الاسم اللي تحبه ..
ضمت مخدتها وهي تطالع بجهاز جوالها المرمي على الكومودينو بجنبها وهو بلا حياة ..
سمعت تلفون البيت يدق .. مرة ومرتين وثلاث ..
محد صاحي غيرها لأن وراها دوام وبتمشي الحين .
رفعت وردت بـ ألو .
وصلها صوته ثقيل وتعبان قالت : مين ..؟
: سارة .. ماعرفتيني ..؟
: لا من معاي ..؟
: خااااالد وش فيك .
: شكت انه سكران ولا مو في وعيه قالت بصوت حاد : خالد اش فيك .
: تعبان ياسارة .. تعبااااان . حرموني منك وتعبااااان .
فز قلبها من مكانه وهي تتخيله مريض ولا تعبان لبعدها ..
كلا الحالتين تؤلمها .
قالت : خالد حبيبي اش فيك .. سلامتك .
: سارة بقول لك كلمتين .. انتي زوجتي ولا لا ..؟
: ز ز زوجتك اكيد .
: طيب اطلعي لي برا .. انا انتظرك . ابي اشوفك تكفين سارة .
: خااااالد .. اش قاعد تقول ..؟
: اطلعي لي برا . انا قدام بيتكم بسرعه .
: انت صاحي ولا .
: سارة ابي اشوفك . بس ابي اشوفك خايف ان مشاري يفرق بيني وبينك .
تخربطت وخافت من صوته وكلامه قالت : م م محححد مفرق بيننا .. بس ارجع لايشوووفك مشاري ويقتلك .
: بتطلعين ولا لا .
: لا خالد مستحييل .
قفلت وهي تسمع صوت سيارة ابو سعد وطلعت وهي ترتجف ..
فتحت البوابه وتفاجأت بجيمس ابو سعد يتحرك ويمشي وخالد يرجع لسيارته .. اول ماشافها جا يمشي ناحيتها بسرعه ..
رجعت سارة بخطوات سريعه لحد مادخلت البيت ..
قفلت البوابة الثقيلة والقوية بينها وبينه ..
وتسندت عليها وهي تسمعه يسب ويسخط ويحلف انه لينتقم من مشاري ..
نزلت دموعها وهي يداخلها شعور واهم بأن خالد ماوصل لهالطريقة الا لأنه اشتاق لها ..
ومايبي بعدها والاسلوب المناسب للتعبير يجهله مثل مااعتادت عليه ..
رجعت لغرفتها تجر الخطى وقلبها بين نارين ..
نار الاهل وغيرتهم وخوفهم عليها اللي اسبابها واهية في نظرها ..
ونار شوق خالد وعذابه ووقوفه قدام بيتهم بمنتصف الليل حتى يكلمها او يشوفها ..
دخلت في غمرة حزن جديدة ..
وعبرت باستنزاف دموع وآهات غير مجدية في حل الموضوع الا انها ممكن تخفف همها ولو جزء يسير .
***
مساء الاحد ..
: يارجال .. ادخل امي مسوية لك عشا ومتكلفه ..!
رد عماد بتعب : اعذرني يانايف .. يكفي عشاي عندك البارحه .. الله يهديك رحت وتكلفت لو دريت ماجيتك ..
: ماتكلفت ولا شي .. بعدين امي مصرة انك تجي تتعشى عندنا بعد سواياك معانا ..
: الله يسلمك ماسويت معاك شي ينذكر وانا اخوك .. الحمد لله انه طلق امك وارتحتوا من هالفاسد .. وترى باقي له حساب معي .
: اللهم لك الحمد .. ياشيخ ابعد عنه هذا نجس وانسان رديء خلاص ماعاد نبغى منه شي . .
: يصير خير .
: بتمشي للديرة انت ..؟
: ان شاء الله توصون بشي ..؟
: امي بترسل لشادن اغراض .. دقيقه اجيبها لك ..
: يالله انتظرك ..!
دخل نايف للبيت وركب عماد سيارته .. وبعد دقيقتين طويلة على عماد رجع بكيس وشنطة فيها اغراض لشادن ..
فتح له عماد شنطة سيارته ودخلها نايف فيها قال : ترى جدتي محرصتني اجيبك معي .. ماتبي تخاويني ..؟
: امي مااقدر اتركها لوحدها اصبر علي ايام واجيها بإذن الله .
: زين يالله في امان الله ..
: الله معاك ..
مسك الطريق الطويل اللي يؤدي لقرية الاجواد ..
متوكل على ربه ومردد كعادته ( بسم الله ، الحمد لله ، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وأنا إلى ربنا لمنقلبون .. اللهم أنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا هـذا واطوِ عنا بعده ، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل )
كمل طريقه بسرعه حتى يلحق ويرتاح لأن التعب اخذ منه مأخذ ونال منه لدرجة انه يفكر في السرير ويتخيله ويتمناه ..!!
***
واقفه على الشباك حق غرفتها في بيتهم الشعبي اللي نصه متغطي ونصه مكشوف من فوق ..
قالت وهي تناظر في بيته المقابل لبيت ابوها : متى يحن قلبك علي.. ؟
متى تدري اني وهبتك قلبي من سنين .؟
وكل ليلة انام على صورتك اللي حفرتها في قلبي وعقلي ..
متى اجتمع وياك ياعماد ومن بيجمعنا ؟
جدتك اللي عمرها مالمحت لي انها تفكر فيني لك ؟
ولا انت اللي حتى ماقد التفت لبيتنا ..؟
ولا ابوي الفقير اللي مايملك الا هالبيت والغنم اللي مايتجاوز عددها 20راس ..؟
ولا بيجمعنا المستوى الثقافي وانت شهادتك ماجستير وانا معهد معلمات مثل الثانوية .. ؟
سكرت نوف شباكها وراحت للمراية طالعت فيها قالت بصوت مسموع : ليه مانجتمع ياعماد وانا ماينقصني شي ..
ابتسمت لنفسها وكملت : موظفه ومثقفه واحسن من غيري ..
وكل حريم الديرة يحسبن لي الف حساب ..
والفقر عمره ماكان عيب .
فتحت شعرها الاسود الطويل والمجعد من كثر ماتلفه كعكه ودخلت اصابعها معاه قالت : انا متأكدة انك لو شفت هالوجه انك بتحبني .. نفضت شعرها وانتفش اكثر ..
اخذت المشط ومشطته بسرعه وحطت عليه من الكريم اللي قدام المرايه ..
قالت بحزن وحسرة على حظها وحالها وحبها : عمااد اللي درس برا وشاف اشكال والوان تعجبه بنت قروية وعلى قد حالها ..
حتى يوم سمعت شادن بنت خاله هي وسهام يسولفون في الماركات والمكياج ماقدرت احفظ أياسم .. حدي سوق الخميس اللي عندنا اشتري منه اغراضي واذا زودتها رحت مع خالتي عالية لجده واشتريت لي كم غرض من سوق الامير متعب ولا الصواريخ اللي كلهم شعبيه وماتفرق الاشياء اللي فيه عن سوق الخميس عندنا ... ومع هذا ارجع من يومي ومااروح الا من سنه لسنه ..
رمت المشط من يدها ووقفت .. انام اصرف لي من الاحلام والتخيل اللي يبي يضيعني .
دخلت في بطانيتها قالت وهي تبتسم بحب : ياناس احبه .. احبه غصبن علي مهوب بيدي ... ويكفيني حبه حتى لو مادرى عنه ولا درى عني ومابغاه .. المهم اني اعيش بحبه واحيا باسمه وشوفه لو من بعيد ..!
غمضت عيونها وهي تحلم .. وتتخيل .. تسولف عليه وتتوهم انه يرد عليها بالمثل .. وداهمها النوم في عز احلامها وخيالاتها ..!!
.
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
دخل البيت تعبان ..
يدور السرير والراحة الجسدية ..!
مر على جدته غصب ..
شاف نور غرفتها طافي وعدى لغرفته ..
نسى ان عندهم ضيفه والمفروض ياخذ حذره كل مادخل وطلع ..
الساعه 11 ونص .. ومحد صاحي .. مر على غرفة فوزية ودق بابها لقاها متمدده على ظهرها وعندها كتاب تقرا فيه ..
اول ماشافته رمت الكتاب وفزت تسلم عليه قالت : بسم الله وجهك ليه اصفر كذا .. تعبان ..؟
رفع لها حواجبه وغمض عيونه بدون مايرد ..
ونزل يسلم على شهد اللي يعتبرها بنته هو ..
طلع برا بيروح لغرفته قالت فوزية : عماد الله يهديك كيف تدخل وشادن ..
قاطعها : اوووووه .. نسيت ان هذي موجوده .. صدق ذكريني بكرة انزل اغراضها ارسلتها امها عليها ..
: مريت اهلها تكفى تعال علمني وش سويت ..
رفع لها يده وتكلم بتعب : بكرة بكرة ..!
عرفت فوزية ان مافيه امل طالما انه تعبان ..
هذا هو عماد تعبان معناتها لااحد يتكلم معاي او يحاول يحتك فيني ..
دخل غرفته وقفل على نفسه ورمى جسمه على سريره بدون ماينزل حتى ثوبه ..
بكرة وراه مية شغله في المزرعه الجديدة اللي اشتراها لجدته وحقق لها حلمها بمزرعه كبيرة وتحط فيها الاشجار اللي تبيها وتختارها .!
طغى النوم على افكاره وداهمها وغيب عماد عن التفكير والتخطيط لبكرة ..!
***
فتحت عينها على صوت شهد وهي تبكي بصوت عالي ..
وباين ان فيه شي ..
.. مدت يدها على جوالها بتشوف الساعه كم ..
اوف بدري عن المدرسة وش مصحي شهد الحين ...
الساعه اربع الفجر الله يستر ..
قامت بكسل وراحت بتشوف وش صاير عسى بس ماتكون تعبانه ولا فيها شي ...
فتحت الباب وشافت فوزية ضامتها وتقول : لاتخافين ياشهد الحين ربي يجيب لنا الزرع زي هذيك المرة .. انتي ماتبين الورده تفتح وتصير كبيرة ونقطفها لجده نهديها عليها ؟
: الا ابي بس انا خايفه .. تهاني تقول اذا المطر جا تجي الصواعق وتهدم البيت وتقتلنا ونموووت .
: لا ياعمري انتي قد شفتي صواعق
: لا
: طيب هذا الرعد ربي يعلم الناس ان فيه مطر عشان يقومون وينبسطون في المطر .
فهمت شادن ان فيه مطر وشهد خايفه منه قالت وهي ترجع شعرها ورى وتطالع في فوزية : صباح الخير عمتي اش فيها شهد . ؟
: شهودتي خايفه من الرعد شفتي ياشادن فيه احد يخاف من المطر ؟
قالت شادن وهي تقرب من شهد : اش هالكلام فيه مطر وماصحيتوني .. ماتبغوني افرح فيه معاكم ..
بكت شهد قالت : فيه صواعق .
: ياعمري الصواعق ماتجي عندنا تجي عند الناس اللي ماتصلي وربي يزعل منهم .. احنا هنا في البيت كلنااااا نصلي . وانتي اذا كبرتي وصليتي ربي مايزعل منك
: طيب انا ابي اصلي الحين ؟
قالت فوزية : يالله كلنا نصلي ونجلس الحين ننبسط بالمطر وش رايك ياشادن ...؟
قالت شادن وهي تحس بنشاط وريحة المطر ومنظر البرق مع شباك الصاله اللي ماخذ مساحه كبيرة من الجدار يحسسهم بجو حلو وغريب : يالله نصلي ركعتين شكر لله انه رزقنا المطر ونجلس مع بعض اوكي شهد .
ابتسمت شهد وهي تمسح دموعها قالت : طيب
راحت فوزية تتوضا واخذت بنتها عشان تتوضا معاها وطلعوا صلوا مع بعض وشادن راحت لغرفتها بعد ماتوضت وصلت لها ركعتين بدلت ملابسها وطلعت لهم ..
قالت شهد : ماما انا جوعانه ابي آكل ..!
فزت ووقفت شادن قالت : حتى انا احس شهيتي مفتوحه بالرغم ان عشاي دسم وثقيل الا اني احسني جيعانه زي شهوده القمر ..
ضحكت شهد وقامت لشادن اللي مدت لها يدها يعني قومي معاي
قالت فوزية باستغراب : وين بتروحين .؟
: بنروح نسوي لنا شي ناكله ..!
: هالوقت ؟.. طيب استنوا لين يأذن الفجر ..!
: والله اذا فيها شي نجلس واذا مافيها خلونا ننزل ناكل شي .. !!
: اجل انتي لا تروحين .. اجلسوا هنا وانا اروح اجيب لكم شي خفيف .
توجهت شادن للباب قالت : الله يهديك ياعمتي تحسسيني اني غريبه بعدين انتي عمتي عيب تقومين وانا جالسه ..!
: هههههههههههههههههه تعالي تعالي لاحقه على الكرف انتي الحين ضيفه .
: ماني ضيفه عند اهلي اذا بتنزلين معانا الله يحييك ماتبين اقعدي عند ولدك الين يصحى واحنا نطلع لك .
: طيب بصحى فصولي واجيبه معي تحت .
نزلت شادن ومرت غرفة جدتها
شافت نورها شغال وفتحت الباب بهدوء ..
معانقة سجادتها كعادتها .. وكأن بينها وبين السجادة حالة عشق ابدية ..
والثانية تلثم جبينها وتسمع همسها لربها عليها كل وقت وكل حين ..!
الاحساس بالاطمئنان والطمأنينة يزداد ..
خالجتها راحة نفسية من سنين عنها ...
غمضت عيونها بارتياح ورددت بقلبها ولسانها بـ "اللهم لك الحمد ولك الشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك . " عرفاناً لله واعترافاً بنعمته وفضله ..!!
دخلت المطبخ وجا في راسها مليون شي بتسويه بس اخيراً استقرت بعد مشاروات مع شهد على فطاير بالبيض والحليب جزء منها مدهون بزبدة وجزء جبنه وجزء عسل . ومعاها براد حليب يحسسهم بالدفا خاصة ان الجو مع المطر بدا يبرد .
خلصت شغلها بسرعه بعد ماسوت كميه كبيرة من الفطاير وحطتها بصينيه كبيره اللي بالجبنه مع بعض واللي بزبدة مع بعضها واللي بالعسل مع بعض ...
اخذتها للصاله وشهد تشيل معاها السفرة وسبقتها للصاله ..
شافت فيها فوزية توها وصلت من فوق وهي تشيل ولدها فيصل اللي عمره ثلاث سنوات ومتكدر مزاجه ويبكي ..!
نزلت شادن الصينيه وراحت تنادي جدتها اللي تسبح وتهلل وتردد ( سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته )
قالت شادن بدلع وفرح ومحبه : صباح الخير لأحلى وأغلى جده بالدنيا .
: هلا وغلا بالغالية بنت الغالي ياصباح الرضا والعافية .
: يالله جدتي تجين معنا للصاله ولا نجي عندك ..؟
: يابنيتي وش مصحيتس من بدري وانتي وراتس دوام
: احد ينام في الجو هذا ؟
: الجو زين .. بس المطر احرمتنا منه البيوت المغطاه اول يهطل علينا ويبلل جلودنا ونحس بالراحه والعافيه وهالحين ماندري عنه غير اذا فتحنا الباب الله يقطع هالمكيفات .
: ههههههههههههههههههههه ياعمري ياجدتي وش احلى من بيتكم هذا ماشاء الله عليه ..!
: الريحه الزينه هذي وش ؟
: هذي الله يسلمك مممممممم تعالي معاي تشوفينها ..
قامت ام ناصر بمساعدة شادن واعطتها عصاها ومسكت يدها عشان تساعدها على المشي لحد ماتوصل للصاله ..
جلست بجنب جدتها وصبت لها كاسة حليب واعطتها فطيرة بالجبنه .. وأول مااكلت منها ام ناصر قعدت تشكر في بنت ولدها قالت : هذي هي المرة السنعه اللي تعرف تشتغل في المطبخ موب مثل بنات هالجيل ..
تنحنحت فوزية قالت : تراني طباخه
قالت ام ناصر بصوت عالي : طباخة اول يوم كنتي على يدي وتحت نظري ومن يوم تزوجتي وانتي هاجرتن المطبخ ، خدامه تروح وخدامه تجي .
: الله يخلي لي ابو فيصل عازني ورازني .
: اجل حنا ماعزيناتس ولا رزيناتس يوم تشتغلين ؟ .
: لاوالله يايمه كارفتني بالمطبخ .
ضحكت شادن قالت وهي تمد على جدتها فطيرة بالعسل : لاتشرهين ياجده هذولي جاحدات الجميل ويكفرن العشير ..
ضحكت جدتها قالت : عز الله صدقتي جحدتنا فوزية
قالت فوزية وهي تضحك : افا والله ياايمه انا لايمكن اجحدكم انتم اهلي وعزي عسى الله لايخليني منكم .
شربت ام ناصر من كاسة الحليب قالت : ايه هذا الكلام السنع .
سمعوا عماد يتنحنح بعد مانزل وسمع اصواتهم قالت شهد : عماد تعال عندنا ... شوف شادن وش سوت ؟
كانت شادن جالسه ومنزويه ورى جدتها حتى مايشوفها ..
ماتدري وش تسوي بس فوزية وقفت وراحت لولد اختها بتنقذ شادن من الاحراج ..
قالت : عماد بالله وخر شوي خل شادن تدخل المجلس .
عطاها ظهره متوجه للباب قال : زين اجل ابي اجي بعد شوي اسلم على جدتي .. خلي بنت اخوك تدخل وعلميها ماني مطول .
: طيب .
نادت ام ناصر بصوت عالي : ياعماد تعال وانا امك لاتروح في هالامطار والبرود ..
: زين زين يالغاليه منيب طالع .. ابشوف المطر وارجع لتس .
: عجل علي لاتبطي .
: ابشري ابشري .
رجعت فوزية بعد ماطلع عماد مع الباب قالت : شادن ادخلي المجلس يبي يجي يكلم امي ويطلع مو مطول .
: اوكي
بسرعه راحت تجري لحد مادخلت غرفة الحريم وسكرت الباب وجلست تنتظر عماد يكلم جدتها ويطلع عشان ترجع تكمل جلستها الحلوة .
***
رجع بعد وقت قصير .. لجلسة جدته وخالته وعيالها ..!
سلم على راس جدته وجلس بجنبها قال : ماشاء الله مو عوايدكم تصحون هالحزة وش الطاري ؟
تكلمت جدته : مصحيتنا هابة الريح ، البنت السنعه ، هاك هاك اشرب من حليبها واكل من هاللي مسويته ازين من اللي تاكله في المطاعم .
اخذ كاسة الحليب اللي صبتها له فوزية ومد يده على حبة فطيرة بالعسل قال : هذا لايكون فيه زبده ولا زيت ..؟
قالت فوزية : فيه بالعسل وفيه بالجبن كل منها اللي بالزبده اتركه لاتاكله اذا ماتحبه .
حط في فمه قطعة فطيرة قال : اووه عز الله شغلن سنع ياام ناصر .. خليها تعلم بنتك اللي متكلتن على هالشغالات حتى حليب عيالها يسوونه لهم .
ابتسمت ام ناصر قالت : وانا اشهد انها سنعه ومامثلها وانا امك .
قاطعها وهو يبتسم قال : لاتحاولين يالغاليه هالباب صاكه لاتقربين منه .
تكلمت ام ناصر والعبرة خانقتها : ليه ياعماد تحرمني اشوف عيالك وافرح بك .. ليه ماتكمل فرحتي وتعرس وتخلي بالي يهنا ويرتاح .
آلمه منظر جدته بالضعف الا دمعتها ماتنزل ..
هالموضوع بالذات هو اللي غالباً يحزنها ..
كل جلسه معاه لازم تقول له تزوج وهو يغير الموضوع ..
حب يلطف الجو ويغير الموضوع اللي فيه توتر بالنسبه له وقلق بالنسبه لجدته
قال : الا ماقلت لتس انا ..؟
: عن وشو ..؟
: ابشري ان الرجال اللي انتي خابرته طلع ..
: والله ..؟
: اي والله ..؟
: الله يبشرك بالرضا والسرور والذريه الصالحه ..
طالع في فوزية وابتسم ..
قال وهو يهز راسه على اليأس : الا تلف وتدور حول هالموضوع .
طالع بجدته وكمل خايف انها ترجع للموضوع وتفتحه من جديد
: وابشرتس انهم افتكوا من الرجال الثاني .
رفعت يدينها للسما بشكر وامتنان لولدها ودعت له من قلبها
: الا ياربي انك تخليه لي .. وتبارك لي فيه وتفرح قلبي بشوفته وهو معرس ثم عياله يملون علي بيتي .
كمل كاسته وهو يبتسم قال : خلوا الشغاله تطلع لي تاخذ اغراض شادن . .. يالله انا ماشي .. ابي امرعلى هالخبل اشوف اذا رجع ابيه يروح معاي خابره يفهم في الصقور والطيور .
تكلمت ام ناصر بخوف : وين تبي تروح ..؟
: ابي امشي للطايف مواعد لي رجال ابي اشتري لي من عنده صقر .
ردت فوزية : وانا اقول وش تبي في فهد . اثري السالفه فيها صقور وصيد .
: الله يعين عليه ... هالرجال ماادري وش اسوي به .
تكلمت ام ناصر : البارح ناصر مرني يقول انه جا من البر هو وربعه ونام على طوله يمديه شبع نوم . روح اخذه معك وخله هو اللي يسوق عنك .
سمعوا صوت المطر اكثر والرعد زاد قالت فوزية : عماد الله يهديك وين تروح في هالامطار .
وقف وحط يده على جيبه يتفقد مفاتيحه ومحفظته قال : الله يستر توكلت عليه .
اخذت ام ناصر عصاها واشرت له : والله ماتخطي في هالسيول .. عايفتك انا اخليك تخاطر بعمرك .. اللي خلاك تصبر عن الطيور شهر يخليك تصبر هاليومين ..
: وش يومين يالغالية .. خليني اروح الله يرضى عليك اليوم قبل لايروح الطير عليّ . ابي اهديه على رجال غالي وله عليّ جمايل .
: اذا انت تبي رضاي اطع شوري ولاتروح في المطر ..
: وانا وش ابي من الدنيا الا رضاتس يالغاليه .
: لو انك تبي رضاي تسان ( كان ) ريحت قلبي وماعاندتني ؟ .
سوى عماد انه مافهم وش تقصده بالضبط ولف الموضوع قال : اجل شورك وهداية الله وبدال مااروح اليوم اروح بكرة ولا بعده .. اهم شي رضا الغالية عسى الله يخليها لي .
هزت راسها يائسة قالت : الله يرضى عليك دنيا وآخره ويهديك وانا جدتك .
قالت شهد : ماما نروح للمدرسة انا وشادن ولا نغيب ؟
ردت عليها فوزية وهي تمد على عماد فطيرة قالت : والله ماادري بس اعتقد ان شادن لازم تروح اقل شي توقع واذا ماجا طالبات ترجع .
: يوه ماما الحين كل الطريق طين تتوسخ جزماتي انا وشادن ؟
: ايووه صح ..! عماد وش رايك تودي شهد وشادن ؟
قال وهو يعطيهم ظهره بعد مااكل فطيرته وشرب بعدها كاسة حليب وهو واقف : يالله متى ماخلصوا ارسلي شهد علي انا بشوف الوضع فيه سيول برا ولا لا .
جا بيمشي قالت جدته : قبل تروح تعال قومني ابي اروح اصلي .. اذن الفجر ..
قومها لين وقفت واعطاها عصاها ومشى معاها وهو ماسكها بيدها لين دخلت غرفتها ..
قالت : ادخل معي علمني اول بالعلوم كلها ..
دخل على امرها وسرد لها كل تفاصيل الاحداث اللي صارت له مع نايف وصالح .. واللي انتهت على خير ..
وقام بعدها وتوجه للبوابة .. طلع برا وسكر وراه ..
راحت فوزية تنادي شادن اللي صلت وقعدت طفشانه " اجل هذا اللي يقول بمر واطلع اشوفه جلس ساعه ." .
قالت بصوت عالي : اخيراً احد تذكرني .!
: هههههههههههه عماد وامي تقابلوا من يفرقهم .
: الله لايفرقهم .. صحيح بسألك ياعمه .. عماد ماعنده عمل ..؟
: الا واليومين اللي راحت فين ..؟
: فين يشتغل ..؟
: ياماما عماد عنده مجموعة شركات.. لها فروع في جده والمدينة .. وقبل شهر فتح فرع في مكه بس مسكه فهد ايام وسحب عليه .
: فهد مين ..؟
: ولد ناصر اخوي اللي هو عمك ..!
: اها .. وليه سحب عليه .
: فهد هذا راعي بر ، صيد ، بحر بالاسابيع .. ولو عماد عنده اخو من امه وابوه كان مااعتمد على فهد لكن المضطر ..
اووه عاد فهد سالفة طويلة يبي له قعده طويله عريضة ..
.. الحين خليني اصلي ..
: ماله اخوان عماد ..؟
: اخوانه صغار اكبرهم 11 سنه والباقي بنات ..!
: ياحرام وحيد .
: مو وحيد اخواني كلهم معتبرينه اخوهم وولدهم . وامه تعتبره ولدها اللي جاي من عمرها مو ولد بنتها .
قالت وهي واقفه بتطلع عن فوزية اللي لبست شرشف الصلاة : الحمد لله ربي عوضه بأم ولا احن واطيب .. الله يطول بعمرها . .
: آمين يارب .. الله اكبر ..
صلت فوزية وشادن راحت للصاله واخذت الصينيه والسفرة ودتها للمطبخ ورجعت باقي الفطاير في الثلاجة بعد ماغلفتها وحطت ابريق الحليب على الفرن للي تجي من الشغالات تشرب منه .
طلعت للصاله وشافت شهد اللي قالت لها : شادن النور بيطلع متى نمشي للمدرسة .
وقفت شادن قالت : اووه صحيح والله ياشهودة ذكرتيني الله يذكرك الشهاده .
جات فوزية تمشي بعد ماخلصت صلاتها قالت : ترى عماد هو اللي بيوديكم ..!
تجمدت شادن وناظرتها قالت : يودي من ؟
: بسم الله وش فيك ..؟ يوديك انتي وشهد ولا كيف بتمشون في هالطين والحفر المليانه موية .
بلعت ريقها قالت : مممممممممم عادي وش نسوي امرنا لله .. واذا وصلنا المدرسة يعني المدرسة مافيها طين ؟ الطين بكل مكان خلينا نروح نمشي بهالجو الحلو .
: بنت ترى عماد ماياكل احد .
: وانا قلت ياكل ..؟ يالله يالله بروح البس على رواق الوقت راح علي .
: اصبري شوي ترى باقي وقت طويل .
: طيب اطلعي معاي سولفي علي لين اخلص لبس وجيبي شهد تلبس عندي
: زين يالله .
طلعوا كلهم ودخلت شادن تلبس في الحمام على بال ماتلبس شهد .. طلعت ومشطت شعرها .. وسوت مكياج خفيف وهي تسولف لهم عن معاناتها في الطريق ومتى تصحى وكيف ترجع وانها ماكانت تشوف امها الا لمحه اول ماتدخل وهي خارجه .. حست انها اشتاقت لامها بس يالله ربي بيفرجها بعد يومين وتشوفها وتشبع منها ..
ولو انها بترجع لنفس المعاناة بس المهم تصير قريبة من امها .
قالت فوزية : يووه صحيح نسيت اقول لك .. ترى عماد مر اهلك وجاب لك اغراض من عند امك ويقول انهم بخير .
: والله ..؟
: ايه والله من البارحه قايل لي .!
: الله عليك ياعمتي من كم ساعه وانا معاك دوبك تقولين لي ..؟
اش قال عن امي تدرين ..؟
: لاوالله مااخذت منه التفاصيل .. كل اللي عرفته انه مر عليهم وجاب لك اغراض .
: الله يخليك ياعمه تروحين تسألينه قبل امشي ابي اعرف اخبارهم ..!
: زين الحين انزل معاكم واسأله .
خلصت لبس ولبست عبايتها وتغطت واخذت شنطتها بيدها .. وبقلبها امنيات واحلام ا ن امها بخير .. ومخالطها خوف ان عماد يجيب لها شي مايسر ..!
***
واقف برا وثاني ثوبه ورابطه على وسطه ورافع اسفل بنطلونه الابيض لحد نص الساق .. ومشمر عن سواعده وفي يده حديدة كبيرة يسوي بها مجرى للموية اللي تجمعت عند بوابة البيت ومعاه العامل حق غنم جدته ..
وقف عماد وقال للعامل : احفر من هنا وروح جيب تراب ورمل من ورى البيت حطه قدام الباب مباشر عشان يمنع الموية ماتدخل للبيت اذا زاد المطر ..
طالع بالسما وكمل : السحاب والرعد والبرق يدلون ان فيه مطر قوي بينزل . اللهم حوالينا ولا علينا .
جات شهد تجري قبل ماتطلع شادن قالت : عماد خلصنا يالله شغل السيارة .
قال : ارجعوا محد جاي للمدرسة !
رجعت شهد لشادن اللي وقفت في الحوش لمن لمحت العامل اللي يحفر عند الباب قالت : شادن عماد يقول ارجعوا لحد يروح .
قالت بهمس : اش لحد يروح ..؟ انا لازم اروح اقل شي اوقع وارجع .
رجعت للبيت بتشوف فوزية عشان تجي تكلمهم يبعدون عن البوابه بتطلع ..
وراحت شهد لعماد قالت : عماد شادن تقول بروح اوقع .
طالع في شهد ورجع يكمل حفر مع العامل اللي متفاني بشغله ..
قال : روحي بدلي ملابسك لاتتعدم من الطين وشوفي امك وينها .
رجعت شهد لامها اللي تكلمها شادن
: ياعمتي المديرة متشددة وتدور الزلة علي .. وانا هنا مالي عذر لو كنت بجده ممكن بس انا موجوده هنا .
بعدين اش اللي يمنعني مااروح ..
: نوف تدور عليك الزلة ليه ان شاء الله ؟
: ماادري عنها المدرسة تعاملها بشكل وانا بشكل ..!
: والله .؟
: اسألي نوير حتى هي ملاحظة بس ابغى اعرف اش فيها عليّ لاتكون سامعه عني شي بس .
: تخسي ماتسمع عنك شي .. بس خليها شغلها عندي .
اخذت جلالها وطلعت في الحوش نادت عماد اللي دخل بسرعه وهو كل شوي يلتفت للعامل اللي برا ويقول من هنا ، حط هنا بعد ، اصبر لا يدخل الطين داخل انتبه ..
: ها يافوزية هذي وش فيها ماتسمع الكلام وتبي تداوم والجو بهالشكل .
: عماد الله يهديك لاتتدخل في شادن وتمنعها .!
كشر ورفع صوته : وشو ؟
: مااقصد يابن الحلال البنت تقول ضروري تروح لأن نوف طلعت حاقدة على بنت خالك وتدور عليها الزله .
طالعها والتفت لبرا كأنه مو مهتم بس رجع وقال : ماعليها من نوف اذا همها نوف لاتشيل هم انا اخليها تعدل معاملتها لها وقولي لها ان ماتغيرت بنت لافي تعلمك على طول وسنعها عندي .
: طيب وشادن وش تسوي الحين ؟
: قلت لك يافوزية الجو محد يقدر يطلع فيه والسماء بتمطر من جديد ..خليها تجلس وتعتبر نفسها داومت ووقعت وماراح يضرها شي على مسؤوليتي .
قالت بضحكه ومزح : قدها ياتربية ام ناصر .
ماتغير شي في ملامحه الجادة قال : ادخلي العامل لايشوفك وخلي وحدة من الشغالات تجي تاخذ الحليب واغراض بنت خالك .
رجعت فوزية لشادن قالت لها الكلام اللي صار وطمنتها بس شادن ماتطمنت وانقهرت ..
شو هاليوم ياربي ..؟
كنت مبسوطه في بدايته . !
كشرت بوجهها واضطرت انها تسكت وتصبر طبعا ساكنه في بيت عماد وتاكل من خيره الحين لازم تذعن لأوامره الصارمه .
ارسلت فوزية الشغاله تجيب الاغراض وحليب الغنم اللي جابه العامل من بدري ..
وطلعت لشادن اللي سبقتها لغرفتها فوق باغراضها ..!
بدلت ملابسها ولبست بيجامه بنطلون وردي وبلوزة وردي عليها قلوب حمرا على الصدر ..
وجلست بعد مافتحت الشباك اللي يطل على مزرعة جدتها ...!
دخلت فوزية عليها بشنطة صغيرة وكيس كبير قالت : خذي هذا من عند امك ..!
اخذت شادن الاغراض بلهفة ودمعتها بعينها ..
فتحت الشنطة ولقت فوق ورقة بيضا مكتوب فيها بخط امها ( ابشرك نايف وطلع .. وصالح وافتكينا منه للأبد .. وكله بفضل الله ثم عماد ولد عمتك )
قفلت الورقه وجرت دموع الفرح .. قلبها ينبض بقوة والشوق زاد ..
اخيراً انفكت العقده .. وانحلت المشاكل .. وجاها الفرج ..
صالح فارقهم ونايف طلع ..!
قالت فوزية اللي كانت لاهيه بتبديل ملابس بنتها وماشافتها وهي تقرا .. : ها وش ارسلت عليك امتس ..؟
: ها .. تأملت الشنطة قالت .. ملابس اغراضي .. ههههههه شكلها تبغاني اجلس هنا اكثر بس بُعدها ..!
كررت فوزية آخر كلمة مستغربة : بُعدها ...؟
: ايوه لأني عزمت ارجع من يوم بكرة ولا السبت ..
: ياويلك لو امي تسمعك ..
وقفت شادن وفي بالها انها راح تقنع جدتها بسهولة ..
لأن فرحها اكبر من كل الهموم والدنيا مو واسعتها ..
طالعت بعماد اللي لف ورى البيت ورجع للبوابه ..
وشكرته من كل قلبها بصمت ..
تأملته وهو متفاني بشغله اللي ممكن أي عامل يقوم بع عنه ..
وقفت فوزية بجنبها قالت : هذي المزرعه لامي اشتراها لها عماد قبل سنه ونص من جارنا ابو سلطان بعد مامرض وراح عند ولده في جده ..
لأنها تبي رعاية واهتمام وهم مايجون للقريه الا عشان ابوهم وابوهم عندهم الحين مو محتاجين يجون للقرية ويتركون مصالحهم . . عاد عماد ماقصر زرعها من جديد ويقول باقي لها كثيير .. هييييييي شادن وين رحتي ..؟
ابتسمت براحة قالت : ها معاك ياعمتي .. ايوه وعماد مايداوم كل يوم ..!
: لاااااا البنت مو هنا .. غمزت لها قالت : وش سالفة الأسئلة الزايدة عن عماد ..؟
: ههههههههههههه ولا شي بس حب استطلاع .. انسان عايشة في بيته ومااعرف عنه شي . .
: لاياستي مايداوم كل يوم .
: طيب هو كم عمره ..؟ احسه كبير .
: عمره فوق الثلاثين لوتشوفين جدتي كيف مشتغلة له بالزواج وسن الثلاثين حجتها .
ماشالت نظرها من عليه وهي تتأمله قالت : طيب ليه ماتزوج .؟
: يقول انه مايبي الحرمة والمسؤولية والربطة . قطعت فوزية كلامها وأشرت على السما قالت : طالعي البرق .. ياربي رحمتك ..
: قولي سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته .
: ذكرتيني بامي .. طالعي لااله الا الله . سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته .
الجو مظلم والشمس مختفيه ومحتجبة خلف الغيوم الكثيفه .. وصوت الرعد يهز الدنيا كلها والبرق ينور السما ويحول لونها للأحمر وكأن يلمع فيه شهب ملتهبه ..
قالت لشهد اللي قعدت ترتجف وتسوي نفسها انها شجاعه وماهمها : تعالي ياشهد شوفي البرق كيف ربي ينور على الناس .. واسمعي الرعد كيف ربي ينبه الناس يقول ترى فيه مطر ادعوني عشان ينزل ويسقي الأرض وتطلع الأشجار ..!
ابتسمت شهد وحست ان المطر يقرب بينها وبين فاطر السماوات والأرض وصار حكاية جميلة بدال الخوف والرعب ..
قالت ببراءة : يارب جيب لنا مطر بس مافيه صواعق .
ضحكوا فوزية وشادن منها ومن عفويتها وأمنوا لها ..
وجلسوا يسولفون بعد ماسكروا الشباك لأن المطر بدا يهطل بقوة ..
دخل عماد ونادى وهو يطلع مع الدرج ودخلت شادن غرفة فوزية الأقرب لها ...
وبعد ماسمعت باب غرفته قفل وقفت بتروح لغرفتها قالت : ناموا عشان اصحيكم على الغدا بنتغدى مع جدتي اذا عماد سمح .
قالت فوزية اللي تتثاوب من ساعه : ياليت والله ننام .. اقل شي نصحى والمطر قد خف عشان العصر نروح نتمشى .
واذا على عماد لايمكن ياكل الا مع امي الا بحالة وحده اذا حن عليك وحس انك محتاجة تجلسين مع امي .. اوانشغل غصب عنه وماقدر ياكل معاها .
: الله يحنن قلبه ولا يشغله الا بطاعته وذكره وشي سهل وبسيط يخلينا نتغدى مع جدتي
والغلبة للنصيب .. //
فصلٌ سادس
فتحت عينها على الساعه اربع العصر
تذكرت انها ماصلت الظهر شو هالنوم الثقيل ..
قامت بكسل قالت : هذا وانا نايمه بدري امس .
دخلت توضت وطلعت تصلي الظهر والعصر مع بعض ..
قبل ماتسلم شكرت ربها على امتنانه عليها بفك سجن اخوها وراحة امها وفراقها لصالح ..
ودعت ان الله يستر عليها وعلى امها ويفرح قلب امها بلمتهم وجمعتهم قريب .
سلمت على يمينها وعلى شمالها بكل خشوع وتأني ..
سبحت واستغفرت ثم قامت تطبق شرشف صلاتها وسجادتها وترجعها بمكانها ..
راحت لغرفة فوزية القريبة من غرفتها وجلست عندها تسولف معاها بعد ما صحتها وصلت الثانية .
شافت شهد جاية من برا قالت : شهد روحي شوفي جدتي عندها احد ولا ننزل عندها .
: جدتي برا عند الغنم مع عماد .
التفتت على فوزية قالت : الحين كيف نجلس معاها ؟
قالت فوزية : اذا راح لشغله ..؟
: متى ..؟ بكرة يعني ..؟
: لا مااعتقد .. هو يروح يومين ويرجع يجلس ثلاثه ، اربعه ، واحياناً اسبوع كامل ..
: وشغله ؟ مو تقولين عنده مجموعة شركات ..؟
: الا بس مسلمها ناس على قولته ثقة وكفؤ ..
: طيب هو ليه مايسكن في جده ويرتاح ..
: يابنتي عماد مايقدر يبعد عن امي وبالذات السنتين الأخيرة مايحب يطول عليها .. بعدين الديرة تناسبه ويرتاح فيها نفسياً اكثر من المدن ..
رفعت شادن حواجبها ..
قالت : غريبة فيه احد يسلم حلاله للناس ويجلس عشان جدته ولا عشان الديرة تناسبه .
خبطتها عمتها قالت : لاتقولين شي على عماد .. عماد هذا اللي مو عاجبك يخوف بلد يعني مايخاف ان احد ياكل حقه ومتابع شغله كله ويعرف ادق اموره .
: صحيح هو كيف فتح هالشركات ابوه غني ولا كيف ؟
وقفت فوزية قالت : بتفتحين تحقيق عن عماد وتنسينا الغدا تراني ميته جوع خلينا ننزل .
نزلت شادن معاها بعد مامرت غرفتها واخذت عبايتها وراحت للمطبخ
حضرت لهم الشغاله الغدا ..
صبت لها كاسة لبن من لبن من غنم جدتها اللي يسوونه في البيت . ..!..
تذوقته بحذر ..
اول مرة تذوق لبن الغنم ..
استغربت طعمه وريحته بس بسرعه تعودت عليه ..
وحست انه الذ من البان الأبقار اللي تشربها من صغرها .
بعد الغدا ..
قامت غسلت ورجعت للصالة وكانت بتجلس الا سمعت صوت عماد ..!
صوته جهوري وحاد وهو يسولف مع جدته
يعلمها عن الأودية اللي سالت والقرى اللي ربي مَّن عليها برضاه واسقاهم واسقى زرعهم واراضيهم .
والجدة ترد عليه وتنثني على الله بـ : ماشاء الله تبارك الرحمن .. يالله لك الحمد ولك الشكر .
دخلت شادن للمجلس بسرعه وهي تحس برهبة في صوته ..
كلامه من النوع الكبير وكأن عمره فوق الستين سنه .
مافيه فرق بين لهجته ولهجة جدته وطريقة الكلام والاسلوب اللهم ان صوت عماد رجولي وفيه هيبة اكثر من جدتها .
اصغت لحوارهم الواضح ..
وفجأة حست ان صوتهم خفت ..
بعدها بثواني ..
نادتها جدتها من برا قالت بصوت عالي : ياشادن البسي عباتس وتعالي مافيه غير عماد مهوب غريب تراه ولد عمتس .
فزت شادن من مكانها وحطت يدها على صدرها قالت في نفسها " ياويلي من جدتي الحين لاتلح علي اني اطلع .. الله يستر لاتحرجني "
دخلت فوزية وهي تضحك قالت : ههههههههههههههه اطلعي تعالي عندنا .
: لاوالله مااطلع لو ماادري اش يصير روحي اقنعي جدتي تكفين ياعمه فكيني منها .
: هههههههههههه اصلاً عماد اخذ بعضه وقام انحاش .
: ماقصر والله فكني من الاحراج مع جدتي .
طلعت مع عمتها وكملت جلستها مع جدتها ..
الوقت عليهم وناسه مع ام ناصر اللي علمتهم بالسيول اللي تصب في مزارع القرية .
وكيف البير اللي يعبون منها اهالي القرية خزاناتهم امتلت على آخرها ...
الفرح بالغيث والرزق عم البيوت والنفوس ..
رضا الله والدلالة الخير اللي ارسلهم ..
اسقى الأوادم والحيوانات والزرع ..
بدون أي كوارث او مشاكل ..
***
صحت سارة من النوم وهي تحس بارتياح تجهل سببه ..
ماقدرت تنام بعد مناحة امس الا بعد ماصلت الاستخارة ..
بعد المكالمة الغريبة وحلفه انه لينتقم من مشاري ولا يقتله ..
وبنهاية المكالمة عرفت انه مو في وعيه ..
وشكله شارب شي من ثقل لسانه وغياب عقله ..
بكت لحد ماانهكها البكا واضناها ..
تبي من يشير عليها بدون تحيز او ظلم ..
ومافيه اعدل من ربي واعلم منه ..
اختارته وريحها بالنوم وراحة النفسية والهدوء اللي تحس فيه الآن رغم همها الكبير ..
بدلت ملابسها ولبست بنطلون تنورة واسعه بلون بني .. وبلوزة طويلة وواسعه بكم طويل وواسع ونزلت تحت عند ابوها وامها اللي افتقدوا جلستها من زمان ..
والجلسة مثل ماهي ماكأن غيابها عنهم اثر فيهم .
امها تقرا في كتاب رياض الصالحين في محاولة منها ا نها تلم بالأحاديث الصحيحة ..
وابوها يتصفح الجريدة بنظاراته السميكه اللي تغطي عيونه .
شبكت يدينها في بعض زي الطفل المحتار كيف يواجه الاكبر منه وهم زعلانين منه ويفكر كيف يعتذر .
انتبه لها ابوها ونزل نظارته وفتح لها يده قال : هلاااااا بسارونه الغالية .
تعالي عند ابوك .. هنا هنا .
اشر للمكان اللي بجنبه وجات سلمت على راسه ورجعت سلمت على راس امها اللي ابتسمت لها وقفلت الكتاب ..
جلست بجنب ابوها بحيا .. قال ابوها : تغديتي ولا كالعاده .
: لا يبه ماتغديت بس مالي نفس والله .
اخذ التلفون قال : نشوف لك نفس ولا لا اذا طلبنا من بيتزا هت .
لف يده عليها وحضنها بحركته المعهودة واللي اعتادتها سارة .
طلب بيتزا وانهى المكالمة وسلم على راس بنته وهو يمسد شعرها ويحضنها له اكثر ..
قال بلهجة فيها دلال واضح لها : مشكله اذا كبرت البنت الدلوعه .. يكبر دلعها معاها والمشكلة الاكبر ان الاهل يدلعونها اكثر .
ابتسمت لابوها بحب و خجل قال : يبه آسفه .. بس والله ...
قاطعها ابوها وهو يحط راسها على صدره : لاتعتذرين عن شي احنا اللي آسفين المفروض مانسلم سارة الغالية الا للي يستاهلها .
امتلت عيونها دموع قالت : يبه خلاص قفلوا على الموضوع هذا .. وان شاء ربي يكتب لي اللي فيه خير .
تنفس ابوها بارتياح وهو يشوف تسلك طريق غير العناد وانها بدت تخطو خطوة صحيحه وتفكر بمصلحتها بدون مايضغطون عليها اكثر ..
دخل مشاري ووقف بمكانه ..
يحس نفسه من زمان عنها لدرجة انه تقريباً نسى شكل ملامحها .
ابتسمت له وقامت تسلم عليه .
قال : مابغينا نشوفك يالزعلانه .
ابتسمت وهي تحاول تبعد عن جو العتب واللوم قالت : اجرب غلاي ومعزتي عندكم .
: عز الله غاليه والدليل العشا الليلة عليّ .
وقفت امه قالت : بما ان النفوس متصافيه نبي نطلع لمخطط مانبي مطاعم خلونا ننبسط خاصة ان الجو الليلة براد وحلو .
رد ابو مشاري وهو يشوف تعابير وجه سارة تهللت قال : اجل نروح للبحر والعشا على مشاري .
قال مشاري وهو يشيل الملف اللي جايبه معاه : اجل يالله جهزوا على بال ماابدل دقايق بس وانزل لكم .
قضت سارة ليلة لابأس فيها بمعية اهلها وبعيد تماماً عن خالد وسيرته وذكراه الموجعه ..!
***
بعد مضي اسبوع كامل وهي عند جدتها ..!
ماداومت هالاسبوع..
لأن المديرة قالت لهم لايجون لأن فيه قرار من الوزارة منع الدراسة الى نهاية الاسبوع خايفين من الغرق ولا تعرض المدرسات اللي يداومون من مناطق بعيده للمخاطر ..
واذا على الدروس يعوضونها الايام الجاية .
كانت جالسه مع فوزية وجلالها على اكتافها ..
جات ام ناصر والشغاله ماسكتها بيدها ..
وجلست معاهن بمكانها المعتاد في صدر الجلسة والتكاية على يمينها ..
قالت الجده بلهفه : احد يدري عن عماد جا من الطايف ولا لا ..؟
ردت فوزية وهي تاكل حلا وترشف عليه قهوة : يمه عماد وصل قبل شوي .. بس طلع لغرفته يقول انه تعبان ويبي يرتاح .
: الله يهديه .. اهلكته هالمشاوير . كل شوي وهو في ديره .
: اشوا من فهد اللي شوي في ليبيا ولا السودان ولا الجزاير ..!
: هو راح ..؟
: ايه ..!
: من قاله لتس ..؟
: ناصر جانا وانتي نايمه قال انه مشى ..
طالعت ام ناصر بشادن اللي ساكته وباين انها سرحانه قالت : علامتس ياشادن ..؟
ابتسمت لجدتها بحب قالت : مافيني شي ياجدتي بس افكر باهلي .
: وحنا وش حنا ..؟
اتسعت ابتسامتها اكثر قالت : انتم اهلي اكيد .. انا اقصد امي ونايف اخوي .
: اهلتس طيبين ونايف عند امتس وابشرتس ان صالح طلق امتس وافتكت منه .
سوت نفسها متفاجئة ومبسوطه حتى ماتخرب على جدتها المفاجأة والبشرى اللي سوتها لها ..
قالت : صدق ياجدتي ..؟ الله يبشرك بالخير .. من قال لك ..؟
: علمني عماد الله لايخليني منه .
: الله يسامحك ياجدتي .. ليه ماقلتي لي على طول ..؟
: مابغيت اعلمتس ثم تفرحين وتشتهين الروحه لامتس .
: يعني تسمحين لي بكرة اروح ..؟
: يابنيتي انا ماودي امنعتس من امتس .. بس الطريق خطر عليتس وانتي اهلتس بجنب مدرستس .. روحي لامتس كل ربوع مع سواق المدرسات وليا جا السبت تجين وتقعدين عندي .
مافيه مفر من اذعانها لاوامر جدتها الحانية ..
قالت باذعان وطاعه : خلاص ولا يهمك ياجدتي .. اللي تبغينه يصير .
: الله يرضى عليتس ولايخليني منتس ويقر عيني بشوفة اخوتس .
ماكملت كلمتها الجدة الا ودق الجرس وكأنها على موعد مع القدر ..
راحت الشغاله تفتح ..!
ورجعت بسرعه قالت : ماما فيه رجال عند بوابه ..
ردت فوزية : منهو ماعرفتيه ..؟
ردت الشغاله اللي اعتادت على اهل القرية وتقريباً حفظتهم كلهم : لامدام مااعرف ..!
قالت فوزية وهي توقف : بروح انادي له عماد .
ردت ام ناصر بسرعه : خلي عماد يرقد تلقينه تعبان .. انا اللي اروح اشوفه .!
وقفت بمساعدة فوزية ولبست جلالها الضافي على جسمها وراحت تمشي وهي تتكيء على عصاها ..
والشغاله تساعدها على المشي وتساندها ..!
شافت شاب واقف عند الباب ..
ملابسه وهيئته تدل على انه مو من الديرة ..
اضفت غطاها على عيونها الباينه من ورى برقعها
قالت : هلا حيا الله الضيف . حيا الله من جانا ..!
عطاها نايف جنبه وصد بوجهه عنها
قال : هذا بيت عماد بن مشعل .
: وصلت ياولدي ..!
: هو موجود ..؟
: موجود .. ادخل للمجلس اللي على يمينك .. وهو يجيك بعد شوي .
طالعها نايف بدقه اكيد حرمه كبيرة وحازمه مافيه غير جدته اللي كان ابوه يوصفها له ..
قال : انتي ام ناصر ..؟
: وصلت ياولدي .. انا ام ناصر ..
شال نظارته السوداء من على عيونه ودخلها جيبه وتقدم بخطواته ناحيتها ..
الملامح مو غريبه عليها ..
الا تعرفها زين ..
شباب خالد ..
وعمر خالد ..
ملامح وجهه .. !
العين والحاجب والهيئة ..
قالت ودمعه منها انحدرت غصب وسالت على رقبتها المجعده بفعل الزمن وقسوة الدموع اللي ياما مرت عليها ..
: حيا الله ولد خالد ..
اقبل عليها وسلم عليها بحرارة ..
وهي تعلقت فيه اكثر ..
حضنته وكأنها تحضن خالد ..
خالد اللي ضيعته بعناده وعناد ابوه وتجبره ..
خالد الصغير ..
رجع لها مثل ماراح ..
الملامح هي هي ..!
والصورة بالكربون ..!
سلم على يدها وحط راسها على صدره ..
قال بحنان : لودريت ان هالدموع بتنزل ماجيتك ..!
قالت بلهجة عاتبة وحاده : انت وش اللي تقوله .. الا المفروض انك جايني مع عماد ..! وش وخرك ( اخرك ) عليّ .
حط يده في يدها ومشى معاها لداخل البيت قال : المعذره ياجدتي .. انشغلت بالكلية اخلص اوراقي قبل لايروح الترم علي .. انتي بشريني عن صحتك عساك بخير ..!
: بخير بشوفتك انت واختك .. الله يرحم ابوكم ..
تهدج صوتها وقطعت كلامها الذكرى ..
وهلت دموعها من جديد ..
وصلت للبيت ونايف يلومها على البكا وهي تمسحها بطرف جلالها قالت : ادخل ماهنا احد مافيه الا اختك وعمتك فوزية ..
دخل معاها وفزوا البنات ..
فوزية راحت وتخبت عنه لأنها ماتعرفه ..
وشادن وقفت ..!!
تجمدت كل اللحظات والثواني ..
وقف الدم والنبض والهواء ..
نايف .. !
نايف ولايشبه نايف ..؟
ضحك لها وفتح يدينه ..
ياكثر شوقها له ..
وياكثر مااحتاجته يساندها ويوقف معاه ..
وياكثر ماهو قريب منها لدرجة انها كانت تقول له على كل شي ،
عمرها ماحست انه اصغر منها ..
رغم انها اكبر منه بثلاث سنوات الا انه دايما يحسسها انه الكبير .. !
لأنه كبير بالقدر والفعل والتصرفات ..
جاته تجري وهي في سباق مع الدموع ..!
ضمته ساعه وهو حاضنها على صدره ..
شادن بالنسبة له بنته واخته وصديقته ..
هو المسؤول عنها وولي امرها ..
ضحك وهي تشهق على صدره قال : ههههههههههههههههههه الحين انا اسكت جدتي برا وارجع اسكتك هنا ..!
دخل اصابعه مع شعرها قال بحنان : وش سالفة الدموع اليوم ؟ والحنفية هذي ماتخلص دايماً .
ضحكت شادن من بين دموعها اللي بللت وجهها قالت : اشتقت لك كثيير ..!
جلست ام ناصر والموقف مأثر عليها قالت : حيا الله ولد خالد .. تعال اجلس عندي . علمني وشلونك ووش علومك .
مسك يد اخته وجلس بجنبها وجدته على طرفه الثاني ..
قال : انا بخير ومشتاق لكم والله .. اجل وين عمتي فوزية .
سحبت شادن منديل وقعدت تمسح دموعها قالت : بروح اناديها ماتدري انه انت .
وقفت ونادت فوزية المستمرة عند باب مجلس الحريم وهي مستغربة ان شادن مالحقتها ..
: عمتي تعالي سلمي على نايف اخوي .!
جات فوزية تمشي وسلمت عليه برسميه ..
ان الوحده تسلم على رجال لأول مرة تشوفه شعور صعب جداً ..!
هذا كان احساس شادن مع عمانها ..
بس مايستمر الا لحظات ويروح ..!
قهوة وسوالف ودفة الحديث كانت اغلبها بين نايف وام ناصر ..
احدهم يسأل والثاني يجيب ويسترسل في الاجابة ..
سمعوا صوت عماد ينادي على شهد وياولد .. ويافوزية ..
اخذت شان جلالها المرمي وراها وحطته عليها
قال نايف بسرعه : روحي ادخلي داخل بسرعه .
هذا هو نايف اللي تعرفه .. غيور .. رجل موقف .. حنون .. كريم ..
وقفت ودخلت لمجلس الحريم وبقلبها " مو وقتك ياعماد "
نزل عماد وتفاجأ بنايف اللي جالس مع جدته وسلم عليه بحراره .. ورحب وهلاّ ونادى بقهوة جديده تجيهم في مجلس الرجال ..
اخذه غصب رغم اعتراضات نايف بحكم انه من اهل البيت ومافيه احد غريب ...
بس عماد اصر ووداه مجلس الرجال ولحقتهم ام ناصر ..
بعد ساعتين كان البيت يعج بالناس مجتمعين على عشا ام ناصر وعماد لعيال خالد ..
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
في غرفتها المظلمه ..
قامت فتحت الشباك بعد مانامت اختها العنود اللي بسنه ثالث ابتدائي ..
طالعت في بيته ..
سيارته اللي موقفها قدام البيت ومادخلها ..
اثاره وخياله ..
هناك امس واقف ..!
ومرة نزل هناك ومشى على رجوله ..!
هناك كلم العمال ..
وهناك وقف يتأمل البيت من برا ووش سوا المطر فيه ..!
وهنا صد عنها ..! وهنا وهنا وهنا ..!
دمعت عينها ..!
ياترى بتحس فيني ياعماد ولا لا ..
اللي كانت خايفه منه بدت تشوف بوادره ..
تذكرت لمن مر على ابوها وقال لها لاتغيِّب شادن ..
وانه هو اللي ردها لاتداوم ..
مسكت حافة شباكها الحديد وتثنت على الارض ..
" خايفة منها ياربي ..
هي ازين .. ومتدينه بحكم بدليل صلاتها في المدرسة وسنتها ..
وعنده في البيت يعني قدام نظره
ويمكن .. مو يمكن الا اكيد انها بتحبه .."
ابتسمت بوجع ..
" اجل فيه بنت بعقلها تشوف عماد وماتحبه ..
وشلون اذا قربت منه وعرفته .. "
رجعت ملامح الحزن ترتسم على وجهها ونزلت دمعه حارة على خدها قالت بقهر " حبك خلاني احقد على شادن وهي مالها ذنب .. بس يمكن مع الوقت يصير لها ذنب ويصير لي عذر "
تعوذت من ابليس وجات ردة فعلها سريعه لمن قالت " اعوذ بالله عسى مايصير لها ذنب وتاخذ عماد وعسى مايصير لي عذر واحقد عليها باسبابه "
ممكن تكون الاحلام على كيفنا وهوانا لكن تحقيقها مو بيدينا ومالنا فيها أي تدخل اوسلطه ..
كلها بيدين القادر القوي .. اللي يحكم بكيفه ويوزع القسمه والنصيب بمراده وارادته جل وعلا ..
سمعت صوت ابوها يدخل البيت وفزت دخلت في بطانيتها وغمضت عيونها حتى لايذبحها ان درى انها صاحيه وشباك غرفتها مفتوح ..
***
اليوم الثاني ..
صحت الساعه خمسه الفجر ..
لبست تنورة جينز كحلي وبلوزة قطنية لونها وردي بكم طويل ..
مشطت شعرها الاسود وفتحته .. وحطت ميك اب خفيف وناعم يناسب مدرِّسة وتعلم اجيال ..
لبست جزمة ( اعزكم الله ) بدون كعب لونها كحلي على رمادي ..!
القت على شكلها نظرة اخيرة ..
شكلها مرتب وانيق وهي اصلاً حلوة ..
بخت من عطرها المفضل مس ديور بخات قليله حتى ماتطلع ريحته القوية ويشمونها الناس اللي راح تمر بجنب بيوتهم ..!
اخذت عبايتها وطرحتها وغطاها الساتر وبيدها الثانية شنطتها ..
طلعت من الغرفه ونادت شهد اللي سبقتها تجري تحت ..
اليوم نفسيتها غير ومزاجها غير ..
مرتاحه بوجود نايف وانها اليوم بترجع لامها وبتشوفها اذا الله اشاء واراد ..
نزلت مع الدرج خطوة خطوة وهي تطالع بساعتها اللي بمعصمها ..
سته ونص ..
يمديها تجلس مع جدتها قبل يصحى عماد اللي اعتادت عليه في اليومين اللي راحت مايصحى الا من بعد سبعه او ثمانية الا ..
حطت رجلها اليمين على ارض الصاله السيراميك ..
انتبهت للي واقف قدامها ..
لااا وين تروح وين تشرد ؟
حطت عبايتها المطبقه على وجهها ..
كانت ردة فعل عماد اسرع ..
اعطاها ظهره ورجع طلع مع الباب ..
مايدري وين يروح ..
المهم انه يبعد عنها ويفكها من الاحراج اكثر ..
مكشر ومعترض وبقلبه وشلون تمشي في بيت رجال مو محرم لها وهي متكشفه ..
وليه اقل شي ماحطت شي على راسها ..
رجع دخل مع قسم الرجال من برا بيشوف نايف اللي نايم في المجلس صحى ولا لا ..؟
شافه غاط بنومه وجلس قريب منه مايدري وين يروح ..!
اخيراً تمدد واسترخى جسمه استعداد للنوم حتى لو كان غفوة ..!
..
اما شادن فلبست عبايتها وهي ميته خجل وتوبخ نفسها وتلومها على الموقف المحرج " استاهل انا .. اصلاً ليه انزل بدون عبايه .. الحين اش بيقول عني .. "
هدت نفسها وهي تحاول تهرب من الموقف وذكراه بـ " اشوا اني اليوم برجع لامي وافتك من الجلسه هنا "
راحت لجدتها صبحتها بالخير وردت الثانية قالت : تعالي ابيتس ياشادن .
: هلا ياجدتي .
: اجلسي عندي وانا جدتس .
جلست بجنب جدتها وفي راسها ان جدتها بتوصيها بسلام لامها وبتأكد عليها للرجعه ..
: ها ياجدتي .. آمريني .
: مايامر عليتس عدو .. اسمعيني وانا جدتتس .
اصغت شادن لجدتها باهتمام لأن الكلام باين انه مهم من لهجتها وتأكيدها ..
: انتي بنتي وهالكلام مافيه شك ابد ..
وعمااد ولدي وقطعة من قلبي ربيته مثل ماربيت ناصر واخوانه ..!
كلن ظهر من عندي والتهى ببيته ، اللي سافر ، واللي تهاوش مع ابوه وانحاش وفرقت بيني وبينه السنين ، واللي التهى بشغله وعياله ..!
مابقى لي غير عماد ...
تنهدت وكملت بحب واحساس بالجميل والعرفان ..
هو اللي مريحني ويدور رضاي وراحتي ..
وانا مامنغص علي غير اني مااشوف حرمته وعياله .. واني اشوفه مستقر في بيته ومرتاح ..
وانتي بنت خالد الغالي اللي اخذته الدنيا مني وابعدتس كل هالسنين عني ..!
كبرتي وانا ماشفتس غير وانتي حرمه ..
سكتت ام ناصر لحظات واخذت نفس عميق ..
الكلام هذا يرهقها يهزها من الداخل ..
بعد خالد وعياله كانت اكبر مصايبها والكلام فيها مؤرق ومرهق .. قالت الجمله الأهم والكلام المفيد والمختصر ..
: ابيتس تاخذين عماد .. وانا ادري انتس عاقلة منتيب رادة واحد مثل عماد . وادري انتس تبين ترضيني واعيش باقي عمري وانا مرتاحه ..
..
كان الكلام يخترقها زي السهوم ..
قنابل فجرتها جدتها على راسها ..
مفاجأة لاكانت على البال ولا الخاطر ..!
اللي حفظته من فوزية ان عماد مايبي الزواج .. اجل كيف تبيها تتزوجه ..؟
طالعت بجدتها وبعيونها "ليه بتغصبونه عليّ "
تكلمت بصوت محرج ومنصدم : جدتي ..! بس انا اعرف ان عماد مايبغى يتزوج ..!
ردت باندفاع : مايعرف مصلحته ..
: جدتي عماد مو صغير والله يخليك لاتحطيني بموقف مثل هذا .. انا ادري انه مغصوب ..
:عماد خليه عليه .. بكره ليا غصبناه واعرس طاح اللي في راسه .
: بس ياجدتي ..
قاطعتها بشدده : مافيها بس يابنيتي .. اخوتس وافق وماباقي غيرامتس وهقوتي انها ماتخيبني وترفض ..
: طيب وانا ماتبين تعرفين رايي .؟
: يابنيتي لو عماد مايصلح لتس ولا مهوب رجال يناسب بنت ولدي ماخطبتس له .. وانا بنفسي اللي اقول لا ماايخذ بنت خالد .. لكن عماد ينحط على اليمنى رجالن كفو .. يسد في اللوازم وشهم .. ان نخيتيه لقيته العتيد قوي الباس .. وان احتجتيه لقيته الاخو والسند .. متعلم وعنده خير ومستخسرته في بنات خلق الله وانتي قدام عيوني بنت ولدي سنعه وعاقلة وتستاهلينه .
حطت راسها بين يدينها وضغطت عليه بقوة " ياربي اش هاليوم .. واش هالايام اللي الصدمات فيه متعاقبه .. بعد صالح والخوف والرعب والوحده الاقي الاهل والسند والعزة والامان .. ثم يطلع اخوي من سجنه ونفتك من صالح اللي كاتم على حياتنا ومخليها اضيق من ثقب ابرة وبيوم يفرج لنا ربي منه .. وانخطب ويمكن اصير زوجه بأي وقت والمصيبه لواحد رافضني ويمكن يكرهني ويعتبرني نكبة حياته .."
ماتقدر تركز ولا تفكر بشي ..
وقفت وشافت شهد داخله عليهم وبيدها بقية ساندوتشها اللي اكلته في المطبخ قالت : شادن يالله ..! شاادن ..! يووووووووه ابلا شااااادن انا انادييييك .
: ها .. هلا ياشهد .. يالله .. يالله مشينا ..
التفتت على جدتها اللي تراقب تصرفاتها وحركاتها وتدري انها فاجأتها او بمعنى اصح فجعتها بالطلب هذا ..
مافيه بنت ترضى تصير بمكانها ..
عماد رافض الزواج نقاشاً وعرضاً وفرضاً ..
كيف يحطونه امام الامر الواقع بمساعدتها ..!
اخذت شنطتها وتوكلت على ربها وفوضته امرها كعادتها اللي مؤمنة فيها ولايمكن تتركها مهما ضعفت وخافت من العواقب ..
ومشت مع شهد متوجهه للمدرسة ..!
***
في مدرسة السبيل ..
جالسه في الفصل .. وتراقب البنات اللي يجاوبون على اسئلة الاختبار الدوري ..
تذكرت هذيك الليلة اللي مافارقتها ولا ثانيه ..
تذكرت اتصالاته الكثيرة واللي مطنشتها للحين ..
مابين قلبها وحبه وعقلها واهلها ..
تتبع العقل وتلغي الحب ..
ولا تتبع القلب وتلغي مسؤولية الاهل ناحيتها .
رغم انها مهمومه الا ان صار عندها لامبالاة باللي راح توصل له ..
النتيجة امرين احلاهما مر . وهي عليها الاختيار .
: ابله خلصت .. ابله سارة .. ابله ..!
رفعت راسها قالت : هلا يامريم .. هاتي ورقتك .. انتبهت للبنتين اللي ينقلون من بعض .. وصرخت بصوت عالي فجع كل الطالبات : بنااااااات ..!. فاطمة وحصة قوموا .. هاتوا اوراقكم .
تكلمت حصة بخوف : ابله ماكملت ..
عصبت سارة ورفعت صوتها اكثر : هاتي ورقتك ..!
اخذت ورقتها وورقة فاطمة وقارنت بين اجاباتهن لقتها نفسها وكأنها منسوخة بالكربون لولا اختلاف الخط .
اخذت نفس عميق لأنها هي الغلطانه وماراقبت بأمانه ..
: كل وحده تجلس بزاوية وتحل الأسئلة هذي .
احتجت فاطمه : ابله بسسس
: اذا ماتبغوني اعطيكم اسئلة جديدة خلاص درجاتكم صفر وراح اكتب على ورقة كل وحده غشاشة .. واوديكم للاداره .
قالت حصة برجاء : لا لا نبي اسئلة جديدة ..
غمضت عيونها وعضت على اسنانها قالت : كل وحدة بزاوية بسرعه ..
انصاعوا لأمرها وملت عليهم اسئلة جديده .. وحاولت على قد ماتقدر تركز مع البنات وتدقق عليهم بأمانه ..
خلص الوقت وجمعت اوراق البنات وطلعت ..
قابلتها نورة اللي باقي لها اسبوعين وتبدا اجازتها لحد ماتولد وتكمل
قالت : سارة اش فيك ياعمري ليه وجهك كذا ..؟
ابتسمت سارة قالت : مافيني شي !
: يابنت مو علينا .. وجهك يقول ان فيك اشياء مو شي ..!
: تعالي بس لاتفاولين علي .. هذا من السهر والعنا على قولة شادن .
: صحيح اش اخبارها ..؟
: لسه عند عمانها .
: الله يسعدها هذيك البنت تستاهل كل خير .
هزت سارة وأمنت على كلام نورة بدون نفس ودخلت الغرفة ..
فاطمة تقرأ قرآن وعلياء اللي انضمت لهم جديد تصحح لطالباتها بملل .. ونورة تمددت على الفراش اللي جايبته معاها من بيتها ..
اخذت نفسها وقامت ..
الجو يفتح النفس هالايام في السبيل والقرى اللي حولها ..
لوشادن معاها كان اقتسمت معاها مشكلتها وهمها ..
بس هذي اولى التجارب انها تعيش بدون شادن .
افكارها متخربطه ..
مابين احداث وذكرى آخر ليلة كلمت فيها خالد بعد انقطاع ايام ..
ومابين كلام مشاري وابوها وامها ..!
يارب نور لي بصيرتي ووجهني الوجهه الصحيحه ودلني على اختيار الطريق الصح ..
***
رجعت من المدرسة وهي متذمرة من الطريق المليان حفر وموية ..
جزمتها واسفل عبايتها معدومه من الطين ..
بس هي الرحمه وتهون مع شهد اللي مريولها وشنطتها وجزمتها متسخه بالطين .. حتى شعرها ماسلم ..!
دخلت على طول ومرت جدتها ..
سلمت عليها وهي مقبوضة من موضوع اليوم ..
وطلعت لغرفتها ..
وخطواتها ثقيله وكأنها تقاد على امر كارهته ورافضته ..
قابلتها فوزية وهي تخاصم شهد وماعبرتها ولا كلمتها ..!
دخلت غرفتها ورمت نفسها على سريرها ..
الله يعينك ياعماد عليّ ..
تخيلت لو تتزوجه ..
صدق انه وسامه وجاذبيه وشباب ..
وغير كذا رجل موقف ومهاب ..
فتحت الشباصة من شعرها وانسدل على اكتافها بنعومه ..
يفرضوني على حياته ..!
معادلة صعبة ..
اذا كل الطرفين مجبورين على الزواج ..
معناتها النتيجه زواج بالغصب ..
وزواج الغصب نادراً ماينجح ..!
اخذتها الافكار والهواجس وهي تتخيل ردة فعل عماد ..
بس عماد رجل ومحد يقدر يغصبه ..
هي اللي موقفها محرج اكثر منه .
مافيه الا انها ترفضه وترجع لوضعها الطبيعي في السبيل ..
مشوار يبدا من نص الليل .. وترجع آخر النهار ..
واذا على جدتها تقدر تمرها كل اسبوع تسلم عليها ولا تجلس عندها يوم وتمشي بكرامتها ..!
***
بعد اذان فجر الاحد ..! وبانتظار اقامة الصلاة ..!
سلمت على يسارها وسبحت واستغفرت والتفتت على صوت عماد اللي يتنحنح وينادي فوزية ..
نادته بصوت جهوري وعالي : عمااااد تعال يمه ابيك .
دخل عليها على طول لأن طريقه كان لها قبل مايخرج
: السلام عليكم .
: عليكم السلام ورحمة الله .
سلم على راسها وجلس بجنبها وهي على سجادتها قال : صبحك الله بالخير ..
: الله يصبحك بالرضا والسرور تبي تروح تصلي ؟
: ايه ابي الحق صلاة الجماعه في المسجد .
: زين ليا صليت ارجع لي ابيك بسالفه .
: وش سالفته علميني وراي مشوار هالحين بعد مااصلي .
قالت بلهجة امر وشدة : لا ماتروح لين تمرني سمعت ولا لا .؟
وقف وتحسس مفاتيحه بجيبه قال : ابشري يالله ابي الحق الصلاه .
: الله يتقبل وانا امك .
طلع من عندها والأفكار تاخذه وتجيبه " وش بتكلمني فيه ..موضوع العرس ولا مشكلة جديدة لعيال خالد ولا وش بعد الله يستر من يوم جات هالشادن وهو ماارتاح بس لجل رضا جدته كل شي يهون ياعماد ..!
كل شي يهون ..؟
لاوالله الا فكرة العرس والزواج مايهون لو فيها مدري وشو ..!
" وجدته كل يوم تلمح له بأنها هي الزوجة المناسبه وشوي وتقول خطبتها لك ..!
آخرها البارحه قبل ينام نادته وقالت له تبيني اخطبها تراني ابيها في بيتي وحولي ..
واضطر انه يغير الموضوع كالعاده ويتملص منه ..
دخل المسجد ومافيه غير الامام وكم رجال قبله اخذ له مصحف بعد ماصلى ركعتين وجلس يقرأ لحد مااقام المؤذن الصلاة والمسجد بدا يكتظ بأهالي القريه شياب وشباب وصغار ..
انهى صلاته مع الإمام اللي صوته وهو يتلو كلام الله يتغلغل لخلايا الجسم بكل خشوع وخضوع .
بعد الصلاة ..!
رجع للبيت بيشوف وش عند جدته
وش هالموضوع اللي ماينتظر لليل ...
دخل بصمت ..
وتوجه لغرفة جدته اللي للحين على سجادتها تسبح وتهلل وتستغفر وتدعي ..
: السلام عليكم .. تصلين ولا خلصتي . ؟
: عليكم السلام .. لا خلصت صلاتي وقاعدتن اسبح .
: هذاني جيت يالغالية آمريني ..!
: مايامر عليك عدو .. البارح سريت بدري يمديك فكرت بالموضوع ..!
طالعها وسوى نفسه مافهم قال : أي موضوع .؟
: أي موضوع بعد ..؟ الموضوع اللي ماذبحني غيره .. طلبتك ياوليدي لاتردني هالمرة .. وحقق لي رغبتي قبل لااموت .
قرب منها قال : لاعاد اسمع منتس هالكلام الله يرضى لي عليتس .
: اجل انت عليك مني . ؟
غمض بعوينه وفتحها قال بوجع : بديتي تغلين وانتي تدرين انتس غالية .؟
: لو انك تغليني ماتقهرني وانت تمنَّع عن العرس .. اللي يشوفك يقول ان فيك عله ..!
: مافيني عله ياجدة بس الزواج ماابيه لاتفرضينه عليّ .. اقل شي هالسنين ماابي الحرمه والعيال .. وترى وراي دراسة الدكتوراه ولانسيتيها ..؟
: متى تبي تفضي وعمرك راح .. تبي ليا جا ولدك وانت شايب مادون قبرك شي .. اعرس خلني اشوف عيالك ياعمااد لاتردني وانا امك .
زفر بآهه موجعه قال : طيب طيب بعدين نتكلم بالموضوع هذا .. الحين وراي مشوار لجده لازم اقضيه ..!
: هالمرة ماتقدر تنحاش .. ماابي العطلة تجي الا ومرتك في بيتك .
: لااله الا الله .. أي عطله .؟
: أي عطله بعد .. عطلة الصيف يالله في العافية .
: بعدين نتفاهم .. الحين خليني امشي قبل لاتظهر الشمس .
: الله وانا امك يهديك ويرزقك ويكتب الخير وين ماوجهت .
: ايه هذا الكلام اللي ابيه الله يطول لي بعمرتس ويخليتس لي . يالله اشوفتس على خير .
: بامان الله يالغالي الله يردك علي سالم غانم .
ص
طلع وسكر الباب وشغل سيارته قبل مايحرك طالع فوق بشباك شادن قال بعد ماتنهد : من وين طلعتي لي يابنت خالد ..؟ هذا اللي انا جنيته على نفسي يوم نقلتك عند جدتي وقربتك منها .. الله يعينك عليّ ويعيني عليك .. !.
حرك سيارته وتوجه لعمله .. وهاجسه ماارتاح من التفكير بالحاح جدته اللي هالمرة باصرار و عزيمه ..
***
دخل البيت وهو يغني بصوت عالي تجاوز جدته اللي قاعده في الصاله ووصل لفوزية فوق بغرفتها ..:
ياطير وضبتك بتدريب ... ابغي اصاوع بك هدادي
لي طارن الربد المهاريب ... لي ذايرات من العوادي ..
القف لهن عساك ماتخيب ... ..واقصد لقايدهن عنادي ..
خمه براسه خمت الذيب .... ....وعليك ماظنيه بادي
وخل الهبوب تروح وتييب ... ريش شعيع عقب المصادي
واللي سبق طيره بلاطيب ... بيتم في حزنه ينادي
عند اخويانا والاصاحيب .... كلن بخبره بايسادي ..
وان ماضوى ودوله الجيب .. تزهاب والطبخه عنادي
وبصوت مجلجل هز اركان البيت نادى : ياهووووو .. ياهل البيت ..!
ردت عليه جدته ..: هلا حي هالصوت ..
دخل فهد ولد ناصر عند جدته ..
شعره الكثيف مغطي رقبته ونازل لكتفه باهمال
.. جسمه الرياضي معطيه هيبه وصوته العالي والثقيل يزيده رجوله وثقه ..
: هلا بام ناصر ..
نزل وسلم على راسها وجلس بجنبها قالت : ها من طول الغيبات .. وين غنايمك ..؟
حط يده على يدها قال : ابشرتس ياطويلة العمر .. غنايم يحبها قلبتس .
نزلت فوزية على صوته قالت : هالقصيدة وشلون حفظت كلماتها ماقدرت افهم منها الا كم كلمة .. وبعدين جايب لنا غنايم من السودان الحمد لله والشكر .
وقف وسلم على عمته اللي يعتبرها اخته ومايحط بينه وبينها أي رسميات
قال : ايه غنايم .. غزلان وحبارى وطيور يحبها قلبتس .
دخل عماد جاي من جده وهو يهلي : هلا هلا براعي السودان .. اجل جبت غزلان . بيض الله وجهك .
وقف فهد ولد ناصر وسلم عليه قال : ايه غزلان يحبها قليبك وجايبها مخصوصة لك . خابرك ماتحب المفاطيح .
: عساك كثرت بس مهوب مثل غزلان ليبيا .
: اترك ليبيا عنك .. السودان لولا الخوف فيه من الحروب ولا كان جلست فيها سنه .
ضحك عماد منه قال : لااله الا الله .. انت متى تعقل وتتوب .
تمدد فهد على ظهره وحط راسه على فخذ جدته قال : اما اتوب من الصيد ...
ردت فوزية وهي تحط فنجال القهوة بجنبه على الارض
: ياشيخ بكرة تتزوج وتنسى الصيد والبر كله .
جات ردة فعله سريعه : الله لايقوله خلينا الزواج لتس انتي وعزيزتس .
قالت ام ناصر : انتم وش بلاكم كل ماقلنا اعرسوا عييتوا ( رفضتوا )
قطعتوا ذريتكم وحرمتونا متعة الدنيا .
قال فهد باستهبال وهو يرفع راسه لوجهها : ماشبعتي .. ؟ جاتس عيال وفرحتي بهم وش تبين بعيال غيرتس .
: غيري تراهم عيالي .. ثم انت سنعك عندي وانا ام ناصر . ان ماالحقتك بعماد لاتنادوني حصة .
فز فهد وجلس قال : لااااه لاتقولون ان الطير الحر يبي يعرس .
رد عماد وهو يشرب فنجاله كله : ياابن الحلال هذي جدتي تخبر علومها . لوابي اطاوعها يمدي عندي سته عيال .
طالعته فوزية قالت بصوت واطي : ياويلك تراها اتفقت من وراك مع ناصر وفواز وخطبوا لك شادن .
كشر فهد قال : خخخخخخخخ شادن عاد ياابو مشعل هذا عوض عذبه ومنيرة ..؟
طالعه عماد بنظرات جامده وكمل فهد باستهبال وهو يرشف قهوته ويطالع في فوزية وعلى شفته ابتسامه يحاول يردها : ايه وهذي منين جبتوها ؟ .
اخذت ام ناصر عصاها اللي تتركى عليها وخبطته بشويش في فخذه قالت : لاتهرج على بنت عمك .
تكلم بجديه : بنت عمي ..؟
: ايه بنت عمك خالد الله يرحمه .
: لاوالله ..
تكلم عماد : تبيها يافهد ..؟
: لا ياخوك فكني من الزواج وطاريه .. خخخخخخخخخخ والله اخيراً بتطب القفص يالطير الحر .
ابتسم عماد قال : لا لاتصدق العلوم اللي تجيك .
طالع بفوزية قال : صدق اللي قلتيه .
ردت فوزية بجديه : والله كلموه . حتى امي كلمت شادن ..
طالع بجدته قال : وش هالكلام ياام ناصر .. تتكلمين من غير ماتاخذين شوري .. ماتخافين اني افشلتس ..؟
: منتب مفشلني ان شاء الله .. بعدين اخوها معترض انها تسكن عندي وفي بيتك وانت منت محرم لها .
: هو صادق ماله لزوم تسكن عندنا . تروح لامها الله لايهينها وتداوم مثل زميلاتها . حالها حالهن .
ردت ام ناصر باعتراض : بس انا بنت ولدي ابيها قدام عيني واخاف عليها من الطريق .
سوى فهد جلسته قال : عماد الناس كلموا ولد خالك خلاص مافيها رجعة بعدين ياخي يمكن خيرة لك .. الا علموني وش صار بعدي ...
قاطعه عماد بعصبيه : أي خيرة واي زفت .. قايل لكم انا رجال ماابي العرس . اذا انت تبيها تراني ماابيها .
الارض تلف فيه ..
نبضه من قوة توتره زاد ..
وقلبه من الغضب كأنه بيطلع لحلقه ..
مخنوووق ..
وش هالمصيبه ..؟
لايمكن يتم الموضوع هذا .
مستحيل يصير هالكلام لو على قص رقبته ..
رمى الفنجال على فوزية ووقف طلع فوق ..
يدري انها بغرفتها ..
الكلام معاها هو اللي بيحط النقط فوق الحروف .
ودق بابها شرٌ لابد منه حتى لو فيه تجاوز ومحظور بس لازم يوقف هالموضوع ويبتر الكلام فيه ..
خطى بخطواته المتسارعه وتوجه لغرفتها بدون أي تردد وبعزيمة والحاح ..!
--------------------------------------------------------------------------------
فصلٌ سابع ... !
وانكتب في العمر كذبة ..
في مجلس نايف ..
يهز رجله بطريقه غريبة ..
الكل يسولف وهو في عالمه ..
خواله فواز وناصر مندمجين بالسوالف مع ابومشاري اللي اعجبته الجلسه معاهم وراقت له ..
التفت لفهد وتأمله وهو يسولف ويضحك مع نايف ومشاري كأنه يعرفهم من سنين ويوصف لهم مغامراته البريه ورحلاته ويعددها وهم منسجمين وكأن اللي قدامهم رجل من عالم غريب ..
رشف فهد من فنجاله وهو يعدل جلسته ويقول : انا لو على كيفي ولو الشايب مايزعل مني كان ماعشت الا بالبر . حياة ثانية بعيد عن الازعاج والرجة .. وازين شي اذا جا الليل شبيت النار وقابلتها وغنيت بعالي صوتك . .
سأله نايف باهتمام : اقول فهد كيف دخلتوا صيدكم اللي جبتوه من السودان للسعودية ..؟
: يارجال الواسطه اذا اشتغلت مش حالك ..
تأمله عماد بصمت وجمود ..
مرحه وضحكه وسوالفه ..
حياته بر وطيور وغزلان وحباري ..
ومصطلحاته مختلفه تماماً عن كلامهم واسلوبهم ..
وصوته يلجلج في المجلس بقوة ..
يناسبها اكثر ..
رجال وشجاع وفيه نخوة وكريم ..
مو ناقصه الا انه يتعدل في وظيفته ويصير يليق ببنت عمه ..
اكيد بيسعدها ..
هي جميلة وعاقلة ومتعلمه ... وراح يحبها ويهنيها ..
ليت في يده شي ويقلب الموازين رأساً على عقب ويصير فهد مكانه ..
تأمل مشاري ونايف وهم مبهورين من معرفته باسماء الطيور والحبارى والارانب وحرفنته في صيد الضبان والجرابيع والارانب .
انتبه له فهد وهو شارد وبذهنه افكار مجنونة لو تتحقق كان يرتاح ويفتك ..
بس اذا خطرت جدته عليه هون وتراجع عنها .
قال فهد وهو يحاول ينبه عماد ويطلعه من افكاره اللي مايعرف منها أي شي الا انه مو راضي عن الزواج ..
: ترى ابو مشعل محد ينافسه في الصيد . وانا معه ولا شي . ومتعتي اذا شفته والبندق ( البندقيه ) في يده . عاد ابو مشعل مايخطي ابد اذا نشن صاب الهدف .
فهم عماد قصد فهد وحاول يبتسم قال وهو يعدل جلسته : تسلم ياابوناصر ماعليك زود .
استأذن نايف لمن دق جواله ورجع لهم بعد دقايق قليلة مع المأذون ..
وابتدأت اجراءت الزواج الغريب ..
العريس رافض ومجبر ..
والعروس خاضعه ..
رافضة وراضيه في آن واحد ..
متحديه كل رغباتها واحلامها ..
وقدامها هدف وحيد هو رضا الجدة المكسورة .. وفرحها ..!
تكلم الشيخ الجالس بين عماد وناصر : نبي توقيع البنت .
قال ناصر اللي تولى ولاية الزوجة .. : نايف وانا عمك روح ود الدفتر لاختك خلها توقع .
لبى نايف طلب عمه واخذ الدفتر وتوجه لداخل البيت ..!
جات تمشي ببرود ..
وعلى شفتها ابتسامة سخرية من القدر اللي مو راضي يتصافى معاها ..
قال نايف بدون ماينتبه لرجفة اخته او ارتباكها
: وقعي هنا .. بسرعه شادن الرجال بيمشي ..
حاولت تشد على القلم وتمسكه بين اصابعها بقوة ..
بس خانتها قوتها وفلت من يدها وطاح ..
اخذه بسرعه ومده عليها ..
قالت بارتباك : فين .. هنا ..؟
كانت تحاول تاخذ كميات كبيرة من الاوكسجين وهي تتكلم .
: ايووووه هنا ..
ضحك نايف وهو يشوف توقيعها قال : الحمد لله هذا توقيع .. شخابيط .
رفعت نظرها لنايف وهي تحاول تخفي الدمعه ..
سلم نايف على راسها قال بفرح باين بلهجته وعيونه وصوته .
: مبرووووك مبرووووك ياشادن الله يسعدك ان شاء الله والله ان عماد رجال يستاهلك .. صحيح اكبر منك بعشر سنين بس احسن هذا الفرق المناسب بين الزوجين .
عشر ولاعشرين يانايف ماتفرق لأن اللي قدامك توثقه بالاوراق مو زواج ولا هو ارتباط حقيقي
الدعوة كلها عقد مؤقت وراح ينتهي ..!
هزت راسها وانسحب ماانتبه لكم الوجع اللي باعماقها وانعكس على وجهها الشاحب ..
وقعت على موتها بيدها ،
على عذابها ،
على مشيها برجولها لحياة عماد اللي راح يسكر بابها في وجهها ..
جات امها من وراها ..
حضنتها وهي تبكي
مشاعرها نقيض مشاعر بنتها
كانت تبكي فرح ..
نشوة انتصار ..
تحقيق حلم وسعادة ..
وفرج من عند ربي .
خلاص انتهى صالح
ومحمد ماعاد له سلطة عليها
بوجود نايف وعمانه واهله ...
وشادن بتصير زوجة وام ..
بتشوفها في بيتها وبتشوف عيالها
الحلم اللي تقاسمته هي وخالد الله يرحمه بدا يتحقق ..
قالت من بين دموع السعاده : مبروح ياحبيبة امها .. مبروك ياعمري .. الله يسعدك ويوفقك ويرزقك . ياربي اشكثر انا فرحانه الليلة .
ابتسمت لها من خلف ثورة الحزن اللي بداخلها وهمست شفايفها
: الله يبارك فيك ليه هالدموع يمه ؟
: دموع الفرح والفرج .
حطت راسها على صدر امها والثانية ضمتها لها اكثر ومسدت شعرها بدلال ..
محتارة تفرح مع امها ولاتندب حظها ..
متخبطة ماتدري اللي قررته عين الصواب ولا هو صلب الخطأ ..
هي واهمه ولا عايشة واقع ..!
بتتزوج واحد مايبيها ..
ومو مقتنع فيها ..
وهي اللي اجبرته على الزواج منها ..!
حست بقبضة قلبها وغصة بحلقها وغمضت عيونها بقوة ..
وين تهرب من واقعها اللي هي صنعته بقرار جدتها وخوفها عليها ..!
لها الله ..
هو اللي يقدر المكتوب وهو اللي يقرر المصير ، ويهون الصعاب ..
بيده الفرج وعليه الاتكال ..!
باست راس امها ويدها قالت : قولي الحمد لله على فضله . يمه لاتبكين ترى خلاص احسني راح ابكي . ونقلبها الليلة دموع ونكد .
مسحت امها دموعها بقفا يدها قالت : لا ان شاء الله ماعاد فيه نكد .. تعالي لسارة تنتظرك .
هزت راسها وطلعت تجر خطاها بثقل ..
احساس غريب وشعور اغرب ..
الحين ارتبطت بعماد رسمي وصار زوجها وهي زوجته وغصباً عنهم ..!
وقفها صوت نايف ..
: شادن لحظة انتظري .
: هلا فيه شي كمان ..
: تعالي للمقلط عماد بيشوفك .
: شو ؟
: اللي سمعتيه . لاتتأخرين انا استناك بعد عشر دقايق ناديني ولا انا اجيك .
قاطعته قالت : لا يانايف انا آسفه مستحيييل اخليه يشوفني .
استغربت امها طريقتها ورفضها الغير مبرر خاصة انهم متعودين على النظرة وهذا تقليد من تقاليدهم وتقريباً كل صاحباتها وجارتها لهم نفس الطقوس ..
قالت : شادن اش هالكلام .؟
طالعت في نايف بخوف : تكفى نايف لاتضغط علي ماابغى يعني ماابغى .
: زين اش اقول للرجال .
: قول ماتبغى .. ماتجهزت .. قول ماتوقعت انك تطلب تشوفها .. قول نامت قول أي شي ..!
: اوووووف بتورطيني مع الرجال انتي .
هزت شادن اكتافها قالت : يعني انت اللي طلبت انه يشوفني .
: انا عرضت عليه قال اللي تشوفه .
: اها . طيب قول له ماجهزت وماتقدر تجي صدقني يانايف مو من طبعهم ولايحبون واكيد انك احرجته .
مشى من عندها قال : خلاص خلاص انا اتصرف .
رجعت وهي تضحك على سخافة الموقف ..
وتتخيل نفسها انها مكملة التمثيليه وداخله على عماد عشان يشوفها ..!
رجعت لغرفتها .. وسارة اللي تنتظرها وهي تسترجع طقوس ملكتها المختلفه جذرياً عن ملكة شادن الليلة .
هناك الفرح باين على كل شي حتى على التحف والورود اللي تزين بيتهم ..
وهنا لمحة حزن شادن طاغيه على كل الاشياء ..
هناك مكياج وفساتين سهرة وبخور وزغاريد وطرب ورقص ونظرة شرعيه وقلبها ينبض بقوة وخوف وفرح وشوق ..
وهنا النقيض .. سكوت .. وهدوء .. كآبة تحوم حول شادن مجهولة السبب ..
وكأن الوضع مجرد تأدية مهمه بعقود رسمية وينتهي الموضوع ..!
***
دخل نايف المجلس وجلس بجنب عمه فواز اللي صار كأنه واحد من اصحابه يمونون على بعض ،
يسولفون بكل شي ،
بدون حواجز او قيود او رسميات ..
قال فواز : وش فيك ..؟ اختك ماجات .!
: مارضت ياعمي .
: ازين .
استغرب نايف ردة فعل عمه قال : ليه ؟
: ياخي عماد متحجر في موضوع العادات والتقاليد وانت احرجته يوم قلت اذا بتشوف شادن وماقدر يقول لك لا ويحرجك .. بس ازين انها جات من شادن .
: المشكله ايش اقول لعماد وانا رايح من عنده اقول بخليها تجي ؟
: لاتقول له شي خله انا اقول له اصلاً هو ماكان حاط في راسه انه يبي يشوفها .
راح فواز عند الباب والتفت لعماد وهو يسولف مع ابو مشاري اللي تعرف عليه وعرف انه مثله رجل اعمال وله باع واسع في السوق والاقتصاد ..
يسولف معاه عن الشغل والثاني يسأله وهو يرد على اسئلته بثقة ووعي لكل اللي يقوله ابو مشاري .
نادى فواز بصوت يسمعه كل اللي في المجلس : ابو مشعل تعال شوي الله لايهينك .
طلع مع باب المجلس للصاله حقت الرجال ولحقه عماد قال : وش فيه ؟
: مافيه شي بس البنت عيت تجي .
: الله يهداك .. هذا اللي قومتني من عند الرجال عشانه ..؟
: مايهمك ..؟
: لاوالله مايهمني !! اخوها هو الح علي اشوفها ولا انت عارف رايي زين .
: المهم نايف منحرج منك يقول وش اقول له .
: لايقول شي وماصار شي ابرك من ساعه يوم عيت تجي .
: الحين انت وش سالفتك اذا ماتبي البنت وشو له تخطبها ؟ .
: ماقلت ماابيها بس بعض الامور ماتجوز لي وانت خابر ..!
: وش سالفة المؤخر اللي انت نشبت لهم فيه .
: حق من حقوقها مايكفي انهم ماشرطوا علينا شي .
: هذا كرم منهم ومحبه وثقة فيك .
: وعشان كذا زدت المؤخر على خمسين المهر .
: وتحط مية الف .
ابتسم عماد قال : ازين عشان ليا مليت وبغيت اطلق اتذكر ان فيها فلوس تعرف تفكيري مادي ... ادخل ادخل عند الرجال ينتظرونا .
هز فواز راسه مو عاجبه الوضع ولا تصرفات عماد ولا كلامه .. ولحقه ..
دخلوا للمجلس ومر عماد من عند نايف قال : ماصار شي يابو خالد .
: والله ياعماد اني بغيتها تجي بس هي ماجهزت ولا ...
قاطعه : عادي يابن الحلال تعال بس وسع صدرك ولاتشيل هم .. المهم انا بطلع عندي شغله ضرورية اذا وصل العشا دق علي ..!
كشر نايف قال : ماتنتظر الشغله لبكرة ..!
: لاوالله مستعجل ومضطر اروح اكملها الحين وماني متأخر ان شاء الله ..!
طلع وهو مخنووق
يبي يبعد عن هالمكان ..
طالع في بيتهم وغمض بقوة ..
كيف تجرأ ووقع على تعاسة بنت بكامل جمالها وانوثتها وهدم احلامها وأمانيها .
ياليته قدر يتكلم ..
ياليته صرح لجدته وقال لها على كل شي ..
حتى ماتجبره على سالفة الزواج والعرس ..!
بس لو قال لها يمكن يخسر جدته ويفقدها بلحظة ..
او يعيشها هي الثانية بأسى وقهر .. !
ركب سيارته وحركها ..
يبي يبعد من هنا ..
يروح لأبعد مكان ..
ينسى ولا يهونها عليه حتى يقدر يكمل باقي المسرحيه اذا رجع وسمع مبروك ولا خطوبة وزواج
زواج ..!
هذا آخر شي يفكر فيه ..
وأول شي استبعده من حياته من ست سنوات ..!
ترك عذبه بنت بنت خالة امه اللي مسمينها له من صغره ..
وطلب من اهلها يزوجونها اللي يناسبها ..
مثل ماترك امها خاله خالد ..
وزعل ابوه بسببها وطرده من الديرة وحرمه شوفة اهله وامه واخوانه ..
سبحان الله يالدنيا ..!
ابو شادن جنى على ام عذبه .. وقهرها باول عمرها ..
وشادن جنت على عذبه يوم وافقت عليه .!
نفس السيناريو تنعاد ..
مشي بسيارته ولف شوارع جده .
اخيراً وصل البحر ..
هذا المكان تحديداً هو اكثر مكان يحتوي همه ووجعه ..
عمره ماشكا همه غير لربه ..
لكن اذا شاف البحر يضعف ويحس انه يبي يتكلم ويفضفض ..
هنا بس يتكلم بحرية وصدق ..
مايهمه يتكلم مع البحر ولا مع نفسه ..
المهم انه يفضفض هنا ويتكلم بصوت عالي بدون رقيب من بني البشر ..
ساعه كانت جديره بأنها تخفف بعض التوتر اللي فيه ..
وتهون قضيته اللي حاول يقنع نفسه فيها وعذره الوحيد انه نبه شادن وحذرها من العيشه معه وهي اختارت تعيش معه من اجل سعادة جدتها ورضاها حتى لو على حساب كرامتها وسعادتها هي ..!
دق تلفونه وهو واقف متكي بيده على ركبته .. ورجله على صخرة كبيرة ..
وفكره لبعيد وهو يسترد كل الاحداث الماضية ..
طلعه وشاف على الشاشه اسم فهد وفتح الخط على طول
رد بدون نفس : هلا يافهد .
: هلابك يالمعرس .... ياخي ودي اطير لعجوزك ثم ابشرها وآخذ البشارة لولا اني اخاف انها تطق من الفرحة وتموت ثم من يفكني منك والله لتذبحني ذبح الشاة ..
تكلم عماد بجدية والهم دلاله على لهجته : الله يصلحك بس متى تبي تعقل ..؟
ضحك فهد باستهبال قال : ياخي وش فيك ..؟ وش هالمزاج حتى والليلة ملكتك ماتحمل شي .. المهم ياطويل العمر العشا خلص .. عجل علينا .
زفر عماد بآهه وصلت لفهد واضطر فهد انه يقفل احتراما لعماد اللي يمثل له الأخ الأكبر ويدري انه مجبر على امر كارهه ..
رجع لبيت نايف وهو عابس ومكشر ..
قرب من البيت ووقف واخذ له قارورة مويه ونزل غسل وجهه وشرب منها لعلها تغير من ملامحه المتجهمه شي .. وتبل له عروقه اللي جفت ونشفت ..!
دخل سيارته ورتب شكله من جديد ..
لبس شماغه اللي نزله اول ماطلع من عندهم بسبب الخنقة وضيقة الخاطر اللي صابته بعد الملكه ...
ودخل للبيت بعد مااستقبله نايف واعتذر منه ..!
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
مروا عليها الخميس والجمعه زي الكابوس الفظيع وتتمنى بلحظة انها تصحى منه ..
واحد يقول لها ان اللي سمعته كذب .
جات عندها اختها نورة ..
قالت بحنان : نوف قومي اذا انتي مريضة روحي مع ابوي للمستوصف خليهم يعطونتس علاج .
مارد عليها الا شهقاتها من تحت البطانية ونشيجها المستمر من يومين .
وقفت نورة بيأس وخوف على اختها وراحت لامها اللي قاعدة في الحوش مستمتعه بالجو البارد والهوا النظيف ..
جلست نورة بجنبها قالت : يمه نوف حالتها ماتسر شكلها مريضة وماتبي تعلمنا .
ردت العنود اللي تلعب في التراب والحصى الصغير وتشكل منه اشكال هندسية قالت : من يوم الربوع وهي تبكي واذا قلت علامتس ياتضربني ولا تهاوشني .
ارتسمت ملامح القلق على وجه الام اللي ماطلعت من الدنيا الا بثلاث بنات ..
قالت : ياويلي على بنيتي لايكون تحس بشي ولاتبي تعلمنا .
اتجهت لها وقلبها يبتهل لله انها مافيها الا العافية ولا شي عابر ويروح ..
: نوف يمه .. علامتس تحسين بشي ..؟ علميني يابنيتي .
ردت نوف وهي تضم البطانية على وجهها : خلوني يمه خلوووني .. ماابي اتكلم مع احد .. ولااحد يكلمني .
جات العنود طايرة مثل البرق وداهمت الغرفة بالخبر المفجع لنوف
قالت والفرح غامرها : يمه يمه ابوي يقول عماد جارنا اعرس .
تهلل وجه ام نوف للخبر السار
عماد الرجل اللي عمره تجاوز الثلاثين يعتبر اكبر عازب في القرية اخيراً تزوج ..!
هذا بحد ذاته خبر يخليها تنسى حالة بنتها لثواني
لكن نوف ماسمحت
انهارت وهي تبكي بصوت عالي وتصرخ .. وتتأوه .
ضمتها امها على صدرها ومسكت يدينها وهي تقول : نوف تعوذي من ابليس .. اذكري ربتس ..
نادت بصوت عالي : يانورة يانورة ... روحي ياعنود نادي اختس .
راحت العنود في وسط دهشتها ونادت نورة اللي عرفت سر اختها بمجرد ماسمعت الخبر ..
قالت : هلا يمه وش فيها نوف .
: مدري الظاهر ان عندها نفسيه .. اعوذ بالله من ابليس .
بكت نوف الحلم اللي تحول لكابوس ..
بكت الأمل اللي انهار بلحظة ..
خلاص اخذته ..
اخذت عمري ..
اخذت الهواء اللي اتنفسه ..
اخذت الروح اللي تدب بين اضلاعي ..
اخذت نوف من هالدنيا ..
وتركتها اسم
جسد بلا روح ..
رمت نفسها على فراشها وتغطت ببطانيتها ..
وقفت الام المفجوعه قالت : بروح انادي ابوها يجي يوديها للشيخ مسفر . اقري على اختتس يانورة .. اقري المعوذات واية لكرسي وانا ابي ادور ابوها .
مسكتها نورة بيدها قالت : يمه انتظري انا عرفت وش في نوف خليها بس .
: وش فيها .. علميني ..؟
: الموجهات جوها الاسبوع اللي راح وهاوشوها ويمكن تنقل وهي خايفة على ابوي ينصدم .
صفقت امها بيدينها قالت : ياويلي على بنيتي وليش يهاوشونها ..
ردت نورة وهي تحاول تحبك الكذبة حتى تنقذ اختها من براثن يدين مسفر اللي ماتجيه حرمه ويقرا عليها الا ويلقنها ضرب مبرح بالسوط مدعي ان فيها مس من الجن وماراح يطلع الا بالضرب ..
قالت : يمه نوف مقصرة بشغلها والموجهات مايبون وحدة تلعب يبون وحده تجتهد وتقدر المسؤولية .
: طيب وراها تصيح .
ردت العنود ببراءة طفولة ولؤم خلقته فيها نوف بقسوة معاملتها لها
: انا اعلمتس يايمه انقهرت يوم عرفت ان عماد اخذ ابلا شادن خافت انها تصير المديرة وهي تقعد .. بنتس حسوووود . وتحسسسد ابلا شادن .
سحبتها نورة مع يدها وهي تشوفها تحط يدها على جرح اختها الموجوعه قالت : اطلعي برا انتي ولسانتس هذا اللي يبي له قص .
فرت العنود تجري وهي تقول : والله لاعلم ابوي خلوه يوديها مسفر عشان يسنعها ويظهر جنونتها عني .
طلعت الام بعد ماوصت نورة انها تنتبه لاختها وتهديها وأكدت عليها مايوصل الخبر لابوها اللي ماصدق انها تتعين قريب منه وتفكه من مشاوير المدارس البعيده ..!!!
***
اسبوعين مرت على الملكه ..
وآخر عهد له بنايف واهله من ليلة الملكة ..
ماحاول يكلم احد ولايدق على احد ..
نزل عماد من فوق مستعجل ..
ومر من عند جدته اللي تستمع لفتاوى اذاعة القرآن الكريم بانصات وإصغاء مهتم ..
سلم على راسها وشماغه في يده
قالت : وين تبي وراك مستعجل ؟
رد بسرعه وهو ياخذ له حبة تمرة ويصب له فنجال قهوة رشفه وهو واقف
: مستعجل وراي شغل نسيت احط المنبه ونمت عنه .
: شغل وين .؟
: وين يعني ؟ في جده .. يالله يالغالية مع السلامه وادعي ان ربي يوفقني في هالصفقه .
: الله يوفقك من وين ماتلقي بوجهك والله يسهل دروبك وييسرها ويستر عليك .
ركب سيارته ..
العصر على وشك يأذن وهو يعتبر متأخر ..
الليلة عنده اجتماع بوفد ياباني حتى يوقع معاه عقود ..
شد من همة سيارته وزاد سرعتها لأقصى حد بعد ماتوكل على الله وردد دعاء السفر ..
وفي الطريق الاسود الطويل ..
ماشي بأقصى سرعه ..
لابد يوصل قبل الموعد بساعتين على الأقل ..
انتبه للرجال اللي يأشر للمارة يبي المساعده ..
هالسيارة مو غريبة عليه ..
كل يوم يشوفها في القرية ..
وقف بجنبها مضطر ومن باب النخوة والشهامه ..
سلم على ابو بدر سواق مدرسات الاجواد ..
رجع وجاب له مويه عبا السيارة ...
وعمل له اشتراك .. واشتغلت السيارة ..
وقبل مايمشي ابو بدر .. قال : بالله ياابو بدر ازهم لي شادن اذا هي معك شوفها تحتاج شي ..؟ تبي ترجع لجدتها ولا تبي تكمل معك .
طالعه ابو بدر بنظرات فيها غرابه وشك ..
واستدرك عماد كلامه قال : هي خطيبتي وبنت خالي .
ابتسم ابو بدر وهز راسه وهو واثق من كلام الرجال اللي يدل على انه محل ثقة ..
رجع للسيارة ووقف عند الباب
قال : ابلا شادن هذا خطيبك يقول تحتاجين شي ؟ .
همست شادن اللي تعودت انها تكلم ابو بدر باحترام وحياء اذا جا ياخذها او اعتذرت منه اذا بغت تغيب قالت : لا مشكوور .
رجع له وبلغه كلامها ..
وشكره ابو بدر واثنى عليه ..
ركب عماد سيارته ومشى بعد ماقال له اذا احتاج شي يدق عليه لأن المناطق اللي قدامه فيها شبكه جوال ..
كمل طريقه وهو يحاول انه يحصر تفكيره في لقاءه بالوفد باسترجاعه للشروط والبنود اللي متفق عليها .. ولايحيد عنها يمين او شمال ..
***
وصلت للبيت ..
محتاره من هالانسان
تناقض غريب وعجيب ..
معقوله اللي يحمل كل هالصفات يكون بهالقسوة ..
اكيد الرجال يعاني وعنده مشكله .
ولا مارفض الزواج بإلحاح وقال لها هالكلام والمعروف عنه الطيبه والحنية ..!
نزلت عبايتها وهي تتذكر كلام خلود عن عماد واعجابها فيه
وانبهارها بشكله
" يابختك ياشادن ماشاء الله ماشاء الله لايجيك مني عين ولاحسد "..
"عن جد وااااو جنتل مان "
" ياعيني ياعيني كل هذا عشان الحبايب "
غمزاتها المتكررة لها وهي تقول " تبغى شي ناقصها شي تكمل ولا ترجع .. كل هذا حب "
" خلاص قررت اتزوج واحد من الاجواد اذا هم زي عماد "
" شوفي شوفي ياسهام كيف مايطالع ناحيتنا يبغى يثبت لها انو مايطالع في الحريم ولا يهمه غيرها "
بدلت ملابسها ولبست بيجامه قطنية وراحت تصلي العشا لأنهم وصلوا متأخرين على غير عادتهم بسبب تعطل السيارة ..
كملت صلاتها وسمعت صوت تعرفه زين بدا يلجلج في البيت ..
يهدد ويتوعد مثل عادته ..
: نايف هذا مو رجال ..
وشغلكم كلكم عندي انتي وولدك وبنتك ..
اجل يخلي صالح يطلقك وبدون ماتعطونه حتى ريال واحد ..
ويزوج اخته لمدري من .
اخذت نفس عميق وهي محتاره وش تسوي ..
تطلع وتواجهه وتوقف بوجهه ..
ولا تجلس بمكانها لحد مايهدى ويرجع ..
سمعت امها تقول نايف مو هنا الحين اذا جا تفاهم معاه .
آخر شي وصلها كلام خالها اللي هز امها وبكت بخوف وهلع منه : اوريكم انا اذا ماخليت بنتك تتطلق وولدك يدخل السجن ماني محمد وشغلك عندي ياعزيزة تعرفين تتحديني هاه .!
كانت بتطلع لخالها تقول أي شي ..
المهم ماتترك امها تواجهه لوحدها ..
بس قبل اخذت جوالها ودقت على نايف ..
: نايف تعال خالك عندنا ويهدد ويتوعد وامي منهارة خايفة علينا منه وتترجاه انه يهدي حاله تحسب انه بيسوي لنا شي .
تأفف نايف قال : وانا اقول ليه ادق على جوالها ماترد ..اسمعي ..! انا في ابحر الحين واذا رجعت ماراح اوصل قبل ساعه ساعه ونص على الاقل ..
: طيب والحل .. ترى صوته وصل جيرانا وامي مافيها تتحمل . من خوفها علينا مصدقة تهديده ووعيده .
تنهد نايف بملل من تصرفات خاله اللي ماتنتهي قال : خلاص خلاص .. انا اتصرف .
قفل منها بسرعه ورجع يدق عليها قال : عماد بيجيكم ويتصرف معاه هو قريب من حينا .. قولي لامي لاتخاف ولاتفكر بكلامه .
قالت بخوف : عماد اش دخله لا يانايف لاتدخله بمشاكلنا .
: عماد صار واحد منا .. بعدين موخالك يهدد ويتوعد خليه يلاقي اللي يوقف بوجهه وخليه يعرف انتي متزوجه من . يالله يالله مع السلامه عماد يدق عليّ .
وصلها خالها وهو يمشي بسرعه قال : اسمعي يابنت خالد انتي لنادر ونادر لك رضيتي ولا مارضيتي .. والزفت هذا اللي مدري من فين جبتوه بيطلقك من بكرة وغصباً عنه .
حطت رجل على رجل قالت : على العموم هو جاي الحين اذا فيك خير ياخالي كلمه بنفسك والحين وقدامنا .
طالعتها امها اللي جات تجري وراه وهي تحاول تهديه ..
هو يعرف نقطة ضعفها وهي ماتقدر تصير قوية قدام تهديداته لها بعيالها ..
تخاف عليهم حتى من الفال الشين ..
قالت : شادن اش تقولي انتي .. عماد جاي . يافشيلتنا منه .
وقفت قالت : يافشيلتنا منه عشان عندنا خال مثل هذا ..؟ خليه يايمه يأدب اخوك مثل ماأدب الزفت اللي قبله .
تكلم محمد وهدد ووتوعد وحلف يمين انه ماراح يسكت لو على قطع رقبته عن هالمهزلة اللي صارت بقفاه وفي غيابه ..
وقف كلامه لمن سمع الجرس قالت امها : روحي افتحي لخطيبك .
جمدت بمكانها وارتجفت اوصالها تمنت لو انها ماقالت لنايف شي وتحملت خالها لحد ماينتهي كلامه ويطلع مثل عادته ..
قالت : يمه افتحي له انتي .
تحرك محمد من مكانه وراح يفتح الباب وهو في اوج غضبه ..
فتح بقوة وشاف عماد واقف في وجهه ..
شتان مابين شكله وشكل نادر ..
سلم عماد ورد محمد بعصبيه وهو يتأفف وينفث قال : انت خطيب شادن .
تكلم عماد بثقة وهدوء : زوجها وانت الصادق .
تجاهل محمد الكلمه قال : زين انك جيت .. تعال ا بيك بكلمة .
رد عماد : لحظة لحظة . . البيت بيتك يوم تعزم فيه وتامر وتنهى ..؟
: اجل بيتك انت .
: والله بيت خالي وعياله وبيت حرمتي .. ويالله لوسمحت .
كان الصوت واصل لشادن وامها ..
حاول محمد يثور بس وقفه عماد لمن قال : تراني ساكت عنك ماابي اجيب لخال حرمتي الفضايح ولاابي ادخله السجن ..
واذا انت ناسي المية الف حقت صالح وش مصدرها وانك متستر عليها تراني مانسيتها وغيرها وغيرها ياابو نادر ..
وقف محمد بمكانه وضاع منه الكلام في هول الصدمة ..
وش دراه عن مصدر الفلوس ..
ووش دراه اني ادري بمصدرها ..
ووش دراه عن صالح وتستري عليه ..
كمل عماد : امسك الباب وتوكل على الله ولوسمعت انك قربت من البيت هذا لاتلوم الا نفسك وولدك بدال ماتبلا به بنات خلق الله وتزوجه روح عالجه عن الادمان ازين له .
ماعاد له وجه يرد ولا يتكلم حاول يقول كذاب بس خاف من تهديده والسجن ..
السجن كابوس يلاحقه من يوم عرف صالح واخذ منه الفلوس اللي للحين يسحب رقبته فيها صالح وين ماحب وبغى ..
فتح الباب وطلع بصمت ورجع عماد وطلع بيلحق على الموعد اللي جا من الديرة عشانه ..
الحكاية انتهت ..
وفصل من فصول حياة ام نايف اسدل عليها الستار مثل فصل صالح اللي انتهى ..
ومثل فصل سجن نايف اللي طوي قيده ..
ومثل فصل خوفها على مستقبل شادن اللي تبدد ..
حضنت بنتها في غمرة فرح ..
هذولا اهلك ياشادن طلعوا احسن من اهلي ..
اهلك اللي حفظوكم وحافظوا عليكم ..
ضمت بنتها على صدرها وهي تقول : يستاهل انك تحطينه في عيونك ياشادن .. اسعديه مثل مااسعدني ياعمري .. فاهمه ياشادن حاولي تسعدينه وتسمعين كلامه وترضينه . الله يوفقك معه ويخليه لك يابنتي .
هزت شادن راسها وهي مقتنعه بكلام امها ..
صح يمه يستاهل اني اسعده
اليوم انقذنا بمساعدته لابو بدر ..
والحين فكنا من كابوس خالي ..
بس يايمه اذا مايبغاني اسعده وش العمل ..
قطع عليهم صوت التلفون اللي رن افكارهم ..
وراحت شادن ترد عليه : الو ..
: ها ياشادن وشلون امي .
كان نايف وشكله خايف عليها قالت : خلاص مبسوطه وفرحانه ماقصر عماد اعطى خالك درس بينسيه طريق بيتنا .
: والله ههههههههههههههههه اوكي انا جاي بالطريق دقايق واكون عندكم عشان تعطوني التفاصيل . عماد مارضى يقول لي على اللي صار بينهم .
: طيب لاتسرع ..
: ان شاء الله .. يالله سلام .
: سلام .
قفلت من اخوها وهي مستغربه من هالانسان ..
للحين ماعرفته زين ..
بس كل اللي عرفته انه رجل بمعنى الكلمه ..
صدقت جدتها يوم قالت انه قد الصعاب ولايهاب ..
وان احتاجته ماخيبها ..
هزت راسها ونفضته تبي تصحى من افكارها اللي سرقتها له
ليه تفكر فيه ..
اصلاً هذا رجل غريب عنها ..
ومالها أي علاقه فيه الا ورقة عقد ولمدة معينه ..
حاولت تشيل صوته وصورته من راسها ..
وهي تقنع نفسها من الآن انه انسان غريب ومالها علاقة فيه حتى لو ان اسمه زوجها ..
لأن زوجها عند الناس فقط .
واللي سواه اليوم معاها لأن نايف ولد خاله ..
وممكن جداً يسويه مع أي شخص مكان نايف .. !
او يسويه لهم حتى لو ماارتبط فيها ..
يعني هي مالها أي علاقة بموقفه .
***
دخل على جدته وعمته في الصالة .. وهو ينادي بصوته العالي
: ياولد ياهييييه يااهل البيت ..
رحبت فيه جدته وفوزية كالعادة لامته على صوته العالي : يااخي انت ماتعرف تدخل على الناس بهدوء .. الحين فصولي بيصحى من صوتك .
سلم على راس جدته وسلم على عمته قال : خليه يتعود على اصوات الرجال ويتمرجل موب يتعود على اصوات الحريم .
شاف كورة شهد بجنب الباب وتوجه لفوزية قال : استعدي فوزية ابي اشوت عليتس .
حطت فوزية يدينها على وجهها قالت بصوت عالي : يامجنون فكني منك .. الكورة هذي قوية لاتشوت عليّ .
ضحك فهد على شكلها قال : احلفي انتس لتقنعين منالوه تفكني من السوق وتروح مع بندر .. يالله عجلي ولا على وجهتس .
: خلاص يامجنون والله لاقنعها واقول اتركي فهد مهبول محد يروح معه .
شات الكورة وراه قال : ايه اشوا خليتس سنعه موب تقولين لهم اتركوا بندر واكرفوا فهد تحسبين علومتس ماتجيني .
بعد ماتطمنت فوزية انه شات الكورة برا قالت : وليه ان شاء الله ماتودي خواتك .. تبي كل شي على بندر ..؟
رد فهد بسرعه قال : انا مااطيق شيل الحرمة معي مهب الفّ بها الاسواق خمس ست ساعات .. عاد ياويل من راحت معه منال للسوق .
استغلت ام ناصر الفرصه وبدت معاه لوم وعتاب واستنكار ورجاء انه يعين ابوه ولايقهره ويمسك وظيفته ويعتمد على نفسه ..
مناها فهد بأبشري ومالتس الا من يرضيتس وخلاص انا بديت اعقل وامل من البر ..
وهو ابعد مايكون عن الوفاء بكلامه ولا الحقيقه ..
مجرد كلام حتى يخفف من حدة كلام جدته وزعلها ..!
اخذ شماغه في يده قال : انا بصراحه ابي انحاش من جدتي ادري انها في النهاية تبي تقول اعرس واخاف تسوي بي سواة عماد مير يالله مع السلامه ..
ضحكت فوزية منه ومن حركاته وكلامه وهو يعطيهم ظهره متوجه للباب ..
: طيب اقعد تقهو معنا .
: ماابي قهوة العيال ينتظروني نبي نروح نكشت .
هزت ام ناصر راسها قالت بيأس : لاحول ولاقوة الا بالله . مافيه فايده هالولد .
قالت فوزية : يايمه شوي شوي على فهد ماتشوفينه الا وتعطينه ذيك المحاضرة .. تراه موفاسد ولامدخن .. عيبه انه انسان يحب البر والتمشيات بحدود الحلال .
امها بحده : حدود ا لحلال بطاعة ابوه ورضا امه واعتماده على عمره مهوب اذا احتاج فلوس جا يطلب ابوه واخوه .. حتى اخوه اللي اصغر منه ماسكـ (ن) وظيفته ومعتمد(ن) على نفسه .!
عرفت فوزية انها ماراح تغلب امها فاضطرت انها تنهي الحوار وتنادي الشغاله تشيل القهوة والشاهي من الصاله ..!
وهي قامت ترتب اغراضها حتى ترجع لبيتها اللي بدت تأثثه بمعية زوجها ..
***
: قومي روحي معاي للسوق مافيه وقت ياشادن ..!
: يايمه تكفين والله مااقدر خليها ليوم الخميس .
: ياشادن ياعمري ماباقي وقت الخميس تروحين تجيبين شوية اغراض والخميس اللي بعده زواجك ..
قامت عشان امها وجلست على السرير فترة مو طويلة ..
كيف تروح تتسوق وهي مالها نفس ..
مافيه دافع او حماس ..
تذكرت الفرح بعيون امها وجدتها واخوها وعمانها ومططت يدينها بقوة ووقفت ..!
توضأت وصلت المغرب ولبست وطلعت مع امها ونايف للسوق ..
ساعه ، ساعتين ، ثلاث ، اربع ..
اخيراً طلعوا بأكثر من عشرة اكياس وهذا يعتبر ولا شي مع الاغراض الباقيه ولسه مااشترتها ..
نزلت اليوم الثاني والثالث وماترجع للبيت الا وهي منهكه ..
تحط راسها وتنام وتصحى زي المفجوعه على صوت المنبه .. تلبس بسرعه وتروح مع ابو بدر اللي يخاصم لأنها تتأخر عن وقتها اللي تطلع فيه ..
دخلت المدرسة اللي نوف محولتها لجحيم بالنسبة لشادن تحاسبها على الرايحه والجاية ..
وتدقق على كل تحاضيرها وحاطه راسها براسها وتعاملها غير عن كل المعلمات ..
بعد الحصة الرابعه جات نوف لغرفة المدرسات قالت : لو سمحتي ياشادن تعالي للادارة .
قفلت دفتر خلود حق التحضير اللي كانت تتصفحه وقالت ببرود : حاضر .. اجي وراك الحين .
راحت نوف بعد ماارسلت عليها نظرة حاقدة وواعدة باللي مايسر ..
التفتت شادن على خلود اللي عدلت نظارتها على عيونها وقالت : الله يعينك عليها هذي اش حكايتها معاك .
هزت شادن اكتافها بمعنى مو فاهمه شي .. وقامت لحقتها ..
جلست نوف على كرسيها قالت : اقعدي .
جلست شادن مقابل لها قالت : خير ان شاء الله .
: خير .. اليوم مريت على فصلتس وجمعت دفاترالبنات بصراحه عليتس ملاحظات ياشادن .
: ملاحظات شو . ؟
: ماصححتي الدفاتر من زمان .
: كلهم درسين اللي ماصححتها .!
: لا لا موب درسين ..! والدليل شوفي ..
طلعت دفتر وفيه اكثر من سته دروس ماتصححت قالت : وش هذا .؟
حطت شادن رجل على رجل وصدت بوجهها عن نوف قالت بثقه : هذا دفتر هيا اللي متزوجه لها اسبوعين ماداومت الا اليوم ومادخلت عندهم لسه .
تلون وجه نوف بالوان مختلفه قالت : والبنات الباقيات فيه دروس ماتصححت .
: درسين يانوف .. واعتقد هذا مو شي تحاسبيني عليه وتعامليني بالطريقه هذي عشانه .
: انا هنا انفذ القانون وو
: لو سمحتي لاتحاولين تدورين علي شي ترى هذا مو في صالحك وترى اللي نقلني للمدرسة هذي يقدر ينقل غيري وله سلطه يقدر ينقل ويشيل من منصب لمنصب على كيفه .
وقفت وقالت وهي تحط يدها على الطاولة وتميل ناحية نوف : انا هنا نقلت بكيفي عشان اجي عند اهلي واقدر انقل لمدرستي القديمه واقدر اصير مكانك اليوم قبل بكرة واعتقد انتي فاهمه هالشي زين ..
طلعت وتركتها في حاله من الاستغراب والذهول والصدمه وخيبة الامل والاحباط المرير الموجع ..
اجل عماد هو اللي نقلها عشان تجي عنده ..
وهو اللي يبي يصير زوجها بعد كم يوم ..
نزلت راسها على مكتبها ووجهها ماتدري أي لون كساه ..
ماتبي تبكي .. تخاف احد يشوفها ويفضحها ..
يكفي ان نوير بدت تشك فيها ويمكن عرفت سبب حقدها على شادن ..
تذكرت يوم جات يوم السبت والكل يبارك لشادن وهي تقول الله يبارك فيكم ..
جاتها نوير تمشي وهي توزع الشكولاته قالت : تفضلي يانوف بمناسبة ملكة شادن وعماد .
وقفت زي المنهبله ..
رغم ان كان عندها علم الا ان الخبر حتى لو تكرر .. يمثل لها صاعقه ، زلزال ، بركان وانفجر في وجهها ..
اختنقت لدرجة انها مادرت بنفسها الا ونوير تعطيها مويه وتسمي عليها وترش على وجهها شوية موية .
: بسم الله عليك يانوف وش صار لك ؟
فتحت عيونها وجمدت بمكانها ..
قالت : مدري من الصبح تعبانه والبارح مانمت زين ..
اخذت شنطتها ولبست عبايتها وكلفت نوير تقوم بمهامها في الادارة وطلعت للبيت ..
قفلت على نفسها واطلقت العنان لقلبها وعيونها وصراخها تكتمه وهي داخل بطانيتها لحد ماتعبت من البكا وتعب منها ..
رفعت راسها من على مكتبها على صوت سهام : ابلا نوف لو سمحتي .
: هلا سهام .
: انا وشادن بكرة مو جايين .
قالت بصوت مخنوق : ليه ؟
: انا خطوبتي بكرة وتعرفين شادن تجهز وزواجها ماباقي عليه شي .
قاطعتها بلهجة حادة : سهام لوسمحتي تكلمي عن نفسك ومالك دخل بغيرك .
: طيب بس حبيت اقول لك ان مناوبتي انا وشادن بيوم واحد بعد ماغيرتيها ..
: انتي اذنك معاك ولاتجين الا السبت . خلاص تفضلي .
: مشكوورة .
طلعت سهام وعلى راسها مية علامة تعجب وعلامات استفهام كبيرة .. ياترى ليه يانوف كارهه شادن من اول مادخلت هل لأنها حلوة ولا لأنها المفروض تصير مثلك وماتزود عليك بشي خاصة ان اهلها ينتمون للقرية هذي ولا ايش السر بالضبط . ؟
دخلت غرفة المدرسات قالت : شادن نوف هذي ماادري اش فيها عليك مارضت تخليني اتكلم عنك تقول مالك دخل بغيرك وعطتني اجازة ليوم السبت .
: باخذ اجازة غصب عنها ولا ماراح تشوفونها في المدرسة .
: الله الله الله .. اجل عندك سلطه وتاركتنا نتشحطط بالطريق من جده للاجواد ولا المسكينات اللي يجون من الطايف ومكه .. اش رايك تنقلينا مرة وحده .. .
: لا الا انتوا ماراح انقلكم .. ماابغاكم تفارقوني ..!
قالت سهام باحباط : مالت علينا ..!
: ههههههههههههههههه
: عاد من جد شدون بتاخذين اجازة غصب عن هالعصبيه ..!
: عندي خطيبي ياماما يقدر ينقل المدرسه كلها مو نوف .
قالت خلود : تكفين اسكتي لاتذكريني .. كل ماتذكرته حسدتك عليه .. بجد ياشادن انتي محظوظة ..
قالت كلمتها ونوف واقفه على الباب واكيد سمعتها ..
وقفت خلود قالت باحراج : تعالي يانوف تقهوي معانا .
: لا لا مابي اذا تبين تاخذين اجازة ياشادن لاتجين بكرة .
قالت شادن : لا ماابي بكرة ابي الاسبوع الجاي كله .. والاسبوع اللي بعده زواجي الله يحييك عليه تراه هنا في الديرة مو في جده .
طالعتها بنظرة حاقدة وحاسدة في نفس الوقت قالت : مبروك مقدما ومدري احضر ولا لا ..
طلعت والبنات مستغربين من قوة شادن وكيف تجرأت لأول مرة ووقفت في وجه نوف ..
قالت شادن وهي تتذكر كلام عمتها فوزية عن عماد انه مايرضى احد يتكلم على احد من اهله اواقاربه مهما كان ..
وان هذاك اليوم هدد ان تعرضت نوف لشادن لينقلها من المدرسه كلها
: عرفت نقطة ضعفها .. واناكنت اقول ماابغى اجرحها ولا اتكلم عليها بس مانفع . وهذي هي الطريقه الوحيده اللي توقفها عند حدها .
ضحكت نوير اللي دخلت وشادن تتكلم قالت : يابنت ياقوية ليه ماطلعتي هالعضلات من زمان .
: هههههههههههههههههههههههه خلاص كل يوم تعالي وراي اذا انتي خايفه وادافع عنك بعضلاتي .
: الحين اجي وراك بعد نوير تعالي معاي لنوف مااقدر اروح لها لوحدي .
ضحكت شادن من نوير وطريقتها وكيف تقلد صوتها وحركاتها
نوير بالنسبة لها فاكهة المدرسة وضحكتها ..
وهي البرد والسلام بنار نوف ومضايقتها لها ..!
جلسوا بوسط ضحكاتهم وتعليقهم بعيد عن نظرات نوف اللي تمزج الحقد بالانكسار ..!
وشادن تحاول جاهدة انها تأجل التفكير لوقته .. والضيق والزعل لحينه ..!
***
قبل موعد الزواج بيومين
سهرانه هي وسارة ..
قالت سارة : ياربي اليوم بغى يصير علينا حادث .. يااختي ابوسعد صاير ينام الايام هذي .
قالت شادن بفزع : الله يستر سارة لاتسكتون كلموه اذا مايقدر يوصلكم خلاص دوروا غيره .
ردت سارة : اميرة كلمته تقول اذا ماوراك عيال ترانا عندنا اهل وعيال يبونا .
: الله يستر ذكرتيني بهذاك اليوم لمن وقفت سياراتنا لولا الله ارسل علينا عماد كان ماادري اش كان حيصير لنا .
: صحيح هو اش يبغى من نايف .
ردت شادن بلا مبالاة : يقول كنت ابغى اتطمن على شادن وصلت ولا لا .
: الله الله الله .. هذا اللي تقولي عنه مجبور على الزواج .. اشوف الاخ بدا يهتم .
: والله ماادري عنه .. بس هو الأكيد انه مغصوب لأنه كان شايل فكرة الزواج من راسه .. ياشيخه خذي رتبي اغراضي معاي بدال ماتسولفين بدون فايده .
حاولت انها تقطع السيرة وتنهي الحوار عن عماد خوفاً انها تفتح باب وتكشف المستور لسارة وهي قد اخذت عهد على نفسها محد يعرف بالموضوع اللي بينها وبين عماد من ناحيتها ..
بدت سارة ترتب الملابس وتطبق معاها احياناً تمتدح واحيانا تذم ..
قالت : الحين ابغى اعرف فيه وحده تشتري جلابيات بهالكمية خذي ثنتين ثلاث معقول لكن كل هذولا الحمد لله بس .
ردت شادن باقتناع : الناس هناك يحبون الملابس هذي خاصة جدتي .
بعدين الجلابيات ياماما تصلح بأي مكان وأي زمان وهذي كلها موديلات جديده .
قلبتها سارة بين يدينها قالت : فين البناطيل فين الاطقم فين القمصان اهم شي .
فتحت شادن شباصتها ونزل شعرها الاسود على اكتافها قالت : عندك كم بنطلون وكم طقم الكيس الثاني وانا اصلاً باقي لي اشياء بسيطه بروح اشتريها انا وامي نايف مره يحرجني .
اخذت سارة شنطة المكياج وقعدت تتفحصها بحكم خبرتها ومعرفتها بأدق ادواته وألوانه لأنه هوايتها المفضلة واللي تمارسها يومياً بإتقان وخبرة ..!
مرت عليهم الليلة وانكتبت في ذاكرة تاريخهم ..
مثل باقي سهراتهن المميزة يتخللها المرح والود والضحك والذكريات الجميلة بحياتهن ..!
***
صباح يوم الزواج ..!
دخل مع العمال اللي وصلوا الأثاث ..
اليوم زواجه والأثاث توه وصل ..
شال مع العامل المرتبة وسلمها لعامل ثاني ..
جا يمشي لخالته فوزية اللي طلعت من غرفة امها وبتروح مع زوجها لجده لازم تروح لمشغل لأن هذا مو أي زواج ..
هذا زواج عماد اللي تنتظره من سنين ..
قالت : اخيراً وصلت الغرفة .
راح يغسل يدينه عن الغبار ..
قال : وصلت .
: تبي مساعده قبل اروح .
: لا مشكورة تسهلي انتي .. مافيه شي تساعديني عليه . بعدين انتي ماكأن عندتس بيت وتو ساكنته من اسبوع ليه كل شوي اشوفتس ترززين هنا .
: ياربي من هالالخلاق .. انا مريت اشوف امي تبي شي ولا لا .. والشرهه مو عليك علي انا اللي عرضت خدماتي .. يالله مع السلامه ..
اخذت فيصل وشهد تبي تطلع .. واستوقفها
قال : تعالي تعالي .
وقفت بزعل وهي تضرب برجلها على الارض قالت : نعم باقي شي ماقلته ..
ابتسم واخذ شهد حضنها وباسها على راسها قال : والله اعصابتس ماعاد تحمل شي .. يابنت الحلال لاتزعلين تعبان وقرفان ووراي مية شغله .
قالت فوزية بضحكة : الله يعينك ياشادن ... ياسيدي عاذرتك اصلاً انا اقدر ازعل منك ..؟ بعدين اليوم عريس لازم نتحملك .
قالت شهد بفرح : عماد فستاني لونه ابيض زي فستان العروس .
رد على شهد : والله .. عاد الليلة انتي العروس ابيتس ترقصين لين تشبعين ..
: طيب تخلي شادن ترقص ولا عيب ..
التفت على فوزية قال وعلى وجهه ابتسامه واسعه : يالله تسهلي رجلتس ينتظرتس برا ..
طلعت فوزية وهي تضحك من احراج شهد له .. وتقول :الله يبيض وجهها اللي خلتك تضحك على الصبح .
توجه لغرفة جدته اللي ماتوسعها الدنيا من الفرحه وهي كل شوي تدعي ان الله يتمم على خير ويسهل امور ولدها ويرزقه التوفيق وراحة البال والضنا الصالح .
دخل غرفتها وسلم على راسها وجلس بجنبها وريحة البخور تفوح في غرفتها والفرح يتهلل في وجهها..
قالت : ياجعله مبارك وانا امك . عز الله اني اتحرى لليوم هذا من سنين وماقطع قلبي غير اني ماشفت عيالك بس ربك كريم وماخيبني .
: الله لايكدر عليتس يالغاليه .. رمى نفسه على الأرض وتمدد وحط شماغه على وجهه قال : آآآآه يالتعب والله ياظهري يافيه وجع وتعب .
: علامك ياوليدي عسى ماشر .
: ماشر ياجده بس التعب اللي هد حيلي وكسر عظامي من صلاة الفجر وانا صاحي والبارح مانمت الا الساعه ثلاث .
: ها قوم روح ارقد لك ساعتين وريح عمرك ياوليدي .
: وين انا وين النوم وراي مية شغله .
: ابوك يبي يجي ولا لا .
قام جلس ومسك شماغه وقال من دون مايطالع بوجه جدته
: مدري عنه .
: انت علمته ؟
: ايه وقبل يومين مريته أأكد عليه وقال انه يبي يجي .
: الله يكتب اللي فيه خير . ان جا ولا ماجا مثله مثله انت رجال الله لايحدك على احد وخوالك صافين معك وهم اهلك واخوانك .
: عارف ياجدتي الله يهديه بس مايعترف بي غير اذا بغى فلوس ولا انا ماعلي منه ادور رضاه عشان رضا ربي .
: الله يكملك بعقله ويستر عليك وانا امك .
: اوووه نسيت اقول لعبدالعزيز يستقبل خالتي نورة ويفكني من مشوار جده .
: انا علمت فوزية وقالت انها بتكلمها ويجيبونها .
تنهد بارتياح قال : اشوا الله يجزاتس خير .
وقف وراح يشوف الشغالات وش سون في الغرفة الجديدة بعد ماقال لهم ينظفونها ويرتبونها ويحطون مفارشها …
المفروض انه بهاليوم يكون اسعد رجل لأنه يوم العمر ونقلة كبيرة في حياته من العزوبية والتشتت لحياة الاستقرار والزوجية ..
بس هو عكس الناس ..
انسان غريب وطبعه مختلف جداً ومزاجه غييير عن الناس يعتبر ان الزواج محطه ينطلق منها لعالم ثاني ويدينه مقيده بسلاسل .. رجوله محدده بخطوات عدة .. مسؤولية الزوجة والاطفال عامل مهم في عرقلة اموره سواء اللي تخص شغله ولا هواياته ورغباته في الانطلاق في الحياة والأهم السفر والشهادة اللي يحلم يجيبها من امريكا ...
هذا كان تفكيره وفكرته عن الزواج امام الناس فقط والعذر منهم اذا جابوا له سيرة الزواج ..
اما الحقيقه فهي توقد بصدر عماد ..
منغصة حياته وميقظة نومه ومزعزعه استقراره النفسي ..
ومايعلمها غير الله وعماد ..
دخل الغرفه وشافها انيقه ومرتبه وماينقصها شي .
هز راسه قال " تستاهلها راعيتها وتليق بها "
طلع بسرعه وراح لغرفته .
فتح دولاب ملابسه وطلع له ثياب جديدة ودخل ياخذ له شور ..
بعد نص ساعه كان في سيارته متوجه لخاله ناصر ..
وقف قدام البيت ونزل من سيارته ودق باب بيته
طلع له فهد وسلم عليه قال : هلا والله بالمعرس وشلونك اليوم عساك طيب ؟
: بخير الله يعافيك .. انت وش اخبارك .؟
: الحمد لله على ماتحب .. تفضل اقلط .
: لا لا مشغول بس ابي خالي الله يعافيك خله يطلع لي . انت مارحت عند خالي فواز للحين . .
: خلها على الله بس جايك من البر مواصل وعلى طول رحت لعمي فواز
توني جاي من عنده ارسلني اجيب له قهوة وفطور .
طالعه عماد بنظرات متجهمه ..
: تروح للبر وانت عارف ان ورانا شغل من بدري .
: وش اسوي ياخوك البارحة عيني جفاها النوم ومالقيت نفسي الا بوسط البر وبندقي في يدي وشاب النار واغني ..
ابتسم عماد على سخافته واستهتاره قال : اشهد انك مريض .
: اقول بس لاتنسى وقفتي معك تراني موااااصل وتعبان ومع هذا اكرف معك .
رد عماد بامتنان : الله يقدرني وارد لك وقفتك معي يافهد .
: ودي اقول آمين واحطك بمكاني اليوم لين تصهرك الشمس . بس اخاف ليا قلته اعرس ..
: ووراك ماتعرس انت وش يردك .
: ياخي فكني بالله من هالطاري ..
: اجل ناد لي خالي بسرعه .
رجع فهد ينادي ابوه وركب عماد سيارته ينتظر خاله اللي طلع له بعد خمس دقايق لابس ثوبه وشماغه وعقاله ونزل له عماد سلم على راسه
قال ناصر : هلا والله بولدي عماد خير وانا خالك .
: خير ياخال ابيك تجي معي لمحل الرجال تشرف عليه وتشوف وش ناقصه مالي غناة عنك طال عمرك .
: ابشر وانا خالك ان ماخدمتك ووقفت معك اخدم من واقف مع من ؟ ..
حط يده على كتفه وكمل : انت وفهد مابينكم فرق عندي عسى الله يبارك لك ويوفقك ويرزقك بالضنا الصالح .
: الله يسلمك ياخالي يالله اركب خلنا نخلص امورنا من بدري .
ركب ناصر مع عماد وراحوا للمكان اللي قرروا يحطون الرجال فيه وهو عبارة عن ساحة كبيرة وبانين عليها مخيم ومسوين لها اضاءات عاليه وكثيرة .
وصلوا المكان المحدد وشافه ناصر قال : خل هنا محل الطباخين .. وهنا تسوى القهوة .
هز عماد راسه باقتناع قال : شورك وهداية الله .
: وش باقي لك من شغل .
: باقي لي اشغال مهب شغل .. وانا والله ماعاد اشوف من التعب من صلاة الفجر وانا على عظمين .
: الله يعينك وانا خالك هذا العرس وهمه بكرة ترتاح وتجني تعبك بزوجة صالحه وعيالٍ بارين ان الله اشاء .
: الله يعين .. الا صحيح ياخالي فيه تجار عازمهم وخوياي جايين عشاني ابي لهم مكان مخصص وزين .
: ضيوفك هذولا لاتحطهم هنا.. حطهم بمجلسك بيذبحهم الحر ياولدي .
: ومن يقابل الناس اللي هنا ؟
: اللي هنا حنا معهم انا وفواز وابوك وعمانك وضيوفك قابلهم انت وفهد هناك .
: لاياخالي ابيك تستقبل ضيوفي معي .. خل فهد وخالي فواز ..
: ابشر وانا خالك .. اجل ناد بندر خله يروح للمجلس يشوف وش يحتاج .
وبنظرة امتنان ارسلها له عماد قال : زيييين زين .. توكلنا على الله
مر العصر كله ووصلت فوزية مع اختها نورة اللي استقبلتها في المطار هي وبناتها التوأم ريماس وايناس 17 سنه .. وعبدالله 13 سنه ..
قابلتهم ام ناصر ورحبت فيهم وهي اسعد الناس بهاليوم ..
لمة حبايب ،
وشوفة غالين ،
والأهم ان هاليوم اهم يوم بحياتها لأنه زواج الغالي . ...!
دخلت نورة بغرفتها اللي تحت بجنب غرفة امها والبنات جلسوا عند جدتهم اللي يموتون عليها وعلى تعليقها عليهم وعلى قصات شعورهم الكاريه .. ولبسهم اللي دايماً طقم مو كافي اشكالهم نسختين من بعض ..!
بعد شوي جات نورة تسولف عند امها وهي مسوية مكياجها مع فوزية في مشغل بجده ومو راضيه عنه ..
قالت امها : الحين اللي انتي حاطته على عيونتس ورى ماتغسلينه وتحطين شوية كحل وش زين سواده في عينتس ابرك لتس من هالبلاوي اللي ملطختن وجهتس .
: يايمه الله يخليك لي الحين كل الناس تحط المكياج هذا .
: والله ماشفت احد يحطه غير انتي واختس مير الله يهديتسن .
التفتت نورة لبنتها قالت : ريماس قومي هاتي شنطة المكياج .
: حاضر ماما .
قالت ايناس : جدتي كيف مكياجي حلو ولا لا .؟
: لاوالله وانا جدتس شين ومحدن يعرفتس .
: عاد نبي نشوف العروس حلوة زي عماد ولا لا ؟
قالت ام ناصر وهي تبتسم لمن تذكرت بنت ولدها : شادن الله يستر عليها مكملها الرحمن . زين وعقل وسنع .
قالت ريماس اللي دخلت والشنطه في يدها قالت : طبعا طبعاً هذي زوجة عماد مو احنا اللي كل ماتشوفينا تهاوشينا .
قالت امها بصوت عالي : بنت تأدبي وكلمي جدتك بأدب .
ردت ام ناصر : يحييتس الله وتشوفين شادن يابنت نوره .
قالت فوزية اللي جالسه تأكل فيصل وهي مرتاحه نفسيا وراضيه عن لبسها ومكياجها : ماشاء الله عليها شادن قمر واخلاق وادب ..
قالت نورة وهي تعدل رسمة عينها : الله يحميها .. حمستوني اكثر لشوفتها ..
ردت ام ناصر : اذكرن الله وادعوا لهم ان ربي يجمع بينهم بخير
ذكرن الله البنات وهن يشوفن لهفة امهن وفرحتها اللي تتمنى مايكدرها شي .
***
تبكي وجع ..
من حقها تبكيه ..
حلمها وأملها ..
وفرحة قلبها ..
اليوم عرسه .. وبيزفونه لها .. ويزفونها له ..
حست بحركه في غرفتها وغمضت عيونها وهي تغطي وجهها بالبطانيه اللي صارت تشاركها اغلب يومها وتحاول ماتحسس اللي دخل عليها انها صاحيه او انها تبكي ..!
تخيلته وهو يكلمها ويضحك لها ويمسك يدها ويغازلها ..
شهقت لاارادياً وغصباً عنها ..
: نوف قومي ادري انتس صاحية ..
نورة اختها هي اللي فاهمتها بس ماتقدر جرحها وحزنها ..
ردت بوجع : وش تبين مني .. اطلعي فكيني منتس ومن نصايحتس ولومتس لي .
: قومي معي مانيب ناصحتتس ولا لايمتتس ..
انا ابروح اسوي شاهي والحقيني .
دخلت العنود قالت : الله لو شفتوا الحاجات اللي جابها عماد في بيته ..
اشرت نورة للعنود انها تسكت لاتزيد وجع اختها وجع ..
وسكتت العنود تنفيذ لرغبة اختها وامرها وهي ماتدري وش السبب ..
رجعت لنفس المكان اللي جات منه ..
تبي تتفرج على بيت جيرانهم والاحداث اللي تصير عندهم ..
قالت نورة لنوف اللي تشهق بقوة وتبكي بانهيار
: يوووه يانوف .. اللي يشوفتس يقول هذا قد عطاها وجه ولا قد تأملت منه خير . احرمتيني من الروحة للعرس كله عشان اقعد معتس .
: كنت احلم وليتني قعدت احلم طول عمري . ياويلي يانورة اخذها وتركني .
: قومي قومي مالتس الا حمود ولد عمتس غازي .. حتى لو عماد ماتزوج يبي ياخذتس حمود غصبن عنتس ولا نسيتي كلام ابوي .
جلست نوف واخذت منديل مسحت به وجهها قالت : اناماابي اتزوج وسيرة حمود العله لااحد يجيبها لي .
: انتي الحين قومي تعوذي من ابليس وخلينا نتقهوى تراني ميته على الشاهي ماذقته لي يومين . بعدين لو امي جات وشافت حالتس والله ماتخليتس لين تعرف وش بلاتس . ولا والله لتوديتس مسفر ويسوي بتس سواة جارتنا ام فارس ..
خافت نوف من طاري مسفر وضربه وصراخه ومن فكرة ان الناس تقول عنها مجنونة ولا ممسوسه ..
قامت راحت للحمام اللي يشتركون فيه اهل البيت كلهم ويبعد عن غرفتها ..
غسلت ورجعت لنورة اللي حطت الشاهي في الصالة اللي تطل على الحوش ومعاه مضير ( لبن مجفف يسمى الاقط والمضير عند البدو واهل القرى )
حاولت انها تتماسك وتتقبل الواقع حتى لو مارضته ولا اعجبها ..
وجلست تستمع لسوالف اختها نورة اللي تحاول تنسيها وتغير لها مودها بأحداث المدرسة والطالبات واختباراتها ..!
***
في مكان ثاني بعيد عن الصخب والشغل والتعب والناس اللي بدت تدخل وتتجمع في مكان الحفلة . . .
كانت جالسه في غرفتها ..
جهزت وزبطت مكياجها وتسريحتها في المشغل ..
وصورتها المصورة في البيت اكثر من خمسين صورة ..
بعدها قعدت سارة معاها تحط لها رتوش خفيفه
لمعه على شفايفها ..
اضاءة اكثر تحت الحواجب ..
مسكرة اكثف ..
بلاشر على خدودها
: خلاص ياسارة بتطلعيني مهرج بعد شوي .
: استني عشان اذا وصلتي مايكون مكياجك ساح ولا انعدم . خليني احط لك مثبت .
: انا ابي اعرف ليه امي اصرت ان اسوي كل هالمكياج .
: اقل شي اذا مو عشان زوجك يشوفك بهالشكل عشان الناس لمن تجي تشوف انك عروس ولا أي عروس بسم الله عليك قممممر ..
دق جوالها وشافت على الشاشة اسم نايف ..
قالت : هذا نايف اكيد بيقول مشينا ..
تجمعت الدموع في عيون سارة وهي تحاول تخبيها بابتسامه باهته قالت : بفقدك يابنت .
حضنتها والثانية حبست دموعها حتى ماتنزل وتعدم المكياج ..
شهقت سارة وهي تبتسم وتحاول تغير الجو : الاسابيع اللي غبتي فيها عني حسيتها سنة .. ماقدرت اصبر .. كملت وهي تمسح دموعها وخشمها وشهقت وقالت : الحين يادوب اشوفك كل كم شهر وزيارة .
ضحكت شادن وهي تقاوم البكا ودموعها بدت تخونها وتنزل غصباً عنها قالت : يادبه ماني مقاطعتك كل شوي تلاقيني هنا بعدين انا مصيري راح استقر في جده بإذن الله .
ابتسمت سارة وهي تحاول تتماسك قدام شادن حتى ماتنهار قالت
: يالله روحي خربتي مكياجك وان شاء الله نتقابل قريب وعلى خير .
سلمت عليها وضمتها قالت : بشتاق لك ياسارونه .. انتبهي على نفسك ولاتفكرين بخالد والله مايستاهلك .
هزت سارة راسها بوجع وابتسمت من بين دموعها قالت : مبروك ياعمري والله يوفقك ويسخر لك عماد ويحببه فيك .
: مع السلامه .
لبست عبايتها ولفت طرحتها على راسها ووجها وطلعت من غرفتها لامها اللي واقفه مع نايف برا وتعطيه بقية اغراض شادن ..
طلعت سارة قبلهم وهي منهارة من تحت الغطا وركبت مع سواقهم ورجعت لبيتهم ..
ركبت شادن مع امها واخوها ..
العصر اذن من زمان ونايف لازم يوصل قبل الساعه سبعه حتى يوقف مع عمانه في زواج اخته .
بعد اربع ساعات بالضبط وصل نايف وفي سرعه خياليه ..
نزلت من السيارة اللي وقفت عند بيتها واستقبلتها عمتها فوزية ..
هالمرة دخلت البيت غير عن كل مرة ..
قلبها يدق ومن داخلها رفض وعدم تقبل لكل اللي يصير ..
بس من الظاهر مقنعه كل اللي حولها ان وضعها طبيعي وانها عرووس وبمعنى الكلمه ..
جات نورة تمشي وزغاريدها تسبقها : ياهلا والله حيا الله شادن وام شادن .
سلمت ام نايف على نورة .. بعد ماعرفت عليها فوزية .
وسلمت على شادن بتودد وهي تبارك وتهني بالزواج ..!
: يابعد قلبي مو مصدقه اني شفتك ياشدون .. باقي نايف مشى ولا للحين .
: نزل اغراضي ومشى .
: بكرة اشوفه ان شاء الله . يالله ياعمري ادخلي هذي غرفتك زبطي شكلك قبل يدخل عريسك .
حست بألم في معدتها وراسها وجسمها كله .. وشو ..؟ عريسي ..؟ ياحليييييلكم بس .
نزلت راسها بالأرض وراحت تمشي لغرفتها اللي تفاجأت فيها وسمعت امها تذكر الله وتقول : ماشاء الله تبارك الله صدق اللي اختارها عنده ذوق وباين انه متكلف فيها .
ماردت شادن عليها ووقفت عند المراية تزبط مكياجها وشكلها اللي ماتدري عنه من حوالي اربع ساعات حتى في السيارة طول الطريق مافيه نور .. اشوا ان المكياج ثابت ولا تأثر بالمسافه وطول الطريق وجو السيارة .
جابت لها فوزية القهوة والشاهي ومعاها الحلا والمعجنات واستأذنت عشان شادن تاخذ راحتها مع امها ..
بس شادن اصرت على امها انها تروح للزواج وتنبسط ولاتفكر فيها .
جلست لوحدها وكل شوي تطل عليها نورة ولا فوزية ..
جاتها زميلتها نوير وسلمت عليها وباركت لها وراحت من عندها حتى ماتحرجها اذا جاها احد من اهلها .
وقفت على المراية مرة ثانيه وهي لوحدها بالغرفه ..
طالعت بفستانها الابيض الفخم وطرحتها اللي تكلفت فيها عشان امها وعشااان الصور اللي اخذتها للذكرى ..!
طلعت البودرة المضغوطة وزادت مكياجها شويه ..
وجلست على الكنبة اللي في بداية الغرفة تحسباً لأي حرمة تدخل عليها ..
دق الباب عليها دقتين ودخلوا بنتين شبه بعض عرفت شادن انهم ريماس وايناس من كلام عمتها فوزية عنهم ..
قالت ايناس : وااااو اثري جدتي صادقه تهبلييييين .
: ههههههههه ياقلبي انتوا اللي تهبلون .. شو هالجمال والشياكه . ؟
قالت ريماس : لاتسمعك جدتي تقول ماعندها ذوق ..
: صحيح جدتي فين ؟
: هناك بالزواج .. ماتقدر تطلع مع الدرج ..
: لا لازم اشوفها واسلم عليها حتى لو انزل لها .
تدخلت ايناس : عادي تطلع لك مع المصعد بلاش الدرج . اجل عماد مسويه ليه مو عشانها .
قالت شادن بحماس : صحيح والله .. ياليت تقولون لها تجيني لازم اشوفها .
هزت راسها ايناس قالت : ياشادن احسن لك ماتشوفك بعد كلامها عن المكياج اليوم .
ضحكت شادن بتوتر من كلام ايناس قالت : ههههههه اجل ماراح يعجبها شكلي .
خبطت ريماس كتف ايناس قالت : خليها تشوفها ياهبله والله لتعجبها حتى لو كانت قردة طالما هي زوجة عمااد الغاالي .
التفتت لشادن قالت : بس بصراحه انتي قمر مو قردة ومكياجك يجنن .. بس بيعجب جدتي عشانك زوجة عماد ولا هي اصلاً المكياج الثقيل مايعجبها اعطتنا موشح نصايح وهواش عشان نغسله .
شبكت اصابعها اللي ترتعش من الارتباك وضحكت مجامله : هههههههه الله يخليها لنا بس .. تعرفون حرمه كبيرة ماتعجبها الا العادات القديمه .
سمعوا صوت ام شادن اللي دخلت وابتسمت لهم وهم ردوا لها الابتسامه لأنهم سلموا عليها عند الحريم وطلعوا بعد ماباركوا لشادن واستأذنوا .
قالت ام شادن : سمعت ان العريس بيدخل وجيت اشوفك اذا تبيني اجيب لك عشا .
: لا لا مالي نفس آكل بس جدتي ماشفتها ؟
: هو ارسل فوزية يقول خلوها تطلع معاي .
تذكرت شادن ان عماد يسوي كل شي عشان جدته وان كل هالعمايل والهيلمه عشان يرضي جدته فقط ..
قالت : اهم شي اشوف جدتي واسلم عليها .. حتى لو انزل لها تحت .
: لا لا تقول فوزية انها راح تطلع بالمصعد .. شدون هدي حالك ليه متنرفزة ياقلبي .. ؟
: ها ..؟ لا يمه لامتنرفزة ولا شي .. بس تعرفين احسني متوترة شوي .
: ياعمر امك انتي .. عادي خذي نفس وتعوذي من الشيطان واقري المعوذات وآية الكرسي تهدي نفسك .
هزت راسها بمعنى حاضر .
ومسكت يدها امها بقوة وضمت عليها ...
لعل وعسى انها تبثها الطمأنينة وراحة البال والهدوء ...
حضنتها امها على صدرها ..
بداخلها براكين نفسها تفجرها هنا على هالمكان بالذات لأنه الأأمن والأسلم لها وحتى ماتصير لها اضرار وعواقب وخيمه ..
حاولت تتماسك لكن خانتها دمعه مسحتها بيدها بسرعه وهي تبعد عن صدر امها ..
قالت امها وهي تمسح دمعتها بطرف اصبعها : مايصير نقلبها بكا !
كل وحده نزلت دمعتها لسبب مختلف ..
اللي نزلت فرح واللي نزلت شقا ..
يمه لو تدرين اني ضايعه ..
الليلة ودعت اجمل احلامي ..
واستقبلت كابوس عمري ..
حزينه بنتك بليلة الفرحة ..!
ابتسمت وهي تحاول تمسح اثار الدموع قالت لامها اللي تدقق بعيونها ووجهها وهي تحاول تبعد الخوف عنها وتطمنها
: احسني توترت .
ابتسمت امها براحة وطمأنينة وحضنتها قالت : عادي ياعمري كل بنت في ليلة مثل هذي تتوتر وترتبك . بس انتي اعتبري الموضوع طبيعي وترى عماد مو غريب عنك ولد خالتك وقريب منك بيكون حريص عليك اكثر من غيره .
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
عند الرجال ..
لابس البشت الاسود والغترة البيضا وكأنه من الشخصيات الهامه ..
كل شي فيه يوحي بالفخامه والرقي ..
اسلوبه وتعامله مع الناس والضيوف راقي ويحسس الناس بهيبته وقوة شخصيته ...
شكله انيق لأبعد الحدود ،
شنبه الكثيف شوي واللي مرتبه بعناية ..
عيونه الواسعه وحواجبه المرسومه وهي طويله تدل على ان صاحبها قوي باس وحجته قوية وواثق من نفسه مثل مايقولون علماء الفراسة وعلم النفس ...
طوله وجسمه المتناسق معطيه طله غير عن كل الحاضرين ..
وعريس وكل العيون عليه ..
كان جالس بصدر المجلس وحوله اصحابه وبعض التجار اللي جو من جده ومكة والطايف مخصوص عشانه ..
باركوا له بعد العشا وطلعوا وكلاً سرى لبيته ..
بعد ماودع ضيوفه رجع لمكان الرجال من اهل الحي والديرة ..
وسلم عليهم ورحب فيهم وقال للطباخين يحطون العشا ..
توافدوا عليه الناس يباركون له وهنوه بالليلة السعيدة وتمنوا ان زواجه مبارك وان ربي يرزقه بالذرية الصالحه ..
جلس نص ساعه ثم قام وقف واعتذر من الحضور ومشى على الساعه 11 تقريباً ..
ركب مع نايف اللي اصر انه يوصله بنفسه لبيته اللي مايبعد عن مكان الحفل الا ثلاث دقايق او اربع بالكثير ..
وقبل ماينزل من السيارة استوقفه نايف : اقول ياابو مشعل .
: سم .
: سم الله عدوك .. بغيت اقول لك شادن امانتك لاتجرحها تراها حساسه .. ولاتقهرها ولاتخليها تطول عن امي . اختي من النوع اللي يكبت ولا يبوح باللي في قلبه . .
: افا عليك ياابو خالد اختك تراها بنت خالي ولاتوصيني وانا اخوك ما راح يجيها غير اللي يسرها ويسرك .
: هذا العشم وانا اخوك بس هي كلمتين وحبيتها اقولها لك .
: الله يسلمك يانايف وتأكد ان اختك في الحفظ والصون .
: اجل الف مبروك وبالرفاة والبنين .
ابتسم عماد لنايف وتمتم بالله يبارك فيك وعقبالك .. ونزل ..
مهمة اثقلت كاهله من شهر ومن يوم الملكه تحديداً ..
اخيراً راح ينجزها على خير مايرام ويدخل الفرح لقلب الغالية ويسعدها .. ولو لمجرد فترة معينه ..
***
الحريم في بيت عبدالعزيز لأن الحوش حق بيته كبير ..
حطوا فيه مخيم كبير وفرش وسماعات كبيرة للطقاقات اللي حجزتهن ام فهد زوجة ناصر وجابتهن من الطايف كهدية من عندها في زواج عماد ..
اما القهوجيات اللي يضيفون الضيوف جابتهن فوزية وتكفلت بالضيافه كلها من قهوة وشاهي وبيتفور ومعجنات للمويه والعصير والملبس ..
دق عبدالله ولد نورة الباب ونادى خالته فوزية اللي جاته بسرعه ..
قال : عماد يقول خلوا جدتي تجي ماني داخل الا وهي معي .
رجعت فوزية بسرعه قالت لامها في اذنها : عماد يقول تجي ماني داخل الا وهي معي .
فزت ام ناصر وهي تحاول تقوم وساعدتها بنتها لحد ماوقفت
قالت بهمه : لبسيني عباتي وعطيني عصاي .
: لاتروحين مشي اصبري ارسل لفواز يوصلتس .
: مانيب منتظرةٍ فواز خليني امشي .
جات نورة اللي عرفت السالفه وسمعت كلام امها قالت : يمه الله يهديك عماد للحين ماوصل اصبري لين ازهم فواز ولا عبدالعزيز يجي يوديك ..
نادى عبدالله امه قال : بندرعند الباب يبي جدتي تمشي معه .
مشت ام ناصر والتفتت على بناتها قالت : امشوا معي .
اخذت كل وحده عبايتها وطلعن معاها بعد ما رجعوا ريماس وايناس مايروحون معاهم ..
دقيقه وحده وهم في بيتهم لأن المسافه بين بيت فوزية وبيت عماد قصيرة جداً ..
زغردن نورة وفوزية اول ماشافن ولد اختهن واقف بالبشت وسلمن عليه وهو يقول : قصرن اصواتكن وشوله كل هذا .
قالت نورة وهي تسلم عليه : خلنا نفرح بك ياقلبي .
: افرحن ماقلت شي بس من دون هالصوت اللي وصل للرجال .
سلم على جدته اللي توها وصلت وهي ترد العبرة وتحاول تضحك ..
قالت : ياالله لك الحمد ولك الشكر انك مديت بعمري وشفته معرس .. نزلت من عيونها دمعتين غصب ماقدرت تردها وتمنعها ..
حط يده على اكتافها وسحبها لصدره قال : الله يخليتس لي هذا بدل ماتفرحين لي وترقصين تقومين تصيحين .
: لو في شدة وانا امك رقصت بس العَجَز شين .
: الله يطول بعمرتس منتيب عجوز .. العجايز شوفيهن وراتس اللي كل وحدة خابصتن وجهها بالاحمر والاخضر .
خبطته نورة قالت : بتغير رايك اذا شفت شادن ومكياجها .
طالعها من دون مايتكلم وسوى بشته زين .. وبقلبه " متى بتخلص هالتمثيليه وارتاح "
ضحكت ام ناصر قالت : يالله ياوليدي ادخل على مرتك الله يوفقك ..
:عطيني يدتس نبي نطلع بالمصعد اريح لتس .
مشت معاه ودخلت المصعد اللي مايفتحه الا في حال رغبة جدته في الطلوع فوق .. وهي تهلل وتكبر ..
وبناتها معاها يضحكن من عماد اللي حتى ليلة زواجه مايعرف يضحك اوحتى يبتسم..
فتح المصعد وام ناصر لازالت تهلل وتكبر وتستغفر ..
زغردن نورة وفوزية وعماد ماسك يد جدته ..
وقف ونادى فوزية قال : فوزية خذي جدتي خليها تسلم على شادن قبل ادخل . .
دخلت ام ناصر مع فوزية ووقفت نورة مع عماد وهو بان عليه الارتباك ...
طالع بنورة قال : خالتي الدور اللي فوق لاحد يقربه و.....
قاطعته خالته : افا عليك ياعماد خذ راحتك بس ومحد مقرب منكم تطمن ياحبيب خالته .
: الله مير يسلمتس ويخليتس لي .
***
طلعت امها من عندها لمن عرفت انهم وصلوا ونزلت مع الدرج ..
حتى تخليهم على راحتهم مع بنتهم ..
وبنفس الوقت استحت من عماد اللي للحين ماعرفته ولاكلمته ..
دخلت عليها جدتها ..
وفزت شادن من مكانها وسلمت عليها وباست راسها ويدها وهي مستحيه وراسها بالارض ..
انهالت جدتها بالمديح بعد ماباركت لها وهنتها وتمنت لها السعاده والذريه الصالحه ..
قالت فوزية : الحين وش رايك بمكياج شادن .
قالت الجده وهي تحاول ترفع من معنويات شادن المستحيه : ابد هذا المكياج السنع وهذا الزين اللي مسويه ربي ماشاء الله تبارك الرحمن .
ضحكت فوزية من جدتها قالت : ههههههههههههههه من يشهد للعروس .؟
طالعتها امها بنظره امر يعني يالله واشرت لها ..
اخذت يد امها اللي قد جلست بجنب شادن ووقفتها وطلعت ..
قالت ام ناصر لعماد اللي يناظر بساعته
: ادخل على مرتك وانا امك الله يجمع بينكم في خير ويكتب لكم التوفيق من عنده ويرزقكم الذرية الصالحة .
التفتت لبناتها بلهجة آمرة : يالله يابنات مشينا لضيوفنا .
نزلوا مع المصعد وراحوا مع بندر ولد ناصر اللي جابهم وينتظرهم برا عشان يرجعهم ...
--------------------------------------------------------------------------------
فصلٌ ثامن
نكهة وجع ..
دخل الغرفة وريحة عطره تسبقه ..
رجولته طاغية بمشيته وحركته وشكله وصوته ..
قال بثبات وركود وثقه : السلام عليكم .
ردت بصوت واطي اقرب للهمس : عليكم السلام ..
تأملها بفستانها الابيض الناعم ..
مكياجها اللي مبرز جمالها اكثر ..
يدينها اللي مشبكتها ببعض ونقشة الحنا الهادية اللي تمتد على كفها محولتها لفتنه تسر الناظرين ..
كل هالآية له هو ..
كل هالأنوثه والجمال والسحر اللي قدامه اسمها زوجته وحلاله .
حاول يغض الطرف بس عجز ..
استغل الفرصة انها ماتدري عن نظرته وحركته وزاد تأمله لها ..
كل هالجمال بيندفن بيده في عالمه الكئيب ..
حظك ياشادن وهذا اللي سعيتي له ..
حس انه طول وهوساكت واستدرك نفسه قال : وشلونتس ياشادن ؟
ماطالعته وكانت موجهه نظرها للأرض مستحيه لوجودها مع رجال غريب وفي نفس الوقت متضايقه من تمثيليته السخيفه اللي جارته فيها ..
قالت : بخير .
نزل بشته وحطه على السرير وجلس على طرف السرير وقابل لها وهي جالسه على الكنبة ...
طول وهو يطالعها من غير مايتكلم ومن غير ماتتحرك او حتى ترفع نظرها ..
وكأنه يستغل الفرصة في ليلة خجلها وحياها ويملا عينه منها ويشبع نظره ..!
مايدري كيف يبدا الكلام بس ضروري يبدا ..
اخيراً تكلم : ليش كل هالتكلفه ..؟
رفعت نظرها له ..
وعرفت انه يقصد فستانها ومكياجها ..
كانت عيونها اكثر شي تهزه ..
شافها قبل كذا وحس انها تجذبه غصب
لدرجة انه مايتذكر في وجهها غير عيونها ..
لكن الليلة غير ..
الليلة مثل البحر الهايج اللي يجرف كل شي قدامه ..!
وهو اللي في الواجهه ..!
بس مع هذا ماله الا الشوف والنظر ... وان تأمل يعتبر واجد عليه .!!!
قالت وهي ترفع حاجبها وتبتسم بسخريه : اجاريك في التمثيليه . ومثل مالبست انت البشت لبست انا الفستان .
حط يدينه ورى وتكى عليها وقعد يمس ظهره ..
قال : زين انك عارفة الوضع .. مايحتاج اتعب نفسي بالاعتذار والشرح .
قالت بسرعه قبل لايقوم ويطلع ويقهرها وحبت انها هي اللي تبدا
: ممكن تطلع ..؟
ناظرها وكشر قال بلهجة حادة : وشو ؟
بلعت ريقها لأن صوته خوفها قالت : ببدل واتحمم وانام ..
تحرك بسرعه ووقف وهز راسه ..
فهم قصدها وغرضها من كلامها ..
هذي نقطه تحسب لشادن .. بنت حريصة وذكيه وقوية ..
قال وهويفتح زراير ثوبه ويعطيها ظهره : هذي تراها غرفتك وانا غرفتي زي ماهي .. تبين شي قبل اطلع بروح انام حيلي منهد .
هزت راسها بلا وهي مخنوقه ..
لأنها لوتكلمت راح تنفجر من البكا ..!!
طلع من عندها وسكر الباب وراه ..
وقامت وقفت ومشت بالغرفه وهي تتأفف ..
هالمرة ماقدرت تتحكم في دموعها ..
تركت لها المجال انا تسيل براحتها بدون ماتردها او تمنعها
بكت من قلب ..
بكت اول ليلة بزواجها ..
بكت زواجها وطريقته اللي مافرقت عن طريقة زواج امها وجدتها الا بالمكياج الثقيل والفستان الابيض الفخم ..
بكت ابوها لو كان حي يمدي عماد فكر يحطها بالموقف هذا ولا كان حسب له الف حساب وشالها على كفوف الراحه ...
رمت نفسها على سريرها وغطت ووجهها على المخده ..
طلعت اللي كانت مخبيته عن امها ونايف وسارة واللي كانت موفرته ليله فيها يمكن ويمكن ..
بس للأسف طلعت اسوأ مما توقعت ..
بكت حياتها ..
وبكت ماضيها ومستقبلها وصدقها اللي شوهته بيد عماد ..
بعد تنهيدات كانت كاتمتها داخل اعماق قلبها مع شلالات الدموع اللي سكبتها شمت ريحة العود اللي هاجمت انفها توها انتبهت لها ..
طالعت للبشت المرمي على السرير اخذته ورمته على الأرض وهي تتذكر المسرحيه السخيفه اللي مثلها بإتقان وأجبرها انها تجاريه بهالفستان الاسود بنظرها والابيض بنظر اللي شافوه ..
رمت الطرحه بعد مافكتها بقوة وهي تحس انها خانقتها وكاتمه على نفسها رغم انها على شعرها وبعيده عن فمها وأنفها و صدرها ..
" آآآآهـ " اطلقتها من عمق اعماقها وحطت يدينها الصغيره على وجهها وانخرطت في نوبه معبرة ...
بكت ليلة فرحها ..
بكت اهلها ..
بكت الفرح والسعادة ورثتها بمناحتها ودموعها ..
بكت الحياة الزوجية واسم زوجة ..
بكت الحظ .. والقدر والقسمة والنصيب اللي خابوا معاها وماصابوا ابداً ..
انتبهت للباب اللي انفتح عليها ..
ورفعت راسها وشافته
بطوله الفارع كان لابس قميص مغربي لونه بني واسع بقبعه طويلة من ورى وكم طويل وزراير كثير قدام ..
وقف بمكانه منصدم بالرغم انه مو متفاجيء ..
لأن المفروض ليلتها اسمها فرح ..
وهو احالها لتعاسة ونكد ..
بس الصدمه ان هذا شكلها وهذا حالها ..
حالتها الجمته وجمدته ..
فزت بسرعه وصدت عنه واعطته ظهرها وهي تجلس على طرف السرير البعيد عن الباب ..
حتى مايشوف شكلها اللي اكيد يخرع بفعل الكحل والمكياج السايحين على بعض ..
ويلاحظ عيونها الحمرا ووجهها المتورم ..
وحتى ماينتبه لحالها ويشفق عليها لأن آخر شي تبيه من عماد الشفقه ولا الرحمه ..
جا قدامها ويدينها على عيونها وهي تنتحب ..
قرب منها وجلس على ركبه على الارض ومسك يدها قال : ليه كذا ؟
شهقت وهي تحاول تتماسك قالت من دون ماتطالعه وبصوت يرتجف
: لوسمحت بعدين تدق الباب علي اذا فكرت تدخل .
: الحين جاوبيني ليه حالك كذا ؟
: مالك شغل فيني .
اخذت منديل من اللي على الكومدينو بجنبها ومسحت وجهها بس وش تمسح ووش تخلي ..
تنهد بوجع قال : على راحتك .. بس لاتنسين اني نبهتك من البداية وحذرتك وانتي اللي اصريتي وركبتي راسك .. ولا ماكنتي مصدقتني وماتوقعتي اني جاد بكلامي لك .؟
: اصلاً ماابكي عشانك ولا فكرت فيك .. اللي مزعلني شي ثاني بعيد عنك .
: اللي هو ..؟
: مالك شغل فيه .. ورجاءً لاتتدخل فيني . ولاتسألني عن شي يخصني ..
ترك يدها بعد ماحاولت تسحبها كذا مرة ..
وقف واخذ بشته المرمي على الأرض ..
قال : زين انا هنا بغرفتي اللي بجنبك .. اذا بغيتي شي دقي عليّ باب غرفتي .. ولاتنزلين الا اذا قلت لك . فاهمه ..؟
ماانتظر منها جواب وطلع وسكر الباب وراه ..
قامت بسرعه وقفلت بالمفتاح بعصبيه ..
ورجعت تكمل نوبتها وهي تبدل فستانها وتدخل الحمام تتحمم ..
فتحت الموية عليها واختلطت بدموعها ..
حست بالبرودة في جسمها وتمنت لو توصل لقلبها وتطفي شي من ناره وحرقته ...
طلعت بعد ساعه بالضبط وهي تشهق وتمسح سيل الدموع اللي ماتوقف ولا له نيه يتوقف .
راحت حطت راسها على السرير بعد ماجففت شعرها ولبست بيجامه قطنيه وناعمه ..
وبعد كلل وجهاد مع النوم قدرت تغلب النوم وتغفو لها كم دقيقه من كل ساعه ...
المهم اسم انها نامت ..
**
في غرفته
علق بشته في دولابه وتمدد على سريره وحط يدينه ورى راسه ..
" هذا اول الغيث ياعمااد "
الليلة لمن شاف دموعها انكسر بداخله شي ..!
حس بظلمها صدق ..
حس انه قسى على بنت خاله وحبيبة جدته ..
بس وش يسوي .. هو ماسعى لها وهي اللي سعت لحالها هذا .
نصيبها حطها في هالوضع وهالموضع ..
" يالله ارحمني برحمتك "
قالها بصوت عالي وغمض عيونه وهو في دوامه وش يسوي ووش الحل ..
لايمكن يقدر يعيش زوج ويمارس حياته بشكل طبيعي .
الظروف تجبره ياعالم وماهو بيده ..
احتار يجبر نفسه ويتورط ولا يعودها الايام الأولى تتعب فيها وبعدين تتعود بدل مايعيشها بسعاده اول ايامهم ثم يجني عليها بعد كذا ..
التعب نال منه اليوم كثير ..
جسمه كأنه متكسر ..
وراسه ماعاد قادر على التفكير والتخيل
حس برعشة في سائر جسمه ووقف وراح يتخبط بمشيته للحمام
وقف على المغسلة دقايق ورجع كل اللي في جوفه ,,
غسل وجهه ومسح على شعره ورجع لسريره ..
محتاج يرتاح اسبوع كامل على الاقل بعد تعب اليوم ..
رحمه النوم لمن داهمه وعقله بعز التفكير والأفكار والتعب المنهك..!
***
بعد ماقرأت رسالته اللي وصلتها على رقمها الجديد وهي مو في طبيعتها ..
بدأ العد التنازلي لحسم امرها
اما ان تكون لخالد واما الا تكون
وكلا الأمرين للحين يمثلون لها غصة ..
صحيح ان خالد ماعاد يعنيها مثل اول
بس كلمة مطلقه وبعدها عن خالد اللي رسمت كل احلامها معاه شي صعب ..
ضمت على الجوال بيدها بقوة وهي محتارة في تناقضات خوفها من خالد ..
تبيه ولاتبيه .. !!
تخاف قربه وتخاف بعده .. !!
هو بالنسبة لها صدمة وبنفس الوقت فراقه يعتبر صدمة .. !!
ماانتبهت لابوها اللي وقف على راسها وناداها اكثر من مرة وهي ولا هي حوله ..
لاحظ ابوها وجهها الشاحب وملامح الحزن ترتسم عليه ..
قرب منها قال : اش فيها سارونة زعلانه .. اكيد تفكر بشي مزعلها ..!!
فزت بمكانها وحطت يدها على صدرها وشهقت بخوف وفجعه قالت : يبه انت هنا ماشفتك ..!!
: من زمان اناديك وانتي بعالم ثاني .. خير وش مضايقك . ؟
فرقعت اصابعها بتوتر قالت وهي تناظر بالسقف والجدران وكأنها تبي تهرب من نظرات ابوها : يبه مو مو مووووضووعي اش صار عليه .
جلس على يسارها وضم على يد بنته بيده اليسار ولف يده اليمين على اكتافها
قال بحنية ومودة وهو يطمنها : لاتحسبيني غافل عن موضوعك .. خالد راح يطلق وغصب عن عينه لأنه عفن وريحته طلعت ..
عقدت حواجبها قالت باستغراب : عفن ..؟ ريحته طلعت ..؟
: الوسخ دايم يعفن يابنتي وخالد وسخ عفن وريحته طلعت ..!
حست ان الجملة وافيه وكافيه انها تصور لها خالد ..
ابتسمت لابوها بتودد قالت وهي متردده : يبه ابغى ارتاح انا خلاص صليت الاستخارة واحسني ابغى اتطلق منه ...
وجهت نظراتها للأرض قالت بخجل : تراه من كم يوم يدق على جوالي ماادري من فين جاب رقمي الجديد . واليوم ارسل لي رساله .. شوفها يبه .
دخل مشاري على جملتها الأخيرة وهي تمد الجوال على ابوها قال : الوسخ اكيد جابه من الاتصالات لكن اتركيه كلها ايام وماراح تسمعين صوته بالمرة .
اشر له ابوه يعني اسكت وسكت مشاري وهو يوقف ورى ابوه ويقرا الرساله ..
قال : يخسي ماعنده فلوس لالمهر ولا لبيت ولا لزواج هذا يبي يستفزك عشان تردين عليه ويحاول يقنعك ماتسمعين كلامنا .. لكن هانت وانا اخوك ماباقي الا كم يوم وماتسمعين سيرته .
طالعه ابوه بنظرة لوم قال مشاري وهو يغير الموضوع : الا وش اخبارك ياسويرة من بعد شويدن .. من بعد ماتركتك .
طالعته سارة وسكتت .. ماردت عليه زي كل مرة اذا قال سويرة ولا شويدن ..
لأن بالها مشغول برسالة خالد اللي مضمونها " انه راح يرسل لها المهر في ايام قليلة ويبي رقم حسابها .. " .
حس مشاري ان اخته مهمومه ولاهي رايقه .. وان وجهها يقول كلام ماله أي تفسير غير الخوف
قال وهو مصر على انه يغير جوها ومودها ويروقها بطريقته
: بالله طالعوا في كرشي تستاهل انا نأجل الزواج عشانها .. ريهام مطفشتني كل يوم تضيف لي شرط جديد .
ضحك ابوه بمحاولة انه يراوغ ويبعد سارة عن التفكير بخالد قال : هذا شرط جديد غير شرط الدخان ؟.
عقد مشاري حواجبه وهو يمسح على كرشه اللي بارزة شي قليل من تحت التي شيرت قال : تقول كرشك تنزلها ولا مافيه زواج .. شكلها بتسوي فيني مثل ابو علي بطاش ماطاش ..
غصب عن سارة ضحكت وهي تدري ان مشاري وابوها يحاولون جاهدين انهم يغيرون لها جوها ..
مافيه حل الا انها تسايرهم تجاريهم في محاولاتهم حتى ماتشيلهم همها الكبير ..
قالت : اسعدها ياربي هالريهام محد ماخذ لي حقي منك غيرها .. يالله يالله من بكرة على النادي الصحي .
وقف مشاري وطالع في ابوه قال : يالظالمة تتشمتين فيني كله عشان قلت سويرة .
ردت بمرح وهي تتصنع الزعل : وشويدن كمان ..!
: اووه صح نسينا شويدن والله الظاهر لو تدري اني اقول لها شويدن لتقتلني ..
: طيب يااخ مشمش متى بتسجل في النادي ..
: هههههههههههههههههههههههههههه مشمش عاد . . اسكتي لاتسمعك ريهام ثم تقول .. كمل مشاري وهو يقلد صوت ريهام الهادي وطريقتها البطيئة بالكلام : مانتزوج لين تتخلص من الكنية هذي للأبد وتمر بتجربة سنة كاملة من غير ماتسمعها ...
كان الضحك هو الرد الطبيعي لكلام مشاري وقدرته على تقليد ريهام اللي صارت تمثل له المستقبل المشرق والمبشر بالسعادة ..!
قدر انه يقلب جو سارة لمرح وهو يتكلم عن ريهام ونصايحها له وطلباتها اللي ماتخلص . لاتدخن .. لاتسهر .. لاتسرع .. لاتاكل كبسة حتى ماتطلع لك كرش .. لاتجلس كثير حتى ماتتخن .. اعمل رياضه .. ابغى جسمك رياضي واهم شي ماعندك كرش ..
ارتاح ابوها انه يشوفها نست او تناست وتغيرت لمحة الحزن اللي على جبينها لابتسامه واسعه مايدري وش كثر اللي وراها من الهم ..
وحمد ربه بصمت انه ستر ولاخلى مشاري يفصح عن الكمين اللي مخططينه لخالد حتى يطيح في شر اعماله بعد مارفض انه يطلق سارة ..
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
في ليلة تاريخيه في عمر ام ناصر ..
لأول مرة تسهر من سنين لهالوقت ...
ماباقي عن الفجر الا ساعتين وهي جالسة مع ام نايف تحت ..
وفي غرفتها تحديداً ..
يسولفون في الجديد والقديم ..
وفتحت ام ناصر ملفات قديمه تجهلها ام نايف ..
تطرقوا تقريباً لكل شي الا لسيرة صالح اللي تكرهها ام نايف وتعتبرها نقطه سوداء في حياتها ..
كلمتها عن خالد وكلامه عنها وحبه وشوقه لها وانه كان في آخر عمره ينوي يرجع لها بس المرض حال بينه وبينها ..
وكأنها تقول سامحيه واعذريه ..
تلذذت ام نا صر بسيرة الحبيب المفقود ..!
رغم ان حزنها عليه يوغل بصدرها مثل الخناجر الا ان سيرته مثل البلسم ..!
رغم ان الكلام عنه يقرح الجفون ويقطع الوتين الا انها بحاجه لمن يشفي روحها بطاريه واسمه ..!
كلمتها عن عيالها ...
شادن ونايف ..
طفولتهم ،
مراهقتهم ،
كيف ربتهم على القوة والتحمل والصبر والنضج من بدري ..!
وكيف زرعت فيهم الصبر والمواجهه التي تفتقدها هي ..!
الحديث ذو شجون وذو شجن ..!
ماكانت تبي تغلق الحوار وتنهيه ...
ورغم انها تعبانه في زواج الغالي .. الاانها تحس بنشاط بتحقيق الأمنية اللي من سنين تنتظرها ..
لولا ان عزيزة تعبانه ولا كان جلست معاها لين تطلع الشمس
لكن الرحمة واجبه ..!
حست انها تعبانه وجالسة معاها مجامله وضاغطة على نفسها يوم تشوفها مستانسه ..
حلفت ام ناصر عليها لتقوم تنام وتريح جسدها لأنها تدري ان هم ام العروس اكبر من هم العروس ..
وانها تعبت اليوم ولازم ترتاح ..
استاذنت ام نايف منها وقامت ودخلت تنام مع نورة وبناتها اللي سبقوها لأنهم هلكانين سفر وتعب في جدة ثم في الزواج ونفدت طاقتهم ...
صلت ام ناصر ركعتين لله ثم تمددت وهي شاكرة ربها على فضله عليها وعلى عيالها ..
هي اكثر شخص مبسوط اليوم وتنتظر بكرة على جمر وهي تشوفهم مجتمعين مع بعض وحال عماد مستقر وبنت خالد عندها في بيتها وقدام نظرها ..
غفت عينها وقلبها يلهج بذكر الله ولسانها يهلل ويستغفر ويسبح ..
***
صباحية العرسان ..!!
صحى لصلاة الفجر اللي وقت المنبه على موعدها ..
صلى في المسجد ورجع للبيت ..
النوم اللي نامه كفاية انه يريح جسده نوعاً ما ..
اما الفكر والقلب فما يريحه نوم سنين ..
مر على جدته وهي تسبح وتهلل وجالسة على سجادتها وعدى من عندها وطلع فوق ..
مايبي يشغل راسه بأسئلة جدته ونصايحها اللي ماتخلص ..
المهم انه تطمن عليها وهذا يكفي ..
دخل غرفته وتململ .. والنوم ماهو حوله ..
مايدري وش يسوي ..
اليوم بدأت القيود حوله ..
كل يوم متعود اذا حس ب الملل يطلع للمزرعه ..
يركب سيارته ويمشي لشغله ..
ينزل تحت لجدته ويقضي وقت الصباح معاها على صوت راديوها ومع القهوة والتمر ..
بس اليوم كل شي محسوب عليه خاصة وهو عريس ووسط اهله .
فكر لو اخذها معاه وطلعوا عن الناس حتى يسلم من شر الانتقادات ..
بس وش يقول لها ولا وين يروح فيها ..!
اخذ القرآن وجلس يقرأ لعل الله يهدي انفعالاته المكبوته بداخله وخوفه انه يتهور ولا ينفضح امره ..!
مر عليه من الوقت اكثر من ساعه مادرى عنها وهو في غمرة الخشوع بذكر الله ..
انتبه لصوت الدق الخفيف على باب الغرفة اللي بجنبه وفز من مكانه ..
زفر بأوووف معبرة اعتراضاً على هالغثيث اللي دق الباب وهو محرص وموصي محد يقرب من الدور اللي فوق ..
يحس نفسه بالمكان الخطأ ووضعه ابداً مايصير ..!
حط يده على راسه وهو يفكر ..
اخيراً قرر انه يحسم الموضوع درءاً للاحراج واتقاءً للاستفهامات والتعجب والاستغراب والملاحظات اللي راح تواجهه ان اكتشف امره ..!
***
صحت من شبه نوم ممل على دقات خفيفة على الباب اختفت بسرعه ..
مدت يدها على الساعه المحطوطة بجنبها على الكومودينو ..
شافتها الساعه 8 صباحاً واكيد هذا عماد يبغاها تنزل تحت ..!
فزت بسرعه وهي تلوم نفسها كيف نامت لهالوقت وماصلت الفجر ..
توضأت وصلت وحاولت جاهده انها تحصر تفكيرها مابين الفاتحه والتسبيح والتشهد لكن الشيطان احيانا يغلب المؤمن ..
سلمت على يمينها ويسارها وهي تستغفر ربها انها ماقدرت تركز في صلاتها وعذرها هالحال اللي هي فيه ..
هي حسبت حساب أي شي ممكن ..
بس ماتوقعت انها تنقهر بالشكل هذا ..
اسوأ شي على المرأة انها تخدش في انوثتها ..
وانها تصير عروس بدون فرحة ..!
تأففت وهي تغسل وتبدل ملابسها بسرعه ماتبي تفكر اكثر من كذا ..
خلاص اللي كانت متوقعته حصل ..
وهذا قدرها الى اجلٍ مسمى ... لأن هالوضع ماراح يطول .
عزمت امرها وقررت انها تواجه اللي خططت له مع عماد ..
زوجة قدام الناس وعلى الورق ..
لبست تنورة لونها بيج وسكري وقماشها من الدانتيل الناعم والمطرز ..
وعليها بدي بيج ومشكوك ومطرز بذهبي ..
وعليه شال مثلث وعريض من الصوف المشغول باليد وبتفنن ..
لونه سكري بشك وتطريز ذهبي وشكله بسيط وناعم ..
لفته علي صدرها ويدينها ومسكته ببروش ذهبي وكبير ..!
سوت ميك اب يليق بعروس وكحلت عيونها الواسعه وختمت بروج زهري لامع بين شفايفها الناعمه وأبرز جمالها ..
فتحت شعرها الأسود اللي مايتجاوز اكتافها ومقصوص بشكل مدرج ..!
اخيراً بخت عليها من عطرها الثقيل واخذت جلالها بيدها وطلعت من غرفتها ..
الجو هادي ..
احتارت تنزل وتكسر اوامره ولاتنتظره ..
فكرت انها تمرعليه تشوفه بغرفته ولا لا ..
بس ماعندها الجرأة انها تقرب من باب غرفته ..
اضطرت انها ترجع وتجلس في الصالة ..
لأنها ماتبي تلفت الانظار لها وتبدأ الملاحظات عليها من بدري ..!
وأكثر شي خوفها ان احد يسأله وينه وماتدري وش تجاوب لأنها ماتدري .. !
جلست على الكنبة وسندت براسها عليها ..
عمرها مااستصغرت نفسها مثل الايام هذي ..
تحس انها انسانه مو طبيعيه وهي تحاول تعيش وهم وخيال ..
تتظاهر بالسعاده والفرح وانها عروس وهي مجرد بنت تعيسه تشيل من الهم الكثير .. وتنتظر من الشقا الكثير ..
متخبطه مابين الوهم والحقيقة ..
احيانا تحس انها ملكت الدنيا وزوجها عماد اللي كل بنت تحلم بمواصفاته ..
واحيانا تحس ان الدنيا جنت عليها يوم رمتها في طريق عماد اللي قسى عليها ..!
غاصت بأفكارها اللي اعتادتها وتعودت عليها ..
ونست نفسها للحظات ماانتبهت الا على وقع خطواته وهو جاي يمشي عندها ..!
**
عايش واقعه ومقدر حجم الورطة اللي هو فيها بس لأنه تعود على المواجهه وحل أي قضية تقابله تقبل الوضع وقرر يكمل الطريق اللي ابتداه ..
الخطوة اللي يستصعبها ويحسب لها حساب من زمان هو كيف يقابلها ولا يجلس معاها عند اهله ولا كيف يتعامل معاها ..
يتجاهلها ولا يكلمها كأي زوج يكلم زوجته .
لبس ثوبه وبسرعه ووهو يتمنى لأول مرة ان خالته نورة مو فيه وانها رجعت للرياض ..
وان فوزية للحين نايمه في بيتها ولايشوفها اقل شي الاسبوع هذا ..
طلع من غرفته وهو مدخل يده في عقاله اللي لف عليه الشماغ وبراسه ملايين الافكار المتزاحمه ايهم افضل ويناسب ..
آخر شي تمنى يشوفه في هالصباح هو وجهها الفاتن بنظره والأنوثة الطاغية قدامه ..
وقف بمكانه ودقق النظر فيها قبل لاتنتبه له ..
كانت مغمضه عيونها ومرجعه راسها لورى وضامه على الخدادية بيدنها لصدرها ..
التهى بقفل زراير ثوبه ومشى ناحيتها وهو يتلاشى انه يناظر فيها ..
اصطدمت نظراته بكل مكان في الصاله الا وجهها ..
قال : السلام عليكم .
ارتبكت بمكانها قالت وهي منزلة نظرها للأرض : عليكم السلام .
: من متى وانتي هنا ؟.
امتقع وجهها بحمرة خجل بالرغم ان سؤاله عادي قالت : مالي الا دقايق .
كانت عيونه تدور ملاذ غيرها وبعيد عنها ..
مايبي يشوفها ولايعرف شكلها اكثر ..
صد وهو يلبس شماغه ويثبت اطرافه تحت فكه ويحط العقال عليه بتوازي وبخبرة ..
قال : ترانا بنمشي انا وياك بعد شوي بنطلع لجده او لمكة لأي مكان بعيد عن الناس .
وقفت واخذت نفس عميق وهي تتخيل نفسها معاه لوحدها ..
هنا بالرغم انها راح تنحرج من الناس الا انه ارحم لها من الجلسة لوحدها معاه ومشاعره متجمده واحساسه معدوم ناحيتها وهو رافضها ورافض وجودها بحياته ..
قالت : لا مو لازم نروح مكان .
التفت عليها ورفع حاجبه قال : انا مااخذت رايك بس حبيت ابلغك .
رفعت له نظرها قالت : وانا مو على كيفك . وماابغى اروح معاك .
فتح عيونه بقوة وعقد حواجبه وهو يناظرها تكلمه بالاسلوب هذا ..
نظرته كانت حاده وتخوف لدرجة انا تراجعت عن هجومها وسلبيتها قالت : انا هنا مرتاحه مع الناس لو نروح مع بعض ماراح نرتاح صدقني .
هز راسه باقتناع بصحة كلامه وكأنها ذكرته شي غايب عنه ..
اذا كانت هنا مع جدته وفوزية راح تغير جو وتنشغل فيهم وماتحس بالملل ..
لكن لو راحت معاه راح تمل وتتعب نفسيتها ويتحمل مسؤوليتها ويحتك فيها اكثر ..!
لو بس خالاته مو فيه كان زانت اموره وهانت ..
وافتك من وجع الراس ...
نزل مع الدرج من دون مايتكلم ..
وهي لحقته ببرود وخيبة واحباط ..
حاولت جاهدة انها ماتبكي او تضعف وانها تتسلح بالقوة في المواجهة ..
سمعت صوته وهو ينادي عشان بنات نورة ياخذون حذرهم ..
شافته يروح لغرفة جدته وتوجهت على طول لغرفة امها والشوق يسبقها وحضنها غايتها ..
شافتها جالسة ترتب اغراضها وهي لابسه عبايتها .
سلمت عليها والثانية اخذتها بالاحضان وباركت لها .
: هابشريني كيف عماد معاك .
ابتسمت لامها وهي مسنده براسها على صدرها قالت : الحمد لله يمه .
ابتسمت امها قالت : البارحه في الزواج الكل يمدحه .. والله اني ارتحت كثير لمن سمعت كلام الناس عنه .. الله يوفقكم ياعمري . يالله اطلعي سلمي على جدتك هي اللي تنتظرك على جمر .
قالت بخجل : يمه مستحيه تعالي معاي .
: لاياقلبي انا خلاص الحين ماشية .
فتحت عيونها قالت : يمه الحين .؟ لاالله يخليك لاتروحون اليوم .
قالت امها بجدية : ضروري نشمي ياعمري وبناخذ عمتك نورة فهد ولد عمك مارضى يوديها وقلنا ناخذها طالما الطريق واحد .
: يمه اجلسي بس اليوم .
ردت امها باعتراض : لاوالله مستحيه من الرجال اجلس في بيته وهو عريس كيف بياخذ راحته .. بعدين اذا ربي اعطانا عمر بتشوفيني كثير واشوفك ان شاء الله . وانا الحمد لله برجع لبيتي وانا متطمنة عليك .
زفرت بآهة محبطة قالت : الله يعين .
راحت لغرفة جدتها وهي واثقة ان عماد لسه فيها ..
مشت وهي تعد خطواتها وتحسبها زي ماراح تحسب لكل كلمه وكل عذر تقدمه بعدين لأي ملاحظة منهم ..
لأن التدقيق راح يبدأ والملاحظات بتشتغل بدءاً من الجدة وانتهاءً بشهد ..
دخلت مع امها لغرفة جدتها وشافته جالس بجنبها وعلى وجهه ابتسامه ساحرة ..
تفاجأ اول ماشاف امها وانتبهت جدته اللي قالت على طول : هذي ام نايف مهيب غريبه .
فز من مكانه وقف وسلم عليها بحرارة ..
سألها عن صحتها ورحب فيها وهلاّ بوسط ذهول شادن واستغرابها ..
شكلها وهي فاتحه عيونها ورافعه حاجبها وهي تطالع فيه ومتسمرة بمكانها .. خلاه يلتفت عليها ويصد بسرعه كأنه خايف احد يكتشف جريمته ..
قال لها وهو يبتسم : شادن سلمي على جدتي بدال ماتبحقلين فينا .. تراها ابلشتني وهي تسألني عنتس ..!
تحركت شادن من مكانها وراحت تسلم على جدتها اللي تبارك وتهني بصوت يتخلله الفرح وباينة عليها السعاده بلمتهم وقربهم ..
قالت ام ناصر بتودد : تعالي اجلسي عندي ..
جلست بجنب جدتها .. وعماد رجع جلس بجنب جدته من الجهه الثانية ..
كانت متوقعة ان الموقف محرج بس مو عارفة انه لهذي الدرجه ..!
قال عماد بصوته الواثق والجهوري : اجلسي ياعمتي القهوة بتجي الحين .
ردت ام نايف بخجل وحيا : بروح اصحي نايف بنمشي من بدري قبل الظهر .
طلعت ام نايف وشادن لازالت بذهولها ..
عمتي ..؟
ليه خير ان شاء الله ..
لايكون صدَّق المسرحية واني زوجته وامي عمته ..!
انتبهت لجدتها اللي تبارك لهم واعتلت خدودها حمرة خجل ممزوجة بقهر من عماد وهو يرد باسلوب ممثل ومحترف وكأن الوضع طبيعي جداً ..
اما هي سكتت واكتفت بنظرة للأرض دلالة على احراجها وخجلها وحيرتها وقهرها ..!
اصغت سمعها لعماد وكلامه مع جدته ..!
اسئلته لها تبعث في قلبها الاطمئنان للحياة معاه ..
لأن مافيه انسان بهالحنان ممكن يقسى او يظلم ..
: ها بشريني عنتس اليوم ..
عسى ماتحسين بشي ..؟
علميني امس تعبتي .. ؟
متى نمتي ..؟
حط يده على ركبتها وهو يقول : رجولتس وشلونها عسى ماوقفتي عليها واجد ..؟
وريني عيونتس .. شكلتس سهرانه .
اخذتي حبوب الضغط ولانسيتيها ..؟
كان يسأل بلهفه وهي تجاوبه بإجابات مطمئنة وتكررها ..!
مافيني غير العافية من ربي ..
نمت وعينت من الله خير .
انت لاتشغل عمرك بي ..
انا بخير وعافية ليا شفتك مرتاح مع مرتك ومستانس ..
قرب منها وسلم على راسها وهمس لها وهو يبتسم ابتسامه خبيثة بنظر شادن اللي غاصت في افكارها : ان شاء الله راضية عني ؟ .
هزت ام ناصر راسها قالت بصوت مسموع : الله يرضى عليك دنيا وآخره . وياجعل عيني ماتدمع عليك .
رد بحب وهمس : الله يخليتس لي بس .
دخلت نورة وهي تشيل سلة شكولاته كبيرة قالت : صباحية مباركة ان شاء الله .. قالوا لي ان العرسان صحوا ..!
رد عليها عماد : الله يبارك فيتس وش هذا ..؟ جايبته انتي ..؟
قالت نورة : ايوه جايبتها مخصوص لكم . تراني دقيت عليكم قبل ساعة بشوف اذا انتم صاحين اجيب لكم فطوركم فوق لأن ام نايف تقول شادن ماتعشت وانت ادري عنك ماتاكل الدسم والعشا البارحه اكيد مايصلح لك .
اخذ حبة شكولاته ومدها على شادن من ورى جدته وخلال ثواني ترددت تاخذها اخيراً مدت يدها واخذتها ..
قال عماد وهو ياخذ حبة ثانية ويفتحها : اجل اللي يدق انتي بغيت العن خيّر الشغاله حسبتها طالعه فوق .
ابتسمت خالته قالت : لا لا انا اللي دقيت بس ماطولت ثانيتين ونزلت . شكلكم كنتوا نايمين
: الا انتي متى بتروحين ..؟
ردت خالته وهي ترجع السلة فوق الطاولة : الحين بنمشي مع نايف .. ياخي فهد عجزت معه .
: عاد انتي مالقيتي غير فهد يوديتس ..؟
: وش اسوي مضطرة فواز يقول انه مشغول وبندر مرتبط بموعد في مكة ولا ابشرك فهد جاب لي عذر مسكت يقول ماني رايح مستحي من بناتك وانه اذا شال الحرمة يكتئب ويحس بدوخة ويخاف انه يصدم فينا .
ضحك عماد بصوت مسموع من اساليب فهد الملتوية اذا حب يتملص من أي مشوار ..
قال : بس هو قال لكم مستحي ويكتئب ويدوخ خلاااص اجل .. اغسلي يدتس منه .
انتبهت نورة لامها اللي كانت ماسكة يد شادن وتتأمل نقشة الحنا الخفيفه على كفها الناعم ..
قالت نورة : ماشاء الله عليك ياشادن وش هالزين .
التفت عماد عليها وهي تبتسم وترد على عمتها : تسلمين الزين عندك ماشاء الله عليك .
صد عماد وحاول يلتهي بغلاف حبة الشكولاته وهو يطبقه لطبقات صغيرة وكأنه بعيد عنهم وهو مصغي لكل حرف قالته .
طالعته ام ناصر بفطنه ..
ماغابت عنها نظرته لها وصده السريع ..
قالت بلهجة حادة وهي تهمس له : انت ورى ماتاخذ مرتك وتروحون تمشون ازين لكم من ازعاج الناس .
حس بلهجة جدته ان فيها امر او شي مايعجبها ووقف على طول
قال : والله انا قلت لها وهي عيت هذي هي قولي لها .. يالله نايف في المجلس ابي اروح له .. ارسلوا علينا القهوة والفطور قبل يمشي .
تركهم وطلع من دون ماينتظر ردهم او حتى ردة فعلهم ...!
كانت ساكته ..
مصغية لكل حرف يقوله وكل فعل يفتعله .
تصرفاته عادية بس تثير بداخلها اشياء تجهلها ..
نظرته الخاطفة لها هزتها واربكتها ..
" معقول صدقت انه زوجي واهتم حتى بضحكته وطريقة كلامه
اذا هذا اول يوم وهو يجبرني اسمعه واطالعه اجل وشلون الايام الجاية ..
يارب ساعدني .. "
وقفت بتهرب من الكلام فيه وعنه خاصة وهي تسمع جدتها وعمتها يجمعونهم بالدعوات والمباركه والتهنئة ...
قالت ام ناصر وهي تمسك طرف تنورة شادن .. : وين بتروحين ..؟
ردت شادن بابتسامة خجولة : بقول للشغاله تجهز الفطور والقهوة للعيال .
سحبتها جدتها بشويش قالت : انتي ماتقومين ولاتسوين شي .. ومدام انتس عروس ماتدخلين المطبخ وحالتس حال فوزية اللي ماطبته الا بعد شهرين من عرسها .
ضحكت شادن بحيا وقالت : هههههههه انا راضيه ياجدتي وماعليه اذا دخلت المطبخ مو منقص مني شي . بعدين ماارح اسوي شي بس بقول للشغاله تحضر القهوة والفطور وارجع .
قالت نورة : والله ماتروحين اجلسي بس ولااسمع انتس دخلتي المطبخ قبل شهر .. بعدين ليه ماتبين تروحين تتمشين مع زوجك .. اطلعوا سافروا شهر عسل خليه يغير جو ترى الشغل اهلكه والضغط النفسي قبل زواجه ذبحه .
ارتبكت شادن قالت : ماعليه انا قلت له بنجلس عند جدتي حبيبة قلبي الوقت معاها يسوى كل التمشيات والسفر ..
قالت ام ناصر بحكمه : يابنيتي اطلعوا تمشوا ولاتفكرون غير بانفسكم .. انا قاعدة في بيتي معينة من الله خير وانتم روحوا استانسوا .
سكت وماحبت تعلق على هالموضوع ..
واضطرت انها تجلس بمكانها وتكمل سوالفها مع جدتها اللي ماكفت عن مدحها والدعوات لهم ..
اما نورة تكفلت بتبليغ الشغاله وجابت فطور لشادن اللي فتك الجوع بمعدتها لأن آخر عهد لها بالأكل امس قبل ماتروح للصالون ..!
***
في بيت ناصر ( ابوفهد )
جالس مع ابوه من بدري وحاط التكاية تحت كتفه ومغطي وجهه بشماغه ..
قال ابوه بعصبيه : انت هذي شغلتك .. نوم وبر لاشغل ولامشغله ولامرجلة .
زفر بآهه تدل على الطفش قال : يالله صباح خير .. الحين مقومني من عز نومي عشان هالكلمتين .. الله يطول لي بعمرك كان خليتها لين اشبع نوم وش يبي يضرك .
: لاحول ولا قوة الا بالله . الله يصلحك ويهديك . رجال اللي في سنك عيالهم في المدرسة وانت حتى الرد على اللي اكبر منك ماتعرفه .
دخل فواز وهو يسمع صوت اخوه واصل برا المجلس قال : يالله صبحهم بالخير ..
شاف فهد بوضعيته اللي تدل على لامبالاته قال : اها قولوا لي ان فهد موجود وعذرك معك ياابو فهد .
رد ناصر بقلة صبر : حي الله ابوناصر .. الله يصبحك بالرضا . تعال شوف لي صرفه بالرجال هذا ماذابحني غيره .
رفع فهد شماغه وقام سلم على راس ابوه قال : الله يطول لي بعمرك .. ماصار مشوار ذا اللي يخليك تقول هالكلام .. مالك الا من يرضيك ومن يودي اختك بس والله يالبستين المتشابهه اللي معها يروعون .
ضحك فواز من فهد وهو يدري انه يقصد بناتها التوأم قال محد قالك تشوفهن ولاتكلمهن ودهم وانت ساكت ..
دخل عليهم بندر وهو يشيل القهوة قال : خلاص لاتودي احد لا بستين ولا ارنبين هذا نايف بياخذهم في طريقه .
تنهد فهد براحه قال : جزاه الله خير . وينه عني من صلاة الفجر .
يالله يبه هذا ولد اخوك تزهل لهم .. انا برجع انام وراي مشوار ضروري .
رد ناصر بعصبيه وصوت عالي : وش مشواره ..؟
: اعلمكم ليا قمت .
رد ابوه بعصبيه : لاتروح لأي مكان اليوم انا بسوي لعماد عشا وبيجينا ناس .
مسك فهد راسه قال : تكفى يايبه طلبتك مهب اليوم .
: وش عندك علمني ..؟
: متفق مع خوياي نطلع اليوم وبناخذ اسبوع كامل .. وسعود مبلشني له كم يوم ووعدته .
رد ابوه بعصبيه : سعود هذا ماتمل منه ولايمل منك لاصقين في بعض من عشرين سنه وليا تقابلتوا كنكم اول مرة تشوفون بعض من سنين . اتركه يوم واحد عشان عشانا وضيوفنا ..
: والله مااقدر يايبه .. انا وعدته وحلفت له اني لاطلع عشانه .
قاطعه فواز : اصلاً انت من متى تحضر عزايمنا ولاتدري عنا . ماضيعك الا الدوجه في البران .
زفر بأوووف مكبووته وطلع من المجلس ...
راح لغرفته ورمى نفسه على فراشه وكمل نومه وبراسه لايمكن يأجل روحة البر ووعده لاصحابه لو يجتمعون العالم كلهم في بيت ابوه ..
مو يكفي انه جلس الخميس عشان عرس عماد .!!!
هذا هو فهد لامبالاته في كل شي ..
استهتاره صار طبع وعاده ..
حياته فكاهه مزح .. خفة دم .. وبمعنى اصح وناسة ..
وشعاره في الحياة عيش يومك سعيد وابعد عن الهم .
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
كانت تمسح دموعها وهي تسلم على امها ونايف وعمتها نورة ..
قالت : ياليتني دريت انكم بتمشون اليوم وصاحين من بدري كان نزلت لكم وجلست معاكم .
قالت امها بلهجة حادة وهادية بنفس الوقت اقرب للهمس : لاتنزلين الا مع زوجك او تقولين له انك بتنزلين .
بلعت شادن غصتها وسكتت ..
واكتسى وجهها حمرة حست بحرارتها ..
خايفه من امها تكشفها ..
ولا تغلط وتجيب الطامة وينكشف امرها ..
هزت راسها قالت لنايف : نايف ياقلبي انتبه على الطريق لاتسرع .. وانتبه على امي .. وزوروني مو تقطعون .. تعرفون دوامات مو على كيفي اقدر اجي .
رد نايف بحنان : ابشري يالغاليه ماطلبتي شي بس انتبهي لنفسك وحاولي تجين مع عماد لونص يوم .. منها تغيرين جو ومنها نشوفك .
ابتسمت له قالت : ان شاء الله .
ودعوها وطلعوا
تركوها في همها تصارعه ويصارعه ..
تواجهه لوحدها وتداري وتخاف ويمكن تضعف
وهذا اللي يخوفها ..
الضعف اللي كرهته في امها ..
وخلاها تستسلم لاخوها وصالح اللي ماجنت من وراهم الا المآسي ..
رجعت جلست مع جدتها والثانية تسولف لها عن العرس ومن جا ومن ماجا ..
التفتوا على فوزية اللي دخلت ومعاها ترمس قهوة ودته للمطبخ ورجعت لهم في الصالة قالت : صباح الخير .
قالت امها بلوم : يابنيتي سلمي ترانا مسلمين .
ردت فوزية بعصبيه تحاول تخفيها : لاحووول ياام ناصر انتي مايعجبتس فيني شي ..ولا يهمتس .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ردوا : عليكم السلام ورحمة الله .
باست راس امها وسلمت على شادن .
قالت بهمس : مبروك ياعروس وصباحية مباركه .
: الله يبارك فيك .. شو..؟ صاحيه بدري مو من عوايدك !
: والله قمت غصب .. بالرغم اني البارح سهرانه لكن حبيت اجي ابارك لك واعلمك ان ناصر مسوي لكم عزيمة كبيرة يعني شدي حيلك اغلب الحريم اللي بيجون عشان يشوفونك .
دخلت شهد تجري وفيصل يمشي وراها مع الشغاله .
قالت شهد بفرح : هييييي شادن هنا ماراحت ..
جات تسلم على شادن وحضنتها شادن وجلستها بحضنها ..
قالت : خلاص بكرة تروحين معاي للمدرسه ؟ .
: مممممم استني علي كم يوم بعدين نروح مع بعض كل يوم .
: كل يوم كل يوم ولا بس اسبوع وترجعين لامك .
قالت فوزية : شهودة ماما روحي عند لسلي خليها تسوي لك فطور ..
طنشتها شهد وهي تسمع صوت عماد يناديها وتجري له ..
: ياهلا ياهلا .. حيا الله شهد بنت عبدالعزيز ..
: عماد انت زي امس ماتغيرت .
: هههههههههههه تبيني اتغير اجل .
: شوف شادن تغيرت صارت تحط حنا وشكلها مررررررة حلو .
وكملت بحماس .. البارح شفتها كانت احلى احلى احلى وحده في العالم مو بس الديرة ..
لوت فمها قالت باحباط : وفستانها طلع احلى من فستاني .
ضحك عماد من حركتها قال : انتي مرة ماعاد عندتس ثقة بنفستس .
: يعني ايش ثقة بنفسي .
: يعني تبين تصيرين عروس اذا كبرتي ؟.
: ايوه وابغى اصير حلوة زي شادن .
شالها عماد وهو يبتسم قال : طيب علميني انتي رقصتي ولا لا ..
قعدت شهد تسولف عليه وتشتكي له من بنات نورة وخالها ناصر اللي ماسمحوا للصغار يرقصون الا على آخر شي وهو يتحسب الله على ابليسهم ليش يزعلون شهد الغاليه ..
قربت فوزية من شادن اللي منزلة راسها للارض وتسمع كل الحوار بين عماد وشهد
قالت : شادن قولي لي كيف امورك مع عماد .
ابتسمت شادن وهزت راسها : الحمد لله تمام .
: الله يعينك الآدمي هذا فمه مايعرف الابتسامه الا مع شهد ودايماً جدي .
: ههههههههههه اول مرة تسبين فيه .
: لا والله مو قصدي اسب بس البارحه تكلم علي انا ونورة يقول عجايز ومصبغات وجيههن .. كأنه هو خالنا مو احنا خالاته .
: هههههههههههه لايكون زعلكم .
: لا عاد هذا عماد الغالي محد يزعل منه .
انتبهوا لعماد اللي نزل شهد وطلع فوق ..
قالت ام ناصر لشادن بحنية : يابنيتي قومي لرجلتس طلع فوق الحقيه .
طالعت في الدرج قالت : ها ..؟ يمكن بياخذ شي ويطلع .
قالت فوزية : ياربي على الحيا اللي ماله داعي .. غمزت لها وكملت : قومي الحقيه تلاقينك مشتاقة له .
وقفت شادن وطالعت بفوزية اللي ضحكت لها بخبث واضطرت انها تنصاع لأمر جدتها وطلعت فوق ..
مرت من عند غرفته وهو فاتح بابها لمحته وهو حاط راسه بين يدينه ويفكر ..
حست بقلبها يعورها ..
ليه متناقض معاها ..
وليه بداخلها تناقضات تجاهه ..
ثقلت خطوتها ..
وحست انها تدفها غصب ناحية غرفتها لحد ماوصلتها
تدفع نص عمرها وتعرف وش سالفته بس ..
بدلت ملابسها .. لبست بيجامه قطنية بعد ماقفلت باب غرفتها ونظفت مكياجها ..
وحطت راسها بانتظار النوم حتى تصحى وهي مستعده نفسياً وجسدياً للعزيمة في بيت عمها ناصر .
***
صحى فهد العصر ومر المطبخ واخذ معاه لوازم الكشتة الليلة ..
ملح ، سكر ، شاهي بن وهيل وموية ورز وبصل وطماطم وسكين وملاعق وكل مستلزمات الطبخ لأن اللي في شنطة البر حقته نفدت على آخر طلعة ..!!!
نادته امه : فهد يمه لاتروح وابوك موب راضي .
رد عليها وهو يشتغل بسرعه ويطالع بساعته : يمه تعرفين ابوي مهوب راضي عني دايم .. خليني اروح الحين وليا رجعت يحلها ربي ومالتس الا من يراضيه ويطيب خاطره .
عصبت امه وعلا صوتها عن قبل : ابوك مايبيك تراضيه بالكلام .. يبي يشوف منك فعايل رجال .
قاطعها : ابشري ابشري باللي تبين بس مهوب اليوم .. الاسبوع الجاي ليا جيت ان شاء الله .
: الاسبوع الجاااي ..؟
: ايه يمه يالله سعود مبلشني له اسبوع كل يوم يبيني اخاويه يقول خرمان ( مدمن ) على البر ..
: وسعود هذا مانوى يتعدل ..
: هههههههههههه سعود مثلي مايتعدل لين اتعدل انا .
: الله يصلحك انت وياه .
: آمين .. يالله مع السلامه وادعي لولدتس البكر لاتنسينه تراه يحتاج دعواتس الطيبه .
عطاها ظهره وراح بسرعه للسيارة اللي تدق له بوري برا ..
حط الاغراض في سيارة خوية صلاح ورجع يجري ياخذ البندق ( البندقيه ) وركب بسرعه ..
قال صلاح : ابوك وش قال ..؟
: مهب قايل شي متعود عليّ .
مشى صلاح ومر على سعود وعبدالرحمن اصحابهم ..
كان سعود هو اساس الوناسه بمعية فهد ..
متفقين على روح النكته والمرح ..
واللامبالاة والعيش على هامش الواقع .
ماياخذون من الواقع الا اللي يعجبهم
ولا يتقيدون الا باللي يريحهم ويسعدهم
وباقي قوانين الحياة تاركينها لاصحابها الأكثر جدية ..
مر عليهم ساعه ونص في المشوار ووصلوا اخيراً لمكان اختاروه بمعرفتهم وخبرتهم في البر واماكن الصيد ..
نزل فهد وسحب سعود بيده قال : قوم امش معي وخل النوم لاهله .
رد سعود بكسل وهو قد غفت عينه : ياخي والله مانمت زين البارح .. اختي الصغيرة سخنت ووديتها للمستوصف ومانمت الا الفجر .
رد صلاح : لاوالله فيك الخير ياسعود غريبه منك نفعه ..!!
قال سعود وهو واقف خارج السيارة ويتمطط بكسل
: عاد هذي ريوم ملح بيتنا وحبيبة قلب سعود لازم اهتم فيها . الله يخليها لي بس .
اخذ فهد البندق قال : خلنا ندور لنا عشا من بدري .. تراني على فطوري ماتغديت .
كل واحد اخذ سلاحه وطلع يدور على صيد كالعاده ..
اللي مشى لوحده ..!
واللي مشى بمعية صاحبه ..
آخر شي رجعوا بأرانب وضبان وبحرفنة متخصصين طبخوا العشا من بدري حتى يتفرغون للسهر ..
هذا هو جو فهد وربعه !!!
فضاء واسع ..
ونار ..
ورفقة خيّرين ..
واهم شيء الهدوء والسوالف اللي مايتخللها الا المرح والنكته والاخبار اللي تسر ..
تكى صلاح على التكاية ورفع رجله على الثانية
قال : سعود بالله تشوف البندق حقتي ياخي ماتصيب زين .. مدري وش سالفتها شكل يبي لها وزن .
قال سعود : اصبر لين اصلي العشا ثم اسوي لك اللي تبي .
قام وتوضأ وصلى قدامهم بروية لأنه آخر واحد وصل بصيده ..
وفاتته صلاة الجماعه مع اصحابه .
بعد ماكمل صلاته اخذ البندق وهو المحترف بالأسلحة من بين اصحابة وعاينها وتفحصها اخيراً قال : يااخي هذي مصدية يبي لها تنظيف وتزييت بعدين اوزنها لك .
رد فهد : سعود انتبه لايكون فيها رصاصة .
: لامااعتقد .
بدا سعود ينظفها بخبرة وفهد يغني بصوته العالي ..
البارحة يوم الخلايق نياما بيحت من كثر البكا سر مكنون ..
ساد الصمت عليهم صلاح وعبدالرحمن انسجموا مع فهد ،،
وسعود انشغل بمهنته المحببه واللي اعتاد عليها من صغره وصار فيها خبير ومحد ينافسه ..
دوى الانفجار بينهم وأخرس هدوء الصحراء اللي كان صوت فهد يتخلله ..
ايقظ كائناتها الشرسة والأليفة ..
ووقف كل القلوب ..
اللي خايف على نفسه ..
واللي مستغرب . .
واللي منفجع ..
الطيور طارت من اعشاشها وهامت في السماء المظلمة ..
والحيوانات اللي يزأر واللي يعوي واللي يدور خويه ويتفقده ..
مو غريب عليهم الصوت بقدر ماهو بغيض وكريه على الحيوانات بالذات ..
اما البشر اللي جالسين حول الصوت ..
رغم انهم اعتادوا هالصوت الا انه الآن كله هلع وخوف ..
مرت لحظات طويلة وكل واحد يتفحص نفسه وجسمه هو بخير ولا صابه شي ..
في غمرة الخوف على انفسهم وسلامة ارواحهم نسوا للحظات قليلة من الضحية ..!
طالعوا في بعض برعب ..
تجمدت النظرات
واهتزت القلوب ..
فز فهد من مكانه ..
وهو يصرخ بعالي صوته ..
: شغل السيارة ياصلاح .. شغلها بسرعه ... ساعدني ياعبدالرحمن خلنا نشيله ..
رد عبدالرحمن وعظامه ماتشيله من هول الصدمة : شوف الرجال حي ولاميت .
صرخ فهد اقوى : حي ان شاء الله بس انت شيله معي ..
مد عبدالرحمن يدينه على رجول سعود وهو مسجى في حضن فهد اللي يحاول يرفعه بهدوء حتى مايتعور وينزف اكثر ..
قال فهد بصوت يرتجف وصدره يعلو ويهبط من الخوف والصدمه : انتبه لاتعوره ياعبدالرحمن .. شوف الرصاصه بصدره شيله زين تكفى .
تراخت يدين عبدالرحمن ودموعه بدت تنزل ..
: مات يافهد .
دمعت عيون فهد وهو يحاول يكذب اللي يشوفه وصرخ في خويه
: اقول لك مامات .. سعود انت حي .. سعود تماسك وانا اخوك بنوديك للمستشفى ..
سعود انت تسمعني صح . صرخ بصوته كله .. : عجل ياصلااااااااااح .
دخل يده اليمين من تحت راسه والثانية من تحت رجوله ورفعه من على الارض بعد مايأس من عبدالرحمن اللي اطلق العنان لحزنه ودموعه .
رفعه في السيارة وحط يده على صدر سعود قال : يالله ياصلاح على اقرب ديرة فيها مستشفى ..
رفع عبدالرحمن الاسلحة بسرعه ورماها في الشنظة ومشوا بأقصى سرعه .
كان صلاح يرتجف والصدمه جمدت كل شي فيه الا رجله اللي يدوس بها اكثر على البنزين ويدينه اللي يلف بها الطارة عند أي منحنى او وجهة للطريق المؤدي للمستشفى ..!!
مسح فهد على وجه سعود وعلى عيونه المقفلة .
ماقدر يحط يده على وريده ويجس نبضه حتى ماينصدم وحتى يعيش على الأمل ..
همس له : سعود .. ترى ماباقي شي ونوصل .. تشجع وانا اخوك . .قو قلبك وتحمل ..
بكى عبدالرحمن بصوت عالي وهو يسمع فهد يكلم خويه وصاحبه ورفيق عمره واقرب الناس له . والثاني قد سلم الروح من بدري وبقى في حضنه جثة هامدة ..
ماقدر يتخيل ان فيه شي اسمه فهد بن ناصر بدون سعود .
رفع فهد راسه بوجه شاحب وعيون فيها دموع جامده قال : انت وش فيك ياعبدالرحمن الرجال حي .. لاتفاول عليه .
هز عبدالرحمن راسه ونزلت دمعه حارة على خد صلاح اللي كانت براكين الندم والقهر على رفيقه موقده بصدره ..
هو السبب ..
لو ماقال له يوزن السلاح ماكان صار اللي صار
لوتأكد ان في البندق رصاصه كان يمديه جالس معاهم ..
وصل المستشفى وراح صلاح يجري وهو يصرخ طواريء طواريء
جلس فهد خالي اليدين ..
وخالي التفكير ..
بعد دقايق قليلة ماارهقت الدكاترة ولاتعبتهم ..
تهاوى على الأرض وصلاح يجهش بالبكا ..
: عظم الله اجرك يافهد .. راح سعود .. انا اللي ذبحته يافهد .. انا اللي ذبحته .
طلع عبدالرحمن يجري وركب السيارة ..
مسك صلاح يد فهد اللي من قوة الصدمة ماقدر حتى يرفع نظره من على الارض .
سحبه لحد ماوقف قال : خلنا نروح لبيوتنا ونبلغ اهله .. ترى الشرطه تبي تحقق معنا .
مشى مع صلاح اللي سنده لحد ماركب السيارة وهو في ذهول ومصاب مابين يصدق ويستنكر كل اللي يصير ..
***
كانت فوزية عندها من المغرب ..
وهي كل شوي تقول قيسي الفستان الفلاني بشوف احسنه ولا هذا ..
اخيراً رست هي وياها على فستان حرير وناعم لونه تركواز سادة وصدره مشكوك ببساطه ونعومه ..
قالت فوزية : زين اخيراً رسينا على الفستان .. خلاص انا بطلع اخلي عماد يجي يلبس وياخذ راحته .
فتحت فمها بدون تفكير كانت بتتكلم بعدين تراجعت ..
اخذت نفس عميق قالت وهي تحاول تدور على شي تقوله : عمتي استني شوي لو عماد لبس راح يستعجلنا وانا لسه ماسويت مكياجي .
: لا ماعليك اذا استعجلنا بقول له نروح مشي احسن الجو يفتح النفس وبيت ناصر قريب من بيتكم .
: اوكي ..اللي تشوفينه .. بس اش رايك افتح شعري ولا المه بشباصة .
: شادن ابيك الليلة تطلعين عرووس فاهمه ولا لا .. سوي كل شي تشوفينه يطلعك احلى .
ضحكت شادن قالت : ياربي نفسي ادري ليه انتي متحمسه هالقد .
: فيه ناس بتشوفينهم شوي .. وجايين عشان يشوفونك .
قالت كلمتها وطلعت وهي تسمع صوت عماد يسولف مع شهد ويسألها عن امها ..
طالع عماد فيها قال : خلصتوا ولا لا ..؟
قالت فوزية : انا والله مالبست للحين وزوجتك توها بدت .. بس عادي اذا بتروح احنا عادي نروح مشي .
: مشي لا .. ماتروحون .
: عماد الله يهديك والله مالبست شادن .. الا اذا بتنتظر عاد هذا شي ثاني لاتنسى ان عذبة وامها بيجون مانبيهم يشوفون زوجة عماد عادية .
: اقول فكيني بس من سوالف الحريم .. وروحي يالله البسي عجلي عليّ الله يسامح خالي مالها داعي هالعزيمة اللي ابلشنا فيها .
: زين انا بلبس اذا بتاخذ شادن روحوا لاتنتظروني واذا بتخليها تروح مشي مر عليّ وقول لي عشان اروح انا وياها .
نزل شهد وباسها على خدها قال : زين .. يالله ياشهد روحي البسي مع امتس .
نزلت فوزية وشهد معاها ..
وهو توجه لغرفته ..
تحمم ولبس وملابسه ..
اول يوم مر عليه ثقيل وطويل ...
حسب كل الدقايق اللي مرت فيه ببطء ..
لبس ثوبه وشماغه وبخ من عطره الرجالي القوي ..
طلع من غرفته وتوجه لها بخطى ثقيله . .
دق بابها اللي اوصدته بالقفل بعد ماطلعت عمتها
وصله صوتها وهي تقول : مين ..؟
قال : يالله خلصتي ولا امشي .
قربت من الباب قالت بصوت اقرب للهمس : روح لاتنتظرني انا بروح مع عمتي مشي .
قال : زين انا بروح اصلي المغرب ان رجعت ماخلصتي مشيت وتعالي مشي مع فوزية . واذا خلصتي قبل بوديكم .
حست انه راح ماانتظر منها جواب ..
واخذت نفس عميق وهي تردد بنفسها " ارحمني يارب .. "
كملت مكياجها وبيدينها رعشة خفيفه تسري فيها ..
اخيراً انجزته على خير ..
اخذت عبايتها ونزلت تنتظر عمتها ..
..
بعد ماوصلت فوزية وشهد وفيصل لمحت شادن تمشي في الصاله ورجعت لعماد اللي شافته واقف عند البوابه ..
قالت : عماد تعال بالله ادخل ابيك .
رد عليها بشك وقلق : وش تبين ..؟
: ابيك تشوف شي هنا الله يخليك تجي بسرعه .
كانت واقفه عند مكتبة التلفزيون ترجع المجلة اللي كانت تقرا فيها وهي تنتظر عمتها ..
دخل عماد الصالة وكان آخر شي يتمناه ان شادن تكون قدامه في وجود فوزية .
قالت فوزية : وش رايك بالله في فستانها على شعرها الاسود ومكياجها .. ترى اللي نصحها تلبسه انا مو تقول لك اختيارها هي .
امتقع وجه شادن وهو يتأملها .. وطاحت المجله من يدها ..
اخذتها وهي تطالع بالارض ماتدري كم مر عليها من الوقت بس كان طويل ..!
قال عماد وهو يبتسم لفوزية : الله يهديتس يافوزية جايبتني من برا عشان تحرجين البنت .. شوفي وش سويتي فيها .. يالله يالله عجلوا بنمشي . اجل جدتي ماخلصت للحين .
انحرف من مكانه وتوجه لغرفة جدته بصمت ..!
ضحكت فوزية وهي تشوف شادن تحط يدها اليمين على خصرها وفاتحها عيونها وعاضة على شفتها السفلى كأنها تقول ليه كذا وهي ماتقدر تتكلم من الاحراج ..؟
اخيراً قالت فوزية : حتى هو والله انحرج .. محد يلومكم مالكم الا يوم واحد متزوجين ماعليك بكرة تتعودون .. بس عاد الرجال هذا اعتقد مافيه امل يصير رومنسي .. طول وقته جاد .. الحمد لله ان عزيز مو كذا .
لبست شادن عبايتها قالت : يالله يالله امشي بس الله يسامحك وترتيني واربكتيني .. شوفي يدي كيف ترتجف .
ضحكت فوزية اكثر وهي تمشي رايحه للبوابة وامها تمشي قبلهم مع عماد اللي ماسكها بيدها ويسندها ..!
***
وقفت في غرفتها وهي متوترة ..
وجوالها على اذنها قالت : مشاري اقول لك عند الشباك انا خايفه يسوي زي هذاك اليوم لمن حاول فيني اروح معاه ..
قال مشاري وهو يحاول يطمنها : والله مايقدر يسوي لك شي ياسارة .. وياليته يفكر يسوي شي عشان تجي على راسه هالمرة .
زفرت بأوووف دلاله على مللها من اخوها المتجمد قالت : مشاري انت اش فيك اش غيرك ماكنت كذا .
قلب مشاري الملف اللي قدامه قال : لأني واثق ان هالجبان مايقدر يسوي لك شي ولاماتثقين في كلام اخوك .
: يامشاري ...
قاطعها : سارة والله اني مشغول الين راسي بعدين انا اكلمك .. المهم انتي لاتطلعين ولاتروحين أي مكان لين اجيك .
: من عقلك اخرج وهذا متسمر لي عند الباب . ترى ماراح اداوم بكرة اذا بيجلس كذا .
: اوووه سارة تراك مدلعه .. اشغلتيني قلت لك مايقدر يسوي لك شي لأنه مراقب .
شهقت قالت : مراااااقب ..؟
: ايه مراقب من الهيئة .. ابوي قال له يطلقك وعند قال اطلق وتعطوني مية الف ريال . واضطر انه يبلغ الهيئة يراقبونه حتى ينال جزاه ويطلقك بسهوله .
وصلها كلام مشاري زي السكاكين اللي تنزع قلبها من مكانه بشراسة وقسوة ..!!
ياااكبر خيبتها فيه ..
هذا آخر شي توقعته وآخر شي ظنته من خالد ..
غير اللي سمعته يصير طماع وجشع ..!
يبيعها بمية الف ..!
رمت الجوال بعد ماقفلته من دون ماترد على مشاري اللي توقع ردة فعلها واعتبرها جداً طبيعيه ..!
حست ان الدم يمشي بعروقها بسرعه قصوى ..
يمكن هذا ردة فعل طبيعيه لمشاعرها ..
واحاسيسها اللي انصدمت فيه مثلها بالضبط ..
شدت شعرها بقوة وهي ترجعه ورى ..
" يعني ابوي كان مخبي عليّ ان الهيئة تراقبه ..
خايف اني اقول له ويخرب مخططه ..
ياالله ياابوي لهالدرجة تحسبني سخيفه
ماتدري ان خالد لقني درس عمري ..!
وان سارة هذيك المسكينه اللي تجري ورى مشاعرها انتهت للأبد
وبدت سارة اللي تفكر بعقلها وتقرر بعقلها وتحس بعقلها قبل قلبها ..!
داهمتها الذكريات والاحلام القديمه ونفضتها من راسها بقوة وتجلد ومقاومه ..
توضات وصلت لها ركعتين شكر لله انه اطلعهم على حقيقة خالد قبل ماتتورط فيه ..
وانها تقدر تواجه القادم بقوة ومن غير ندم عليه او دمعه عشانه ..!
***
في بيت ناصر ..
كانت جالسه في مجلس الحريم اللي اكتظ بحريم القرية ..!
تحس نفسها غريبة بينهم ..
ماتعرف الا جدتها وعمتها وحريم عمانها ..!
قالت لمنال اللي جات وجلست بجنبها : منال طالعي في اللي وراك ولابسه جلابيه خضرا اش فيها عليّ بتاكلني بعيونها .
قربت منال اللي تدرس بثالث ثانوي قالت وهي تلم شعرها الطويل وتحاول تجمعه بيدينها الصغيره على كثافة شعرها الغجري الكثير ..
: هذي عذبة بنت عم عماد .
فتحت فمها شادن وهي تتذكر كلمة نوير عن عذبة .
قالت : شكلها كانت حاطه عينها على عماد .
ضحكت منال قالت : لا مسمينها له من صغره بس يوم كبر قال زوجوها انا ماابيها ولاابي غيرها .. بس خذلها واخذ القمر .
ضحكت شادن لمنال قال : ياعمري تسلمين انتي والله القمر ماشاء الله عليك .. اثري جدتي محد يلومها وهي تقول لاتقصين شعرك .
سكتتها منال وهي تكشر وتقول : لاوالله ياشادن الا قصيه وارتاحي ماتدرين وش كثر اعاني من شعري اذا جيت امشطه والمه ..
قطعت عليهم فوزية كلامهم وهي تجلس بجنب شادن قالت : شفتي عذبة ..؟
: ايوه شفتها ليه ماقلتي لي عنها .
: ماله داعي خاصه انها مالها علاقة في عماد الا انها بنت عمه .. ترى امها سبب مشاكل ابوي وابوك الله يرحمه .
فتحت شادن فمها مستغربه قالت فوزية وهي تكمل : ابوي كان يبيه ياخذ امها بس خالد عند قال ماابيها .. وزعل ابوي عليه وطرده من الديرة وسمعنا انه تزوج امتس .. اشرت فوزية على الحريم اللي دخلوا وحددت وحده وهي تأشر عليها .. قالت : اصبري اصبري هذي منيرة اللي امي بغت تزوجها عماد وبالقوة اقنعها انه مايبيها .
طالعت شادن في البنت اللي دخلت لابسه تنورة سوداء وبلوزة لونها رمادي واسود ومطرزة ..
باين عليها عاقلة وهادية وملامحها دقيقه وناعمه كانت تدور بين الوجوه بعيونها لحد مااستقرت على شادن وابتسمت لها من بعيد وكأنها تعرفها ..
قالت منال : منيرة ملكتها قبل شهرين على ولد خالها مدرس في السبيل .. شوفيها جات تراها مررررة عسل .
وصلتهم منيرة وابتسامتها ماتغيرت ..
قامت شادن وسلمت عليها ورحبت فيها وجلست معاهم ..
قضت ليله جميلة مع الحريم بصحبة منال بنت عمها وعمتها فوزية ومنيرة اللي جلست معاهم دقايق وقامت خلت لهم الجو حتى ماتحرجهم .!
***
بعد العشا في قسم الرجال ..
وقف صلاح على باب بيت ابوناصر ..
ودق الباب ..
طلع له بندر اول ماشافه تفاجأ من وجهه الشاحب وعيونه الحمرا وآثار البكا باينه ليه . .
سلم عليه وسأله عن فهد على طول .
اشر صلاح على السيارة ونزلت من عينه دمعه اثارت رعب بندر على اخوه وراح يشوفه ..
كان المنظر مؤلم للغاية
فهد مسند راسه على المرتبه وحاط شماغه على وجهه وثوبه مليان دم ..
ومايتكلم .
وقف بندر في مكانه متجمد ..
هذا شكل فهد اخوه .. واكيد انه هو بس وش اللي صاير ..
قرب منه وهزه .. : فهد وش صاير لكم .
اول ماسمعه فهد اهتز وبدت دموعه تخونه . ماقدر يقول لهم ان سعود راح .
رفيق طفولته وعمره .
سعود اللي كبر هو وياه واقتسموا الايام بأغلب ساعاتها ..
اقتسموا الضحكه والفرح والحزن والبر والسهر والكشتات والأماني والأحلام والقرارات ..
سعود اللي بصم على كل لحظات فهد ببصمة يوثقها تاريخ عمر فهد الماضي ..
المااااضي قبل ساعات قليله ..!
سعود اللي اشترك العمر معاه راح ..
انتهى وتركه ..
مات وخلاه ..!
طالع بندر في صلاح قال : علمني وش صاير ياصلاح ذابحين احد انتم ..؟
رد صلاح ودموعه تسيل على وجهه : سعود يطلبك الحل .
صُعق بندر لهول الخبر ..
سعود .. وفهد من يعزيه ..
وشلون نعزيه في سعود
ياكبر مصيبتك وانا اخوك ..
رجع وهو يجري لأن المصاب على اخوه جلل ومايقدر يواسيه فيه لوحده .
وفقد سعود العزيز عليهم يهون مع فقد فهد لسعود وحياته بدونه .
وقف في المجلس وطاحت عينه على عماد اللي يسولف مع فواز راح له يمشي بوجه مليان تعابير خوف وحزن وقلق على اخوه اللي ينتحب ..
قال : ابومشعل تعال ابيك برا ضروري .
عرف عماد من وجه بندر ان فيه شي خطير وكايد ..
وقف معاه ولحقه برا المجلس .
مسكه بندر بيده قال : فهد في سيارة صلاح برا .. ووو
: وش فيه فهد .؟
: سعود خويه مات ..
: لااله الا الله .. لاحول ولاقوة الا بالله .. وشلون مات .
: ماادري عن شي بس تعال خلنا ندخل فهد حاله مايسر .
: زين امش امش .
طلع عماد وسلم على صلاح اللي حزنه اكبر واعظم ومصابه مصابين ..
فقد الخوي والصاحب واحساسه بالذنب اللي راح يرافقه طول عمره .
سلم عماد عليه وعزاه وانحرف لفهد اللي مارفع شماغه عن وجهه .
فتح عماد باب السيارة وناداه . : فهد انزل معي ادخل للبيت .
مارد عليهم وكأنه مايبغى يسمع او يشوف اويصحى على الحقيقه المرة .
اخذه عماد بيده وسحبه لحد ماطلع .. قال لبندر ..: ادخل من قسم الحريم نبي ندخله للبيت مانبي خالي يشوفه بهالحال .
وقف صلاح قال : ياابومشعل . فهد لازم يبدل ملابسه ويمشي معي للشرطة الشغله فيها تحقيق ويمكن تطول .
هز عماد راسه قال : زين بخليه يبدل ملابسه واجيبه انا بنفسي اسبقنا ياصلاح وحنا وراك . الا وشلون مات المرحوم .
تجمع الدمع بعيون صلاح قال وهويحاول يتجلد ويطلع صوته
: قعد ينظف البندق وكان فيها رصاصة مادرينا عنها .
فهم عماد السالفه قال : انا لله وانا اليه راجعون .
دخل مع فهد وبندر سبقهم يشوف الطريق حتى يدخلون الحريم وهم يعدون لغرفة فهد .
توجهوا لدورة المياه ا للي بجنب غرفة فهد وبندر ..
غسل فهد وجهه وعيونه حمرا وعماد يردد عليه الكلام اللي يقال عند المصايب والشدايد ..
الصبر وانا اخوك
هذا اجله
مكتوب له ومقدر
اذكر الله بدال ماتحزن
ادع له بدال الدموع
تجلد بالصبر في المحن ..
وبندر يردد : قول لاحول ولاقوة الا بالله تراها تهون المصيبه وتخفف الحزن . هو كان طيب وخير ويصلي .. ماعليه خوف وهذا اجله .
كانت الكلمات تمره وكأنها ترتطم في جدار وترجع من دون ماتأثر فيه .
فقد سعود مصيبة . وشلون يعيش من دونه ..
هذا اللي كان يدور في خلده وذهنه ..!
رجع عماد مع بندر اللي سوى له طريق وقال لاخته تنادي له فوزية . عماد يبي يكلمها .
جات فوزية قال عماد : بندر بيوصلكم انتي وجدتي وشادن للبيت . انا عندي مشوار ضروري مايحتمل التأجيل ولا دقيقه .
وخذي .. مد عليها مفتاح غرفته قال : هذا اعطيه شادن خليها ترسل علي الحبوب حقتي مع بندر تلاقيها قارورة بيضا كبيرة في الدرج .
قالت فوزية : وش حبوبه ..؟
حط يده على اعلى بطنه من الجهه اليمنى وهو مكشر بوجهه وشكله يتألم
قال : علاج القولون اكلت من العشا وشكله تعبني .. بالله لاتطولون علي ماني ناقص التعب بهالوقت .
رجعت فوزية تبلغ امها وشادن كلام عماد وبعد دقايق قليله كانوا في بيتهم .
دخلت شادن الغرفه حقته وهي تحس بامتعاض وخوف وقلق ..
كون انه يكلفها بمهمه مثل هذي تخربطها وتقلب لها كيانها وتفكيرها .. !
حاولت تحصر تفكيرها في دوا القولون ..
دورت عليها وطلعت اكياس ادوية كثيرة ..
دورت على ادوية القولون اللي امها تعاني منه
وهي من اكثر الناس اللي يستهلكون ادويته ..!
ولاعلبه من العلب الغريبة تشبه أي علبة كانت عند امها ..
اخذت القارورة البيضاء الكبيرة اللي وصفتها لها فوزية ونزلت تجري ..
اعطتها لشهد توديها لبندر اللي يدق بوري بسرعه وكأنه يبغاها تطير مو تمشي ..!
اخيراً اخذها ورجع لعماد اللي اخذ فهد لقسم الشرطة حتى يستوفون التحقيق ويبلغون اهل سعود في مصابهم ..!
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
--------------------------------------------------------------------------------
فصلٌ تاسع
غربة مشاعر
في قسم الشرطه في الطايف ..
تحقيق واسئلة وتقارير طبية ..
كان جالس قدام الضابط اللي جزم انه حزين ولايمكن يكون له يد بوفاة سعود .
لأن الحزن عمره ماكان اصطناع ..
الحزن احساس ووجع ..
وصورة تجسدها الملامح والعيون ..!
وفهد كله على بعضه كتلة حزن
نظراته البائسة واليائسة شاردة
الذكرى مارحمته والواقع قسى عليه ..
رفع نظره للضابط قال وهو مخنوق : الله يرحم ابوك عجلوا بدفنه لايطول .
اخذ نفس عميق ورفع وجهه لفوق يدور الاوكسجين ويحاول يمنع الدمعه لاتنزل قدام الرجال وكمل : اكرام الميت دفنه .
هز راسه الضابط اللي صار عنده خبره بمعرفة الجاني من المجني عليه مثل فهد وضعفه وكسره يوم القدر اخذ منه رفيق دربه .
اشر للعسكري يستدعي عبدالرحمن حتى يقفل المحضر ويبت في الامر ..!
دخل عبدالرحمن وكمل التحقيق وأقواله مااختلفت عن اقوال صلاح وفهد ..
وقع الضابط على خروجهم وبراءتهم وان وفاة سعود ليست جنائية وليست محاولة انتحار انما خطأ في استخدام السلاح ..
الجو كان كئيب ..
والحياة اضيق من ثقب ابرة ..
مايبي يرجع للديرة ..
كانت عيونه تدور عبدالرحمن وماشافه مع صلاح اللي يكلم عماد وبندر عن الحادثة بالتفصيل .. .
قرب منه بندر وهو يشوفه كأنه يبي شي وموقادر يتكلم قال : خلنا نرجع للديرة يافهد اكيد اليوم بيصلون على سعود . لازم تصلي عليه وانا اخوك وتوقف مع اهله في عزاه .
انتفض بقوة وصار صدره يعلو ويهبط بسرعه ..
الموقف صعب ..
صعب جداً لدرجة انه مايقدر يتخيله .
اصلاً كيف يقدر يروح لأي مشوار ولايقضي أي لزوم بدون سعود .
كيف يحضر عزا ولايروح يعزي ناس بدونه ..!
ولايشوف ابوه واخوانه وهو مو معاهم ..
بلع ريقه بصعوبه واوداجه تنتفخ من الحزن العارم ..
ومن الوجع اللي بداخله واللي مايقدر يعبر عنه قدام الناس .
قال وعيونه حمرا وهو يرمش بسرعه ويحاول انه يضم على دمعته .
: ابي مفتاح ونيت عبدالرحمن وخلوه يرجع مع صلاح .
مسكه بندر بيده قال : وين بتروح .
مايقدر يقاوم او حتى انه يرد ويجادل .
كمل بندر : وين تبي يافهد انا اوصلك المكان اللي تبيه حالتك وانا اخوك ماتسمح لك تسوق السيارة .
التفت فهد لعبدالرحمن اللي جا يمشي قال بصوت تعبان ومكلوم وموجوع .
: طلبتك ياعبدالرحمن ابي مفتاح سيارتك ولاحد يجي معي .
فز عماد وتحرك وهو يشوف حزن فهد ..
صورته وهو مكسور تؤلم عماد بشدة ..
فهد من النوع اللي يداري ومايسمح انه يبين ضعفه لاحد مهما كان ومن من كان ..
دايماً يطلع بصورة الرجل القوي واللي مايهاب المواقف ولايبين انه يتأثر بها بسهوله ..
طلع عماد مفتاحين من مجموعة مفاتيحه وحطهم في يد فهد وضم عليها قال : انا واثق انك رجال وقد الصعاب .. تحمل وانا اخوك ولاتخلي الحزن يقضي عليك .. هذا مفتاح سيارتي والثاني مفتاح شقتي .. اجلس فيها على كيفك .
رجع مفاتيح عماد ليده قال : سيارتك ماتفيدني ياابو مشعل .. ابي سيارة عبدالرحمن الونيت .
مد عبدالرحمن مجموعة مفاتيحه لفهد والثاني سحب مفتاح الونيت قال وهو يداري الدمعه وبصوت مخنوق وموجوع : سامحني اذا تأخرت عليك وان ماجيت حقكم اخذوه من ابو مشعل .
طالعوا كلهم في بعض وقبل لايعترضون ولايتكلمون اعطاهم ظهره وتوجه لبوابة المركز من غير مايسمع او يتكلم .
يبي يختلي بنفسه .
يبي يروح لوحده يستوعب ان سعود انتهى وماعاد له وجود من غير محد يقنعه او يأثر عليه ..
قال صلاح اللي يحس بحزن فهد وغلاه لسعود وانه لايمكن يقدر يكمل حياته بدونه
: لاتخلونه يروح يمكن يسوي بعمره شي .
رد عماد لأنه واثق ان محد يقدر يثني فهد عن دروبه اذا اصر عليها
قال : فهد رجال ماعليه خوف .. امشوا بس خلونا نرجع لاهلنا اقلقناهم علينا . التفت على صلاح وكمل .. استعجلوا عشان نصلي على الرجال وندفنه مع اهله .
انسحبوا صلاح وعبدالرحمن وراحوا مع بعض ..
وتوجه بندر مع عماد لسيارته
قال بندر بلهجة اعتذار من عماد : اعذرني ياابو مشعل المفروض آخذ ابوي ولا عمي فواز انت توك معرس و..
قاطعه عماد : امش بس يارجال خل عنك سوالف الاعتذارات هذي . الا زين يوم قلت ولا قلت لغيري .. المهم انت البارح قلت لهم نبي نتأخر ولايقلقون مثل ماوصيتك ولا لا .
: ايه علمت عمتي فوزية .
: اجل يالله توكلنا على الله ...
***
وبمكان ثاني ..
بوسط الحر والعرق ..
كانت نايمه بملل وقرف ..
خاصة انها مانامت الا الفجر والكهرباء في القرية تنطفي من الساعه سبعه الين اذان العصر .
وهي متعوده على صوت المكيف وبرودته ..
فتحت عيونها بطفش ومدت يدها على الساعه اللي بجنبها ..
شافتها اربع وربع العصر .
جلست وهي تتأمل الساعه ..
الوقت يمر عليها هنا ببطء فظيع ..
صعب على الانسان يعيش وحيد بعالمه ..
وهي من يوم عرفت عماد وهي وحيده ..
ماتقدر تتكلم لاحد عن اللي بداخلها ويصارعها وتصارعه من شهرين .
محد يدري عن همها . ..
ولاحد يدري عن افكارها..
ولااحد يعرف مخططاتها اللي هي ناوية عليها ..
نفضت غطاها الخفيف من عليها وتمططت وهي تفكر بجدولها في الساعات الجاية ..
صعب تجلس مع عماد لوحده ..
وصعب تطلع بصورتها الطبيعيه لحياتهم قدام جدتها او عمتها اذا جات ..
لابد انها ترتدي ثوب السعادة وشكل العروس والزوووجه قبل كل شي ..
دخلت للحمام واخذت لها شور بارد انعشها وجدد نشاطها ..
وطلعت صلت العصر ولبست جلابية ناعمه وانيقه ..
لونها اصفر ومشكوكه بالبنفسجي على ياقاتها العريضه وأكمامها الفرنسية الواسعه ومن عند الصدر الين الأسفل بخطوط طويلة ومتعرجه ..
لمت بعض من خصل شعرها بشباصة وتركت الباقي منسدل بطريقه مهمله ..
وتركت وجهها بدون أي رتوش للمكياج ..
اصوات الناس وحركتهم ودبهم في الحياة والأطفال اللي يلعبون وقت العصريه خارج بيوتهم واصلتها في غرفتها ..
مرت الشباك وهي تتخيل عماد لو دخل غرفته وش بتكون ردة فعله بعد اللي سوته.
متحمسه تعرفها حتى لو كانت ماتعجبها ..
المهم بتعرف كيف يفكر ووشلون يتصرف .
اوبالأحرى كأنها تبحث عن شخصيته الحقيقية من بين ردات افعاله لأي تصرف منها .
فتحت الستارة الثقيله والمطرزة وقعدت تطل على اهل القرية ..
بيت نوف في وجهها وقبالها .
وبيت ثاني شكله مهجور او مافيه سكان وعوامل التعرية والزمن واضحة عليه ..
اطرافه مهدومه وألوانه العادية باليه ..
وشبابيكه وأبوابه الحديد اكل عليها الدهر وشرب بالصدأ والألوان القاتمه .
بعض البيوت الصغيرة والشعبية الحركة فيها بدت من بدري وبعضها ابوابها مغلقه على اهلها ولااحد يدري عنهم .
شافت وحده شكلها حرمة كبيرة طالعه بجلالها من بيتها ومتوجهه لبيت جارتها ..
ووحده ثانية لابسه عبايتها ومحتشمه وفي يدها سلة قهوة وكيس شفاف باين ان فيه حافظة اكل ..
اجمل شي بالقرية الناس على سجيتهم
والتواصل عندهم امر مفروض وواجب ..
مافيه مؤثرات تقنية تغير منهم
ولافيه عيون تغرز بلحوم النساء مثل ماتشوف في المدن ..
ومافيه انتقادات لاذعه لام فلان وام فلان واخت فلان .
كانت منغمسه في المناظر الطبيعيه اللي جذبتها .
بعض الاطفال اللي يلاحقون وايت الموية اللي جاي يعبي احد الخزانات لاحد البيوت .
ياااه يافرحة الطفل ياسرع ماتجي بأتفه الأشياء
الحياة في القرية ممتعه ..
رغم هدوءها الا ان الحركة فيها مستمرة
الفجر الناس تسعى لارزاقها
والظهر فيه حياة والعصر تبدأ الزيارات والمغرب كلن يروح يشوف حلاله ( مواشيه )
والليل سكون وهدوء وراحة
حياتهم على الفطرة .. النهار معاشاً والليل سباتا ..!!
تحركت من مكانها وفزت وهي تسمع طرقات خفيفه على بابها .
قفلت الستارة وراحت تفتح .
***
دخل البيت وسلم على جدته وطلع لأنه مجهد بما فيه الكفاية
من امس ماارتاح من فهد اللي تعبهم في الليل والصباح .
بعدين الصلاة على سعود الله يرحمه ثم وقفته مع اهله بالعزا ..
رجع بعد صلاة العصر بفترة يدور السرير والراحة .
هو مايتحمل الاجهاد ، ولا يحب الكسل .
نشيط من يوم يومه وعملي جداً ..
وصحته آخر مايفكر فيها اذا فيه لزوم ويحتاج وقفة رجال مثل حدث امس واليوم .
دخل غرفته وتسمر بمكانه دقايق طويلة .
المفاجأة كانت جديرة بأنه يجمد بمكانه ..
الغرفة غرفته بدلالة طريقها وبابها ومفتاحها .
بس داخلها غير ومختلفه كلية وجذرياً .
التسريحه والكومدينو والدولاب يعجون بالنظافه وفيها لمعة ماشافها من بعد مااشتراها جديدة ..!
السرير انيق لابعد الحدود
مفرشه السماوي الثقيل والنظيف مغير من شكله ويحمسه انه يرمي جسده عليه من غير تفكير .
توجه ناحية الدولاب بسرعه وفتحه وشافه مرتب واغلب ملابسه خارجه ..
والملابس النظيفه هي المرتبه ومصفوفة بعناية وشطارة ..
معناتها فتحت الدولاب ..
التفت على الدرج اللي يحمل الكثير من الأسرار ..
الدرج اللي لو احد اطلع عليه وشاف مكنونه كان انفضح امره وسره اللي يداريه من سنين .
قرب منه بقلب خايف ويد مرتبك وكل خلاياه وجوارحه ينطقون يارب استر .. يارب استر .
حاول يسحب الدرج ولقاه مثل ماتركه ..
مقفول ومحد فتحه .
تهاوت يده واخذ نفس عميق بعد انقطاعه للحظات كانت جداً حرجة بنظره .
طلع مفتاحه الصغير اللي مايفارق مدالية مفاتيحه وفتحه بهدوء وتوتر ..
تهلل وجهه وهو يشوفه مثل ماهو ماتغير فيه أي شي .
قفله وباطمئنان ..
وفتح ازارير ثوبه اللي فوق وكأنه يبي يوسع على نفسه ..
هالبنت بدت تقتحمه .
بدت تحط رجولها بثقة وتحدي في حياته .
بدت تغير من حياته ابتداءً بغرفته وانتهاءً باللي الله يستر منه ..
طلع من غرفته وتوجه لغرفتها ..
مايدري كيف يواجهها
يشكرها ولايوبخها
يوقفها عند حدودها ويحذرها من تجاوزها
ولا يخليها على راحتها وتكفيها معاملته لها .
دق عليها دقتين خفيفه بتردد واصرار بنفس الوقت ..
وانفتح له الباب بهدوء ونظراتها الباردة والخاليه من أي تعبير وراه .
شافته واقف في وجهها بثوبه الابيض وبدون شماغ وعطره تهاجمها بقوة .
رجعت خطوتها لورا رغم عنها لأنه سادّ المكان بيدنه اللي فاردها على اطراف الباب وبهيبته ونظراته فيها .
قالت وهي تبلع ريقها وتحاول تسيطر على نفسها وتبين انها عادية وباردة ولاتتأثر بوجوده ..!
: عليكم السلام .. فيه شي ..؟
كان يطالعها بنظرات غريبة
لوم .. عتاب .. قهر .. اعجاب .. ندم على وجودها .
اخذ نفس عميق وهو يتلاشى عن عيونها والنظر فيها قال : السلام عليكم .
وبنفس البرود ردت عليه : عليكم السلام .
: انتي اللي رتبتي غرفتي ..؟
هزت راسها وهي تحاول ترفع نظرها وتشوف ردة فعله وتعبيرات وجهه قالت : ايوه .
مااهتز منه شي لأنه كان واثق انها هي ..
يعرف ترتيب الشغاله اللي اعتاد عليه .. أي كلام .
..
قال وهو يحاول يطلع بصورة هادية عكس البراكين اللي ثايرة بداخله
: ليه تتعبين نفسك ..
دخل اصابعه في شعره وهو يرفع نظره فوقها وحواليها ويبعده عنها وكمل : بعدين غرفتي مالك فيها لزوم اهتمي بامورك انتي وكثر الله خيرك .
بلعت ريقها قالت : كنت فاضية البارحه وطفشانه قلت ادور لي شغله وشفت غرفتك مو نظيفه ...
قاطعها : زيييييين الله يجزاتس خير وماقصرتي .. بس رجاءً ياشادن لاتدخلينها مرة ثانية ولاتقربين من خصوصياتي الا اذا قلت لتس انا .. اعتقد كلامي مفهوم و مايحتاج أأكد عليه واعيده .
ماردت عليه ..
ولارفعت نظرها عنه ..
تحس انها راح تنفجر مابين ثانية وثانية لو تأخر اكثر من كذا ..
شاف وجهها وهو يتغير للون الاحمر وجفونها بدت تحمّر .
وهي مسلطه عليه اقوى سلاح واجهه بحياته .
نظراتها وفيها مليون سؤال وعتب واستغراب ..
ومع هذا جامده ومتجمده بسكاناتها وحركاتها وكلامها .
مانبست ببنت شفة بس عيونها قالت اشياء كثيرة قدر يفهم منها العتب واللوم ..
اضطر انه ينسحب بهدوء من قبل لايشوف تبعات الزلزال اللي هز به قلبها من جديد .
رجع لغرفته ودخل الحمام
اخذ له شور دافي يحسسه بالدفء في صقيع حياته وبرودتها وخلوها من أي احساس ..
جفف شعره ، ولبس ملابسه ورمى نفسه على السرير .
غطى وجهه باللحاف وهو يجاهد التعب والتعب يجاهده .
وفي غمرة كل هذا هاجمه النوم واخذه لعالمه بعيد عن الصراعات الجسدية والنفسية اللي يواجهها في صحوته ..!!!
وفي غرفتها
وقفت دقايق متجمده
ماتبي تبكي لااااا
واصلاً ليه تبكي
هو ماقال شي يبكي
او حتى يزعل
هو قال اللي يبيه منها
بس جرحها ..!
اضاف لجروحه اللي قبل جرح جديد ..
خصوصياته ممنوع الاقتراب منها ..
يعني مالك دخل فيني ..
ولاتتجاوزين حدودك ..
ولاتنسين وش انتي في حياتي ..
مسدت وجهها اللي اندفاع الدم له سبب له حراره جستها بأصابعها البارده ..
وقفت على المراية وشافت الحمرة اللي تكتسيه وبطرف جفنها دمعه محبوسه ...
اخذت لها منديل ودخلت طرفه في عينها وغمضت ليه
ماتبي تشوف الدمعه حتى لو كانت وهم ..
غمضت عيونها وفتحتها بقوة ..
" ياربي منك ياشادن ليه كل هالتعقيد ولا التفكير اللي ماله داعي
لساتك في اول المشوار وباقي مواجهات كثيرة
استعدي لها نفسياً وفكرياً وجهزي الكلام المناسب لأي موقف تتوقعينه "
قالته في نفسها بمحاولة منها انها تقنع نفسها بأن اللي يصير شي طبيعي وكانت حاسبة حسابه .
اخذت نفس عميق ورفعت راسها فوق
قالت " وين كلامي البارحه وقرارات التحدي والمواجهه .. خليك قوية ياشادن خلييك قوية لاتضعفين من اول المشوار "
نزلت لجدتها بتجلس معاها قبل لايأذن المغرب لأنه مجرد مايأذن خلاص مافيه امل تجلس معاها..
هي تبدأ صلاتها فرض وسنن وتسبيح وتهليل لين يأذن العشا وتبدأ صلاته مثل المغرب ثم تروح لفراشها تدور النوم والراحة .
***
يوم الاحد في مدرسة الاجواد
واقفه في الطابور قالت : نوير هذي وش سالفتها مافكرت تجيب الاجازة حقتها .
: اكيد بتجيبها .. بعدين هي ماعليها شي حتى لو جابتها بعد ماترجع ..!
: لا لا حبيبتي .. تجيبها اليوم ولا بكرة لاتنسين انها ساكنه بجنب المدرسة ..! بعدين المفروض ماتاخذ اجازة لين اوافق واشوف اذا فيه احد يمسك مكانها ولا لا .
: الله عليك يانوف .. الحين تبينها تداوم وهي عروس ..
قاطعتها بعصبيه وعلا صوتها على نوير بضيقة خلق : انا الحين مايهمني عروس ولا موب عروس تجيب اجازتها وفي اللي مايحفظها ولو تموت ماتاخذ اكثر من اسبوع ..!
قصرت نوير صوتها وهي تطالع في البنات اللي سمعوها قالت : يانوف لاتحطين راسك براس زوجة عماد تراه هو اللي نقل شادن عنده يقدر ينقلك من المدرسة وبكرة ترجعين مدرِّسة وفي مدرسة بعيد .. نصيحه مني بعدي عن شادن .. بعدين وش عليها منك اذا راحت للديوان ووافقوا انتي مالك شغل .
كشرت ورفعت راسها فوق قالت وهي تحاول تسكت نوير : طيب .. خلاص انا مالي شغل .. بس انتي وصلي لها كلامي هذا ان ماجابت اجازتها رفعت انها غايبة بدون عذر او استئذان .
وصلت خلود من غرفة المدرسات وفي يدها ورقة قالت : صباح الخير يانوف .
معصبة ومالها خلق احد بس لازم ترد : صباح النور .
قالت خلود بصوت نايم وهي ترجع خصلة من شعرها ورى اذنها : ترى اجازة شادن معاي امس اخوها اعطاها اخوي عشان اوصلها لك .
ردت باستنكار وهجوم وصوت عالي وصل للطالبات : ياسلاااااااام .. وحضرتها ليه ماتجيبه بنفسها ولا على راسها ريشه .
طالعوا خلود ونوير في بعض باستغراب قالت خلود : ولو يانوف احنا صاحبات وزميلات ونخدم بعضنا . والبنت عروس كيف تبغينها تيجي .
: هالكلام مو عندي قوليه لأي مديرة غيري . انا قلت لنوير كلامي وانتهيت .
مشت من عندهم ونوير تضحك من ردة الفعل اللي اقل مايقال عنها عنيفه .
قالت لها خلود باستغراب : تضحكين ؟
: شر البلية مايضحك .
: شادن هنا ولا سافرت .
: مااعتقد انها سافرت لأن سامر امس يقول انه شاف عماد داخل لبيته ولا طلع منه .
: ههههههههههههههههههههه ولدك هذا رادار يراقب كل اللي في الحي .
: هههههههههههههههه حرام عليك من كبر الحي كله عشرين بيت وبجنب بعض .
حكت خلود ذقنها بطرف اصبعها وبحيرة قالت : طيب تعالي .. كيف اشوف شادن ولا اكلمها ؟.
: خليك انتي ... انا ارسل سامر عليهم يقول لها كلام نوف خلي زوجها يدري ويربي نوف بطريقته هذي لازم احد يوقفها عند حدها . اعوذ بالله عدائية مو طبيعيه .
خلص الطابور والمدرسات راحن لغرفتهن اللي عندها حصة اولى جهزت كتبها وأدواتها وطلعت والباقيات قلبوها سوالف وقهوة مع الصباح ..
مر اليوم روتيني على الجميع ماعدا دلال وسهام ونوير اللي توزعوا حصص شادن وانضغط جدولهم اكثر من اول ..!
***
في مدرسة ثانية ..
في حي السبيل تحديداً
جالسة على الكرسي اللي مقربته من باب الفصل المفتوح حتى يدخل عليها الهوا وتحس بالانتعاش بدال الحر اللي يضيق الخلق داخل الفصل .
لافة رجل على رجل وحاطه الدفتر على فخذها وتدقق في اجابة الطالبة على اسئلة الواجب ..
قفلت الدفتر وهي تسترجع الأحداث الأخيرة ..
آخر شي تتوقعه ان خالد لمن كان ينتظرها ويكلمها ويطلب مقابلتها هدفه الحقد والانتقام .
نفسها تدري وش سوى مشاري بعد ماكلمته وبثته خوفها وقلقها من خالد .
من بعد ماكلمت مشاري ماعادت شافته عند بيتهم . .
وكل اللي قاله لها انها خلاص ماراح تشوفه ..
اكيد اجازته انتهت ورجع للرياض .
سبحان الله بعد ماكان خالد هو سعادتها اصبح اساس خوفها ومصدره ..
تحس انه دنيء اذا تذكرت عدنان .
وتحس انه جشع اذا تذكرت شرطه في طلاقها
وتحس انه حقود اذا تذكرت كلامه عن مشاري وهو يقول ابي اقهره اذا طلعتي معاي ولا كلمتك وهو عندك .
رصت الدفاتر على بعض قالت : غزيل تعالي وزعي الدفاتر على زميلاتك .
فزت البنت بفرح وهي تتباهى قدام الطالبات بأن المدرسة خصتها من بين زميلاتها بتوزيع الدفاتر ..
وقفت ونبهت عليهم محد يطلع او يتحرك لحد ماتنتهي الحصة وراحت لفاطمه ..
من بعد نقل شادن صارت فاطمه قريبه منها
تبثها القوة بقوة ايمانها
وتبثها العزيمة بصبرها
وتبثها القناعه والرضا باحتسابها للأجر .
وقفت على باب صف سادس وسمعت صوت فاطمه ينساب بروحانية لعمقها والطالبات في حالة انسجام وهي توصف لهم المرأة المسلمة كيف يجب ان تكون .
حجابها ، تقواها ، هدوءها ، حشمتها ، احلامها واللي المفروض ماتشطح لبعيد وانها تكون واقعيه وماتتجاوز مجتمعها والاطار الاسلامي مهما تطورت الحياة ومهما طلعنا او سمعنا او شفنا .
كانت تتكلم للبنات باسلوب سلس مراعية فيه تفكير بنات القرية .. ومعيشتهن وواقعهن .
ومراعية سن بعض البنات اللي تجاوز 14 و15 ..
التفتت على فاطمة على سارة واشرت لها سارة بأصبعها يعني تابعي .
كملت فاطمة وهي تبتسم بمحبة لصاحبتها وزميلتها لحد ماسمعت صوت الصفارة يعلن نهاية حصتها ..
اخذت دفترها ووسائلها وخرجت من الفصل .
سلمت على سارة قالت : ليه وجهك اصفر ياسارونه عسى ماشر .
ابتسمت لها سارة وهي ممتنة لسؤال فاطمة اللي صارت تكرره شبه يومي قالت : كل يوم تقولين وجهي اصفر اش اللي تغير ..؟
ردت لها فاطمة الابتسامه قالت : بس اليوم بزياادة وكأنك ليمونه معصورة .
حاولت سارة تضحك من ورى افكارها وهمومها ..
قالت : انتي تدرين بكل اللي يصير لي .
: ادري ياقلبي وانا قلت لك .. لاتخافين منه ..
النوعيه هذولا جبناء وشرهم يرجع لهم .. وربي دايماً مع الأتقياء ينصرهم اذا نصروا دينه .. اما اللي يهينون قوانينه واحكامه فما لهم نصرة وجزاؤهم شر في الدنيا والآخرة ..!!
رجعت سارة شعرها اللي بدت الصبغه الشقرا تنجلي عن نصه وتحيله لأسود .
قالت : مدري يافاطمة احسني خايفه على مشاري اخوي .
: يابنت الحلال وسعي صدرك ماصاير له الا العافيه وتشوفين اذا ماذكرتك بعدين ان كتب لنا ربي عمر .
هزت سارة راسها قالت : ماقلتي لي اليوم بتروحين للدار .
دخلوا الغرفة واتجهت فاطمه لمكتبها تحط اغراضها فيه قالت : ايوه ان شاء الله . اش رايك ترافقيني صدقيني ياسارة بتعيشين احساس بحياتك ماعشتيه .
نزلت سارة اغراضها على مكتبها وهي واقفه قالت بحيرة : نفسي والله اروح بس المشكله يافطوم اني مانمت للحين واعرف نفسي اذا رجعت للبيت بحط راسي وانام وانتي تعرفين نومي مايحتاج اقول لك عليه .
ضحكت فاطمه اللي حرمها ربي من الأمومه ومااهملتها بداخلها ..
كرستها ومارستها مع اطفال دار الأيتام ..
صارت الأم لبعض الأطفال وتبنت لها طفلين بنت وولد ..
ولولا ان زوجها منعها ماتجيبهم للبيت ولا يمديها اخذتهم وعاشت امهم وعاشوا عيالها .
دايماً سارة تنسجم مع فاطمه اللي حولت حياتها من اليأس لأمل وقناعه وصبر
ومن الحزن لبحث عن منافذ السعاده والفرح بشتى الطرق في حدود الحلال وكل مايرضي ربها ..
كل ماجلست معاها حست ان ماعندها مشاكل ..
وان الحياة قدامها والا مايفرجها ربي عليها لأن المصاعب ماتنفرج الا بالصبر والتوكل على الله .
***
صحى على صوت المنبه اللي اقلق نومه . ومد يده طفاه
وارتعب لمن تذكر انه نايم من العصر ..
تعوذ من ابليس وقام يتوضأ ويصلي الفروض اللي فاتته .
مغرب وعشا .
لبس ثوبه وشماغه وطلع من غرفته على نية انه يروح للمسجد ..
التفت لغرفتها
مفتوحه ونورها شغال ..
مر من عندها بس كانت الغرفه فارغه الا من ريحة عطوراتها المجنونة وآثارها الأنثوية ..
طلع بسرعه وفي توقعه انها في الحمام او المطبخ ونزل تحت .
وبعد الصلاة رجع وتوجه لغرفة جدته كالعاده ..
شافها قاعده قدام جدتها بقميص ابيض قطني واكمامه قصيره ومنقط بأحمر ..
وعلى صدره رسمه ميكي . وتسولف عليها وتضحك .
اول ماشافته فزت من مكانها وسحبت جلالها حطته على اكتافها وصدرها وكأنها بتغطي جسمها عنه اكثر او ان لبس قميص حتى وان كان ساتر محرم قدامه ..
ام ناصر مااستغربت لأن هذي عادتها وعادة حريم جيلها اللي يستحون من رجالهم وبركة ان طلعوا وجيههم ..
بس هو طالعها باستغراب ومتفاجيء ..
صدق انها خبله ..
لايكون تبي تستحي مني .
سلم عليهم وجلس بجنب جدته اللي بادلته اسئلته بأسئلة عن حاله واذا نام زين ولا لا وتبي قهوة ولا فطور .
حست ان جلستها بينهم غلط وفكرت تبدأ لعبتها وخطتها المجنونه ..
قالت وهي توقف : عماد تحب الزنجبيل احطه على الحليب .
رفع حاجبه وهو يطالعها بذهول
قال : ها ..؟ لا لا .. لاتسوين شي انتي اقعدي فيه شغاله تخدمتس .
طالعت في جدتها قالت : لا عادي بسوي لكم فطور .. ترى الزنجبيل كويس للقولون . حتى الحلبة كويسة بس ريحتها مو حلوة .
كانت تحاول تتكلم بشجاعه وإقدام على الخطوة اللي كانت تحسب لها الف حساب .
اما هو كان عاقد حواجبه بحيرة وذهول واستغراب ..
معقول هذي اللي تركها امس كتلة قهر وحزن .
ابتسم وهو يفهم قصدها وغرضها ..
وللمرة الثانية يقر ويعترف انها ذكية وقوية ..
جازت له تصرفاتها ومد يده بسرعه ومسك يدها بخبث .
قال : تعالي تعالي اجلسي اتركي عنتس التطبب فيني بلا زنجبيل بلا حلبة .
آخر شي توقعته منه هالحركه ..
حاولت تسحب يدها منه بس خذلتها قوتها اللي فقدتها ..
قالت بصوت مختلف عن صوتها تماماً : خلاص بجيب الفطور .
ضحك بصوت واطي على شكلها اللي صار كتلة الوان ..
وقعد يحرك اصبع يده الثانية على كف يدها وعلى نقشة الحنا اللي بدت تمسح بحركه اثارت انفعالاتها وغضبها وهي تحاول تتماسك على قد ماتقدر .
قال لجدته اللي نسبت ارتباك شادن واختلاف لهجتها ولونها لحيا العروس وخجلها
: يكفي نومتي اللي نمتها البارح لي سنين مانمت مثلها لااله الا الله من صلاة العصر للفجر .. وكل هذا بسببها الله يجزاها خير . ضحك وقرب من جدته ويد شادن في يده ..
قال بخبث وهو يسمعها : انتي ليش ماغصبتيني على العرس من زمان يوم تشوفيني مااعرف مصلحتي .
اخذت ام ناصر عصاها وخطبته على كتفه وهي تقول : انت بغيت تقطع تسبدي وانا اجاهدك على العرس خل ماغصبتيني .. احمد ربك يوم جاب شادن في طريقك .
باءت كل محاولات سحب يدها منه بالفشل ..
اخيراً قالت بخبث وهي تعدل جلالها على كتوفها وتلمه ..
: عماد الله يخليك بروح اسوي لك الفطور حتى تدعي لي كمان .
فك يدها وعلى وجهه ابتسامه ..
هالبنت تفهمه ويفهمها بسهوله ..
يحس انه يلعب معاها وتلعب معاه ..
قال يقلدها : كمان .. اجل روحي عشان ادعي لتس كمان .
وقفت وطلعت من عندهم بسرعه ..
وبقلبها تتحسب الله على ابليسه .. ليش يحطها في الموقف هذا .
مرت من عند المرايه وهالها شكلها ..
وجهها صاير قطعة حمرا ..
كل هذا منك ياعماد حسبي الله على ابليسك . صدق انقلب السحر على الساحر .. كنت بصير معاه نذلة وطلع انذل مني .
فتحت الموية وغسلت وجهها اكثر من مرة وراحت للمطبخ
سوت لهم فطور وبراد حليب وحطته في الصاله ونادتهم عليه .
طلع عماد وهو ماسك يد جدته ويساندها ويهمس لها ويضحك وهي تبادله الضحك بفرح واطمئنان .
قالت شادن وهي تلم جلالها عليها زين : يالله عن اذنكم بطلع انام .. انا للحين مواصلة مانمت .
رفع راسه لها وسكت ماعلق ..
اما ام ناصر فكان ردها بحكمه وتأنيب ولوم
: لااله الا الله .. انتم وراكم تعاقبون ليا قام واحد دخل الثاني ورقد . اقعدي افطري مع رجلتس ثم روحي ارقدي .
ردت شادن وهي معقده حواجبها قالت : جدتي انا اكلت قبل الفجر مرة مومشتهية شي .. وحاسة فيني نوم .. اذا تبغيني اجلس جلست عشانك .
قال عماد بهدوء : لا اذا ماتبين تاكلين روحي نامي .
التفت على جدته قال : خليها على راحتها لاتغصبينها على شي .
سكتت ام ناصر والوضع مو عاجبها والشك بدا يساورها ..
وانسحبت شادن بسرعه وطلعت لغرفتها قبل لاتنطق جدتها بشي ماتحب سماعه ..
نزلت جلالها وطبقته وهي تطالع بيدها ومكان مسكته لها وتحس بحرارة تسري فيها من جديد لمجرد تذكرها الحركه .
رمت نفسها على سريرها
ياترى لمتى بتستمر اللعبة اللي توها ابتدت ..
وياترى بتقدر تكملها ولا بتخذلها قوتها وعزيمتها ..
دخلت تحت اللحاف بتستغل الوقت وتنام قبل ماتنطفي الكهرباء ثم تسوي زي امس ولا تنام الا بعد جهد ..!
***
فصلٌ تاسع
غربة مشاعر
في قسم الشرطه في الطايف ..
تحقيق واسئلة وتقارير طبية ..
كان جالس قدام الضابط اللي جزم انه حزين ولايمكن يكون له يد بوفاة سعود .
لأن الحزن عمره ماكان اصطناع ..
الحزن احساس ووجع ..
وصورة تجسدها الملامح والعيون ..!
وفهد كله على بعضه كتلة حزن
نظراته البائسة واليائسة شاردة
الذكرى مارحمته والواقع قسى عليه ..
رفع نظره للضابط قال وهو مخنوق : الله يرحم ابوك عجلوا بدفنه لايطول .
اخذ نفس عميق ورفع وجهه لفوق يدور الاوكسجين ويحاول يمنع الدمعه لاتنزل قدام الرجال وكمل : اكرام الميت دفنه .
هز راسه الضابط اللي صار عنده خبره بمعرفة الجاني من المجني عليه مثل فهد وضعفه وكسره يوم القدر اخذ منه رفيق دربه .
اشر للعسكري يستدعي عبدالرحمن حتى يقفل المحضر ويبت في الامر ..!
دخل عبدالرحمن وكمل التحقيق وأقواله مااختلفت عن اقوال صلاح وفهد ..
وقع الضابط على خروجهم وبراءتهم وان وفاة سعود ليست جنائية وليست محاولة انتحار انما خطأ في استخدام السلاح ..
الجو كان كئيب ..
والحياة اضيق من ثقب ابرة ..
مايبي يرجع للديرة ..
كانت عيونه تدور عبدالرحمن وماشافه مع صلاح اللي يكلم عماد وبندر عن الحادثة بالتفصيل .. .
قرب منه بندر وهو يشوفه كأنه يبي شي وموقادر يتكلم قال : خلنا نرجع للديرة يافهد اكيد اليوم بيصلون على سعود . لازم تصلي عليه وانا اخوك وتوقف مع اهله في عزاه .
انتفض بقوة وصار صدره يعلو ويهبط بسرعه ..
الموقف صعب ..
صعب جداً لدرجة انه مايقدر يتخيله .
اصلاً كيف يقدر يروح لأي مشوار ولايقضي أي لزوم بدون سعود .
كيف يحضر عزا ولايروح يعزي ناس بدونه ..!
ولايشوف ابوه واخوانه وهو مو معاهم ..
بلع ريقه بصعوبه واوداجه تنتفخ من الحزن العارم ..
ومن الوجع اللي بداخله واللي مايقدر يعبر عنه قدام الناس .
قال وعيونه حمرا وهو يرمش بسرعه ويحاول انه يضم على دمعته .
: ابي مفتاح ونيت عبدالرحمن وخلوه يرجع مع صلاح .
مسكه بندر بيده قال : وين بتروح .
مايقدر يقاوم او حتى انه يرد ويجادل .
كمل بندر : وين تبي يافهد انا اوصلك المكان اللي تبيه حالتك وانا اخوك ماتسمح لك تسوق السيارة .
التفت فهد لعبدالرحمن اللي جا يمشي قال بصوت تعبان ومكلوم وموجوع .
: طلبتك ياعبدالرحمن ابي مفتاح سيارتك ولاحد يجي معي .
فز عماد وتحرك وهو يشوف حزن فهد ..
صورته وهو مكسور تؤلم عماد بشدة ..
فهد من النوع اللي يداري ومايسمح انه يبين ضعفه لاحد مهما كان ومن من كان ..
دايماً يطلع بصورة الرجل القوي واللي مايهاب المواقف ولايبين انه يتأثر بها بسهوله ..
طلع عماد مفتاحين من مجموعة مفاتيحه وحطهم في يد فهد وضم عليها قال : انا واثق انك رجال وقد الصعاب .. تحمل وانا اخوك ولاتخلي الحزن يقضي عليك .. هذا مفتاح سيارتي والثاني مفتاح شقتي .. اجلس فيها على كيفك .
رجع مفاتيح عماد ليده قال : سيارتك ماتفيدني ياابو مشعل .. ابي سيارة عبدالرحمن الونيت .
مد عبدالرحمن مجموعة مفاتيحه لفهد والثاني سحب مفتاح الونيت قال وهو يداري الدمعه وبصوت مخنوق وموجوع : سامحني اذا تأخرت عليك وان ماجيت حقكم اخذوه من ابو مشعل .
طالعوا كلهم في بعض وقبل لايعترضون ولايتكلمون اعطاهم ظهره وتوجه لبوابة المركز من غير مايسمع او يتكلم .
يبي يختلي بنفسه .
يبي يروح لوحده يستوعب ان سعود انتهى وماعاد له وجود من غير محد يقنعه او يأثر عليه ..
قال صلاح اللي يحس بحزن فهد وغلاه لسعود وانه لايمكن يقدر يكمل حياته بدونه
: لاتخلونه يروح يمكن يسوي بعمره شي .
رد عماد لأنه واثق ان محد يقدر يثني فهد عن دروبه اذا اصر عليها
قال : فهد رجال ماعليه خوف .. امشوا بس خلونا نرجع لاهلنا اقلقناهم علينا . التفت على صلاح وكمل .. استعجلوا عشان نصلي على الرجال وندفنه مع اهله .
انسحبوا صلاح وعبدالرحمن وراحوا مع بعض ..
وتوجه بندر مع عماد لسيارته
قال بندر بلهجة اعتذار من عماد : اعذرني ياابو مشعل المفروض آخذ ابوي ولا عمي فواز انت توك معرس و..
قاطعه عماد : امش بس يارجال خل عنك سوالف الاعتذارات هذي . الا زين يوم قلت ولا قلت لغيري .. المهم انت البارح قلت لهم نبي نتأخر ولايقلقون مثل ماوصيتك ولا لا .
: ايه علمت عمتي فوزية .
: اجل يالله توكلنا على الله ...
***
وبمكان ثاني ..
بوسط الحر والعرق ..
كانت نايمه بملل وقرف ..
خاصة انها مانامت الا الفجر والكهرباء في القرية تنطفي من الساعه سبعه الين اذان العصر .
وهي متعوده على صوت المكيف وبرودته ..
فتحت عيونها بطفش ومدت يدها على الساعه اللي بجنبها ..
شافتها اربع وربع العصر .
جلست وهي تتأمل الساعه ..
الوقت يمر عليها هنا ببطء فظيع ..
صعب على الانسان يعيش وحيد بعالمه ..
وهي من يوم عرفت عماد وهي وحيده ..
ماتقدر تتكلم لاحد عن اللي بداخلها ويصارعها وتصارعه من شهرين .
محد يدري عن همها . ..
ولاحد يدري عن افكارها..
ولااحد يعرف مخططاتها اللي هي ناوية عليها ..
نفضت غطاها الخفيف من عليها وتمططت وهي تفكر بجدولها في الساعات الجاية ..
صعب تجلس مع عماد لوحده ..
وصعب تطلع بصورتها الطبيعيه لحياتهم قدام جدتها او عمتها اذا جات ..
لابد انها ترتدي ثوب السعادة وشكل العروس والزوووجه قبل كل شي ..
دخلت للحمام واخذت لها شور بارد انعشها وجدد نشاطها ..
وطلعت صلت العصر ولبست جلابية ناعمه وانيقه ..
لونها اصفر ومشكوكه بالبنفسجي على ياقاتها العريضه وأكمامها الفرنسية الواسعه ومن عند الصدر الين الأسفل بخطوط طويلة ومتعرجه ..
لمت بعض من خصل شعرها بشباصة وتركت الباقي منسدل بطريقه مهمله ..
وتركت وجهها بدون أي رتوش للمكياج ..
اصوات الناس وحركتهم ودبهم في الحياة والأطفال اللي يلعبون وقت العصريه خارج بيوتهم واصلتها في غرفتها ..
مرت الشباك وهي تتخيل عماد لو دخل غرفته وش بتكون ردة فعله بعد اللي سوته.
متحمسه تعرفها حتى لو كانت ماتعجبها ..
المهم بتعرف كيف يفكر ووشلون يتصرف .
اوبالأحرى كأنها تبحث عن شخصيته الحقيقية من بين ردات افعاله لأي تصرف منها .
فتحت الستارة الثقيله والمطرزة وقعدت تطل على اهل القرية ..
بيت نوف في وجهها وقبالها .
وبيت ثاني شكله مهجور او مافيه سكان وعوامل التعرية والزمن واضحة عليه ..
اطرافه مهدومه وألوانه العادية باليه ..
وشبابيكه وأبوابه الحديد اكل عليها الدهر وشرب بالصدأ والألوان القاتمه .
بعض البيوت الصغيرة والشعبية الحركة فيها بدت من بدري وبعضها ابوابها مغلقه على اهلها ولااحد يدري عنهم .
شافت وحده شكلها حرمة كبيرة طالعه بجلالها من بيتها ومتوجهه لبيت جارتها ..
ووحده ثانية لابسه عبايتها ومحتشمه وفي يدها سلة قهوة وكيس شفاف باين ان فيه حافظة اكل ..
اجمل شي بالقرية الناس على سجيتهم
والتواصل عندهم امر مفروض وواجب ..
مافيه مؤثرات تقنية تغير منهم
ولافيه عيون تغرز بلحوم النساء مثل ماتشوف في المدن ..
ومافيه انتقادات لاذعه لام فلان وام فلان واخت فلان .
كانت منغمسه في المناظر الطبيعيه اللي جذبتها .
بعض الاطفال اللي يلاحقون وايت الموية اللي جاي يعبي احد الخزانات لاحد البيوت .
ياااه يافرحة الطفل ياسرع ماتجي بأتفه الأشياء
الحياة في القرية ممتعه ..
رغم هدوءها الا ان الحركة فيها مستمرة
الفجر الناس تسعى لارزاقها
والظهر فيه حياة والعصر تبدأ الزيارات والمغرب كلن يروح يشوف حلاله ( مواشيه )
والليل سكون وهدوء وراحة
حياتهم على الفطرة .. النهار معاشاً والليل سباتا ..!!
تحركت من مكانها وفزت وهي تسمع طرقات خفيفه على بابها .
قفلت الستارة وراحت تفتح .
***
دخل البيت وسلم على جدته وطلع لأنه مجهد بما فيه الكفاية
من امس ماارتاح من فهد اللي تعبهم في الليل والصباح .
بعدين الصلاة على سعود الله يرحمه ثم وقفته مع اهله بالعزا ..
رجع بعد صلاة العصر بفترة يدور السرير والراحة .
هو مايتحمل الاجهاد ، ولا يحب الكسل .
نشيط من يوم يومه وعملي جداً ..
وصحته آخر مايفكر فيها اذا فيه لزوم ويحتاج وقفة رجال مثل حدث امس واليوم .
دخل غرفته وتسمر بمكانه دقايق طويلة .
المفاجأة كانت جديرة بأنه يجمد بمكانه ..
الغرفة غرفته بدلالة طريقها وبابها ومفتاحها .
بس داخلها غير ومختلفه كلية وجذرياً .
التسريحه والكومدينو والدولاب يعجون بالنظافه وفيها لمعة ماشافها من بعد مااشتراها جديدة ..!
السرير انيق لابعد الحدود
مفرشه السماوي الثقيل والنظيف مغير من شكله ويحمسه انه يرمي جسده عليه من غير تفكير .
توجه ناحية الدولاب بسرعه وفتحه وشافه مرتب واغلب ملابسه خارجه ..
والملابس النظيفه هي المرتبه ومصفوفة بعناية وشطارة ..
معناتها فتحت الدولاب ..
التفت على الدرج اللي يحمل الكثير من الأسرار ..
الدرج اللي لو احد اطلع عليه وشاف مكنونه كان انفضح امره وسره اللي يداريه من سنين .
قرب منه بقلب خايف ويد مرتبك وكل خلاياه وجوارحه ينطقون يارب استر .. يارب استر .
حاول يسحب الدرج ولقاه مثل ماتركه ..
مقفول ومحد فتحه .
تهاوت يده واخذ نفس عميق بعد انقطاعه للحظات كانت جداً حرجة بنظره .
طلع مفتاحه الصغير اللي مايفارق مدالية مفاتيحه وفتحه بهدوء وتوتر ..
تهلل وجهه وهو يشوفه مثل ماهو ماتغير فيه أي شي .
قفله وباطمئنان ..
وفتح ازارير ثوبه اللي فوق وكأنه يبي يوسع على نفسه ..
هالبنت بدت تقتحمه .
بدت تحط رجولها بثقة وتحدي في حياته .
بدت تغير من حياته ابتداءً بغرفته وانتهاءً باللي الله يستر منه ..
طلع من غرفته وتوجه لغرفتها ..
مايدري كيف يواجهها
يشكرها ولايوبخها
يوقفها عند حدودها ويحذرها من تجاوزها
ولا يخليها على راحتها وتكفيها معاملته لها .
دق عليها دقتين خفيفه بتردد واصرار بنفس الوقت ..
وانفتح له الباب بهدوء ونظراتها الباردة والخاليه من أي تعبير وراه .
شافته واقف في وجهها بثوبه الابيض وبدون شماغ وعطره تهاجمها بقوة .
رجعت خطوتها لورا رغم عنها لأنه سادّ المكان بيدنه اللي فاردها على اطراف الباب وبهيبته ونظراته فيها .
قالت وهي تبلع ريقها وتحاول تسيطر على نفسها وتبين انها عادية وباردة ولاتتأثر بوجوده ..!
: عليكم السلام .. فيه شي ..؟
كان يطالعها بنظرات غريبة
لوم .. عتاب .. قهر .. اعجاب .. ندم على وجودها .
اخذ نفس عميق وهو يتلاشى عن عيونها والنظر فيها قال : السلام عليكم .
وبنفس البرود ردت عليه : عليكم السلام .
: انتي اللي رتبتي غرفتي ..؟
هزت راسها وهي تحاول ترفع نظرها وتشوف ردة فعله وتعبيرات وجهه قالت : ايوه .
مااهتز منه شي لأنه كان واثق انها هي ..
يعرف ترتيب الشغاله اللي اعتاد عليه .. أي كلام .
..
قال وهو يحاول يطلع بصورة هادية عكس البراكين اللي ثايرة بداخله
: ليه تتعبين نفسك ..
دخل اصابعه في شعره وهو يرفع نظره فوقها وحواليها ويبعده عنها وكمل : بعدين غرفتي مالك فيها لزوم اهتمي بامورك انتي وكثر الله خيرك .
بلعت ريقها قالت : كنت فاضية البارحه وطفشانه قلت ادور لي شغله وشفت غرفتك مو نظيفه ...
قاطعها : زيييييين الله يجزاتس خير وماقصرتي .. بس رجاءً ياشادن لاتدخلينها مرة ثانية ولاتقربين من خصوصياتي الا اذا قلت لتس انا .. اعتقد كلامي مفهوم و مايحتاج أأكد عليه واعيده .
ماردت عليه ..
ولارفعت نظرها عنه ..
تحس انها راح تنفجر مابين ثانية وثانية لو تأخر اكثر من كذا ..
شاف وجهها وهو يتغير للون الاحمر وجفونها بدت تحمّر .
وهي مسلطه عليه اقوى سلاح واجهه بحياته .
نظراتها وفيها مليون سؤال وعتب واستغراب ..
ومع هذا جامده ومتجمده بسكاناتها وحركاتها وكلامها .
مانبست ببنت شفة بس عيونها قالت اشياء كثيرة قدر يفهم منها العتب واللوم ..
اضطر انه ينسحب بهدوء من قبل لايشوف تبعات الزلزال اللي هز به قلبها من جديد .
رجع لغرفته ودخل الحمام
اخذ له شور دافي يحسسه بالدفء في صقيع حياته وبرودتها وخلوها من أي احساس ..
جفف شعره ، ولبس ملابسه ورمى نفسه على السرير .
غطى وجهه باللحاف وهو يجاهد التعب والتعب يجاهده .
وفي غمرة كل هذا هاجمه النوم واخذه لعالمه بعيد عن الصراعات الجسدية والنفسية اللي يواجهها في صحوته ..!!!
وفي غرفتها
وقفت دقايق متجمده
ماتبي تبكي لااااا
واصلاً ليه تبكي
هو ماقال شي يبكي
او حتى يزعل
هو قال اللي يبيه منها
بس جرحها ..!
اضاف لجروحه اللي قبل جرح جديد ..
خصوصياته ممنوع الاقتراب منها ..
يعني مالك دخل فيني ..
ولاتتجاوزين حدودك ..
ولاتنسين وش انتي في حياتي ..
مسدت وجهها اللي اندفاع الدم له سبب له حراره جستها بأصابعها البارده ..
وقفت على المراية وشافت الحمرة اللي تكتسيه وبطرف جفنها دمعه محبوسه ...
اخذت لها منديل ودخلت طرفه في عينها وغمضت ليه
ماتبي تشوف الدمعه حتى لو كانت وهم ..
غمضت عيونها وفتحتها بقوة ..
" ياربي منك ياشادن ليه كل هالتعقيد ولا التفكير اللي ماله داعي
لساتك في اول المشوار وباقي مواجهات كثيرة
استعدي لها نفسياً وفكرياً وجهزي الكلام المناسب لأي موقف تتوقعينه "
قالته في نفسها بمحاولة منها انها تقنع نفسها بأن اللي يصير شي طبيعي وكانت حاسبة حسابه .
اخذت نفس عميق ورفعت راسها فوق
قالت " وين كلامي البارحه وقرارات التحدي والمواجهه .. خليك قوية ياشادن خلييك قوية لاتضعفين من اول المشوار "
نزلت لجدتها بتجلس معاها قبل لايأذن المغرب لأنه مجرد مايأذن خلاص مافيه امل تجلس معاها..
هي تبدأ صلاتها فرض وسنن وتسبيح وتهليل لين يأذن العشا وتبدأ صلاته مثل المغرب ثم تروح لفراشها تدور النوم والراحة .
***
يوم الاحد في مدرسة الاجواد
واقفه في الطابور قالت : نوير هذي وش سالفتها مافكرت تجيب الاجازة حقتها .
: اكيد بتجيبها .. بعدين هي ماعليها شي حتى لو جابتها بعد ماترجع ..!
: لا لا حبيبتي .. تجيبها اليوم ولا بكرة لاتنسين انها ساكنه بجنب المدرسة ..! بعدين المفروض ماتاخذ اجازة لين اوافق واشوف اذا فيه احد يمسك مكانها ولا لا .
: الله عليك يانوف .. الحين تبينها تداوم وهي عروس ..
قاطعتها بعصبيه وعلا صوتها على نوير بضيقة خلق : انا الحين مايهمني عروس ولا موب عروس تجيب اجازتها وفي اللي مايحفظها ولو تموت ماتاخذ اكثر من اسبوع ..!
قصرت نوير صوتها وهي تطالع في البنات اللي سمعوها قالت : يانوف لاتحطين راسك براس زوجة عماد تراه هو اللي نقل شادن عنده يقدر ينقلك من المدرسة وبكرة ترجعين مدرِّسة وفي مدرسة بعيد .. نصيحه مني بعدي عن شادن .. بعدين وش عليها منك اذا راحت للديوان ووافقوا انتي مالك شغل .
كشرت ورفعت راسها فوق قالت وهي تحاول تسكت نوير : طيب .. خلاص انا مالي شغل .. بس انتي وصلي لها كلامي هذا ان ماجابت اجازتها رفعت انها غايبة بدون عذر او استئذان .
وصلت خلود من غرفة المدرسات وفي يدها ورقة قالت : صباح الخير يانوف .
معصبة ومالها خلق احد بس لازم ترد : صباح النور .
قالت خلود بصوت نايم وهي ترجع خصلة من شعرها ورى اذنها : ترى اجازة شادن معاي امس اخوها اعطاها اخوي عشان اوصلها لك .
ردت باستنكار وهجوم وصوت عالي وصل للطالبات : ياسلاااااااام .. وحضرتها ليه ماتجيبه بنفسها ولا على راسها ريشه .
طالعوا خلود ونوير في بعض باستغراب قالت خلود : ولو يانوف احنا صاحبات وزميلات ونخدم بعضنا . والبنت عروس كيف تبغينها تيجي .
: هالكلام مو عندي قوليه لأي مديرة غيري . انا قلت لنوير كلامي وانتهيت .
مشت من عندهم ونوير تضحك من ردة الفعل اللي اقل مايقال عنها عنيفه .
قالت لها خلود باستغراب : تضحكين ؟
: شر البلية مايضحك .
: شادن هنا ولا سافرت .
: مااعتقد انها سافرت لأن سامر امس يقول انه شاف عماد داخل لبيته ولا طلع منه .
: ههههههههههههههههههههه ولدك هذا رادار يراقب كل اللي في الحي .
: هههههههههههههههه حرام عليك من كبر الحي كله عشرين بيت وبجنب بعض .
حكت خلود ذقنها بطرف اصبعها وبحيرة قالت : طيب تعالي .. كيف اشوف شادن ولا اكلمها ؟.
: خليك انتي ... انا ارسل سامر عليهم يقول لها كلام نوف خلي زوجها يدري ويربي نوف بطريقته هذي لازم احد يوقفها عند حدها . اعوذ بالله عدائية مو طبيعيه .
خلص الطابور والمدرسات راحن لغرفتهن اللي عندها حصة اولى جهزت كتبها وأدواتها وطلعت والباقيات قلبوها سوالف وقهوة مع الصباح ..
مر اليوم روتيني على الجميع ماعدا دلال وسهام ونوير اللي توزعوا حصص شادن وانضغط جدولهم اكثر من اول ..!
***
في مدرسة ثانية ..
في حي السبيل تحديداً
جالسة على الكرسي اللي مقربته من باب الفصل المفتوح حتى يدخل عليها الهوا وتحس بالانتعاش بدال الحر اللي يضيق الخلق داخل الفصل .
لافة رجل على رجل وحاطه الدفتر على فخذها وتدقق في اجابة الطالبة على اسئلة الواجب ..
قفلت الدفتر وهي تسترجع الأحداث الأخيرة ..
آخر شي تتوقعه ان خالد لمن كان ينتظرها ويكلمها ويطلب مقابلتها هدفه الحقد والانتقام .
نفسها تدري وش سوى مشاري بعد ماكلمته وبثته خوفها وقلقها من خالد .
من بعد ماكلمت مشاري ماعادت شافته عند بيتهم . .
وكل اللي قاله لها انها خلاص ماراح تشوفه ..
اكيد اجازته انتهت ورجع للرياض .
سبحان الله بعد ماكان خالد هو سعادتها اصبح اساس خوفها ومصدره ..
تحس انه دنيء اذا تذكرت عدنان .
وتحس انه جشع اذا تذكرت شرطه في طلاقها
وتحس انه حقود اذا تذكرت كلامه عن مشاري وهو يقول ابي اقهره اذا طلعتي معاي ولا كلمتك وهو عندك .
رصت الدفاتر على بعض قالت : غزيل تعالي وزعي الدفاتر على زميلاتك .
فزت البنت بفرح وهي تتباهى قدام الطالبات بأن المدرسة خصتها من بين زميلاتها بتوزيع الدفاتر ..
وقفت ونبهت عليهم محد يطلع او يتحرك لحد ماتنتهي الحصة وراحت لفاطمه ..
من بعد نقل شادن صارت فاطمه قريبه منها
تبثها القوة بقوة ايمانها
وتبثها العزيمة بصبرها
وتبثها القناعه والرضا باحتسابها للأجر .
وقفت على باب صف سادس وسمعت صوت فاطمه ينساب بروحانية لعمقها والطالبات في حالة انسجام وهي توصف لهم المرأة المسلمة كيف يجب ان تكون .
حجابها ، تقواها ، هدوءها ، حشمتها ، احلامها واللي المفروض ماتشطح لبعيد وانها تكون واقعيه وماتتجاوز مجتمعها والاطار الاسلامي مهما تطورت الحياة ومهما طلعنا او سمعنا او شفنا .
كانت تتكلم للبنات باسلوب سلس مراعية فيه تفكير بنات القرية .. ومعيشتهن وواقعهن .
ومراعية سن بعض البنات اللي تجاوز 14 و15 ..
التفتت على فاطمة على سارة واشرت لها سارة بأصبعها يعني تابعي .
كملت فاطمة وهي تبتسم بمحبة لصاحبتها وزميلتها لحد ماسمعت صوت الصفارة يعلن نهاية حصتها ..
اخذت دفترها ووسائلها وخرجت من الفصل .
سلمت على سارة قالت : ليه وجهك اصفر ياسارونه عسى ماشر .
ابتسمت لها سارة وهي ممتنة لسؤال فاطمة اللي صارت تكرره شبه يومي قالت : كل يوم تقولين وجهي اصفر اش اللي تغير ..؟
ردت لها فاطمة الابتسامه قالت : بس اليوم بزياادة وكأنك ليمونه معصورة .
حاولت سارة تضحك من ورى افكارها وهمومها ..
قالت : انتي تدرين بكل اللي يصير لي .
: ادري ياقلبي وانا قلت لك .. لاتخافين منه ..
النوعيه هذولا جبناء وشرهم يرجع لهم .. وربي دايماً مع الأتقياء ينصرهم اذا نصروا دينه .. اما اللي يهينون قوانينه واحكامه فما لهم نصرة وجزاؤهم شر في الدنيا والآخرة ..!!
رجعت سارة شعرها اللي بدت الصبغه الشقرا تنجلي عن نصه وتحيله لأسود .
قالت : مدري يافاطمة احسني خايفه على مشاري اخوي .
: يابنت الحلال وسعي صدرك ماصاير له الا العافيه وتشوفين اذا ماذكرتك بعدين ان كتب لنا ربي عمر .
هزت سارة راسها قالت : ماقلتي لي اليوم بتروحين للدار .
دخلوا الغرفة واتجهت فاطمه لمكتبها تحط اغراضها فيه قالت : ايوه ان شاء الله . اش رايك ترافقيني صدقيني ياسارة بتعيشين احساس بحياتك ماعشتيه .
نزلت سارة اغراضها على مكتبها وهي واقفه قالت بحيرة : نفسي والله اروح بس المشكله يافطوم اني مانمت للحين واعرف نفسي اذا رجعت للبيت بحط راسي وانام وانتي تعرفين نومي مايحتاج اقول لك عليه .
ضحكت فاطمه اللي حرمها ربي من الأمومه ومااهملتها بداخلها ..
كرستها ومارستها مع اطفال دار الأيتام ..
صارت الأم لبعض الأطفال وتبنت لها طفلين بنت وولد ..
ولولا ان زوجها منعها ماتجيبهم للبيت ولا يمديها اخذتهم وعاشت امهم وعاشوا عيالها .
دايماً سارة تنسجم مع فاطمه اللي حولت حياتها من اليأس لأمل وقناعه وصبر
ومن الحزن لبحث عن منافذ السعاده والفرح بشتى الطرق في حدود الحلال وكل مايرضي ربها ..
كل ماجلست معاها حست ان ماعندها مشاكل ..
وان الحياة قدامها والا مايفرجها ربي عليها لأن المصاعب ماتنفرج الا بالصبر والتوكل على الله .
***
صحى على صوت المنبه اللي اقلق نومه . ومد يده طفاه
وارتعب لمن تذكر انه نايم من العصر ..
تعوذ من ابليس وقام يتوضأ ويصلي الفروض اللي فاتته .
مغرب وعشا .
لبس ثوبه وشماغه وطلع من غرفته على نية انه يروح للمسجد ..
التفت لغرفتها
مفتوحه ونورها شغال ..
مر من عندها بس كانت الغرفه فارغه الا من ريحة عطوراتها المجنونة وآثارها الأنثوية ..
طلع بسرعه وفي توقعه انها في الحمام او المطبخ ونزل تحت .
وبعد الصلاة رجع وتوجه لغرفة جدته كالعاده ..
شافها قاعده قدام جدتها بقميص ابيض قطني واكمامه قصيره ومنقط بأحمر ..
وعلى صدره رسمه ميكي . وتسولف عليها وتضحك .
اول ماشافته فزت من مكانها وسحبت جلالها حطته على اكتافها وصدرها وكأنها بتغطي جسمها عنه اكثر او ان لبس قميص حتى وان كان ساتر محرم قدامه ..
ام ناصر مااستغربت لأن هذي عادتها وعادة حريم جيلها اللي يستحون من رجالهم وبركة ان طلعوا وجيههم ..
بس هو طالعها باستغراب ومتفاجيء ..
صدق انها خبله ..
لايكون تبي تستحي مني .
سلم عليهم وجلس بجنب جدته اللي بادلته اسئلته بأسئلة عن حاله واذا نام زين ولا لا وتبي قهوة ولا فطور .
حست ان جلستها بينهم غلط وفكرت تبدأ لعبتها وخطتها المجنونه ..
قالت وهي توقف : عماد تحب الزنجبيل احطه على الحليب .
رفع حاجبه وهو يطالعها بذهول
قال : ها ..؟ لا لا .. لاتسوين شي انتي اقعدي فيه شغاله تخدمتس .
طالعت في جدتها قالت : لا عادي بسوي لكم فطور .. ترى الزنجبيل كويس للقولون . حتى الحلبة كويسة بس ريحتها مو حلوة .
كانت تحاول تتكلم بشجاعه وإقدام على الخطوة اللي كانت تحسب لها الف حساب .
اما هو كان عاقد حواجبه بحيرة وذهول واستغراب ..
معقول هذي اللي تركها امس كتلة قهر وحزن .
ابتسم وهو يفهم قصدها وغرضها ..
وللمرة الثانية يقر ويعترف انها ذكية وقوية ..
جازت له تصرفاتها ومد يده بسرعه ومسك يدها بخبث .
قال : تعالي تعالي اجلسي اتركي عنتس التطبب فيني بلا زنجبيل بلا حلبة .
آخر شي توقعته منه هالحركه ..
حاولت تسحب يدها منه بس خذلتها قوتها اللي فقدتها ..
قالت بصوت مختلف عن صوتها تماماً : خلاص بجيب الفطور .
ضحك بصوت واطي على شكلها اللي صار كتلة الوان ..
وقعد يحرك اصبع يده الثانية على كف يدها وعلى نقشة الحنا اللي بدت تمسح بحركه اثارت انفعالاتها وغضبها وهي تحاول تتماسك على قد ماتقدر .
قال لجدته اللي نسبت ارتباك شادن واختلاف لهجتها ولونها لحيا العروس وخجلها
: يكفي نومتي اللي نمتها البارح لي سنين مانمت مثلها لااله الا الله من صلاة العصر للفجر .. وكل هذا بسببها الله يجزاها خير . ضحك وقرب من جدته ويد شادن في يده ..
قال بخبث وهو يسمعها : انتي ليش ماغصبتيني على العرس من زمان يوم تشوفيني مااعرف مصلحتي .
اخذت ام ناصر عصاها وخطبته على كتفه وهي تقول : انت بغيت تقطع تسبدي وانا اجاهدك على العرس خل ماغصبتيني .. احمد ربك يوم جاب شادن في طريقك .
باءت كل محاولات سحب يدها منه بالفشل ..
اخيراً قالت بخبث وهي تعدل جلالها على كتوفها وتلمه ..
: عماد الله يخليك بروح اسوي لك الفطور حتى تدعي لي كمان .
فك يدها وعلى وجهه ابتسامه ..
هالبنت تفهمه ويفهمها بسهوله ..
يحس انه يلعب معاها وتلعب معاه ..
قال يقلدها : كمان .. اجل روحي عشان ادعي لتس كمان .
وقفت وطلعت من عندهم بسرعه ..
وبقلبها تتحسب الله على ابليسه .. ليش يحطها في الموقف هذا .
مرت من عند المرايه وهالها شكلها ..
وجهها صاير قطعة حمرا ..
كل هذا منك ياعماد حسبي الله على ابليسك . صدق انقلب السحر على الساحر .. كنت بصير معاه نذلة وطلع انذل مني .
فتحت الموية وغسلت وجهها اكثر من مرة وراحت للمطبخ
سوت لهم فطور وبراد حليب وحطته في الصاله ونادتهم عليه .
طلع عماد وهو ماسك يد جدته ويساندها ويهمس لها ويضحك وهي تبادله الضحك بفرح واطمئنان .
قالت شادن وهي تلم جلالها عليها زين : يالله عن اذنكم بطلع انام .. انا للحين مواصلة مانمت .
رفع راسه لها وسكت ماعلق ..
اما ام ناصر فكان ردها بحكمه وتأنيب ولوم
: لااله الا الله .. انتم وراكم تعاقبون ليا قام واحد دخل الثاني ورقد . اقعدي افطري مع رجلتس ثم روحي ارقدي .
ردت شادن وهي معقده حواجبها قالت : جدتي انا اكلت قبل الفجر مرة مومشتهية شي .. وحاسة فيني نوم .. اذا تبغيني اجلس جلست عشانك .
قال عماد بهدوء : لا اذا ماتبين تاكلين روحي نامي .
التفت على جدته قال : خليها على راحتها لاتغصبينها على شي .
سكتت ام ناصر والوضع مو عاجبها والشك بدا يساورها ..
وانسحبت شادن بسرعه وطلعت لغرفتها قبل لاتنطق جدتها بشي ماتحب سماعه ..
نزلت جلالها وطبقته وهي تطالع بيدها ومكان مسكته لها وتحس بحرارة تسري فيها من جديد لمجرد تذكرها الحركه .
رمت نفسها على سريرها
ياترى لمتى بتستمر اللعبة اللي توها ابتدت ..
وياترى بتقدر تكملها ولا بتخذلها قوتها وعزيمتها ..
دخلت تحت اللحاف بتستغل الوقت وتنام قبل ماتنطفي الكهرباء ثم تسوي زي امس ولا تنام الا بعد جهد ..!
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
بعد العصر ..!
دخلت شهد تجري
وجهها عليه علامات الفرح وعيونها تنضخ سعاده
قالت بسرعه وهي تلف ورقة صغيره في يدها وتحاول تحميها وتتمسك فيها : شادن فين عماد بسرعه بسرعه قولي لي فين .
قالت شادن وهي تنزل مع الدرج : وش تبغين فيه .
: اكتشفت حاجه مهمه . بس خليه يجي واقوله عليها .
قالت شادن : مايصير انا اعرفها ..؟
: اذا جا عماد اقول لكم مع بعض . خلاص هو صار زوجك يعني لازم اقول لكم مع بعض .
هزت شادن راسها وهي تضحك على حركاتها قالت : تعالي اول شي سلمي علي وعلى جدتي بعدين اذا عماد جا تقولين لنا اللي عندك .
جات شهد تمشي وسلمت على شادن ومسكتها بيدها راحت عند جدتها الجالسة لوحدها في الصاله ..
: وين امك ..؟
: بتروح ليت جدي بعد شوي .
: تعالي سلمي على جدتي ليه ماتجونا ..؟
: ماما تقول عيب مستحين من عماد وشادن .
راحت شهد وسلمت على جدتها وجلست عندها .
قالت ام ناصر لشادن : ماشفتي عماد .. طلع من عندي ماادري وين راح ..؟
: ماادري والله توني صاحيه ماشفته .
كملت كلمتها وهو ينزل من فوق ..
اول ماشافته فتحت عيونها و مسكت بطنها ..
هذا كان في غرفته وانا اللي قلت لجدتي ماادري وينه .
طالعت ام ناصر في الدرج وفيها قالت : هذا عماد فوق اللي ماتدرين وينه فيه .
ارسلت له نظرات استنجاد وطلب اغاثه ..
قال وهو يحط شماغه بجنبه على التكاية ويفتح يدينه لشهد اللي جات تجري تضمه .
: انا كنت في غرفتي ادور لي على اوراق واكمل شغلي ماحبيت ازعجها وهي نايمه .
الوضع ا بداً مو عاجبها ..
وطريقتهم مع بعض تشككها بأن فيهم شي بس ماحبت تتدخل لأن اول شي مالهم الاثلاثه ايام وثانياً بتخليهم على كيفهم ولاتحشر عمرها معهم .
قالت شهد : عماد شوف الورقه .
اخذ عماد الورقه وفتحها وطالع في شهد وضحك منها .. وطبق الورقه وحطها في جيبه .
قالت : هاتها بوريها شادن .
رد عليها وهو يحرك جبينه على جبينها قال : لا لا لا خلاص هذي صارت لي انا .
رفعت راسها وطالعت فيه وأشرت باصبعها السبابه قالت : عماد هذا سر بيني وبينك .. ماتعلم فيه الا .. بدت تعد على اصابعها . : شادن وجدتي وامي وفصولي اذا كبر وفهم الكلام .. بسسسسس
قال وهو يضحك : لا السر سر اذا علمت فيه معناتها موب سر .
زمت شفايفها بخيبة وهي تطالع بشادن اللي تبتسم من حركاتها البريئة والجذابه قالت : خلاص ياشادن للأسسف . وشدت عليها .. مانقدر نعلمك لأنك لوعرفتي مايصير سر وتدري فيه نوف .. قلبت عيونها وكلمت بملل .. وتبهذلني وتطفشني في المدرسة .
قالت شادن بدون تفكير : ليه تطفشك وتبهذلك .
ردت شهد ببراءة وشكلها متضايقه قالت : اووه شافت الورقه في يدي وانا اوريها العنود اختها وبغت تشققها بس انا بكيت بعدين رمتها عليّ .
قال عماد وهو يلمها لصدره : افا وانتي تبكين عشان ورقة ماتقدرين تكتبين غيرها .
: لا ياعماد مااقدر لأني قعدت افكر وافكر وافكر لين سويتها واكتشفت ال...
قاطعها قال : أ أ أ أ اسكتي لاحد يدري عنها .
حطت اصبعها على فمها وهي ترد الضحكة قالت : يوه يوه بغيت اقول السر .
اجمل شي في حياة عماد هي شهد ..
هي اللي توسع صدره وتضحكه وتعيشه عالم ثاني
هي اللي يمارس معاها الأبوة ويقدر يستغني عن الأطفال والأسرة اذا شهد بحياته .
قالت ام ناصر بجديه لشادن : على طاري نوف ياشادن ماتدرين علامها ماجات للعرس .
هزت شادن اكتافها قالت : اكيد ماراح تجي لأنها ماتحبني .
شرب عماد من فنجاله قال : قولي لها ترى حولنا كم قرية يبون مدرسات ابتدائي ان كان ودها بالنقل تتعرض لك .
بلعت شادن ريقها واخذت فنجالها بتشرب منه بس طلع فاضي مافيه شي ..
مثلت ان فيه شي وحطته عند شفايفها وسوت انها تشرب منه وهي في قمة ارتباكها منه ..
نزلته وحركته بيدها ماتدري وش تقول ولا وش ترد عليه وفضلت السكوت اللي خيم على المكان .
مر عليهم الوقت طويل ..
الصمت اللي تتخله همسات ام ناصر اللي اعتادت على صمت عماد وسكوته والتمست العذر لسكوت شادن بالحيا والخجل ..
قالت لعماد : عماد ياوليدي ازهم لي الخدامه خلها توديني غرفتي ابي اسبح واستغفر لين يحين وقت الصلاه .
وقف وهو يقول : وشو له ازهم لتس الشغاله وانا موجود . عطيني يدتس بس .
مشى معاها لين دخلت غرفتها ..
طلع من عندها ونادى شهد بيوصلها لامها وخرج مع الباب من دون مايكلم شادن ..
اخذت صينية القهوة حطتها عند التلفزيون وقعدت تنتقل من قناة لقناة بكل برود ولامبالاة .
وكأنها تعود نفسها على روتين الحياة الجاية في هالبيت .
***
بعد المغرب
كانت جالسة في الصالة تتابع مسلسل على الام بس سي ..
وعماد لسه مارجع من المسجد ..
دق الجرس وراحت الشغالة تشوف ..
وبعد دقيقه تقريباً رجعت لها
قالت : مدام فيه ولد برا اسمه سامر يبغى يكلم انتي .
: سامر ..؟ اوووه سامر ولد نوير ..
راحت عند الباب وقابلت سامر سلمت عليه قالت : ها ياسامر بغيتني ؟
: امي تسلم عليك تقول نوف زعلانه ومارضت تاخذ العذر تقول لازم انتي تجين للمدرسة ولا تعتبرك غايبه .
: سلم لي على امك قول خلاص بكرة تمركم بالمدرسة .
دخل عماد على كلمة شادن قال : هذا من ؟
: هذا ولد زميلتي في المدرسة .
: وش يبي ؟
: المديرة مارضت تاخذ العذر وتقول انها بتغيبني .
: وانتي وش بتسوين .؟
: بروح بكرة اوديها العذر .
: لا لاتروحين والعذر ماراح يتقدم لها الا بعد اجازتك .. خليها عليّ .
طلع من عندها واخذت شادن يد سامر ودخلته للبيت اعطته شكولاته وحطت لنوير صحن من البيتيفور اللي معبي الثلاجه ..
قالت : قول لامك شادن تقول عماد بيحل الموضوع ولاتشيل همي .
طلع سامر من عندها ورجعت جلست على التلفزيون تقلب في قنواته .. البيت ممل لولا وجود جدتها ولا عماد وجوده زي قلته بالنسبه لها .
راحت لجدتها بغرفتها قالت جدتها : رجلك مارجع من المسجد ؟.
: الا رجع بس سمع ولد زميلتي وهو يقول ان نوف مو راضية تاخذ اجازتي ورجع ماادري فين راح .
: نوف بنت لافي ؟
قالت : ايوه هي .. ياجدتي من يوم ماجيت للمدرسة وهي ماتطيقني . . حتى اول يوم استقبلتنا بوجه مكشر وخلقها شين بالمرة .
: حسبي الله على الظالم .. وانا اللي احسبها بنت حلال وعاقله وتقدر الجيرة .
: هي بصراحه اخلاقها عادية مع كل المدرسات بس انا ماتطيقني .
دخل عماد قال : هذاك اول ماتطيقك لكن من بكرة بتجي تبوس يدينك .
عدلت شادن جلستها من دون ماتتكلم ..
قالت جدتها اللي انقذتها : وش سويت لها ؟
"ايه صح وش سويت لها ياعماد " قالته بقلبها ومن غير صوتها .
قال : ابد رحت لابوها وعلمته بالعلم اللي ماغيره وانا واثق انها بتغير تعاملها مع شادن ميه وثمانين درجه .
ابتسمت شادن بداخلها ..
وحمدت ربها ان عماد حنون وصار لها سند وعلى قولة نايف رجال وينشد الظهر فيه ..
كبَّرت ام ناصر تصلي السنه وطلع عماد للصاله ولحقته شادن ..
فتح التلفزيون على برنامج عن الأسهم في قناة اوروبيه ..
ركز معاه وقعد يسجل بعض الأرقام على طرف الجريدة ..
خلص البرنامج وحط على قناة ثانيه وطالع بالساعه ونزل الريموت ..
جابت صينية شاهي وحطتها على الطاولة ..
صبت له كاسة نزلتها على الطاولة الصغيرة اللي قدامه..
عدت لعشرة واخذت نفس عميق وهي تأهب نفسها لردة فعله وللي بتقوله ..
قالت بهدوء من دون ماتطالعه: عماد مشكور على اللي تسويه عشاني ..!
اخذ الريموت وقصر قال : ايش ؟
حست ان صوتها خانها ومارضى يطلع زي ماهو قالت بصوت واطي : مشكووور على كل اللي سويته معاي .
: ماسويت معاك شي الا اذا قصدك تستهزئين هذا ..
قاطعته : لا مااقصد استهزء .. بجد مشكور على كل اللي سويته معانا نايف وطلاق امي وانا ونوف ..
رفع حواجبه قال : اها .. العفو ماسويت الا الواجب اللي تحتمه علي علاقتي فيكم ولانسيتي انكم عيال خالي .
ردت بخيبة امل وبرود : مانسيت .
اخذ الريموت وفتح الصوت وقعد يتابع وهي اخذت لها مجله من فوق الطاوله اللي قدامها وقعدت تقرا فيها لعلها تنشغل عنه وعن مراقبته او التفكير فيه .
***
في وحشة الصحراء الواااسعه
بوحوشها واشجارها العارية
وحشراتها وزواحفها السامه ..
في ظلمة منتصف الليل ..
وقدام خيمته الصغيرة اللي لقاها في سيارة عبدالرحمن من ضمن مستلزمات البر اللي ماتفارق سيارة خويه .
لابس فروته
( الفروة لبس شتوي يشبه البالطو او الجاكيت الطويل لكنها اوسع ومن داخل فرو ومن الخارج قماش قطني او صوف ناعم )
قاعد قدام النار اللي شبها عشان يدفى
ومتلثم بشماغه بدون عقال ..
الزاد ماذاقه من يوم اللي صار ..
وآخر عهد له بالأكل كان مع سعود ..
مايقطع سكون الصحراء الا اصوات بعض الحيوانات ا للي تسعى في الليل وتدور على ارزاقها ..
وصوت طقطقة الجمر والنار تنهش في الحطب بشراسه وتحرقه .
مرة كان هو وسعود بذات المكان
وقدام منظر مثل هذا
بس ماكانت اجواءهم صامته مثل الليلة ..
اما واحد يغني والثاني يصفق ولا يطبل على أي صحن او قدر او أي شي يحدث صوت وجلجله وتمسه يده ..
ولا واحد يسولف والثاني يسمع بإصغاء واهتمام حتى لو كان الحديث تافه ولايحتاج كل هالتركيز ..
المهم ان اللي يقوله فهد واللي يسمع له سعود او العكس .
نزلت من عينه دمعه حارة على خده اللي يلطمه هوا الصحراء البارد .
وش الطريقه اللي بتوصلني لك يالغالي
وشلون الحقك واجلس معك
لو اذبح نفسي رحت للنار وانت طريقك الجنان
ادري انك في الجنه لأني اعرف كل دروبك
صالح ودروبك صالحة وماتعرف طريق الرذيلة ..
وش اسوي عشان اجيك علمني .
..
.
عمر الولاء والحب والاخلاص ماكان بهالشكل الا اذا الطرف الثاني يستحق ..
وفهد مااخلص لسعود الا لأن لسعود مع فهد تشهد له مواقفه ومحبته ووفاه .
كان يخلص له في حضوره وفي غيابه .
كان سعود بالنسبة لفهد اغلى من الاهل ..
يلبيه اكثر مما يلبي امه وابوه
ويحاول يرضيه على قد مايقدر والثاني بالمثل .
فك شماغه وهو يشوف خيط الفجر بدا يظهر ..
وقام اخذ له قارورة موية من القوارير اللي جابها معه وهو جاي للبر احتياط لايموت من العطش ...
فتحها وتوضأ وصلى
صلى ودعى لسعود
صلى السنه ثم الفرض
صلى استغفار عن حزنه اللي مايقدر يتحكم فيه
وصلى يرجو من ربي رحمته
وصلى لأنه مايرتاح الا اذا لجأ لله وكأنه يبتعد عن الواقع بقرب الله حتى يرتاح ويحس بالطمأنينة .
يبي يلوذ بالله عن التفكير والحزن والذكرى ..
طلعت الشمس وهو يركع ويسجد ويبتهل ويدعي ويغرق في دموعه رجاء وحزن ..
ندب وندم
وجع وراحة ..
حس ان عظامه ماعادت تشيله من التعب وسلم على يمينه ويساره وتمدد على جنبه فوق التراب الناعم والبارد جداً ..
ماعاد يحس بالوقت ولايدري عن شي حوله
الا انه ينام ويصلي ويجلس قدام النار ويتذكر وتوجد ويتوجع ..
..!
***
مر عليهم اسبوع والوضع زي ماهو ...
صحت من النوم على صوت فوزية وهي تدق الباب بطريقه غريبة ..
قامت من سريرها وتوجهت للباب بتفتح لها بعد ماقفلت روبها عليها زين ..
شافت فوزية ورجعت لداخل الغرفه قالت : اووه عمتي فجعتيني فيه شي ؟
: ابغى اعرف انتم عرسان ولا وشو .؟
مسكت بطنها شادن ..
خلاص يعني انفضح امرهم ..؟
وحاولت تدور على اعذار سريعه ..
بس وين العذر وهو اصلاً مافيه عذر ..
هذي اكيد شافت عماد بغرفته وجات بتحقق
قالت شادن بحذر وتوجس وخوف : اش فيه ؟
: زوجك ياحلوة راح يداوم وانتي عادي ماكأنك عروس وانكم المفروض مسافرين ولا اقل شي طالعين لجده ولا قاعدين مع بعض اربع وعشرين ساعه .
جلست شادن على السرير متهالكة وعظامها باردة ..
: عمتي الله يهديك فجعتيني .
: شادن ياعمري انتي تحسبيني بكلامي هذا ماابي مصلحتك ..؟
: الا ياعمتي ادري باللي في قلبك .
: عماد من النوع اللي مايتغير بسهولة لازم تحاولين تغيرينه .. هو يحسب الناس مثله ماتفكر الا بالعمل والمستقبل وكيف يبني نفسه ومايحتاج لاحد وان الدنيا شغل وسعي ورى الرزق وبس ... حسسيه انك مسؤولة منه وعنه وانه مو مثل اول يروح ويجي على كيفه . وحسسيه بعد انك عروس لازم تعيشين شهر العسل زي مايعيشونه باقي البنات
: عمتي لوسمحتي انا وولد اختك متفاهمين على كل شي .. انتي بس لاتكلمينه ولا تتدخلين تكفين .. عماد انسان مشغول وعنده اشياء اهم مني ومن شهر العسل اللي تقولين عليه .
عقدت حواجبها فوزية قالت : ضاحك عليك بهالكم كلمه .؟
ابتسمت شادن وهزت اكتافها بدلع مزيف : انا راضيه ماعليكم مني .!
اخذت المخدة ورمتها عليها قالت : قلعتك بغيت انصحك وانتي ماتبين ..
طالعت بالغرفة قالت : قاهرني عبدالعزيز قلت له ابي مثل هذي يوم شفتها بالسوق بس عيا يقول غاليه .
: ليه كم سعرها .
: اتوقع انها بحدود 30 الف .
فتحت شادن فمها قالت : والله حسبتها ماتتعدى 15 بالكثير .
: عاد عماد مايجيب الا الغالي .. اولهم شادن .
ضحكت شادن بتمثيل مبالغ فيه ونزلت نظرها للأرض قالت : يووه عمتي بلاش احراج .
: طيب يالله انزلي معاناا مسوية لكم حلا تعالي ذوقيه قبل ماتكسر امي مجاديفي .
: ههههههههههههههههه اوووه حلا مرة وحدة لا ماشاء الله تطورات ...
: اقول انزلي بس ..!
دخلت اصابعه مع شعرها ونثرتها على اكتافها قالت وهي تتمطط : اوكي بتحمم والبس وانزل لك .
: يالله استناك .
نزلت فوزية ونزلت شادن الروب اللي لابسته على بيجامتها القطنية .. ودخلت اخذت لها شور سريع ولبست جلابية ناعمه ونزلت تحت ..
كانت جدتها منسدحه على جنبها وعمتها فوزية جالسه عند راسها وتسولف عليها
قالت فوزية : لوسمعتيه يايمه وهو يقول الوح عماد .. ويأشر على بيتكم وكأنه يعرف مكانه .
ردت ام ناصر على فوزية وهي تضحك : الله يخليه لك ويستر عليه وعساني اشوفه مثل ولدي عماد .
ضحكت فوزية وهي تقول : ياربي عساني اشوف فيصل ولدي مثل عماد عاد حلمي ان فيصل يطلع نسخه من ولد خالته .. شكلي ابي اجيبه عندك يمه تربينه . ولا اخليه يكبر على يد عماد .
قالت ام ناصر : اذكري الله على ولد اختس قولي الله لايضره .
: بسم الله عليه وماشاء الله تبارك الرحمن وعسى الله لايضره ويستر عليه .. تعالي تعالي ياشادن امي اذا فتحت معها سيرة عماد ماخلصنا ..
ضحكت شادن وهي تجلس بجنب جدتها وتميل عليها تسلم على راسها قالت : وشلونك اليوم ياجدتي نزلت الظهر ولقيتك نايمه ... مو من عوايدك عسى ماشر .
: ابد يابنيتي راسي صكني واخذت من حبوبي وهي الله يقطعها تهمد عظامي وتخمدني حين آكل منها .
: سلامتك ياجدتي .. ليه ماخليتي عماد يوديك المستشفى ؟
خبطتها فوزية قالت : بسم الله عليك عماد طالع الفجر وين يوديها .
تداركت نفسها وهي خايفه من فوزية انها تكشف المستور او حتى يداخلها الشك .
قالت : يووووه نسيت .. جدتي قومي بنوديك تقيسين الضغط الله يخليك .
رفعت نظرها وطالعت فيها قالت : يابنيتي مابي الا العافيه فكيني من المستشفيات والدكاترة ..
طالعت شادن بعيون جدتها شافت في عينها اليمين نقطه حمرا وشهقت بشويش .. هي تدري ان الضغط اذا ارتفع ممكن يسبب جلطة او عمى ..
بخوف حاولت تخفيه حتى مايثير شكوك فوزية وجدتها ويقلقهم
قالت: جدتي اذا لي خاطر عندك تخلينا نروح للمستشفى منها نتطمن ومنها نغير جو .
طالعت فوزية في شادن باهتمام قالت : شادن امي مافيها شي صداع بسيط وبيروح .
: طيب الحين تحسين بصداع .
: خف ماعاد احس بشي .
قامت شادن راحت لغرفة جدتها ورجعت وفي يدها قارورة حبوب صغيرة قالت : هذي اللي اخذتي منها .؟
: ايه هذي اخذت ثنتين واشوا خف عني .
قربت شادن وجلست قريب منها ومدت يدها لراسها ودلكته لها بحركه خفيفه قالت بحنان تغلغل لعمق الجده ..
: ابغى اشوف غلاتي عندك اذا لي خاطر ومعزة تروحين للمستوصف عشان اتطمن ويهدا قلبي واذا ماتحبيني ولا لي خاطر عندك لاتطمنيني عليك ولا تفكرين فيني .
: يابنت الحلال لاتغصبيني وانا مابي الا العافيه .
قالت فوزية : شادن لاتصيرين لحوحه خلاص امي ماتبي ولاتحب احد يغصبها .
: عمتي لوسمحتي لاتتدخلين بيني وبين جدتي .
: لاحوووول قبل شوي لااتدخل بينك وبين عماد والحين لااتدخل بينك وبين امي شكل ماعاد لي لازمة بحياتك ...؟
: ههههههههههههه لاتزعلين ياعمتي بس انا قلقانه على جدتي وابي اتطمن عليها . وانتي المفروض تحاولين فيها معاي تقومين تقولين خليها براحتها .
قالت ام ناصر : وانتي وش مدخلتس بينها وبين رجلها انا ماقلت لتس لاتكلمين لها ... جلست ام ناصر وكملت : ها بقوم عشانتس ياشادن .. قومي يافوزية عطيني عبايتي .
قالت فوزية : بتروحون مع من ؟
ردت ام ناصر : نبي نمشي على رجولنا ..!
طالعت شادن بفوزية قالت : المستوصف بعيد ولا نقدر نروح له مشي ؟.
قالت فوزية : امي تمشي مسافات طويله ماعليك بس انتي تقدرين تمشين في وسط البيوت كذا .؟
: ماادري ايوه اقدر طالما بنروح مع جدتي .!
: وعماد .؟
قالت ام ناصر : عماد مهب قايلن شي قومي عطيني العباة .
راحت فوزية وجابت عباية امها ولبستها ام ناصر على بال ماتروح شادن تجيب عبايتها وتلبس ..
طلعت مع جدتها وهي ماسكه يدها والشغاله من الجهه الثانية اللي اخذتها شادن احتياط وام ناصر ساكته ماتتكلم ..
قعدت تتفرج على البيوت والناس وتنقل نظرها بينها ..
الوقت على آخر العصر وبعض الناس مسوين قدام بيوتهم جلسات طالعين فيها مع حريمهم وعيالهم وعندهم قهوة وشاهي ..
شافت فيه حرمه في يدها قدر وتمشي رايحه من بيتها لابسه برقع وعليها جلالها
قالت بحب استطلاع ورغبه في معرفة اسرار ا لقرية وطريقة حياتهم
: جدتي هذي وين رايحه .؟
ردت ام ناصر بصوت اضعف من قبل : هذي وضحى ام فالح رايحه لغنمها ..!
: ليه ماتلبس عبايه وهي طالعه ؟
: يابنيتي هذي حرمتن كبيرة من بيطالع فيها .. ثم هي متسترة ثوبها وسيع وضافي وجلالها عليها وبرقعها ساترها .. والناس هنا متعوده .
: صادقه ياجدتي بس هذا انتي حرمه كبيرة وتلبسين عبايه .
: انا شب في عماد يقول لاتطلعين الا بعباية وانا والله ماحب اعصاه ولا اسوي شين مايرضيه .. عماد يابنيتي رجالن حكيم وحازم ومايحب احد يكسر كلمته ولا يعارضه . وانا ادور رضاه عسى الله يرضى عليه ..
..
اول مرة تكلمها جدتها عنه بالشكل هذا .. " ياالله ياكبر الحب اللي تحبه اياه جدتي " ابتسمت لأن صورة عماد في نظر الكل كبيرة والكل يحسب لها الف حساب من فصولي ولد فوزية واخته شهد لخالها ناصر وجدتها ..
اخذت نفس عميق وقالت في نفسها " كبيرة ولا صغيرة ياشادن .. عماد مجرد مرور كرام في حياتك ونقطه ماادري كيف بتكون سودا ولا بيضا في تاريخك .. "
بلعت غصتها يوم سمعت الشغاله تقول : ماما انتي تعبان .؟
: لا لا مانيب تعبانه .
قالت شادن وهي كل شوي تحس ان جدتها يختلف صوتها ويفتر عن اول : جدتي تحسين بشي .؟
: المشي اتعبني بس عجلي خلينا ندخل ونرتاح .
: خلاص قربنا هذا المستوصف ..
اخيراً دخلوا مع باب المستوصف الصغير بحجمه والقليل بعدد الكادر الطبي اللي فيه ..
سحبت لها شادن اول كرسي شافته .. وجلست ام ناصر عليه بدون تردد ..
قالت للشغاله اجلسي معاها وراحت للشباك اللي مخصص للنساء وفيه الملفات لجميع المتابعين في المستوصف .
: حصة ال..
بعد دقيقه جابت المسؤولة الملف واخذته شادن ودخلت على الطبيبة اللي ماعندها احد الا حرمه كبيرة سلمت عليهم وعلى ام ناصر خاصة بحرارة .. وطلعت وتركتهم يدخلون لغرفة الدكتورة ..
توجهت لغرفة الفحص ولمكتب الممرضة اللي تقيس الضغط الحرارة ..
بعد مافحصتها الممرضه اعطت الدكتورة ورقة الفحص اللي دونت فيها معلومات عن ضغط ام ناصر وحرارتها
قالت الدكتورة وهي تتأمل الأرقام في الورقة : فيه حد زعلك ياخالتي ..؟
قالت ام ناصر باندفاع ودفاع : لاااا ابد محدن زعلني ولاضيق خاطري .
زمت الدكتورة شفايفها قالت : هوا الضغط مرتفع شويه .. بس حنديك ابرة وهي حتنزل لك ضغطك وتبئي تنتبهي على صحتك ابعدي عن الملح والدهون خالص وعن أي انفعال ...
هزت ام ناصر راسها وقامت مع الممرضه اللي طلبت منهم يجون للغرفه الثانيه ..
اخذت الابرة ورجعت شادن للدكتورة ..
قالت : دكتورة ايش العلامه اللي بعين جدتي والضغط كيف ..؟ مرتفع شويه فعلاً ولا كثير ..
: هو بصراحه يابنتي الضغط مرتفع عند والدتك كتير وكويس انها قات للمستوصف في الوأت المناسب .. النئطه الحمرا اللي في عين الست الوالده هي دلاله على ان الصداع كان شديد وضغطها مرتفع كتيير ابل ماتاخد الدوا ... انا اديتها ابرة لأنها محتاجتها .. وياليت تنتبهوا لصحتها وضغطها وتبعدوها عن الملح والدهون والانفعال ..
وقفت شادن وبقلبها حسرة على صحة جدتها ..
بنفس الوقت حمدت ربها انها جابتها والحت عليها في الوقت المناسب .
رجعت لجدتها قالت : ارتاحي ياجدتي لاتمشين الحين .. بنجلس شوي ثم نمشي .
: خلينا نمشي قبل لايذن المغرب وتفوتنا الصلاة ..
سمعت شادن صوت عمااد اللي يسأل الممرضة في الغرفه ويقول : حصة ال..
قامت شادن واول ماشافته قالت : عماد كويس انك جيت عشان نرجع معاك ..؟
كانت نظراته تدور على جدته وراها وهو يقول بلهفه : جدتي فيها شي ؟
: لا الحمد لله مافيها الا العافية بس كان ضغطها مرتفع شوي .. تعال شوفها هي هنا .
لف معاها وشافها جالسه على الكرسي قال : عسى ماشر يالغاليه .
: هلا وغلا من اللي روعك وعلمك اني هنا ؟ .
: وش تحسين به علميني ..!
: مابي غير العافيه .. مرتك ابلشتني يوم اونست راسي وغصبتني اجي للدكتورة ..
طالع بشادن اللي واقفه قريب من جدتها قال : وش قالت الدكتورة .
: ارتفاع بضغط الدم واخذت ابره والحين الحمد لله مافيها شي .
وقف قال بصوت هادي وهو مكشر وباين على ملامحه القلق : ابرة ؟
مشى من عندهم وكل خطوة اسرع من الثانية لحد مادخل على الدكتورة
قال : بعد اذنك يادكتورة حبيت اسأل عن حالة جدتي بالتفصيل .. جدتي حصه ال.. دخلت عندك قبل شوي وقلتي ان عندها ضغط ..
شرحت له الدكتورة حالة جدته بالتفصيل وان لولا جيتها في الوقت المناسب ولا كان صار لها مضاعفات ..
وقف عماد وهز راسه قال : طيب مشكورة يادكتورة ..
طلع لجدته اللي تغير حالها وحست بارتياح بعد الابرة المسكنة قال : يالله امشوا للسيارة .
اخذ جدته بيدها ومشاها لحد ماطلعوا برا المستوصف وركبها معاه قدام وركبت شادن ورى مع الشغاله ..
وصلوا بعد دقايق قليله للبيت قال : ها يالغاليه وشلون راستس ..؟
: هجد عني ياربي لك الحمد وماعاد فيني غير العافية .
: زين انه هجد عنتس بكرة ابي آخذتس لجده واسوي لتس فحوصات .
: والله مايقوله الله .. انا مالي ثلاث شهور رايحتن معك وقايلين لي مابي غير العافيه .
: الله يخليتس لي قبل ثلاثه شهور مافيتس ضغط ولا قد عرفتيه والحين مرتين يرتفع عليتس والله اعلم لو انه اكثر انتي ماتعلميني بشي اعرفتس .
: لاوالله وانا جدتك مااونست شي الا تدري به ..
دخلها غرفته لأنها تبغى تصلي وطلعت شادن لغرفتها عشان تنزل عبايتها وتصلي المغرب اللي توه اذن ..
طلعت من الحمام وهي متوضيه وتتذكر حال جدتها والحاحها عليها ولو لاقدر الله انها ماراحت ...
رفعت نظرها وتفاجأت ان عماد واقف على الباب اللي نست تقفله وراها ..
اخذت منديل وجففت وجهها ويدينها وهو ساكت قالت : بغيت شي ؟
دخل وسكر الباب وراه قال : هالمرة انا اللي ابي اشكرك ..!
بدا قلبها يرجف ودمها يجري بسرعه هائلة ..
بلعت ريقها اكثر من ثلاث مرات
قالت وهي تطالع في الباب اللي سكره : ت ت تشكرني على شو ؟
: على اللي سويتيه مع جدتي .
: ماسويت مع جدتي شي يحتاج الشكر بعدين .. انا .. انا ..
: انتي وشو ؟ .
حست انها تتخدر وماعادت تسمع هذا كيف يكلمها صدق هيبته وشخصيته قوية لدرجه انها نست كلامها وخافت منه ...
بلعت ريقها قالت : خلاص خلاص . بتروح تصلي صح ؟
: ايه بروح اصلي بس انزلي عند جدتي .. حاولي ماتخلينها لحالها .
رجع وفتح الباب وطلع لغرفته توضا وبدل ملابسه وطلع للمسجد ..
صلت بهدوء وسكينه محاولة وجاهدة انها تضبط نفسها في صلاتها ولا يشغلها الشيطان بكلام عماد وربكته لها ..
كملت التشهد ودعت ربها بأدعية كثيرة واختتمتها بربي الهمني الصبر والسكينه .. اللهم لاتكلني الى نفسي طرفة عين ..
كررتها ثلاث مرات وهي تتضرع بصدق واخلاص وتقرب من الله لعله يعينها على حياتها ويسهل لها صعابها ..
***
في غرفتها مسكرة باب غرفتها ومطفيه النور ومتغطيه ببطانيتها
دقت عليها امها ونادتها للمرة الرابعه
: نوف قومي العشا بيذن وانتي ماصليتي المغرب ..
ماتقدر تقوم وتخليهم يشوفون وجهها المتورم من البكا ..
اليوم شافته وهو يوقف سيارته عند بيته ونزل لابس ثوب ابيض وشماغ احمر ولابس نظارات شمسية وشكله كل يوم يسحرها اكثر من قبل ..
" ياحظك ياشادن بعماد .. ياحظك وانتي تملين عينك منه وتكلمينه وتاكلين وتشربين معه .. ياحظك يوم ملكتي عماد وصار لك لحااااالك . ياحظك يوم انه يدافع عنك ويخاف عليك .."
" اكرهها يوم عن يوم واحقد عليها اكثر من قبل .. ماعمري خليت الحقد يدخل لقلبي الا يوم دريت ان فيه وحده تقرب لعماد وتبي تجي تسكن عندهم وانه هو اللي نقلها وجابها لمه .. حبي لعماد من سنين من يوم جااول مرة من امريكا .. يوم ابوي عزمه وتقهوى عندنا مع خاله ناصر .. ماانسى ذاك اليوم يوم طلعت للحوش وشفته طالع مع خاله من المجلس انا ماقدرت ارفع نظري عنه وهو صد بسرعه وطلع مع الباب .. يمكن ماحس فيني لكن انا تعلقت به ياربي والله مهوب بيدي غصبن عني حبيته وتعلقت به "..
بكت بصوت عالي لمن تذكرت كلام ابوها لها
(عماد جاي يهدد ان تعرضتي لمرته لينقلتس لمدرستن ثانيه .. انتي وش فيتس على الحرمه ورى ماتعاملينها زين وتفكينا من الشقا ان نقلتس .. تراه رجالن واصل يانوف وكلامه مايكرره اعرفه ومايرحم اللي يخطي على احدن من اهله .. ربي راحمتس يوم تعينتي في مدرستنا اللي بجنب بيتنا وان نقلتي تعنيتي وعنيتينا معتس )
صرخت بصوت واطي مايسمعه غيرها : لمتى يانوف ؟ لمتى بتبكين عليه ..؟ عماد صار لشادن ولا يدري عنتس وشادن ازين منتس افهمي افهمممي .
رمت بطانيتها وقامت من فراشها وراحت تتوضأ وتصلي ..
نادت العنود اختها تجيب لها حبة بندول وكاس مويه ..
راسها بينفجر وماتقدر تتنفس من الصداع ..
جابت لها العنود كاس الموية ورمت عليها علبة البندول وهي اخذت منها حبتين وشربت عليها اكثر من نص الكاس مرة وحده ..
فتحت شعرها الطويل والمعجد ودخلت اصابعها معاه ..
خطرت على بالها فكرة قالت : انا لازم اروح للسوق اما للطايف ولا لمكه ولا حتى لجده .. لازم اغير شكلي واتغير .. شادن موب احسن مني . يعني علشانها صابغتن شعرها اسود وقاصته لرقبتها وتحط مكياج خلاص ازين منا ..؟ ان ماخليت عماد يندم انه ماطالع وفكر فيني مااكون نوف بنت لافي .
...
خلصت صلاتها وجلست على سجادتها .. وفي قلبها لازم ابوها يوديها جده حتى تغير شكلها وتصبغ شعرها وتقصه مثل باقي البنات اللي معاها في المدرسة واولهن شادن ..
بس من يقنع ابوها ..
وكيف بيخليها تحط فلوسها بشين مايسوى في نظره ..
مافيه حل الا انها تخلي العنود تقنعه هو يحبها ويسمع كلامها اكثر منها هي وامها ..
وقفت وراحت للعنود اختها ..
نادتها قالت : العنود قلبي تبين خمسين ريال .
فتحت العنود عيونها وهبدت على صدرها بيدها قالت : اي والله ابيها بس من بيعطيني خمسين ابوي يعيي يقول عشرة واجد عليتس .
: انا اعطيتس .. ولو تبين ميه عطيتس .
صرت العنود عيونها بشك قالت : صدق ولا تلعبين عليّ .
: لاصدق ياقلبي .
طالعتها العنود باستغراب .. وشلون نوف تقول لها قلبي وهي متعطيها ولاكلمه حلوة قالت : تعطيني خمسين ولا مية ريال عشان وشو .؟
: ممممم ابيتس تروحين لابوي تقولين له نروح معه للطايف ولا لجده
: بكرة ابوي يبي يروح للطايف سمعته يعلم حمود ولد عمي غازي ..
: قولي والله .
: والله
: اجل لوطلبتيه وخلانا نروح للطايف معه لتس المية ريال واشتري لتس ملابس واوديتس الكوفيرة تقص لتس شعرتس مثل شهد .
فزت العنود بنت التسع سنوات تجري لابوها وسلمت على خشمه وجبهته قالت : تكفففففى يايبه طلبتك .!
: وش تبين اطلبي وانا ابوتس .
: ابروح معك للطايف انا ونوف .
: وشو ؟ الطايف وش تبين فيه .
: يايبه ابي اشتري لي ملابس جديده وابي ازين شعري مثل شهد .
قاطعها قال :روحي وانا ابوتس لسوق الخميس واشتري منه انتي ونوف اللي تبون وشعرتس تزينه لتس امتس بالحنا والسدر ... الطايف بعيد وانا عندي شغل .
: تكفى يبه طلبتك .. والله لوشفت ثياب شهد كلها من جده وتعايرني بها كل يوم .
: انا ابو نوف تعايرتس بنت عبدالعزيز .
تمسكنت العنود وهي تقول : ايه يايبه حتى نوف كل المدرسات يلبسن ازين منها وهي ماتلبس الا من سوق الخميس وكل لبسها خايس والبنات يقولن لبس المديرة اشين لبس ..
تصنعت العنود البكا بخبث ومثلت انها تبكي قالت : تكفى يايبه نوف مسكينه وانا ابي اسوي مثل شهد واصير ازين منها ..
رد ابوها بحنية لأن راس ماله هالبنات وجرحهن جرحه قال : لاتضيقين خلقتس وانا ابوتس بكرة تروحين معي واشتري لتس اللي تبين .
: لايبه خل نوف تروح معنا تكفى يبه وحطنا بالسوق وارجع اخذنا مثل مبطي يوم نزلتنا انا وامي عند العطار وتقضينا ورجعت اخذتنا .
: يالله علمي نوف تجهز معتس بكرة نروح احطتسن بالسوق واقضي شغلي وارجع اخذتسن .
انطلقت العنود تبشر نوف بموافقة ابوها وطارت الثانية من الفرح ..
من بكرة لازم تصير غير ..
تنافس شادن وسهام وخلود ..
تخيلت التنانير اللي بتشتريها والبلايز ..
وكيف بتقص شعرها وكيف تصبغه ..
تبي تشتري ملابس بيضا وحمرا وخضرا وصفرا وتبي تصبغ شعرها اشقر .. ماتبيه اسود مثل شادن لأن الاشقر ازين ..!
يعني بكرة بتحقق جزء من احلامها ..!
وبتبدا حياة جديدة وأحلام جديدة ومختلفه وان كانت مصبها عماد ولاغير عماد ..
***
بعد يومين من تعب جدتها ..
كملت صلاتها ونزلت للصالة وجلست مع جدتها اللي تسمع برنامج نورٌ على الدرب ..
احترمت جدتها وماتكلمت حتى ماتقطع عليها الفايده من البرنامج وحتى تستفيد هي بدورها من الفتاوي ..
دخل ورمى شماغه على الكنبة قال بصوت عالي وملامحه تدل على انه تعبان او متضايق : لسلي .
جات الشغاله تمشي ومافاته حركة شادن واعتراضها بنظراتها له لمن نادى الشغاله بس تجاهلها ...
: يس مستر ..!
: فيه غدا ..؟ ولا اي شي ينوكل ..؟
قصرت ام ناصر على صوت الراديو قالت : ماتغديت ؟
: لاوالله على فطوري .
وقفت شادن قال وهو يأشر لها تجلس : اقعدي لاتسوين شي خلي الشغاله تجيب لي شي خفيف .
قالت جدته : روحي ياشادن سوي له عيشة سنعه لاتتكلينه على عيشة الشغاله هالحين تجيب له عيش وجبن .
راحت شادن للمطبخ من دون ماتتكلم وفتحت الفريزر امس عماد معبيها .. فيها لحم ودجاج وسمك ..
احتارت وش تسوي .. هالوقت خلاص عشا ..
ولو سوت عشا راح تتأخر عليه ..
احسن شي تسوي له خفايف يسد جوعه وتسوي عشا معتبر ...
طلعت لحمة مفرومه وحطتها بالميكرويف تذوب الثلج وطلعت دقيق وبسرعه عجنت عجينة فطاير وحطتها في المايكرويف لمدة خمس ثواني حتى تخمر بسرعه بعد ماطلعت اللحمه ...
بسرعه حطتها مع البصل والثوم والطماطم اللي جهزته الشغاله .. اضافت البقدونس والشبت على آخر شي وقلبته مع بعض بسرعه وختمت بالملح والبهارات .
بعد ماطلعت جزء قليل عشان تخليه لجدتها قبل تضيف الملح ...
حشت الفطاير باللحمة ولفتها..وحشت جزء ثاني بجبنه ونعناع ..
حشت فطاير لجدتها من اللحمه اللي بدون ملح .. ودخلتها بالفرن وهي تحسب الدقايق وخايفه انها تأخرت كثير ..
طلعت الفطاير من الفرن وهي ساخنه وريحتها تشهي وحطتها بصحن بيضاوي بشكل مرتب وسوت معاها شاهي وراحت للصاله ..
نزلتها عند عماد اللي كان منسدح على الكنبه بعيد شوي عن جلسة جدته ..
قام جلس وهو يطالع بالفطاير اللي شكلها يفتح النفس
قال : رحتي تسوين .. ؟
حطت الشاهي عنده وصبت له كاسه قالت من غير ماتطالعه : ان شاء الله تعجبك .
اخذت صحن جدتها وودته عندها قالت : هذي مخصوصه لك بدون ملح ياجدتي .. حتى الدقيق خففت ملحه عشانك ..
اخذت ام ناصر حبة واكلت منها شويه قالت بصوت عالي يسمعه عماد
: الله يسلم اليدين اللي سوت هالشغل اشهد ان عزيزة ربت وعلمت .
: الله يسلمك ياجدتي الغاليه ويخليك لنا .. يووه ذكرتيني بامي اشتقت لها .
جا عماد يمشي بصحن الفطاير في يد والصينيه حقت الشاهي في يده الثانيه ..
قال : اذا تبين تكلمينها وديتك اليومين الجاية ذكريني لا انسى .
قالت شادن بتردد وهو تشوفه يكشر ويغمض بعيونه قالت : عماد فيك شي ..؟
طالع بجدته قال : انا شبعت من هالفطاير مااظن اقدر آكل بعده شي .
ناظرته ام ناصر وطريقته مع شادن مو عاجبتها بس اللي مريحها ان شادن عاقله وتدور رضاه وراحته ولاتبين انها تتضايق من طبعه .
ترك حبتين من الصحن وقام وقف ..
قال : بكرة عندي قومة من الفجر ووراي شغل مايتأجل ابد .. ادعي لي يالغاليه ان ربي يسهل لي .
: الله يسهل لك دربك ويفرجها عليك كل ماضاقت .. الشغل محد يقوم به عنك وانت معرس ..؟
حط يده على جنبه واخذ نفس عميق قال : ياجدتي شغل بكرة بالذات مايتأجل ولااقدر اثق في احد واسلمه اياه .. المهم ان تأخرت عليكم لاتقلقون مانيب راجع الا بعد مااخلصه .
: الله يوفقك واحرص على عمرك وانا امك ...
طلع قالت ام ناصر لشادن بلهجة آمرة وحادة : الحقي رجلتس ..
وقفت شادن وطلعت فوق لغرفتها ..
مرت من عند غرفته وشافت بابها مفتوح وسمعته يناديها ..
وقفت بمكانها تروح له ولا ماتروح ..
تسوي نفسها ماسمعته ولا تسوي الواجب عليها وتشوف وش يبغى ..
تربيتها واخلاقها ماتسمح لها تطنشه ..
توجهت له بكل ثقه وثبات قالت : نعم .
: اسمعي هذي فلوس خذيها اذا احتجتوا شي . واذا صار لجدتي شي الله لايقدر لاتروحين مشي الا اذا كنتي مضطره .. خلي فوزية توديها مع زوجها انا وصيت عبدالعزيز مايغادر بيته وانا مو فيه .. لااوصيك على جدتي .. وان شاء الله متى ماجيت بجيب واحد من سواقين الشركه يخدمكم في غيابي ..
هزت راسها قالت : طيب متى بترجع .؟
قال بصوت تعبان وهو يحس بدوار وغثيان وجسمه يرتعش : ليش تسألين ؟
ناظرت بوجهه اصفر وعيونه ذبلانه قالت : عماد فيك شي ...؟ تعبان انت ..؟
مد عليها الفلوس واخذتها منه قال : لا بس اطلعيييي ..
رجع بسرعه لدورة المياة ورجع كل اللي في معدته ..
سمعته يرجع بقوة وكأنه يتألم ..
لحقته ووقفت على باب الحمام قالت : عماد ..
قاطعها وهو ينشف وجهه بالمنشفه قال : مافيني شي انا اصلاً احس اني تعبان من الصبح .. ويمكن لأني اكلت ومعدتي فاضيه من الصبح .
اطلعي بس وسكري الباب ..!
تمدد على سريره قال بلهجة جافه : طفي النور لو سمحتي ولاتقولين لاحد ان فيني شي ماابيهم يقلقون عليّ .
: طيب اجيب لك شي .. عسل ، ليمون ..
قاطعها : يووووه انتي ماتسمعين قلت طفي النور واطلعي .
بسرعه طفت النور وسكرت الباب وطلعت . .
ماراح تبكي ولا زعل ولا تتأثر بكلامه ..
هي بكت ليلة زواجها وخلصت كل البكا ..
ماراح تبكي بعد هذاك اليوم ..
وراح تتقبل الوضع وتتحمله وتتعايش معاه مهما كان ...
عماد مرحلة وبتعدي لازم تصير فيها قويه ولا تخليها تهزها وتأثر فيها ..
راحت للصاله اللي فوق وشغلت التلفزيون جلست عليه حوالي ثلاث ساعات متواصله مادرت بنفسها ..
طالعت بالساعه حوالي عشر وربع ..
ونزلت عند جدتها بتشوفها وتطمن عليها ..
لقت جدتها في غرفتها ومتمدده وتهمس بسبحان الله والحمد لله
قالت : جدتي اجيب لك عشاك .
: لايابنيتي اكلت من عشاتس اللي جبتيه لي ماابي شي .. روحي بس تعشي وارقدي . يابنيتي المرة السنعه ترقد ليا رقد رجلها وتقوم ليا قام .
هزت راسها وابتسمت قالت : حاضر ياجدتي بحاول اعدل نومي ولا يهمك .
رجعت فوق ..
ومشت بهدوء لغرفته ..
الواجب يحتم عليها تتطمن عليه ..
مهما كان هذا زوجها وولد عمتها يعني لازم تهتم فيه ..
او حتى تشوف اذا هو محتاج شي .
فتحت الباب بهدوء ..
هالها منظره وهو غاط بنومه ..
نايم على جنبه الأيمن ومايل على وجهه ..
تأملته لثواني قليله ..
تحرك ونام على ظهر وحط المخده على وجهه ..
تسحبت على طول من الغرفه وراحت لغرفتها ..
بدلت ملابسها بقميص قطني عادي بأكمام قصيرة
وتمددت على سريرها
احسن لها تنام في الليل منها تعدل نومها ومنها تنام في الجو البارد والتكييف شغال ..
غمضت عيونها وهي وتنتظر النوم يهاجمها ولا تهاجمه المهم يوصل لها وتوصله وينقذها من التفكير فيه اللي صار ملازمها اغلب وقتها ..
**
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
--------------------------------------------------------------------------------
فصلٌ عاشر
اسبوع من البحث المضني والمتعب والمنهك على ابوفهد وفواز وعماد وبندر اخو فهد
والنتيجة بلاجدوى وكلٍ يرجع خالي الوفاض ..
.
دخل لبيته بعد صلاة العشاء ..
كان الهدوء هو اللي يعم المكان ..
مر على غرفة جدته وشافها فارغه الا من آثارها وريحتها ..
طلع فوق ومر على غرفة شادن .
كان متردد يدخل يدور عليها ويشوفها ولا يرجع ..!
له الحين اكثر من اسبوع ماشافها الا مرة وحده بعد ماجا من جده وكانت مجرد لمحه وهي تدخل غرفتها وماانتبهت له .
" لها حق تطلع مع جدتي وتروح للمكان اللي تبي ..
اصلاً وش انا في حياتها اللي انتظر منها استئذان ولا انتظار .. "
زفر وهو يتذكر انه اخذ في جده خمسه ايام ثم ر جع في الليل وصبح اليوم الثاني وهو رايح يدور على فهد في البر مع بندر وخاله فواز ..
ضاقت عليه الدنيا وهذا حاله ووضعه مع هالبنت اللي مالها ذنب الا انها ربطت مصيرها فيه ..
بس سرعان ماتنهد بارتياح يجهل سببه وغمض عيونه باطمئنان وهو يسمع صوت حركة في الغرفه تدل على وجودها فيها ...
ماتردد لحظة وحده انه يمد يده ويفتح الباب اللي بينه وبينها ..
كانت مسنده بظهرها على السرير وممدده رجولها وتقرأ في مجله ..
اول ماشافته فزت من مكانها ووقفت ..
طالعها وهي لابسة جلابية لونها كحلي ناعمه وعادية ..
ولامة شعرها بشباصة ووجهها خالي من أي اضافات للزينه ..
هي كذا مغرية وجذابة بدون رتوش او اضافات ..
والكحلي عليها مبرز لونها الفاتح ومعطيها انوثة اكثر ..
كان نفسه يضمها على صدره بس تذكر العواقب اللي كان يحسب لها الف حساب وهوَّن .
دخل يدينه في جيوبه وكأنه يتفقد شي قال بحيرة : السلام عليكم
صوته الرجولي الحاد والهادي بنفس الوقت اخترق اذانيها ووصل لعمق تفكيرها وعقلها ويمكن شلّه لثواني قليله ..
تجاهلت كل احاسيها المرتبكه ناحيته وردت وهي تتأمل ملامحه التعبانه والمنهكة وتلف المجلة بيدينها بتوتر ..
: عليكم السلام .
فتح فمه من طريقة تدقيقها بوجهه قال : جدتي وينها ..؟
بلعت ريقها وهي جاية تمشي
خوفها عليه يقدمها لناحيته وخجلها منه وتوقعها لردة فعله تعثر خطوتها ..
قالت بارتباك وهي تحاول تستعد لمواجهته لوحده : جدتي عند عمي ناصر .. اش فيك ..؟
طالع في ملابسه المغبره وجسمه قال : ها .. ايه .. يبي لي ادخل اتروش والبس لي شي نظيف .
عطاها ظهره وهو يقول : دخنا في البر ثلاث ايام ورجعنا بدون فايده .
لحقته تمشي وراه قالت بعفويه : لا لا مو عن الملابس .. عماد انت تعبان ..؟ انت مرة تعبان صح ..؟ شوف وجهك .. وجهك يقول انك تعبان ومااكلت شي ..
بلعت ريقها وقطعت كلامها وهو يلف يطالعها
قريب منها كثير ..
عيونه بالرغم انها تعبانه الا ان فيها شي مايقدر يقول وماتدري وش هو بالضبط ...
قالت بصوت مختنق ووجه مخطوف ومختلف كلية عن اللي قبل : حتى عيونك صفرا وو .. تعبانه .
كان يطالع في وجهها المتوهج ويدينها اللي ماتركت المجله وتبرم فيها كأنها تعبر عن اللي في داخلها ويعصرها ..
قالت : بنزل اسوي لك شي تاكله .. صحيح تذكرت .. ملابسك عندي في غرفتي .
عقد حواجبه قال : وش يجيبها في غرفتك ....
قاطعته بسرعه وهي تقول : جبتها من غرفة الشغالة .. انت مقفل غرفتك وماابغاها تبات عند الشغاله .
دخل غرفته بسرعه قال بصوت مرتفع وكأنه يدور على شي يزعله منها ويبني الحاجز اكثر
قال : هاتيها كلها عندي الحين .. ولاتعيدينها ....
قطع كلامه وهو يشوفها ترجع بسرعه من دون ماتنتظر بقية كلامه ..
انطلقت لغرفتها بسرعه وبعصبية طلعت كل ثيابه من الدولاب وملابسه الداخلية وجات لغرفته نزلتها على سريره وطلعت وهي تقول بحزم اقرب للعصبية وعدم الرضا : بسوي لك شي تاكله على بال ماتتحمم وتلبس .
مارد عليها لأن ماعنده كلام يقوله ولا فيه كلام ينقال لها ..
تنهد بقوة وجلس على السرير
ياكثر ماهو مثقل بالهموم
همه هو اللي قد الجبال ومحد يقدر يشيله بصمت غير اعتى الرجال واصلدهم .
وهمها هي اللي يحسسه بالذنب وتأنيب الضمير ليل ونهار ..
وهم فهد اللي مايندرى وين ارضه من سماه .
من وين تلاقيها ياعماد ولا من وين
اخذ منشفته وروبه ودخل للحمام ..
ليت الانسان اذا غسل جسمه غسل همه معه ..
ليت الهموم تنجلي بالما والصابون كان يغسلها ليل ونهار حتى ينام لو ليلة وحده بدون هموم .
طلع واخذ له حبة من حبوبه اللي تركها واشغله موضوع فهد عنها اكثر من اسبوع ..
لبس ملابسه ونزل تحت لأن ريحة الاكل وصلته فوق وهيجت جوع معدته اكثر .
لمحها وهي في المطبخ ويازين شوفتها وياصعبها بنفس الوقت ..
وين يروح منها وهو اذا شافها ولا قرب منها حس انه على هاوية الخطر .
..
وهي في المطبخ ..
قررت تسوي له بيتزا ..
كوجبة خفيفة ومشبعه بوقت واحد ..
خلصتها بوقت قياسي جداً ..
وقطعتها لقطع متوسطة ورصتها في صينية من الصين المزخرف ..
كانت تحس وهي تشتغل بلا مبالاة غريبة ..
تحس تصرفاتها غبية ومع هذا تستمر فيها ببرود ..
وكأنها استسلمت لوضعها وبدت تتخلى عن كل احساسيها وتعيش ..
المهم انها تعيش وبسلام وسلامه .
دخل عليها عماد وهي ترص بيالات الشاهي في الصينية ..
تنحنح قال : ماكان تكلفتي .
رفعت حاجبها وهي ترجع كم جلابيتها الواسع واللي يضايقها اذا بغت تشتغل .. قالت : روح اجلس في الصاله وانا اجيب لك الاكل .
مد يده واخذ قطعة بيتزا ..
قالت : ترى ماحطيت فلفل عشانك .
وكأن ربي يجيب له الفرص حتى يكلمها بجفاء ويبتعد عنها وتبعد عنه اقل شي بالتفكير وعدم الانجذاب ..
عقد حواجبه وهو يطالعها قال : احد قايل لتس اني مااحب الفلفل ..؟
لفت واعطته ظهرها وراحت تغسل يدينها من المغسله وردت : مو لازم احد يقول .. اللي عنده قولون المفروض ماياكل فلفل و لا بهارات .
شال صينية البيتزا في يد وصينية الشاهي بيده الثانية قال : اذا بغيتي تسوين شي مرة ثانية لاتفكرين فيني ..
طلعت من المطبخ بسرعه وهي تتأفف ..
وقطع كلامه وهو يشوفها تشمي بسرعه وصوت الأوووف اللي تحاول كبته وطلعه القهر واصله بوجع واوجعه اكثر ..
توجهت للدرج وطلعت وتفكيرها مشغول ومزحوم بالأفكار ..
ماابغى اسمعه اكثر
ولا ابغاه يقول مالك دخل فيني ..
وصلت غرفتها وسكرت الباب عليها بقوة
ورمت نفسها على سريرها
حطت يدينها على وجهها وهي تتنهد بقوة ..
" خلاص ياربي ماعاد اقدر اتحمل والله ماعاد فيني .. "
اشوا انها بكرة بترجع للدوام وبتنشغل عنه وعن التفكير فيه ومشاكله ..
كشرت وهي تتذكر ان بكرة يوم جديد ومختلف
حياتها دايما فيها ثنائيات للمشاكل
اول خالها وصالح
ثم نوف ومشكلة زواجها
ثم لازالت نوف وحياتها مع عماد ..
يعني تصارع في المدرسة وتصارع في البيت
والضحية احاسيسها ومشاعرها ونفسيتها ويمكن هدر كرامتها جاي في الطريق ..
زفرت بآهه مخنوقة ووراها كم هائل من الآهات المكبوته
مشتهية تبكي حتى ترتاح .
البكا عندها سلاح وعلاج من صغرها ..
والدموع تريحها كثير وتكفيها الشكوى والفضفضة دايماً ..
حطت يدها على جبينها وهي تفكر في بكرة
كيف بتواجه عماد بعد تصرفها معاه .
قلبها وعقلها يقولون حلال فيه ويستاهل وهذا حقه اللي يستحقه بعد كلامه لها وتجاهله وغيابه عن بيته ..
والمنطق والعقل والمفروض يقولون لها لا ..
كان خليتيه يتكلم ولاتجاهلتيه
كان سمعتيه يقول اللي عنده ورديتي برد محترم ولا أي رد المهم ماتطنشين ..
هذا مهما كان زوجك .. ورجل ..
رجل ياشادن ..!
واجب تسمعينه وتقدرينه ..
لأن التطنيش يعتبر اهانه ..
مو كذا كان نايف دايما يقوله لك ..؟
انا رجال وكلمتي تنسمع ..!!
وياويلك لو اعطيتيني قفاك وانا اتكلم . !!
نزلت منها دمعه حارة لمجرد ذكر نايف وسيرته العطرة
ياقلبي يانايف ليت عماد يشيل نص قلبك
ليت كلمة عماد عليّْ مثل كلمتك
كان اتحمله واتقبله واعيش معاه للأبد وانا راضية ..
ضمت مخدتها وهي ترحب بالسيرة اللي هيضت شجونها وبتتكفل بسكب الدموع وهلّها ..
بكت بحرقه ووجع وصوتها يعلو بنحيب ...
كأنها كانت تبحث عن شي غير عماد يفتح المجال لسيل الدموع .
راحت تجيب القديم والجديد
امها ..
اشتاقت لريحتها ودفى حضنها
اشتاقت لنايف وحضنه لها بكل حنان الأبوة والأخوة ..
اشتاقت لغرفتها بكل ذكرياتها ماعدا صالح وسيرته ..
اشتاقت لسارة ..
زاد نحيبها وهي تتذكر سارة
ياكثر ماهي مشتاقة لها ..
مرت عليها ساعه وهي تبكي ..
محتاجه احد يحضنها ويقول ليه تبكين
فضفضي وقولي وافتحي لي قلبك
بس من ..؟
من وين تجيب من يخفف عنها ..؟
سمعت صوت دقات خفيفه عند الباب وصوت شهد تناديها ..
: شادن عماد يقول تعالي تحت جدتي جات .
تغطت شادن بلحافها قبل شهد تدخل وسوت نفسها نايمه .
نادتها شهد وهي تفتح الباب وتقرب من السرير ..
قالت : شادن قووومي انا جيت عندكم عشان ابغى اسألك انتي وعماد سؤال مهم . شااااادن .
: شااادن قومي .. صحيح انتي وعماد اذا جاكم ولد بتسمونه مشعل ..؟
انقلبت شادن على الجهه الثانية قالت بصوت باكي تحاول تطلعه عادي : شهد حبيبتي انا ابغى انام اخرجي واقفلي الباب وراك .
انسحبت شهد بخيبة واحباط وطلعت برا الغرفه وراحت لعماد تحت بوجه بائس وحزين .
جات جلست بجنبه طالعت في عماد قالت : جدتي راحت تنام .
رد عليها وهو مركز على التلفزيون قال : ايه دخلت تنام .. وش قالت لك شادن ..؟
: تقول ابغى انام .
مسح على راسها قال : يالله اجل انتي بعد قومي روحي لبيتكم عشان تنامين بكرة وراك مدرسة .
: امي تقول بكرة شادن بترجع للمدرسه .
: اووووه اشوا انك ذكرتيني يالله يالله امشي بوصلك لبيتكم . حتى انا ابي انام بدري عشان اصحى بدري .
مشى وهي تمشي معاه ويدها الصغيره متمسكه يده .
وهم في الطريق لبيت اهلها قالت : عماد ليش شادن تبكي ..؟
عقد حواجبه قال : تبكي ..؟
: ممممم ايووه انا شفت عيونها حمرا وخشمها احمر عرفت انها تبكي وعندها مناديل كثييييييرة على الكومدينو .. صح هي تبكي .. عماد انت ضربتها ولا خاصمتها .
تنهد بعمق قال : ماضربتها ولا خاصمتها بس يمكن مزكمة ولايمكن اشتاقت لامها .
: طيب ليش ماتوديها لامها مسكينه ماعندها ام .. وماعندها اخو وابوها مات .. صحيح ابوها خالي خالد اللي مات .. زي امك .... امي علمتني .
ابتسم على براءة شهد وتفكيرها الطفولي قال وهو يتذكر شي غاب عنه وكأنه يكلم نفسه بصوت عالي
: صدقتي ياشهد شادن يتيمه . يتيمه وماعندها ام ولا اخو . انتي ذكية ياشهد ماشاء الله عليك . يالله ادخلي لبيتكم واقفلي الباب زين .
دخلت شهد لبيتهم وهي تجري وهو سرح بعقله لبعيد وكمل بصوت مسموع : وماعندها زوج بعد ياشهد . وحيده وماعندها احد .
حس انه مخنوق ..
دخل البيت وطلع فوق لغرفتها ..
دق الباب مرتين مافتحت وحاول يفتحه بس حصله مقفول . .
رجع لغرفته ..
ياليته يقدر يبكي مثلها ..
كان يخفف لو شي بسيط من اللي بداخله
بس دموعه قتلها من سنين ..
من يوم ماعرف بمرضه وهو حاكم عليها بالاعدام .
حتى التوجد على الحياه وعلى الفرح الحقه البكا والتشكي .
دفنهم وحرم حياتهم ونبش قبورهم في حياته ..
الدنيا تبي مواجهه وقوة ..
والحياة رغم صعوبتها الا انه لابد يكون قد الحمل ويعيشها ويتعايش معها .
تمدد على سريره واخذ دفتره الاسود الكبير اللي يكتب فيه متى مااشتهى وقعد يخط بعض الحروف المعبرة ..
***
يوم الجمعه ..
اذن المغرب وهي تمشي في سور البيت ..
كانت تدعي ربها من صلاة العصر لأن فاطمة نصحتها بتكثيف الدعاء من بعد صلاة الجمعه لأذان المغرب ..
قد تصادف ساعة استجابة فلا يرفض لها الله دعوة او طلب ..
كانت موجهه بيدينها وبقلبها للسماء وتلهج بدعوات وأمنيات ورجاء وماحست في الدنيا الا بعد ماصرخ مشاري وهو يدور في البيت ..
: ياسارة .. ياسااارونه ... ياسوسو .. ولما ماردت عليه نادى بصوت اعلى : ياااااااااسويرة ..
وصلت عنده قالت : خير يامشمش اش عندك سمعت الجيران صوتك وانت تنادي عليّ . من زين الاسم اللي تناديني فيه .
جاها يمشي والضحكه تهلل وجه قال : ههههههههههههههههه وش احلى من سويرة . .. المهم عندي لك اخبار حلوة ان شاء الله انها تعجبك .
: خير ان شاء الله ..؟
: ابشرك الله اظهر الحق ياسارة .. خالد ظهر على حقيقته وبالجرم المشهود .. وماباقي الا نرفع عليه قضية طلاق وهذي مضمونه مية بالمية بإذن الله .
كانت ملامحها تعبر عن عدم فهمها وعدم رغبتها في الفهم ..
ماتبي تنصدم فيه اكثر من كذا ..
قالت : مشاري لاتقول لي شي مو لازم اعرف شي عنه .
مسك يدها ولف يده من ورى كتفها قال : الا ياسارة لازم تعرفين وتفهمين كل شي .. لاتكونين سلبيه والسكوت عمره ماكان حل لمشكلتك ... واجهيها وناقشيها وربي بيساعدك ان شاء الله ..
ماشاف منها رد وكمل : تعالي ادخلي وراح اقول لك على كل شي .
بلعت ريقها وسلمت امرها لله واستسلمت لاخوها ومشت معاه من دون ماتتكلم ..
وصلوا للصاله وجلست على اقرب كنبه وابوها قدامها يكلم امها بحديث جانبي وموطي صوته ..
شافها ابوها وفتح لها يدينه قال : وين اختفيتي ساعه ندور عليك .. تعالي هنا في حضن ابوك . ليش حبيبة ابوها تجلس بعيد عنه ..؟
جلست بجنب ابوها وهي تنقل نظرها بين وجه امها المتجهم والمصدوم وبين وجه مشاري اللي يتهلل والدنيا مو سايعته من الفرح .
قال ابوها : الحمد لله ان ربي فرج لنا من اوسع ابوابه من هالابتلاء ياسارة .
طالعت في ابوها بخوف وكأنها في مواجهه لأصعب موقف تمر به في حياتها ..
مست شفايفها تجبرها على الابتسامه قالت : الحمد لله .
قال مشاري : يبه تقول لها وشلون ربي فكنا منه ولا اقول انا .
انسحبت امهم واعطتهم ظهرها وهي تقول بقرف : بالله كرموا مجلسنا من هالسيرة .
لحقت امها بنظراتها وعرفت ان الموضوع فيه يمس الشرف ولا يمت للطهر بصلة .
تكلم ابوها على طول : خالد مسكته الهيئة البارحه في الرياض وهو متلبس .
رد مشاري : اللهم لاشماته .. تدرين اش قضيته ..؟
هزت راسها بلا وهي مابين تبي تعرف وماتبي ..
كمل مشاري بعد ماشاف ابوه مستحي منها او متردد يجيب هالموضوع قدام بنته قال : لواط والعياذ بالله .. وسكر ورقص ومجون وخلوة غير شرعيه في الاستراحه اللي قبضت الهيئة عليه فيها ..
ماتحرك منها ساكن وكأن الله ثبتها بيقينها وقوة ايمانها ..
ردة فعلها على عكس ماتوقعوا ..
يمكن عشرة فاطمة بثتها قوة الايمان والقناعه والصبر
ويمكن الايام اللي راحت تخيلت كل شي عنه ومااستغربت هالكلام ..
وقفت وقالت : الحمد لله اللي فرج لي منه .. الحمد لله ياربي ..
باست راس ابوها وكملت : يبه من بكرة طالبوا بطلاقي واذا تبغوني اسوي لكم توكيل سويت ..
قاطعها مشاري قال : بتروحين معانا للشيخ وهو راح يطلق منه غصب . وبهالمناسبة ..
قاطعه ابوه : اجل مناسباتك لبعدين ولاتفرح على خالد يامشاري ادع له بالهداية والصلاح لاتبتلى .
: الله يهديه ومن هم على شاكلته . انا فرحان يايبه لأن جزء من الوباء المتحرك بين الناس انسجن وافتكوا عيال خلق الله من اذاه .
طلعت لغرفتها فوق وهي تسمع ابوها ينصح مشاري من رفقة السوء ويقول له على اسباب الشذوذ يمكن من البيئة او التربية او انه مريض نفسي او ان الشيطان عرف يدخل له من مدخل لأن ايمانه ضعيف ودينه مختل ..
هي من النوع اللي ماتقدر تعيش بهمومها لوحدها
وبُعْد شادن خلاها تلجأ لفاطمة بلسم جروحها وماخابت يوم خلتها مكان شادن وصارت لها الصاحبه الصالحه والرفيقه اللي تحثها للخير والصلاح ..
دقت عليها وسردت لها اللي صار بالحرف ..
باركت لها فاطمه ظهور الحق قبل ماتتورط معاه وان حبسه ورحم عيال الناس من شره وغثاه ..
ونصحتها بالصبر والصلاة والتفاؤل وحب الحياة لأن فيها اجمل من خالد وذكرياته وهمومه ..
***
صحت من بدري ولبست تنورة جينز وبلوزة لونها سماوي بكم طويل وزارير من قدام وتحتها بدي ابيض يغطي اعلى صدرها ..
نزلت تحت وشافت جدتها وتوجهت لها على طول ..
قالت وهي تبتسم : صباح الخير ياوجه الخير ..
ردت جدتها وهي تقصر على صوت الراديو قالت : صباح النور والسرور يالغاليه .. تعالي افطري معي .
: سامحيني ياجدتي مانزلت بدري افطرك انشغلت بلبسي عشان مايفوتني الوقت .. لكن من بكره ان شاء الله بحط المنبه على سته بالضبط اسوي فطورك وارجع البس ..
: لا وانا جدتتس ماعليتس مني ولاتقومين بدري عشاني .. يسد انتس تسوين فطوري من اسبوعين وانتي توتس عروس .. غيرتس يشيلن نوم للظهر وانتي تقومين من صباح الله علشاني ..
سلمت على راسها قالت : مو اقوم عشان الغاليه ؟ .. مو انا اخدم جدتي الغالية وام ابوي الغالي الله يرحمه ؟ .. قولي بس آمين ان الله يقدرني وارضيك عني .
: الله يرضى عليتس ويسهل امورتس ويستر عليتس ويرحم اللي جابتس .
: طيب جدتي بمشي للمدرسة انا الحين .. وبمر على عمتي فوزية آخذ شهد بطريقي .
: هالحين ورى ماتخلين عماد يوديتس بدال ماتمشين مع هالتربان وانتي مغطيتن وجهتس حتى عيونتس مغطيتها .
لبست عبايتها وهي تقول: حرام اصحيه عشان خمس دقايق .. بعدين انا عادي متعودة على الغطى .. والمشي صحه ياجدتي .. بس الله يستر انا خوافه خاصة بجنب بيت ام جواهر كل مانمر من عند بيتها انا وشهد زمان تفتح شباكها تراقبنا ولا تنادينا والناس تسمع صوتها .
اخذت شنطتها ..
واعطت جدتها ظهرها وهي تقول : دعواتك ياجدتي .
وقفت بمكانها وتسمرت لمن جاها صوت عماد من وراها وهو ينزل الدرج قال : لاتروحين اصبري انا اللي اوصلك .
طالعته وهو لابس ثوبه الابيض ويقفل ازاريره وبدون شماغ وعيونه شبه مغمضه قالت : مايحتاج ..
قاطعها بصوت كله نوم : الحقيني بس .
ركب السيارة وشغلها وسند راسه على المرتبه ينتظرها ..
وهي وقفت على البوابه محتارة ومستحيه ..
تركب معاه ولا تقول له ينزل وهي تروح مشي ..؟
واذا راحت معاه فين تركب .؟
" ياربي شو هالاحراج .. "
تقدمت لمن شافته رفع راسه وطالعها وهي بمكانها وفتحت الباب اللي ورى ..
التفت عليها يحسب انها بتحط شنطتها بس تفاجأ انها ركبت وجلست ورى ..
قال بلهجة امر : انزلي اركبي قدام .
: عادي كذا مرتاحه ...!
: انزلي اركبي قدام لاتفضحينا بخلق الله ..
تذكرت لو احد شافها انها بتصير نكتة الموسم ..
نزلت وركبت قدام وهي تلوذ بالباب من قربه ..
وهو حرك سيارته قال : لاتفكرين تروحين مشي بعد اليوم .
ردت بصوت هادي وهي تطالع بالبيوت اللي تمر السيارة بجنبها
: اليوم انت فيه .. بس بكرة مو اكيد اش اسوي ؟ .. اقعد ؟.
التفت عليها قال : شادن ..
التفتت عليه من دون ماتتكلم قال : انا مسؤول عنك هنا .. سكت ثواني وكمل .. عموماً السواق بيجي اليوم ان شاء الله .
حست انه غير الكلام اللي كان بيقوله ..
وفضلت انها تسكت .رغم انها دايماً تتمنى لو يكلمها حتى تعرفه اكثر ..
هو بالنسبة لها لغز كبير وصعب تحله اذا هو ساكت ومايتجاوب معاها الا لاتسوين لاتتدخلين فيني .
وقف قدام المدرسة واخذت شنطتها ونزلت قال : اليوم راح اجي على 12 ونص آخذك .
: بس انا مااطلع الا وحده اليوم السبت وفيه حصص نشاط .
: اها حسبتك تطلعين مع شهد ... اجل اجيك وحده ان شاء الله .
نزلت وسكرت الباب ودخلت المدرسة اول و حده قابلتها الخاله مزون اللي استقبلتها ووقفت بمشقه وسلمت عليها وباركت لها ..
توجهت للإدارة وهي تاخذ نفس عميق وتهدي نفسها استعداداً لأي تلطيش من نوف ولا كلمة ترفع لها ضغطها خاصة انها مو مستعده تسمع منها او من غيرها أي كلمة تنرفز ..
دخلت الادارة وهي تقرا المعوذات وآية الكرسي علّها تهديها وتسكن نفسها ..
آخر شي توقعته انها تشوف المديرة غير ..
كانت صدمه جمدت شادن في مكانها لثواني وهي فاتحه فمها وعيونها ..
هذي نوف ولا مغيرين المديرة بوحدها تشبه لها
الشعر اللي كانت لامته كعكه ولافته بمنديل ولا ماسكته بربطه عادية ..
الحين مفتوح وقصير لحد الكتف ولونه هاي لايت طالع حلو على ان نوف سمرا ..
وملونة شفايفها بأحمر صارخ ..
حاطه مكياج ثقيل ..
والحواجب مشقرتها ومغيرة من شكلها نهائي .
اما عيونها كانت مكحلتها باسود من داخل وراسمتها من برا ..
وقفت لها نوف وجات تسلم عليها ..
لا لا هذي مو معقوله تكون نوف ..!!
وتقوم تسلم .. ؟
سبحان المغير .. !!
حتى ملابسها غيرتها .. !!
كانت لابسة تنورة لونها زيتي وبلوزة تفاحي ومقلمة بفوشي ..
بعد التنورة السودا والكم بلوزة عادية ..
تكلمت وتأكدت شادن انها نوف بعد ماكانت بتجزم انها وحده ثانيه ..
: هلا ابلا شادن وشلونتس .
ابتسمت شادن ورفعت حاجبها
قالت : الحمد لله بخير . نعيماً .
طالعت بشكل شادن اللي ماتغير عن قبل زواجها
وابتسمت بانتصار قالت : الله ينعم عليتس .. تفضلي .
: ها ..؟ لا لا مشكورة بروح اشوف البنات يمديهم وصلوا .
طلعت لغرفة المدرسات اللي دوبهم وصلوا ..
واستقبلتها خلود بالاحضان ..
وبعد التباريك والسؤال عن الاخبار توجهوا للطابور اللي ابتدا ..
قربت منها خلود قالت : شادن شفتي نوف اش عاملة .
: ايوه ماشاء الله عليها طالعه حلوة بس خلود تكفين لانتكلم فيها مو ناقصة ذنوب على الصباح ..
ردت خلود وهي تضحك : خليني اقول لك عن اسئلتها لنوير عنك .
: لاوالله فكينا من سيرتها مانبي ناكل لحمها .. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد الا اله الا انت استغفرك اللهم وأتوب اليك .
كررت خلود نفس الدعاء واصغوا اسماعهم للإذاعة الصباحية ..
وخلود تضحك وتقول : شكلي بتطوع على يدك ياشدون .
ردت شادن وهي تبادلها الضحك : خليني اتطوع انا اول .. الله يهدينا بس .. خلاص اسكتي بدأ القرآن .
***
رجع للبيت وهو ساكت وتفكيره يجيبه ويوديه ..
ماقدر يكلمها ..
موقفه وحياته اصعب من كل الكلام ..
قالت جدته اللي تشرب من قهوتها الشعير : اشوا انك وديتها .
جلس بجنب جدته وصب له فنجال قال : جدتي ماابيها تطلع تمشي بين البيوت نبهي عليها ماودي ازعلها ولا اضغط عليها .. كلها يومين ويجي السواق الجديد .. تروحون وتجون معه ماابي ولا وحده منكم تطلع تمشى بين البيوت .
: انت لو علمتها باللي تبيه ماتخالفه .. حتى يوم راحت معي للدكتورة قالت اخاف ان عماد يزعل ان طلعت امشي .
طالع بجدته شوي ...
وانكسر بداخله شي ..
ليه تفرض نفسها عليه ..
وليه تفرض احترامها على الكل ..
بدءاً به هو وجدته وانتهاءً بحريم الحارة اللي يشكرون فيها وتعلمه فوزية عن كلامهم ...
قال : الشهادة لله هي سنعه وماشفت منها الزلة من يوم جاتني .
: وانا اشهد وانا امك . بس تراك مقصر معها .. مااشوفك تداريها ولاتقعد معها ..
وقف وقاطعها قال : الله يرضى لي عليتس انتي تبين اللي اعيده ازيده .. ماقلت لتس على الظروف اللي صارت لنا بعد سالفة فهد .. ان شاء الله اعوضها الايام الجاية .
هزت راسها بعدم اقتناع قالت : الله يوفقكم ويرزقكم .
كان بيطلع بعدين رجع لها قال : تروحين معي للمزرعه ؟ اليوم نبي ننقل اشجار الحنا من مزرعتنا الاولى تعالي اشيري عليّ بالمكان اللي يصلح لها .
: والجوافه ماتبينا نجيبها ؟
: لا الجوافه بتحشر الاشجار فكينا منها ومن ريحتها .
: هاناد الشغاله خلها تجيب لك فطور وخلنا نمشي قبل ماتحتر الشمس .
: امشي بس ... مابي فطور الحين . بقولها تجهز القهوة ناخذها معنا والتمر قدامنا بالمزرعه .
مر على الشغاله قال لها تجهز له القهوة وتحطها بسله ومعاها فناجيلها ..
وطلع بجدته للمزرعه بعد عشر دقايق ..
في السيارة ..
كانت جدته تسولف وهو يفكر وشلون يتركها لوحدها ويروح للمزرعه الصغيرة اللي في آخر القرية ..
قال لجدته : تراني ابي امر على فوزية وآخذها معنا .
: وشو له تقومها من نومها مايمديها رقدت الا بعد الفجر .
: خليها تقوم مع المسلمين .. ابيها تقعد معتس في المزرعه وانا ابي اروح للمزرعه الثانية اجيب الاشجار ..
: ها سو اللي تبيه ويجوز لك .!
وقف عند بيت فوزية ودق عليها الباب .. وفتحت لهم الشغاله ..
دخل وقال لها تنادي المدام بسرعه ..
وبعد دقايق قليله جات فوزية لابسه روب طويل وعيونها كلها نوم يادوب تفتح قالت : عماد خير امي فيها شي .؟
: لا ابد محد فيه شي بس قومي اغسلي وجهتس والبسي وتعالي مع جدتي للمزرعه .
: لاحوووول وش هالصبح ...
قاطعها : ماعندي وقت عجلي وراي مية شغله .
: زين ..وعبدالعزيز ..؟
: امر عليه الظهر اخليه يجي عندنا . بس عجلي خمس دقايق وانتي جاهزة .
: طيب ..
رجع لسيارته وبعد وقت قصير كانوا كلهم في المزرعه ..
فوزية معصبة وزعلانه من ازعاجهم لها..
وام ناصر تبارك المزرعه اللي انعشها جوها ونشطها ...
نزلت شغالة فوزية فصولي اللي قعد يلعب وجابت لهم القهوة ..
اخذ عماد فنجال وقام للعمال اللي متفق معاهم يجون من بدري يحفرون الأرض للأشجار اللي بينقلها من المزرعه الثانية لهذي ..
مرت ساعتين ماحس فيها غير العمال وعماد اللي رجع لجدته وفوزية ورمى نفسه على الأرض بتعب ووهن ..
قال : يوووه من التعب انكسر ظهري .. انتبه لفيصل ولد فوزية جاي يمشي ناحيته قال : وخري ولدك يافوزية عني لايطيح علي .
قالت فوزية اللي صحصحت وبدت تسولف بنشاط : حلال فيك وش اللي منكد عليك من الصبح ونكدت علينا معك .
رفع لها راسه قال: الحين ابي اعرف شي واحد ليه انتي مو مثل باقي الحريم .. ؟
: قصدك على شادن .
: شادن وغيرها ..!
: يعني عشان الست شادن تصحى بدري تحسب كل الحريم يقومون مثلها .
قالت ام ناصر : شادن الله يستر عليها مامثلها .
جلس عماد قال : يالله بروح للعمال اقف معهم يمديهم خلصوا حفر .
وقف عماد وراح لعماله وكملن فوزية وامها سوالفهن لحد مااذن الظهر . .
بعد صلاة الظهر خلصوا العمال شغلهم وطلعوا ..
دخل عليهم عبدالعزيز قال وهو يتأمل المزرعه الكبيرة باعجاب
: الغدا اليوم في المزرعه ياابو مشعل .
جاه عماد يمشي وهو ماسك اسفل ثوبه .. مسح حبات العرق اللي انتثرت على جبينه قال : تم ياابو فيصل .!
جلسوا يتقهوون ويسولفون والوقت يمشي محد حس فيه ..
طالع عماد بساعته ووقف على طول قال : انا بروح اجيب اهلي من المدرسه واجيب لكم غداكم .
رد عبدالعزيز وهو يشيل فيصل ويحطه بحضنه قال : جيب لنا شهد معك لاتنساها .
: افا عليك انسى بنتي ..؟
عطاه عماد ظهره وقام عبدالعزيز لفوزية وام ناصر كمل جلسته معاهن افضل من الجلسه لوحده .
***
فصلٌ عاشر
اسبوع من البحث المضني والمتعب والمنهك على ابوفهد وفواز وعماد وبندر اخو فهد
والنتيجة بلاجدوى وكلٍ يرجع خالي الوفاض ..
.
دخل لبيته بعد صلاة العشاء ..
كان الهدوء هو اللي يعم المكان ..
مر على غرفة جدته وشافها فارغه الا من آثارها وريحتها ..
طلع فوق ومر على غرفة شادن .
كان متردد يدخل يدور عليها ويشوفها ولا يرجع ..!
له الحين اكثر من اسبوع ماشافها الا مرة وحده بعد ماجا من جده وكانت مجرد لمحه وهي تدخل غرفتها وماانتبهت له .
" لها حق تطلع مع جدتي وتروح للمكان اللي تبي ..
اصلاً وش انا في حياتها اللي انتظر منها استئذان ولا انتظار .. "
زفر وهو يتذكر انه اخذ في جده خمسه ايام ثم ر جع في الليل وصبح اليوم الثاني وهو رايح يدور على فهد في البر مع بندر وخاله فواز ..
ضاقت عليه الدنيا وهذا حاله ووضعه مع هالبنت اللي مالها ذنب الا انها ربطت مصيرها فيه ..
بس سرعان ماتنهد بارتياح يجهل سببه وغمض عيونه باطمئنان وهو يسمع صوت حركة في الغرفه تدل على وجودها فيها ...
ماتردد لحظة وحده انه يمد يده ويفتح الباب اللي بينه وبينها ..
كانت مسنده بظهرها على السرير وممدده رجولها وتقرأ في مجله ..
اول ماشافته فزت من مكانها ووقفت ..
طالعها وهي لابسة جلابية لونها كحلي ناعمه وعادية ..
ولامة شعرها بشباصة ووجهها خالي من أي اضافات للزينه ..
هي كذا مغرية وجذابة بدون رتوش او اضافات ..
والكحلي عليها مبرز لونها الفاتح ومعطيها انوثة اكثر ..
كان نفسه يضمها على صدره بس تذكر العواقب اللي كان يحسب لها الف حساب وهوَّن .
دخل يدينه في جيوبه وكأنه يتفقد شي قال بحيرة : السلام عليكم
صوته الرجولي الحاد والهادي بنفس الوقت اخترق اذانيها ووصل لعمق تفكيرها وعقلها ويمكن شلّه لثواني قليله ..
تجاهلت كل احاسيها المرتبكه ناحيته وردت وهي تتأمل ملامحه التعبانه والمنهكة وتلف المجلة بيدينها بتوتر ..
: عليكم السلام .
فتح فمه من طريقة تدقيقها بوجهه قال : جدتي وينها ..؟
بلعت ريقها وهي جاية تمشي
خوفها عليه يقدمها لناحيته وخجلها منه وتوقعها لردة فعله تعثر خطوتها ..
قالت بارتباك وهي تحاول تستعد لمواجهته لوحده : جدتي عند عمي ناصر .. اش فيك ..؟
طالع في ملابسه المغبره وجسمه قال : ها .. ايه .. يبي لي ادخل اتروش والبس لي شي نظيف .
عطاها ظهره وهو يقول : دخنا في البر ثلاث ايام ورجعنا بدون فايده .
لحقته تمشي وراه قالت بعفويه : لا لا مو عن الملابس .. عماد انت تعبان ..؟ انت مرة تعبان صح ..؟ شوف وجهك .. وجهك يقول انك تعبان ومااكلت شي ..
بلعت ريقها وقطعت كلامها وهو يلف يطالعها
قريب منها كثير ..
عيونه بالرغم انها تعبانه الا ان فيها شي مايقدر يقول وماتدري وش هو بالضبط ...
قالت بصوت مختنق ووجه مخطوف ومختلف كلية عن اللي قبل : حتى عيونك صفرا وو .. تعبانه .
كان يطالع في وجهها المتوهج ويدينها اللي ماتركت المجله وتبرم فيها كأنها تعبر عن اللي في داخلها ويعصرها ..
قالت : بنزل اسوي لك شي تاكله .. صحيح تذكرت .. ملابسك عندي في غرفتي .
عقد حواجبه قال : وش يجيبها في غرفتك ....
قاطعته بسرعه وهي تقول : جبتها من غرفة الشغالة .. انت مقفل غرفتك وماابغاها تبات عند الشغاله .
دخل غرفته بسرعه قال بصوت مرتفع وكأنه يدور على شي يزعله منها ويبني الحاجز اكثر
قال : هاتيها كلها عندي الحين .. ولاتعيدينها ....
قطع كلامه وهو يشوفها ترجع بسرعه من دون ماتنتظر بقية كلامه ..
انطلقت لغرفتها بسرعه وبعصبية طلعت كل ثيابه من الدولاب وملابسه الداخلية وجات لغرفته نزلتها على سريره وطلعت وهي تقول بحزم اقرب للعصبية وعدم الرضا : بسوي لك شي تاكله على بال ماتتحمم وتلبس .
مارد عليها لأن ماعنده كلام يقوله ولا فيه كلام ينقال لها ..
تنهد بقوة وجلس على السرير
ياكثر ماهو مثقل بالهموم
همه هو اللي قد الجبال ومحد يقدر يشيله بصمت غير اعتى الرجال واصلدهم .
وهمها هي اللي يحسسه بالذنب وتأنيب الضمير ليل ونهار ..
وهم فهد اللي مايندرى وين ارضه من سماه .
من وين تلاقيها ياعماد ولا من وين
اخذ منشفته وروبه ودخل للحمام ..
ليت الانسان اذا غسل جسمه غسل همه معه ..
ليت الهموم تنجلي بالما والصابون كان يغسلها ليل ونهار حتى ينام لو ليلة وحده بدون هموم .
طلع واخذ له حبة من حبوبه اللي تركها واشغله موضوع فهد عنها اكثر من اسبوع ..
لبس ملابسه ونزل تحت لأن ريحة الاكل وصلته فوق وهيجت جوع معدته اكثر .
لمحها وهي في المطبخ ويازين شوفتها وياصعبها بنفس الوقت ..
وين يروح منها وهو اذا شافها ولا قرب منها حس انه على هاوية الخطر .
..
وهي في المطبخ ..
قررت تسوي له بيتزا ..
كوجبة خفيفة ومشبعه بوقت واحد ..
خلصتها بوقت قياسي جداً ..
وقطعتها لقطع متوسطة ورصتها في صينية من الصين المزخرف ..
كانت تحس وهي تشتغل بلا مبالاة غريبة ..
تحس تصرفاتها غبية ومع هذا تستمر فيها ببرود ..
وكأنها استسلمت لوضعها وبدت تتخلى عن كل احساسيها وتعيش ..
المهم انها تعيش وبسلام وسلامه .
دخل عليها عماد وهي ترص بيالات الشاهي في الصينية ..
تنحنح قال : ماكان تكلفتي .
رفعت حاجبها وهي ترجع كم جلابيتها الواسع واللي يضايقها اذا بغت تشتغل .. قالت : روح اجلس في الصاله وانا اجيب لك الاكل .
مد يده واخذ قطعة بيتزا ..
قالت : ترى ماحطيت فلفل عشانك .
وكأن ربي يجيب له الفرص حتى يكلمها بجفاء ويبتعد عنها وتبعد عنه اقل شي بالتفكير وعدم الانجذاب ..
عقد حواجبه وهو يطالعها قال : احد قايل لتس اني مااحب الفلفل ..؟
لفت واعطته ظهرها وراحت تغسل يدينها من المغسله وردت : مو لازم احد يقول .. اللي عنده قولون المفروض ماياكل فلفل و لا بهارات .
شال صينية البيتزا في يد وصينية الشاهي بيده الثانية قال : اذا بغيتي تسوين شي مرة ثانية لاتفكرين فيني ..
طلعت من المطبخ بسرعه وهي تتأفف ..
وقطع كلامه وهو يشوفها تشمي بسرعه وصوت الأوووف اللي تحاول كبته وطلعه القهر واصله بوجع واوجعه اكثر ..
توجهت للدرج وطلعت وتفكيرها مشغول ومزحوم بالأفكار ..
ماابغى اسمعه اكثر
ولا ابغاه يقول مالك دخل فيني ..
وصلت غرفتها وسكرت الباب عليها بقوة
ورمت نفسها على سريرها
حطت يدينها على وجهها وهي تتنهد بقوة ..
" خلاص ياربي ماعاد اقدر اتحمل والله ماعاد فيني .. "
اشوا انها بكرة بترجع للدوام وبتنشغل عنه وعن التفكير فيه ومشاكله ..
كشرت وهي تتذكر ان بكرة يوم جديد ومختلف
حياتها دايما فيها ثنائيات للمشاكل
اول خالها وصالح
ثم نوف ومشكلة زواجها
ثم لازالت نوف وحياتها مع عماد ..
يعني تصارع في المدرسة وتصارع في البيت
والضحية احاسيسها ومشاعرها ونفسيتها ويمكن هدر كرامتها جاي في الطريق ..
زفرت بآهه مخنوقة ووراها كم هائل من الآهات المكبوته
مشتهية تبكي حتى ترتاح .
البكا عندها سلاح وعلاج من صغرها ..
والدموع تريحها كثير وتكفيها الشكوى والفضفضة دايماً ..
حطت يدها على جبينها وهي تفكر في بكرة
كيف بتواجه عماد بعد تصرفها معاه .
قلبها وعقلها يقولون حلال فيه ويستاهل وهذا حقه اللي يستحقه بعد كلامه لها وتجاهله وغيابه عن بيته ..
والمنطق والعقل والمفروض يقولون لها لا ..
كان خليتيه يتكلم ولاتجاهلتيه
كان سمعتيه يقول اللي عنده ورديتي برد محترم ولا أي رد المهم ماتطنشين ..
هذا مهما كان زوجك .. ورجل ..
رجل ياشادن ..!
واجب تسمعينه وتقدرينه ..
لأن التطنيش يعتبر اهانه ..
مو كذا كان نايف دايما يقوله لك ..؟
انا رجال وكلمتي تنسمع ..!!
وياويلك لو اعطيتيني قفاك وانا اتكلم . !!
نزلت منها دمعه حارة لمجرد ذكر نايف وسيرته العطرة
ياقلبي يانايف ليت عماد يشيل نص قلبك
ليت كلمة عماد عليّْ مثل كلمتك
كان اتحمله واتقبله واعيش معاه للأبد وانا راضية ..
ضمت مخدتها وهي ترحب بالسيرة اللي هيضت شجونها وبتتكفل بسكب الدموع وهلّها ..
بكت بحرقه ووجع وصوتها يعلو بنحيب ...
كأنها كانت تبحث عن شي غير عماد يفتح المجال لسيل الدموع .
راحت تجيب القديم والجديد
امها ..
اشتاقت لريحتها ودفى حضنها
اشتاقت لنايف وحضنه لها بكل حنان الأبوة والأخوة ..
اشتاقت لغرفتها بكل ذكرياتها ماعدا صالح وسيرته ..
اشتاقت لسارة ..
زاد نحيبها وهي تتذكر سارة
ياكثر ماهي مشتاقة لها ..
مرت عليها ساعه وهي تبكي ..
محتاجه احد يحضنها ويقول ليه تبكين
فضفضي وقولي وافتحي لي قلبك
بس من ..؟
من وين تجيب من يخفف عنها ..؟
سمعت صوت دقات خفيفه عند الباب وصوت شهد تناديها ..
: شادن عماد يقول تعالي تحت جدتي جات .
تغطت شادن بلحافها قبل شهد تدخل وسوت نفسها نايمه .
نادتها شهد وهي تفتح الباب وتقرب من السرير ..
قالت : شادن قووومي انا جيت عندكم عشان ابغى اسألك انتي وعماد سؤال مهم . شااااادن .
: شااادن قومي .. صحيح انتي وعماد اذا جاكم ولد بتسمونه مشعل ..؟
انقلبت شادن على الجهه الثانية قالت بصوت باكي تحاول تطلعه عادي : شهد حبيبتي انا ابغى انام اخرجي واقفلي الباب وراك .
انسحبت شهد بخيبة واحباط وطلعت برا الغرفه وراحت لعماد تحت بوجه بائس وحزين .
جات جلست بجنبه طالعت في عماد قالت : جدتي راحت تنام .
رد عليها وهو مركز على التلفزيون قال : ايه دخلت تنام .. وش قالت لك شادن ..؟
: تقول ابغى انام .
مسح على راسها قال : يالله اجل انتي بعد قومي روحي لبيتكم عشان تنامين بكرة وراك مدرسة .
: امي تقول بكرة شادن بترجع للمدرسه .
: اووووه اشوا انك ذكرتيني يالله يالله امشي بوصلك لبيتكم . حتى انا ابي انام بدري عشان اصحى بدري .
مشى وهي تمشي معاه ويدها الصغيره متمسكه يده .
وهم في الطريق لبيت اهلها قالت : عماد ليش شادن تبكي ..؟
عقد حواجبه قال : تبكي ..؟
: ممممم ايووه انا شفت عيونها حمرا وخشمها احمر عرفت انها تبكي وعندها مناديل كثييييييرة على الكومدينو .. صح هي تبكي .. عماد انت ضربتها ولا خاصمتها .
تنهد بعمق قال : ماضربتها ولا خاصمتها بس يمكن مزكمة ولايمكن اشتاقت لامها .
: طيب ليش ماتوديها لامها مسكينه ماعندها ام .. وماعندها اخو وابوها مات .. صحيح ابوها خالي خالد اللي مات .. زي امك .... امي علمتني .
ابتسم على براءة شهد وتفكيرها الطفولي قال وهو يتذكر شي غاب عنه وكأنه يكلم نفسه بصوت عالي
: صدقتي ياشهد شادن يتيمه . يتيمه وماعندها ام ولا اخو . انتي ذكية ياشهد ماشاء الله عليك . يالله ادخلي لبيتكم واقفلي الباب زين .
دخلت شهد لبيتهم وهي تجري وهو سرح بعقله لبعيد وكمل بصوت مسموع : وماعندها زوج بعد ياشهد . وحيده وماعندها احد .
حس انه مخنوق ..
دخل البيت وطلع فوق لغرفتها ..
دق الباب مرتين مافتحت وحاول يفتحه بس حصله مقفول . .
رجع لغرفته ..
ياليته يقدر يبكي مثلها ..
كان يخفف لو شي بسيط من اللي بداخله
بس دموعه قتلها من سنين ..
من يوم ماعرف بمرضه وهو حاكم عليها بالاعدام .
حتى التوجد على الحياه وعلى الفرح الحقه البكا والتشكي .
دفنهم وحرم حياتهم ونبش قبورهم في حياته ..
الدنيا تبي مواجهه وقوة ..
والحياة رغم صعوبتها الا انه لابد يكون قد الحمل ويعيشها ويتعايش معها .
تمدد على سريره واخذ دفتره الاسود الكبير اللي يكتب فيه متى مااشتهى وقعد يخط بعض الحروف المعبرة ..
***
يوم الجمعه ..
اذن المغرب وهي تمشي في سور البيت ..
كانت تدعي ربها من صلاة العصر لأن فاطمة نصحتها بتكثيف الدعاء من بعد صلاة الجمعه لأذان المغرب ..
قد تصادف ساعة استجابة فلا يرفض لها الله دعوة او طلب ..
كانت موجهه بيدينها وبقلبها للسماء وتلهج بدعوات وأمنيات ورجاء وماحست في الدنيا الا بعد ماصرخ مشاري وهو يدور في البيت ..
: ياسارة .. ياسااارونه ... ياسوسو .. ولما ماردت عليه نادى بصوت اعلى : ياااااااااسويرة ..
وصلت عنده قالت : خير يامشمش اش عندك سمعت الجيران صوتك وانت تنادي عليّ . من زين الاسم اللي تناديني فيه .
جاها يمشي والضحكه تهلل وجه قال : ههههههههههههههههه وش احلى من سويرة . .. المهم عندي لك اخبار حلوة ان شاء الله انها تعجبك .
: خير ان شاء الله ..؟
: ابشرك الله اظهر الحق ياسارة .. خالد ظهر على حقيقته وبالجرم المشهود .. وماباقي الا نرفع عليه قضية طلاق وهذي مضمونه مية بالمية بإذن الله .
كانت ملامحها تعبر عن عدم فهمها وعدم رغبتها في الفهم ..
ماتبي تنصدم فيه اكثر من كذا ..
قالت : مشاري لاتقول لي شي مو لازم اعرف شي عنه .
مسك يدها ولف يده من ورى كتفها قال : الا ياسارة لازم تعرفين وتفهمين كل شي .. لاتكونين سلبيه والسكوت عمره ماكان حل لمشكلتك ... واجهيها وناقشيها وربي بيساعدك ان شاء الله ..
ماشاف منها رد وكمل : تعالي ادخلي وراح اقول لك على كل شي .
بلعت ريقها وسلمت امرها لله واستسلمت لاخوها ومشت معاه من دون ماتتكلم ..
وصلوا للصاله وجلست على اقرب كنبه وابوها قدامها يكلم امها بحديث جانبي وموطي صوته ..
شافها ابوها وفتح لها يدينه قال : وين اختفيتي ساعه ندور عليك .. تعالي هنا في حضن ابوك . ليش حبيبة ابوها تجلس بعيد عنه ..؟
جلست بجنب ابوها وهي تنقل نظرها بين وجه امها المتجهم والمصدوم وبين وجه مشاري اللي يتهلل والدنيا مو سايعته من الفرح .
قال ابوها : الحمد لله ان ربي فرج لنا من اوسع ابوابه من هالابتلاء ياسارة .
طالعت في ابوها بخوف وكأنها في مواجهه لأصعب موقف تمر به في حياتها ..
مست شفايفها تجبرها على الابتسامه قالت : الحمد لله .
قال مشاري : يبه تقول لها وشلون ربي فكنا منه ولا اقول انا .
انسحبت امهم واعطتهم ظهرها وهي تقول بقرف : بالله كرموا مجلسنا من هالسيرة .
لحقت امها بنظراتها وعرفت ان الموضوع فيه يمس الشرف ولا يمت للطهر بصلة .
تكلم ابوها على طول : خالد مسكته الهيئة البارحه في الرياض وهو متلبس .
رد مشاري : اللهم لاشماته .. تدرين اش قضيته ..؟
هزت راسها بلا وهي مابين تبي تعرف وماتبي ..
كمل مشاري بعد ماشاف ابوه مستحي منها او متردد يجيب هالموضوع قدام بنته قال : لواط والعياذ بالله .. وسكر ورقص ومجون وخلوة غير شرعيه في الاستراحه اللي قبضت الهيئة عليه فيها ..
ماتحرك منها ساكن وكأن الله ثبتها بيقينها وقوة ايمانها ..
ردة فعلها على عكس ماتوقعوا ..
يمكن عشرة فاطمة بثتها قوة الايمان والقناعه والصبر
ويمكن الايام اللي راحت تخيلت كل شي عنه ومااستغربت هالكلام ..
وقفت وقالت : الحمد لله اللي فرج لي منه .. الحمد لله ياربي ..
باست راس ابوها وكملت : يبه من بكرة طالبوا بطلاقي واذا تبغوني اسوي لكم توكيل سويت ..
قاطعها مشاري قال : بتروحين معانا للشيخ وهو راح يطلق منه غصب . وبهالمناسبة ..
قاطعه ابوه : اجل مناسباتك لبعدين ولاتفرح على خالد يامشاري ادع له بالهداية والصلاح لاتبتلى .
: الله يهديه ومن هم على شاكلته . انا فرحان يايبه لأن جزء من الوباء المتحرك بين الناس انسجن وافتكوا عيال خلق الله من اذاه .
طلعت لغرفتها فوق وهي تسمع ابوها ينصح مشاري من رفقة السوء ويقول له على اسباب الشذوذ يمكن من البيئة او التربية او انه مريض نفسي او ان الشيطان عرف يدخل له من مدخل لأن ايمانه ضعيف ودينه مختل ..
هي من النوع اللي ماتقدر تعيش بهمومها لوحدها
وبُعْد شادن خلاها تلجأ لفاطمة بلسم جروحها وماخابت يوم خلتها مكان شادن وصارت لها الصاحبه الصالحه والرفيقه اللي تحثها للخير والصلاح ..
دقت عليها وسردت لها اللي صار بالحرف ..
باركت لها فاطمه ظهور الحق قبل ماتتورط معاه وان حبسه ورحم عيال الناس من شره وغثاه ..
ونصحتها بالصبر والصلاة والتفاؤل وحب الحياة لأن فيها اجمل من خالد وذكرياته وهمومه ..
***
صحت من بدري ولبست تنورة جينز وبلوزة لونها سماوي بكم طويل وزارير من قدام وتحتها بدي ابيض يغطي اعلى صدرها ..
نزلت تحت وشافت جدتها وتوجهت لها على طول ..
قالت وهي تبتسم : صباح الخير ياوجه الخير ..
ردت جدتها وهي تقصر على صوت الراديو قالت : صباح النور والسرور يالغاليه .. تعالي افطري معي .
: سامحيني ياجدتي مانزلت بدري افطرك انشغلت بلبسي عشان مايفوتني الوقت .. لكن من بكره ان شاء الله بحط المنبه على سته بالضبط اسوي فطورك وارجع البس ..
: لا وانا جدتتس ماعليتس مني ولاتقومين بدري عشاني .. يسد انتس تسوين فطوري من اسبوعين وانتي توتس عروس .. غيرتس يشيلن نوم للظهر وانتي تقومين من صباح الله علشاني ..
سلمت على راسها قالت : مو اقوم عشان الغاليه ؟ .. مو انا اخدم جدتي الغالية وام ابوي الغالي الله يرحمه ؟ .. قولي بس آمين ان الله يقدرني وارضيك عني .
: الله يرضى عليتس ويسهل امورتس ويستر عليتس ويرحم اللي جابتس .
: طيب جدتي بمشي للمدرسة انا الحين .. وبمر على عمتي فوزية آخذ شهد بطريقي .
: هالحين ورى ماتخلين عماد يوديتس بدال ماتمشين مع هالتربان وانتي مغطيتن وجهتس حتى عيونتس مغطيتها .
لبست عبايتها وهي تقول: حرام اصحيه عشان خمس دقايق .. بعدين انا عادي متعودة على الغطى .. والمشي صحه ياجدتي .. بس الله يستر انا خوافه خاصة بجنب بيت ام جواهر كل مانمر من عند بيتها انا وشهد زمان تفتح شباكها تراقبنا ولا تنادينا والناس تسمع صوتها .
اخذت شنطتها ..
واعطت جدتها ظهرها وهي تقول : دعواتك ياجدتي .
وقفت بمكانها وتسمرت لمن جاها صوت عماد من وراها وهو ينزل الدرج قال : لاتروحين اصبري انا اللي اوصلك .
طالعته وهو لابس ثوبه الابيض ويقفل ازاريره وبدون شماغ وعيونه شبه مغمضه قالت : مايحتاج ..
قاطعها بصوت كله نوم : الحقيني بس .
ركب السيارة وشغلها وسند راسه على المرتبه ينتظرها ..
وهي وقفت على البوابه محتارة ومستحيه ..
تركب معاه ولا تقول له ينزل وهي تروح مشي ..؟
واذا راحت معاه فين تركب .؟
" ياربي شو هالاحراج .. "
تقدمت لمن شافته رفع راسه وطالعها وهي بمكانها وفتحت الباب اللي ورى ..
التفت عليها يحسب انها بتحط شنطتها بس تفاجأ انها ركبت وجلست ورى ..
قال بلهجة امر : انزلي اركبي قدام .
: عادي كذا مرتاحه ...!
: انزلي اركبي قدام لاتفضحينا بخلق الله ..
تذكرت لو احد شافها انها بتصير نكتة الموسم ..
نزلت وركبت قدام وهي تلوذ بالباب من قربه ..
وهو حرك سيارته قال : لاتفكرين تروحين مشي بعد اليوم .
ردت بصوت هادي وهي تطالع بالبيوت اللي تمر السيارة بجنبها
: اليوم انت فيه .. بس بكرة مو اكيد اش اسوي ؟ .. اقعد ؟.
التفت عليها قال : شادن ..
التفتت عليه من دون ماتتكلم قال : انا مسؤول عنك هنا .. سكت ثواني وكمل .. عموماً السواق بيجي اليوم ان شاء الله .
حست انه غير الكلام اللي كان بيقوله ..
وفضلت انها تسكت .رغم انها دايماً تتمنى لو يكلمها حتى تعرفه اكثر ..
هو بالنسبة لها لغز كبير وصعب تحله اذا هو ساكت ومايتجاوب معاها الا لاتسوين لاتتدخلين فيني .
وقف قدام المدرسة واخذت شنطتها ونزلت قال : اليوم راح اجي على 12 ونص آخذك .
: بس انا مااطلع الا وحده اليوم السبت وفيه حصص نشاط .
: اها حسبتك تطلعين مع شهد ... اجل اجيك وحده ان شاء الله .
نزلت وسكرت الباب ودخلت المدرسة اول و حده قابلتها الخاله مزون اللي استقبلتها ووقفت بمشقه وسلمت عليها وباركت لها ..
توجهت للإدارة وهي تاخذ نفس عميق وتهدي نفسها استعداداً لأي تلطيش من نوف ولا كلمة ترفع لها ضغطها خاصة انها مو مستعده تسمع منها او من غيرها أي كلمة تنرفز ..
دخلت الادارة وهي تقرا المعوذات وآية الكرسي علّها تهديها وتسكن نفسها ..
آخر شي توقعته انها تشوف المديرة غير ..
كانت صدمه جمدت شادن في مكانها لثواني وهي فاتحه فمها وعيونها ..
هذي نوف ولا مغيرين المديرة بوحدها تشبه لها
الشعر اللي كانت لامته كعكه ولافته بمنديل ولا ماسكته بربطه عادية ..
الحين مفتوح وقصير لحد الكتف ولونه هاي لايت طالع حلو على ان نوف سمرا ..
وملونة شفايفها بأحمر صارخ ..
حاطه مكياج ثقيل ..
والحواجب مشقرتها ومغيرة من شكلها نهائي .
اما عيونها كانت مكحلتها باسود من داخل وراسمتها من برا ..
وقفت لها نوف وجات تسلم عليها ..
لا لا هذي مو معقوله تكون نوف ..!!
وتقوم تسلم .. ؟
سبحان المغير .. !!
حتى ملابسها غيرتها .. !!
كانت لابسة تنورة لونها زيتي وبلوزة تفاحي ومقلمة بفوشي ..
بعد التنورة السودا والكم بلوزة عادية ..
تكلمت وتأكدت شادن انها نوف بعد ماكانت بتجزم انها وحده ثانيه ..
: هلا ابلا شادن وشلونتس .
ابتسمت شادن ورفعت حاجبها
قالت : الحمد لله بخير . نعيماً .
طالعت بشكل شادن اللي ماتغير عن قبل زواجها
وابتسمت بانتصار قالت : الله ينعم عليتس .. تفضلي .
: ها ..؟ لا لا مشكورة بروح اشوف البنات يمديهم وصلوا .
طلعت لغرفة المدرسات اللي دوبهم وصلوا ..
واستقبلتها خلود بالاحضان ..
وبعد التباريك والسؤال عن الاخبار توجهوا للطابور اللي ابتدا ..
قربت منها خلود قالت : شادن شفتي نوف اش عاملة .
: ايوه ماشاء الله عليها طالعه حلوة بس خلود تكفين لانتكلم فيها مو ناقصة ذنوب على الصباح ..
ردت خلود وهي تضحك : خليني اقول لك عن اسئلتها لنوير عنك .
: لاوالله فكينا من سيرتها مانبي ناكل لحمها .. سبحانك اللهم وبحمدك اشهد الا اله الا انت استغفرك اللهم وأتوب اليك .
كررت خلود نفس الدعاء واصغوا اسماعهم للإذاعة الصباحية ..
وخلود تضحك وتقول : شكلي بتطوع على يدك ياشدون .
ردت شادن وهي تبادلها الضحك : خليني اتطوع انا اول .. الله يهدينا بس .. خلاص اسكتي بدأ القرآن .
***
رجع للبيت وهو ساكت وتفكيره يجيبه ويوديه ..
ماقدر يكلمها ..
موقفه وحياته اصعب من كل الكلام ..
قالت جدته اللي تشرب من قهوتها الشعير : اشوا انك وديتها .
جلس بجنب جدته وصب له فنجال قال : جدتي ماابيها تطلع تمشي بين البيوت نبهي عليها ماودي ازعلها ولا اضغط عليها .. كلها يومين ويجي السواق الجديد .. تروحون وتجون معه ماابي ولا وحده منكم تطلع تمشى بين البيوت .
: انت لو علمتها باللي تبيه ماتخالفه .. حتى يوم راحت معي للدكتورة قالت اخاف ان عماد يزعل ان طلعت امشي .
طالع بجدته شوي ...
وانكسر بداخله شي ..
ليه تفرض نفسها عليه ..
وليه تفرض احترامها على الكل ..
بدءاً به هو وجدته وانتهاءً بحريم الحارة اللي يشكرون فيها وتعلمه فوزية عن كلامهم ...
قال : الشهادة لله هي سنعه وماشفت منها الزلة من يوم جاتني .
: وانا اشهد وانا امك . بس تراك مقصر معها .. مااشوفك تداريها ولاتقعد معها ..
وقف وقاطعها قال : الله يرضى لي عليتس انتي تبين اللي اعيده ازيده .. ماقلت لتس على الظروف اللي صارت لنا بعد سالفة فهد .. ان شاء الله اعوضها الايام الجاية .
هزت راسها بعدم اقتناع قالت : الله يوفقكم ويرزقكم .
كان بيطلع بعدين رجع لها قال : تروحين معي للمزرعه ؟ اليوم نبي ننقل اشجار الحنا من مزرعتنا الاولى تعالي اشيري عليّ بالمكان اللي يصلح لها .
: والجوافه ماتبينا نجيبها ؟
: لا الجوافه بتحشر الاشجار فكينا منها ومن ريحتها .
: هاناد الشغاله خلها تجيب لك فطور وخلنا نمشي قبل ماتحتر الشمس .
: امشي بس ... مابي فطور الحين . بقولها تجهز القهوة ناخذها معنا والتمر قدامنا بالمزرعه .
مر على الشغاله قال لها تجهز له القهوة وتحطها بسله ومعاها فناجيلها ..
وطلع بجدته للمزرعه بعد عشر دقايق ..
في السيارة ..
كانت جدته تسولف وهو يفكر وشلون يتركها لوحدها ويروح للمزرعه الصغيرة اللي في آخر القرية ..
قال لجدته : تراني ابي امر على فوزية وآخذها معنا .
: وشو له تقومها من نومها مايمديها رقدت الا بعد الفجر .
: خليها تقوم مع المسلمين .. ابيها تقعد معتس في المزرعه وانا ابي اروح للمزرعه الثانية اجيب الاشجار ..
: ها سو اللي تبيه ويجوز لك .!
وقف عند بيت فوزية ودق عليها الباب .. وفتحت لهم الشغاله ..
دخل وقال لها تنادي المدام بسرعه ..
وبعد دقايق قليله جات فوزية لابسه روب طويل وعيونها كلها نوم يادوب تفتح قالت : عماد خير امي فيها شي .؟
: لا ابد محد فيه شي بس قومي اغسلي وجهتس والبسي وتعالي مع جدتي للمزرعه .
: لاحوووول وش هالصبح ...
قاطعها : ماعندي وقت عجلي وراي مية شغله .
: زين ..وعبدالعزيز ..؟
: امر عليه الظهر اخليه يجي عندنا . بس عجلي خمس دقايق وانتي جاهزة .
: طيب ..
رجع لسيارته وبعد وقت قصير كانوا كلهم في المزرعه ..
فوزية معصبة وزعلانه من ازعاجهم لها..
وام ناصر تبارك المزرعه اللي انعشها جوها ونشطها ...
نزلت شغالة فوزية فصولي اللي قعد يلعب وجابت لهم القهوة ..
اخذ عماد فنجال وقام للعمال اللي متفق معاهم يجون من بدري يحفرون الأرض للأشجار اللي بينقلها من المزرعه الثانية لهذي ..
مرت ساعتين ماحس فيها غير العمال وعماد اللي رجع لجدته وفوزية ورمى نفسه على الأرض بتعب ووهن ..
قال : يوووه من التعب انكسر ظهري .. انتبه لفيصل ولد فوزية جاي يمشي ناحيته قال : وخري ولدك يافوزية عني لايطيح علي .
قالت فوزية اللي صحصحت وبدت تسولف بنشاط : حلال فيك وش اللي منكد عليك من الصبح ونكدت علينا معك .
رفع لها راسه قال: الحين ابي اعرف شي واحد ليه انتي مو مثل باقي الحريم .. ؟
: قصدك على شادن .
: شادن وغيرها ..!
: يعني عشان الست شادن تصحى بدري تحسب كل الحريم يقومون مثلها .
قالت ام ناصر : شادن الله يستر عليها مامثلها .
جلس عماد قال : يالله بروح للعمال اقف معهم يمديهم خلصوا حفر .
وقف عماد وراح لعماله وكملن فوزية وامها سوالفهن لحد مااذن الظهر . .
بعد صلاة الظهر خلصوا العمال شغلهم وطلعوا ..
دخل عليهم عبدالعزيز قال وهو يتأمل المزرعه الكبيرة باعجاب
: الغدا اليوم في المزرعه ياابو مشعل .
جاه عماد يمشي وهو ماسك اسفل ثوبه .. مسح حبات العرق اللي انتثرت على جبينه قال : تم ياابو فيصل .!
جلسوا يتقهوون ويسولفون والوقت يمشي محد حس فيه ..
طالع عماد بساعته ووقف على طول قال : انا بروح اجيب اهلي من المدرسه واجيب لكم غداكم .
رد عبدالعزيز وهو يشيل فيصل ويحطه بحضنه قال : جيب لنا شهد معك لاتنساها .
: افا عليك انسى بنتي ..؟
عطاه عماد ظهره وقام عبدالعزيز لفوزية وام ناصر كمل جلسته معاهن افضل من الجلسه لوحده .
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
لابسه عبايتها وواقفه عند الباب تنتظره ..
قالت نوير : من بيوصلك لبيتك ياشادن .؟
: زوجي بيجي ياخذني .
: وشهد ؟
طالعت بشهد اللي ماسكه شنطتها وتدور وتلعب عند البوابه قالت : اكيد شهودة معانا .
: اقول شادن انتم مارحتوا ولا سافرتوا رغم ان زوجك مثل ماسمعت بطران . ؟
: لا لسه تعرفين الوقت مرة ضيق وانا مو مرة حريصه على السفر بعدين جدتي فرحانه ومستانسة واحنا عندها خليها لين تشبع منا بعدين نسافر على كيفنا .
قالت خلود لنوير وهي تضحك : اكيد الرادار حقك قال لك على اخبارهم ويدري انهم ماطلعوا ولا راحوا ولا جو .
ضحكت نوير قالت : هههههههههههههههههههه حرام عليك مو لهالدرجه بس تعرفين عيال الحارة يلعبون وسامر يحب عماد وكل ماشافه قال لي بس له كم يوم مايشوفه قلت يمكن راحت شادن معاه .
جات الخاله مزون ( الفراشه ) قالت لشادن اللي تضحك من نوير وخلوود : ابلا شادن ابوعلي يقول زوجك برا اطلعي له .
: حاضر ياخاله انا خارجه . يلا بنات سلام واشوفكم بكرة ان شاء الله .
ردوا : مع السلامه الله معاك .
طلعت شادن هي وشهد وركبت السيارة وشهد ركبت ورى بعد ماسلمت على عماد .
قالت شادن اول ماسكرت الباب : السلام عليكم .
: عليكم السلام .
ساد الصمت دقايق قليله قال عماد : شهودة تبين تروحين تتغدينفي اللمزرعه ؟
: ايه ايه تكفى عماد تبغى نروح وخل شادن تروح معانا .
: طيب بنزلك في المزرعه يالله .
توجه للمزرعه ونزل شهد قالت : شادن انزلي معاي .
قال عماد : روحي ادخلي امك وفصولي قدامك يالله بسرعه .
وقف لحد مادخلت وشاف ابوها يفتح يدينه لها وهي تجري عشان يحضنها .
رجع بالسيارة للبيت قال : بدلي ملابسك وقولي للشغاله تسوي الغدا بوديه لجدتي وفوزية ورجالها في المزرعه .
: حاضر .
: ترى بتروحين معانا .
قالت بتردد : بس زوج عمتي معاكم . !
حس بترددها وحياها وكأنها بتجبر نفسها على الروحه حتى ماتعارضه
قال : ماراح نجلس عندكم .. تعالي عشان جدتي .
هزت راسها وسكتت ماردت عليه ..
نزلت للبيت ومرت على الشغاله في المطبخ ..
فتحت الفريزر وطلعت لحم يكفيهم ..
وراحت تنزل عبايتها في الصاله
جا عماد يمشي ناحيتها قال : امشي وانا ارجع بعد شوي آخذ الغدا .
: لا انا بسوي الغدا .. وبعد ساعه تعال .
سكت ولا رد عليها ..
وتوجه لاقرب كنبة طويلة وتمدد عليها وحط يده على راسه ..
قال : اذا خلصتي صحيني ..
نزلت عبايتها ورجعت للمطبخ ..
قالت الشغاله المتفانية بشغلها ومتحمسه في تقطيع السلطة : مدام لاتحطي زيت كتيير .. عشان مستر عماد .
طالعتها شادن باستغراب قالت : ليش ..؟
: انا يسوي اكل زيت كتير مستر مافي اكل .. يسوي بدون زيت ياكل .
قالت باقتناع وهي تكلم نفسها : الله يعين اللي عنده قولون .
قطعت اللحم وعزلت الشحم عنه نهائي ..
وسمعت كلام الشغاله وتركت الزيت ..
اضطرت انها تحط البصل مع الطماطم والثوم وتحركها مع بعض ..
طبعاً فادتها خبرة امها في الطبخ لمن كانت تطبخ لابوها مريض القلب قبل وفاته ..
اخيراً خلصت الرز البرياني والشغاله غلفت السلطه وحطت الملح في السله مع الكاسات واللبن والمويه والملاعق .. وحظرت الصحون واطباق السلطه ..
فتحت غطا قدر المرقوق حق جدتها واللي بدون ملح ..
وشافته ماباقي عليه شي وانه جاهز طفت عنه ورفعته على جنب ..
وأخذت معاها سفرتين كبار وطلعت بتقول لعماد ان الغدا خلص ..
شافته نايم وغاط في نومه .
كسر خاطرها وشكله تعبان ونايم بعمق ..
قالت بهمس : عماد .
مارد عليها ..
قالت بنفسها " الحين لايكون نومه ثقيل ويبغى لي ساعه عشان يصحى "
نادته مرة ثانيه وبنفس الهمس : عماد . ونفس الحكاية لارد .
: عماد اصحى الغدا جاهز .
رفع يده عن جبينه وفتح عيونه ببطء من دون مايطالعها كأنه مو داري عن نفسه ..
التعب واضح عليه ..
لدرجة انه مايدري وش قالت ولا وين هو ..
قالت بنفس الهمس : عماد الغدا جاهز .
كأنه بدا يستوعب قال : ها .. همممم .. يالله طيب .. اذا خلصتوا قولي لي .
: خلاص جاهزين .
ماسمعها لأنه غمض عيونه وراح في النوم من جديد .
رفعت صوتها اكثر من قبل قالت : عماد .. عماد ترى الغدا بيبرد وانت نايم .
فتح عيونه وجلس ثواني ماتكلم ..
رفع نظره لها قال وهو يوقف : يالله .. البسي على بال مااحطه بالسيارة وقولي للشغاله تمشي .. فوزية تقول لازم تجي .
: اوكي .. انا حضرته كله ماعليه الا تشيله .
رجعت للشغاله قالت لها : روحي ودي السله للسيارة وارجعي خذي القدر الصغير واللبن .
راحت الشغاله تودي الاغراض وجا عماد اخذ القدر الكبير اللي طبخت الغدا فيه .
لبست شادن عبايتها وتغطت وركبت معاه ..
***
" كثر الله خيرك ياابو مشعل .. سلم الله يدين من طبخ اشهد انها راعية بيت "
قالها عبدالعزيز وهو يشرب كاسة اللبن بعد مارفع يده من الصحن .
قال عماد وهو يبتسم : ياجعله هنا وعافيه .. ذكرتني بكلام جدتي الله يطول بعمرها ..
: ياخي خلوا فوزية عندكم اسبوع تعلمها الطبخ والسنع .
: لا تكفى اخاف انها تخرب حرمتي .
: ههههههههههههههههههههههههههههههه لاتظلمها انا يوم اخذتها وهي مااسنع منها بس خربتها ودلعتها .. والحين ماتعرف تسوي حتى الشاهي .
: اجل البلا منك وانا ظالم خالتي .
: ايه لحد يتكلم لها تراها مسكينه .
: هههههههههههههههه عز الله مامسكين الا انت . اقول تبينا نقعد ولا نمشي .
: لاوالله خلنا نمشي انا بعد هالغدا يبي لي قيلولة .
وقف عماد واخذ الصحن رجعه ونادى الشغاله تجي تاخذ السفرة وباقي الاغراض ..
جا عند جدته وهو يشوف المرقوق عندها قال : افا مسوين لتس مرقوق وحنا لا ؟
قالت ام ناصر : عندك القدر اكل على كيفك منه ..!
فتح عماد القدر وضحكت فوزية عليه وشادن تبتسم بحيا ومنزله راسها للأرض قال وهو مكشر ومتقرف : اخخخخخ هذا بدون ملح .. الله يعينتس ياجدتي على هالعيشه .
طالعت ام ناصر في شادن قالت : عندي الملح اللي ليا لمست عيشتنا تباركت وزينها ربي .
استحت شادن اكثر وتوردت خدودها وهي تناظر بالارض وتعدل طرحتها على راسها زين ..
قال عماد وهو يبتعد عن المواجهه والاحراج وانتقادات فوزية اللي تدقق بكل شي بعفوية : فوزية روحي لعبدالعزيز يبيتس .
وقفت فوزية قالت : يارب عساه يقول بنمشي عشان ارجع انام .
: ايه يبي يمشي .. التفت لشادن قال : اذا انتي بعد تعبانه وتبين ترجعين امشي .
ردت بهدوء وثقل : شوف جدتي اكيد انها تبي ترتاح من الصباح وهي هنا . انا عادي مو تعبانه .
قالت ام ناصر وهي تمد يدها عليه : خل شادن تشوف المزرعه .. من اليوم منحرجة من ابو فيصل ماتقدر تمشي فيها .. قومني انا برجع مع فوزية ورجلها .
حس ان جدته تبي تقربهم من بعض اكثر قال : نبي نجي ان شاء الله مرة ثانية وتشوفها براحتها .
قاطعته : اليوم خلها تشوفها مايصير تطلع منها ماشافت الاشجار اللي غرسناها .
لامفر منها ومن تحكمها وسلطتها .
مد يده عليها وساعدها على الوقوف باستسلام ..
قال لفوزية اللي جات تاخذ بقية اغراضها : ساعدي الشغالات في الاغراض وترى جدتي بتروح معكم .
غمزت له فوزية قالت : ياعيني بتستفردون ببعض في الجو الحلو .
مارد عليها ومشى مع جدته لحد ماوصلت سيارة عبدالعزيز .
جلست شادن مكانها وصرخت بداخلها لا ..
ماتبي تجلس معاه هنا ..!
ياليتها ماتكلمت ولا قالت لجدتها انها نفسها تتمشى في المزرعه .
الحين وشلون تطلع من هالورطه ..
تقول .. "اروح مع عبدالعزيز" وتحرج نفسها
ولا احسن لها تسكت وتستسلم وتسلم امرها لربها ..
قالت فوزية وهي تشوف نظراتها الشاردة : ياعيني على الحب .. قلت لكم روحوا شهر عسل بس انتم تفكيركم ماادري كيف ..
ابتسمت لها شادن قالت : خذي فصولي بس ترى الشمس قربت منه ..
اخذت ولدها النايم ومشت فوزية وهي تتبعها بنظراتها لين اختفت ..
رجع لها عماد بعد ماخلا المكان بدقايق قليلة ..
وهي مثنية ركبها ومحوطتها بيدينها وتتأمل خضرة المكان الأرض المزروعه والأشجار الكبيرة اللي تحوط سور المزرعه ..
وريحة الطين المبلول بفعل الموية اللي تصب في الأحواض وتسقي الأرض ..
وبعض الشتلات وبعض الأشجار المغروسه في انحاء المزرعه ..
تأملها وهي لافه طرحتها على راسها ولابسه عبايتها ومو مبين منها الا وجهها بإشراقته ويدينها الناعمه ..
جا وجلس قريب منها وعدلت جلستها قال : ترى مافيه احد خذي راحتك .
ضمت عبايتها عليها قالت : عادي مرتاحه كذا .
طالع فيها وهي تناظر في الارض وشكلها مو راضي عن وجودها معاه ..
او انها محرجه من جدتها اللي تفرضها عليه اكثر .
حست انه يطالعها وغمضت بعيونها وفتحت قالت : بنطول هنا .؟
قال بصوت واطي وهو يقرب منها ويمسك يدها : انتي تبين تمشين ..؟
سحبت يدها بتوتر قالت : ايوه خلنا نمشي ماله داعي نجلس .
سحبها من يدها ووقفها معاه قال : الا له داعي مو تبين تشوفين المزرعه ..؟
: لا خلاص عادي .. بعدين .. مو لازم اصلاً ..
ابتسم لكلامها ورفضها وردة فعلها الغاضبة
حس انها متوترة من طريقة مشيتها وتعقيدة حواجبها .
ومسكها لعبايتها بيدها اليسار بقوة .
حاول يهديها بالكلام والسوالف وهو يترك يدها .
قال : شوفي .. هذي الأحواض سويناها عشان النخل .. كل نخله لها حوض .
قال وهو يأشر على شجرة كبيرة : تدرين هذي شجرة ايش ..؟
هزت راسها قالت بملل : طبعاً ادري .. عنب .!
ابتسم ابتسامه واسعه قال : اكيد عرفتيها من اوراقها ياحبكم يالبنات لورق العنب ... زيييين وهذي تعرفينها ..؟
هزت راسها بنفس الملل وحواجبها عاقدتها زي ماهي : لا اش هذا ..؟
: هذا ياطويلة العمر السدر اكيد قد سمعتي فيه .. اللي ورد ذكره في القرآن (وأصحاب اليمين ماأصحاب اليمين ، في سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود )
بس ترى سدر الجنه بدون شوك مو مثل هذا ..
عاد السدر والحنا هذولا اشجار جدتي المفضلة ..
فكت عقدة حواجبها قالت باهتمام عفوي : الحنا اعرفه بس السدر اول مرة اشوفه .
لف لجهه ثانية من المزرعه وهي تمشي بتعثر
لأن عباية الراس حقتها طويلة خاصة وهي مخليتها على كتفها
قال : نزلي العباية وامشي براحتك . ترى كذا بتطيحين .
رفعت عبايتها من تحت وطالعتها انعدمت بالطين قالت : لا عادي اقدر امشي .
مسك يدها وضم عليها قال : هذي هي السدر .. عاد الخوخ والتين يبي لها وقت عشان تكبر وتثمر توها شتلات . شوفيها هنا . وهذيك زرعنا فيها ريحان وورد .حط يده الثانيه على كفها اللي ماسكها وكمل : لأن مافيه اجمل من الورد .
سحبت يدها منه وهو يضم عليها اكثر وبلعت ريقها قالت : نرجع للبيت .
تجاهل حركتها وماحب يحرجها معاه قال : اصبري خلينا اوريك البير اللي تروي المزرعه .. قرب من البير وفتح باب السور الصغير اللي سواه عليها عشان شهد وفيصل اذا راحوا للمزرعه مايقربون منها ..
قال بدون تفكير : ولا ماودك تشوفين حلالك .
قالت بلهجة بارده خالية من أي تعبير غير الاحباط والخيبة : هذا حلالك انت مو حلالي .
لف عليها وحط وجهه بوجهها قال : حلال زوجك حلالك ياشادن .. وكل اللي املكه راح اكتب لك فيه جزء كبير .
كلامه خنقها ..
خنقها لدرجة ان دموعها تفجرت ..
نزلت نظرها للأرض ورموشها مبلله بالدموع
قالت : انا مالي فيك شي لا حلال ولا املاك . انا مجرد اسم في حياتك وراح ينتهي قريب لاتحاول تربطني بشي لك ..
شبكت يدينها في بعض ورفعت له نظرها وكملت بتوتر : ولا نسيت كلامك ..؟
مسح دموعها بأطراف اصابعه قال : لا مانسيت كلامي .. ؟ بس الدموع ليش ..
غمض عيونه وتنهد وهو يبعد نظره عنها في انحاء المزرعه ..
وكمل : انتي زعلانه من كلامي البارح ...
رفعت يدها كأنها تقول اسكت ونزلت من عينها دمعه حارة قالت : انا فاهمه كل اللي تبغاه مني .. مالي دخل فيك ولاني مسؤوله عنك والمفروض مااسأل فيك لأني بالأساس مالي علاقة فيك .
طالعت فيه وعيونها غرقانه دموع وهو مسمِّر نظراته فيها قالت : ليه تحب تجرحني ياعماد . انا مااهتميت فيك لأنك .. لأنك .. غمضت عيونها بقوة وهي مكشرة وكأنها تبي تطلِّع الكلمة بالغصب كملت بتردد: لأنك زوو زووجي ..
انا هنا انسانه وحتى لو كنت عدوي مو ولد عمتي وحبيب جدتي راح اهتم فيك .
حطت يدينها على عيونها بقهر لأنها تبكي قدامه وتستدر عطفه وحنانه ..
كان يبي يضمها بس صعب ..
صعب يكسر ويجبر ويرجع يكسر ..
صعب يأملها ثم يخيبها .
كان يطالع فيها بدون كلام .
عيونه قالت اشياء واشياء بس كيف تقدر تفهمها وهي ماعندها قدرة على ترجمة كلام العيون ..
مسحت دموعها وهي تطالع بنظرته المكسورة فيها ..
قالت : يالله نمشي ..؟
هز راسه بإيجاب والخيبة والاحباط ماليه وجهه وعيونه .
مشت قدامه وهي تحاول تتوشح القوة وتتظاهر بها من جديد بعد ماانكسرت قدامه ..
رافعه راسها فوق وكأنها تبي توجه انفها للسما وتاخذ اكبر قدر ممكن من الأوكسجين حتى يوسع شعبها الهوائية المكتنزة بالضيق والقهر والملل والمشاعر المتضادة والمتناقضة والمتضاربه .
متلخبطه .. وعايشة في دوامه .
خايفه من قربه ومن بعده .
صابرة وتمني نفسها بقدرتها على التحمل .
بنفس الوقت منهارة من الداخل وماعاد فيها تستمر .
اسبوعين ياعروس ..
لسه بدري .
باقي سنه ويمكن اكثر ..
سبقته للسيارة وهو يقفل بوابة المزرعه زين ومرعلى الحارس برا وكلمه ووصاه .
تأملت ملامحه اللي تحمل معاني غامضة .
تبي تعرف وش ورى هالغموض
وش سر هاالحنان الممزوج بالجفا والقسوة بالطيبة ..
تبي تفهمه بس وشلون وهو باني حصون وجسور منيعه بينه وبينها .
ركبوا السيارة ورجعوا للبيت والصمت كان سيد ومتسيد للجو ..
هو في عالمه وحياته اللي بدت خيوطها تتشابك ..
وهي بمستقبلها اللي يشوحه السواد والكآبة ..
اول ماوصلوا نزلت من غير ما تنتظره ودخلت البيت ..
لازم تبعد عنه اكثر واكثر ..
لأنها اضعف منها انها تكمل التمثيليه بقربه ..
دخلت غرفتها وسكرت عليها ..
رمت عبايتها وطرحتها ودخلت تتوضأ وتصلي العصر ..
ودها تطرد الافكار من راسها وتنشغل عنها بأي شكل ..
اما هو ..!
جلس في سيارته دقايق ..
نزل نظارته الشمسية وحطها في علبتها ودخلها بدرج السيارة ..
وين ينزل ووين يروح ومن يقابل
ان جلس مع جدته قالت شادن
وان طلع فوق لقى شادن
وكل زاوية وكل مكان فيه اثر من شادن ..
نزل وهو يجر الخطى ..
متى بس السايق يجي حتى يروح ويبعد عن هالمكان .
دخل البيت وتوجه لغرفة جدته مثل عادته يبي يتطمن عليها انها بخير خاصة انها اليوم تعبت في المزرعه ..
***
اكثر شي قهرها لمن سمعتها تقول زوجي بيوديني
حست انها ودها تدخل وتمسكها بشعرها وتشوه لها وجهها ..
تذكرت باس عماد وزعله لو سوت لحرمته شي ..
واضطرت انها ترجع لغرفة المدرسات مهمومه وموجوعه ..!
دخلت غرفتها وفتحت الشباك اللي ناحية بيتهم .
تبي تشوفه ..
لو لمحه تشفي بها ولهها عليه وتطفي بها شوقها ..
فتحت عيونها على وسع ..
ماكفى اللي صار اليوم واللي سمعته ..
احترقت واشتعل قلبها واضلاعها ووصلت النار لجسدها وعيونها ...
الا هالمنظر ماتبي شوفه ولا تبي تتخيله ..
شافتها وهي تركب بجنبه وهو يرتب الأغراض بالسيارة وماانتبهت للشغاله اللي ركبت قبل شادن ..
دمعت عيونها وتنفسها يزيد وضربات قلبها تقوى ..
ماتتحمل هالمنظر ابد ..
صكت شباكها الحديدي بقووة وراحت لمرايتها ..
مشطت شعرها وهي تشهق ..
حركته يمين ويسار اليوم سشورته ساعه كامله وفعلاً جاب نتيجه ... وماخسرت ابداً ..
سمعت صوت امها تسأل العنود عنها واخذت لها منديل مسحت به عيونها واخذت نفس عميق حتى ماتفتح لها امها محضر تحقيق واسأله مالها اول ولا تالي عشان البكا ليش ووش سببه ولا تشك ان فيها نفسيه ثم تعيد سيرة الشيخ مسفر ..؟
دخلت امها وطالعت بشعرها اللي نوف تحاول تخفيه عنها مراعاة لمشاعرها وهي اللي تحرم القص وتندم وتتحسف اذا وحده من بناتها جابت سيرة القص ..
قالت بلوم وحسافه : قصيتي شعرتس يانوف اللي تعبت عليه سنين وانا احنيه واحط عليه الزيوت اللي اشتريها بأغلى الاسعار .
: يمه وش رايتس بالله مو ازين الحين .. ؟
: لاوالله يابنيتي ماتذكريني غير بالعجوز الشايبه .
حركت نوف شعرها وهي تحاول تقنع امها فيه
قالت : يمه ازينه ولا شعر العله مرة عماد الأسود القاتم اللي يجيب المرض .
: شعر شادن خلق ربي لها ماصبغته بهالابيض والاصفر اللي انتي حايستن به عمرتس ... لا اله الا الله .. نسيتيني وش ابي اقولتس .
: تذكري يمه .
: ايه ايه ذكرت .. ابوتس يقول حمود واهله بيجون عندنا الليله .
: وش يبون ؟
: تعرفين شوي وش يبون بس الله الله بالشغل السنع .. سوي مثل شادن يوم جيتهم مسويتن كيكة مع القهوة كنها من السوق ..
: يافقع مرارتي من هالشادن وراي وراي في المدرسه قدامي وفي البيت سيرتها وحتى الشباك الشباك افتحه الاقيها تطلع لي .
: لاتتعرضين لها وعامليها زين ولا ترى رجلها مهب ساكت لتس .
: يوووووووه طيب خلااااااص مانيب متكلمة لها ولا متعرضه لها وابخليها على كيفها بس فكوني من سيرتها .
هزت امها راسها بحسرة وقامت طلعت من عندها ..
والثانية رجعت لها ذكرى الموقف اللي قبل شوي ..
والصورة المؤلمة بالنسبة لها ..
وسرحت بخيالها معاهم ..
تتخيل ضحكهم ومزحهم وغزل عماد لها ودلعها عليه ..!
" ياعالم عماد لي انا ..
من حقي انا ..
انا اللي حبيته وتمنيت له الخير ..
وانا اللي فرحت لنجاحه وتميزه ..
وبكيت اذا تأخر وغاب ..
انا اللي اهتميت فيه وانا بعيده ..
وتمنيت اني قريبة منه اداريه واهتم فيه واحرص على راحته .."
لمت شعرها والعبره خانقتها وراحت تشوف اختها نورة وصلت من مدرستها البعيد ولا لا ..!
***
قلبها ناغزها على شادن ..
ومو متطمنه عليها
تحس ان بنتها فيها شي
صحيح ان خلود اليوم اتصلت عليها وطمنتها ..
بس قلب الام ما يكذب ..
ياترى وش فيها بالضبط .
كانت ام نايف واقفه في المطبخ تسوي العشا وهاجسها شادن ..
هالايام صايرة تفكر فيها بعمق وماتروح من بالها ابداً
دخل عليها نايف وسلم على راسها قال بمرح : تطمني شروطي مو صعبة ابي لي وحده مزيونه وبنت ناس وتحبك وتدور رضاك بس ..
ضحكت امه منه وهي تدعي له : ياربي اشوفك عريس قريب واقرّ عيوني في عيالك .
كشر بوجهه قال : المشكلة ماابيك تصيرين عجوز ويقولون لك ياجدتي .
: ههههههههههههههههه لا ماعليك انا راضية . ها كلمت عماد تدري عن فهد ..؟
: دقيت عليه بس شكله في الديرة ماعنده شبكه .
: الله يستر .. بتروح لهم . ؟
: بنتظر لنهاية الاسبوع اذا محد طمني مشيت لهم .
تجمع الدمع في عيون امه قالت : ياليتك تروح عشان تطمني على اختك ....
قاطعها نايف وهو يلف يده على اكتافها قال : بلاش الدموع الله يخليك .. اذا تبين تروحين لها من الحين امشي ولا بكرة الصباح نمشي لها اذا كل هذا قلق على شادن .
مسحت دمعتها اللي نزلت على خدها قالت : انا مو قلقانه بس قلبي ناغزني عليها .
ضحك نايف قال : كيف احل هاللغز ..؟ نغزة القلب معناتها قلق .. يمه مافيها الا العافية تطمني جدتي تحبها وعماد انا اضمنه لك .. يايمه عماد رجال وسمعته عند عماني وعيال عمي ناصر وكل اللي يعرفونه يقولون مايغلط على احد ومحترم والزله ماتطلع منه .
: هذا اللي مطمني .. حتى هو الله يهديه اذا جا لجده مايتصل ولولا انك تتصل عليه مافكر يطمنا عليها .
: تدرين انه يجي عشان موضوع فهد اللي مربكهم غيره توه عريس ويمكن مستحي .
هزت راسها وهي تحاول تقتنع بس قلبها مو راضي قالت : الله يستر عليهم ويوفقهم .
اخذ نايف حبة جزرة من الثلاجه وغسلها وقعد ياكلها وهو يقول : ها يمه نمشي بكرة لبنتك .
: لا وش اللي نمشي بكرة ..؟ مستحية من الناس بنتي ماكملت شهر وانا محضرة عندها . استنى اذا مر عليها شهر ونص على الاقل ان مازارتنا رحنا لها .
طلع من المطبخ وهو يقول : على كيفك بس أي وقت تبينها لايردك شي ماعندي اغلى من عزيزة اوديها للمكان اللي تبغاه وفي الوقت اللي تبغاه .
لهج قلبها ولسانها بدعواتها الصادقه ويارب تخليه لي وتحميه من كل سوء وتكتب له الخير بحياته . غصت بكلامها وهي تقول وتسعد شادن وتطمن قلبي عليها .
***
ثلاثه ايام من الشقاء والتفكير المضني والدموع الغزيرة على حالها وحظها ..
نايمه على جنبها وهي تتخيل ردة فعل الناس عن الخبر ..
وتتخيل وقع الخبر على صديقاتها ..
خالتها وبناتها ..
عمانها اللي يحبونها ويدللونها ..
على فيصل ولد عمها اللي يحبها من صغره ويعتبرها اخته حتى يوم كبرت وصارت تغطي عنه كان يرسل لها كلام مع ابوها ولا مشاري يقول تراني ارفع راسي فيها ..
ضمت الخدادية على معدتها اللي تعصرها خوف ورهبة ..
تبي تنهي الموضوع بسرعه وتفتك منه ..
تبي تعيشه ولاتعيش انتظاره وقلقه .
اليوم ماداومت ..
كله عشان موضوع الطلاق وروحتها للمحكمه ..
ياترى بتاخذ كم يوم ..؟
يوم ..؟
اثنين ..؟
اسبوع ..؟
شهر ..؟
ولا اكثر ؟؟
دخل عليها مشاري وهو يزبط شماغه ويصفر
قال : للحين نايمه ..؟ يالله يالله قومي البسي على بال ماافطر ترى وراي مشوار للطايف .
رفعت راسها له قالت : مشاري اش رايك اروح اعمل لك توكيل وخلاص .
: والله اللي يريحك .. بس الموضوع اسهل مما تتخيلين . كلها مشوار للمحكمه وينتهي .
حست ببطنها يألمها اكثر ونفسها ترجع كل مافي معدتها رغم انها فارغه ..
قامت توضأت وصلت الاستخارة للمرة السادسه
وبطمأنية وصتها عليها فاطمه دعت دعاؤها من اعماق قلبها ( اللهم اني استخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك واسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا اقدر وتعلم ولا اعلم وانت علاَم الغيوب . اللهم انت كنت تعلم ان ( طلاقي من زوجي خالد ) خيرٌ لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة امري فاقدره لي ويسره لي .. وان كان هذا الامر شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري فاصرفهُ عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به .. )
كررت ثم رضني به اكثر من عشر مرات وهي تبكي ..
قالت الدعاء في ركوعها وسجودها ومابين السجدتين وبعد التحيات ..
اخيراً سلمت على يمينها ويسارها وقامت لبست عبايتها وطلعت لمشاري اللي ماوقف اتصال عليها .
: شوفي كم اتصال بالله .
ردت عليه بصوت باكي .. : شفت 27 مكالمه .
اول ماسمعها سكت وهو مقدر حالها وشعورها بس اللي ماقدر يفهمه انها هي اللي الحت انهم ينهون الموضوع ومع هذا تبكي وتنوح ..
حرك السيارة قال : سارة بسألك سؤال .
ردت بسرعه ماتوقعها واجابة فاجأته ..: ادري وش بتقول .. انا ماني زعلانه عليه .. بس الناس والمجتمع ونظرتهم لي هذا اللي مخوفني .
: وانتي يهمونك الناس اكثر من مصلحتك ياسارة .. والله وانا اخوك محد بداري عنك اذا اخذتي الرجال هذا وشفتي معه المر .. لاتفكرين الا بنفسك وان ربي يحبك ويحبنا لما كشفه على حقيقته قبل نتورط معاه اكثر .
هزت راسها باقتناع وارتياح من كلمة اخوها اللي بثتها القوة بعد كلام فاطمه لها امس في الليل ..
وصلوا المحكمة وانهوا الاجراءات بهدوء وتيسير من الله وطمنها الشيخ بأن الله لايكتب للطيب الا طيبه ولا للخبيث الا خبيثه مثله .. وانها هي بنت ناس وطيبه ولاكتبها ربي لواحد مثل هالخبيث .
دعا لها بالتوفيق ولخالد بالهداية وطمنهم ان قضيتهم كسبانه بإذن الله ..
رجعت وهي تحمد الله انه يسر لها امورها واقنعها ورضاها وماخيبها ..
***
ثلاثه ايام مرت على عماد من بعد غداهم في المزرعه وهو يطلع العصر ومايرجع الا آخر الليل يدور على فهد مع خاله فواز ولا مع بندر ..
تأكدوا انه ماسافر ولا خرج برا السعودية
وبلغتهم الشرطه انه مو موجود لابالمستشفيات الحكومية الكبيرة ولا بأي سجن ..
وماصار قدامهم حل الا انهم يدورونه في البر ..
وهذا حاله له ثلاثه ايام يفرون البر ويدورونه ويرجعون بلاجودى او نتيجه
ومجرد مايدخل بيته يحط راسه وينام ..!
مع صلاة العصر ..
دق الجرس وهو ينزل من الدرج ..
التفت على جلسة جدته وشادن .. والقى السلام وردوه عليه ..
قالت له ام ناصر وهو يتوجه للباب : اليوم تبي تروح مع فواز ؟
رد بصوت عالي : لا ماني رايح .
رغم انها تبيه يروح يدور على حفيدها اللي غيابه همها وهم كل عايلتها الا انها حست بالارتياح انه بيجلس في بيته ..
خاصة ان وضعهم ابداً مو عاجبها والكلام بينهم معدوم الا السلام وسؤال عابر ..!
قالت ام ناصر : قوميني يابنيتي دخليني لغرفتي بصلي العصر .
ساعدت جدتها على الوقوف ودخلتها وطلعت فوق ..
من اول ماجات من المدرسه وهي بجلابيتها الثقيله والواسعه ومحتاجه شور يجدد لها نشاطها ..
اعتادت عدم النوم في النهار ..
وصارت تنام من الساعه 10 وتصحى سته .
دخلت غرفتها واخذت لها شور ولبست لها جلابية عادية ..
لايمكن تلبس شي حلو وعماد موجود ..
ماراح تتزين له ولا تلبس له ..
هذا قرارها من بداية زواجها ..
الجو ممل في البيت ولولا وجود جدتها كان تفجرت من الملل والزهق لوحدها
حتى فوزية ماعاد تقدر تجيهم ايام الاسبوع لأن شهد تنام بدري وصعب تتركها لوحدها ..
وعماد حتى لو كان موجود وجوده مثل عدمه بالنسبه لها ..
تمشت في الغرف اللي فوق
ودخلت غرفتها القديمه قبل ماتتزوج عماد وتاخذ الغرفة الأكبر والأفخم ..
راحت للمرايه وطالعت بشكلها ..
بنت عادية ماكأنها متزوجه ...
ماتختلف كثير عنها قبل ماتتزوج
بس نحفت شوية وصارت تجمع شعرها وتمسكه بشباصه
وماتحط ميك اب ابداً الا اذا جا عندهم احد او راحت للمدرسة ..
عكس زمان لمن كانت باستمرار تهتم بشكلها وأناقتها
وتعتني بشعرها تفتحه ولا ترفعه ولا تحطه على جنب ..
والميك اب ماكان يفارقها الا عند النوم ..
القلوس والروج تحسها جزء من حياة المرأة ..
والكحل غالباً مايفارقها ..
فتحت الستارة حقت غرفتها اللي تطل على البوابه وهي تحاول تبعد عن المراية حتى ماتفكر بالأسباب اللي خلتها بهذا الشكل ..
طالعت بعماد اللي واقف مع الهندي ويملي عليه اوامره ويأشر على السيارة حقته ..
وكأنه متعود على انه يأمر ولا يؤمر ..
نزل نظارته الشمسية اللي اعتادت عيونه عليها اذا طلع في النهار
دور في درج السيارة ورقه طلعها بعد ثواني .
رجع نظارته على عيونه وهي تتأمله ..
هيبته بشكله وجسمه وحركته وكلامه ونظراته .
لفت انتباهها نور اشتغل في وحده من غرف بيت ام نوف وضح لها مع الشباك اللي يطل على بيتهم ..
حمدت ربها وشكرته على النعمه لمن دققت في بيت اهل نوف ..
بيت قديم من برا مافيه أي لون والاسمنت زي ماهو ..
شبابيكه حديد ،
وابوابه حديد ملونه بلون اخضر مبهت من الشمس ..
فتحت عيونها لمن شافت البنت توقف على الشباك بكل جرأة ..
لاااا معقولة ؟ نوف !
حطت يدها على فمها وهي تشهق بقوة وتفتح فمها وعيونها ..
طالعت في نوف وهي تفتح شعرها وعماد معطيها ظهره ويكلم السواق ..
راقبت تصرفات نوف وهي تراقب عماد وماتشيل نظراتها عنه ..
حطت يدها على صدرها وزفرت بـ : ياويلي .. معقووووولة ..؟؟؟
تأملتها اكثر وقالت : الحين بس عرفت ..! اجل عماد السبب يانوف ..؟ عماد هو اللي مخليك ماتطيقني شوفي ولاصوتي ..
طالعت فيها وهي متسمرة على شباكها وعماد ماانتبه لها او بالأحرى مااهتم لها ...
حست بشعور مختلف مو طبيعي ...
حقدت على نوف اكثر واكثر ..
رددت بصوت عالي وبغضب عارم : اللئيمة تبي عماد يشوفها بشكلها الجديد ..؟ تبي تلفت انتباهه حتى وهو متزوج ...
متزوج ؟
هههههههههههههههههههه صدق اني غبيه ..!
اجل عماد متزوج ..!
عماد جايبني ضيفه شرف في بيته توفر على نفسها مشوار جده اللي يهد الحيل وتفكه من سيرة تزوج تزوج ..!
سكرت الستارة ورجعت للصالة وجلست على الكرسي الهزاز اللي قدام التلفزيون في الصاله اللي فوق .. !
تنرفزت وصدعت وتحس دمها يجري بقوة هائله من العصبية الزايده ..
معقولة نوف تاخذ عماد ..
ومعقولة تكون هي سر غموضه ورفضه للزواج .
طيب لو كان يبيها كان خطبها ...وش يرده ..؟
لا لا لو يبيها ولا يفكر فيها ماراح وهددها بالنقل لو تعرضت لي ..
حست بشي مو طبيعي بداخلها ..
فكرها مشوش..
وفكرة ان عماد يتزوج زواج حقيقي بوحده غيرها تحرقها ..
تشعل قلبها ومشاعرها ..
وقفت بسرعه وراحت لغرفتها ..
قالت : مو انا اللي نوف واشكالها تاخذ زوجي مني ومو انا اللي افرط في زوجي واخليه يحب وحده غيري .. اذا عماد اعجب ولا حب بنت ولا سمح لأي وحده تدخل حياته .. فالمفروض تكون انا ..!
وراح اجيبك ياعماد وبطريقتي من غير ماتهيني ولا تمس كرامتي ..!
فتحت دولاب ملابسها وفتشت في ملابسها بارتباك ..
الجلابيات اكثر شي في الدولاب ..
كانت تفتش بسرعه وارتباك وكأنها تبي تلحق الوقت وتسبقه . .
تنانير تنانير ..
بناطيل ..
اطقم ..
فساتين ناعمه سبورت وفساتين سهرة ...
بلايز اشكال وانواع وألوان .. بديهات ..
قررت انها ماتتكلف في لبسها وتوفر الملابس الحلوة لبعدين ..
وتبدا حبه حبه وبالتدريج ..!
طلعت لها برمودا جينز وبلوزة لونها اصفر ناعمه وقصيرة واكمامها قصيرة مرة ...
صحيح انها تغامر بلبسها هذا قدام عماد وجدتها بس مافيه مفر ..
لازم تغامر وتسوي المستحيل حتى تظفر بزوجها وتشغله عن نوف وغير نوف ..
بسرعه لبست وفتحت شعرها الأسود اللي انسدل بنعومه على اكتافها وحطت ميك اب ناعم وختمت بقلوس لحمي ..
لبست صندل ناعم لونه اصفر ..
وحطت من عطرها القوي اللي سارة دايما تقول انها تدوخ عليه ..!
نزلت مع الدرج بنعومه متعمده خاصة بعد ماسمعت صوت عماد وهو ينادي الشغاله تجيب له مويه ..
راحت للمطبخ وحطت في الصينيه اربع كاسات ومعاها المويه وجات تمشي للصاله ..
نزلت المويه على الطاوله ..
ومارفعت نظرها له لأنها ماتبي تواجه ردة فعله ..
مستحيه وخجلانه وخايفه ومرتبكه من داخلها ..
بس تتظاهر بإن وضعها عادي جداً واللي تسويه شي طبيعي ..
كان يطالع بالأرض ويفكر وين يحط السايق مع الحارس حق المزرعه ولا يحطه بالغرفه اللي برا عند البوابه ..
بس كيف يخليه قريب من بيته وهو اغلب ايامه في جده ..
خاصة انه من بكرة بيودي شادن وشهد للمدرسة ..
وراح يصير مكانه في اغلب الأمور بالذات في تلبية طلبات البيت ..
وو.....
انشل تفكيره وهو يشوف الحرمه اللي واقفه قدامه وسيقانها بيضا وأنيقه وصندلها اللي تزينه الاكسسوارات والخيوط الرفيعه والناعمه مغري ..
رفع راسه يحسبها الشغاله وكان ناوي يثور عليها ويوريها اللي عمرها ماشافته ..
بس جمد بمكانه وانشل كله هالمرة ..
هذي شادن ..؟
وش غير حالها ..
لها فترة مايشوفها الا بالجلابيات وشكلها مهمل وعابسة ومكشرة وفجأة تطلع بكل هذا ..
الحين هذي اللي قبل شوي جالسه مع جدتي ومكشرة ..؟
رفع راسه لوجهها وهرب بنظراته عنها ..
حاول يبين انه مو مهتم ولا انتبه قال بصوت مختلف ومرتبك
: مافيه قهوة ؟
ابتسمت بدلع وخجل قالت : الحين اجيبها ..
لاا هذي مو صاحيه تبتسم ..؟
صبت له مويه واخذها من دون مايطالعها وشرب الكاسة كلها دفعه وحده وريحة عطرها تخترقه بجنون وتلزق بخياشيمه وتشبثت في خلايا دماغه ..
نزلها على الطاوله وهو يلعن ابليس وتمنى انه راح مع فواز ولا مشى لجده بدل مايقابلها ..
راحت للمطبخ وجهزت القهوة وطلعت حلا من اللي سوته البارحه ..
رتبته في صحونه بالصينيه وطلعت له تمشي بهدوء ونعومه ..
كل خطوة كان قلبها يرجف بقوة ويعلن زلازله وبراكينه من جرأتها اللي مااعتدتها بس هذي حرب ولابد تنتصر فيها ..
وصلت عنده ونزلت القهوة على الطاولة ورفعت صينية المويه وحطتها على طاوله ثانية ..
صبت له فنجال ونزلته قدامه وهو مو مسوي نفسه مركز بالتلفزيون وكل ماحس انها اعطته ظهرها ولا ماتطالع فيه التفت عليها وصد بسرعه ..
مايدري ليه يطالعها ..
يمكن حب استطلاع ولا اعجاب ..!
شرب من فنجاله ونزله وشافها قامت راحت لغرفة جدتها ..
وضم وجهه بيدينه ..
هذي لوين بتوصله .. ؟
دخلت عند جدتها قالت : جدتي صاحيه ..
ردت جدتها المنسدحه بجنب سجادتها ومتوسده ذراعها .. : ايه يابنيتي صاحيه ومنيب مجنونه .
: ههههههههههههههههههههههههههه ادري انك صاحيه ومو مجنونه انا اقصد انتي نايمه ولا لا .
: منيب نايمه .. منسدحه واسبح واستغفر .
شغلت شادن النور وقربت منها ..
قالت : جدتي تحسين بشي .
: لاوالله مابي غير العافيه ولا احس غير بفضل ربي علي .
تغيرت لهجة الجده من الامتنان والشكر للحده والاستنكار ..
: اعوذ بالله من ابليس .. هذا وشو اللي انتي لابسته .؟
قربت شادن منها قالت بصوت واطي : جدتي تكفين لاتقولين لي شي . هذا لبس البنات هالايام .. وانتي ماترضين اني اقل عنهن بشي خاصه قدام زوجي .
: يابنيتي وش زين الجلابيه عليتس ..
: الجلابية البسها اذا زارونا جاراتنا ولا جونا عماني .. اما زوجي تعرفين ياجدتي انه قد سافر وشاف البنات ماابغاه يقول ليتني اخذت وحده تلبس وتتزين مثل اللي كنت اشوفهن وحارم نفسي منهن .. تكفين جدتي لاتقولين شي قدام عماد ولاتزعلين مني .
هزت ام ناصر راسها قالت : جيلن مدري وش لونه مير الله يهديه .. منيب قايلتن لتس شي والبسي على كيفتس اذا عماد يبي هالخماليق منيب متكلمه .
:هههههههههههههههههههههههههه ياعمري ياجدتي عسى الله يخليك لي ولا يحرمني منك .. يالله اعطيني يدك وقومي معاي ترى القهوة عند عماد في الصالة واذا ماتقدرين بخليه يجي عندك واجيب القهوة .
حست ام ناصر باطمئنان لحال بنت ولدها اللي كانت تشوفها ساكته ومهمومه وشايلة همها ..
قالت : لااله الا الله .. توكلت على الله .. لا تخلين عماد يقوم عشاني خليه يرتاح .
قامت بمساعدة شادن وطلعت معاها للصاله ..
قالت وهي قريبه من عماد بصوت واطي تحاول تخفيه عنه لكنه خذلها وسمعه
: دوري راحته وانا جدتس .. رجلتس رجالن يشقى ويشتغل من يوم يصبح لين يمسي . لاتضغطين عليه ولاتقابلينه بوجهن عابس .
: ابشري ياجدتي اللي تامريني فيه وتبينه يصير .
: الله يرضى عليتس ويرحم والديتس ويرزقتس بالذريه الصالحه .
التفت عماد على جدته وشادن معاها وهذا لبسها صدق شي غريب ..
اجل هذي ام ناصر اللي لو شافت فوزية لابسه تنورة قامت تهاوشها ..
الحين تضحك مع شادن وتسولف وهي لابسة هالملابس .
صدق حريم مالهن امان وكلمة مهيب وحده ..
قال : هلا والله حيا الله ام ناصر مريت عليتس وشفتس نايمه .
: منيب نايمه ياوليدي وشفتك يوم جيت بس مابغيت اقطع تسبيحي ..
الا اللي دق الباب منهو .
: هذا السواق من بكرة بيوديكم ويجيبكم ويخدمكم في غيابي .. جدتي مثل ماقلت لتس لااشوف وحدة منكم طالعه تمشي على رجولها بين البيوت ..
: وين تبي تسكنه ..؟
: والله ياجدة محتار وين احطه اسكنه مع حارس المزرعه ولا في غرفته هنا ..
قالت شادن : شو حنستفيد اذا سكنته عند الحارس .. سكنه هنا ومفتاح البوابه يصير معانا حتى الشغاله ماتمسكه .
طالع بشادن وارتبك قال حتى مايواجهها بأي نقاش ويضطر انه يطالعها اكثر من كذا : خلاص شورك وهداية الله يابنت خالد .
صبت له فنجال قهوة قالت : ماعجبك الحلا ليه مااكلت ..؟
"هذي وش سالفتها اليوم"
قاله بقلبه ورد عليها : الا زين بس انا لو آخذ عندك اسبوع بزيد عشرة كيلو .
قالت ام ناصر : ليتك تسمن .. انت رجالن تشقى وتسافر .. خل مرتك تطبخ لك وتوكلك ابرك لك من هالعيشه اللي تاكلها بالمطاعم .
قالت شادن : مافيه مطاعم هنا ؟
رد عليها بفتور : لا مافيه شي هنا .
فهمت مغزاه من كلمته ومقصده ..
يعني مافيه شي تتأملين منه خير ..
اولهم انا ..
ماعليه ياعماد .. نتحمل وش ورانا ..
حبت تعانده وابتسمت قالت : اصب لك قهوة ولا اجيب لك الشاهي ؟
عقد حواجبه وهو يحسها بدت تلعب لعبة اكبر منها ومنه
قال : لا لا خلاص بيأذن المغرب وابي اقوم اصلي .
صبت شادن لجدتها فنجال وصبت لها ..
واخذت فنجاله صبت له قالت بابتسامه ساحره باطنها ممزوجة بتحدي وعناد وظاهرها عفوي وتلقائي .. : ياشيخ تقهوى .. لسه بدري على الأذان .
دق الجرس ولاشعورياً قال : شادن قومي ادخلي يمكن احد من خوالي لايشوفك وهذي ملابسك .. بسرعه .
فزت شادن وطلعت لغرفتها فوق وراحت الشغاله تفتح ..
معقوله يكون يغار ..
طالعت في شكلها قالت بصوت عالي : مالت .. مافكر فيك ولادرى عنك عشان يغار .. كل الموضوع انه مستحي يقولون هذي ملابس زوجته وهذا شكلها وهم اللي يحرمون ملابسي هذي .
وقفت عند المرايه وزادت مكياجها وكحلها .
وكثفت القلوس اللحمي على شفايفها وبخت من عطرها اكثر ..
سمعته يناديها من تحت بصوت عالي : ياشادن .. انزلي ماعندنا الا شهد .
نزلت وشافت شهد اللي تعلقت فيها على طول وهي تقول : شادن انتي مرة حلوة حتى عماد حلو .
قالت ام ناصر : ياشادن يابنيتي والله مااقدر ارفع نظري عليتس وانتي بهالخماليق ..
ابتسم عماد من كلام جدته ورفع نظره لشادن يبي يشوف ردة فعلها وشافها وهي تكلم جدتها بنظراتها وتلومها قال وهو يعدل جلسته : انا قايل لها ياجدتي بس شكلها تحب العناد وماتسمع الكلام .
ضمتها شهد قالت : عماااد شادن احلى بنت وملابسها احلى من ملابس كل البنات واحلى من ملابسك انت .
رفعت شادن نظرها له قالت وهي تبتسم وتحاول تغير الموضوع : الا صحيح عماد بغيت منك خدمه اذا بتروح لجده قريب .
حط عيونه في الجريده وفتح صفحه ثانيه قال : اكتبي لي كل الاغراض اللي تبينها في ورقة .
لفت رجل على رجل قالت : لا لا ابغاك تمر على اهلي وتعطي نايف فلوس من عندي ابغاه يقدم على شغاله لامي .
قالت ام ناصر بردة فعل سريعه : بيض الله وجهتس يابنيتي .. لاتدفعين ولاريال رجلتس يجيب لامتس شغاله وشغالتين دام ربي منعم عليه وفلوستس احفظيها .
ردت شادن : لا لا محد يدفع فلوس الشغاله غيري .. يكفي انه مو مقصر معاي .
طالعها عماد وقفل الجريده قال بقهر مكبوت : قومي بس جيبي لي شاهي واتركي الكلام الفاضي عنك .
وقفت وهي تحس بنشوة الانتصار وراحت للمطبخ ..
تلعب لعبة اكبر منها هي تدري بس هاللعبة لذيذه وهي تتلاعب باعصابه خاصة بعد سالفة نوف ..
ممتعه لدرجة انها تتأرجح مابين الفرح القهر ..
التناقض بداخلها واللي زاد اليوم عن جده غير لها الجو الممل والكئيب في البيت شوي ..
خلاها تغامر وتعيش تجارب بدال الاكتئاب اللي هي فيه من اسبوعين
التفتت على الباب وهو واقف وراها قال للشغاله : لسلي اطلعي برا .
طالعت في لسلي بنظرات استجداء انها تجلس بس عماد امر وهي تنفذ ..
رد الباب قال : ايييييه ياست شادن وش ناوية عليه . ؟
لمست مقبض الابريق اللي تغلي الموية فيه ورفعتها بسرعه لأنها حارَّة .. وحطت اصبعها عند فمها ونفخت على مكان لمستها للابريق ..
قال وهو يقرب منها : مارديتي عليّ .
امتزج اللون الاحمر بالاصفر في بشرة وجهها قالت : مو ناويه الا على كل خير .
: وشو الخير اللي تقصدينه بالضبط . ؟
ابتسمت له وهي تبلع ريقها بالقوة قالت : تحقيق ياعماد ..؟
: لاوالله مو قصدي احقق بس ابي افهم انتي وش تبين بالضبط . ؟
اخذت الوقاية بيدها وقعدت تحركها وتثنيها قالت بضيق مصطنع ومزجته بدلع : الحين انا سويت لك شي ؟ .. غلطت ..؟ تماديت بشي ..؟ سويت شي يضايقك . ؟
قرب منها ومسك يدها وسحبها كلها لصدره قال وانفاسه الحارة تلفح وجهها : والحركات هذي وش اسميها ..؟
ماعندها رد ولا كلام وهو يضمها اكثر ويدينه تحوط ظهرها بقوة
قالت بصعوبه : لاتسميها شي ولو سمحت بعد عني ..
همس لها : ابعد ها ..؟ انا اللي ابعد ياشادن وانتي ..؟
: خلاص والله خلاص بس بعد عني .
شاف صوتها تغير وخاف انها تبكي .. وهي تحاول تدفه عنها قال : انتي مو فاهمه شي لاتحاولين تغامرين بشي منتي قده .
فكها من يدينه وانهارت على الكرسي وحطت يدينها على وجهها قالت : عماد اطلع من المطبخ ..
تنهد بصوت عالي قال : انا بكرة بروح لجده وراح اقدم لامك على شغاله لكن اقسم بالله لو سمعتك تدقين بالكلام زي قبل شوي لتشوفين شي مايسرك ياشادن .
طلع وتركها تتخبط اكثر من اول ..
هذا اللي جابته لنفسها ..
يالله هذي اولى الخطوات .
وقفت وعدلت بلوزتها وهي تتمتم بـ : ماعليه ياشادن خليك اقوى واصبر وتحملي يابنت .. زوجك يكون لك بأي طريقة ولا يكون لنوف وامثالها .
***
الساعه .. 2 ونص فجراً
دق الجرس وهم نايمين كلٌ في غرفته ..
قعدت ام ناصر على صوت الجرس اللي يرن في كل انحاء البيت .. وخانتها قوتها لاتقوم وتشوف من اللي يدورهم نص الليل .
قامت شادن بسرعه تجري وتتخبط ..
من اللي جايهم ..؟
فوزية وزوجها ..؟ ولا احد من عمانها ..؟ ولا جيران ..؟ ولا من بالضبط ..؟
لبست روبها وهي تجري مع الدرج .
ووصلت الباب ..
قالت وهي تتنفس بسرعه : من ..؟ من عندالباب ..
وصلها صوت غريب لأول مرة تسمعه ..
: هذا بيت عماد بن مشعل .
: ايوه من انت ..؟
: انا من طرف فهد بن ناصر .. خليه يجيني الحين ... الموضوع ضروري .
رجعت شادن وسمعت صوت جدتها ووجهت خطاها لها ..
سألت ام ناصر بلهفة وخوف : من عند الباب ..؟
: واحد من طرف فهد .
: ماسألتيه فهد بخير ولا لا .
: لا ماقدرت اسأله بس يقول خلي عماد يجي .. بروح اصحي له عماد
راحت شادن تجري ودقت الباب على عماد ..
مرة مرتين وفتحت الباب ودخلت ..
شافته رامي نفسه على السرير باهمال وحاط المخده على وجهه واللحاف تحت رجوله وهو نايم بعمق ..
قالت : عماد .. عماد قووم .. فيه رجال يبغاك برا . عماااااد .. عمااااد .
رفع المخده عن وجهه وفتح عيونه بتعب قال : وش تبين ..؟
اخذت نفس عميق وهي تشوفه يصحى ويسهل لها المهمه قالت : فيه واحد يبغاك برا يقول انه من طرف فهد ولد عمي ناصر .
فز بسرعه وهو يقول : كم الساعه الحين ..؟
: 2 ونص تقريباً .
اخذ قميصه ولبسه على فنيلته البيضا وبنطلونه ونزل بسرعه .
خطواته تتسابق وقلبه يلهج بـ : يارب استر يارب عساه خبر خير عن فهد .
جلست شادن مع جدتها تنتظر الخبر اللي يوصل اما خير واما شر
جدتها تذكر الله وتدعي وهي تمشي رايحه جاية في الغرفه .
وقفت وهي تشوف عماد يدخل قال : ابشركم ان فهد بخير بس انا لازم امشي له الحين .
قالت ام ناصر بلهفه : هو وين اراضيه ..؟
: للحين مدري بس بروح مع الرجال اجيبه .. انا بمر على خالي ناصر واطمنه وانتم .
التفت على شادن قال : لااوصيك على جدتي .. مممم الحقيني فوق .
طلع فوق ولحقته ..
شافته يدخل غرفته وتبعته ووقفت على الباب بعد مادخل للحمام ..
خرج وهو متوضي ومبدل ملابسه ..
لبس ثوبه قدامها قال : خذي هذي اللي في محفظتي الحين الفين ريال .. انا مضطر اغيب كم يوم فهد محتاجني وماادري متى ارجع . الله الله بجدتي والسواق هنا اذا بغيتي تروحين لأي مكان تراك مسموحه واذا بغيتي شي ارسليه لا تترددين .
مسك يدها قال : شادن انتي هنا مكاني ماابيكم تحتاجون لاحد ولا لشي .. وعندك عبدالعزيز اذا احتجتي فلوس كلمي فوزية وهو ماراح يقصر و اذا رجعت اتفاهم معه .
طالعت فيه قالت : عماد فهد فيه شي ..؟
: بعدين بتعرفون كل شي ..
اخذ شماغه في يده وفتح درج الكومودينو واخذ كيس الأدوية طلع منه علبتين دواء وفتش في الكيس المليان علب فارغه .. ومده عليها قال : امسكي هذا حطيه في الزباله .. ولا اقولك خليه هنا ..
رماه في سله صغيره بجنب الباب ..
بوسط نظراتها مابين ادويته اللي في يده وشكله اللي يفكر بقلق ومحتار ..
طلع بسرعه وهو يتفقد جوالاته ومفاتيحه ومحفظته ..
وشماغه على كتفه ..
قالت بصوت عالي شوي وصله وهو ينزل مع الدرج : عماد .
وقف مكانه قال : هلا تبين شي ..؟
طالعت فيه قالت : توكل على الله واستعن بالله ان شاء الله مافيه شي يخوف .
هز راسه وتمتم بتوكلت على الله واستعنت بالله واعتصمت بالله ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم .. .
مر على جدته سلم عليها ومشى في طريقه ..
التفتت للغرفه المفتوحه وراها ..
تدخلها ولا ترجع ..
اسرارها تغريها وخوفها من عماد يردها
مابين تغامر وتتراجع ..
اخيراً قررت تدخلها بعد ماسمعت صوت البوابه الخارجية قفلت وسيارة عماد تحركت .
........
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
--------------------------------------------------------------------------------
فصلٌ حادي عشر
~ ياقدر مااقوى عليك ~
طلع النور بالتدريج وبدا الكون يوضح لهم بعد ساعتين ونص من يوم مامشوا من البيت .
جالسين في سيارتهم ويمشون بهدوء ورى سيارة الرجال اللي جاب لهم خبر فهد ..
زفر بندر بأووف دلاله على ملله ..
قال وهو متكي على الباب وحاط جاكيته الصوف على اكتافه لأن الو صار بارد : ماقال لك متى نوصل .
رد عماد وهو يعلي النور لأنه انحرف بالجيب ورى السيارة لمنعطف يدخل لقرية وضحت لهم بيوتها .
: الظاهر انا وصلنا .
عدل بندر جلسته وهو يتأمل المكان اللي لأول مرة يشوفه قال : ماقالك من متى وهو عنده .
رد عماد عليه بهدوء وملل : كل اللي قاله لي علمتك فيه .
تنهد بندر بأسى أسف وملل قال : مدري لوين بيوصلنا فهد معه .
: قول الله يستر عليه بس .
: الله يستر ويطمنا عليه
وقف الرجال قدام بيت شعبي مايفرق عن بعض بيوت ديرتهم قال : انزلوا حياكم الله .
نزل عماد وهو متلثم بشماغه وبندر يلف الجاكيت عليه بقوة ..
قال عماد : فهد موجود هنا .
هز الرجال راسه قال : اسمع وانا اخوك .. ترى الرجال حاله ابد مايسر وانا والله سويت اللي اقدر عليه وعملت جهدي بس اني ماقدرت اوديه المستشفيات البعيده .
قال عماد : بيض الله وجهك كل علومك غانمه عسى الله يقدرنا ونرد لك جمايلك .
دخلوا مع الرجال للمجلس المنزوي في ركن البيت وشافوا اللي ماسرهم ابد .
كان مسجى على فراش وعليه بطانيتين وفروة .. وهو يئن بصوت واطي .
قال الرجال : هذا حاله من ثلاث ايام وقبلها ماكان يتكلم .. والكحه ماتخليه لاياكل ولا ينام .
انفجع بندر من شكل اخوه .. يشبهه ولا هو ..؟
قرب منه وحط يده على راسه يجس حرارته كانت مرتفعه وكأن تحت جبينه نار مشتعله وحرارتها تعكسها جبهته .
قال عماد بهلع : يالله يابندر خلنا نشيله للسيارة ..
تكلم الرجال : اصبروا يالربع تقهووا وتغدوا وعينوا من الله خير ...
قاطعه عماد : خوينا لازمه مستشفى ان الله اشاء واراد جيناك بوقتٍ ازين من هذا ياابو ..
تكلم الرجال : ابو .. وهمس وهو يطالع في فهد .. : ابو سعود .
انتفض فهد اللي سمعه وصدر منه انين قطعته كحه قوية خلت بندر وعماد يطالعون في بعض بهلع وخوف وقلق ..
حط يده على صدره وهو يتنفس بصعوبه ..
ساعدوه عماد وبندر على الوقوف وساندوه لحد ماركب السيارة ..
قال عماد : بندر اخذ سيارة عبدالرحمن وارجع لاهلك علم خالي اني بودي فهد لجده واذا يبي يجي هاته لشقتي خذ مفتاحها .
مد عليه المفتاح وشغل سيارته ومشى والصمت كان رفيقهم مايقطعه الا كحة فهد الجافه القوية ولا انينه الخافت ..
***
وقفت على الباب اكثر من عشر دقايق وهي تتأمل المكان ..
السرير مقلوب وكأنه متهاوش مع مفرشه ومخداته ولحافه .
التسريحه بأغراضها مكركبة وتحس ان يدها تحثها على الشغل بس لاا
هالمرة لا ..
لايمكن تترك له مجال يهينها زي هذيك المرة ..
تقدمت بحذر وهي تتخيل انه راح يدخل عليها بأي لحظة ..
فتحت ادراج التسريحه ..
خاوية الا من بعض الأدوات كـ مقص اظافر .. مقص صغير عادي ..
شفرات للحلاقه .. ملمع احذية ومحافظ قديمه ومداليات مفاتيح مكسورة ومستهلكه ..
وورقة مطبقة ومرمية باهمال ..
مدت يدها عليها وبجرأة فتحتها وهي تلوم نفسها ليه تتطفل وتدبر العذر بسرعه انه زوجي وحلاله حلالي .
انفرطت ضحك وهي تتأمل الكلمات المكتوبة في الورقه بخط شهد ..
عماد بخط كبير في الوسط ..
وحاطه اسم شادن على اليمين واسم شهد على اليسار واسم شريفه ( امه) فوق .. واسم مشعل تحت ..
ومحوطه حرف الشين من كل اسم وساحبته بسهم لاسم عماد
وكاتبه تحت بخط كبير عماد يحب حرف الشين ..
شافت عماد كاتب على الطرف وكأنه يثبت صحة كلامها ( باقي الشيخه حصة ياشهد )
ضحكت من جديد على ذكاء شهد واحراج عماد وانها لازقه فيه وداخله من ضمن المقربين له غصب لو بتشابه الحروف .
طبقت الورقه مثل ماكانت ورجعت الورقه مكانها .
ووقفت تتأمل الغرفه من جديد ..
كل شي يوحي فيها بالجمود
مثله تماماً
تشبهه في سكوتها وبرودتها وجمودها
راحت للدولاب حق ملابسه .
فتحته بحذر وكل دقه ولا حركه تحس قلبها بينخلع من مكانه
خايفه ان عماد يدخل عليها ثم بأي وجه تقابله
وبأي حجه تعتذر
ريحة عطر العود المعتق اللي هاجمتها رجعت لها حركته في المطبخ وضمته لها
رجعت جلست على السرير لأن ذكراها تهزها وتفقدها توازنها سواء العقلي او الجسدي .
قعدت تتأمل الدولاب من بعيد وشافت الدرج المقفول وفزت له بسرعه ..
بس خيبها واحبط كل محاولاتها انه كان مقفول . .
هالآدمي ليه غامض .. وعنده اسرار كثيرة .. ومتخذ جميع احتياطاته ..
اخذت علب الدوا اللي في السلة وكأنها تبحث عن خيط
يدلها على شي عن عماد
أي شي ..
المهم انها تدخل لعالمه وتفتح شي من مكنوناته .
اخذت تبعثر العلب الفارغه وكلها خاوية من أي ورقة تحوي معلومات طبية للدواء من خواص تركيب ، مفعول الدواء ، لأعراض جانبية وأسباب ..
لفت نظرها ان الاسماء على العلب متشابهه interferon
و Lamuvidine
متكررة .. وتقريباً هم الاسمين اللي على العلب
قلبتها في يدها يمين ويسار ومافهمت من المصطلحات الطبية عليها من برا أي شيء ..
اخذت من كل نوع علبه وقامت لغرفتها يمكن تفك شفرتها ..
ولا احد يساعدها على فكها مع الوقت ..
بعد مايأست من انها تلاقي مدخل تدخل عن طريقه لهالآدمي الجامد والمتمثل في رجل هو زوجها سواء رضى ام ابى ..!
***
في اكثر الأماكن اللي ارتبط فيها بالشقاء والعذاب
اكثر الأمكان اللي زارها يتخبط بين اليأس والأمل
المكان اللي زرع بداخله حقيقه مرة
هي انه شخص مريض
موبوء ..
هالمكان بثه خبر زلزل حياته وغيّر مسار مستقبله ..
وقف قدام الغرفه اللي فهد فيها ..
طلع له الدكتور وسأله على طول : ها بشرني يادكتور .
رد الدكتور السعودي وهو يهز راسه بأسف : الحاله متقدمه لابد ننقله للعناية المشدده ..
كانت نظرات عماد متسمرة في الدكتور من غير مايتكلم وكمل الثاني : وين كنتوا عنه .. الرجال له مده ورئته ملتهبه . هذي نتيجة الاهمال يااخ عماد .
تذكر عماد كلام الرجال اللي جاه يعلمه عنه يبيهم يجون ياخذونه لايموت في بيته ..
ولدكم فهد بن ناصر في محنه تعالوا اخذوه من بيتي
سأله عماد : وينه ..؟ ليه ماجبته معك ؟
: الرجال مايتحمل السفر ولا العنا .. طريح فراش .
: وش اللي صار عليه ومن وين عرفته و
قاطعه الرجال : ولدكم لقيته طايح على وجهه في البر وفاقد الوعي .. اخذته احسبه ميت ويوم شفت تنفسه ضعيف وديته لبيتي لحفته ودفيته وشربته حليب دافي .. واشوا دفى جسده ورجعت الحياه لكن السعله اللي فيه خلت حاله يضعف ويتردى واليوم الرجال مريض ومااضن انه يبي يعيش ..
كانت عيونه تقدح شرر وخوف وهلع على فهد الأخ الولد ..
رد عليه وهو في حالة مايحسد عليها : هو اللي ارسلك لي .
: ايه حاولت اسأله عن اسمه واهله ماقدر يقول الا اسمه واسمك عماد بن مشعل في ديرة الاجواد .. وعيال الخير دلوني عليك . وانا ياخوك مااقدر انتظر للصبح الرجال يبي يدرك ( يموت ) وماودي اتحمل مسؤوليته ..
تفهم عماد وضعه وقدر له معروفه وطلب منه ينتظره لين يبلغ اهله واهل فهد ..
رجع لارض الواقع الحالي وهو يطالع في الممرضين يدفون سريره والكمام على انفه .. والأسلاك الطبية اللي تقيس النبض او توصل المحاليل الطبية لجسده تحيطه ..
لحيته طالعه بشكل عشوائي ..
وشعره نازل على اكتافه
مبعثر ..
متمرد ومتبهذل .
مثل حال فهد ..
جسمه نحل ولونه صار اسمر ..
دق جواله وهو يتبع فهد بقلبه وعيونه ودعواته وأسفه ..
وطالع في الشاشه وشاف اسم بندر ورد على طول ..
: هلا يابندر .
: هلا بك ياابو مشعل ها بشر عسى فهد طيب .
: ان شاء الله انه طيب انت وينك ..؟
: جايك انا والوالد لجده خلاص وصلنا بس دلنا على المستشفى .
: انا في السعودي الالماني اذا وصلته دق عليّ .
: زين يالله .. مع السلامه .
قفل من بندر والهم جاثم على قلبه وكاسي وجهه .
وشلون يقول لخاله اللي ماذاق طعم الكرى من ليلة غياب فهد .
زفر ودق على نايف يبلغه بحكم انه ولد عمه ولابد يعرف كل اللي يصير لهم ..
مامضى الا ساعه وكان نايف واقف مع عماد والقهر باين عليه ..
نايف يحب فهد بجنون رغم انه ماعرفه الا بوقت قصير بس كان كفيل انه يحبه ويوده لأن فهد من النوع اللي شخصيته تفرض وجودها ومحبتها بقلب أي شخص يعرفه ..
***
انتفضت من كلام ابوها
مستحيل يصير اللي يقوله .. او انها توافق على هالكلام
قال ابوها بتودد وضعف الزمن باين في لهجته : يانوف يابنيتي والله انه اليوم اللي انتظره لي سنين .. حمود ولد عمتس وحسبة ولدي وابيه ياخذتس ولاياخذتس غيره . وانتي تعديتي السن اللي يعرسن فيه البنات .. ماعاد فيه خطاب وانا ابوتس .
كانت دموعها سيل على وجهها وهي تصد عن ابوها مو متقبله كلامه
وماعندها ادنى استعداد انها تسمعه ولا تركز فيه
انا آخذ حمود ..
بعد الصقر اللي احلم فيه آخذ الغراب
والله مايصير ولايقوله ربي لو اجلس طول عمري احلم في عماد ..
حطت اصابعها في اذانيها وابوها يترجاها تفهمه وتتفهمه ..
قالت بغصة ورجفه واعتراض واصرار : يبه والله لو تقطعني قطعه قطعه مااخذته .. لاتغصبني ثم اذبح عمري .
غمض ابوها بعيون المقهور
رجلٌ مسن وأب وعيشته بنته بين نارين
نار غصيبتها وتنفيذ اللي تقوله ونار عنوستها وجلوسها في بيته واعاقة خواتها من الزواج ان ماتزوجت ..
عقد حواجبه قال : انا عطيت كلمتي لاخوي .. اذا تبين تكسرين كلمتي ..
قاطعته : يبه تكفى طلبتك انا كبيرة والشور لي .. تكفى لاتغصني طلبتك يبه
انهارت من البكا اكثر ومالت عليه وباست يدينه الثنتين : يبه تكفى طلبتك
يبه الا الغصيبه لاتغصبني .. زوجه نوره .. هي دايم تمدحه يمكن يناسبها .. انا حمود مايناسبني .
مسح على راسها بشفقه ووجع قال : يجيب الله خير يجيب الله خير .
طلع من الغرفه ورمت نفسها على فراشها تنتفض وتبكي بهلع .
ياويلي لو آخذ غيره
ياويلي لو ربي يكتبني لغيره كان انتحر وافتك من الدنيا اللي عماد مهوب فيها .
دخلت عليها امها والشرر يقدح من عيونها .
: نوف ليه ماتوافقين على حمود .. حمود وش يعيبه يوم ماتبينه ..؟
ثنت ركبها ودست وجهها بين يدنها وهي تحط جبينها على ركبتها وتبكي بحرارة : يمه ماابيه وبس ولاتسأليني لأن ماعندي شي اقوله عنه .
: فضحتينا بالناس .. الناس ماعاد لها هرجة غير بنتنا اللي عنست وعيت عن العرس .
: يمممه .. يممه تكفين خليني لحالي .. حمود ان اخذته ذبحت نفسي .
وقفت العنود على الباب قالت : يمه خليها هذي ماتستاهل حمود .. ياليت حمود ولد عمي ياخذ نورة مهيب عصبية وتهاوش مثل العله هذي .
وقفت نوف بسرعه وكأنها تبي احد يعترضها غير امها وابوها وتفش اللي فيها فيه ..
وصلت العنود اللي حاولت تلوذ بامها وكانت نوف اسرع ..
مسكتها بشعرها وسحبتها ..
كانت تضرب فيها بهستيريا وانفعال عصبي ونفسي ..
والام مابين البنتين وتصرخ باعلى صوتها : فكي اختس يالمجنونه .. فكيها ذبحتيها ..
اخيراً فكتها من بين يدين نوف .. والثانية تلهث قهر وتعب واحباط والدنيا في عينها ضيقه وظالمه وقاسيه ومجحفه .
وصلت نورة على اصواتهم وصراخهم قالت : يمه وش فيه .. طالعت في العنود اللي تبكي بصوت عالي ووجها في خدوش بسبب اظافر نوف .. قالت : هذا فعل من .. العنود متهاوشة مع من ..؟
بكت العنود اكثر وامها تحضنها وتحسب الله على ابليس قالت : نوف ضربتني .. الله يجعلها ماتاخذ حمود .. الله ياخذها ويجعل ابوي يوديها لمسفر .. آآآآه .. هذي مجنونة قطعت شعري ووجهي ..
طالعت نورة في نوف اللي تشهق بصمت وتمسح عيونها بمنديل وهي خايفه من العواقب لو ابوها درى عن ضربها للعنود حبيبته ..
رمتها نورة بنظرة لوم وعتب ومغزاها وش نهاية هالرفض يانوف .
قالت نوف بضجر : ها وش عندتس انتي بعد ..؟
زمت نورة شفايفها قالت : ماعندي شي بس حكمي عقلتس قبل يفوتتس الفوت ثم ماعاد ينفع الصوت .
طلعت نورة ولحقتها امها وهي لازالت تتحسب وتلحقها بدعوات لبناتها بالهداية والصلاح والستر ..
***
يوم ثاني وفي مدرسة الاجواد ..
وقفت في الشمس اللي تبثها شيء من الدفء
خاصة ان الجو بارد في الصباح وجو الأجواد يشبه جو الطايف بحكم انها الأقرب ومرتفعه عن سطح الأرض مثل سطح منطقة الطايف .
ضمت جسمها بيدينها وهي تنتظر الحصة تنهتي حتى تطلع من فصلها ..
طالعت في نوف اللي جالسة في غرفة الاداره مقابله لها وملتهية ببعض الأوراق والدفاتر اللي تدقق فيها ..
اليوم تكرهها اكثر من قبل
تحقد عليها وتشوفها انسانه وضيعه
وشلون مدرسة ومربية جيل تصرفاتها رعناء ..
وشلون تنشيء بنات يخافون الله ويحافظون على قيمهم ومبادئهم ويكونون قد ثقة اهلهم وهي ماربت نفسها ولا احترمتها ..
" الله يشفيها ويهديها "
قالتها بقلبها وهي تلتفت للطالبات اللي اصواتهم علت على غير العادة وكأن فيه موضوع اثارهم ..
: خير اش صاير اصواتكم طلعت ..؟
ردت وحده من الطالبات : ابله شنطة مستورة فيها عقرب صغيرة ..
تكلمت ثانية : شكلها جاية(ن) تدور الدفا في الشنطه ..
وثالثه : اشوا انها ماقرصتها فكها ربي .
كانت جامده مابين الطالبات اللي الوضع عندهم عادي الا مزنة الطالبة الخجولة واللي عمرها ماتجاوز 11 سنه قعدت ترتجف بهلع ..
قالت شادن بخوف وهي تحاول تتشجع : مستورة لاتفتحين شنطتك طلعيها برا اذا تقدرين . مزنه ليه خايفه ماراح تنط عليك .
حطت اصابعها اللي ترتجف في فمها وتكلمت سارة بنت عمها واللي قاعده بجنبها : ابلا اخوها الصغير مات من قرصة العقرب وجاتها عقده .
كشرت شادن بخوف ..
ياربي استر ..
الله يلوم من يلومك يامزنه والله يذكرك بالخير ياناديه اثري خوفك منها ماكان من فراغ ..
انتبهت لوحده من البنات وهي تقول : ابلا عادي نطلع الكتب وننفض الشنطه واذا طاحت ذبحناها .
بلعت شادن ريقها وهي تتخيلها تطلع وتهجم عليها ولا على وحده من البنات قالت : لا لا انتم مسؤوليتي وانا خايفه عليكم .. طلعي شنطتك برا يامستوره حطيها عند البوابه .
ضحكت وحده من البنات باستهزاء ورجعت ضحكتها بسرعه وهي تشوف شادن ترفع حاجبها مستنكرة ضحكتها بوضع مثل هذا ..
قالت مستورة : ابلا انا شفتها صغييييرة اقدر اذبحها .
: لا لا انا قلت طلعيها اسمعي الكلام ولاتجادلين يامستورة .
: طيب ودفاتري ..وشلون اكتب فيها ..؟
: بعدين تكتبين الملخص اذا خرجت العقرب من شنطتك ..
اخذت مستورة شنطتها وطلعتها برا الفصل ورجعت جلست وشادن عاضة على اسنانها ليه هي اكثر وحده خايفه ..
ليه ماتقدر تتأقلم على الحياة هنا بسهولة الناس تمر بجنبهم الحشرات عادي وهي ترتجف لين تحسها ابعدت والبنات هنا شوفة العقرب شي طبيعي ومتعود ين عليه وهي كادت تختفي من الخوف بصمت .
انقذها صوت الصفارة واعلن انتهاء الحصة وبداية حصة ثانية ..
طلعت بسرعه وتركت وراها اسئلة كثيرة في افواه الطالبات حول خوفها وقلقها وعدم مواجهتها لعقرب وصغيرة ...
***
بعد ثلاثه ايام كانت حافلة بالقلق والانتظار والترقب
عماد جالس عند الدكتور ويكلمه بالتفصيل الممل عن حالة فهد .
وناصر وبندر ونايف واقفين امام غرفة العناية المركزة ويراقبون حالته وهو يكح ولا يتحرك ..
قال ابو فهد .. : انا بدخل عنده اشوفه صحى .
رد بندر وهو عاقد حواجبه دلاله على الأسى على اخوه : انتظر لين الدكتور يسمح لنا .
دخل الممرض ودخل معه ناصر وعيونه مركزها على ولده البكر اللي يصارع الوجع والحزن ..
قرب منه وحط يده اليمين على جبينه وفتح فهد عيونه ببطء وغمض بارتياح ..
المهم ان ابوه وامه تطمنوا عليه والباقي يهون ,,
نفث ابوه عليه بآية الكرسي والمعوذات ومسح على صدره وهو يكرر (اللهم رب الناس اشفه انت الشافي شفاءٌ لايغادره سقما اعيذك بكلمات الله التامات من شر ماخلق .. اعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامه ومن كل عينٍ لامه .. باسم الله ارقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك )
نزلت دمعه من عين ابو فهد امام مرأى بندر ونايف اللي ابعدوا على طول عن الغرفه ومسحها بطرف شماغه وهو يهمس له : سامحني يابوك .. الظاهر ماجنى عليك غير كلامي لك . ارتجف صوته وكمل : الله يشفيك ويردك عليّ .
تحرك فهد من مكانه ..
الا دمعة ابوه ..!
الا ضعفه وانكساره ..!
الا انه يعتذر منه ..!
بغى يتكلم واخذ نفس وكح بصعوبه واضطر انه يسكت قال الممرض السعودي : لوسمحت ياعم تفضل برا ولدك تعبان ومحتاج للراحه ووجودك عنده يتعبه .
هز ناصر راسه وسلم على جبين فهد ..
ونزلت دمعه من عين فهد وصلت لرقبته وهو مغمض كأنه مايبي يواجه الدنيا وهذا واقعه وحاله ..
مسحها ابوه بقهر ..
يحس ان ولده يتألم
صدره منغرس فيه المرض والالتهاب الحاد ..
ووجع فراق سعود ..
طلع من عنده وهو يشوف الممرض يحقن فهد بمنوم ومسكن والثاني يستسلم للنوم بوجع ..
وقف عماد قريب من خاله ومسكه بيده ..
: تطمن ياخالي .. الدكتور يقول حالته تحسنت ..
تنهد ناصر بحسافه على حال فهد قال : ماالظاهر انها تحسنت ياعماد .. الرجال ماقدر يتكلم .
: هذا طبيعي من البرد اللي تعرض له وقلة الأكل والحمى اكيد انه راح يتعب بس الأشعه تقول ان ماعنده الا التهاب وان شاء الله كلها اسبوع ويطلع .
طالع ناصر في ساعته قال : تروح معي لبيت نايف ..؟
فك عماد شماغه ولف جناحه بخبرة قال : لا الله يخليك لي وراي مية شغله .. ودي اكثف الشغل هاليومين قبل الشهر الفضيل ..
: الله يعينك ياولدي .. يالله اجل نتواجه على خير .
: على خير ياخال .. الله معك .
طلعوا من المستشفى ..
عماد راح لشغله وخاله وبندر راحوا مع نايف لبيته ..
***
اسبوع ثاني وفهد يصارع آلام الصدر ..
مابين وجع الدنيا بدون سعود
ووجع رئته اللي يصعب التنفس مع التهابها
خاله وبندر رجعوا بعد ماطمنهم الدكتور ان فهد بدا يتحسن عن اول
كان جالس في شقته يشرب قهوة تركيه ويراجع بعض المعاملات والمستندات المهمه ..
ارضية الصاله مغطيتها الجرايد والكتب والأوراق والملفات ..
دق الجرس فجأة وهو في قمة تركيزه .
رمى القلم من يده ولام الحارس اللي ماعمره دق الا وهو مركز بشي مهم .
فتح وتفاجأ في بندر اللي سلم ودخل وشهق على طول قال : اعوذ بالله انا وين انا داخل ..
رد عماد وهو يرفع بعض الجرايد المنتشرة في المكان قال : ادخل للمجلس على بال ماارتب المكان
رمى بندر شماغه وقعد يرتب معاه بهمّه
قال عماد : مريت فهد ..؟
: لا توني وصلت .. نزلت ابوي عند نايف .
: ليه ماجبته عندي ..؟
: ياخي نسيت نايف انت .. اعوذ بالله انسان لحوح اول مادرى ان ابوي معي ويحلف اني مااتعداه المهم خذ ..
مد على عماد ورقه قال : هذي من اهلك يقولون طلبات رمضان . ابلشني ابوي يقول وصلها له قبل يرجع .
اخذها عماد ودخلها في جيب تي شيرته قال : وشلون جدتي ..؟
: طيبة بس ازعجتني تقول خله يرجع .
: قلت لها اني مااقدر ارجع واترك فهد .
: قلت لها بس تقول دام انه تطمن عليه خله يرجع وحاله حالكم .
: الحين من يفكني من تحقيقها ولومها .. الله بس يعين .
: هههههههههههههههههه امش على هواها وترضى عنك .
رجع بندر للباب قال عماد : وين بتروح اجلس خلنا نتقهوى .
: لا نايف ينتظرني بالقهوة .. متى تبي تمشي انت للديرة .
: ماادري والله ماقررت للحين بس يمكن بكرة .
: زين يالله سلام عليكم
سكر بندر الباب وطلع عماد الورقة وانذهل
47 غرض وكل غرض بجنبه 2 كرتون ولا 3 ..
هذي صاحية .. !!
وين احط هالاغراض ؟
تأمل الورقة المزخرفه والخط الأنيق وابتسم
ورجع يقراها طلب طلب ..
اغلب المواد الغذائية اللي كاتبتها منزوع الدسم ولا قليل الدسم ..
معقول تكون عشاني ولا عشان جدتي .. !
رجع يكمل وهو يشوف اشياء قد سمع فيها وبعضها اول مرة يسمع فيها ..
حس باطمئنان وهو يتذكر انها هناك ..
مكانه ..
والأهم ان جدته ماصار يحاتيها مثل اول ..
متطمن انها في البيت وتراعيها وتجلس معها وتداريها .
قرب الورقه من فمه وانفه وهو يفكر من يجيب له الاغراض خاصه ان ماله خلق يطلع .
ووراه مية شغله ومعاملات لابد يراجعها ويوقع عليها ..
وضروري يرجع للشركه بعد ساعه يقابل فايز ويكمل معاه الشغل ..
اخترقه ريحة عطرها اللي لزق في الورقه من يدينها ولمساتها وآثارها ..
ورجع نظره للورقه الأنيقه ..
ارتعش جسمه وحس بقشعريره وهو يشوف مكتوب في آخر الطلبات بخط صغير وكأنه خجلان ويبي يداري نفسه بين الحروف ..
( تأخرت علينا كثير .. ان شاء الله انك بخير )
قراها اكثر من عشر مرات ..
هذي وش بتسوي فيني
ناوية لها على نية بس الله يستر منها ..!
لبس ملابسه وخرج من الشقه وهو يكلم فايز مدير الشركه ويحمله المسؤوليه في غيابه .
***
له اسبوع ونص غايب
ماهمها غيابه كثر ماهمها زعل جدتها ..
تذكرت الورقه اللي كتبتها له ووش بتكون ردة فعله اذا شاف كثرة الأغراض
ولا الكلمه اللي كتبتها له
عورها بطنها وهي تتخيله يقراها .
وقامت من فوق الكرسي حق التسريحه ..
حاولت تنشغل بأي شي غير التفكير فيه ..
بدلت ملابسها ولبست بيجامه الوانها مابين الموف والزهري ..
بأكمام طويلة وبنطلون واسع وطويل ..
اخذت شباصتها في يدها وطلعت من غرفتها .
تعودت ماتنام الا عندها مويه ..
والمطبخ اللي فوق فارغ حتى ثلاجته وجودها زي عدمه ..
نزلت مع الدرج وسمعت الباب ينفتح
فزت بمكانها خوف ورعب وطاحت الشباصه من يدها واحدثت صوت وهي تتدحرج مع الدرج درجه درجه ..
خاصة ان البيت خالي من الأصوات وجدتها والشغاله نايمين ..
طالع فيها وفي يده اكياس كثيرة وعند الباب كراتين وكأنه جايب بقالة كاملة .
عضت على شفتها السفلى منحرجه من نفسها اكثر مما هي منحرجه منه ..
كل هذي طلبات ..؟
صدق اني هبله ..
تذكرت كلام جدتها عن حياتهم في رمضان وطقوسهم والتمست لنفسها العذر ..
متردد وش يقول وهو يشوفها تطالع بالأغراض وتاكل بشفتها بحرج ..
قال : جبنا لتس طلباتس ياطويلة العمر .. اللي تقدرينه شيليه واللي ماتقدرينه خليه للشغاله ولا بكره اشيله انا .
نزلت بحرج قالت وهي ترسم على ملامحها ابتسامه بالغصب : الحمد لله على سلامتك . وماعليه خلّ الناس اذا افطروا عندنا يقولون احلى فطور فطور عماد اهله .
مد عليها الجريده وشماغه وعقاله في يده قال وهو يتحاشى النظر فيها ويتجاهل جملتها الثانية
: الله يسلمتس .. خذي حطي هذي في الصالة اقراها شوي ولا بكرة .. وسوي لي شاهي وثقليه .
اخذتها من يده ولمست اطراف اصابعها اصابعه ..
وخرت يدها بسرعه وطاحت الجريده من يدها ..
قالت : اووه سوري ... اخذتها بسرعه وكملت بارتباك : أ أ طيب .. تعشيت ..؟
اجمل لحظات يستمتع فيها لمن يشوفها ترتبك خجل اوتعلو جبينها وخدودها حمرة خجل ..
ابتسم نصف ابتسامه قال : لا ماتعشيت .. وش بتعشيني ..؟
بلعت ريقها وحست الدم يعلو لوجهها اكثر قالت : ها ..؟ اللي تبغاه .. بحط لك من عشانا .. مسوين صينية خضار بالدجاج . ولا ماتعجبك ..؟
حس انها مرتبكه وماتدري وش تقول قال بهدوء : زين جهزي لي أي شي وجيبيه لغرفتي فوق . مالي خلق انتظر تحت .
عدت من عنده وراحت للمطبخ ..
وهو دخل غرفة جدته طل عليها وخرج توجه للدرج ومنه لغرفته ..
رمت الجريده على الطاوله وسوت له شاهي وسخنت له العشا
وقعدت تحضر وهي منقهره من طريقته وكلامه لها ..
حتى سلام ماسلم زي الخلق والناس
ولا كيفك ماقالها ولا سأل عن جدتي .
وكل كلامه يامسخرة وياجد في جد .
انسان جامد وماعنده احساس ..
خرجت الصينيه البايروكس من الميكرويف وهي تتمتم بـ ماعليه ياشادن تحملي وش وراك . . وبالصبر بتنالين اللي تبينه .
طلعت فوق وهي تشيل الصينيه الكبيرة اللي رتبت فيها العشا والشاهي
..
كان لابس قميص اسود بكم طويل ويمشط شعره قدام التسريحه ..
شافها في المرايه ورمى الفرشه من يده قال : كان رتبتي غرفتي يوم ماقفلتها .
رمته بنظره وهي تحط الصينيه على الارض قالت : ماابغى اتدخل في خصوصياتك .
ابتسم غصب عنه وهي تعقد حواجبها وتتكلم بضيق ..
قال : زين ياللي ماتبين تتدخلين فيني وش اللي تأخرت عليكم .. ها .
اجلسي تعشي معي تراني مااحب آكل لوحدي ..
انحرجت من كلامه وطريقته
واهتمامه وتجاهله ..
اليوم هذا مو صاحي ..
قالت : لا شكراً تعشيت.. اذا خلصت اكل خرج الصينيه برا وانا اجي ارجعها ..
اعطته ظهرها بتخرج قال : تعالي تعالي ماتبين تعرفين علوم امتس ونايف .
رجعت بسرعه قالت بلهفه : الا والله ابغى اعرف .. مريت امي ..؟ اش اخبارها وكيف نايف ..؟
قال وهو ياكل ويرشف من بيالة الشاهي : قدمت لامتس على شغاله وقلت لنايف ان انتي اللي دفعتي الفلوس ..
عضت على شفتها السفى برقة قالت : كم دفعت ؟.
: مالك شغل .
: الا لي شغل وراح ارجع لك فلوسك ان شاء الله بس اروح جده عشان اسحب راتبي .
رفع نظره لها يبي يشوف ردة فعلها قال : انتي وش دخلتس .. انا رجال ابي اقدم لعمتي خدمه .
وبنطرة مليانه اسئلة تبيه يفسر ويترجم ويوضح قالت : عمتك ؟.
بلع لقمته وهو يطالع في الأكل قدامه ويواري نظره عن نظراتها المستغربه قال : ايه عمتي ولا عندتس شك ..؟
نظراتها ماقدر يفسرها ..
هل هي عتب ..؟
ولا لوم ..؟
ولا ليه تستخف فيني بكلامك هذا ..؟
قالت وهي عاقده حواجبها من تناقضه وحركاته السخيفه بنظرها
: المهم هي كيفها وكيف صحتها ..
: طيبة وتسلم عليك ونايف بعد يسلم عليك .
همست وهي مخنوقه : الله يسلمهم .
نفسها تسأله كيف جاهم ومتى ووش قالت له امها بالتفصيل الممل وكل كلام نايف بس ماتبي تحرج نفسها معاه وتدري انه ماراح يبرد لها قلبها .
فترت ملامحه وهو يشوف لونها بهت والذكريات والحنين خنقتها وقربت العَبْرَة ..
قال بهدوء : اذا بين تروحين لهم بوديك أي وقت ماعندي أي اشكال لوتبين بكرة .
هزت راسها قالت : لا مشكور .. صعب اروح ايام الدراسه وبكرة السبت .
طلعت من عنده ودخلت غرفتها ..
حاولت انها تتماسك وتصبر
بس كانت الدموع اقوى من صبرها
وتفجرت حنين وشوق
سالت أسى وقهر على فراقهم وبعدهم
اشتاقت لامها وتحس انها ماشافتها سنين ..
واشتاقت لضحكة نايف من زمااان عنها .
ضمت مخدتها وهي مغمضة بقوة .. ورموشها مبللة بالدمع ..
فتح عليها الباب ودخل قال : كنت عارف انك تبكين .. والله لودريت ماجبت لك سيرتهم ..!
سحبت لها منديل وابتسمت وهي تمسح عيونها وخشمها قالت : عادي انا اصلاً بكاية ... خلصت عشا ..؟
وقفت وهو يطالعها بدون مايتكلم
الحمرة اللي اكتست جفونها وخدودها وخشمها واذانيها مشكله منها فتنة .
مهما كان هو رجل وعنده احساس
او انها بأنوثتها ووجودها احيت احساسه بعد ماقتله ..
مشاعره اليوم اقوى منه
وشادن سطوتها عليه مو مخليته يتحكم لابكلام ولا بشعور ..
مسك يدها وهي جمدت بمكانها
كانت تحس انه متغير من اول مادخل ..
بس تغييره لحظي او لوقت .. وبسرعه يرجع زي اول
يعني مو مقتنع انه يتغير .
غمضت عيونها وهو يقرب يدها لشفايفه ويطبع عليها قبله لأول مرة .
رجعت خصلة تمردت على جبنها ورى اذنها قالت : بروح اشيل الصينيه وارتب لك غرفتك كلها غبار .
حس عماد بارتعاشة يدها وضم عليها بقوة قال بحنان مايدري ليه سيطر عليه : بكرة الصباح بوديك لاهلك .
اختلف صوتها وهي تشوفه يطالع فيها بتأمل لأول مرة ..
ومن هالقرب ..!
وبكل هالأحاسيس ..
ارتباك وخوف وخجل كلها امتزجت وشكلت منها كتله حمرا ومتجمده ..
ماقدرت تنطق الا : بكرة صعب .
رفع راسها اللي منزلته للأرض وتهمس له قال : ارفعي راسك ياشادن طالعيني وانتي تكلميني ..
رفعت عيونها لوجهه بحرج ..
وذاب كل الجليد ..
..
انا انسان
وقربك ايقض
الوجدان ..
ينام بداخلي
احساس ..
وتصحى بقلبي
الاحزان ..
ولو تدري ..
هنا بصدري ..!
سكاكين الوجع
والآه
وتسكن فيني
المأساة
تعالي وارتمي فيها
عسى قربك يشافيها
المسي
جرحي خفا
واغمري
بردي دفا ..
تعالي
وايقظي فرحي .
وادملي جرحي ..
تعالي
واضحكي فيني
والعبي فيني
واسكني فيني
انا انسان
وقربك ايقظ الوجدان .
(اقدار )
امتدت يده لها وضمها على صدره ..
وهي مابين حلم دافي وحقيقه حالمة ..
تصدق ولا تكذب
رغم الرهبه والخوف
الا ان الاطمئنان كان مخليها تستلم له بكل هواده وهدوء ..
نست خوفها من مصيرها اللي حكم به عماد عليها ..
واطمئنت لبداية نجاح خطواتها بقربه منها ..
مرت دقايق قليله وهو حاضنها
وهي مغمضه وترسم بقية الحلم
ضحكته
كلامه معاها بانطلاق
فرحته بشوفتها ولهفته
قبوله وتقبله لها بكل مكان وبكل وقت .
وكأن الحلم مستكثر عليها ..
لمن وخرها عن صدره وهو يطالع بالارض ويتحاشى وجهها ..
صعب يمني نفسه بالحياه
وهو ميت ..
صعب انه يغير القدر
ولا انه يحلم ويكسر في شادن الآمال بعد سنوات قصيرة ..
رحمه ربي بعلب الأدوية اللي اخذتها من غرفته
وكأنها المنقذ الوحيد بعد الله وتكون وسيله كي يخرج من اللحظات العصيبه بنظره . .
احكم قبضة يده على يدها
قال بصوت باهت وهادي ومعاتب وحاني بنفس الوقت : هذي وش تبين فيها ليه جايبتها لغرفتك ..؟
رفعت وجهها اللي كانت منزلته للأرض بخجل وطاحت عينها على الأدوية ..
من وين تجيب الكلام ..؟
وين العذر ..؟
دخلت غرفتك وفتشتها ..؟
ولا حاولت ادور على خيط يدخلني لأسرارك ويكشف لي غموضك ..؟
ارحمني يارب .
اخذت نفس عميق قال بجرأة انطلقت من شفاهه من دون مايحسب لها او يفكر في عواقبها وكأنه تسوقه على الكلام او بمعنى اصح تجبره على الفضفضه
: تبين تعرفين هذي ليه ..؟
هزت راسها بلا قالت : ها .. ؟ عماد ماقصدي شي بس امي عندها القولون ..
حط وجهه قدام وجها ولفحتها انفاسه وهو يقول بهمس : وانا ماعندي قولون ياشادن .. فهمتي .. ماعندي قولون .
انتفضت بمكانها ..
وعلا صدرها وهبط وكأن قلبها بيخرج من مكانه خشية الصدمة والخوف من اللي بيقوله ..
تهاوت على السرير جالسه وانفلتت يدها من يده ..
قالت بشفايف ترتجف وصوت مخنوق وهي تحط يدها على فمها بأسى
: عمااد .
قاطعها بضحكه خافته لأول مرة تسمعها وهو يشوف الهلع باين على وجهها وتترجمه رعشة يدينها وشفايفها ..
جلس قدامها على ركبه قال : لاتخافين هذي فيتامينات .. انا مافيني الا العافيه .
هزت راسها بلا واصرار انه يكذب .
مسك ذقنها من تحت وشد عليه بسبابته وابهامه زي مايسوي مع شهد دايماً اذا عاتبها ولا زعلت منه وجا يراضيها
قال بهمس : ليه ماتبين تصدقين .
حطت يدينها على وجهها وضمت عليه بقوة وهي مغمضه ..
ماعندها كلام
ولا تقدر عليه ..
الأحاسيس بداخلها كثيرة بس كيف تظهرها وهي بموقف مثل هذا ..
والصوت يخذلها والكلام يخونها ..
وقف وهو يطالع في الباب ..
لابد يبعد عنها ..
يهرب لأقصى مكان
حتى ماتكشفه ويفضح امره قدامها وبين اياديها ..
مسح على راسها وطبع على جبينها قبله اجبرته على فعلها وطلع ..
تركها مابين ندب وقهر
تصدق عيونها والواقع ولا تصدق كلامه ..
مو قولون ..؟
ومستحيل تكون فيتامينات ..
معقول ما فيه شي ..
اجل ليه حياتهم كذا ..؟
بس وشلون تعرف ..؟
هو هرب منها خلاص ..
وماتدري له رجعه ولا راح يحرِّمها للأبد ..!
ابتسمت وهي تتذكر يدينه اللي حوطتها بقوة وهو يضمها .
نفسها تروح له وترمي نفسها في حضنه مرة ثانيه وتعيش نفس الاحساس ..
تلخبطت مشاعرها مابين ارتياح وطمأنينة وخوف من باكر ..
تذكرت الصينيه واكيد انها عنده او برا غرفته ..
وقفت وشافته يشيلها بنفسه قال بلهجة جافه : ارجعي نامي انا اللي ارجعها .
ردت باصرار وهي تتسلح بالقوة واللامبالاة من تغيراته المفاجئة
: اصلاً انا لازم انزل عشان ادخل الاغراض اللي جبتها ..
: خليها بكرة ترجعها الشغاله ..
ردت بابتسامه اغتصبتها من بين افكارها الموجوعه : فيه اشياء مايصير تبقى برا بحطها في الثلاجه ..
: زين اجل خذي مني دام انك رايحه رايحه بغيت اخدمك وانزلها .
بلعت ريقها وقالت : تسلم ماتقصر .
تنهد من العمق بدون كلام ..
واخذت الصينيه منه ورجع لغرفته سكر الباب بينه وبينها ..
وهي راحت في طريقها ..
وطريقها الليلة مابين الحلم والألم واليأس وبوادر امل تشوح لها من بعيد وبكرة يثبت لها ياتستقبلها ياتودعها ..
***
فصلٌ حادي عشر
~ ياقدر مااقوى عليك ~
طلع النور بالتدريج وبدا الكون يوضح لهم بعد ساعتين ونص من يوم مامشوا من البيت .
جالسين في سيارتهم ويمشون بهدوء ورى سيارة الرجال اللي جاب لهم خبر فهد ..
زفر بندر بأووف دلاله على ملله ..
قال وهو متكي على الباب وحاط جاكيته الصوف على اكتافه لأن الو صار بارد : ماقال لك متى نوصل .
رد عماد وهو يعلي النور لأنه انحرف بالجيب ورى السيارة لمنعطف يدخل لقرية وضحت لهم بيوتها .
: الظاهر انا وصلنا .
عدل بندر جلسته وهو يتأمل المكان اللي لأول مرة يشوفه قال : ماقالك من متى وهو عنده .
رد عماد عليه بهدوء وملل : كل اللي قاله لي علمتك فيه .
تنهد بندر بأسى أسف وملل قال : مدري لوين بيوصلنا فهد معه .
: قول الله يستر عليه بس .
: الله يستر ويطمنا عليه
وقف الرجال قدام بيت شعبي مايفرق عن بعض بيوت ديرتهم قال : انزلوا حياكم الله .
نزل عماد وهو متلثم بشماغه وبندر يلف الجاكيت عليه بقوة ..
قال عماد : فهد موجود هنا .
هز الرجال راسه قال : اسمع وانا اخوك .. ترى الرجال حاله ابد مايسر وانا والله سويت اللي اقدر عليه وعملت جهدي بس اني ماقدرت اوديه المستشفيات البعيده .
قال عماد : بيض الله وجهك كل علومك غانمه عسى الله يقدرنا ونرد لك جمايلك .
دخلوا مع الرجال للمجلس المنزوي في ركن البيت وشافوا اللي ماسرهم ابد .
كان مسجى على فراش وعليه بطانيتين وفروة .. وهو يئن بصوت واطي .
قال الرجال : هذا حاله من ثلاث ايام وقبلها ماكان يتكلم .. والكحه ماتخليه لاياكل ولا ينام .
انفجع بندر من شكل اخوه .. يشبهه ولا هو ..؟
قرب منه وحط يده على راسه يجس حرارته كانت مرتفعه وكأن تحت جبينه نار مشتعله وحرارتها تعكسها جبهته .
قال عماد بهلع : يالله يابندر خلنا نشيله للسيارة ..
تكلم الرجال : اصبروا يالربع تقهووا وتغدوا وعينوا من الله خير ...
قاطعه عماد : خوينا لازمه مستشفى ان الله اشاء واراد جيناك بوقتٍ ازين من هذا ياابو ..
تكلم الرجال : ابو .. وهمس وهو يطالع في فهد .. : ابو سعود .
انتفض فهد اللي سمعه وصدر منه انين قطعته كحه قوية خلت بندر وعماد يطالعون في بعض بهلع وخوف وقلق ..
حط يده على صدره وهو يتنفس بصعوبه ..
ساعدوه عماد وبندر على الوقوف وساندوه لحد ماركب السيارة ..
قال عماد : بندر اخذ سيارة عبدالرحمن وارجع لاهلك علم خالي اني بودي فهد لجده واذا يبي يجي هاته لشقتي خذ مفتاحها .
مد عليه المفتاح وشغل سيارته ومشى والصمت كان رفيقهم مايقطعه الا كحة فهد الجافه القوية ولا انينه الخافت ..
***
وقفت على الباب اكثر من عشر دقايق وهي تتأمل المكان ..
السرير مقلوب وكأنه متهاوش مع مفرشه ومخداته ولحافه .
التسريحه بأغراضها مكركبة وتحس ان يدها تحثها على الشغل بس لاا
هالمرة لا ..
لايمكن تترك له مجال يهينها زي هذيك المرة ..
تقدمت بحذر وهي تتخيل انه راح يدخل عليها بأي لحظة ..
فتحت ادراج التسريحه ..
خاوية الا من بعض الأدوات كـ مقص اظافر .. مقص صغير عادي ..
شفرات للحلاقه .. ملمع احذية ومحافظ قديمه ومداليات مفاتيح مكسورة ومستهلكه ..
وورقة مطبقة ومرمية باهمال ..
مدت يدها عليها وبجرأة فتحتها وهي تلوم نفسها ليه تتطفل وتدبر العذر بسرعه انه زوجي وحلاله حلالي .
انفرطت ضحك وهي تتأمل الكلمات المكتوبة في الورقه بخط شهد ..
عماد بخط كبير في الوسط ..
وحاطه اسم شادن على اليمين واسم شهد على اليسار واسم شريفه ( امه) فوق .. واسم مشعل تحت ..
ومحوطه حرف الشين من كل اسم وساحبته بسهم لاسم عماد
وكاتبه تحت بخط كبير عماد يحب حرف الشين ..
شافت عماد كاتب على الطرف وكأنه يثبت صحة كلامها ( باقي الشيخه حصة ياشهد )
ضحكت من جديد على ذكاء شهد واحراج عماد وانها لازقه فيه وداخله من ضمن المقربين له غصب لو بتشابه الحروف .
طبقت الورقه مثل ماكانت ورجعت الورقه مكانها .
ووقفت تتأمل الغرفه من جديد ..
كل شي يوحي فيها بالجمود
مثله تماماً
تشبهه في سكوتها وبرودتها وجمودها
راحت للدولاب حق ملابسه .
فتحته بحذر وكل دقه ولا حركه تحس قلبها بينخلع من مكانه
خايفه ان عماد يدخل عليها ثم بأي وجه تقابله
وبأي حجه تعتذر
ريحة عطر العود المعتق اللي هاجمتها رجعت لها حركته في المطبخ وضمته لها
رجعت جلست على السرير لأن ذكراها تهزها وتفقدها توازنها سواء العقلي او الجسدي .
قعدت تتأمل الدولاب من بعيد وشافت الدرج المقفول وفزت له بسرعه ..
بس خيبها واحبط كل محاولاتها انه كان مقفول . .
هالآدمي ليه غامض .. وعنده اسرار كثيرة .. ومتخذ جميع احتياطاته ..
اخذت علب الدوا اللي في السلة وكأنها تبحث عن خيط
يدلها على شي عن عماد
أي شي ..
المهم انها تدخل لعالمه وتفتح شي من مكنوناته .
اخذت تبعثر العلب الفارغه وكلها خاوية من أي ورقة تحوي معلومات طبية للدواء من خواص تركيب ، مفعول الدواء ، لأعراض جانبية وأسباب ..
لفت نظرها ان الاسماء على العلب متشابهه interferon
و Lamuvidine
متكررة .. وتقريباً هم الاسمين اللي على العلب
قلبتها في يدها يمين ويسار ومافهمت من المصطلحات الطبية عليها من برا أي شيء ..
اخذت من كل نوع علبه وقامت لغرفتها يمكن تفك شفرتها ..
ولا احد يساعدها على فكها مع الوقت ..
بعد مايأست من انها تلاقي مدخل تدخل عن طريقه لهالآدمي الجامد والمتمثل في رجل هو زوجها سواء رضى ام ابى ..!
***
في اكثر الأماكن اللي ارتبط فيها بالشقاء والعذاب
اكثر الأمكان اللي زارها يتخبط بين اليأس والأمل
المكان اللي زرع بداخله حقيقه مرة
هي انه شخص مريض
موبوء ..
هالمكان بثه خبر زلزل حياته وغيّر مسار مستقبله ..
وقف قدام الغرفه اللي فهد فيها ..
طلع له الدكتور وسأله على طول : ها بشرني يادكتور .
رد الدكتور السعودي وهو يهز راسه بأسف : الحاله متقدمه لابد ننقله للعناية المشدده ..
كانت نظرات عماد متسمرة في الدكتور من غير مايتكلم وكمل الثاني : وين كنتوا عنه .. الرجال له مده ورئته ملتهبه . هذي نتيجة الاهمال يااخ عماد .
تذكر عماد كلام الرجال اللي جاه يعلمه عنه يبيهم يجون ياخذونه لايموت في بيته ..
ولدكم فهد بن ناصر في محنه تعالوا اخذوه من بيتي
سأله عماد : وينه ..؟ ليه ماجبته معك ؟
: الرجال مايتحمل السفر ولا العنا .. طريح فراش .
: وش اللي صار عليه ومن وين عرفته و
قاطعه الرجال : ولدكم لقيته طايح على وجهه في البر وفاقد الوعي .. اخذته احسبه ميت ويوم شفت تنفسه ضعيف وديته لبيتي لحفته ودفيته وشربته حليب دافي .. واشوا دفى جسده ورجعت الحياه لكن السعله اللي فيه خلت حاله يضعف ويتردى واليوم الرجال مريض ومااضن انه يبي يعيش ..
كانت عيونه تقدح شرر وخوف وهلع على فهد الأخ الولد ..
رد عليه وهو في حالة مايحسد عليها : هو اللي ارسلك لي .
: ايه حاولت اسأله عن اسمه واهله ماقدر يقول الا اسمه واسمك عماد بن مشعل في ديرة الاجواد .. وعيال الخير دلوني عليك . وانا ياخوك مااقدر انتظر للصبح الرجال يبي يدرك ( يموت ) وماودي اتحمل مسؤوليته ..
تفهم عماد وضعه وقدر له معروفه وطلب منه ينتظره لين يبلغ اهله واهل فهد ..
رجع لارض الواقع الحالي وهو يطالع في الممرضين يدفون سريره والكمام على انفه .. والأسلاك الطبية اللي تقيس النبض او توصل المحاليل الطبية لجسده تحيطه ..
لحيته طالعه بشكل عشوائي ..
وشعره نازل على اكتافه
مبعثر ..
متمرد ومتبهذل .
مثل حال فهد ..
جسمه نحل ولونه صار اسمر ..
دق جواله وهو يتبع فهد بقلبه وعيونه ودعواته وأسفه ..
وطالع في الشاشه وشاف اسم بندر ورد على طول ..
: هلا يابندر .
: هلا بك ياابو مشعل ها بشر عسى فهد طيب .
: ان شاء الله انه طيب انت وينك ..؟
: جايك انا والوالد لجده خلاص وصلنا بس دلنا على المستشفى .
: انا في السعودي الالماني اذا وصلته دق عليّ .
: زين يالله .. مع السلامه .
قفل من بندر والهم جاثم على قلبه وكاسي وجهه .
وشلون يقول لخاله اللي ماذاق طعم الكرى من ليلة غياب فهد .
زفر ودق على نايف يبلغه بحكم انه ولد عمه ولابد يعرف كل اللي يصير لهم ..
مامضى الا ساعه وكان نايف واقف مع عماد والقهر باين عليه ..
نايف يحب فهد بجنون رغم انه ماعرفه الا بوقت قصير بس كان كفيل انه يحبه ويوده لأن فهد من النوع اللي شخصيته تفرض وجودها ومحبتها بقلب أي شخص يعرفه ..
***
انتفضت من كلام ابوها
مستحيل يصير اللي يقوله .. او انها توافق على هالكلام
قال ابوها بتودد وضعف الزمن باين في لهجته : يانوف يابنيتي والله انه اليوم اللي انتظره لي سنين .. حمود ولد عمتس وحسبة ولدي وابيه ياخذتس ولاياخذتس غيره . وانتي تعديتي السن اللي يعرسن فيه البنات .. ماعاد فيه خطاب وانا ابوتس .
كانت دموعها سيل على وجهها وهي تصد عن ابوها مو متقبله كلامه
وماعندها ادنى استعداد انها تسمعه ولا تركز فيه
انا آخذ حمود ..
بعد الصقر اللي احلم فيه آخذ الغراب
والله مايصير ولايقوله ربي لو اجلس طول عمري احلم في عماد ..
حطت اصابعها في اذانيها وابوها يترجاها تفهمه وتتفهمه ..
قالت بغصة ورجفه واعتراض واصرار : يبه والله لو تقطعني قطعه قطعه مااخذته .. لاتغصبني ثم اذبح عمري .
غمض ابوها بعيون المقهور
رجلٌ مسن وأب وعيشته بنته بين نارين
نار غصيبتها وتنفيذ اللي تقوله ونار عنوستها وجلوسها في بيته واعاقة خواتها من الزواج ان ماتزوجت ..
عقد حواجبه قال : انا عطيت كلمتي لاخوي .. اذا تبين تكسرين كلمتي ..
قاطعته : يبه تكفى طلبتك انا كبيرة والشور لي .. تكفى لاتغصني طلبتك يبه
انهارت من البكا اكثر ومالت عليه وباست يدينه الثنتين : يبه تكفى طلبتك
يبه الا الغصيبه لاتغصبني .. زوجه نوره .. هي دايم تمدحه يمكن يناسبها .. انا حمود مايناسبني .
مسح على راسها بشفقه ووجع قال : يجيب الله خير يجيب الله خير .
طلع من الغرفه ورمت نفسها على فراشها تنتفض وتبكي بهلع .
ياويلي لو آخذ غيره
ياويلي لو ربي يكتبني لغيره كان انتحر وافتك من الدنيا اللي عماد مهوب فيها .
دخلت عليها امها والشرر يقدح من عيونها .
: نوف ليه ماتوافقين على حمود .. حمود وش يعيبه يوم ماتبينه ..؟
ثنت ركبها ودست وجهها بين يدنها وهي تحط جبينها على ركبتها وتبكي بحرارة : يمه ماابيه وبس ولاتسأليني لأن ماعندي شي اقوله عنه .
: فضحتينا بالناس .. الناس ماعاد لها هرجة غير بنتنا اللي عنست وعيت عن العرس .
: يمممه .. يممه تكفين خليني لحالي .. حمود ان اخذته ذبحت نفسي .
وقفت العنود على الباب قالت : يمه خليها هذي ماتستاهل حمود .. ياليت حمود ولد عمي ياخذ نورة مهيب عصبية وتهاوش مثل العله هذي .
وقفت نوف بسرعه وكأنها تبي احد يعترضها غير امها وابوها وتفش اللي فيها فيه ..
وصلت العنود اللي حاولت تلوذ بامها وكانت نوف اسرع ..
مسكتها بشعرها وسحبتها ..
كانت تضرب فيها بهستيريا وانفعال عصبي ونفسي ..
والام مابين البنتين وتصرخ باعلى صوتها : فكي اختس يالمجنونه .. فكيها ذبحتيها ..
اخيراً فكتها من بين يدين نوف .. والثانية تلهث قهر وتعب واحباط والدنيا في عينها ضيقه وظالمه وقاسيه ومجحفه .
وصلت نورة على اصواتهم وصراخهم قالت : يمه وش فيه .. طالعت في العنود اللي تبكي بصوت عالي ووجها في خدوش بسبب اظافر نوف .. قالت : هذا فعل من .. العنود متهاوشة مع من ..؟
بكت العنود اكثر وامها تحضنها وتحسب الله على ابليس قالت : نوف ضربتني .. الله يجعلها ماتاخذ حمود .. الله ياخذها ويجعل ابوي يوديها لمسفر .. آآآآه .. هذي مجنونة قطعت شعري ووجهي ..
طالعت نورة في نوف اللي تشهق بصمت وتمسح عيونها بمنديل وهي خايفه من العواقب لو ابوها درى عن ضربها للعنود حبيبته ..
رمتها نورة بنظرة لوم وعتب ومغزاها وش نهاية هالرفض يانوف .
قالت نوف بضجر : ها وش عندتس انتي بعد ..؟
زمت نورة شفايفها قالت : ماعندي شي بس حكمي عقلتس قبل يفوتتس الفوت ثم ماعاد ينفع الصوت .
طلعت نورة ولحقتها امها وهي لازالت تتحسب وتلحقها بدعوات لبناتها بالهداية والصلاح والستر ..
***
يوم ثاني وفي مدرسة الاجواد ..
وقفت في الشمس اللي تبثها شيء من الدفء
خاصة ان الجو بارد في الصباح وجو الأجواد يشبه جو الطايف بحكم انها الأقرب ومرتفعه عن سطح الأرض مثل سطح منطقة الطايف .
ضمت جسمها بيدينها وهي تنتظر الحصة تنهتي حتى تطلع من فصلها ..
طالعت في نوف اللي جالسة في غرفة الاداره مقابله لها وملتهية ببعض الأوراق والدفاتر اللي تدقق فيها ..
اليوم تكرهها اكثر من قبل
تحقد عليها وتشوفها انسانه وضيعه
وشلون مدرسة ومربية جيل تصرفاتها رعناء ..
وشلون تنشيء بنات يخافون الله ويحافظون على قيمهم ومبادئهم ويكونون قد ثقة اهلهم وهي ماربت نفسها ولا احترمتها ..
" الله يشفيها ويهديها "
قالتها بقلبها وهي تلتفت للطالبات اللي اصواتهم علت على غير العادة وكأن فيه موضوع اثارهم ..
: خير اش صاير اصواتكم طلعت ..؟
ردت وحده من الطالبات : ابله شنطة مستورة فيها عقرب صغيرة ..
تكلمت ثانية : شكلها جاية(ن) تدور الدفا في الشنطه ..
وثالثه : اشوا انها ماقرصتها فكها ربي .
كانت جامده مابين الطالبات اللي الوضع عندهم عادي الا مزنة الطالبة الخجولة واللي عمرها ماتجاوز 11 سنه قعدت ترتجف بهلع ..
قالت شادن بخوف وهي تحاول تتشجع : مستورة لاتفتحين شنطتك طلعيها برا اذا تقدرين . مزنه ليه خايفه ماراح تنط عليك .
حطت اصابعها اللي ترتجف في فمها وتكلمت سارة بنت عمها واللي قاعده بجنبها : ابلا اخوها الصغير مات من قرصة العقرب وجاتها عقده .
كشرت شادن بخوف ..
ياربي استر ..
الله يلوم من يلومك يامزنه والله يذكرك بالخير ياناديه اثري خوفك منها ماكان من فراغ ..
انتبهت لوحده من البنات وهي تقول : ابلا عادي نطلع الكتب وننفض الشنطه واذا طاحت ذبحناها .
بلعت شادن ريقها وهي تتخيلها تطلع وتهجم عليها ولا على وحده من البنات قالت : لا لا انتم مسؤوليتي وانا خايفه عليكم .. طلعي شنطتك برا يامستوره حطيها عند البوابه .
ضحكت وحده من البنات باستهزاء ورجعت ضحكتها بسرعه وهي تشوف شادن ترفع حاجبها مستنكرة ضحكتها بوضع مثل هذا ..
قالت مستورة : ابلا انا شفتها صغييييرة اقدر اذبحها .
: لا لا انا قلت طلعيها اسمعي الكلام ولاتجادلين يامستورة .
: طيب ودفاتري ..وشلون اكتب فيها ..؟
: بعدين تكتبين الملخص اذا خرجت العقرب من شنطتك ..
اخذت مستورة شنطتها وطلعتها برا الفصل ورجعت جلست وشادن عاضة على اسنانها ليه هي اكثر وحده خايفه ..
ليه ماتقدر تتأقلم على الحياة هنا بسهولة الناس تمر بجنبهم الحشرات عادي وهي ترتجف لين تحسها ابعدت والبنات هنا شوفة العقرب شي طبيعي ومتعود ين عليه وهي كادت تختفي من الخوف بصمت .
انقذها صوت الصفارة واعلن انتهاء الحصة وبداية حصة ثانية ..
طلعت بسرعه وتركت وراها اسئلة كثيرة في افواه الطالبات حول خوفها وقلقها وعدم مواجهتها لعقرب وصغيرة ...
***
بعد ثلاثه ايام كانت حافلة بالقلق والانتظار والترقب
عماد جالس عند الدكتور ويكلمه بالتفصيل الممل عن حالة فهد .
وناصر وبندر ونايف واقفين امام غرفة العناية المركزة ويراقبون حالته وهو يكح ولا يتحرك ..
قال ابو فهد .. : انا بدخل عنده اشوفه صحى .
رد بندر وهو عاقد حواجبه دلاله على الأسى على اخوه : انتظر لين الدكتور يسمح لنا .
دخل الممرض ودخل معه ناصر وعيونه مركزها على ولده البكر اللي يصارع الوجع والحزن ..
قرب منه وحط يده اليمين على جبينه وفتح فهد عيونه ببطء وغمض بارتياح ..
المهم ان ابوه وامه تطمنوا عليه والباقي يهون ,,
نفث ابوه عليه بآية الكرسي والمعوذات ومسح على صدره وهو يكرر (اللهم رب الناس اشفه انت الشافي شفاءٌ لايغادره سقما اعيذك بكلمات الله التامات من شر ماخلق .. اعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامه ومن كل عينٍ لامه .. باسم الله ارقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك )
نزلت دمعه من عين ابو فهد امام مرأى بندر ونايف اللي ابعدوا على طول عن الغرفه ومسحها بطرف شماغه وهو يهمس له : سامحني يابوك .. الظاهر ماجنى عليك غير كلامي لك . ارتجف صوته وكمل : الله يشفيك ويردك عليّ .
تحرك فهد من مكانه ..
الا دمعة ابوه ..!
الا ضعفه وانكساره ..!
الا انه يعتذر منه ..!
بغى يتكلم واخذ نفس وكح بصعوبه واضطر انه يسكت قال الممرض السعودي : لوسمحت ياعم تفضل برا ولدك تعبان ومحتاج للراحه ووجودك عنده يتعبه .
هز ناصر راسه وسلم على جبين فهد ..
ونزلت دمعه من عين فهد وصلت لرقبته وهو مغمض كأنه مايبي يواجه الدنيا وهذا واقعه وحاله ..
مسحها ابوه بقهر ..
يحس ان ولده يتألم
صدره منغرس فيه المرض والالتهاب الحاد ..
ووجع فراق سعود ..
طلع من عنده وهو يشوف الممرض يحقن فهد بمنوم ومسكن والثاني يستسلم للنوم بوجع ..
وقف عماد قريب من خاله ومسكه بيده ..
: تطمن ياخالي .. الدكتور يقول حالته تحسنت ..
تنهد ناصر بحسافه على حال فهد قال : ماالظاهر انها تحسنت ياعماد .. الرجال ماقدر يتكلم .
: هذا طبيعي من البرد اللي تعرض له وقلة الأكل والحمى اكيد انه راح يتعب بس الأشعه تقول ان ماعنده الا التهاب وان شاء الله كلها اسبوع ويطلع .
طالع ناصر في ساعته قال : تروح معي لبيت نايف ..؟
فك عماد شماغه ولف جناحه بخبرة قال : لا الله يخليك لي وراي مية شغله .. ودي اكثف الشغل هاليومين قبل الشهر الفضيل ..
: الله يعينك ياولدي .. يالله اجل نتواجه على خير .
: على خير ياخال .. الله معك .
طلعوا من المستشفى ..
عماد راح لشغله وخاله وبندر راحوا مع نايف لبيته ..
***
اسبوع ثاني وفهد يصارع آلام الصدر ..
مابين وجع الدنيا بدون سعود
ووجع رئته اللي يصعب التنفس مع التهابها
خاله وبندر رجعوا بعد ماطمنهم الدكتور ان فهد بدا يتحسن عن اول
كان جالس في شقته يشرب قهوة تركيه ويراجع بعض المعاملات والمستندات المهمه ..
ارضية الصاله مغطيتها الجرايد والكتب والأوراق والملفات ..
دق الجرس فجأة وهو في قمة تركيزه .
رمى القلم من يده ولام الحارس اللي ماعمره دق الا وهو مركز بشي مهم .
فتح وتفاجأ في بندر اللي سلم ودخل وشهق على طول قال : اعوذ بالله انا وين انا داخل ..
رد عماد وهو يرفع بعض الجرايد المنتشرة في المكان قال : ادخل للمجلس على بال ماارتب المكان
رمى بندر شماغه وقعد يرتب معاه بهمّه
قال عماد : مريت فهد ..؟
: لا توني وصلت .. نزلت ابوي عند نايف .
: ليه ماجبته عندي ..؟
: ياخي نسيت نايف انت .. اعوذ بالله انسان لحوح اول مادرى ان ابوي معي ويحلف اني مااتعداه المهم خذ ..
مد على عماد ورقه قال : هذي من اهلك يقولون طلبات رمضان . ابلشني ابوي يقول وصلها له قبل يرجع .
اخذها عماد ودخلها في جيب تي شيرته قال : وشلون جدتي ..؟
: طيبة بس ازعجتني تقول خله يرجع .
: قلت لها اني مااقدر ارجع واترك فهد .
: قلت لها بس تقول دام انه تطمن عليه خله يرجع وحاله حالكم .
: الحين من يفكني من تحقيقها ولومها .. الله بس يعين .
: هههههههههههههههههه امش على هواها وترضى عنك .
رجع بندر للباب قال عماد : وين بتروح اجلس خلنا نتقهوى .
: لا نايف ينتظرني بالقهوة .. متى تبي تمشي انت للديرة .
: ماادري والله ماقررت للحين بس يمكن بكرة .
: زين يالله سلام عليكم
سكر بندر الباب وطلع عماد الورقة وانذهل
47 غرض وكل غرض بجنبه 2 كرتون ولا 3 ..
هذي صاحية .. !!
وين احط هالاغراض ؟
تأمل الورقة المزخرفه والخط الأنيق وابتسم
ورجع يقراها طلب طلب ..
اغلب المواد الغذائية اللي كاتبتها منزوع الدسم ولا قليل الدسم ..
معقول تكون عشاني ولا عشان جدتي .. !
رجع يكمل وهو يشوف اشياء قد سمع فيها وبعضها اول مرة يسمع فيها ..
حس باطمئنان وهو يتذكر انها هناك ..
مكانه ..
والأهم ان جدته ماصار يحاتيها مثل اول ..
متطمن انها في البيت وتراعيها وتجلس معها وتداريها .
قرب الورقه من فمه وانفه وهو يفكر من يجيب له الاغراض خاصه ان ماله خلق يطلع .
ووراه مية شغله ومعاملات لابد يراجعها ويوقع عليها ..
وضروري يرجع للشركه بعد ساعه يقابل فايز ويكمل معاه الشغل ..
اخترقه ريحة عطرها اللي لزق في الورقه من يدينها ولمساتها وآثارها ..
ورجع نظره للورقه الأنيقه ..
ارتعش جسمه وحس بقشعريره وهو يشوف مكتوب في آخر الطلبات بخط صغير وكأنه خجلان ويبي يداري نفسه بين الحروف ..
( تأخرت علينا كثير .. ان شاء الله انك بخير )
قراها اكثر من عشر مرات ..
هذي وش بتسوي فيني
ناوية لها على نية بس الله يستر منها ..!
لبس ملابسه وخرج من الشقه وهو يكلم فايز مدير الشركه ويحمله المسؤوليه في غيابه .
***
له اسبوع ونص غايب
ماهمها غيابه كثر ماهمها زعل جدتها ..
تذكرت الورقه اللي كتبتها له ووش بتكون ردة فعله اذا شاف كثرة الأغراض
ولا الكلمه اللي كتبتها له
عورها بطنها وهي تتخيله يقراها .
وقامت من فوق الكرسي حق التسريحه ..
حاولت تنشغل بأي شي غير التفكير فيه ..
بدلت ملابسها ولبست بيجامه الوانها مابين الموف والزهري ..
بأكمام طويلة وبنطلون واسع وطويل ..
اخذت شباصتها في يدها وطلعت من غرفتها .
تعودت ماتنام الا عندها مويه ..
والمطبخ اللي فوق فارغ حتى ثلاجته وجودها زي عدمه ..
نزلت مع الدرج وسمعت الباب ينفتح
فزت بمكانها خوف ورعب وطاحت الشباصه من يدها واحدثت صوت وهي تتدحرج مع الدرج درجه درجه ..
خاصة ان البيت خالي من الأصوات وجدتها والشغاله نايمين ..
طالع فيها وفي يده اكياس كثيرة وعند الباب كراتين وكأنه جايب بقالة كاملة .
عضت على شفتها السفلى منحرجه من نفسها اكثر مما هي منحرجه منه ..
كل هذي طلبات ..؟
صدق اني هبله ..
تذكرت كلام جدتها عن حياتهم في رمضان وطقوسهم والتمست لنفسها العذر ..
متردد وش يقول وهو يشوفها تطالع بالأغراض وتاكل بشفتها بحرج ..
قال : جبنا لتس طلباتس ياطويلة العمر .. اللي تقدرينه شيليه واللي ماتقدرينه خليه للشغاله ولا بكره اشيله انا .
نزلت بحرج قالت وهي ترسم على ملامحها ابتسامه بالغصب : الحمد لله على سلامتك . وماعليه خلّ الناس اذا افطروا عندنا يقولون احلى فطور فطور عماد اهله .
مد عليها الجريده وشماغه وعقاله في يده قال وهو يتحاشى النظر فيها ويتجاهل جملتها الثانية
: الله يسلمتس .. خذي حطي هذي في الصالة اقراها شوي ولا بكرة .. وسوي لي شاهي وثقليه .
اخذتها من يده ولمست اطراف اصابعها اصابعه ..
وخرت يدها بسرعه وطاحت الجريده من يدها ..
قالت : اووه سوري ... اخذتها بسرعه وكملت بارتباك : أ أ طيب .. تعشيت ..؟
اجمل لحظات يستمتع فيها لمن يشوفها ترتبك خجل اوتعلو جبينها وخدودها حمرة خجل ..
ابتسم نصف ابتسامه قال : لا ماتعشيت .. وش بتعشيني ..؟
بلعت ريقها وحست الدم يعلو لوجهها اكثر قالت : ها ..؟ اللي تبغاه .. بحط لك من عشانا .. مسوين صينية خضار بالدجاج . ولا ماتعجبك ..؟
حس انها مرتبكه وماتدري وش تقول قال بهدوء : زين جهزي لي أي شي وجيبيه لغرفتي فوق . مالي خلق انتظر تحت .
عدت من عنده وراحت للمطبخ ..
وهو دخل غرفة جدته طل عليها وخرج توجه للدرج ومنه لغرفته ..
رمت الجريده على الطاوله وسوت له شاهي وسخنت له العشا
وقعدت تحضر وهي منقهره من طريقته وكلامه لها ..
حتى سلام ماسلم زي الخلق والناس
ولا كيفك ماقالها ولا سأل عن جدتي .
وكل كلامه يامسخرة وياجد في جد .
انسان جامد وماعنده احساس ..
خرجت الصينيه البايروكس من الميكرويف وهي تتمتم بـ ماعليه ياشادن تحملي وش وراك . . وبالصبر بتنالين اللي تبينه .
طلعت فوق وهي تشيل الصينيه الكبيرة اللي رتبت فيها العشا والشاهي
..
كان لابس قميص اسود بكم طويل ويمشط شعره قدام التسريحه ..
شافها في المرايه ورمى الفرشه من يده قال : كان رتبتي غرفتي يوم ماقفلتها .
رمته بنظره وهي تحط الصينيه على الارض قالت : ماابغى اتدخل في خصوصياتك .
ابتسم غصب عنه وهي تعقد حواجبها وتتكلم بضيق ..
قال : زين ياللي ماتبين تتدخلين فيني وش اللي تأخرت عليكم .. ها .
اجلسي تعشي معي تراني مااحب آكل لوحدي ..
انحرجت من كلامه وطريقته
واهتمامه وتجاهله ..
اليوم هذا مو صاحي ..
قالت : لا شكراً تعشيت.. اذا خلصت اكل خرج الصينيه برا وانا اجي ارجعها ..
اعطته ظهرها بتخرج قال : تعالي تعالي ماتبين تعرفين علوم امتس ونايف .
رجعت بسرعه قالت بلهفه : الا والله ابغى اعرف .. مريت امي ..؟ اش اخبارها وكيف نايف ..؟
قال وهو ياكل ويرشف من بيالة الشاهي : قدمت لامتس على شغاله وقلت لنايف ان انتي اللي دفعتي الفلوس ..
عضت على شفتها السفى برقة قالت : كم دفعت ؟.
: مالك شغل .
: الا لي شغل وراح ارجع لك فلوسك ان شاء الله بس اروح جده عشان اسحب راتبي .
رفع نظره لها يبي يشوف ردة فعلها قال : انتي وش دخلتس .. انا رجال ابي اقدم لعمتي خدمه .
وبنطرة مليانه اسئلة تبيه يفسر ويترجم ويوضح قالت : عمتك ؟.
بلع لقمته وهو يطالع في الأكل قدامه ويواري نظره عن نظراتها المستغربه قال : ايه عمتي ولا عندتس شك ..؟
نظراتها ماقدر يفسرها ..
هل هي عتب ..؟
ولا لوم ..؟
ولا ليه تستخف فيني بكلامك هذا ..؟
قالت وهي عاقده حواجبها من تناقضه وحركاته السخيفه بنظرها
: المهم هي كيفها وكيف صحتها ..
: طيبة وتسلم عليك ونايف بعد يسلم عليك .
همست وهي مخنوقه : الله يسلمهم .
نفسها تسأله كيف جاهم ومتى ووش قالت له امها بالتفصيل الممل وكل كلام نايف بس ماتبي تحرج نفسها معاه وتدري انه ماراح يبرد لها قلبها .
فترت ملامحه وهو يشوف لونها بهت والذكريات والحنين خنقتها وقربت العَبْرَة ..
قال بهدوء : اذا بين تروحين لهم بوديك أي وقت ماعندي أي اشكال لوتبين بكرة .
هزت راسها قالت : لا مشكور .. صعب اروح ايام الدراسه وبكرة السبت .
طلعت من عنده ودخلت غرفتها ..
حاولت انها تتماسك وتصبر
بس كانت الدموع اقوى من صبرها
وتفجرت حنين وشوق
سالت أسى وقهر على فراقهم وبعدهم
اشتاقت لامها وتحس انها ماشافتها سنين ..
واشتاقت لضحكة نايف من زمااان عنها .
ضمت مخدتها وهي مغمضة بقوة .. ورموشها مبللة بالدمع ..
فتح عليها الباب ودخل قال : كنت عارف انك تبكين .. والله لودريت ماجبت لك سيرتهم ..!
سحبت لها منديل وابتسمت وهي تمسح عيونها وخشمها قالت : عادي انا اصلاً بكاية ... خلصت عشا ..؟
وقفت وهو يطالعها بدون مايتكلم
الحمرة اللي اكتست جفونها وخدودها وخشمها واذانيها مشكله منها فتنة .
مهما كان هو رجل وعنده احساس
او انها بأنوثتها ووجودها احيت احساسه بعد ماقتله ..
مشاعره اليوم اقوى منه
وشادن سطوتها عليه مو مخليته يتحكم لابكلام ولا بشعور ..
مسك يدها وهي جمدت بمكانها
كانت تحس انه متغير من اول مادخل ..
بس تغييره لحظي او لوقت .. وبسرعه يرجع زي اول
يعني مو مقتنع انه يتغير .
غمضت عيونها وهو يقرب يدها لشفايفه ويطبع عليها قبله لأول مرة .
رجعت خصلة تمردت على جبنها ورى اذنها قالت : بروح اشيل الصينيه وارتب لك غرفتك كلها غبار .
حس عماد بارتعاشة يدها وضم عليها بقوة قال بحنان مايدري ليه سيطر عليه : بكرة الصباح بوديك لاهلك .
اختلف صوتها وهي تشوفه يطالع فيها بتأمل لأول مرة ..
ومن هالقرب ..!
وبكل هالأحاسيس ..
ارتباك وخوف وخجل كلها امتزجت وشكلت منها كتله حمرا ومتجمده ..
ماقدرت تنطق الا : بكرة صعب .
رفع راسها اللي منزلته للأرض وتهمس له قال : ارفعي راسك ياشادن طالعيني وانتي تكلميني ..
رفعت عيونها لوجهه بحرج ..
وذاب كل الجليد ..
..
انا انسان
وقربك ايقض
الوجدان ..
ينام بداخلي
احساس ..
وتصحى بقلبي
الاحزان ..
ولو تدري ..
هنا بصدري ..!
سكاكين الوجع
والآه
وتسكن فيني
المأساة
تعالي وارتمي فيها
عسى قربك يشافيها
المسي
جرحي خفا
واغمري
بردي دفا ..
تعالي
وايقظي فرحي .
وادملي جرحي ..
تعالي
واضحكي فيني
والعبي فيني
واسكني فيني
انا انسان
وقربك ايقظ الوجدان .
(اقدار )
امتدت يده لها وضمها على صدره ..
وهي مابين حلم دافي وحقيقه حالمة ..
تصدق ولا تكذب
رغم الرهبه والخوف
الا ان الاطمئنان كان مخليها تستلم له بكل هواده وهدوء ..
نست خوفها من مصيرها اللي حكم به عماد عليها ..
واطمئنت لبداية نجاح خطواتها بقربه منها ..
مرت دقايق قليله وهو حاضنها
وهي مغمضه وترسم بقية الحلم
ضحكته
كلامه معاها بانطلاق
فرحته بشوفتها ولهفته
قبوله وتقبله لها بكل مكان وبكل وقت .
وكأن الحلم مستكثر عليها ..
لمن وخرها عن صدره وهو يطالع بالارض ويتحاشى وجهها ..
صعب يمني نفسه بالحياه
وهو ميت ..
صعب انه يغير القدر
ولا انه يحلم ويكسر في شادن الآمال بعد سنوات قصيرة ..
رحمه ربي بعلب الأدوية اللي اخذتها من غرفته
وكأنها المنقذ الوحيد بعد الله وتكون وسيله كي يخرج من اللحظات العصيبه بنظره . .
احكم قبضة يده على يدها
قال بصوت باهت وهادي ومعاتب وحاني بنفس الوقت : هذي وش تبين فيها ليه جايبتها لغرفتك ..؟
رفعت وجهها اللي كانت منزلته للأرض بخجل وطاحت عينها على الأدوية ..
من وين تجيب الكلام ..؟
وين العذر ..؟
دخلت غرفتك وفتشتها ..؟
ولا حاولت ادور على خيط يدخلني لأسرارك ويكشف لي غموضك ..؟
ارحمني يارب .
اخذت نفس عميق قال بجرأة انطلقت من شفاهه من دون مايحسب لها او يفكر في عواقبها وكأنه تسوقه على الكلام او بمعنى اصح تجبره على الفضفضه
: تبين تعرفين هذي ليه ..؟
هزت راسها بلا قالت : ها .. ؟ عماد ماقصدي شي بس امي عندها القولون ..
حط وجهه قدام وجها ولفحتها انفاسه وهو يقول بهمس : وانا ماعندي قولون ياشادن .. فهمتي .. ماعندي قولون .
انتفضت بمكانها ..
وعلا صدرها وهبط وكأن قلبها بيخرج من مكانه خشية الصدمة والخوف من اللي بيقوله ..
تهاوت على السرير جالسه وانفلتت يدها من يده ..
قالت بشفايف ترتجف وصوت مخنوق وهي تحط يدها على فمها بأسى
: عمااد .
قاطعها بضحكه خافته لأول مرة تسمعها وهو يشوف الهلع باين على وجهها وتترجمه رعشة يدينها وشفايفها ..
جلس قدامها على ركبه قال : لاتخافين هذي فيتامينات .. انا مافيني الا العافيه .
هزت راسها بلا واصرار انه يكذب .
مسك ذقنها من تحت وشد عليه بسبابته وابهامه زي مايسوي مع شهد دايماً اذا عاتبها ولا زعلت منه وجا يراضيها
قال بهمس : ليه ماتبين تصدقين .
حطت يدينها على وجهها وضمت عليه بقوة وهي مغمضه ..
ماعندها كلام
ولا تقدر عليه ..
الأحاسيس بداخلها كثيرة بس كيف تظهرها وهي بموقف مثل هذا ..
والصوت يخذلها والكلام يخونها ..
وقف وهو يطالع في الباب ..
لابد يبعد عنها ..
يهرب لأقصى مكان
حتى ماتكشفه ويفضح امره قدامها وبين اياديها ..
مسح على راسها وطبع على جبينها قبله اجبرته على فعلها وطلع ..
تركها مابين ندب وقهر
تصدق عيونها والواقع ولا تصدق كلامه ..
مو قولون ..؟
ومستحيل تكون فيتامينات ..
معقول ما فيه شي ..
اجل ليه حياتهم كذا ..؟
بس وشلون تعرف ..؟
هو هرب منها خلاص ..
وماتدري له رجعه ولا راح يحرِّمها للأبد ..!
ابتسمت وهي تتذكر يدينه اللي حوطتها بقوة وهو يضمها .
نفسها تروح له وترمي نفسها في حضنه مرة ثانيه وتعيش نفس الاحساس ..
تلخبطت مشاعرها مابين ارتياح وطمأنينة وخوف من باكر ..
تذكرت الصينيه واكيد انها عنده او برا غرفته ..
وقفت وشافته يشيلها بنفسه قال بلهجة جافه : ارجعي نامي انا اللي ارجعها .
ردت باصرار وهي تتسلح بالقوة واللامبالاة من تغيراته المفاجئة
: اصلاً انا لازم انزل عشان ادخل الاغراض اللي جبتها ..
: خليها بكرة ترجعها الشغاله ..
ردت بابتسامه اغتصبتها من بين افكارها الموجوعه : فيه اشياء مايصير تبقى برا بحطها في الثلاجه ..
: زين اجل خذي مني دام انك رايحه رايحه بغيت اخدمك وانزلها .
بلعت ريقها وقالت : تسلم ماتقصر .
تنهد من العمق بدون كلام ..
واخذت الصينيه منه ورجع لغرفته سكر الباب بينه وبينها ..
وهي راحت في طريقها ..
وطريقها الليلة مابين الحلم والألم واليأس وبوادر امل تشوح لها من بعيد وبكرة يثبت لها ياتستقبلها ياتودعها ..
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
وهل الشهر الفضيل
القرية الصغيرة تحولت الى جماعات
نص بيوتها تخلو من قبل المغرب والنص الثاني تستقبل
مافيه بيت يفطورن اهله لوحدهم
وهذي حلاة رمضان فيها
اذن العصر وشادن في المطبخ تشتغل بهمه مع الشغاله ..
اليوم الفطور عند ام ناصر وعيالها وبناتها مجتمعين عندها ..
ماناقصهم الا نورة اللي عايشه في الرياض وماتجي الا في المناسبات والاجازات ..
واحمد اللي متوظف في السفارة السعودية في عمان ..
دخلت فوزية ومعاها صينيتين حلا وبيتزا قالت شادن وهي تحرك قدر الشوربه الكبير : عمتي دايماً اول يوم تتجمعون عند جدتي .
ردت فوزية وهي تدخل الصواني بالفرن : ايوه بس دايما حريم اخواني وبنات ناصر يتجمعون من بدري ويساعدون الشغاله .. اليوم ماجوا شكلهم معتمدين عليك ولا مستحين منك .
: يارب تساعدني .. ياليت امي عندي هي اللي اتكل عليها بعد الله في مواقف مثل هذي .
قربت فوزية من القدر وشمت الريحه وغمضت قالت : قدها يابنت خالد .. ريحة طبخك لوحدها تشبع ..
ضحكت شادن قالت : بعدي بعدي لاتفطرك الريحه .
: هههههههههههههه شكلي شبعت .
دخلت شهد تجري قالت : شادن عماد يقول خليها تسوي لي عصير مثل اللي سوته على السحور وتبرده .
قالت : عماد فين عند جدتي ..؟
قالت شهد : ايوه بسس ... امممم ... شادن لاتزعلين مني ..
زمت شادن شفايفها قالت : علمتيه ها ..؟
ضحكت شهد ببراءة قالت : وعماد ضحك كثير ..
طالعتهم فوزية مستغربه قالت : وش صاير ..؟ تتكلمون الغاز اليوم .. شهد وش قلتي لعماد .
طالعت شهد في شادن اللي تعض على شفايفها مقهورة قالت : شادن اقول لماما .. ماما ماتضحك زي عماد صح ياماما .
ردت فوزية بضيق : ايه صح بس قولي .
حطت سبابتها قدام امها وفتحت عيونها ورفعت حواجبها قالت : وعد ماتضحكين .
: وعد يالله قولي .
فتحت شادن الثلاجه وطلعت الفاكهه تبي تسوي لعماد عصير وهي ساكته وتتمنى لو تشوفه يضحك كثير .. ماتتخيله يضحك الا ابتسامه وآخر مرة ضحك لمن قال مافيني شي حست ان ضحكته بوجع .
قالت شهد : البنات في المدرسة يقولون شادن خافت من العقرب اللي دخلت في شنطة مستورة وطلعتها برا عند بوابه المدرسة . وخالة مزون طلعت كتب مستورة وضربتها ضربتها ضربتها الييييين ماتت .
قالت فوزية باستغراب : طلعتي شنطة البنت برا وخليتيها .
تكلمت شادن بعصبيه : اجل اخليها تلدغ البنات ولا اش اسوي .. تعالي شهد من اللي قالت لك ان الخالة هي اللي موتتها ..؟
: العنود علمتني تقول الخالة علمت نوف ..
شهقت شادن قالت : الحين بتسوي لي سالفه .. استغفر الله اللهم اني صايمه .
دخل عماد وهو يضحك ويعض على شفته اللي تحت حتى يوقف ضحك قال : ذكريني آخذك للمزرعه واعلمتس وشلون تذبحين العقارب .
وبردة فعل سريعه قالت : بسم الله عليّ مالقيت تعلمني الا ذبح العقارب .
قالت فوزية : ماادري كيف بيطلعون عيالك ياعماد اذا امهم تخاف من الحشرات .. تدري انها تخاف من شي اسمه جراده ..
كانت جملتها الأولى كفيله انها تجمد كل حركاته وضحكته ونظرته ..
بهت لون شادن وطاحت من يدها تفاحه كانت تقشرها ..
دق الجرس وانسحب عماد بدون مايرد او يعلق او حتى ينتظر أي تعقيب ..
بعد دقايق كانت منال وحنان بنات ناصر معاهم في المطبخ ...
وامهم حلفت عليها شادن ماتدخل المطبخ وتروح تجلس مع جدتها لحد مايأذن المغرب ..
وصلت حليمه زوجة فواز وراحت تكمل الجلسه مع ام ناصر وام فهد بأمر من شادن ورجاء ..
***
بعد اسبوع اول من شهر الخير ..
كان جالس في المستشفى مع نايف اللي ماتركه ولا يوم ويفطر معاه الايام اللي راحت كلها ..
قال فهد بصوت هادي ويده على صدره : نايف تراني ماني راجع للديرة الايام هذي وانا كتب لي الدكتور على خروج .
فهم نايف مصقد فهد وتهلل وجهه لأن ولد عمه يطلب منه انه يجي عنده ويحسسه بقربه منه وحاجته له ..
قال : الله يحييك في بيتك وبيت اخوك يافهد ..
حط يده على يد نايف قال : بيض الله وجهك يابو خالد اشهد بالله انك رجال وماقصرت معي .. ويعلم الله ان معزتك من معزة بندر وخالد .
دخل عماد عليهم وهو يبتسم وقطع كلامهم وهو يقول : فاتني فطورعمتي .. عز الله اني جاي مستعجل عشان الحقه .
ضحك نايف وهو يوقف ويسلم على عماد قال : مافاتك الا الشر ياابو مشعل .. فهد مااكل الا شي خفيف وامي الله يخليها لي حاسبة حساب مرضى الجناح كلهم .
ضحك عماد وسلم على فهد وشده بيده قال : يالله قوم خل عنك الدلع .. ترى الدكتور كتب لك خروج .. تبينا نمشي للديرة ولا نجلس الليله في شقتي وبكرة نمشي .
طالعوا فهد ونايف في بعض قال عماد : وش السالفه ..؟
رد نايف : فهد بيطلع عندي كم يوم ..
فهم عماد ان فهد مايقدر يرجع للديرة وجرحه للحين مااندمل والذكريات بتنزفه ويحتاج فترة نقاهه بعيد عنها ..
قال باقتناع : على خير ان شاء الله .. بس امك وخواتك ابلشونا كل شوي بندر جاي يقول باخذهم اوديهم له وانا اقول اصبر فهد يجي بنفسه ويطمنهم .
رد فهد بهدوء : خل بندر يجيبهم يوم واحد ويرجعهم .
فك عماد شماغه ونسفه من جديد قال : زين يالله توكلوا على الله .. انا دفعت الفواتير وماعليك يافهد الا توقع على خروجك وتروح مع ولد عمك .
قال نايف : وانت بتروح معاي للبيت والليلة بتتسحر عندي .
: لا والله اعذرني انا جاي لفهد ووراي اشغال في الديرة لكن مثل ماوصيتك لاتنسى الشغاله تراها توصل بعد اسبوعين ..
رد نايف : ان شاء الله ماانسى .. ترى امي تسلم عليك وتقول اشكره واعطه الفلوس حقتها بس انت الله يهديك ياابو مشعل ..
قاطعه عماد قال : وليش تعطيني انا الفلوس ؟.. اذا بتعطون عطوا بنتكم هي اللي جابتها بفلوسها .. سلم لي بالله على عمتي وانا بإذن الله راح امرها قريب ..
: يوصل ان شاء الله .
قاله نايف وهو يجمع اغراض فهد اللي دخل يبدل ملابس المستشفى بملابس جديده جابها نايف له .
طلع عماد متوجه للشركه قبل يمشي للديرة ..
وخرج فهد مع نايف بعده بمده قصيرة ..
الدنيا جديده عليه ..!
وهو جديد عليها ..!
عمره ماكان ضعيف بالشكل هذا ..!
ووحيد بالشكل هذا ..!
ويائس وحزين بالشكل هذا ..!
تذكر ان آخر عهد له بالضحكه مع سعود ..!
وان الفرح مات مع سعود ..!
وان الطريق كئيب بدون سعود..!
وحزين مثله الليلة .
حط يده على صدره حتى لايفر قلبه من الحزن والوجع ..!
وضم عليه يبي يهدي روعه بفقد سعود اللي كل يوم يثبت له ويتأكد منه .
وكمل طريقه الجديد ..
بثوبه الجديد
وروحه الجديده
وأحاسيسه المبعثرة والغريبة ..
***
نزلت من فوق بعد ماصلت المغرب وبدلت ملابسها ..
وعيونها كلها نوم ..!
الدوام في رمضان متعب ..
والمشوار يهد الحيل ..
صحيح انها تطلع بعد ماتصلي الفجر مو نص الليل زي اول بس برضو كونها ماتقدر تشرب مويه وهي عطشانه اسمه هلاك ..
قال مشاري وهو يشوف عيونها تحيطها هالات سودا : سارة اذا الدوام بيسوي فيك كذا بلاش منه مو محتاجه الوظيفه انتي .
قالت : اسكت بس يامشاري اليوم حسبتني اموت من العطش بس الحمد لله ان المغرب اذن علينا في الطريق وشربت قارورة كاملة قبل ماآكل شي .
تكلمت امها وهي تمد عليها كوب العصير : سارة يمه مهما كان اصبري واتبعي السنه كلي لك لو حبة تمرة بعدين اشربي مويه .
رشفت من عصيرها قالت : يمه اقول لك حسبتني اموت من العطش ...
سكتت وهي تشوف مشاري يأشر لابوه والثاني يتمتم له قالت بعفوية : اش عندكم . ترى مافيه الا انا وامي .. اذا عندكم اسرار لاتقولونها لبعض قدامنا وتقهرونا .
قالت امها : بتروحين تصلين التراويح معاي في المسجد ولا بتصلينها هنا .
تثاوبت وهي تتمطط قالت : يمه مافيني اروح للمسجد .. بصليها هنا وانام .
قال مشاري : هذي سنَّه اذا قدرتي تصلينها بتؤجرين واذا ماقدرتي ماراح يحاسبك ربي .
ردت ام مشاري بعصبيه : وانت ماعندك غير هالكلام .. ماتقدر تقول صليها واستفيدي من الشهر هذا لايضيع عليك بالنوم ..
ضحك مشاري من ردة فعل امه قال : والله اني كنت حاس انك بتقولين هالكلام .. انا مقتنع بكلامك وشوفيني ماقد تركت التراويح من فضل ربي بس اذا هي ماتقدر و تعبانه تروح ترتاح وتنام والدين يسر ..
قالت سارة : لا تقعد تضيع السالفه اش عندك انت وابوي .. طالعت في ابوها اللي مو معاهم قالت : ابوي شكله مو عاجبني .. فيه شي ..؟
رد ابوها : مافيه الا كل خير امور تخص الشغل شاغلتني .. انتي بس روحي نامي لك ساعتين واصحي اسهري معانا .
: لا ان رحت انام بركه اذا صحيت الفجر ..
قال مشاري وهو يقوم يبي يتوضأ لصلاة العشا : بكرة خميس روحي حطي راسك وطلعي نوم الاسبوع كله . عاد نوم سارة اللي اعرفه لو البيت ينفجر ماصحت .
قامت وهي تقول : اذا قدرت اصحى بتسحر معاكم واذا ماقدرت يمه لاتنسين تصحيني اشرب مويه اهم شي .. اخاف اموت من العطش بعد اللي مر عليّ اليوم .
طلعت فوق قال ابوها : الحين وشلون اقول لها على طلاقها .
ردت ام مشاري بهدوء : انا لومكانك قلت لها .. سارة تغيرت وكبرت عن اول ياابو مشاري . وبتفرح بفراق خالد الله يهديه .
: الله يرزقها باللي يسعدها .. اللي مريحني ان ماعليها عدة .
: لاتنسى تروح تلغي طلب نقلها للرياض .
: كلمت عماد رجال شادن بنت خالد والغاه .. ووعدني انه ينقلها عندنا في جده .
: صدق .. الله يبشرك بالخير ويجزاه خير .. ليه ماقلت لها وفرحتها .
: اصبري لين نخلص من موضوعها ثم نبشرها باللي يسرها ..
صبت له كاسة عصير وهي تقول : ترى العشا اذن قوم توضأ على بال ماالبس عشان توديني بطريقك .
شرب ابو مشاري كاسة العصير دفعه وحده ووقف قال : يالله .. انا متوضي بس ابي اغسل فمي عن العصير ازهمي مشاري لا يتأخر ..
رد مشاري : انا ماشي يبه ووراي مشوار لنايف .. ولد عمه عنده ومعشيه .. الحقنا هناك لاتنسى تراه يقول خله يجي معاك ودق عليك جوالك مقفل .
: روح تعشى انت وانا بعدين امر اسلم عليه وسلم لي عليهم واعتذر عني .
طلع مشاري من البيت ونيته وخطوته لبيت الله يطلب رضاه وعفوه ..
***
رمضان في القرية بالذات تواصل واتصال ..
الأهل بيوتهم وحده وجمعاتهم مستمرة ويومية ..
ايامه تجمعهم على طاعة ربي وصلة رحمه ..
بعد اسبوع من ايامه الفضيله
عايشة احلى ايامها من يوم جات للديرة .. او لقرية الاجواد ..
من بدايته وهي منطلقه بين بيوت عمانها وماترجع الا الساعه عشرة
او اذا الفطور عندها يجونها بنات عمها ناصر ومايطلعون الا متأخرين وتدخل تنام على طول .
حتى السحور ماتصحى عليه الا قبل الاذان على طول وتاكل شي خفيف وتصلي وتكمل نومها ..
ماعاد عماد يشغل تفكيرها مثل اول
او انها تعودت على بعده وتحاشيها وصارت هي تتجنب احراجه ..
المهم انه مايشوفها الا بكامل اناقتها وابتسامتها على وجهها ..
وتلبي له كل اللي يامر به وتحاول تظهر قدام عمانها واهلهم انها الزوجة المحبة والمتفانية لارضاء زوجها ..
اما عماد فكان يقضي اغلب وقته مابين المزرعه وخواله .
وجدته يتسحر معاها بدري وينام ..
ماعاد يشوفها الا لمحات وهي داخله ولا طالعه ..
رغم انه مرتاح لبعدها عنه وبعده عنه الا انه يسرق النظره لها ،
والكلمه منها..
اليوم الفطور عند بيت خاله ناصر ..
ومن يوم رجع من المزرعه ماشافها ..
نزل بعد مابدل ملابسه وراح لبيت خاله من بدري حتى يطمنه على فهد ويجلس معاه لين يأذن المغرب ..
.
استقبله خالد ولد خاله ناصر ودخل معاه للمجلس ..
كانت جالسة بضيق وضيقه ومسنده بظهرها على المسنده وراها
هي كانت تشك في وضعهم لكن من يوم دخل رمضان وشافتهم مايكلمون بعض وانه يحاول يتهرب منها ويبعد وهي تبعد وتدور اللي يشغلها ويجمعها بالناس حتى ماتقابله وتضايقه ..
تأكدت شكوكها وصارت تراقب وتشوف ..
قالت ام ناصر بكلمة قصيرة وصوت واطي ماوصل الا لعماد اللي جلس بجنبها : شفت مرتك من يوم جيت ..؟
طالع في جدته قال : لاوالله جيت مالقيت احد في البيت .
: شفتها نايمه ..؟
: ها .. صاير شي ..؟
رددت كلمته بينه وبينها باستهزاء قالت : صاير شي ..؟ مرتك في بيتها مريضه . وماظهرت من حجرتها ..!
عقد حواجبه قال : مريضه ..؟
: قوم روح لها وهرجها وشوفها محتاجة شي .. تبي شي .. خاف ربي في المسيكينه اللي من يوم اخذتها وهي صابرتن عليك وعلى اهمالك وغيابك .
اخذ شماغه وطلع قال ناصر : انتي علامتس عليه الله يخليتس لي .
: خله يروح يشوف مرته ويهتم فيها مثل مايهتم بعيال الناس .
سكت ناصر وهو يشوف خالد ولده يدخل ويقول : يبه بندر يقول بودي امي والبنات لفهد في جده .
رد ناصر وهو يهز راسه : انا قايل له . خل امك تروح تطمن عليه وترتاح مالها جدوى الا دمعتها عليه .
تنهدت ام ناصر الأم الثكلى واللي تعرف فقد الضنى ومجربته : الله يطمن قليبها على ضناها وتقر عينها فيه .
***
دخل البيت وطلع فوق على طول ..
شافها متكومه على نفسها في سريرها ومتغطيه باللحاف مو باين منها شي ..
وبجنبها كوب كبير فيه شاهي او عصير لونه بني فاتح ..
مد يده ولمسه وحسه دافي ومشروب منه النص تقريباً ..
ريحته موغريبه ..
بس ماتذكرها ..
قرب منها وجلس على طرف السرير قال : شادن .
رفعت اللحاف عن وجهها بعد ماحست فيه وسمعت صوته ..
قالت وهي معقده حواجبها : هلا .
سندت بظهرها على مخدتها ورجعت شعرها المتبعثر على وجهها ورى ..
قال : سلامات وش فيك .. ؟
وجهها احمر وعيونها ذبلانه وحمرا وباين عليها التعب قالت : الله يسلمك .
: وش تحسين فيه ..؟
: ها .. ولا شي .. عادي .. بطني .
كانت مرتبكه ومستحيه وخجلانه قال : قومي بوديك للطبيبة تعطيك شي .. هذا وشو اللي هنا .. ؟ افطرتي ..؟ لهالدرجة تعبانه . ؟
نزلت نظرها للأرض قالت بخجل : قرفه .
كشر قال : يالله امشي بوديك للمستوصف يعطونك شي احسن من الخرابيط اللي تشربينها .
: لا مو لازم . خلاص انا الحين احسن .
: احسن وهذا شكلك يالله بس لاتعاندين قومي .
رفعت نظرها قالت : والله مو لازم طبيبة انا اعرف نفسي شويه وراح اصير كويسه .
وبعفويه قال : طيب الألم من وين بالضبط .
فتحت فمها قالت : بطني .. خلاص الحين مافيني شي .. انت روح افطر ترى المغرب حيأذن .
صك اسنانه قال بقلة صبر وخوف : وريني الألم من وين ..؟
ثنت رجولها ولفت يدينها عليها والمغص يزيد عليها قالت : بطني وظهري .. خلاص اخذت بندول وشربت قرفه الحين يخف .
: ومن قال لك ان القرفه والخرابيط تخفف لك الألم ..
غمضت عيونها وهي ماعاد فيها تتحمل الألم ولا سخافته قالت : انا اعرف نفسي .
وقف قال بحزم : انا بطلع اخليك تبدلين ملابسك .. خمس دقايق والاقيك جاهزة .
ردت بسرعه قالت : لااا . ماني رايحه ولوسمحت روح افطر واتركني . انا مو ناقصتك .
رجع لها قال : شادن .. انا ماابي اضغط عليك ولا اجبرك بس كونك تتألمين قدامي وتتعبين لدرجة انك تفطرين هذا مايرضيني ولا راح اسكت ..
حطت يدينها على وجهها قالت : انا معذورة ماعليّ صيام خلاص ارتحت .. عرفت ليه انا تعبانه .
فتح فمه مايدري وش قصدها ..!
وفجأة كأنه انضرب على راسه .
انا وش يدريني عن الحريم واسرارهن ..
لأول مرة يكون بموقف محرج مثل هذا ..
قال بارتباك : وافرضي .. وش هاالألم .
عقدت حواجبها قالت : عادي انا متعودة .
وقف قال باهتمام : طيب وش اللي يصلح لك غير القرفه .
: خلاص شويه وحصير كويسه . انت بس اطفي النور وروح افطر .
: لا ماني رايح برسل الشغاله تجيب لنا فطور هنا .
: لاا انا ماراح افطر بنام الحين ..
هز راسه وخرج وهي حاولت تغفو لين تعدي ساعات الألم اللي تمر عليها كل شهر وتعتبر من اسوأ واصعب الأوقات بحياتها ..
لامت نفسها على كلامها وصراحتها بس ماقدامها حل وهي تعبانه وقرفانه من الألم الا انها تفتك منه وتقول له ..
شدت اللحاف على جسمها وتمنت لو انها راحت وغيرت جو وسمعت كلام جدتها ..
هذا اللي استفادته
احرجته واحرجت نفسها معاه ..
***
طلع لبيت خاله وافطر هناك وسط اسألة جدته وخاله عن شادن وهو رد عليهم بأن معدتها تعبانه وتركها ترتاح ..
بعد صلاة العشا والتراويح ..
مارجع معاهم لبيت ناصر مثل عادته وآثر انه يرجع لبيته ويشوفها ويتطمن عليها ..
دخل عليها وهي على وضعها وشكلها نايمه وغاطه في نومها ..
فتح النور وماتحركت وجلس على طرف سريرها قال : شادن .
فتحت عيونها بهدوء وهي تحس براحه في جسمها بعد عاصفة الألم اللي اجتاحتها اليوم ..
قامت وجلست قالت : عماد ..؟ من متى وانت هنا ..؟
: توني دخلت .. ها وشلونك الحين ..؟
: خلاص ماعاد فيني شي .
رجعت شعرها ورى ولمته بالشباصة اللي بجنبها على الكومودينو قالت : افطرت ..؟
: ايه افطرت وقلت للشغاله تجيب لك فطور .
: مو مشتهية شي الحين بقوم آخذ لي شور .
ابتسم على مصطلحاتها الغريبه عندهم في الديرة وبين اهله ..
هي متمسكه بكلامها ومافكرت تغير منها كلمه وحده او انها تقلدهم ..
وقف وتوجه للباب وهو يقول : قومي اجل اخذي لتس شور وانزلي تحت جدتي بتجي خليها تشوفتس طيبة ترها قلقت عليتس واقلقتني معها .
خرج من دون ماترد وقامت اخذت لها شور ولبست تنورة جينز ازرق وبلوزة قطنية ودافيه بكم طويل لونها بيج ..
فتحت شعرها وتزينت بمكياج خفيف وتعطرت ونزلت لجدتها اللي اول ماوصلت ارسلت لها الشغاله تسألها اذا هي بخير ولا لا ..
انتبه لها وهي تنزل مع الدرج قبل لايدخل لغرفة جدته قال وعلى جبينه ابتسامة رضا واطمئنان : لاااا اشوا الحمد لله .. من يقول ان هذي اللي اليوم تلوى من الوجع .
ابتسمت بخجل قالت : الحمد لله ماعاد فيني شي .
دخل لغرفة جدته وهي جالسه على سجادتها وتصلي قال : خلصتي ياام ناصر ولانطلع ونخليتس تكملين .
طالعتهم ام ناصر وهي تتمتم بسبحان الله والحمد لله ولااله الا الله والله اكبر ولاحول ولا قوة الا بالله ..
قالت : خلصت عسى الله لايفرقكم ويمد بعمري لين اشوف عيالكم .
قالت شادن بجرأة وهي تبتسم لجدتها : آميين يارب ويخليك لنا وتشوفين عيال عيالنا وانتي طيبه ومتعافيه .
مارفع نظره لها واكتفى بالسمع وبداخله ملايين الأسئله وكلها لها معنى ( لوين بتوصل بس )
قالت ام ناصر وصوتها يتهدج : انا مايفرحني غير اذا شفتكم مع بعض .
وكأن كل الكلام موجه له وهو ساكت ماتكلم ..
اخيراً قال وهو يتعمد يغير الموضوع : قومي ياشادن خلي الشغاله تجيب لك شي تاكلينه .
وقفت قالت : بجيب لنا كلنا ...
قطعت كلامها وهي تشوف شهد وفوزية داخلين الغرفه قالت : هلا والله حياك الله ياام فيصل .
راحت شهد تجري لعماد وسلمت عليه قالت : اشتقت لك كثيييييييييير .
طالعتها شادن وتذكرت الورقه وضحكت قالت : وانا طيب مااشتقتي لي ياشهوده ..
رجعت لشادن وضمتها قالت : الا اشتقت لك بس عماد احبه كثييير واشتاق له كثيير ... عشششششاااااان .. وطالعت فيه وضحكت .
قالت شادن بضحكه : عشان ايش كملي ..
طالعها عماد وهو يبتسم قال : هالبنت موب صاحيه هرجها اكبر منها الله يصلحها .
قالت فوزية بعد ماسلمت على امها : الله يهديك ياعماد دلعتها عليّ الحين حياتها كلها اسرار وتخبي عني اشياء واذا قلت علميني قالت اشوف عماد اول شي يبغاني اعلم ولا لا .
قال عماد : لا البنت الشاطرة تسمع كلام امها وماتخبي عنها شي .
قالت شهد ببراءه : يعني اعلمهم على كلامك .
ضحك عماد بصوت واضح لهم وهادي بنفس الوقت قال : هذي والله البلشة .. الحين انتي ماترتاحين وعندتس سالفه .
قالت شادن اللي كانت واقفه على الباب : ها تبغون تجلسون هنا ولا تروحون للصاله احسن .
قالت فوزية : شادن اليوم فيك شي يقولون انك تعبانه .
رد عماد : لااله الا الله مسرع الخبر ينتشر .
: وش خبره لايكون ...
قاطعتها شادن : لا لا مافيني شي تعب بسيط وراح .
فهمت فوزية عليها قالت : اها .. وبس وفواز جايني يقول تعبانه وعماد ماافطر شايل همها . والله اني حسبت ان فيك شي بس الحمد لله .
جات شهد اللي كانت تفكر بكلام عماد لها وشاغل تفكيرها .. عند شادن قالت وهي تمط كلامها : شااااادن ... شففففتتتتتيييي عمااااااد يقوووووول .. وكملت بسرعه : اذا جا عنده بنت بيسميها شذا واذا ولد مشعل .
قال عماد وهو يرجع لها ويشيلها ويحطها بطنها على راسه ويحركها .. وهي تضحك بهستيريا من الحركه : ابلشتني ياناس .. كل ماتشوف وجهي تقول اذا جالك بنت تسميها باسم فيه حرف شين واذا ولد مشعل ولا مشاري عشان حرف الشين .. وش اسوي بها .. ها ارميتس مع الشباك .. وش رايتس .
كانت تضحك وتحرك اصبعها قدام وجهه بلا ..
قالت ام ناصر : ياعساني اشوف مشعل ومشاري وخواتهم مالين عليّ البيت .
نزل شهد ومر من عند شادن اللي واقفه عند الباب وهي مبسوطه من كلامهم وتضحك قال لها بهمس : هذا اللي استفدناه .
اتسعت ابتسامتها وراحت للمطبخ تحضر له عشا وقهوة لعمتها وجدتها ..
***
في جده ..
وفي بيت نايف تحديداً ..
وصل بندر بأهله ..
الشوق مضني و الوله جبار ..
ولهفة الأم على الضنى تكوي الفؤاد وتنهكه ..
اول ماشافت وجهه الذبلان نزلت من عيونها دموع حارقه .
ضمته وهو سلم عليها وباس راسها ويدينها وهو يقول : الله يخليتس لي مافيني الا العافيه ..
لفت يدها من ورى رقبته وضمته وشمت ريحته وهي تقول : نطف قلبي عليك .. ابطيت علي وانا امك .
باس يدها وتنفس عبقها بقوة لعلها تبريء شي من اللي في صدره ..
قال : ابشرتس انا بخير بس لاتدمع عينتس عساني ماابكيتس . تعالي اجلسي هنا ..
التفت فهد لمنال وحنان اللي دخلوا بحذر وكل وحده متغطيه ومتخذه احتياطاتها تحسباً لدخول نايف وسلم عليهن ..
وجلس في صدر المجلس وبندر وخالد حوله وامه بجنبه ومنال وحنان اخذوا زواية بعيد عنه شوي ..
قال فهد : ترى نايف طلع مهوب جاي لين يدق عليّ .
نزلوا البنات الغطا من عليهم واخذت امه راحتها في جلستها بدون عبايه ..
وبدا سيل الأسئله لفهد عن صحته والكل يتحاشى سيرة الاسباب والفقيد .
وهو يجاوبهم ويطمنهم بهدوء ..
نزلت دمعة منال الحساسه وهي تشوف فهد مو فهد
نحفان كثير
وشعره الطويل قصه وصار مثل عماد وبندر وخالد ..
عيونه ذبلانه وفيها حزن
وصوته متغير من اثر المرض ..
وكلامه جدي والضحكه ماعانقت محياه ولا شفاهه ..
قال لها وهو يرسم على وجهه شبح ابتسامه مخيفه : قومي تعالي عندي وشو له الدموع ..؟
نزلت دموعها اكثر ومسحتها وهي تجلس قريب منه قالت : خفنا عليك .
غمض عيونه وتنحنح بصوت عالي حتى يبعد البحة من صوته
قال : تعالي هنا ياحنان .. وش سويتوا في الدراسه عطلتوا ولا لا ..
قالت منال : لا باقي لنا اسبوع ونعطل .
دق جوال فهد وشافه رقم مشاري اللي صار يقضي اغلب وقته مع فهد ونايف ..
رد على طول بــ : ياهلا والله حيا الله مشاري .
: هلا بك ياابو ناصر .. ها كيفك اليوم .
: بخير عساك بخير .. وين انت ..؟
: قريب من البيت خلاص وقفت سيارتي .
اشر فهد للبنات وامه يقومون وهو يقول : حياك الله ادخل اذا الباب مفتوح ولا افتحه لك .
: لا مفتوح يالله سلام .
: سلام ورحمة الله .
وقفت امه مع البنات ودخلوا لداخل البيت ..
ودخل مشاري اللي عرفه فهد على اخوانه بندر وخالد وجلس يسولف معاهم كأنه يعرفهم من سنين .
***
في مجلس الحريم لبيت ام نايف ..
قالت ام فهد لبناتها : قومن ساعدن خالتسن ام نايف سون معها مثل ماتسوي شادن معي .
قالت حنان اللي سندت بظهرها على الكنبة : يمه انا والله مااقدر السيارة كسرتني ..
ردت امها : هذي نتيجة الصيام بلاسحور .. ماعاد تتحملين شي . قومي يامنال اخدمي خالتس .
وقفت منال وراحت لام نايف في المطبخ وهي تبتسم بخجل قالت : خالتي عطيني عنك انا اسوي القهوة .
ردت ام نايف النشيطه والمعروفه بمهارتها في المطبخ وشغل البيت عموماً : لا حبيبتي روحي ارتاحي انتي جاية من مكان بعيد واكيد تعبانه .. وانا اصلاً ماعندي شغل .
: لاوالله مافيني تعب الحمد لله .. بعدين خليني اتسلى معتس .
توجهت للمجلى وقعدت تغسل البيالات والصواني وهي تسولف لام نايف عن شادن وتكلمها عنها والثانية غمرها الفرح بسيرة فلذة الكبد وقطعة القلب وتطمن قلبها عليها وعلى اخبارها خاصة ان منال معجبة في شادن وطريقة اهتمامها بجدتها وشغلها اللي الكل يمدحه ..
دخل نايف للبيت ونادى ياولد ..
بالرغم ان الكلمة غريبه عليه الا انه اقتبسها من عيال عمه ومن عماد اذا دخلوا بيوتهم وعندهم ضيوف ..
وقفت منال ورى الباب قالت : خالتي اطلعي له لايدخل .
طلعت ام نايف قالت : بنت عمك عندي في المطبخ لاتدخل .
ضحك لامه باستهبال قال بهمس : أي وحده فيهم ..؟
ردت امه بحده : مالك شغل روح للمجلس واذا بغيت شي ناد عليّ .
كمل ضحكه وبنفس الهمس : بالله مزيونه ولا مثل وجه عمي ناصر .
: ولد قليل ادب انت .. البنت لاتسمعك . بعدين وش فيه وجه عمك ..؟
: ابد سمح وطيب وشوفته تجيب العافيه .. بس ثلاثة ارباعه لحية وحواجب .. لكن شوفي اذا هي تشبه فهد اكيد انها مزيونه ..
: يالله يالله على المجلس وبلاش تتكلم عن بنات الناس .
ضحك نايف بصوت اعلى غصبٍ عنه قال : لنا الله ياام نايف .. الحين ماتبيني اسأل عن زوجة المستقبل لكن بكرة تعالي وقولي عساني اشوف عيالك وعيال عيالك .
خبطته على كتفه وهي تضحك قالت : بكرة شغلي معاك .. يالله روح البنت بتموت من الخرعه من صوتك .
راح يمشي ورجع لها قال : والله ..؟ بتموت من الخرعه ..؟ اجل اكيد انها نعومه .. وطالما انها نعومه اكيد انها مزيونه . صح كلامي ولا لا .
هزت امه راسها وهي تضحك من تصرفات الاستهبال اللي احياناً يتصنعها واحياناً تصدر منه بعفوية ..
دخل قسم الرجال والتفتت امه على باب قسم الحريم وهو ينفتح ودخلت منه ام مشاري اللي تعتبر البيت بيتها وبيت اختها ومعاها سارة وشغالتهم ..
استقبلتهم ام نايف وهي ترحب وتهلي ودخلتهم لمجلس الحريم ..
رجعت لمنال في المطبخ قالت : منوله حبيبتي خلاص اتركي الشغل هذي شغالة جيراننا جات تساعدني .. روحي سلمي على جارتنا وبنتها صاحبة شادن ..
اخذت منال منديل ومسحت به يدينها وهي تقول بفرح : سااارة .
طالعتها ام نايف قالت : ايوه سارة اكيد من كثر سوالف شادن عنها صرتوا تعرفونها .
ضحكت منال وقالت : هههههههههههههه صرنا نشتغل ونفطر ونسهر على سيرة سارة وسوالفها هي وشادن .
: اجل روحي شوفيها واجلسي معاها حتى تطمنين شادن عنها .
: زين .
طلعت منال وراحت لمجلس الحريم ..
سلمت عليهم بخجل وشافت حنان اختها تسولف مع سارة ومنطلقه معاها كأنها تعرفها من سنين ..
قالت حنان : سارونه هذي منال اختي اكبر مني بسنتين .
سلمت سارة على منال قالت : ياعمري كلمتني شادن عنكم بس ماكانت تعرفكم كثير .
ابتسمت منال قالت : حتى حنا ماعرفناها الا بعد ماتزوجت وخاصة في رمضان صرنا نشوفها يومياً .
تعشوا وكملوا السهرة بود وسوالف وضحك واستغربوا البنات ان سارة ماتشبه لشادن في شي الا اللهجة والمصطلحات ..
وام فهد حست ان الجو مناسبها بين ام نايف وجارتها اللي تشبهها كثير
تمنت لو تجمعهم الدنيا مرة ثانية بليلة مثل هذي ..
فيها الرضا والاطمئنان والضحكه والكلمة الطيبه والاجتماع على الخير والمحبة .
***
فتحت شباك غرفتها وشافته واقف مع السايق ويكلمه ..
قالت بصوت عالي .. : العنوود .. العنووود ..
التفت السايق الهندي على الشباك اللي صدر منه الصوت كردة فعل طبيعيه قال عماد بلهجة حاده وضيق وهو يسحبه بيده بقوة : لاتطالع وراك .. امش داخل الله يلعن ابليس هالحريم .
وصلت العنود لنوف بملل قالت : ها وش عندتس ..؟ ذبحتيني كل شوي وانتي واقفه على الشباك ويالعنود يالعنود تراني داخل البيت مهب برا .
ردت نوف بعصبيه وهي تشوف عماد يدخل لغرفة الهندي اللي شافها : اقلبي وجهتس ماعاد ابيتس .
: انا قايلتن لابوي لازم نوديتس مسفر عشان يظهر جنونتس عني .
لاحت في راس نوف فكرة مجنونة قالت : عنود تبين تشترين فستان ابيض ونفاش مثل فستان البنت اللي شفتيها في التلفزيون .
قلبت العنود نظرها فوق ولوت فمها قالت : ومن بيشتريه لي ياحظي .. امي بتجيب لي فستان من سوق الخميس .
عضت نوف على اسنانها قالت : وانا وش معقدني غير سوق الخميس واحلامتس انتي ونورة اللي ماتتعداه . انا اشتري لتس لو باربعمية ريال .
فتحت العنود عيونها بفرح قالت : وش تبيني اسوي لتس ..
ابتسمت نوف لاختها اللي فهمتها قالت : انا ابعطيتس ورقة .. تعطينها عماد وقولي له هذي من عند شادن .
قالت العنود ببراءة : وشادن ليش ماتعطيه اياها بنفسها موب رجلها ..؟
: الا يالخبله بس هي كاتبة له كلام وطلبات تقول استحي منه واخاف يهاوشني .. خلوه يشوفوها وهو بعيد عني ازين .
حكت العنود راسها وهي مو متقبله كلام نوف ولا دخل راسها قالت نوف : تدرين ان شادن تحبتس وتموت عليتس وتقول ليت العنود تعطيها عماد لأني احبها .
ضحكت العنود وبفرح وحيا قالت : صدق .. ابلا شادن تحبني .. حتى انا احبها واشوفها ازين وحده بالمدرسه .
غمضت نوف عيونها وفتحتها قالت : زين روحي وبعد ربع ساعه تعالي بدورها مدري وين حطيتها .
: زين دوريها قبل لاارقد تراني نعسانه .
طلعت العنود واخذت نوف ورقة من دفتر العنود وبدت تكتب رسالتها بكل تركيز وحذر
***
بعد اسبوع من رجعة اهله اللي مشوا اليوم الثاني ..
آخر يوم بالدوامات
ويوم الأربعاء تحديداً ..
قرر انه يرجع للديرة ..
يبي يواجه الديرة مثل ماواجه البر
بس هالمرة مع الناس واهله
مو وحيد ولحاله ..
الذكرى تؤرقه لدرجة انه خايف ووجل من المواجهه
اكيد انه راح يشوفه بكل شي ..
وقف نايف عنده وهو يزبط شماغه عند المرايه قال : فهد انا عندي سيارتين .. خذ الجديده وسيارتي القديمه تعبرني .
رجع للمكتبة حقت التلفزيون واخذ محفظته ومسبحته ودخل قميصه اللي يلبسه في البيت في شنطته الصغيره ..
قال : والله يانايف مستحي منك ..
قاطعه نايف : فهد والله اني لازعل منك وش هالكلام . .. امسك يارجال المفتاح احسن لك من الاستئجار ومشاكله .
: اجل قبل العيد ان شاء الله بجي لجده وارجعها لك وارجع مع ابو مشعل ان جا لجده ..
: متى مابغيت تعال ولا تتعنى عشان ترجعها ابداً ..
اخذ فهد المفتاح من نايف وطلع بعد ماصلى الظهر حتى يلحق الفطور مع اهله ويفرح ابوه بجيته وهم مجتمعين ..
ودع نايف وشكره وطلع متوكل على ربه ومسمي بذكره ..
***
اليوم هو آخر ايام الشقا ..
قبل الأجازة والفرح ..
ولأن الوطن اغلى من الضنى
استمروا في الكفاح ..
لأن الوطن اغلى من العمر
لابد من جهاد كل الظروف ..
لجل الوطن
نقدم الروح بلا ثمن
مشوار الشقا ..
وبعد المسافه موجله ..
لآخر الدنيا صبر ..
وشمس ..
وسهر
والنوم جافاه الكرى ..
صوم وظما ..
والكل يحسب كل دقة وثانية .
متى الوصول ..
كل الأماني ضايعه
وكل احلام البنات
والأمهات
والطيبات
تنتحر ..!
على طريق الهاوية ..
وفي اماكن نائية ..
من اجل الوطن ..!
وتعليم ابناء الوطن
وتنشئة جيل مستقر
وبناء مستقبل اسر
وارواحهم تضمها كفوف القدر ..
نايمه في جيمس ابو سعد ..
تعبانه ومنهكه من كثرة التفكير بعد طلاقها اللي وصلها خبره بعد ثلاثه ايام وبعد محاولات جاهده من ابوها وامها ومشاري انهم يهيأونها نفسياً له ..
انسدل الستار على ذكر خالد وسارة .. وسارة وخالد ..
وصار كل واحد مفرد واسمه بعيد عن اسم الثاني مثل ماقدر الله وبعدهم عن بعض ..
مال راسها على الشباك الساخن بفعل شمس الظهر الحارة ..
قالت لها فاطمه بهمس : سارة .. سارة حبيبتي عدلي راسك لايجيك شد عضلي بعدين في رقبتك ..
وماكان من سارة الا .. لاحياة لمن تنادي ..
قالت اميرة وهي تعدل ظهرها وتسنده على المرتبة من جديد .. : الله يذكر شادن بالخير كانت تقول نوم سارة موت ..
تنهدت سامية المدرسة العروس اللي تزوجت قبل رمضان باسبوع .. وتعينت في السبيل وكان التعيين سبب تنغيص شهر عسلها وحياتها ..
قالت : اخيرا بتفرج علينا ونعيش زي الناس واسافر واقضي شهر عسل من جديد .
ضحكت اميرة قالت : الله يهنيك ياقلبي عاد انا مشتاقه لعيالي احسني ماشفتهم في رمضان اخرج وهم نايمين واذا رجعت دخلت المطبخ ثلاث ساعات وهم ينامون بدري .
ماشاركتهم فاطمه الملتهيه بالتسبيح والتهليل كعادتها ..
قالت سامية وهي تطل على سارة من ورى اميرة وفاطمه : فاطمة صحيها ترى البنت بتنكسر رقبتها .
قالت فاطمة : سارة قومي عدلي نومتك ..
مدت يدها وعدلت لها راسها لكن سارة تحركت ورجعته زي اول وهي معقده حواجبها دلالة على انزعاجها وعدم رضاها ..
قالت اميرة وهي تضحك : ياثقل نوم البنت .. كل هذا وماصحت .
ردت ساميه : تذكرني بزوجي اذا ابغى اصحية ساعه عشان يحس فيني والمنبه مايأثر فيه لو يشتغل ساعتين ..
بدت اميرة سالفه جديده عن زوج اختها ومعاناتها معاه اذا تبغى تصحيه وانها دايماً تتأخر على دوامها بسبب ثقل نومه ..
نسوا سارة مع سوالف اميرة وراسها المايل على الشباك بطريقه متعبه ..
العم ابو سعد سارح في طريقه يتأمله متر متر ..
كعادته يوميا سواء هو رايح للقرية ولا راجع منها
لأن الأنفس اللي معاه هو المسؤول الأول عنها ..
اليوم يحاول يضبط تركيزه على قد مايقدر رغم انه البارحه تعبان وسهران طول الليل في المستشفى مع بنته احلام اللي طلقها زوجها في شهرها السادس وحالتها النفسيه السيئة ادت لولادتها مبكرة ..
اليوم تأخر على البنات بس الحمد لله ان مديرة مدرسة السبيل تراعي ظروف البعد وماحاسبتهم رغم انهم مادخلوا المدرسة الا الساعه 10 ونص ..
اخذته الأفكار لبنته وحالتها ومستقبل ولدها اللي محد يدري يكمل حياته ولا يكون شفيع لها ويرحمه ربي من اليتم والشحططه مع زوج ام ولا زوجة اب …
احكم النوم سلطانه ..
وسرقه على حين غفلة منه ..
واستسلم وبدون مقاومه ..
لأن التعب اخذ منه والإرهاق نال منه ..
مالت السيارة على اليسار في الطريق المزدوج الواسع ..
ماانتبه لنفسه الا بعد فوات الاوان ..
حاول يتفادى الونيت اللي محمل شعير وبرسيم ومتجه لقرية السبيل ..
بس القدر كان اسرع والسيارة اقوى والصدمه اكبر واكبر للي في جيمس العم ابو سعد ..
انقلابات عدة
وصراخ وصوت فاطمة يعلو بالشهادة وذكر الله
وساميه تصرخ بهلع
واميرة سكتت من هول الصدمه وكثرة الأرتطامات وهي تنتظر النهاية وش بتكون ..
وسارة اللي فزت من نومها على كابوس مخيف ..
أصواتهم علت ثم علت ثم خفتت ثم سكتت واختفت ..
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
--------------------------------------------------------------------------------
فصلٌ ثاني عشر
~ ياحزن اغرس بقلبي موطنك ~
طلعت تدور العنود وهي مطبقه الورقه وماسكتها بإصبعينها السبابه والابهام خوفاً انها تتعفط ولا ماتطلع انيقه مثل ماطبقتها اذا فتحها ..
قالت : العنود .. العنود وين .
رمقتها نورة اللي ناقده على كل حركاتها ومرتفع ضغطها من وقفتها على الشباك وبدت تثبت لها شكوكها ان نوف حاطه عينها على جارهم عماد قالت وهي تطالع في المسلسل اللي يُعرض قبل العصر : اليوم وش سالفتس اشوف الود طلع للعنود مرة وحده .
اشرت لها نوف بيدها يعني ماني رايقة لك وفكيني ..
راحت تدور العنود وعيونها تبحث في كل مكان لحد مادخلت غرفة امها وابوها المنزوية في آخر البيت ..
طالعت في العنود وهي رامية نفسه على الارض ونايمه على بطنها ..
قالت بملل : نمتي الله يجعله نوم جدي يوم رقد ولاقام . عنود .. عنود . عنود قومي الله ياخذ عدوتس .
دخلت امها وراها جاية من المطبخ قالت بلوم ولهجة حاده : انتي وش تبين باختس .. خليها ترقد المسكينه البارح سهرانه واليوم انتي مخليتها تداوم غصب .
زفرت نوف بأووف ورجعت لغرفتها بأسى واحباط ..
اصلاً انا حظي في الحياة ردي
كل بابٍ اطقه ينسد بوجهي ..
وكل امنية احلم فيها مايتحقق الا نقيضها ..
حطت الورقة على اسنانها وهي تفكر وشلون تصادف عماد برا بيته وترسل العنود له على طول من دون أي عوائق سواء من امها ولا من اختها اللي تاكلها بنظرات اللوم والعتاب وشكله بيجي يوم وتنفجر فيها وتفضحها .
انا وش عليّ من نورة منيب رايقة لها هي وتخلفها
ماتدري ان الحب هو اللي يسير العقول والقلوب
وان اللي انا فيه مهوب بيدي ابد
انتبهت للورقة وقد ذاب طرفها من حكها في اسنانها وزفرت بأوف من اعماقها لتعبها اللي راح هدر
قامت لنفس الدفتر اللي اخذت منه ورقه وطلعت ثانيه وهي تتمتم : الرساله هذي ربي محيرٍ امرها لكن ان شاء الله انه مابعد التعب الا الفرج .
بدت تخط من جديد وهي تحاول انها تركز بكل حرف وكلمه حتى ماتشوه الكلام بخطأ املائي ولا شطب ..
عضت على شفايفها وكتبت بفرح وخجل وهي تتخيله يقرأ ويحس بالكلام . ويأثر فيه ويتأثر به ..
***
اليوم آخر دوام لها في رمضان ..
نزلت من فوق بعد مانزلت عبايتها وصلت العصر وتوجهت لغرفة جدتها ..
وقفت على الباب وهي تشوفه متمدد على ظهره ورافع رجوله على التكاية .. وحاط شماغه تحت راسه ونايم وذراعه على عيونه ..
قدمت خطوتها ودخلت على جدتها وهمست بالسلام بعد ماسلمت على راسها .
ردت عليها جدتها بنفس الهمس ..
قالت شادن : جدتي عماد ليه نايم كذا .. الجو بارد عليه .
رمقتها جدتها بنظرة عدم رضى قالت : قومي لحفي رجلتس وشوفيه يبي شي من ا لبارح وهومهب صويحي عيونه ووجهه مااعجبوني .
قامت وطلعت لغرفتها وبدلت ملابسها بسرعه ونزلت بقميص قطني قصير وأكمامه قصيرة .. وفي يدها اللحاف حق سريرها ..
تعمدت تجيبه حتى تشوف ردة فعله كيف بتكون .
ودخلت بخفة وجدتها تتمتم مسبحة ومهلله وذاكرة ربها ..
غطته بهدوء وفتح عينه على الريحه اللي غمرته .. وغمض وشد اللحاف عليه وهو يقول بصوت نايم وكسول : ذبحتيني بريحة هالعطر .
طالعت في جدتها ورجعت تطالع فيه قالت : عماد تعبان انت فيك شي ..؟
انسدح على جنبه وهو يشد اللحاف عليه وكأنه يبي يضمه بدالها ..
قال : تعالي همزي لي ظهري ورقبتي الظاهر ان تعبي امس في المزرعه ماطلع من جسمي للحين .
وقفت بمكانها تستوعب اللي يامرها به ..
اهمزه .. .؟
يعني اسوي له مساج ..!!
يعني اقرب منه بحضور جدتي .. !!
كل هذا كان يدور في راسها وهي واقفه ..
قال : كل هذا تفكرين . خلاص لاتجين .
تقدمت وجات وراه ومسدت ظهره بحذر وحيا ..
اعتدل على ظهره ومسك يدها قال : عطرك وش اسمه ذا اللي دوختيني به .
تحركت وحاولت تبعد عنه لكن عماد ماسمح لأنه موثق يدها بيده
قالت بارتباك : مس ديور .
حط يدها على صدره وضم على كفها بيده قال : خليتس هنا لاتروحين .
اول مرة تحس انه يبيها قريبه منه
واول مرة تحس انه فعلاً صادق
واول مرة تحس بضعف في نظرته وصوته وجسمه .
يمكن التعب مأثر عليه ومو مخليه في وعيه ولا يتصرف لاشعورياً ..
غمض عيونه ويده على كفها ومثبتها على صدره قال بهمس : لاتصحيني الا اذا اذن العصر .
هذا وش يقول ..؟
لايكون يبيني اجلس كذا لين يأذن العصر يعني ثلاث ساعات .
قال : اذا متضايقه قومي ..!
امتقع وجهها بحمرة خجل قالت : اذا انت تبغاني اجلس بجلس .
قال : ايه ابيتس تجلسين .
قام جلس وهو يطالع في جدته المنشغله عنهم بمسبحتها وتسبيحها وهي متمدده على سريرها ورجع تمدد وراسه على فخذ شادن قال : دلكي راسي لين انام .
غمضت عيونها بقهر ..
ليه يسوي فيها كذا ..؟
وليه حاله كذا ..؟
عمرها ماانصاعت لاحد مثل ماتنصاع له ..!!
مو راضيه عنه ولا هي زعلانه منه ..!
مشاعرها ضايعه معاه وماتقدر تحددها ..
دلكت فروة راسه بأطراف اناملها وبهدوء وهو مسترخي بدون كلام وكأنه رجع طفل ونام في حضن امه اللي انحرم منه ولا عرفه .
حست ان جسمه ثقل وتأكدت انه غط في نومه .
وسمحت لنفسها تراقبه بصمت وهدوء ..
انفه شامخ في وجهه بشكل دقيق وأنيق ..
عيونه واسعه حتى وهو مغمضها تحسها طويلة ..
ياترى وش تحمل نظرة عيونه اللي دايماً تحيرها .
ياترى وش تقول ..؟
وش الاسرار اللي تعرفها وودها تبوح بها لكل من شافها والناس تجهل لغتها واللي فيها .
تأملت ذقنه وفيها شعيرات طالعه بشكل مبعثر ويتخللها اكثر من خمس اوست شعرات بيضا .
شيب من العمر ولا شيب من الزمن واليتم والكفاح وجهاد الدنيا ياعماد .
شالت راسه من حضنها بصعوبه وسحبت لها مسنده من وراها وحطتها تحت راس عماد وهو انصاع لفعلها وريح راسه عليها بدون شعور .
غطته زين ووقفت قالت جدتها بهمس : يابنيتي انتبهي له شوفي وش يبي ووش مايبي واصبري عليه وسولفي معه ترى عماد رجال مايسولف ولايتكلم واجد خليه يسولف معتس انتي واغصبيه على سوالفتس .
حست شادن ان جدتها ماارح تسكر الموضوع هذا لين عماد يصحى قالت بهمس : ابشري ياجدتي .. خليه ينام لايصحى على اصواتنا .. اليوم بتجي عمتي فوزية تفطر عندنا .. صح ..؟
ردت جدتها قالت : ايه بتجي رجلها مهوب فيه .
: اجل بروح للمطبخ اشوف الشغاله اش سوت ..
طلعت من عند جدتها وعماد اللي يغط في نومه وراحت للمطبخ وبدت شغلها لأن الفطور اليوم عندها ..
***
في الطريق الاسود
كان يمشي والذكريات المؤرقة تصاحبه
هنا له ضحكه وتعليق
وهناك كان يتمشى
وهنا مروا بهالمكان
وهناك جلسوا وسهروا للفجر ومامعاهم الا ترمس شاهي وبساط وتكايتين ..
وفي ذاك المكان وقفت سيارتهم وصلحوها ..
كل بقعه تحمل له ذكرى معه
وفي كل مكان ارتاده ومر عليه لسعود فيه ريحه
اطلق من اعماق قلبه تنهيده قطعها وهو يمسك بريك قوي عن اكياس الشعير وحزم البرسيم المنتشرة على الأرض ووقف وهو يشوف المنظر وسوءه .
المنطقة اللي فيها الحادث تقريباً محد يمر منها الا اللي يتوجه لطريق جده ومكه ..
والوقت هذا الناس في بيوتها وتنتظر الفطور ومحد يروح للمناطق البعيده ويمسك الطريق هذا ..
تلثم بشماغه حتى مايتعب الغبار رئته الملتهبه ..
ونزل للحادث بنخوة وفزعة شهم ..
الصوت اللي وصله ذكره بسعود ووجعه على سعود ..
كانت جالسة في الوسط ويدها غرقانه بالدم ووجهها كله خدوش ورقبتها بالمثل ..
عبايتها كأنها طالعه من تحت الأرض بفعل التراب اللي رمتها عليه سيارة ابو سعد على بعد 15 متر وهي تنقلب ..
ووصلت لزميلاتها زحف في طور الصدمه والألم والمصاب ..
كانت تصرخ بوجع وحزن استفاض على كل الامها وأفقدها الحس والألم .. : آآآآآآه فاطمه قومي .. فاطمه تحركي لاتموتين .. فاطمه لاتخليني انا سارة اختك اللي تحتاجك .. آآآآآآآه .. فااااااااااطمه .
اميرة قومي لفارس ويزيد ورانيا يمديهم ينتظرونك ..
فاطمه لاتتركيني لوحدي .. فاطمه زوجك وابوك واخوانك واطفال الدار يبونك .. فاطمه تكفييين اصحي ..
التفتت على ساميه وهي مسجاة بلاعباية ولاطرحة وشعرها الذهبي القصير منثور على جبينها الدامي قالت : ساميه آآآآآآي الحين يجون .. ابو سعد ماااااااات بس بيجون يساعدونا ..
قرب منها وهي ترثي وتستجدي وتحاول تعشم نفسها بالكلام معاهم ..
وتذكر نفسه لمن كان يكلم سعود وهو جثة هامده وكأنه يبي يقنع نفسه انه مامات ..
تراجع وهو يشوف الحريم مسجيات على الارض وسواقهن في سيارته كومة لحم .
مسك راسه وهو محتار مايدري وش التصرف الأفضل والصح بهالموقف العصيب .
الموت له رهبة ..
والموت هيبة محد يعرف عنها شي الا اللي عاش موقفه وشاف الجسد خالي وبلاروح ..
انحرف يبي يبلغ الاسعاف حتى ينجدون ويسعفون ..
وانهال من اثار الدم المنثور على الارض وتدل على ان صابحتها او صاحبها قطع مسافه مو قصيرة اكثر من عشرة متر ..
استرخت سارة وكأنها بتغيب عن الوعي او تسلم الروح مثل زميلاتها وهي تردد بصوت يخف شيئاً فشيئا .. وباستجداء وطلب ورغبه ويأس : قومي يافاطمة اهلك يبونك .. وقومي يااميرة عيالك يبونك وينتظرونك .. وتكفين ياسامية تماسكي وخليك قوية انتي عروس ..
راح بأقصى سرعه وهو يشوفها تتهاوى على الأرض بكلل وتعب ووجع جسدي وروحي ..
في غضون دقايق قليله وصل للمركز الصحي لقرية السبيل وشاءت الأقدار ان سيارة الاسعاف مو موجوده في المركز وانها نقلت مريضه قبل ساعات عندها ولادة متعسرة ..
ركب الدكتور وممرضتين مع فهد في سيارته وانطلق بأقصى سرعه لمكان الحادث ..
كانت على وضعها تنفسها بطيء والباقيات مثل ماهم ..
جثث مترامية وبدون حراك ..
اقترب الطبيب بجهاز جس النبض واصيب باحباط وهو يشيله من يد اميرة ثم فاطمة ثم ساميه لأن الروح انسلت من اجسادهم .. وابو سعد من شكله حُكم عليه ان فارق الحياة من بدري ..
زادت نبضات فهد وهو يشوف الطبيب يجس نبض الأخيرة الباكيه الموجوعه والحزينه ..
آخر ضحايا الحادث ..
فز الطبيب وهو يقول : لسه عايشة ..
نادى الممرضات بالاسعافات الأولية بس وش يلحق ووش يخلي
كسور ، جروح عميقه فيها قزاز ، والدم اللي نزف منها واحال بلوزتها للون الأحمر بدال السكري ..
امر الطبيب بنقلها فوراً لأقرب مستشفى وناظر فهد بنظرة استجداء ولسان حاله يقول ( مالها غير الله ثم انت )
فز فهد من مكانه وهمته بداخله تشحذه ..
وبأمر من الضمير الحي وروحه الطيبة ..
شالها بين يدينه بكل مغامرة ومجازفة ..
حركت شفاهها تبي تقول شي بس عجزت ..
وتعابير وجهها الدامي تدل على انها غاضبه وزعلانه ومعترضه على اللي يصير ..
ركب الدكتور بجنبه بعد ماوصل لها بعض المحاليل اللي تلزمها لجسدها ..
وحقنها بإبرة توقف النزف الهائل من جسدها ..
توكل على الله ومسك الطريق اللي يودي للطايف ولمستشفى الملك فيصل كون مركز حي السبيل تابع له ..
وكل رجاه انه يوصل المستشفى بأقصى سرعه ..
الطريق طويل ..
والأمل ضعيف وسط شهقات الممرضات كل شوي اذا نزفت سارة من يدها ولا فخذها ..
ثلاث ساعات وهو يمشي بسرعه قصوى ..
اضطر خلالها انه يوقف خمس مرات حتى الدكتور يسعف سارة كل مانزفت ولا ضعف نبضها ..
اخيراً وصل للمستشفى وفي غضون عشر دقايق كانت مسجاة في الطواري وتجرى لها الاسعافات اللي تحتاجها ..
وبعدين يافهد ..؟
تجلس ولا تمشي ..
صعب يمشي بعد كل هالقلق واللحظات العصيبة ماتطمن عليها ..!
***
دخل بيته مابعد مارجع من صلاة التراويح
ونادى بصوت عالي تحسباً اذا فيه احد من اهل خواله ..
طلعت له شادن من الصالة الثانية وفي يدها المبخرة وهي تبتسم
اليوم تحس بنشوة سعاده وفرح واشتغلت بهمه وحماس لأنها بدت تثبت وجودها بحياته ..
جات تمشي عنده وهي مبدله ملابسها اللي كانت عليها المغرب والناس عندها ..
ببنطلون زيتي واسع من زارا وبلوزة لونها اورنج من مانجو بأكمام قصيرة ..
قالت : مافيه الا عمتي فوزية .. تعال اجلس عندنا .. كملت وهي تقرب منه : خلني ابخرك .
تأمل حركتها الخفيفه ونشاطها اللي مايفتر ..
من الظهر وهي تشتغل والحين الساعه قربت على عشرة وهي بنفس النشاط ..
قال : جدتي نامت .
ردت شادن : اوووه من بدري عشان تصحى تصلي التهجد .
هف على نفسه من البخور قال : هذا منين جبتيه موب حق جدتي .
ردت عليه وابتسامته على وجهها قالت : لا مو حق جدتي هذا من عندي اشترته امي لي ايام كنت اجهز لزواجي .
طعنته بالكلمه وحس بنار في قلبه ومست جسده ..
اي زواج هذا اللي تجهزين له ..؟
خلع جاكيته الجلد الأسود ومده عليها وسحب شماغه وعقاله وطاقيته ومدهم عليها ..
قال : هاتي المبخرة واطلعي ودي هذي لغرفتي ..
اخذتها من يده وطلعت بسرعه فوق وهو يتبعها بنظره ..
مثل الورد
وبعمر الورد
رقيقه وحنونه وجميلة ..
وكتب لها ربي انها تعيش معي .
يوم حظها ظلمها ونصيبها ماانصفها ..
طلعت له شهد وهو واقف مكانه يتبع شادن اللي اختفت عن انظاره بقلبه وافكاره ..
وصلته شهد قالت : عماد ماسلمت عليّ .
نزل المبخرة على الطاولة وفتح لها يدينه ..
: هلا والله بالبنت المزيونه الشاطره ..
قالت بحماس : عماد عماد اكتشفت حاجة ثانية .
رفع حاجبه الايسر قال : وش اكتشفتي هالمرة يالذكيه ..؟
رفعت اصبعينها قالت : حرفين .
رد عليها بانفعال وحماس كاذبين : لااااه حرفين مرة وحده .
: والله حرفين .. اقول لك ايش .
: ايه قولي .. وش الحرفين .
: حرف الألف وحرف الدال .
: والشين اللي ربطتيني به مع رقبتي وين راح .
ردت ببراءة وعفوية : لاااء الشين انا وشادن ومشعل وامك خالتي شريفه وانت تحبنا .. صح ..؟
: ايييه صح .. بس وش الالف والدال .
: هذولا حقينك انت وشادن . اتركني عشان اكتبهم لك وتشوف حرف الألف والدال في اسمك وحرف الألف والدال في اسم شادن .
هز راسه بتعجب من هالبنت قال : هذي والله اللي بتجمعنا غصب .
" كان زين شهد تقدر ..
كان زين احد يجمعني فيك ياعماد " ..
قالته بقلبها وهي تنزل مع آخر درجات الدرج وكلامهم قد وصلها كله ..
قالت : عماد بصراحه غرفتك ماينجلس فيها .. مرة مكركبة وكلها غبار .. ماادري كيف تقدر تنام فيها وانا دخلتها دقايق وانكتمت .
فتح زرارين ثوبه اللي فوق قال : زين متى مالقيتي وقت وفيك شدة نظفيها ..
: عادي الحين انظفها لك .. باخذ فيك اجر واخليك تنام بمكان نظيف .
كانت شهد تسمع الحوار بينهم وعلى راسها ملايين الاستفهامات وعلامات التعجب .
رد عليها عماد : لا لا الحين ابي قهوة تسوينها انتي ولاتقربها الشغاله حطيها لي في المكتب عندي شغل .
ابتهج قلبها قبل ماتعتلي بسمة الفرح جبينها قالت : حاضر من عيوني .. تبغى حلا ولا تمر معاها .
مسك شهد وشالها من جديد قال : جيبي اللي تجيبينه اهم شي القهوة ابيها قهوة شادن اللي كل يوم .
هزت راسها بحيا وفرح وراحت للمطبخ .
وهو راح لفوزية وسلم عليها قالت : ها وش اخبارك تقول شادن انك اليوم تعبان .. عسى مو القولون .
: لا مو قولون .. تعبت من شغلي في المزرعه .
: عندك روحه لجده .
: لا ليش ..؟
: عماد حرام عليك شادن مشتاقه لاهلها وامي تقول انك ماتبيها تعيد عند اهلها .
وقف قال : انا مارديتها اذا تبي تروح تمشي بس انا عازم نايف وامها يجونا في العيد وماعلمتها بسويها لها مفاجأة .
طالع في شهد اللي فزت من مكانها قال : والله والله لوتقولين لها مااجيب لك الباربي الجديد .
حطت اصبعها على شفايفها اللي قفلتها بقوة وهي تأشر بمعنى لا .
قال : اييييييه هذي البنت الشاطرة مو كل شي تسمعه تروح تقوله .
: يعني مااعلم عليك انت وشادن .
مافهم وش تقصد وراح فكره للحروف اللي اكتشفت انها تجمع اساميهم ..
قال : لا لاتعلمين وابلعي اللي تعرفينه وصكي فمك عليه .
ضحكت فوزية قالت : هالبنت ماخربها الا انت تراها بترجع عليك .
مسك شهد وبعثر لها شعرها القصير قال : هالبنت احسن بنت اتركوها بس لااحد يتكلم لها . .. المهم انا عندي شغل في المكتب ماابي ازعاج وانتي ... طالع في شهد وكمل : روحي استعجلي شادن قولي عماد يقول عجلي .
راحت شهد تجري وطلع عماد لمكتبه ورجعت فوزية تتابع المسلسل الرمضاني اللي تعرضه ام بي سي ..
..
خلصت شادن القهوة وحطت حلا منوع بسبوسة وكنافه واصابع العروس ورصتها في طبق واخذتها لعماد في مكتبه ..
اول مرة تدخل مكتبه اللي دايماً مقفول ولايفتحه الا اذا دخله ..
توجهت لآخر المكتب وهو جالس على كرسيه الدوار ويدقق في شاشة جهازه المحمول ..
قالت وهي تطالع في الأرفف المرصوص عليها كمية كتب لابأس بها ..
وتكون ربع مكتبه .. : اثري فيه كتب هنا وانا دايماً قاعده طفشانه .
مارفع نظره لها قال وهو يدخل بعض البيانات : ذكريني اعطيك مفتاح للمكتب بس انتبهي لاتتركينه مفتوح .
نزلت القهوة على الطاولة اللي تتوسط الأنتريه الجلد الأسود ..
وراحت تمشي عند جهة الكتب متجاهله كلامه ..
لمحها وهي تنتقل من جهه لجهه وترك الشغل اللي في يدها واكتفى بمراقبتها ..
قالت : وااااااااو عطيل .. اموت على مسرحيات شكسبير ..
وقف وصك جهازه وجا يمشي عند القهوة قال : اجل قريتي عطيل وديدمونه .؟
: قريت الله ياخذ اللي شقق كتبي ورواياتي .
: من ..؟
: صالح الله لايذكره بالخير .
جلس وصب له فنجال قال : اها .. تدرين انه في السجن وعليه حكم 15 سنه .
شهقت بخوف ومفاجأة قالت : والله من قال لك ..؟
رشف من فنجاله قال : خويي الضابط اللي مسكه .
رفعت حاجبها قالت : خويك قال لك ولا انت ورى قضيته .
: والله اللي بيعتدي على اهلي مانيب ساكت له وانتي ونايف وامك من اهلي .. واذا تبين الصدق انا مكلف واحد من المظفين عندي بالشركه يراقبه ويجيب لي اخباره يوم عرفت انه راعي مخدرات بلغت عنه والباقي تكفلت فيه المباحث والشرطه .
جات تمشي وعلى وجهها لمحة خوف وحزن قالت بجديه والقلق واضح عليها : الله يستر منه ياعماد ترى هذا مايسكت عن حقه كمان .. نسيت اش سوى لنايف .
ابتسم عماد على ردة فعلها وشافها قريبه منه وداهمته رغبة غريبه انه يغير الموضوع والجو ..
قال : مانسيت بس الحلا هذا من مسوية .
ردت وهي تطالع في تغليف الكتاب النحيف اللي في يدها قالت : مين يعني .
اخذ حبه من اصابع العروس قال : هذا وش اسمه ..؟
قالت بعفوية : هذا اصابع العروس .
وبحركة سريعه اخذ يدها وطالع في اصابعها الناعمه قال : يعني مثل هذي .
بردت اطرافها وفترت قالت بصوت مختلف ومرتبك : من قال ان هذي اصابع عروس .
رفع يدها من دون مايدقق في كلمتها ولا يعطيها بال واهتمام ..
باسها وشم ريحة عطرها قال : حلا ويصنع حلا كيف تجي هذي .
زادت نبضاتها ودق قلبها بقوة وغمضت وهي تحس ان الدم تجمع كلها في وجهها وقلبها يخفق زي الآله الفارغه ..
قالت بصوت يرتجف : غريبه .
فهم وش قصدها وعرف مرادها من الكلمه اللي زفرت بها بوجع ..
وآثر السكوت وفضله على انه يتكلم ويزيد جروحها جروح ..
حمرة وجهها وخجلها وارتباكها شكلت منها فتنه آسره ..
لابد يقطع السكوت اللي خيّم عليهم ..
ولابد يضيف كلمة ولا يفتح موضوع يطلعه هو من الجو ..
قال : تبين السوق .. ؟
وقفت ووجهها وأذانيها تتوهج قالت : لا مايحتاج عندي اشياء جديدة لساتني مالبستها .
تنحنح بصوت واطي قال : زين وين بتروحين ..؟
: بروح اجلس عند عمتي قاعده لوحدها .. على فكرة انت عارف انها بتجلس عندنا بعد يومين .
صب له فنجال قال : ايه ادري .
: طيب فين تجلس ..؟
: ماتبي لها سؤال في غرفتها هي وعيالها .
عقدت حواجبها وعضت طرف شفتها السفلى قالت وهي تشبك يدينها بحيرة : يعني تنام فوق وقريب منا .
ضرب على جبينه بأطراف اصابعه قال بهم : اووووووه وين راحت عني هذي .
ابتسمت على حركته قالت بخبث : لو سويت الدور اللي فوق لنا كان احسن واستر .
وقف وجا عندها بقهر قال : استر .. ها ..؟ تدرين ليه ماسويت الدور اللي فوق للحين .
رفعت حواجبها قالت : ليه ..؟
قرب منها ورفع الخصله اللي دايماً تتمرد وتنزل على جبينها قال : مخليه لزوجتي ..!
بهت لونها وحست ان قلبها راح يوقف نبضه اللي كان بيخرج من قفصه وهو ينبض ويدق مثل الطبل لمن قرب منها ..
قالت بفتور : اي زوجه ..؟
رغم ان شكلها يحزن الا انه ابتسم غصب عنه ..
حنونة وطيبه وهاديه ومع هذا عصبية ومتسرعه وخوافه .
قال بهدوء : زوجتي اللي راح اختارها بنفسي .
طعنها في مقتل
وبتر الوريد ..
وانتهى امرها ..
قالت بردة فعل مقهورة ومتحسرة وندمانه وكرد اعتبار ومحافظة على اللي تبقى من كرامه : هه وزوجتك اللي بتختارها بتصبر عليك مثلي .
لاح في راسه قصدها ..
الخبله تحسب فيني شي
تحسبني عاجز
يعني كل هالفترة تظن اني مو رجال .
رفع يده ولم قبضته بقوة ورجعها قال : ماتوقعت انك غبيه يوم هذا ضنك فيني .
مادققت في معنى كلامه بقدر مادققت في كلمة غبية قالت بوجع ودمعتها تلوح بعينها وتنذر بالنزول : صح انا وحده غبية اللي حلمت ..
ونزلت الدمعه قهر ..
كملي ياشادن ..
قولي الكلمه اللي ابيها واحتاجها
ابيها منك حب ورغبة مو شفقه ..
طالعها بنظرات جامده تحمل وراها الف معنى والف كلمه والف احساس ومشاعر جديدة ومختلفه نبتت على يدها وبفعلها .
تركت شادن المكان وانسحبت وهي مبعثرة وتايهه
وين تروح ..؟
لفوزية ..؟
مالها خلق كلام ولا سوالف بعد الكلام اللي سمعته ..
تطلع لغرفتها اللي بجنب غرفته وتحس بقربه وتشعر في حركاته ودخوله وخروجه ..
فتحت الباب حق البيت وطلعت للحوش ..
الجو بارد وصقيع ...
بس برودته ماوصلت للنار اللي اشعلت قلبها غيرة .
ايه غيره قبل كل شي ..
ثم اهانة وقهر وخيبة امل ..
راحت تمشي بلا وجهه وهي تدور على البيت المحوط بسور واسع وطويل ..
سمعت صوت شهد وهي تتكلم وتقول : امي تقول مو في غرفتها ..
جلست ورى البيت وثنت رجولها ولفت يدينها عليها وهي تنتحب ..
البكا صار عادتها وطبيعتها ..
ماتطلع من مصيبه الا وتطيح بجديده
الله يرحمك ياابوي غبت وغيّبت الفرح معك ..
وجهت بيدينها للسما على ذكر الغالي وابتهلت له بالدعاء من اعماق روحها وفي عز حاجتها له وندمها على ايام حياته ..!
***
بعد ماجلس بعدها بدقايق ..
طلع من المكتب وهو يلوم نفسه ويوبخها ..
وشلون قدر يقهرها وهي انثى وماتقوى على الجرح والاهانه ..
وشلون يقهرها هي بالذات وهو المعروف بسخاءه في العطاء ..
طلع فوق يدورها ويتبع اثرها ..
مالقى لها لاحس ولا اثر الا بقايا ريحة عطرها اللي تفوح بها غرفتها واغراضها ..
رجع من حيث اتى ..
وفي قرارة نفسه انها اكيد عند فوزية ..
دخل الصاله وفوزية تشيل اغراضها قال : شادن وين ..؟
رفعت فوزية حاجبها مستغربه قالت : ماادري من يوم طلعت لك ماشفتها .
: انتي وين بتروحين ..؟
: بروح لبيتي خلاص طولت .. بعدين عزيز بيجي الحين واكيد انه جيعان بروح قبل يرجع .
: زين اخلصي على بال مااجيب كوتي ( جاكيتي ) وشماغي .. بوصلك .
طلع ومر غرفتها مرة ثانية وتأكد انها مو في الحمام ومر على الغرف كلها مالها أي اثر ..
اخذ جاكيته من غرفته ونزل ..
ودى فوزية وعقله وقلبه معاها ..
مايدري وين مكانها ولا وش حالها ..
طول الطريق كان ساكت ..
وشهد تتكلم وتسأله واذا الحت اما يرد عليها بـ ايه ولا قال مدري .
رجع للبيت وهو عازم انه يرجع يدورها ويحاول يعتذر منها بأي طريقه ..
***
قرأتها للمرة الأربعين تقريباً ..
قالت بلهفه : عنود . تعالي بسرعه .. شوفي عماد ظهر من بيته مع فوزية وعيالها والله ثم والله ان رجع وماعطيتيه الورقه ماتشوفين الفستان سألت العنود ببراءة : نوف رسالتها وش فيها .؟
: انا سألت شادن قالت اغراض يجيبها لي من السوق .
وقفت العنود طمعانه في الفستان وفي خدمة شادن اللي تحبها كثير وتعتبرها احسن مدرسه عندهم في المدرسه ..
قالت : طيب ابلا شادن ماتقول شي لو قريتها ..؟
فزت نوف بمكانها قالت بعصبيه وشراسه : لا والله لين قريتيها لاموتتس .. لأن شادن حلفتني محد يفتحها وانا وعدتها وانتي تعرفين اللي يخلف وعده يصير مع المنافقين ..في الدرك الأسفل من النار .
هزت العنود راسها مقتنعه بالكلام اللي درسته وسمعته كثير وارعبها
قالت : ايه صح .
: اوعديني ماتفتحينها .
: وعد ماافتحها .
تطمنت نوف ان اختها ماراح تفتحها لأنها دايماً تردد عذاب الآخرة ووعيد ربي وتخاف تسوي شي يغضب ربي ثم يعذبها ..
طلعت العنود بحب للمغامرة من اجل الفستان الحلم والفوز برضا نوف حتى توفي بوعدها ..
استوقفتها نوف وهي تجري وراها بقارورة عطر في يدها قالت :
اصبري بعطر الورقه ..
بخت عليها من عطرها الحار والقوي واعطتها العنود وانطلقت الثانية مثل البرق .
شافته يوقف سيارته عند بيته ..
ودقت شباك سيارته بشويش ..
فتح القزاز وهو يطالع في بنت جيرانهم اللي دايما يشوفها تلعب مع شهد عند بيتهم
قال بحذر : نعم ؟
مدت عليه الورقه قالت : هاك من عند ابلا شادن .!
استنكر الكلمه قال بردة فعل سريعه وباستغراب : وشو ؟
: نوف اختي تقول هذي من عند مرتك .
اخذ الورقه بوسط حيرة وذهول وتكذيب وخوف وشكوك .. !
والورقة بتثبت الشكوك ..!
( ودي أعرف ليه أودك!
ليه من الغاليين أعدك..
ليه أحاول كل مره ألفت إحساسك وأشدك..
ولا بغيت أمشي وأقفي عيا قلبي لا يهدك!!
ودي أعرف بس وش سر اهتمامي ..
حتى لا مريت جنبي روحي ترسلك سلامي..
.........
ليش تعذبني وانت عارف اني احبك من سنين ..
ليش تتجاهلني وانا ا للي خليت حمود ولد عمي لانك ساكن القلب ومالكه
احبك واعشق ترابك واراضيك .
عاشقتك نوف )
عفط الورقه ولعن الساعه اللي فتح للبنت شباك سيارته ..
دق بوري واشر للعنود اللي جاته تجري بدون شبشب او شي يحمي رجولها من الأرض وترابها وحجرها وأذاها ..
اخذ الورقه وشققها لقصاصات يصعب على أي احد يقرا منها حرف واحد ..
مدها على العنود وطالع في الشباك وشاف نوف كعادتها واقفه عليه وتراقبه .
كانت تطالع وكأن بيغمى عليها من اللهفه والفرح والخوف ..
مشاعر مختلطة ومتناقضة والخوف هو سيد الموقف ..
رجولها مو قادره تضبطها ..
تخيلته وهو يقرا حروفها وكلامها ويتخيلها ويحس فيها وتتحرك لها مشاعره .. !
شافته يعطى العنود شي ورجعت وهي تمشي بفتور عكس لمن راحت له ..
ماانتظرت نوف لحد ماتدخل وانطلقت لها تجري بتستقبلها عند الباب وهي تسب وتسخط في العنود اللي تمشي بمهل وبرود ..
طالعت في يدها اللي قابضتها ..
قالت : خذي ..
رمت قصاصات الورقة عليها وكملت : عماد يقول خلي اختس تعطيها شادن ..! ويقول لتس استري على عمرتس ازين لتس ..!
وآآه ياكبر الخيبة ..
وآآآآه يالاهانه ..
وآآآه ياحب السنين اللي ضاع . .
حاولت تجمع الاوراق بس ماقدرت لأنها مجرد فتافيت طيرها الهوا ..
رجعت لغرفتها ووقفلت على نفسها بدموعها وجروحها وخيبتها وصورة حمود اللي لابد منه تلوح لها وتتراءى من امامها وتنربط بالمستقبل اللي مامنه مفر ..
رمت عمرها على فراشها وتغطت ببطانيتها ودخلت في دوامه من البكا المميت ...
***
فصلٌ ثاني عشر
~ ياحزن اغرس بقلبي موطنك ~
طلعت تدور العنود وهي مطبقه الورقه وماسكتها بإصبعينها السبابه والابهام خوفاً انها تتعفط ولا ماتطلع انيقه مثل ماطبقتها اذا فتحها ..
قالت : العنود .. العنود وين .
رمقتها نورة اللي ناقده على كل حركاتها ومرتفع ضغطها من وقفتها على الشباك وبدت تثبت لها شكوكها ان نوف حاطه عينها على جارهم عماد قالت وهي تطالع في المسلسل اللي يُعرض قبل العصر : اليوم وش سالفتس اشوف الود طلع للعنود مرة وحده .
اشرت لها نوف بيدها يعني ماني رايقة لك وفكيني ..
راحت تدور العنود وعيونها تبحث في كل مكان لحد مادخلت غرفة امها وابوها المنزوية في آخر البيت ..
طالعت في العنود وهي رامية نفسه على الارض ونايمه على بطنها ..
قالت بملل : نمتي الله يجعله نوم جدي يوم رقد ولاقام . عنود .. عنود . عنود قومي الله ياخذ عدوتس .
دخلت امها وراها جاية من المطبخ قالت بلوم ولهجة حاده : انتي وش تبين باختس .. خليها ترقد المسكينه البارح سهرانه واليوم انتي مخليتها تداوم غصب .
زفرت نوف بأووف ورجعت لغرفتها بأسى واحباط ..
اصلاً انا حظي في الحياة ردي
كل بابٍ اطقه ينسد بوجهي ..
وكل امنية احلم فيها مايتحقق الا نقيضها ..
حطت الورقة على اسنانها وهي تفكر وشلون تصادف عماد برا بيته وترسل العنود له على طول من دون أي عوائق سواء من امها ولا من اختها اللي تاكلها بنظرات اللوم والعتاب وشكله بيجي يوم وتنفجر فيها وتفضحها .
انا وش عليّ من نورة منيب رايقة لها هي وتخلفها
ماتدري ان الحب هو اللي يسير العقول والقلوب
وان اللي انا فيه مهوب بيدي ابد
انتبهت للورقة وقد ذاب طرفها من حكها في اسنانها وزفرت بأوف من اعماقها لتعبها اللي راح هدر
قامت لنفس الدفتر اللي اخذت منه ورقه وطلعت ثانيه وهي تتمتم : الرساله هذي ربي محيرٍ امرها لكن ان شاء الله انه مابعد التعب الا الفرج .
بدت تخط من جديد وهي تحاول انها تركز بكل حرف وكلمه حتى ماتشوه الكلام بخطأ املائي ولا شطب ..
عضت على شفايفها وكتبت بفرح وخجل وهي تتخيله يقرأ ويحس بالكلام . ويأثر فيه ويتأثر به ..
***
اليوم آخر دوام لها في رمضان ..
نزلت من فوق بعد مانزلت عبايتها وصلت العصر وتوجهت لغرفة جدتها ..
وقفت على الباب وهي تشوفه متمدد على ظهره ورافع رجوله على التكاية .. وحاط شماغه تحت راسه ونايم وذراعه على عيونه ..
قدمت خطوتها ودخلت على جدتها وهمست بالسلام بعد ماسلمت على راسها .
ردت عليها جدتها بنفس الهمس ..
قالت شادن : جدتي عماد ليه نايم كذا .. الجو بارد عليه .
رمقتها جدتها بنظرة عدم رضى قالت : قومي لحفي رجلتس وشوفيه يبي شي من ا لبارح وهومهب صويحي عيونه ووجهه مااعجبوني .
قامت وطلعت لغرفتها وبدلت ملابسها بسرعه ونزلت بقميص قطني قصير وأكمامه قصيرة .. وفي يدها اللحاف حق سريرها ..
تعمدت تجيبه حتى تشوف ردة فعله كيف بتكون .
ودخلت بخفة وجدتها تتمتم مسبحة ومهلله وذاكرة ربها ..
غطته بهدوء وفتح عينه على الريحه اللي غمرته .. وغمض وشد اللحاف عليه وهو يقول بصوت نايم وكسول : ذبحتيني بريحة هالعطر .
طالعت في جدتها ورجعت تطالع فيه قالت : عماد تعبان انت فيك شي ..؟
انسدح على جنبه وهو يشد اللحاف عليه وكأنه يبي يضمه بدالها ..
قال : تعالي همزي لي ظهري ورقبتي الظاهر ان تعبي امس في المزرعه ماطلع من جسمي للحين .
وقفت بمكانها تستوعب اللي يامرها به ..
اهمزه .. .؟
يعني اسوي له مساج ..!!
يعني اقرب منه بحضور جدتي .. !!
كل هذا كان يدور في راسها وهي واقفه ..
قال : كل هذا تفكرين . خلاص لاتجين .
تقدمت وجات وراه ومسدت ظهره بحذر وحيا ..
اعتدل على ظهره ومسك يدها قال : عطرك وش اسمه ذا اللي دوختيني به .
تحركت وحاولت تبعد عنه لكن عماد ماسمح لأنه موثق يدها بيده
قالت بارتباك : مس ديور .
حط يدها على صدره وضم على كفها بيده قال : خليتس هنا لاتروحين .
اول مرة تحس انه يبيها قريبه منه
واول مرة تحس انه فعلاً صادق
واول مرة تحس بضعف في نظرته وصوته وجسمه .
يمكن التعب مأثر عليه ومو مخليه في وعيه ولا يتصرف لاشعورياً ..
غمض عيونه ويده على كفها ومثبتها على صدره قال بهمس : لاتصحيني الا اذا اذن العصر .
هذا وش يقول ..؟
لايكون يبيني اجلس كذا لين يأذن العصر يعني ثلاث ساعات .
قال : اذا متضايقه قومي ..!
امتقع وجهها بحمرة خجل قالت : اذا انت تبغاني اجلس بجلس .
قال : ايه ابيتس تجلسين .
قام جلس وهو يطالع في جدته المنشغله عنهم بمسبحتها وتسبيحها وهي متمدده على سريرها ورجع تمدد وراسه على فخذ شادن قال : دلكي راسي لين انام .
غمضت عيونها بقهر ..
ليه يسوي فيها كذا ..؟
وليه حاله كذا ..؟
عمرها ماانصاعت لاحد مثل ماتنصاع له ..!!
مو راضيه عنه ولا هي زعلانه منه ..!
مشاعرها ضايعه معاه وماتقدر تحددها ..
دلكت فروة راسه بأطراف اناملها وبهدوء وهو مسترخي بدون كلام وكأنه رجع طفل ونام في حضن امه اللي انحرم منه ولا عرفه .
حست ان جسمه ثقل وتأكدت انه غط في نومه .
وسمحت لنفسها تراقبه بصمت وهدوء ..
انفه شامخ في وجهه بشكل دقيق وأنيق ..
عيونه واسعه حتى وهو مغمضها تحسها طويلة ..
ياترى وش تحمل نظرة عيونه اللي دايماً تحيرها .
ياترى وش تقول ..؟
وش الاسرار اللي تعرفها وودها تبوح بها لكل من شافها والناس تجهل لغتها واللي فيها .
تأملت ذقنه وفيها شعيرات طالعه بشكل مبعثر ويتخللها اكثر من خمس اوست شعرات بيضا .
شيب من العمر ولا شيب من الزمن واليتم والكفاح وجهاد الدنيا ياعماد .
شالت راسه من حضنها بصعوبه وسحبت لها مسنده من وراها وحطتها تحت راس عماد وهو انصاع لفعلها وريح راسه عليها بدون شعور .
غطته زين ووقفت قالت جدتها بهمس : يابنيتي انتبهي له شوفي وش يبي ووش مايبي واصبري عليه وسولفي معه ترى عماد رجال مايسولف ولايتكلم واجد خليه يسولف معتس انتي واغصبيه على سوالفتس .
حست شادن ان جدتها ماارح تسكر الموضوع هذا لين عماد يصحى قالت بهمس : ابشري ياجدتي .. خليه ينام لايصحى على اصواتنا .. اليوم بتجي عمتي فوزية تفطر عندنا .. صح ..؟
ردت جدتها قالت : ايه بتجي رجلها مهوب فيه .
: اجل بروح للمطبخ اشوف الشغاله اش سوت ..
طلعت من عند جدتها وعماد اللي يغط في نومه وراحت للمطبخ وبدت شغلها لأن الفطور اليوم عندها ..
***
في الطريق الاسود
كان يمشي والذكريات المؤرقة تصاحبه
هنا له ضحكه وتعليق
وهناك كان يتمشى
وهنا مروا بهالمكان
وهناك جلسوا وسهروا للفجر ومامعاهم الا ترمس شاهي وبساط وتكايتين ..
وفي ذاك المكان وقفت سيارتهم وصلحوها ..
كل بقعه تحمل له ذكرى معه
وفي كل مكان ارتاده ومر عليه لسعود فيه ريحه
اطلق من اعماق قلبه تنهيده قطعها وهو يمسك بريك قوي عن اكياس الشعير وحزم البرسيم المنتشرة على الأرض ووقف وهو يشوف المنظر وسوءه .
المنطقة اللي فيها الحادث تقريباً محد يمر منها الا اللي يتوجه لطريق جده ومكه ..
والوقت هذا الناس في بيوتها وتنتظر الفطور ومحد يروح للمناطق البعيده ويمسك الطريق هذا ..
تلثم بشماغه حتى مايتعب الغبار رئته الملتهبه ..
ونزل للحادث بنخوة وفزعة شهم ..
الصوت اللي وصله ذكره بسعود ووجعه على سعود ..
كانت جالسة في الوسط ويدها غرقانه بالدم ووجهها كله خدوش ورقبتها بالمثل ..
عبايتها كأنها طالعه من تحت الأرض بفعل التراب اللي رمتها عليه سيارة ابو سعد على بعد 15 متر وهي تنقلب ..
ووصلت لزميلاتها زحف في طور الصدمه والألم والمصاب ..
كانت تصرخ بوجع وحزن استفاض على كل الامها وأفقدها الحس والألم .. : آآآآآآه فاطمه قومي .. فاطمه تحركي لاتموتين .. فاطمه لاتخليني انا سارة اختك اللي تحتاجك .. آآآآآآآه .. فااااااااااطمه .
اميرة قومي لفارس ويزيد ورانيا يمديهم ينتظرونك ..
فاطمه لاتتركيني لوحدي .. فاطمه زوجك وابوك واخوانك واطفال الدار يبونك .. فاطمه تكفييين اصحي ..
التفتت على ساميه وهي مسجاة بلاعباية ولاطرحة وشعرها الذهبي القصير منثور على جبينها الدامي قالت : ساميه آآآآآآي الحين يجون .. ابو سعد ماااااااات بس بيجون يساعدونا ..
قرب منها وهي ترثي وتستجدي وتحاول تعشم نفسها بالكلام معاهم ..
وتذكر نفسه لمن كان يكلم سعود وهو جثة هامده وكأنه يبي يقنع نفسه انه مامات ..
تراجع وهو يشوف الحريم مسجيات على الارض وسواقهن في سيارته كومة لحم .
مسك راسه وهو محتار مايدري وش التصرف الأفضل والصح بهالموقف العصيب .
الموت له رهبة ..
والموت هيبة محد يعرف عنها شي الا اللي عاش موقفه وشاف الجسد خالي وبلاروح ..
انحرف يبي يبلغ الاسعاف حتى ينجدون ويسعفون ..
وانهال من اثار الدم المنثور على الارض وتدل على ان صابحتها او صاحبها قطع مسافه مو قصيرة اكثر من عشرة متر ..
استرخت سارة وكأنها بتغيب عن الوعي او تسلم الروح مثل زميلاتها وهي تردد بصوت يخف شيئاً فشيئا .. وباستجداء وطلب ورغبه ويأس : قومي يافاطمة اهلك يبونك .. وقومي يااميرة عيالك يبونك وينتظرونك .. وتكفين ياسامية تماسكي وخليك قوية انتي عروس ..
راح بأقصى سرعه وهو يشوفها تتهاوى على الأرض بكلل وتعب ووجع جسدي وروحي ..
في غضون دقايق قليله وصل للمركز الصحي لقرية السبيل وشاءت الأقدار ان سيارة الاسعاف مو موجوده في المركز وانها نقلت مريضه قبل ساعات عندها ولادة متعسرة ..
ركب الدكتور وممرضتين مع فهد في سيارته وانطلق بأقصى سرعه لمكان الحادث ..
كانت على وضعها تنفسها بطيء والباقيات مثل ماهم ..
جثث مترامية وبدون حراك ..
اقترب الطبيب بجهاز جس النبض واصيب باحباط وهو يشيله من يد اميرة ثم فاطمة ثم ساميه لأن الروح انسلت من اجسادهم .. وابو سعد من شكله حُكم عليه ان فارق الحياة من بدري ..
زادت نبضات فهد وهو يشوف الطبيب يجس نبض الأخيرة الباكيه الموجوعه والحزينه ..
آخر ضحايا الحادث ..
فز الطبيب وهو يقول : لسه عايشة ..
نادى الممرضات بالاسعافات الأولية بس وش يلحق ووش يخلي
كسور ، جروح عميقه فيها قزاز ، والدم اللي نزف منها واحال بلوزتها للون الأحمر بدال السكري ..
امر الطبيب بنقلها فوراً لأقرب مستشفى وناظر فهد بنظرة استجداء ولسان حاله يقول ( مالها غير الله ثم انت )
فز فهد من مكانه وهمته بداخله تشحذه ..
وبأمر من الضمير الحي وروحه الطيبة ..
شالها بين يدينه بكل مغامرة ومجازفة ..
حركت شفاهها تبي تقول شي بس عجزت ..
وتعابير وجهها الدامي تدل على انها غاضبه وزعلانه ومعترضه على اللي يصير ..
ركب الدكتور بجنبه بعد ماوصل لها بعض المحاليل اللي تلزمها لجسدها ..
وحقنها بإبرة توقف النزف الهائل من جسدها ..
توكل على الله ومسك الطريق اللي يودي للطايف ولمستشفى الملك فيصل كون مركز حي السبيل تابع له ..
وكل رجاه انه يوصل المستشفى بأقصى سرعه ..
الطريق طويل ..
والأمل ضعيف وسط شهقات الممرضات كل شوي اذا نزفت سارة من يدها ولا فخذها ..
ثلاث ساعات وهو يمشي بسرعه قصوى ..
اضطر خلالها انه يوقف خمس مرات حتى الدكتور يسعف سارة كل مانزفت ولا ضعف نبضها ..
اخيراً وصل للمستشفى وفي غضون عشر دقايق كانت مسجاة في الطواري وتجرى لها الاسعافات اللي تحتاجها ..
وبعدين يافهد ..؟
تجلس ولا تمشي ..
صعب يمشي بعد كل هالقلق واللحظات العصيبة ماتطمن عليها ..!
***
دخل بيته مابعد مارجع من صلاة التراويح
ونادى بصوت عالي تحسباً اذا فيه احد من اهل خواله ..
طلعت له شادن من الصالة الثانية وفي يدها المبخرة وهي تبتسم
اليوم تحس بنشوة سعاده وفرح واشتغلت بهمه وحماس لأنها بدت تثبت وجودها بحياته ..
جات تمشي عنده وهي مبدله ملابسها اللي كانت عليها المغرب والناس عندها ..
ببنطلون زيتي واسع من زارا وبلوزة لونها اورنج من مانجو بأكمام قصيرة ..
قالت : مافيه الا عمتي فوزية .. تعال اجلس عندنا .. كملت وهي تقرب منه : خلني ابخرك .
تأمل حركتها الخفيفه ونشاطها اللي مايفتر ..
من الظهر وهي تشتغل والحين الساعه قربت على عشرة وهي بنفس النشاط ..
قال : جدتي نامت .
ردت شادن : اوووه من بدري عشان تصحى تصلي التهجد .
هف على نفسه من البخور قال : هذا منين جبتيه موب حق جدتي .
ردت عليه وابتسامته على وجهها قالت : لا مو حق جدتي هذا من عندي اشترته امي لي ايام كنت اجهز لزواجي .
طعنته بالكلمه وحس بنار في قلبه ومست جسده ..
اي زواج هذا اللي تجهزين له ..؟
خلع جاكيته الجلد الأسود ومده عليها وسحب شماغه وعقاله وطاقيته ومدهم عليها ..
قال : هاتي المبخرة واطلعي ودي هذي لغرفتي ..
اخذتها من يده وطلعت بسرعه فوق وهو يتبعها بنظره ..
مثل الورد
وبعمر الورد
رقيقه وحنونه وجميلة ..
وكتب لها ربي انها تعيش معي .
يوم حظها ظلمها ونصيبها ماانصفها ..
طلعت له شهد وهو واقف مكانه يتبع شادن اللي اختفت عن انظاره بقلبه وافكاره ..
وصلته شهد قالت : عماد ماسلمت عليّ .
نزل المبخرة على الطاولة وفتح لها يدينه ..
: هلا والله بالبنت المزيونه الشاطره ..
قالت بحماس : عماد عماد اكتشفت حاجة ثانية .
رفع حاجبه الايسر قال : وش اكتشفتي هالمرة يالذكيه ..؟
رفعت اصبعينها قالت : حرفين .
رد عليها بانفعال وحماس كاذبين : لااااه حرفين مرة وحده .
: والله حرفين .. اقول لك ايش .
: ايه قولي .. وش الحرفين .
: حرف الألف وحرف الدال .
: والشين اللي ربطتيني به مع رقبتي وين راح .
ردت ببراءة وعفوية : لاااء الشين انا وشادن ومشعل وامك خالتي شريفه وانت تحبنا .. صح ..؟
: ايييه صح .. بس وش الالف والدال .
: هذولا حقينك انت وشادن . اتركني عشان اكتبهم لك وتشوف حرف الألف والدال في اسمك وحرف الألف والدال في اسم شادن .
هز راسه بتعجب من هالبنت قال : هذي والله اللي بتجمعنا غصب .
" كان زين شهد تقدر ..
كان زين احد يجمعني فيك ياعماد " ..
قالته بقلبها وهي تنزل مع آخر درجات الدرج وكلامهم قد وصلها كله ..
قالت : عماد بصراحه غرفتك ماينجلس فيها .. مرة مكركبة وكلها غبار .. ماادري كيف تقدر تنام فيها وانا دخلتها دقايق وانكتمت .
فتح زرارين ثوبه اللي فوق قال : زين متى مالقيتي وقت وفيك شدة نظفيها ..
: عادي الحين انظفها لك .. باخذ فيك اجر واخليك تنام بمكان نظيف .
كانت شهد تسمع الحوار بينهم وعلى راسها ملايين الاستفهامات وعلامات التعجب .
رد عليها عماد : لا لا الحين ابي قهوة تسوينها انتي ولاتقربها الشغاله حطيها لي في المكتب عندي شغل .
ابتهج قلبها قبل ماتعتلي بسمة الفرح جبينها قالت : حاضر من عيوني .. تبغى حلا ولا تمر معاها .
مسك شهد وشالها من جديد قال : جيبي اللي تجيبينه اهم شي القهوة ابيها قهوة شادن اللي كل يوم .
هزت راسها بحيا وفرح وراحت للمطبخ .
وهو راح لفوزية وسلم عليها قالت : ها وش اخبارك تقول شادن انك اليوم تعبان .. عسى مو القولون .
: لا مو قولون .. تعبت من شغلي في المزرعه .
: عندك روحه لجده .
: لا ليش ..؟
: عماد حرام عليك شادن مشتاقه لاهلها وامي تقول انك ماتبيها تعيد عند اهلها .
وقف قال : انا مارديتها اذا تبي تروح تمشي بس انا عازم نايف وامها يجونا في العيد وماعلمتها بسويها لها مفاجأة .
طالع في شهد اللي فزت من مكانها قال : والله والله لوتقولين لها مااجيب لك الباربي الجديد .
حطت اصبعها على شفايفها اللي قفلتها بقوة وهي تأشر بمعنى لا .
قال : اييييييه هذي البنت الشاطرة مو كل شي تسمعه تروح تقوله .
: يعني مااعلم عليك انت وشادن .
مافهم وش تقصد وراح فكره للحروف اللي اكتشفت انها تجمع اساميهم ..
قال : لا لاتعلمين وابلعي اللي تعرفينه وصكي فمك عليه .
ضحكت فوزية قالت : هالبنت ماخربها الا انت تراها بترجع عليك .
مسك شهد وبعثر لها شعرها القصير قال : هالبنت احسن بنت اتركوها بس لااحد يتكلم لها . .. المهم انا عندي شغل في المكتب ماابي ازعاج وانتي ... طالع في شهد وكمل : روحي استعجلي شادن قولي عماد يقول عجلي .
راحت شهد تجري وطلع عماد لمكتبه ورجعت فوزية تتابع المسلسل الرمضاني اللي تعرضه ام بي سي ..
..
خلصت شادن القهوة وحطت حلا منوع بسبوسة وكنافه واصابع العروس ورصتها في طبق واخذتها لعماد في مكتبه ..
اول مرة تدخل مكتبه اللي دايماً مقفول ولايفتحه الا اذا دخله ..
توجهت لآخر المكتب وهو جالس على كرسيه الدوار ويدقق في شاشة جهازه المحمول ..
قالت وهي تطالع في الأرفف المرصوص عليها كمية كتب لابأس بها ..
وتكون ربع مكتبه .. : اثري فيه كتب هنا وانا دايماً قاعده طفشانه .
مارفع نظره لها قال وهو يدخل بعض البيانات : ذكريني اعطيك مفتاح للمكتب بس انتبهي لاتتركينه مفتوح .
نزلت القهوة على الطاولة اللي تتوسط الأنتريه الجلد الأسود ..
وراحت تمشي عند جهة الكتب متجاهله كلامه ..
لمحها وهي تنتقل من جهه لجهه وترك الشغل اللي في يدها واكتفى بمراقبتها ..
قالت : وااااااااو عطيل .. اموت على مسرحيات شكسبير ..
وقف وصك جهازه وجا يمشي عند القهوة قال : اجل قريتي عطيل وديدمونه .؟
: قريت الله ياخذ اللي شقق كتبي ورواياتي .
: من ..؟
: صالح الله لايذكره بالخير .
جلس وصب له فنجال قال : اها .. تدرين انه في السجن وعليه حكم 15 سنه .
شهقت بخوف ومفاجأة قالت : والله من قال لك ..؟
رشف من فنجاله قال : خويي الضابط اللي مسكه .
رفعت حاجبها قالت : خويك قال لك ولا انت ورى قضيته .
: والله اللي بيعتدي على اهلي مانيب ساكت له وانتي ونايف وامك من اهلي .. واذا تبين الصدق انا مكلف واحد من المظفين عندي بالشركه يراقبه ويجيب لي اخباره يوم عرفت انه راعي مخدرات بلغت عنه والباقي تكفلت فيه المباحث والشرطه .
جات تمشي وعلى وجهها لمحة خوف وحزن قالت بجديه والقلق واضح عليها : الله يستر منه ياعماد ترى هذا مايسكت عن حقه كمان .. نسيت اش سوى لنايف .
ابتسم عماد على ردة فعلها وشافها قريبه منه وداهمته رغبة غريبه انه يغير الموضوع والجو ..
قال : مانسيت بس الحلا هذا من مسوية .
ردت وهي تطالع في تغليف الكتاب النحيف اللي في يدها قالت : مين يعني .
اخذ حبه من اصابع العروس قال : هذا وش اسمه ..؟
قالت بعفوية : هذا اصابع العروس .
وبحركة سريعه اخذ يدها وطالع في اصابعها الناعمه قال : يعني مثل هذي .
بردت اطرافها وفترت قالت بصوت مختلف ومرتبك : من قال ان هذي اصابع عروس .
رفع يدها من دون مايدقق في كلمتها ولا يعطيها بال واهتمام ..
باسها وشم ريحة عطرها قال : حلا ويصنع حلا كيف تجي هذي .
زادت نبضاتها ودق قلبها بقوة وغمضت وهي تحس ان الدم تجمع كلها في وجهها وقلبها يخفق زي الآله الفارغه ..
قالت بصوت يرتجف : غريبه .
فهم وش قصدها وعرف مرادها من الكلمه اللي زفرت بها بوجع ..
وآثر السكوت وفضله على انه يتكلم ويزيد جروحها جروح ..
حمرة وجهها وخجلها وارتباكها شكلت منها فتنه آسره ..
لابد يقطع السكوت اللي خيّم عليهم ..
ولابد يضيف كلمة ولا يفتح موضوع يطلعه هو من الجو ..
قال : تبين السوق .. ؟
وقفت ووجهها وأذانيها تتوهج قالت : لا مايحتاج عندي اشياء جديدة لساتني مالبستها .
تنحنح بصوت واطي قال : زين وين بتروحين ..؟
: بروح اجلس عند عمتي قاعده لوحدها .. على فكرة انت عارف انها بتجلس عندنا بعد يومين .
صب له فنجال قال : ايه ادري .
: طيب فين تجلس ..؟
: ماتبي لها سؤال في غرفتها هي وعيالها .
عقدت حواجبها وعضت طرف شفتها السفلى قالت وهي تشبك يدينها بحيرة : يعني تنام فوق وقريب منا .
ضرب على جبينه بأطراف اصابعه قال بهم : اووووووه وين راحت عني هذي .
ابتسمت على حركته قالت بخبث : لو سويت الدور اللي فوق لنا كان احسن واستر .
وقف وجا عندها بقهر قال : استر .. ها ..؟ تدرين ليه ماسويت الدور اللي فوق للحين .
رفعت حواجبها قالت : ليه ..؟
قرب منها ورفع الخصله اللي دايماً تتمرد وتنزل على جبينها قال : مخليه لزوجتي ..!
بهت لونها وحست ان قلبها راح يوقف نبضه اللي كان بيخرج من قفصه وهو ينبض ويدق مثل الطبل لمن قرب منها ..
قالت بفتور : اي زوجه ..؟
رغم ان شكلها يحزن الا انه ابتسم غصب عنه ..
حنونة وطيبه وهاديه ومع هذا عصبية ومتسرعه وخوافه .
قال بهدوء : زوجتي اللي راح اختارها بنفسي .
طعنها في مقتل
وبتر الوريد ..
وانتهى امرها ..
قالت بردة فعل مقهورة ومتحسرة وندمانه وكرد اعتبار ومحافظة على اللي تبقى من كرامه : هه وزوجتك اللي بتختارها بتصبر عليك مثلي .
لاح في راسه قصدها ..
الخبله تحسب فيني شي
تحسبني عاجز
يعني كل هالفترة تظن اني مو رجال .
رفع يده ولم قبضته بقوة ورجعها قال : ماتوقعت انك غبيه يوم هذا ضنك فيني .
مادققت في معنى كلامه بقدر مادققت في كلمة غبية قالت بوجع ودمعتها تلوح بعينها وتنذر بالنزول : صح انا وحده غبية اللي حلمت ..
ونزلت الدمعه قهر ..
كملي ياشادن ..
قولي الكلمه اللي ابيها واحتاجها
ابيها منك حب ورغبة مو شفقه ..
طالعها بنظرات جامده تحمل وراها الف معنى والف كلمه والف احساس ومشاعر جديدة ومختلفه نبتت على يدها وبفعلها .
تركت شادن المكان وانسحبت وهي مبعثرة وتايهه
وين تروح ..؟
لفوزية ..؟
مالها خلق كلام ولا سوالف بعد الكلام اللي سمعته ..
تطلع لغرفتها اللي بجنب غرفته وتحس بقربه وتشعر في حركاته ودخوله وخروجه ..
فتحت الباب حق البيت وطلعت للحوش ..
الجو بارد وصقيع ...
بس برودته ماوصلت للنار اللي اشعلت قلبها غيرة .
ايه غيره قبل كل شي ..
ثم اهانة وقهر وخيبة امل ..
راحت تمشي بلا وجهه وهي تدور على البيت المحوط بسور واسع وطويل ..
سمعت صوت شهد وهي تتكلم وتقول : امي تقول مو في غرفتها ..
جلست ورى البيت وثنت رجولها ولفت يدينها عليها وهي تنتحب ..
البكا صار عادتها وطبيعتها ..
ماتطلع من مصيبه الا وتطيح بجديده
الله يرحمك ياابوي غبت وغيّبت الفرح معك ..
وجهت بيدينها للسما على ذكر الغالي وابتهلت له بالدعاء من اعماق روحها وفي عز حاجتها له وندمها على ايام حياته ..!
***
بعد ماجلس بعدها بدقايق ..
طلع من المكتب وهو يلوم نفسه ويوبخها ..
وشلون قدر يقهرها وهي انثى وماتقوى على الجرح والاهانه ..
وشلون يقهرها هي بالذات وهو المعروف بسخاءه في العطاء ..
طلع فوق يدورها ويتبع اثرها ..
مالقى لها لاحس ولا اثر الا بقايا ريحة عطرها اللي تفوح بها غرفتها واغراضها ..
رجع من حيث اتى ..
وفي قرارة نفسه انها اكيد عند فوزية ..
دخل الصاله وفوزية تشيل اغراضها قال : شادن وين ..؟
رفعت فوزية حاجبها مستغربه قالت : ماادري من يوم طلعت لك ماشفتها .
: انتي وين بتروحين ..؟
: بروح لبيتي خلاص طولت .. بعدين عزيز بيجي الحين واكيد انه جيعان بروح قبل يرجع .
: زين اخلصي على بال مااجيب كوتي ( جاكيتي ) وشماغي .. بوصلك .
طلع ومر غرفتها مرة ثانية وتأكد انها مو في الحمام ومر على الغرف كلها مالها أي اثر ..
اخذ جاكيته من غرفته ونزل ..
ودى فوزية وعقله وقلبه معاها ..
مايدري وين مكانها ولا وش حالها ..
طول الطريق كان ساكت ..
وشهد تتكلم وتسأله واذا الحت اما يرد عليها بـ ايه ولا قال مدري .
رجع للبيت وهو عازم انه يرجع يدورها ويحاول يعتذر منها بأي طريقه ..
***
قرأتها للمرة الأربعين تقريباً ..
قالت بلهفه : عنود . تعالي بسرعه .. شوفي عماد ظهر من بيته مع فوزية وعيالها والله ثم والله ان رجع وماعطيتيه الورقه ماتشوفين الفستان سألت العنود ببراءة : نوف رسالتها وش فيها .؟
: انا سألت شادن قالت اغراض يجيبها لي من السوق .
وقفت العنود طمعانه في الفستان وفي خدمة شادن اللي تحبها كثير وتعتبرها احسن مدرسه عندهم في المدرسه ..
قالت : طيب ابلا شادن ماتقول شي لو قريتها ..؟
فزت نوف بمكانها قالت بعصبيه وشراسه : لا والله لين قريتيها لاموتتس .. لأن شادن حلفتني محد يفتحها وانا وعدتها وانتي تعرفين اللي يخلف وعده يصير مع المنافقين ..في الدرك الأسفل من النار .
هزت العنود راسها مقتنعه بالكلام اللي درسته وسمعته كثير وارعبها
قالت : ايه صح .
: اوعديني ماتفتحينها .
: وعد ماافتحها .
تطمنت نوف ان اختها ماراح تفتحها لأنها دايماً تردد عذاب الآخرة ووعيد ربي وتخاف تسوي شي يغضب ربي ثم يعذبها ..
طلعت العنود بحب للمغامرة من اجل الفستان الحلم والفوز برضا نوف حتى توفي بوعدها ..
استوقفتها نوف وهي تجري وراها بقارورة عطر في يدها قالت :
اصبري بعطر الورقه ..
بخت عليها من عطرها الحار والقوي واعطتها العنود وانطلقت الثانية مثل البرق .
شافته يوقف سيارته عند بيته ..
ودقت شباك سيارته بشويش ..
فتح القزاز وهو يطالع في بنت جيرانهم اللي دايما يشوفها تلعب مع شهد عند بيتهم
قال بحذر : نعم ؟
مدت عليه الورقه قالت : هاك من عند ابلا شادن .!
استنكر الكلمه قال بردة فعل سريعه وباستغراب : وشو ؟
: نوف اختي تقول هذي من عند مرتك .
اخذ الورقه بوسط حيرة وذهول وتكذيب وخوف وشكوك .. !
والورقة بتثبت الشكوك ..!
( ودي أعرف ليه أودك!
ليه من الغاليين أعدك..
ليه أحاول كل مره ألفت إحساسك وأشدك..
ولا بغيت أمشي وأقفي عيا قلبي لا يهدك!!
ودي أعرف بس وش سر اهتمامي ..
حتى لا مريت جنبي روحي ترسلك سلامي..
.........
ليش تعذبني وانت عارف اني احبك من سنين ..
ليش تتجاهلني وانا ا للي خليت حمود ولد عمي لانك ساكن القلب ومالكه
احبك واعشق ترابك واراضيك .
عاشقتك نوف )
عفط الورقه ولعن الساعه اللي فتح للبنت شباك سيارته ..
دق بوري واشر للعنود اللي جاته تجري بدون شبشب او شي يحمي رجولها من الأرض وترابها وحجرها وأذاها ..
اخذ الورقه وشققها لقصاصات يصعب على أي احد يقرا منها حرف واحد ..
مدها على العنود وطالع في الشباك وشاف نوف كعادتها واقفه عليه وتراقبه .
كانت تطالع وكأن بيغمى عليها من اللهفه والفرح والخوف ..
مشاعر مختلطة ومتناقضة والخوف هو سيد الموقف ..
رجولها مو قادره تضبطها ..
تخيلته وهو يقرا حروفها وكلامها ويتخيلها ويحس فيها وتتحرك لها مشاعره .. !
شافته يعطى العنود شي ورجعت وهي تمشي بفتور عكس لمن راحت له ..
ماانتظرت نوف لحد ماتدخل وانطلقت لها تجري بتستقبلها عند الباب وهي تسب وتسخط في العنود اللي تمشي بمهل وبرود ..
طالعت في يدها اللي قابضتها ..
قالت : خذي ..
رمت قصاصات الورقة عليها وكملت : عماد يقول خلي اختس تعطيها شادن ..! ويقول لتس استري على عمرتس ازين لتس ..!
وآآه ياكبر الخيبة ..
وآآآآه يالاهانه ..
وآآآه ياحب السنين اللي ضاع . .
حاولت تجمع الاوراق بس ماقدرت لأنها مجرد فتافيت طيرها الهوا ..
رجعت لغرفتها ووقفلت على نفسها بدموعها وجروحها وخيبتها وصورة حمود اللي لابد منه تلوح لها وتتراءى من امامها وتنربط بالمستقبل اللي مامنه مفر ..
رمت عمرها على فراشها وتغطت ببطانيتها ودخلت في دوامه من البكا المميت ...
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
دخل البيت وهو بين نارين ..
نار شادن اللي اكيد انها زعلانه ومقهورة ونار غيضه من هالبنت اللي يخاف انها تبلاه ولا تلحقه الأذى وهو يحاول يتحاشى ابوها ومايحتك فيه بسببها ..
مشى متوجه لداخل البيت .. وقبل مايدخل استوقفه الصوت اللي سمعه ..
شهقاتها وهي تبكي وتمتم بكلام ماقدر يفهمه من النحيب اللي يصحبه ..
لف بسرعه من ورى البيت ..
وشافها ..
ضامه نفسها بيدينها ودموعها تنزل ..
وهي تطالع في السما ..
ماقدر يرد رجوله وهو يمشي لها بسرعه ..
وقف عندها وهي متجمده وكأنها فقدت احساسها باللي حولها وشعورها بالآخرين ..
ثنى رجوله وجلس على ركبه بجنبها وعيونه مارفعها من عليها .
انكسر قلبه وانشطر على حالها ..
ليه تبكين على شي مايستاهل ..
عساني اتزوج اربعين ليش تهتمين ..
تغارين عليّ .. ؟
ولا ماتبين شريكه وبس .
مد يدينه وضم على اكتافها قال : قومي ادخلي البرد كسر عظامك .
رفعت يدينه من على اكتافها وماردت الا بالدموع اللي انخرطت فيها .
نزل جاكيته وحطه عليها وضم عليها بقوة قال بهمس : انتي ليه حساسه وكل كلمة تأثر فيك .. يعني ماتدرين اني كنت امزح معك .
غمرها الدفى وريحة عوده المعتق طغت على الهواء والأوكسجين وتنفستها لين حستها جرت في دمها مع اوردتها .
: قومي ادخلي عليك برد .
: عماد اتركني لوحدي ... انا تعبانه .
: طيب قومي ادخلي .
طالعته بعيون باكية ومعاتبه قالت : واذا دخلت تتوقع ارتاح .
باسها على جبينها قال بهمس : ادخلي لايسوي البرد فيك سواته في فهد .
بعدت عنه وصرخت قالت : عماد ارحمني انت ليه كذا ..؟ ليه حياتنا كذا ..؟ انا مستعده اعيش معاك على أي وضع حتى لو فيك عيوب الدنيا انا قابلتك وراضية فيك ..حرام عليك خلني ارتاح واعيش زي الناس ...
واجهشت ببكا مرير وكملت من وسط بكاها : خلني ارتاح الله يخليك .
كان همه انها تدخل البيت لأن يدينها كأنها قالب ثلج ..
ولبسهاخفيف وخوفه يصيبها اللي صاب فهد باسباب البرد ..
قال : ابشري بخليك ترتاحين بس قومي معي .. ادخلي للدفا .
تنهدت وبكت اكثر وهو لاف يده اليمين على اكتافها وماسك يدها اليسار بيده اليسار ..
ماقدر ينطق أي كلمه ..!
اصلاً وش عنده يقول ..!
يابنت انا رجال مريض مااصلح اكون زوج ..
اخاف تصيبك علتي .
انا انسان يشوف الدنيا كم سنه وتنتهي .
دخلوا البيت وطلع معاها لغرفتها كانت بتتكلم قال : اششششش ولاكلمه .. ماله داعي الكلام الحين .. والكلام اللي زعلك كله خرطي في خرطي .. انتي راعية البيت وهو ملكك انتي لحالك .. تبين تصدقين وأوريك اوراق ملكيته ..
لفت الأرض فيها وهي تطالع فيه ..
منذهله وخايفه ..
مصدقه ومكذبه ..
مطمنه ومو راضيه .
سحبها لسريرها قال : ارتاحي الحين وانا بنتظر لين تبدأ صلاة التهجد ابي ارجع الاقيك مثل اول .
مسح دمعتها بطرف اصبعه وباسها قال : لااشوف هذي تنزل .
طلع وهي بوسط ذهولها وصمتها وخوفها من اللي جاي ..
جمد الدمع ورجع قلبها ينبض بفتور وكأنه تعب من التضادات اللي صارت له في يوم واحد حافل بمشاعر مضطربة ..!
***
واقف على عظمين له اكثر من ست ساعات
وان جلس جلس دقايق ورجع يسأل عن المصابة اللي ماعرف حتى اسمها ..
ولا يروح يكمل محضر الشرطه ويحوس مع اهل المتوفيات اللي حضروا ..
الموت له سطوة ..
وحزنه مرير
والفقد موجع ..
وصلوا اهل اميرة زوجها واخوها وام زوجها اللي ياما وياما اشكتها على زميلاتها واشتكت من فعايلها ..
دخلوا حتى يتأكدون من الجثه وأول ماعرفوا ..
اللي صرخ ، واللي رجع كل مافي جوفه ، واللي طاح مغشي ..
اميرة اللي تركت فارس 4 سنوات ويزيد 6 ورانيا 2 ونصف .
تركتهم بلا ام .
بلا حضن دافي وقلب حاني .
بلا مأوى ان ضامتهم الدنيا .
تركتهم وغادرت بكل سهولة .
وسط ذهول الزوج وفجيعة الأخوان والأم ولأب وام الزوج اللي ماعرفت قيمتها الا بعد ماشافتها جسد بلا روح وحراك .
من بيلمك يافارس اذا صحوت مفزوع من نومك ..
من بيلبسك ثوبك الأبيض ويحضنك ويحصنك يايزيد اول يوم دراسي وهي اللي كانت تنتظر اليوم هذاك بوله وشغف .
من بيحتويكم ويحاول يدور رضاكم ويلبي طلباتكم ..
ابو ولا زوجة ابو .
ورانيا بنت السنتين ونص ..
الطفلة المفطومه ..
وشلون تنشأ البنت بدون ام ..
من بيجدل ظفايرها ..
ويختار لها ملابسها .
لمن بتقول اسرارها وخصوصياتها اذا تطور عمرها وكبرت ..
لمن بتسرد حكاياتها مع صديقاتها وسوالفها .
تركتهم اميرة وراحت ..
راحت لأنها ببساطه تبي تعيشهم بمستوى معيشي افضل ..
بس القدر ماكتب انها تحقق احلامها ..
..
وقف فهد وهو يشوف زوج فاطمه يردد لاحول ولاقوة الا بالله اكثر من مئة مرة ..
فلاحول ولاقوة الا بالله تهون المصاب الجلل .
رددها لعلها تهدي نفسه الهادره غضباً وقهراً وامتعاضاً ..
راحت الشريكه والرفيقه ..
راحت وتركته وتركت وراها من الاحباب كثييير
وياكثر اللي بيصدمهم الخبر
بدءاً بأهلها واهله والجمعيات الخيريه ودور الأيتام اللي تعلقت فيهم وتعلقوا فيها ..
وقف فهد عنده بشكله الرث وملابسه الملطخه بالدم وشماغه المربوط على راسه بشكل عمليّ بحت .
: هونها وانا اخوك .. ادري ان مصيبتك مصيبة . ..
قاطعه الرجال الملتحي : اللهم لااعتراض اللهم لااعتراض اللهم لااعتراض .
غرقت لحيته بسيل الدموع وابعد فهد عنه وهو يشوف اخو زوجته المكلوم هو الثاني يجي ويسانده ويطلعه برا المستشفى ..
..
وصل العريس بلهفته
شاب في العشرين ..
نظراته تدور في كل الأماكن لعل وعسى ...
انشرح خاطر فهد وهو يسمعه يقول للمرضه السعوديه بهلع : انتي شفتيها هي بنت شباب .. عرووووس عرووووس لسه .. صغيرة مو كبيرة . نحيفه .. ا ا ا شكلها شكلها ..
قاطعته الممرضه بوجع : اخوي بقيت جثة وحده ومصابة في العناية المشدده .. اذا الجثه مو زوجتك معناتها هي الوحيده اللي نجت .
رفع يدينه للسما مايدري ان الله حكم ونفذ حكمه ولاراد لقضائه .
دخل وجسمه يهتز رعب من الموت وهيبته ..
وخوف ان الجثه تكون للعروس .
كشفت الموظفه عن وجه الجثة وتهاوى على الأرض مغشي عليه ..
وياكسرها الفرحه في عز عزها ..
وياصعب فقدان الأمل في الهناء المنتظر .
شالوه الممرضين على ودخلوه الطواريء
كل هذا على مرأى من فهد ..
وكأن الله بعثه ليقول له ان مصابك هين مع مصاب غيرك .
مصيبه وتجبر مصيبه ..
وربَّ ضارةٍ نافعه ..
وصدق مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ
مسك راسه وهو يفكر بعظم المصاب ..
ذكر الله واستغفره وفز بمكانه لأن الصوت اللي سمعه مو غريب عليه ..
: مشاري وابوه .
وقف لهم واستقبلهم قال : خير يامشاري وش فيكم .
طالع فيه مشاري بوجه اصفر والرعب يدب في قلبه..
والأب الموجوع خايف من الصدمه ..
ووجهه يقول انه مايقدر على التحمل ..
قال فهد : بنتكم في الحادث ..
هز مشاري براسه قال : ارسلونا للثلاجه .
مسكه فهد من يده قال : الظاهر انها نجت .
طالع فيه ابو مشاري وخيط الأمل يلوح ووده يمسكه لايفلت ..
لكنه سكت خايف من ( الظاهر ) تحمل وراها العكس ..
قال مشاري : وش دراك ؟
: الجثث ثلاث تعرفوا اهلها عليها .. والباقي اصابة وحده وهي في العنايه لكن حالتها موب حرجه .
كرر مشاري جملته : وش دراك ..؟
رد فهد وهو يشد على ساعد ابو مشاري التايه مابين يصدق ويفرح ولا يخاف ويتوجس ..
قال : تعالوا للعناية المركزة وكلموا الدكتور تراه معي من اول ماجيت ويطمني عليها اول بأول .
هز ابو مشاري راسه وبقلبه ودوني أي مكان بس اتطمن ..
حثوا الخطى ووصلوا للعناية المشدده وكلم فهد الممرضه اللي عرفته من كثر ماسألها قال : هذولي اهل البنت خليهم يشوفونها من بعيد .
حاولت تعترض بس فهد اقنعها ان اهلها خايفين ماتكون هي فسمحت لهم بالدخول اقل من دقيقه ونظرة ويرجعون ..
دخل ابو مشاري والرهبه لاتقل عن رهبة اللي دخلوا على جثث اهلهم ..
مابين الأمل والخوف ..
تهللت اساريره وهو يشوفها مسجاه على السرير ومطبقة جفونها في وسط اجهزة واسلاك طبيه ..
هز راسه لمشاري اللي ماقدر ينتظر برا ودخل وشافها ..
تسند ابوه عليه ومسكه لحد ماطلعوا وهو يلهجون بحمد الله وشكره على نعمته وانه رد لهم بنتهم ..
ساعد فهد ابو مشاري على المشي وجلس على اقرب كرسي قال : ياولدي وش هالدم اللي عليك .
طالع فهد بملابسه اللي ماقدر يصلي منها قال : شوفة عينك .. قدر الله انه يحطني في طريقهم والحمد لله انا لحقنا بنتك .
طالع مشاري في فهد قال : هذا الدم ..
قاطعه فهد : دم المصابين .. هذا الدكتور جا اسأله عن اختك وانا خلاص بطلع ادور لي شي آكله من العصر وانا احوس لافطور ولا راحه .
اقبل عليهم الدكتور وتحمد لهم على سلامة بنتهم وطمنهم بأن اللي فيها كسور ورضوض وجروح .. وان شاء الله ان حالتها مو صعبة ولاحرجه ..
اقنعهم ان جلستهم مامنها فايده وانهم ماراح يشوفونها الا بعد 48 ساعه .
وعلمهم بأن اللي ساعد بنتهم هو الشاب اللي كان جالس معاهم وانه لولا الله ثم هو يمديها لحقت زميلاتها ..
طلع ابو مشاري مع ولده وبداخله كيف يرد الجميل لفهد ..
وصلوا بيتهم ودق على فهد بس احبط وجوال فهد مافيه شبكه ودلاله انه مسك الطريق اللي يودي لديرته ..
***
تمددت على سريرها وهي في ذهول وصدمه من كلامه
يبي يسكتها ويراضيها بكلامه هذا ويقول ان البيت لها ..
يحسب الدنيا ماده في مادة .
مايدري اني ماابغى منه فلوس ولا مادة ولا شي حسي ..
كل اللي ابيه هو ..
حطيت يدينها على وجهها وهي مخنوقه
بس مارضت الدموع تنزل
كلامها جمد الدموع ووقف البكا
ووصلها لما بعد البكا ..
تغطت بلحافها تدور الدفى
الدفى اللي يغمر روحها البارده قبل جسدها ..
بس وين الدفى وعماد الجليد ساكن بقلبها واعماقها
سمعت صوت الإمام وهو يقرأ بخشوع وتسلل الصوت والكلام لروحها
وتذكرت ان الباري في مثل هالوقت يدور من يتوجه له ويتضرع ويلبيه ..
فزت من سريرها وتوضأت وفرشت سجادتها اللي صارت تعرف ادق تفاصيل حياتها من كثر ماشكتها عليها ..
كملت صلاتها بخشوع وتونِّ وتضرعت لربها باللي في قلبها علّ وعسى ان الباب هذا محد يطرقه ويخيب ..
فزت من على سجادتها وهي تسمع خطواته تقطع الصمت الموحش في البيت ..
ودخلت في لحافها وغمضت عيونها ..
ماتبي تشوفه وتشتعل النار اللي هجدت على السجاده
وماتبي تسمعه وترجع لها صورة نوف اللي ربطتها بالدور اللي فوق وبحياته ..
وماتبيه يبرر ولا يعتذر لأن الشرخ عميق ...
ورتقه صعب ..
وماتبيه يفتح موضوع البيت وملكيتها له سواء يثبت ولا ينفي لأن هالكلام اكبر منها بكثير وأصعب من كل المواقف في حياتها ..
فتح الباب بهدوء من دون مايدقه وكأنه يثبت لها وله ان هالمكان واللي فيه حلاله
يدخل متى مارغب ويطلع بكيفه ..
شافها متمدده على سريرها ومتمسكه في لحافها وجفونها مغمضتها على عيونها واللي فيها .
تداري عنه ..!
ولا تخشى مواجهته ..! و
لا كارهه وجوده عندها .
خانته قدرته في المقاومه واقترب منها اكثر ..
وهي كذا تغريه وتجذبه ..
وشلون وهو قريبه منه ولا في حضنه ..
لو تدرين ياشادن باللي في الصدر ..
كان فرحتي وانا ابعدك واجفاك .
سحب جاكيته اللي على طرف سريرها واللي اختلط عوده مع ريحة عطرها وشكل ريحة مزجت القوة بالرقة ..
ضمه على صدره وانسحب من غرفتها لغرفته ..
لبس واخذ اغراضه اللي تهمه ونزل لجدته ..
بالقوة اقنعها ان عنده شغل في جده ..
ماقدامه حل الا الهروب ..
خاصة الليلة وفي هالوضع ..
سلم عليها وهي تردد الدعوات بحفظه وتوفيقه وتيسير اموره
ومشى وذكر الله يلهج بلسانه من دعاء سفر لاتكال وتفويضه امره ومعوذات وآيات قرآنية تعينه وتحصنه من الشرور والمساويء ..
***
دخل بيت اهله قبيل السحور ..
ملابسه وشكله تقزز كل من شافه ..
شافته منال وصرخت بصوت افزع حنان الواقفه في المطبخ وبندر وخالد الجالسين على التلفزيون ..
قال فهد : هييي بنت اسكتي روعتي الناس .
جاته تمشي بسرعه وسلمت عليه وهي تتفقده قالت : ياويلي يافهد الدم هذا وشو ..؟ صاير عليك حادث .
رفع يدينه قال : مافيني شي شوفي .. لقيت قدامي حادث وساعدت فيه وهذا دم المصابين .
وصله بندر وسلم عليه وهو معقد حواجبه قال : استغفر الله هذا دم آدمي ولا دم ناقة منحورة عليك .
سلم على خالد وحنان قال : لاوالله حادث كرهني بعمري .
تكلمت منال وهي مكشرة قالت : ياعمري يافهد هو انت ناقص .
رمقها بندر بنظره لوم والتفت لفهد قال : غسل غسل والله الظاهر انك مااكلت شي من امس .
رفع فهد حواجبه بتعب قال : خلها على الله بس .. على سحوري ومتبرع بدم للمصاب والدنيا قدامي سودا بغيت اصدم مرتين .
قالت منال بلهفه : خلاص ادخل تروش وبدل ملابسك وانا احضر السحور الحين .
طلع ابوه على صوته وهو يرحب ويهلي كأن له سنين ماشافه ..
بس فتر صوته وهو يشوف هذا شكله وحاله ..
قال : ذابح لك رجال ..؟
جاه فهد يمشي قال : ماذبحت احد الله يخليك لي .. اسعفت لي مصابين وهذا دمهم .
زفر ابوه بارتياح وسلم فهد على جبينه ولثم يده قال ابوه : بشرني عنك وانا ابوك ..؟
هز فهد راسه قال : الحمد لله على النعمه والعافيه بخير من ربي ياجعلك بخير . الا الوالده وينها ..؟ نايمه . ؟
: مهب الظاهر ادخل لها وانا ابوك طمن قليبها ترى دمعتها ماجفت عليك .
رد فهد : خلني ابدل ثيابي لاتشوفني وهذا شكلي ..
قطعت عليهم شهقة امه وصرختها وهي تقول : ياويلي على وليدي ..
رفع لها يدينه وكأنه يقول شوفيني مافيني شي وجا يمشي عندها وهو يقول : اصبري الله يخليتس لي مافيني شي ناس صاير عليهم حادث واسعفتهم .
هدا روع الأم بالرغم ان المنظر مؤسف بس سلامة ولدها فوق كل شي
قالت : لااله الا الله وكل هذا دم .. حيوا ولا ماتوا .
عطاها فهد ظهره وتوجه لغرفته وهو يقول : مات اللي مات وحيا اللي حيا ..
طالع في حنان المتقرفه من هيئته وريحة الدم قال : تكفين ياحنان ابي لي حليب بزنجبيل قبل السحور .. البرد ذبحني والحكه قطعت صدري .
تكلم خالد : عجلي بدال مانتي واقفه وعافسةٍ وجهتس .
دخل فهد غرفته وبدل ملابسه وغسل وصلى العصر والمغرب والعشا وطلع لهم كمل جلسته معهم وهو يوصف لهم الحادث من دون مايجيب سيرة جيران نايف حتى ماينزعجون البنات خاصة انهم عرفوهم وحبوهم ..
***
ثلاثه ايام عصيبه مرت عليهم
حالتها من سوء لأسوأ ..
كسور في الفخذ والساعد من الجهه اليسار ..
جروح عميقه في الرأس والرقبه سببت لها نزيف والقزاز اخرجوه بصعوبه ..
وكل هذا يهون لأن الجرح مصيره يندمل
والكسر يجبر
وقف مشاري بجنبها وهي مطبقة جفونها لأنها ببساطه رافضه العودة ..
الصدمة سببت لها انهيار عصبي حاد ..
ان الواحد يصحى من نومه على فزع هذا بحد ذاته صدمه
لكن ترميه السيارة على بعد 15 متر وهي في طور الصدمه ثم تزحف رعب وخوف وألم ونزف وتوصل زميلاتها وهم اجساد بلا ارواح وتكلمهم اكثر من ساعه ونص هذا شي فوق الاحتمال
وخاصة ان سارة من النوع الرقيق اللي مااعتادت على الصلابه .
مسح مشاري على راسها وامه تتمتم بأدعية وابتهالات وتنفث عليها وتمسح جسدها ..
دخلت ريهام بنت خالتها وخطيبة مشاري قالت بهمس : ها كيفها الحين .
هز مشاري كتوفه وهو يحاول يختصر بكلمات معدوده لأن الأطباء حذروهم من ازعاجها قال : على حالها ماصحت .
مسكت ريهام يد مشاري قالت بهمس في اذنه : تعال اطلع معاي واترك خالتي تجلس عندها ..
خرج مشاري بناء على طلبها ووقف برا قال : ليه ماكلمتيني اجي آخذك .
ردت ريهام وهي تضيق فتحة نقابها وتميل طرف طرحتها عليها قالت : ماحبيت اتعبك ابوي نزلني وراح .. مشاري حبيبي لازم تاكل وتعيش وتحمد ربي انها مالحقت زميلاتها .
تنهد مشاري قال : الحمد لله على كل حال .. انا مامخوفني غير هالانهيار ولا الباقي كله مسألة وقت ان شاء الله .. طمنوني الدكاترة .
ضمت على يده برقة قالت : حبيبي انا اعرف سارة ممكن تتعب فترة بس راح ترجع خليك واثق من كلامي .
هز راسه قال : يالله امشي برجعك للبيت واقنعي امي ترجع معاك مرة رافضه تتحرك حتى فطور للحين ماافطرت .
دخلت ريهام لخالتها اخت امها وام خطيبها وهمست في اذنها بترجي وسلمت على راسها وبإقناع قامت خالتها معاها ترجع لبيتها وتصلي العشاء والتروايح وتستغل الايام الفضيلة في الدعوات لبنتها اللي تركت قلبها عندها ..
***
مرت بقية العشر الأواخر والناس ملتهين مابين صلاة ومساجد واسواق وزيارات .. لولا وجود عمتها فوزية عندهم اليومين اللي راحت كان يمديها تفجرت من الطفش والغيض من عماد وغيابه ..
الليله اعلنوا انه العيد وان الشهر ناقص ..
وهو للحين مارجع ..
" يحسب الهروب حل ...
طيب واذا رجعت ياعماد وش الحل ..؟ "
قالته بقلبها وهي تدخل غرفته اللي رتبتها قبل يومين ونظفتها وكأنها تستجديه يرجع اذا حس ان غرفته نظيفه ..
طالعت في الغرفة وحاجياته وكأنه يحاصرها
رغم انها ترتاح اذا دخلتها الا انها تحس انه يخنقها اذا تذكرت تصرفاته معها ..
سكون البيت يخوف ..
مافيه أي شي يقطع الصوت الا صوت خطواتها وحركتها في الغرفه
وصوت الهوا اللي يتسلل مع الثقوب حول اطارات الشباك ..
حتى القرية بليلة العيد ماتغير فيها شي الا ان البيوت اضاءوا المصابيح العطلانه اللي تطل على الشوارع ..
ومظاهر ليلة العيد من العاب ناريه وخروج الناس من بيوتهم اللي اعتادتها في جده تفتقدها قرية الأجواد والكل لجأ لفراشه من بدري لأن العيد عندهم رغم جماله وحلاوته الا انه مشقه وعناء وتعب والأحسن انهم يستقبلونه وأجسادهم مرتاحه ..
في اثناء الصمت الواجم على انحاء البيت الكبير ..
والهدوء اللي يخوف اكثر من انه يُشعر بالراحه ..
سمعت صوت خطوات مع الدرج ..
مافيه غيره خطواته قوية وسريعه ..
وأكيد انه رجع عشان الليلة عيد ..
وين تطلع وهو خلاص قريب من الغرفه ..؟
وش تقول ..؟
الأفضل انه يضبطها متلبسه وبعذر ولا يضبطها هاربه وبلا عذر ..
فتحت الادراج بسرعه وسوَّت نفسها تدور على شي ..
ماتردد انه يدخل غرفته المضاءة انوارها ومفتوح بابها على غير العادة اذا ماكان فيه ..
شافها واقفه بارتباك وتدور في الادراج ..
رغم انه مايحب احد يدخل غرفته ويعترض اذا احد حاول انه يفتش او يبحث في خصوصياته اياً كانت .. الا انه سكت ومااعترض على فعلها ..
وقف على الباب وهو يطالعها ..
لاسلام ولا كلام ولارفع نظره عنها .
قميصها الزهري القصير والناعم جداً مطلعها ابهى صورة ..
شعرها الأسود اللي يتمنى يدخل يدينه فيه ويلمسه بحرية وراحه يأسره ..
ذبول عيونها الواضح يبهره رغم انه ذبول والذبول عمره مااغرى الا انه على عيونها اغراه وفتنه ..
كان يناظرها بحزن ..
بين فرحة اللقا وهمّ القرب .
اربكتها نظرته وخافت انه يعاتب ..
اصعب شي تواجهه مع عماد نظراته الغريبه ..
يبي يقول شي ويعجز ..
طلعت يدها من الدرج بفتور وفيها مقص اظافر الشي الوحيد اللي قدرت تحصل عليه ويمكن يكون هو عذرها قدامه ..
حاولت تبلع ريقها بس خذلها حلقها الجاف قالت بارتباك وهي ترسم ابتسامه باهته مالها أي تعبير على وجهها : الحمد لله على سلامتك ا ا ا ... رفعت مقص الأظافر وكملت بخجل : كنت ابغى هذا .
مشى ناحيتها بسرعه وعينه على مقص الاظافر وخطفه منها قال بلهجة حاده ماتوقعتها : هذا استخدمتيه .
: لا كنت باخذه ماعندي ...
تنهد بارتياح قال بصوت موجوع وهو يقاطعها : لاعاد تقربين من اغراضي الشخصية .
اسلوبه هذا يجننها
ينهكها ويوجع قلبها ..
ليه يأمر بتوسل
ليه يتقوى وبضعف .
ليه ينكسر قبل لايكسرها ..
طلعت لغرفتها بخيبتها وتركته بين همه وندمه وخوفه عليها ..
وكل واحد يلوم نفسه على تصرفه ..
هي عذرها الشوق وهو عذره خايف عليها ..
حاولت تنام بدون ماتفكر في اذيته لمشاعرها
وهو حاول يتناسى ويعذر نفسه بأنه معاه حق ..
تقلبت طول ليلها واستجدت النوم باغلاق النور وهدوءها واخماد بركان الغضب الثاير بداخلها ببعض الآيات القرآنية والأدعيه اللي تحفظها ..
لكن النوم ابى وتمنع ورفض انه يطرق جفونها وظلت صاحيه لين سمعت الأذان ..
اما هو فرحمه تعبه وهاجمه النوم رحمة ورأفه ..
فزت من سريرها ..
وصلت ولبست تنورة لونها سماوي مشجر بأصفر واحمر .. وبلوزة لونها سماوي سادة وماسكه عليها .. بصدر واسع وأكمام طويله وضيقه ..
انتهت من مكياجها اللي اختارت الوانه هادية جداً وتناسب النهار ..
اغرتها الأصوات اللي سمعتها برا وفتحت الستارة حقت غرفتها وشافت النور يغازل سماء العيد ..
الناس بدت تطلع من بيوتها والكل بملابسه الجديده ..
الأطفال بثيابهم انتشروا في الطرقات من بدري بانتظار الصلاة .
وصل سمعها صوت عماد وهو يسكر باب غرفته وعرفت انه نزل رايح للصلاة ..
كانت تتأمل الرجال وكل واحد خارج بسجادته لمصلى العيد اللي في آخر القرية ..
الجو مفعم بروح المناسبه ..
تذكرت ان جده على النقيض ..
الناس صحيح تروح تصلي وبعدها يعم الهدوء على البيوت خاصة انها عاشت سنين طويلة بدون قرايب .. واهل سارة اللي تعتبرهم اهلها غالباً يقضون العيد في ينبع عند جماعتهم ..
شافت عماد وهو يطلع من البيت وجدتها معاه رايحه للمسجد .
تذكرت كلام فوزية ان امها لايمكن تتخلى عن صلاة العيد في المسجد ..
لابس ثوبه الأبيض وشماغه الأحمر ويمشي بهيبه مميزته عن الجميع ..
توارت سيارته عن انظارها وقفلت ستارتها ونزلت تحت ..
جهزت القهوة والحلا في قسم الرجال وسوت الجمر بانتظار الضيوف حتى تحط العود ..
سمعت اصوات عمانها وجدتها والمعايدات والتهنئة وطلعت سلمت عليهم وعماد بينهم ..
سلم على راسها وهو يعايدها وردت بصعوبه وخجل واحراج بـ : وانت بخير ومن الفايزين .
قال فواز وهو يقصر صوته بلوم لعماد اللي يبتسم على شكلها : ياخي ماتستحي انت ..؟ احرجت البنت .
ضحك عماد بصوت مسموع واقرع صوت ضحكته في قلبها قبل اذنها .. ولف يده على اكتافها وهو يقول : هههههههههههه عايدتك انت ماتبيني اعايد حرمتي .
حرمتي ..؟
حرمتي ياعماد ..؟
طالعت فيه باستغراب ورجاء وخوف واستنكار لأنه يستخف بوجودها في حياته ..
تجاهل نظرتها ورجع يكلم فواز : خلنا نروح للمجلس شكل الناس جات تعيد علينا .
طلع فواز قبله ولحقه ناصر اللي وصل امه للصاله وساعدها على الجلوس ..
رفعت يدينه من عليها وانسحبت وهو يتبعها بنظراته ..
***
العيد عمره ماطرق كل البيوت بفرح ..
الا مايصير بيت يرثي ويبكي والخلق معيده ..
عيال اميرة الايتام وامها واخواتها وزوجها اللي تعودوا عليها كل عيد هالمرة مفتقدينها ..!
مالها حس ولاصوت ولا وجود ..
وساميه اللي عمرها ماقضت العيد بعيد عن اهلها ماتت ومات معها الفرح وبهجة العيد ..
زوجها صابته صدمه عصبيه ماقدر يجلس في الديرة وسافر للندن عند ولد عمه اللي يدرس هناك ..
وفاطمه والمأساة اللي خلفتها في كل بيت عرفها بسبب فقدها وفراقها ..
بدءاً ببيتها وبيت اهل زوجها وبيت اهلها وانتهاءً بدور الايتام والملاجيء ..
وفي مستشفى فقيه بجده ..
بعد مانقلها ابوها من الطايف ودخلها مستشفى خاص اكثر عنايه واهتمام على حد قوله ..!
كانت نايمه وساكته ..
الصدمه العصبية اللي تعرضت لها اسكتتها وافقدتها وجود اللي حولها ..
وامها وابوها واخوها حولها ويحاولون يحسسونها بأهميتها وان سلامتها ونجاتها من الحادث شيء مفرح ويستحق انها تصحي عشانه ..
وهي رافضه العودة للواقع بسبب الانفعالات الثايرة بداخلها وكان خير تعبير لها هو الهروب والابتعاد عن الواقع بكل مساوئه واحزانه وصدماته ..
بدءاً بصدمتها في خالد وانتهاءً بصدمتها في الحادث وفقد زميلاتها امام نظرها ..
***
في مجلس ناصر ..
مجتمعين على الغدا لأنه الكبير واعتادوا ان اول يوم الغدا يكون عنده ..
دخل على ابوه وعمه واخوانه وعماد وهم يسولفون قال ابوه من بين الجالسين : فهد من وين جيت وانا ابوك لنا اربع ساعات ندور عليك .
طالع فيهم وهو يحاول يتجلد ..
اليوم اول عيد يقضيه بدون سعود والأعياد القاتمة قادمة ..
قال بمرارة : رحت للمقبرة .
خيَّم الصمت على المجلس واكتفوا بالنظر والمواساة الصامته ..
التفت على عماد قال : ماوديت اهلك لجده ياابو مشعل .
: لا والله .. انا كنت عازم نايف وامه يجونا في العيد بس اللي صار ان بنت جيرانهم مدرسه في السبيل وصار عليها حادث وهي صديقة شادن وعلى حسب كلام نايف انها لو درت يمكن يصير لها شي .. وهو وامه اللي طلبوا مني مااجيبها لين صديقتها تطلع من المسشتفى .
قال فهد باهتمام : من تقصد ..؟ بنت ابو مشاري ..؟
رد عماد : ايه علمك نايف ..؟
: لاوالله ماعلمني نايف .. علمني شوفي لها ولحادثها ..
طالع في بندر وابوه قال : تذكرون الدم اللي على ثيابي يوم جيتكم تراه دمها كشر بوجهه قال : ريحته قعدت في خشمي خمسه ايام .
قاطعه عماد باهتمام : وين جيت الحادث ووشلون جاك دمها .
سرد فهد عليه السالفه ووصف الحادث ومساعدته للبنت وتحاشى الكلام عن حالتها وانهيارها وكلامها لزميلاتها لسبب يمكن يكون انه يذكره بحالته وسعود في حضنه جثه هامده ..ويمكن لسبب آخر ..
***
مرت ايام العيد عليها وهي في ضيقة .
قالت له بتروح لجده تعيد على اهلها بس قال اجليها لين انزل لجده ..
تحجج لها بالشغل في الديرة والطايف وان ماله نية يروح لجده ..
واكتفت بمكالمة امها من جواله الثريا اللي مايفتحه الا اوقات نادرة وللضرورة ..
من بعدها ماعادت فتحت معه الموضوع ..
ولا حاول يحتك فيها كثير ..
..
الليلة نايمه في غرفتها وبأمان الله ..
سمعت دقات خفيفه على باب غرفتها اللي قفلته وهي تبدل ونست تفتحه ..
فزت من نومها تتخبط بهلع وفتحت وزاد هلعها من منظره وشكله ..
صرخت بقوة : عماد .. عماد شفيك ..
مال بجسده عليها وهو يتأوه ويده على اعلى جنبه الأيمن قال بوجع وهو يمد عليها مفتاح سيارته : روحي لسيارتي هاتي كيس الأدوية اللي فيها .
ردت بخوف وهي تشوفه يرتجف وعيونه حمرا .. وزاد رعبها وهو يجري للحمام ويرجع اللي في معدته بصوت عالي ومتوجع ..
لحقته للحمام ولمحها قال : عجلي ياشادن لاتوقفين تطالعيني ..
راحت بسرعه وناداها بصوت عالي بألم : البسي شي قبل تطلعين .
اخذت عبايتها وطرحتها ولبستها وهي تجري زي المجنون الخايف الهارب اللي يدور على ملاذ وبنفس الوقت يطرد احد ..
فتحت باب الفيللا وباب السور بلا شعور ووصلت للسيارة ..
جربت المفاتيح الكثيرة اللي تجمعها مداليته الفضية واخيراً لقت المفتاح اللي انصاع له باب السيارة وفتحه ..
فتحت الدرج كأول توقع لها ان الأدوية راح تكون فيه ..
وفعلاً ماخاب توقعها وسحبت كيس الأدوية ورجعت تجري للبيت ..
وصلت غرفتها وهي تلهث ..
من سنين ماجرت زي كذا .. بس مو هذا المهم ..
المهم توصله وتلحقه ..
كان رامي نفسه على سريرها على وجهه وحاضن المخده على بطنه وصدره ..
اول ماحس بحركاته قام وجلس ..
مد يده على الكيس واخذها وطلع منه حبة مسكنة ومعاها حبتين من اللي اعتاد عليهم ودسها بفمه وشرب وراها موية من كاسة شادن اللي غالباً تلازم كومودينو سريرها ..
رجع تمدد على ظهره وهمس : لحفيني زين .
تأملته وهو يصارع الألم بصمت ..
وجهه الاصفر وحبات العرق تنتثر عليه ..!
التفت عليها وانتبهت لنفسها وسحبت اللحاف وغطته ..
مضت عليها دقايق وهي واقفه تطالع فيه بصمت ..
اخيراً استسلم للنوم وكأنه طفل الثلاث سنوات ..
بدون أي مقاومه او استدعاء واستجداء ..!
تسحبت من غرفتها وطلعت للصاله ..
كيف تنام بعد هالليلة العصيبه ..؟
وشلون تعيش معاه وتقدر تواجهه وتكلمه وهو كتلة استفهامات والغاز ..
جلست في الصاله اللي فوق ومابين فترة وفترة تطلع عليه وكان وضعه واحد وشكله واحد ..
الا ان ملامحه بدا عليها الارتياح اكثر من اول ..
سندت براسها على الكنبه وغفى جفنها قبل الأذان
اما من التعب او باستدراج ابليسها للنوم حتى ما تصلي صلاتها على الوقت ..
***
من بعد هذيك الليلة ماشافته الا يوم العيد ..
على قد ماتحبه على قد ماهي غاضبة ومقهورة منه ..
فتحت شباكها تدور اثاره وتمني عيونها بشوفته علّ الشوق يهدا ويهجد ..
ابد ماله اثر ..!
حتى المزرعه اللي اعتاد يروح لها يومياً ماراح لها من العيد .
وقفت اختها نورة وراها قالت : نوف لو سمحتي سكري الطاقه فضحتينا في الناس خلاص مامن مراقبتس له فايده .
سندت بظهرها على جدار غرفتها الاسمنتي وهي تطالع في اختها بحسرة وقهر قالت : نورة .. حظنا ليش كذا .
جلست نورة على الارض وكتابها في يدها تبي تراجع قبل الدوامات اللي بتبدا بكرة .
قالت : وش فيه حظنا .. عايشين من احسن شي .
جلست نوف باحباط قالت : وين هو اللي احسن شي وتشوفينه .. وش عاجبتس في حياتنا .. ابوي الشايب الفقير ولا امي اللي تشقا من يوم تصبح لين تمسي ولا فقرنا وبيتنا وحياتنا بلا اخو ولا سند .. وكله كوم وعيشتنا في القرية هذي كوم .. ليش ربي ماخلقني من بنات المدن وغنيه بدال هالعيشة اللي تقصر العمر .
ردت نورة بحده : احمدي ربتس يانوف غيرتس يتمنى عيشتس .. عندتس ام و ابو شايلينتس على كفوف راحتهم .. وموظفه وغيرتس مالقاها .. لاتعترضين على قسمة ربي ترى ربي مايقسم لعبده الا اللي يشوفه في مصلحته ويناسبه .
: مشكلتس يانورة ان تفكيرتس عند رجولتس ... طالعي في شادن مرة عماد ...
قاطعتها نورة : انتي ماخلاتس تفكرين بهالخرابيط الا عماد واحلامتس اللي نسجتيها معه . اصحي يانوف عماد مهوب لتس ولايفكر فيتس .. وحتى لو ماتزوج شادن عماد واي رجل في الدنيا مايحب البنت اللي ترمي نفسها عليه .
تطاير الشرر من عيون نوف وهي تقول : وانتي شايفتني رامية نفسي عليه .
: ايه مالتس شغله الا تقزينه مع الطاقه .. ولاتحسبين العنود ماعلمتني بسالفة الرسالة .. انا سكت عشانتس اختي الكبيرة وعشان ابوي وامي مايدرون وانتي تدرين ان ابوي لو درى عن سوالفتس وش بيصير له .
: فكيني فكيني بالله من محاضرتس اللي تجيب المرض .
: تصدقين اني جاية ابي اكلمتس في الموضوع هذا واشوا انتس اللي فتحتيه .
: اوووووووووف هذي من يصك فمها الحين .
: انا بقول لتس كلمتين ترى ان كررتي حركاتس هذي والله ثم والله يانوف لاعلم امي .. وامي ان درت تبي تقول لابوي جيب المملك وزوجها حمود واسترها .
ارتعبت نوف من طاري حمود قالت : الله ياخذ عدوتس يالخبلة فكيني من سيرة هالعله واذا اسمه معجبتس تراه حلال عليتس ماابيه ولا ابي طاريه .
وقفت نورة قالت : انتي اصلاً ماتستاهلينه .. لكن البلا انه يبيتس ومايبي غيرتس .
طلعت نورة وتركتها .. ونوف تتمتم بقهر : اللي يبينا عيت النفس تبغيه واللي نبي عيا البخت لايجيبه .. تبعت اثار اختها بنظرة حزينه وكملت : عيا البخت لا يجيبه يانورة ..
***
يوم دراسي اول ..
وصباح جديد وعودة للروتين اليومي ..
مرت من عنده منال لابسه مريولها وهو متوسد فخذ امه اللي تمسد له شعره ..
قالت منال : يمه شوفي حنان خليها تعجل .. كل شوي وهي لابسة بلوزة شكل .. وكل شوي وهي فاتحة شعرها وتغير شكله .
رد فهد وهو مغمض عيونه : علامتس يالعصلا اخلاقتس قافلة مع الصبح .
قالت : علتني اختك كل يوم وحنا داخلين المدرسة والطابور قد بدا .. ولولا الوكيلة تحبني ولا وقفتنا قدام البنات .
قام جلس قال : انا ولد ابوي .. تحبني وشو ..؟
ضحكت منال منه قال : ههههههههههههه وكيلتنا مصرية كبر جدتي حصة .
ابتسم فهد ورجع تمدد وحط راسه على فخذ امه من جديد قال : اشوا اشوا .. اللي نسمعه الايام هذي في المدارس يشيب الراس الله لايبلانا .
قالت حنان اللي جات تمشي وهي تلبس عبايتها : تكفى فهد اليوم تودينا للمدرسة ماعندك لاشغله ولا مشغله .
رد عليها بدون مايطالع فيها : اقول توكلي على الله بس خلي ودني .
سحبتها منال وهي تهمس لها : امشي امشي ياحنان خلينا نلحق خالد قبل يمشي هذا فهيدان والله مايتغير لو مدري وش يصير .
قالت حنان وهن يبتعدن عن جلسة فهد وامهم : والله اني قلت بيتغير بعد موت سعود ولا الحادث اللي شافه ويقول يروع .. بس شكل قلبه صخر .
..
وهو على وضعه قال لامه اللي تنصحه يدور له وظيفه الايام هذي وان كلام حنان صحيح : انا كلمت عماد ابي ابيه يدبر لي وظيفه تلهيني عن هالدنيا .
ردت امه بشفقه وخوف : بسم علينا .. ياوليدي لااسمع هالكلام منك .. تعوذ من ابليس ودور لك على وظيفه وانا ابي ادور لك البنت اللي تناسبك .
: لا الله يرحم ابوتس .. فكيني من طاري العرس .
: الله يهديك وانا امك .
قام جلس قال : انا بروح لعماد يمديه صحى ابيه يعلمني وش شغلي بالضبط .. الديرة هذي ماعاد اطيق اجلس فيها مير الله يصبرني .
: الله وانا امك ييسر لك دروبك ويرزقك الصلاح والهداية ويجازي عماد بالخير يوم خيره ماكفه عنا من يوم ربي رزقه .
طلع فهد من عندها وبقلبه وشلون يهج ..
صبر عشرين يوم في الديرة بدون سعود ..
بس ذبحه الشوق وماعاد له طاقه على الاحتمال ..
رغم انه يروح لقبره كل يوم ويكلمه ويسولف عليه ويدعي له ويرجع .
ومع هذا ماطاق المكان بلاه وبدونه ..
***
صحت من نومتها وفزت تبي تشوفه ..
بس تسمرت بمكانها وهي ماتشوف الا مكانه ..
التفتت للحمام وشافته خالي وطلعت تدوره ..
دقت باب غرفته ودخلت وسمعت صوت الشاور ورجعت ..
توضأت وصلت ولبست بسرعه وهي تهادي الوقت لايسبقها ثم تفتح نوف عليها الباب اللي ماينصك بسهوله معاها هي بالذات ..
طلعت وهي لابسه عبايتها ومرت عليه شافته يمشط شعره المبلل ولابس ثوبه قال بصوت عادي وهادي : خلصتي ..؟
طالعت فيه تتفحصه ..؟
معقوله هذا اللي كان البارحه عندها بغى يموت ..
بس باين في وجهه اثار التعب ..
قالت : صباح الخير .
التفت عليها ورجع طالع في المرايه قال : صباح النور عجلي انا اللي بوصلك للمدرسه .
: كيفك الحين .
رمى الفرشه من يده وجا يمشي عندها قال : انا بخير مافيني شي بس لاتجيبين طاري لا لجدتي ولا تعلمين فوزية ثم يتنشر الخبر في الديرة كلها .
صرت عيونها بشك قالت : خبر ايش ..؟
: ها .. خبر اني تعبت امس .. يالله ترى ماباقي وقت ..؟
: الحين انت كويس .
فتح يدينه قال : وش تشوفين ..؟
اغتصبت ابتسامه من عمق حيرتها ورسمتها على وجهها قالت : الحمد لله .
رجعت لغرفتها وطلعت بعد دقايق قليله كانت في المدرسة ..
سلمت على زميلاتها وكلها شوق لمواجهة عزة مدرسة الانجليزي الجديدة ..
جاتها عزة الهادية والمنطوية على نفسها كثير ..
: هلا شادن ..
: عزة ابغى منك خدمه .. خذي الورقه وترجميها لي بالحرف . بس عزة ابغى الموضوع بيني وبينك .
اخذت عزة ورقة الفحص الطبي اللي عثرت عليها شادن من بين علب الأدوية في الكيس واخذتها تقرأها بس طلعت كلها مصطلحات طبية مافهمت منها شي الا اسم عماد مشعل ال ... وتاريخ الفحص قبل شهر ..
قرأتها عزة وهي تعقد حواجبها قالت شادن بلهفه : عزة اش فيها ..؟
كملت عزة ورفعت راسها قالت : هذا تحليل اسمه( انتي اتش بي اس ) (Anti-HBs ) ويقول ان نتيجته سلبيه للأسف .
فتحت شادن فمها قالت : ويعني ..؟
: اللي فهمته من الكلام اللي هنا انه تحليل خاص بفيروس الكبد الوبائي بي .. ..
وضاع الكلاااام ..
وضاقت الدنيا
وتاه النظر والسمع وكل الاحساس ..
تسندت على عزة ومسكتها عزة بلهفه : شادن شادن .. ياربي اش سويت لك .. شادن ياعمري اصحي .
دخلت نوير وشادن في حضن عزة مغشيه ..
وبسرعه خرجت عطرها من شنطتها وبخت عليها وغسلت وجهها بمويه قالت : خلينا نوديها للبيت .
اخذت عزة الورقة وحطتها في شنطة شادن اللي نزلت دموعها بدون مقاومه ..
قالت نوير بحنان : شادن قلبي تبين ترجعين للبيت .
هزت راسها بإيه ودموعها مغرقه وجهها وسط ذهول نوير وأسف عزة .
طلعت نوير لنوف اللي اعترضت في البداية وتحت الحاح نوير وافقت .
مشت مع نوير والدنيا في عيونها صغيرة ..
اجل مريض وانا الومه ..!
مريض ..؟
حبيب جدتي مريض ..
زوجي مريض ..؟
واي مرض ياشادن ..
ماردت على نداءات نوير المتتاليه لها ..
وصلت بيتها وهي سارحه وهايمه وصامته ..
دقت نوير الباب ورجعت وهي تشوف عماد يفتح الباب ويسأل بلهفه ..
: شادن .. خير وش فيك ..؟
***
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
روعه هالرواايه
عوااافي خيووو
عوااافي خيووو
ملاك الروح- عضو ملكي
- مزاجك :
رقم العضوية : 20
عدد المساهمات : 375
نقاط : 15333
تاريخ التسجيل : 24/05/2011
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
--------------------------------------------------------------------------------
فصلٌ ثالث عشر
تـــعـب قــلبـي ودمعي قرح جفوني
صبحٌ جديد ..
متخمٌ بالشجن ..
مشبعٌ بالأسى ..
اللهفة تقودهما بلا شعور ..
هي تكتظ بؤساً وشقاء ..
وهو يمتليء كله اسئلة خوف ..
كل الأسئلة ذبلت وتساقطت وهو يشوفها تشهق وترتجف ..
سمع نوير تتمتم بحرج : تعبت في المدرسة وجبتها .
استحت نوير من وجودها بينهم وانحرجت اكثر وهي تشوفه يناظر في شادن بخوف وقلق ومستحي يتقدم ..
نزلت اغراض شادن على الأرض ورجعت بسرعه .
مد يده عليها ومسكها بساعدها وهو يدخلها ويسألها : تقدرين تمشين ..؟ وش تحسين به ..؟ وش صار لك ..؟
مادرت عليه وكانت شهقاتها خير معبر وجواب للي تحس فيه ..
قال بلهفه وهو يشد على ساعدها الصغير على قبضته بقوة : شادن ردي عليّ .. تبين دكتور .. ؟
هزت راسها بلا وهي تحاول تكبت نشيجها تحت غطاها اللي ماشالته من وجهها ..
قال حتى يهديها : زين زين تعالي ارتاحي .
دخل ونادى على الشغاله بصوت عالي : لسلي بسرعه روحي جيبي اغراض المدام من برا .
مافلتها من يدها وهي تطلع معاه لحد مادخلت الغرفه ..
سحب غطاها وهو يقول بدون ماينتبه للي تحت الغطا : تعالي ارتاحي وعلميني وش فيك بالضبط ..
تجمد الكلام على شفاهه وهو يطالع في وجهها ..
وفترت كل عضلات جسمه وتخدرت ملامحه ..
وش صاير ..؟
اكيد انها عرفت بموضوع زميلاتها وصديقتها ..
الله يعين لابد اوديها ..
تذكر نوف وحركاتها وتمردها في الايام الأخيرة
لاتكون بنت لافي قايلة لها شي ولا مزعلتها ثم العن خيّرها ..
تبي تحدني على اذيتها وابوها المسكين مايستاهل ..
كل هذا دار في مخيلته خلال ثواني ..
طالع في وجهها من جديد وهي تمسح الدموع بيدينها وشهقاتها متعاقبة ومتواصله ..
مسح على شعرها قال ببرود : ادخلي غسلي وجهك .
فتحت طرحتها وعباتها وهي تطالع في وجهه المخطوف لونه من اثر تعب امس ..
عيونه ذبلانه رغم الخوف اللي تأجج فيها والقلق اللي بان على نظرتها ..
ابتسم نصف ابتسامه من نظراتها فيه قال : شادن وش اللي صار ؟.
ارتجفت شفايفها وهي ضايعه وخايفه ومتردده ..
أي طريق تسلكه معاه ..
وأي كلام تقوله ..
انا كشفت سرك ..؟
ولاَّ تراني عرفت علتك ..؟
وماعاد فيه امل انك تخبي وتخفي ..
ركزت بنظراتها في عيونه اللي تاكلها بقلق وخوف وعدم فهم اللي يصير ..
تمتمت وهي ترتجف : عماااد .. عماااد .. عماااد .. انا .. وانخرطت في بكاء مرير ..
حطت يدينها على وجهها وضمت عليه بقوة وهي تنتحب وهو في هاله من الذهول يحاصره ويحيطه ..
فتح يدينه ولمها كلها على صدره ..
وهمس لها بحنان وخوف : خلاص هدي نفسك .. تعالي غسلي وجهك ..
وعلميني بكل شي صاير لك يا .. ..
بتر كلمته وسكت لثواني وكمل : عجلي يالله لاتخليني اقلق عليك اكثر .
دفنت وجهها في صدره لأول مرة برغبتها وبجنونها وحبها وحنانها وخوفها عليه وشوقها له ..
استنشقت ريحة جسمه اللي امتزجت مع ريحة عطره العود المعتق وتغلغلت لروحها وقلبها قبل انفها ..
رفع راسها وشاف دموعها مختلطه بكحلها ..
تذكر ليلة زواجها ..
ومناحتها ،
ودموعها ،
وكحلها اللي احالته الدموع لسيل اسود يجري على خدودها ..
لثم جبينها مرات كثيرة ودفن وجهها بصدره وهو يستجديها انها تهدي حالها ويكرر : خلاص يابنت الحلال .. وشو له كل هذا .. خلاص هدي نفسك .
رفع راسها وكمل : شادن طالعي فيني .. علميني وش فيك ..
ماكان منها جواب و مشاها لحد ماوصلت الحمام قال بحنان الاخو والابو وولد العمه والزوج التايه الخايف والضايع : ادخلي معي وغسلي و جهك يالله .
دخلت منصاعه لامره وملبيه لكل رغباته وكل مافيها ينبض بـ " أبشر ولبيه واللي تامر فيه .. "
غسلت وجهها بالمويه البارده وهو بجنبها قالت وهي تشهق : خلاص .. خلاص .. خلاص الحين هادية بس خلني اغسل زين .
هز راسه اللي فيه مليون سؤال وكل خوفه ان نوف جرحتها بشي ولا تعرضت لها وقهرتها وهو يطلع من الحمام ..
جلس على السرير ينتظرها وراسه بين يدينه يفكر ويتخيل ويتوقع ويهدد ويتوعد ..
رفعه بعد دقايق وهي خارجه من الحمام بعد ماغسلت وجهها وفي يدها منديل تجففه فيه ..
وأشر على السرير بجنبه بمحاولة جاهدة منه انه يمنع نفسه لايقوم ويحضنها لين يشفي صدره واللي بداخله قال بهدوء : تعالي هنا .
فتحت شباصتها بقلق وتوتر وانسدل شعرها الناعم اللي تجاوز اكتافها باهمال ..
وجلست قريب منه
الحيا وعدم التعود يمنعها ..
وخوفها عليه وحبها له اللي اكتشفت جنونه اليوم يقربها منه ..
دارت في راسها اكثر من فكرة تعتذر فيها عن بكاها لحد ماتلاقي طريقه تواجهه فيها ..
أخيراً رست على فكرة عل وعسى انها تقنعه وهي تسمعه يقول : تعبانه تبين الشغالة تسوي لك قرفه مدري وش اللي كنتي تشربينه .
ابتسمت وهي مخنوقه ودموعها تملى محاجرها ..
قالت بحنان وهي تتأمل جبينه وعيونه : لا مايحتاج . انا آسفه اني ازعجتك وانت تعبان ..!
تنهد بقلة صبر وضم جفونه على عيونه بقوة وفتحها قال : وش اللي صار . ؟
اخذت شادن منديل ومسحت عيونها وخشمها قالت : ولا شي بس وحدة من زميلاتي كلمت امي ..
طالع في عيونها ينتظر سيرة الحادث قال : ايوه وبعدين .!!
: تقول انها مشتاقة لي واني طولت عليها ..
رد بعفوية وصدق : وهي صادقه والله .. طولتي بالحييل عليها لكن هانت خلاص اليوم نمشي لها .
رفعت نظرها لعماد وتجمع الدمع بعيونها وهي تتذكر كلام عزة البعيد عن امها وسيرتها وارتجفت شفتها وهي على حافة الانهيار من جديد قالت : مافيني اتحمل .
لف يدينه عليها بسرعه وكأنه يقول " تعالي احضنك بدالها واعوضك عنها "
ضمها على صدره وهو يردد : وبس هذا اللي صبحك ونكد عليك .. وبس هذا اللي نزل هالدموع .. انفاسه الحارة تلهف وجهها ويدينه تحيطها ..
وصدره يلمها ..
وكله يحاصرها ..
وهي كتلة الوجع والقهر منسجمة على المساحة العريضه اللي احتوتها بكل امان وحنان ..
شافها مرتاحة وكأنها تلوذ به من شي وتركها على صدره دقايق وهو تداهمه احاسيس مختلفه ..
ويجتاحه شعور مجنون انه يضمها اكثر ويلمها من راسها لرجولها في حضنه ..
قال بهمس وصوت مختلف : ماتبين تقولين وش فيك ..؟
رفعت راسها قالت بتجلد وصبر واخفت وراه الضعف والكسر : خلاص قلت على اللي فيني .. مسحت سيل الدموع بيدينها وكملت بابتسامه باكيه : الحين ماعاد فيني شي .
: زين يالله البسي والحين نمشي لجده .
هزت راسها بلا ودموعها تنساب من جديد ..
قالت بصوت مبحوح من اثر البكا : مااقدر اروح الحين .
عقد حواجبه مندهش من رفضها قال : ليش ماتبين ..؟ اذا تخافين الدوام يردك ماعليك .. ماباقي عن الاختبارات شي وانا اجيب لك عذر بس قومي ..
رجعت خصلتها اللي اعتادت التمرد ورى اذنها ورجعت تتمرد من جديد قالت : مو اليوم .. انت لسه تعبان .
مسد ظهرها وهو يقول : ماعادني تعبان بس قومي والبسي .
رفعت له راسها قالت بلهجه فيها عصبيه تحاول تخفيها : الا تعبان ولازم ترتاح ..
رجعت حطت راسها على صدره وكملت بضعف : لاتضغط علي الله يخليك .
الجو مشحون بالعواطف الجياشه ..
حنان وخوف
وشعور بالانجذاب والانجراف ..
ورغبه بالاحتواء والاحتضتان ..
وخوفه ان رغبته تدفعه لها اكثر تحت تأثير العاطفه ..
بس لابد يدور على مفر ومنفذ للهروب ..
طالع في الباب وده يبعد ومشاعره ورجوله تمنعه ..
قال بعد تنهيده معبرة : انا برسل الشغاله عليك بشي تاكلينه ووقفي دموع يابنت الحلال .. ترى الدعوة مو محتاجه كل هالبكا تبين اهلك قومي اوديك .. ولا اذا فيه شي ثاني يبكيك ..
قاطعته بسرعه : لا مافيه غير اللي قلت لك .
رد بحزم ولهجه آمرة : اجل يالله قومي البسي وانا بنزل لفهد وجدتي وارجع الاقيك جاهزة ..
كانت بتتكلم وتعترض بس سكتها بحزم قال : يالله لاتجادليني .
قال جملته وهو يبعد عنها وطلع من الغرفه يدور ابعد مكان عنها يخمد شعوره تجاهها ويهجد احساسه ناحيتها .
رجع لها بعد ثواني قال بجديه وصوت جاف : انتبهي لاتنزلين ترى فهد في غرفة جدتي .
هزت راسها وهي تتبعه بنظراتها لين اختفى من امامها ..
وقامت دخلت الحمام ..
اخذت لها شور سريع ينشطها حتى تستعد لمواجهة حياتها الجديدة ..
وحتى ينعشها بعد سيل الدموع اللي سكبتها وورمت لها وجهها وعيونها ..
وحتى تاخذ راحتها في الحمام وتكمل الباقي من الدموع المخزنة وللحين مانزلت كلها .
الموضوع مو عادي ابداً ..
والحياة مو سهله ..
وعماد مو أي احد ..
وهي لابد تتصرف بعقلانيه واضعه شعوره واحساسه وحياته في الأولوية ورأس القائمة ..
أي تصرف خاطيء او تهور يمكن يزعزع حياتها بلحظة ويمكن ينهيها ..
لبست تنورة جينز سماوي وعليها بلوزة واسعه الوانها مموجه بتداخل البني والتركواز ..
جففت شعرها وهي تسترجع كل كلمة قالها وكل فعل افتعله من يوم عرفته لليوم ..
قسوته ولينه ..
جفاه وقربه ..
تجاهله لها وغزله ..
معناتها يبيها ويبي قربها والمرض هو الحاجز اللي يمنعه ويحيل بينه وبينها ..
وش الحل ..؟
تواجهه وتحط يدها على كتفه وتقول انا معك للأبد ..
ولا تسكت وتكون العون الخفي ..
غمضت عيونها وهي تلم شعرها اللي انسدل على اكتافها وتمتمت لربها انه يعينها ويساعدها على ماابتلاها لأنه هو الأقدر والأقوى والأعلم بالغيبيات وله القدرة على التحكم فيها ..
***
نزل من عند شادن لجدته وفهد اللي جاه من بدري ..
عقله مشغول وقلبه منشغل ..
قالت جدته اول ماشافت وجهه : انت وين رحت اللي دق عليك من ..؟
زم شفايفه قال : شادن رجعت من المدرسه .
فز قلب ام ناصر لهفه وخوف قالت : وش ردها هالحزة عسى ماهيب تعبانه .
جلس عندهم وعيون فهد تتأمل صدر عماد الملطخ بكحل شادن وروجها قال : والله ماادري عنها تبكي وتقول ان فيه مدرسه من زميلاتها كلمت امها وانها مشتاقة لها وطولت عليها ... زفر وكمل : الظاهر اني بوديها الحين لها .
: ليت ماعلموها عن حادث خوياتها .
ارتعب فهد من السيرة وعقد حواجبه لاشعورياً ..
وسرعان مافردها ورجعت الابتسامه متناسي وملتهي بحال عماد والآثار اللي على ثوبه ..
قال عماد وهو يجلس ويتكي وعقله ياخذ ويودي : مااعتقد .. لأنها ماجابت سيرته ومن كلام نايف انها متعلقه في صديقتها ولو درت ماقعدت دقيقه وحده .
رشف فهد من فنجاله وهو يدقق في صدر عماد عنوة وعمداً وقصد اً..
قال وهو يبتسم : والله شكل البنت مشتاقه لاهلها بس البركه فيك ياابو مشعل .
طالع عماد في المكان اللي فهد غارس عيونه فيه وهو يتكلم ..
تأمل آثارها عليه وسكت ثواني وعيونه على صدر ثوبه وخالجه شعور غريب مافسره ..
اخيراً رفع نظره لفهد وقال وعلى شفاهه ابتسامه حيَّة وبحرج : اشوفك تطالع في جيبي اذا تبي فلوس علمني لايردك شي .
اتسعت ابتسامة فهد قال : لاوالله الا ابي حنان .
ضحك عماد اللي فهم قصده قال : اقول اقلب وجهك بس . ثم يالله قوم وتوكل واسبقني للشركه .
قاطعته ام ناصر : حنان من ..؟ اختك ..؟ علامها وش بلاها ..؟
اخذ فهد شماغه ولبس طاقيته وهو يوجه كلامه لجدته ويقول : حنان مهب اختي .. حنان والله من اللي عند ابو مشعل .. الا اقول ياام ناصر الرجال ضيعته مرته ماغير مقابلها وتارك اشغاله خليها تحرره شوي ..
اخذت ام ناصر عصاها وهشت بها عليه قالت مقاطعته بلهجة حاده : انت وش تبي به هو ومرته .. ثم تراني من بكرة بروح اخطب لك من بنات لافي اشبع بحنانهن واترك عماد عنك .
فتح فهد عيونه وهو يطالع في عماد قال : وش لافي ....؟ لايكون لافي جاركم .
ردت بحده : ايه جارنا .. بخطب لك بنته المديرة دامك توظفت وتسنعت .
امتعض عماد من الطاري وفضل انه يسكت لأن الموضوع مايتعدى المزح وماحب انه يلفت النظر لرأيه وردة فعله ..
قال فهد وهو يعدل عقاله على راسه ويطالع في عماد : داخل على الله ثم عليك ياابو مشعل .. فكني من عجوزك لاتسوي فيني سواتها فيك .
ضحك عماد وهو يوقف معاه : موب قبل شوي تبي حنان .. هذا هو الحنان جاك يمشي برجوله .
كشر فهد بوجهه قال : تراني في وجهك ياعماد فكني منها ..اخاف اجي من جده والاقي هالعجوز قاضيةٍ من الملكة والعرس وجايبةٍ الحرمة في بيت ابوي . .
ضحك عماد منه وابتسمت ام ناصر من اسلوب فهد اللي بدا يرجع لطبعه ولو ان فيه حزن واضح وتغيير كبير ..
تكلم عماد وهو معقد حواجبه ويحاول يخفي الضحكه : استح على وجهك وقدر الاكبر منك لاتخليني ازوجك انا وغصب عنك ..
: عز الله بغيتك عون لقيتك فرعون .. الا اقول ماعلمتني وش وظيفتي .
قال عماد : انت متى بتمشي لجده ؟
: الحين بمشي .. تنهد وكمل : الديرة ماتنطاق من بعد اللي راح الله يرحمه .
ربت عماد على كتف فهد قال محاول تغيير السيرة وعدم الخوض فيها : توكل على الله وقابل فايز وانا اكلمه لك قبل اجيكم .. طالع في ساعته وكمل : انا بطلع البس واودي الحرمه اهلها .
تكلمت ام ناصر : ايه ياوليدي ارحم حالها تراها ابطت على امها .
قال فهد : يالله يالله .. اشوفكم على خير . انتظرك ياابو مشعل اليوم في جده .
هز عماد راسه لفهد وهو يقول : الله يستر عليك .. انتبه لاتسرع على سيارة نايف ..
رد فهد وهو يمشي متوجه للبوابه : مانيب راعي سرعه يالله سلام .
صك الباب وراه والتفت عماد لجدته اللي قالت : ياوليدي ياعماد مرتك ضعيفه شوف وش ينقصها ولاتخليها تحتاج شي وهي عندك .
: الله كريم يالغاليه .. انتي بس لاتفكرين باحد ولاتشيلين هم احد .
: ان ماشلت همك انت وبنية خالد الله يرحمه وش ابي بعمري .
مال عليها وسلم على راسها قال : والله ماقد ارتحت ليا ابعدت عنتس الا وشادن عندتس .. وهالمرة ان اخذتها ماادري وشلون ارتاح هناك .
: تعوذ من ابليس وانا جدتك .. واخذ مرتك ومشها واقعد معها عند اهلها وانا معي ربي متعودة من خلقتي على بيتي وعيالي مايبطون عليّ وهذي فوزية عندي كل يوم .
: زين يالله انا بطلع ابدل ملابسي ونمشي بدري قبل الجو يحتر .
طلع مع الدرج وهي تلهج بالدعوات الطيبة اللي اعتاد عليها وتعودت انها تدعيها له ..
***
في مستشفى فقيه بجده ..
تسلل صوت ام نايف اللي حلفت انها تبات مع سارة في المستشفى لسمعها وهي تقرأ عليها وتنفث بالمعوذات وآية الكرسي واللهم رب الناس مذهب الباس اشفها انت الشافي لاشفاء الا شفاؤك .. شفاءٌ لايغادره سقماً ..
رجع لها الشريط المؤلم زي كل مرة لمن تصحى بعد ساعات المنوم والمسكن ..
تذكرت لمن فزت من نومها مفزوعه على صراخ اميرة .. ونورة .. وتشهد فاطمه والجيمس يتقلب بعد مافقد ابو سعد السيطرة عليه ..!
والارتطام الأخير بعد مارماها من الباب اللي انفتح فجأة ..
وفقدانها لاصوات البنات ..!
تردد في سمعها صوت ساميه وهي تصرخ وتنادي اهلها وزوجها .. وتردد بنموت خلاااص ..
تذكرت آخر جملة لأميرة وهي تتشهد وتمتم بعيالي عيالي ..
وفجر قلبها وعقلها وسمعها صوت فاطمه باطمئنان وهي تتشهد خارج الجيمس اللي رماها وارتطمت على راسها وسيل الدم ينساب من اذنها الى ان فاضت الروح ..
انتبهت ام نايف لدموعها اللي بللت خدودها ..
واخذت منديل وقربت منها وهي تمسح دموعها وتقول : سارة حبيبتي ترى انتي بخير ماعندك الا كسور خفيفه وكلها ايام وتطلعين من المستشفى .
شهقت من دون ماتتكلم او تفتح عيونها ..
وهمست ام نايف : الحمد لله على السلامه .. ويالله احمدي ربي واشكريه على الصحة والسلامه .
هروبها كان صمت وغطا عيون ..
وأفكارها وقلبها مدفون في غبار الحادث وبين صراخ البنات وتأوهات ابو سعد اللي ماطالت ..
حاولت ام نايف تبعدها عن التفكير اللي واثقه انه في زميلاتها وحادثهن ومسحت على راسها قالت : امك وابوك ومشاري كلهم كانوا هنا ... وترى تلفوناتنا مافصلت كل الناس يسألون عنك ومهتمين فيك ويدعون لك بالسلامه .
حست بالألم يسري بيدها المكسورة ثلاثه كسور ومجبسة من الكتف للكف ..
وتأوهت من العمق بصمت وهي مكشرة ..!
قالت ام نايف : تبغين شي ياسارة ..؟ قولي لي وانا اسويه لك ..!
دخلت امها الغرفه وبعد ماسلمت وسألت عن حال سارة .. طمنتها ام نايف انها اليوم احسن وقامت طلعت من الغرفه احتراما لابو مشاري اللي بيدخل يتطمن على بنته بنفس الوقت بترجع لبيتها بما ان مهمتها انتهت بوجود ام سارة مع بنتها ..!
دخل ابوها وتهلل وجهه وهو يشوف سارة معقده حواجبها وتتألم دلالة على انها صاحية وتحس
سلم على جبينها قال : ماشاء الله تبارك الله ... لا اليوم دلوعة ابوها طيبة ..
قرب من اذنها وهمس : الحمد لله اللي طمن قلبي عليك .. يالله شدي حيلك عشان ترجعين معانا للبيت بسرعه .
ماتحرك منها شي لأن كل هالكلمات المشجعه تسمعها كل يوم بس ماأثرت فيها مع هول مصابها وعظم فجعتها ..
شدت امها على يدها وهي تقول : سارة ياحبيبة امها والله قطعتي قلبي عليك اسمعيني وشوفي حالي تراني ماعدت انام زي المسلمين وحالك هذا .
مرت الكلمات من عندها عبثاً وهباء ..
الاحساس مفقود الا بعاصفة الحادث الهوجاء ..
والألم اللي يشتد بباطن قلبها وجسدها .
وكل الشعور ميت الا من الوجع ..
ربت مشاري على كتفها وهو يقول : خلاص ياسويره هانت كلها كم يوم وتخرجين من المستشفى لاتزودين الدلع ترى اشتقنا لك ..
تنهدت بقوة وبقلبها " وين اخرج وكيف اخرج وليه اخرج وبأي حال يامشاري تبغاني اخرج "
دخلت عليها الممرضه وحقنتها بمسكن ومنوم ادخلها في نوم عميق من جديد .. وابعدها عن الواقع لساعات ..
واضطر ابوها انه يرجع لشغله بصحبة مشاري ..
اما امها فجلست على الكرسي مكان ام نايف وشغلت المسجل الصغير اللي جابته على صوت الشيخ سعود الشريم لعله يهدي نفسها ويريحها ويصبرها ..
***
بعد ماوصل الشركه وعرفه فايز على الموظفين ومكتبه الخاص .
جلس على الكرسي الدوار اللي مااعتاده ولا تعود عليه ..
الشغل وجوه وروتينه شي غريب عليه بس لابد يسلك حياة جديده ..
كل شي وله نهاية ..
والونس والمرح وحياة المزاجية انتهت من يوم مانتهى سعود وفنت معاه ..
بدأت حياة الجدية ..
والهروب من التفكير في اللي راح لابد منه حتى يقدر يكمل باقي حياته انسان طبيعي ..
لأنه لو بقى يفكر في سعود فلامحاله راح يصيبه الجنون .
اليوم كأي اول يوم دوام .
مافيه شغل ولا كلفه فايز بأي شي غير انه يتعرف على المكان واهله . .
دخل عليه الفراش ببيالة شاهي وهو يرحب فيه من اول ماعرف انه يقرب لرئيس الشركه ..
: حياك الله ياولدي .. ياريحة الرجال الطيب .
ابتسم له فهد وهو ياخذ بيالة الشاهي من الصينية ويقول : الله يسلمك ياعم ...
قاطعه : عمك سعيد . وابو عماد ..عندي ست بنات وولد عمره سنتين سميته على اسم الغالي رئيس الشركه وصاروا الناس ينادوني بأبو عماد ..
هز راسه وهو يقول : الله يسلمك ياعم سعيد ... اجل سميت على اسم ابو مشعل .
: ايه والله ياولدي يستاهل من يسمي عليه .. عارف اش كانت هديته لولدي .
رشف فهد من الشاهي قال : وش اهداك ..؟
: بيت على قدنا انا وبناتي وسجله باسمي ..
هز راسه فهد مو مستغرب من عماد هالفعل قال : مو غريبه على ابو مشعل خيره ضافي على الجميع ..
: اي والله وانت صادق ياولدي ..
طلع الشايب وهو يدعي لعماد بصوت عالي على انه فك ضقته وفرج كربه ويسر عليه ببيت ملك بعد الإجار اللي كان كاسر ظهره ..
تبعه فهد بنظراته وهو يتذكر عماد ..
هذا عماد بكل مكان يروح له يغرس له في قلوب اهله مكان ..
ورغم انه محبوب الا انه فارض هيبته واحترامه وشخصيته على الجميع ..
رمى فهد مفتاحه على المكتب وطلع جواله ودق على نايف بياخذ اخباره ويسأله السؤال اللي اشغله من يوم الحادث لليوم ..
رد نايف : هلااااااا والله حيا الله هالصوت .
: هلا بك والله .. وشلونك ياابو خالد .
: الحمد لله بخير ماناقصني غير جيتك للبيت .
حط فهد رجله على طرف المكتب وسند بظهره على الكرسي قال : الله يسلمك ويجعلك دوم بخير .. وينك شكلك في الطريق .
: ايه والله رايح اجيب الوالده من المستشفى .
: عسى ماشر .
: ماشر ان شاء الله .. البارحة رافقت مع بنت جارنا ابو مشاري .
تنحنح فهد ونزل رجله وعدل جلسته قال : اها... صحيح وش هي اخبارها ماطلعت من المستشفى .
: لاوالله ماطلعت للحين عندها انهيار عصبي المهم تكفون شادن لاتدري عنها .
: لا اليوم عماد يقول انها للحين مادرت عنها . اجل جابوها لجده ..؟
: ايه جابها ابوها لفقيه .. المهم ترى ابومشاري موصيني اول مااشوفك ولااكلمك اقول لك انه يبيك ضروري ولازم يشوفك .
عقد فهد حواجبه قال : وش يبي ..؟
: والله ماادري بس انت قابله وشوف وش يبي ..؟
وقف فهد وهو يتفقد مفاتيحه ومحفظته قال : زين انا بعد ساعه وانا عندك في البيت ان شاء الله يمديك ترجع قبل .
: ايه خلاص هذاني عند المستشفى وربع ساعه وانا في البيت انتظرك بإذن الله .
: زين زين يالله اشوفك اجل بعد شوي .
: اوكي .. مع السلامه .
قفل من نايف وطلع من الشركه ..
وش يبي ابو مشاري . .
الله يستر لايكون في قلب الرجال شي عليّ وانا شايل بنته على ذراعي .
تذكر مكان الدم على ملابسه ..
صدره وبطنه وكتفه ..
وقشعر جسمه وهو يتذكر نظرات مشاري وهو يسأله عن الدم ..
اكيد عرفوا كيف شلتها ..
زفر وهو يزم شفايفه وبداخله رغبه لمعرفة وش يبي ابو مشاري منه يناقضها الابتعاد عنه وعن الاحراج له ولا لمشاري وابوه ..
ركب سيارته وتوجه لبيت نايف اللي يبعد عن شركة عماد قرابة الساعه الا ربع ..
***
كان الطريق طويل ..
هي اغلب وقتها ساكته او ترد عليه اذا قال اشربي ولا كلي ..
وهو اغلب وقته يرد على المكالمات اللي انهالت عليه ..
سمعت طريقته في الكلام مع الناس ..
صوته لوحده يحسسها بهيبته ..
ولهجته واسلوبه وطريقته الآمرة غالباً والمحترمه دايماً واللي محورها الى الآن عن الشغل والتجارة والاسهم .
تأملت يده السمرا وهي تمسك المقود بارتياح وانسجام ..
ساعته اللي تطوق معصمها بشياكه وفخامه ..
نظارته السوداء المناسبه لتشكيل وجهه الوسيم وتغطي عيونه ومظهرته بصورة ولا في احلام النساء ..
مسبحته وحباتها الفضية ومطوقه بخيط ذهبي ناعم ..
محفظته الجلد الغاليه واللي نزلها بجنبه بعد ماطلع منها بطاقة فيها رقم تلفون املاه على واحد كان يكلمه ..
جواله الأنيق اللي ينتقل من اذن لاذن بحركة رجولية ساحرة ..
ومدالية مفاتيحه اللي تشبه المسبحه قطعه فضية عريضه ومطوقه بخيط ذهبي رفيع ومحفور اسمه فيها ( عماد ال .. )
وقلمه الفخم اللي لمعته تعكس اشعة الشمس وتجهر اللي يطالع فيه ..
حتى جزمته ( الله يكرمكم ) فخمه وأنيقه
كل مافيه ينضخ بالفخامه والهيبه ..
تنهدت وهي تتذكر مرضه اللي ممكن بلحظة ياخذه من الدنيا ويتركها ويترك وراه كل هاللي يحيطه ..
ممكن ياخذه وتنحرم من هالصوت والوجه والأحاسيس اللي غمرها به اليوم بالذات ..
شهقت بصوت واضح ماقدرت تكبته وهو يكلم فايز ويوصيه على فهد ..
والتفت عليها قال : فايز اكلمك انا بعد شوي مضطر اقفل .. يالله مع السلامه .
مد عليها علبة المنديل وسحبت منه واحد وهو ساكت .. ومسحت وجهها من تحت غطاها وهي تاخذ نفس عميق حس به عماد ..
اخذ قارورة الموية ومدها عليها وعينه على الطريق قال : خذي اشربي وتعوذي من ابليس .
اخذت القارورة وشربت منها شوية قالت بهمس : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
قال : انتي سامعه شي مو زين قولي لي يمكن اقتنع بسالفة البكا والدموع هذي .
عورها بطنها بقوة وهي تحس نفسها كذابه في نظره وان كذبتها مامشت عليه وخافت انه يكتشف اللي مداريته عنه ..
قالت : لا ماسمعت شي ..
: زين تبين تكلمين اهلك قبل مانوصلهم تقولين لهم انك جايتهم .
ردت بصوت مبحوح : لا مااقدر اكلمهم .
عرف انها ماتبيهم يسمعون صوتها الباكي واخذ جواله دق على بيت نايف ومالقى رد ودق على جوال نايف على طول ..
ووصله صوت نايف اللي يرحب ويهلي كالعاده اذا كلمه عماد ..
قال عماد بعد ماسأله عن حاله واخباره .. : ترانا جايين انا وشادن عندكم .. باقي لنا نص ساعه وندخل جده ان شاء الله .
: الله يحييكم وهذي الساعه المباركه .. درت عن زميلاتها ..
حط عماد تلفونه على اذنه اليسار مايبي شادن تسمع قال : لا لا . على العموم حنا شوي ونكون عندكم وناخذ اخباركم كلها ..
: انتظرك الله يحييكم ..
قفل عماد من نايف والتفت على شادن وهي تفتح شنطتها وتطلع شنطة الميك اب الصغيرة واللي دايماً تحتفظ بها في شنطة يدها قالت : عماد ممكن توقف شوية . ابغى اسوي مكياجي اكيد شكلي يخرع الحين .
ابتسم قال : شكلتس يخرع من الدموع اللي ماكفت ومدري وش سببها ..
هدى السرعه ووقف على جنب مبتعد شوي عن الطريق والسيارات اللي تلتهمه مسرعه ..
فتحت غطاها وطلعت مرايتها وهي تحاول تصد عنه حتى مايشوف شكلها اللي الباكي ومورم ..
حطت طبقة اساس خفيفه وباودر وبلاشر ونثرت شادو بلون الزهر بحركه سريعه ..
التفت عليها وهي تحط قلوس الزهري بخفة على شفايفها اللي وهجها البكا اكثر ..
وصد عنها بصعوبه ..
رجال ياعالم ..
وبكامل رجولتي ..
ومع انثى مكتمله ..
وشلون اصد بسهوله ..
وشلون امتنع وامنع نفسي ورغبتي ..
للحظات يقنعه الشيطان فيها بأن ادنِ واقترب ..
لكنه تغلب على شيطانه وهو يتذكر العواقب لأقل فعل يرتكبه معاها ..
فتح الباب بصعوبة ومقاومه وخرج من السيارة وقفله بقوته كلها ..
تنهد وهو يمسد وجهه بيدينه ورفع نظره للسماء ..
اللهم اني قد مسني الضر فاكشفه عني ..
اللهم الهمني الصبر والقوة والعزيمة ..
وساعدني على شيطاني واغلبه بقوة ايماني .
رجعت اغراضها لشنطتها وهي مخنوقه من تصرفه وهروبه وترد الدموع لاتخسرها الجهد اللي بذلته في المكياج ..
التفت لها وهي تعدل غطاها وركب السيارة قالت بسرعه : عماد فيك شي ..؟
سكت ثواني ورد ببرود : رجولي تكسرت من السيارة قلت امشي شوي على بال ماتخلصين .
حرك سيارته من جديد وهو بعالمه وهي بعالمها وكلهم يجمعهم نفس الألم ..
خلال نص ساعه من الصمت والتفكير المضني وصلوا لجده ولبيت اهلها تحديداً ..
***
في المدرسة ..
دخلت نوير على عزة اللي تشرح لصف سادس حصة انجليزي ..
قالت : عزة تعالي ابغاك لو سمحتي .
عدلت عزة نظارتها السميكه على عيونها قالت بهدوء وصوت واطي رقيق كالعاده : خير نوير فيه شي .
: وش فيها شادن .. وش قلتي لها ..؟
هزت عزة اكتافها قالت : ماقلت لها شي ..!
: متأكده .. البنت راحت من عندنا تضحك ومبسوطه واول ما كلمتك طاحت ودمعتها ماجفت .
تخربطت عزة وهي تتذكر كلمة شادن لها .. ( ماابغى احد يعرف )
قالت : ماادري اصلاً من يوم جات ووجهها مخطوف .
صرت نوير عيونها لأنها ماتحب اسلوب عزة المنغلق واللي ابداً ماتتعامل بوضوح معاهم قالت : ياربي منك محد ياخذ منك شي ...
قطعت كلامها على صوت نوف اللي وصلها وهي تقول : نوير ليه تاركه فصلتس للحين مايكفي اني سمحت لتس تطلعين مع هالمدلعه .
طالعت عزة بنوير اللي مااستغربت طريقة نوف وكلامها عن شادن ..
قالت ارجعي لفصلتس يانوير ورجاءً بلغي شادن انها تجي بكرة وتجيب لي تقرير طبي ..
قاطعتها نوير بحقد : ياقلبي شادن وديتها للبيت وبغى يموت رجلها يوم شافها تعبانه .. ابتسمت وكملت بمكر : تصدقين ياعزة انه حتى مااهتم لوجودي وبغى يشيلها من كثر الخوف عليها .. ماشاء الله ماشاء الله عسى الله لايضرهم ويستر عليهم ويكفيهم شر الحاقدين . وانتي يانوف لاتهتمين بيجيب لها تقرير واجازة اسبوع على الاقل .
آخر شي تتمنى تسمعه ..
بهت لونها وبردت اطرافها وارتعشت شفتها وهي تتخبط ماتدري وش تقول : مالي شغل تجيب تقرير يعني تجيب . هذي قرارات وزارة موب لعب .. انا مالي شغل بلغوها .
اشفقت عليها نوير من حالها اللي تدري به اكثر من غيرها قالت : يانوف مية مرة قلت لك لاتحطين راسك براس زوجة عماد .
قاطعتهم عزة وهي تطالع في ساعتها وماعجبها الكلام والنغز وطريقة كلام نوف ورد نوير
قالت : عن اذنكم وراي درس طويل والحصة ضاعت عليّ .
طالعت نوف في ساعتها قالت : عجلي انتي بعد الحقي الحصة لاتضيع عليتس واتركي شغل المحاماة عنتس .
اعطت نوير ظهرها وهي تحث خطاها للادارة مكانها اللي ممكن تلوذ به عن عيون الطالبات والمدرسات ان نزل من عينها دمعه ولا تغير شي في ملامحها لسيرة عماد وحبه لشادن ..
***
وقف قدام البيت قال بمرح : ها تعرفين البيت هذا ..
انشرح صدرها وهي تشوف البيت وسيارة نايف اللي عرفت انها مع فهد من ايام رمضان ..
قالت بعفوية : اكيد اعرفه . . ياربي قد ايش وحشني .
فتحت الباب ورجعت سكرت وهي تلف بجسمها ناحيته قالت : ليه ماتنزل ..؟
: ها ايه .. يالله .. يالله نازل .
نزلت وخرجت مفتاحها من شنطتها وفتحت البوابه الخارجيه وناداها بصوت واطي : شادن .
وقفت خطواتها السريعه لداخل البيت والتفتت عليه قالت : الحين اقول لنايف يجيك .
: تعالي تعالي .. ترى فهد قدامك لاتدخلين .
: اووه صحيح .. مسرعه يجي مو كان عندنا الصباح .
قال وهو يرجع نظارته السودا لجيبه : فهد الله يهديه ويصلحه .. زفر وقال بينه وبين نفسه : هذا اول يوم مشى وترك شغله وماقدر يصبر لنهاية الدوام .
قالت شادن : طيب بدخل انا عند امي وانت روح لقسم الرجال .
رد عليها وهو يمشي معاها ناحية قسم الحريم : انا ماني جالس بسلم على امك وامر على العيال وامشي وراي مليون شغله .
هزت راسها بقهر وقالت وهي تفتح غطاها وتدق الباب الداخلي لقسم الحريم قالت : خلني اشوف اخاف فيه احد من جيراننا عند امي .
دخلت خطوتين وشافت امها في وجهها ..
ووقف كل الكون بلحظات ..
تأجج الشوق وانهارت حصون الصبر ..
ماقدرت امها ترد دمعة اللهفه ..
وتركت لها المجال تعبر
وفتحت يدينها تضمها لقلبها قبل قفصها الصدري ..
والثانية ماقصرت رمت نفسها في حضنها وشهقاتها متواصله ..
وكل هذا على مرأى ومسمع من عماد اللي انكسر قلبه على المشهد ..
العروس رجعت تزور اهلها ..
بأي قلب وأي جسد ..
على عكس العرايس والبنات ..
اللي يرجعون بجسد غير قلب يرفل بالسعاده والهموم ..
اما هي ...!!
الجسد مثل ماهو والقلب محمل بالهموم . .
وام العروس تنتظر تقرا الفرحه في عيونها بعد اللقاء ..
ياخيبت ياام العروس ..
العروس عادت محملة بالخيبة والحزن ..
حضنتها امها وربتت على كتفها قالت وهي تمسح دموعها وتبتسم بحرج من عماد الواقف بعيد ويحاول يصد ولا ينزل نظره عنهم حتى مايحرجهم ..
: شادن فضحتينا في زوجك خليني اسلم عليه .
رفعت جسدها من حضن امها ودخلت للصاله تكمل البكا اللي ماوقف من الصباح ..
سلم عماد على ام نايف بحذر وحيا ..
وبعد السؤال عن الحال والاخبار
قالت : تفضل من هنا للمجلس ترى نايف ينتظرك .
فك شماغه ونسفه من جديد وهو يقول : ايه بمر عليهم وامشي ..
حاولت ام نايف فيه انه يجلس بس مارضى ووعدها انه يمر عليهم بعد مايكمل شغله وبينهم تلفون ..
دخل على فهد ونايف اللي فز وهو يرحب ويهلي ..
: هلا والله حيا الله ابو مشعل .. يامرحبا ومسهلا ..
: الله يبقيك ويطول بعمرك ..
قال فهد باسلوبه الساخر اللي لازال طبع فيه : هذا خويك اللي تنتظره دخلته حرمته .. انا اشهد ان الحنان مجتمع في الطرفين .
لكزه عماد برجله في ساقه اللي يغطيها بنطلونه الابيض قال : انت يوم انك قاعد هنا وتارك شغلك .. وشو له توظف ..؟
رد فهد : هذا والله اللي بينشب لي .. اقول يانايف وش رايك تمسك مكاني عند عماد وانا امسك شغلك ..
قال عماد قبل يرد نايف : شغله وشو اللي تمسكه عنه .
سحب فهد مسبحة عماد من يده بحركه عفوية وقال : هذا ياطويل العمر الشيخ نايف بيتخرج الترم هذا .. وابو خويه ابراهيم عنده شركة كبيرة وعده بالوظيفه اول مايتخرج واول مربوط سته الاف ريال ..
رفع عماد حاجبه قال : نايف وانا اخوك وظيفتك عندي .
ابتسم نايف وهو يمد فنجال القهوة على عماد : الله يسلمك ياابو مشعل ادري انك ماراح تقصر معاي ...
قاطعه عماد : اترك عنك المجاملات ومن بكرة لو تبي حتى قبل ماتتخرج ابيك في مكتبك .. رشف من فنجاله وكمل : بس احذرك من الحين فهد ابعده عنك ولاتحتك فيه يخربك .
ضحك فهد من جدية عماد الصارمه قال : لاوالله يانايف اذا تبي نصيحتي هج وانا اخوك ترى عماد ماعنده يمه ارحميني في الشغل اذا انا اول يوم هاوشني وش بيسوي بي بعد كذا .
ضحك نايف من اسلوب فهد وماعلق على كلام عماد ..
قال : بالله يافهد قهو ابو مشعل بروح اسلم على اختي كأني ماشفتها لي عشر سنين .
وقف عماد وسحب مسبحته من يد فهد قال : انا ماشي بس علم الشغاله تاخذ اغراض شادن بنزلها داخل الحوش .
حاول نايف يثنيه عن رايه لكن عماد كان عازم انه يروح للشركه ويشوف وضعها قبل ماتقفل ويغادرها الموظفين ..
طلع من المجلس ونايف بالمثل وكل واحد له وجهه عكس الثاني ..
اول ماشافها في حضن امها تبكي وتمسح دموعها اللي للحين محد عرف سرها وسببها ..
قال : افا .. الحنفيه هذي ماتنضب ولاتجف .
وقفت عنده وضربته على صدره بخفيف وضمها بقوة وهي تقول : وحشتني يادب .. اشتقت لك وانت ماتقدر تكلف على نفسك مشوار تجي تشوفني .
: سلم على راسها وهو محوطها بيدينه وضامها لصدره وكأنها بنته مو اخته الاكبر منه..
قال : بغينا نجيك والله في العيد بس اللي صار ...
قطع كلامه وهو يطالع في امه اللي تحذره بإشارة من اصبعها وعيونها ..
رفعت راسها وبعدت شوي عنه قالت : صاير شي ..؟
: اقصد اللي صار لفهد وتعبه بعدين .. مادريتي انا اعتمرنا وامي جلست ثلاثه ايام ماتقدر تمشي من رجولها .. شكل الشغالة خربتها .. الا صحيح ماباركتي لها على الشغاله .. ولا عشان انتي اللي جبتيها ماتقولين مبروك ..
ضحكت من بين دموعها وهي تقول : شوي شوي يادب كل هذي طاقة كلاميه .. اكيد انك فقدتني وماعندك احد تسولف معاه .
: فقدتك .. ايه والله فقدتك .. بس الطاقه الكلاميه هذي عندي من خلقني ربي بس شكلك نسيتيني ..
مسحت دموعها قالت : عماد مشى ..؟
: ايه مشى .. نادى بصوت عالي على الشغاله : ياساندي ..
طلعت الشغاله راسها مع باب المطبخ قال : روحي جيبي الاغراض اللي في السور .
والتفت لشادن يسألها عن حالها واحوالها ..
قال : وجهك ليه كذا مورم .. لايكون زعلانه من عماد ولا سامعه شي ..؟
قالت بابتسامه حانية لاخوها : لاياعمري عماد مافيه منه بس عشان كنت مشتاقة لكم .
طالعت امه فيه قالت : نايف بتسوي غدا لاختك ولا تخليه عشا .
رد نايف وهو يمسح على شعره ويخلله بأصابعه لورى قال : والله ماادري خلينا نخليه عشا عشان عماد يجي اذا هو الحين مشغول .
: زين شورك وهداية الله .
طالع نايف بامه بعيون مليانه كلام واسئلة قالت امه اللي فهمت عليه : نايف يمه روح لولد عمك لاتتركه يجلس لوحده .
قالت شادن : نايف لحظة . فيه شي احس عندك كلام ماتبغى تقوله لي .
رفع نايف يده يعني سلام وهو يطلع من الصاله ويدخل من باب قسم الرجال وتارك لامه المهمه ..
***
دخل الشركه بدون علم موظفيها الا فايز اللي اعتاد على دخول عماد المفاجيء على الموظفين .. مر على المكاتب واحد ورى الثاني وعلى الموظفين اللي تعاملهم معاه نادر جداً لأن فايز غالباً يحل محله ..
محد كان متوقع دخوله بوقت متأخر مثل بعد الظهر واللي ياكل واللي يدخن واللي جالس يسولف مع خويه
دخل مكتب عصام وهيثم الثنائي الكسول والغير مبالي بالعمل ..
وهيثم يدخن وعصام يلعب في جواله كالعاده ..
قال: الحقوني ثنيناتكم بالفايلات كلها اللي عندكم .
فز عصام من مكانه وهيثم جامد بمحله وزقارته في فمه بلا حراك او حتى نفس ..
رجع عماد ماانتظر منهم اجابة او تعبير ودخل لمكتب فايز اللي رحب فيه : هلا طال عمرك تفضل .. كان ريحت نفسك وانتظرت لبكرة .
جلس عماد على الكرسي حق فايز وهو يقول : ماتفرق يافايز اليوم ولا بكرة كله واحد .. المهم عندك موظفين هيثم وعصام عطهم انذار اخير وان ماانضبطوا قرر فصلهم فوراً ماني مستعد اتحمل لامبالاتهم في العمل على حساب الشركه ومصالحها .. غيرهم يدور الشغل أكفأ وانشط .
رد فايز : ابشر باللي تبي طال عمرك .. انا قبل شهر محذرهم وشكله ماجاب نتيجه ..
دق اياد السكرتير الباب ودخل ومعاه فايل قال : استاز عماد عصام وهيثم ..
قاطعه عماد : خلهم يدخلون .
دخلوا وماتكلم لهم ووجه الكلام لفايز : شوف شغلك يافايز وحط في بالك ان أي مستهتر في العمل مكانه مو عندي في الشركه .
وقف وهو يشوف جواله يدق واسم فهد على الشاشه ..
رد عليه وتوجه لمكتبه الفخم في آخر الممر ..
: هلا يافهد .
وصله صوت فهد العالي وهو يقول : هلا بك ياابو مشعل انت وين انت ..؟
: في الشركه ..!
: ماتقدر تطلع ..؟
: ليش تبي شي ..؟
: لا انا ماابي غير سلامتك بس مرتك الظاهر انها درت عن زميلاتها وطاحت على اهلها .
جمدت ملامح عماد .. واخذ نفس عميق وتهاوى على كرسيه الاسود الكبير قال : كنت متوقع والله .. الا انت وينك ..؟ عندهم ..؟
: ايه في البيت ونايف اخذ اخته وداها للمستشفى .
فز عماد قال : المستشفى ليش ..؟
رد فهد بحده : اقول لك الحرمه طاحت عليهم واخوها وامها ماتحملوا ودوها للمستشفى على طول .
رد عماد بسرعه وهو يقاطعه : زين زين انا اشوف وش صار مع السلامه .
قفل بسرعه ودور رقم نايف ودق عليه بس نايف خذله ومارد عليه ..
دق مرة ثانية وثالثه وأخيراً رد نايف : هلا عماد .
: نايف وشلون شادن الحين ..؟
: الدكتور عندها وبيسوون لها تحليل حمل مدري وشو .
رد عماد بأمر وهو يعض على اسنانه : لايسوون لها شي لين اجيك .. البنت تعبانه من الصبح مااكلت شي .. لاتخليهم ياخذوون منها دم ..
: بس الدكتورة تقول ...
قاطعه عماد بصوت عالي : ناايف قلت لك لاتخليهم يسوون لها شي لين اجي انت بأي مستشفى .
قال له نايف على اسم المستشفى القريب من بيتهم وطلع عماد بسرعه بعد مامر على فايز وقال انه مضطر يطلع ..
ياقلبها المسكين ..!
وشلون تتحمل ..!
القسوة ولا الجفا
ولا فراق احبابها ..
شد على المقود بيدينه حتى ابيضت مفاصل اصابعه من كثرة التوتر ونفث بأوووف من اعماقه ..
ياطول الطريق رغم ان المسافه اقل من ساعه الا انه حس انها صارت الضعف ..
اخيراً وصل ونايف والدكتورة في نقاش حامي ..
الدكتورة مابين المكسب المادي اللي راح تضيفه للمستشفى الخاص اللي تنتمي لها ومابين المريضه اللي تحتاج علاج ومهديء ولابد تتأكد اذا حامل او لا .
وقف عند نايف اللي استقبله على طول قال : عندك ياابو مشعل تفاهم معاها .
رد عماد عليه من دون مايطالع في الدكتورة : شادن وينها .
اشر له نايف على غرفة مقابلة له قال : في الغرفه هذي .. امي تقول صحت بس تبكي ومنهارة .
دخل عليها وشافها جالسه على السرير وشعرها ووجها كله مويه بفعل امها وهي تحاول تصحيها ..
مثنية ركبها ودافنه وجهها بينها ..
قرب منها وجلس بجنبها قال : شادن ارحمي نفسك ترى اللي تسوينه مايصير .
هزت راسها من دون ماترد لأن مافيه كلام ولا فيها طاقه على التحمل ولا قدرة على الاحتمال .
مسح على راسها وامها تراقب بصمت قال : قومي معاي بوديك لصديقتك ترى ابوها كلمته اليوم ويقول ان عندها انهيار عصبي وتحتاج من يوقف معاها .
رفعت له راسها وشكلها يرثى لها ..
الدموع من قوة الصدمة اختفت .
والصوت من كثر البكا انجرح ..
والجفون مقرحه ..
القلب شُج بخبر الفقد ومصاب سارة ..
وانا من يوقف معاي ياعماد ..
انا ابي احد يسندني ويساندني ..
انت تموت وسارة تضيع والموت غيب ناس اعرفهم واحبهم حتى لو اني ماعرفتهم الا فترة قليله الا اني حبيتهم ..
قال بصوته الرجولي والآمر والحاني بنفس الوقت : يالله البسي خلينا نروح لزميلتك تطمني عليها واجلسي عندها على كيفك .
غمضت عيونها وهو يقول : انا من يوم عرفتك وانتي قوية .. يالله عاد المفروض تفرحين ان صديقتك بتقوم بالسلامه وماعندها الا كسور بسيطه ومع الوقت بتتعافى .
مسكها من معصمها ونزلها وهو يطالع بامها : عمتي لبسيها طرحتها وغطاها وانا اللي باخذها للبيت . قرب من وجهها وحدق فيه وكمل بحنان واضح : ولاتبين تروحين الحين لصديقتك .
هزت راسها وهي تقول : بروح لساره الحين .. ورفعت راسها وكملت بصوتها المبحوح : بس انت روح ارتاح في البيت خل نايف يوديني .
: امشي بس انا ارتاح اذا شفتك طيبه .
كلامه على انه الشفا الا انه السكين اللي ينهش بها جروحها ..
آهـ لوتدري ياعماد وش كثر قلبي يشيل ..
صدمتين وفي يوم واحد مؤلمة ..
انت وسارة ..
اغلى من سكن قلبي ..
طالعت في وجهه والتعب باين عليه قالت : خلاص انا برجع للبيت وبعد العصر اروح لسارة .
رد عليها : اكيد ماتبين تروحين لها الحين .
: اكيد بس انت تعال ارتاح عندنا في البيت .
طالع في ساعته اللي شارفت على 3 العصر وزم شفايفه قال : لاوالله مااقدر لكن المغرب امر عليك وآخذك للمستشفى .
دخل نايف قال عماد : وصلهم للبيت وشوي انا اجي اوديها للمستشفى .
حاول نايف فيه انه يرجع معاه للبيت بس اعتذر عماد بالشغل وانه مواعد رجال على الغدا .
وطلع من المستشفى بعد ماراح نايف وامه وشادن معاه ..
***
في الاجواد ..
جالسه على سجادتها تسبح وتهلل والوحده طاغية على البيت ..
والصمت مايقطعه الا صوت راديوها الخافت على برنامج فتاوي دينيه بإذاعة القرآن الكريم اللي ماحادت عنها موجة الرديو من يوم دخل بيتها ..
وصلها صوت شهد وفيصل وفوزية وهي تقول : لاتخربين على الناس اذا بتدخلين دراجتك العبي عند الباب لاتقربين من السجاد ..
دخلت غرفة امها وسلمت وجلست قالت : يمه شادن وشلونها شهد تقول ان العنود شافتها وهي تبكي في المدرسة . وعماد يقول مافيها شي بس مشتاقه لامها .
طفت ام ناصر راديوها واستغفرت ربها قالت : ايه الضعيفه علمتها زميلتها انها كلمت امها وتنشد عنها ثم صبحها ابليس .
وقفت فوزية قالت : ياقلبي عليها .. الله يهديك ياعماد كم لي وانا اقول له ودها امها وهو يقول بيجون وانا عازمهم .. هذي النتيجه ..
طالعت في الباب وتأملت المكان وكملت : بس والله ان مكانها خالي في البيت الله يردها بالسلامه ..
تنهدت ام ناصر وعقبت : ايه والله ماليةٍ البيت عليّ . .. الله يرضى عليها هي ورجلها .
دق الجرس وقامت فوزية تشوف من ورجعت وناصر اخوها وراها .
سلم على امه وجلس بجنبها قالت فوزية : ابو فهد صدق اللي قاله لي عماد .
رد ناصر برزانه : وعماد عمره كذب .. كل اللي يقوله صدق .
: اصبر اعرف وش قال ثم تكلم .
: وش قال ..؟
: يقول ان فهد توظف عنده وانه مشى اليوم لجده ..
قاطعتها ام ناصر : عماد وين جاتس وعلمتس بعلوم شادن وفهد ..؟
عقدت فوزية حواجبها بعدم رضا قالت : صبحني الساعه 8 وصحاني من عز نومي يقول لاتخلين جدتي تجلس لحالها .. وعلمني انه بيودي شادن لاهلها وعلمني عن فهد ..
طالعت في ناصر قالت : والله ياناصر ان من فرحتي ماقدرت اكمل نومي .. الله يهديه ويثبته .
قالت ام ناصر : فهد رجال وماعليه كلام ماعاد ينقصه غير المرة السنعه .
تكلم ناصر بحيرة قال : وش اسوي به يايمه كل ماجبت له طاري العرس قال الله لايقوله .
ضحكت ام ناصر وقالت : اليوم قلت له ابي اخطب لك من بنات لافي ثم انحاش لجده .
ضحك ناصر قال : انا قايل لتس .. مايبي العرس ولاودي اغصبه .
اخذت فوزية صينية القهوة من الشغاله اللي وقفت على الباب وجلست . .
قالت وهي تصب لاخوها فنجال قهوة : شوف عماد بعد ماغصبته امي على العرس .. ماشاء الله عليه مبسوط ومستانس .
رد ناصر بعد مارشف من فنجاله قال : والله ياحال عماد مهب معجبني .. ولا حرمته مااسنع منها بس اني كل مااشوف وجهه اقول فيه شي ولا مهب مرتاح .
هزت ام ناصر راسها قالت : اشوف بعيني ياناصر مير الله يهديه .
تكلمت فوزية وهي تبعد عماد عن محور الحديث : ياناصر لاتسكت عن فهد تراه بيدخل الـ 29 وهو لاحرمة ولا ولد . حتى بندر حلف مايتزوج قبله . على كذا عيالك بيجلسون لازواج ولا ذريه .
تنهد ناصر وقال : والله ياام فيصل هذا اللي هامني .. فهد ليا قلت عثرت اخوانك قال خلهم يعرسون ولحد يفكر فيني .. ولا بندر الله يرضى عليه مايردني في طلب الا انه حلف مايعرس قبل فهد .. وامه خطبت له من بنات نورة ..
قاطعته فوزية : بنات نورة متكلمين عيال عمهن وخطبوهن .
شرب بقية فنجاله ومده عليها وهو يقول : لا ريماس عيّت عن ولد عمها وبندر يبيها ونورة بعد تبي بندر ياخذها .. المهم ان الحريم متفقات .
قالت ام ناصر : الله يكتب اللي فيه خير .. ريماس وايناس كلهن سنعات وبندر رجالٍ (ن ) ينشري . اما فهد شاوره على بنات لافي ولاتسكت عنه .
قالت فوزية مقاطعه وباندفاع : الله لايقوله مانبي بنات لافي ولاقربهن .
التفت ناصر على فوزية قال : انتي وش تقولين وش فيه لافي رجال والنعم ثم بناته ماقد سمعنا عنهن الا كل خير سنعات وامهن سنعه .
: نوف هذي اكرهها ماتنطاق وشادن دايماً تقول لي انها ماتطيقها ولاتكلمها الا من طرف خشمها .
ردت ام ناصر بحكمه : هيِّن هذي الغيرة وماتسوي .. . وبكرة ليا انخطبت واعرست تنسى شادن ولاعاد تعرض لها .
مسد ناصر لحيته وهو يفكر قال : شورتس وهداية الله يالغاليه . بكلم فهد واللي فيه خير يكتبه ربي .
كملوا جلستهم والحوار ماابتعد عن العايلة ..
من فهد لعماد لـ احمد المبتعد بحكم عمله .. وراح يجي بعد ايام ..
***
بعد مغرب يوم صدمات عمرها ..
دق عليه نايف ومارد وعرفت شادن انه نايم ..
قالت وهي تلبس عبايتها : نايف خلاص لاتدق عليه .. انت ودني للمستشفى .
: زين يالله امشي خليني بس اكلم فهد اشوف وينه .
غطت وجهها واخذت شنطتها اللي فيها الورقة اللي قلبت لها حياتها بأخبارها الشينه ونايف يكلم فهد ويلح عليه انه يجي يسكن عندهم بس فهد رفض وفضل انه يسكن في شقة عماد ويمر عليه بين فترة والثانية حتى مايسبب لهم احراج ويثقل عليهم ..
قفل منه ومشى مع شادن اللي فضلت انها تقابل سارة لوحدها ولها من الروحه لوحدها مآرب اخرى ..
طول الطريق ساكته وت
فصلٌ ثالث عشر
تـــعـب قــلبـي ودمعي قرح جفوني
صبحٌ جديد ..
متخمٌ بالشجن ..
مشبعٌ بالأسى ..
اللهفة تقودهما بلا شعور ..
هي تكتظ بؤساً وشقاء ..
وهو يمتليء كله اسئلة خوف ..
كل الأسئلة ذبلت وتساقطت وهو يشوفها تشهق وترتجف ..
سمع نوير تتمتم بحرج : تعبت في المدرسة وجبتها .
استحت نوير من وجودها بينهم وانحرجت اكثر وهي تشوفه يناظر في شادن بخوف وقلق ومستحي يتقدم ..
نزلت اغراض شادن على الأرض ورجعت بسرعه .
مد يده عليها ومسكها بساعدها وهو يدخلها ويسألها : تقدرين تمشين ..؟ وش تحسين به ..؟ وش صار لك ..؟
مادرت عليه وكانت شهقاتها خير معبر وجواب للي تحس فيه ..
قال بلهفه وهو يشد على ساعدها الصغير على قبضته بقوة : شادن ردي عليّ .. تبين دكتور .. ؟
هزت راسها بلا وهي تحاول تكبت نشيجها تحت غطاها اللي ماشالته من وجهها ..
قال حتى يهديها : زين زين تعالي ارتاحي .
دخل ونادى على الشغاله بصوت عالي : لسلي بسرعه روحي جيبي اغراض المدام من برا .
مافلتها من يدها وهي تطلع معاه لحد مادخلت الغرفه ..
سحب غطاها وهو يقول بدون ماينتبه للي تحت الغطا : تعالي ارتاحي وعلميني وش فيك بالضبط ..
تجمد الكلام على شفاهه وهو يطالع في وجهها ..
وفترت كل عضلات جسمه وتخدرت ملامحه ..
وش صاير ..؟
اكيد انها عرفت بموضوع زميلاتها وصديقتها ..
الله يعين لابد اوديها ..
تذكر نوف وحركاتها وتمردها في الايام الأخيرة
لاتكون بنت لافي قايلة لها شي ولا مزعلتها ثم العن خيّرها ..
تبي تحدني على اذيتها وابوها المسكين مايستاهل ..
كل هذا دار في مخيلته خلال ثواني ..
طالع في وجهها من جديد وهي تمسح الدموع بيدينها وشهقاتها متعاقبة ومتواصله ..
مسح على شعرها قال ببرود : ادخلي غسلي وجهك .
فتحت طرحتها وعباتها وهي تطالع في وجهه المخطوف لونه من اثر تعب امس ..
عيونه ذبلانه رغم الخوف اللي تأجج فيها والقلق اللي بان على نظرتها ..
ابتسم نصف ابتسامه من نظراتها فيه قال : شادن وش اللي صار ؟.
ارتجفت شفايفها وهي ضايعه وخايفه ومتردده ..
أي طريق تسلكه معاه ..
وأي كلام تقوله ..
انا كشفت سرك ..؟
ولاَّ تراني عرفت علتك ..؟
وماعاد فيه امل انك تخبي وتخفي ..
ركزت بنظراتها في عيونه اللي تاكلها بقلق وخوف وعدم فهم اللي يصير ..
تمتمت وهي ترتجف : عماااد .. عماااد .. عماااد .. انا .. وانخرطت في بكاء مرير ..
حطت يدينها على وجهها وضمت عليه بقوة وهي تنتحب وهو في هاله من الذهول يحاصره ويحيطه ..
فتح يدينه ولمها كلها على صدره ..
وهمس لها بحنان وخوف : خلاص هدي نفسك .. تعالي غسلي وجهك ..
وعلميني بكل شي صاير لك يا .. ..
بتر كلمته وسكت لثواني وكمل : عجلي يالله لاتخليني اقلق عليك اكثر .
دفنت وجهها في صدره لأول مرة برغبتها وبجنونها وحبها وحنانها وخوفها عليه وشوقها له ..
استنشقت ريحة جسمه اللي امتزجت مع ريحة عطره العود المعتق وتغلغلت لروحها وقلبها قبل انفها ..
رفع راسها وشاف دموعها مختلطه بكحلها ..
تذكر ليلة زواجها ..
ومناحتها ،
ودموعها ،
وكحلها اللي احالته الدموع لسيل اسود يجري على خدودها ..
لثم جبينها مرات كثيرة ودفن وجهها بصدره وهو يستجديها انها تهدي حالها ويكرر : خلاص يابنت الحلال .. وشو له كل هذا .. خلاص هدي نفسك .
رفع راسها وكمل : شادن طالعي فيني .. علميني وش فيك ..
ماكان منها جواب و مشاها لحد ماوصلت الحمام قال بحنان الاخو والابو وولد العمه والزوج التايه الخايف والضايع : ادخلي معي وغسلي و جهك يالله .
دخلت منصاعه لامره وملبيه لكل رغباته وكل مافيها ينبض بـ " أبشر ولبيه واللي تامر فيه .. "
غسلت وجهها بالمويه البارده وهو بجنبها قالت وهي تشهق : خلاص .. خلاص .. خلاص الحين هادية بس خلني اغسل زين .
هز راسه اللي فيه مليون سؤال وكل خوفه ان نوف جرحتها بشي ولا تعرضت لها وقهرتها وهو يطلع من الحمام ..
جلس على السرير ينتظرها وراسه بين يدينه يفكر ويتخيل ويتوقع ويهدد ويتوعد ..
رفعه بعد دقايق وهي خارجه من الحمام بعد ماغسلت وجهها وفي يدها منديل تجففه فيه ..
وأشر على السرير بجنبه بمحاولة جاهدة منه انه يمنع نفسه لايقوم ويحضنها لين يشفي صدره واللي بداخله قال بهدوء : تعالي هنا .
فتحت شباصتها بقلق وتوتر وانسدل شعرها الناعم اللي تجاوز اكتافها باهمال ..
وجلست قريب منه
الحيا وعدم التعود يمنعها ..
وخوفها عليه وحبها له اللي اكتشفت جنونه اليوم يقربها منه ..
دارت في راسها اكثر من فكرة تعتذر فيها عن بكاها لحد ماتلاقي طريقه تواجهه فيها ..
أخيراً رست على فكرة عل وعسى انها تقنعه وهي تسمعه يقول : تعبانه تبين الشغالة تسوي لك قرفه مدري وش اللي كنتي تشربينه .
ابتسمت وهي مخنوقه ودموعها تملى محاجرها ..
قالت بحنان وهي تتأمل جبينه وعيونه : لا مايحتاج . انا آسفه اني ازعجتك وانت تعبان ..!
تنهد بقلة صبر وضم جفونه على عيونه بقوة وفتحها قال : وش اللي صار . ؟
اخذت شادن منديل ومسحت عيونها وخشمها قالت : ولا شي بس وحدة من زميلاتي كلمت امي ..
طالع في عيونها ينتظر سيرة الحادث قال : ايوه وبعدين .!!
: تقول انها مشتاقة لي واني طولت عليها ..
رد بعفوية وصدق : وهي صادقه والله .. طولتي بالحييل عليها لكن هانت خلاص اليوم نمشي لها .
رفعت نظرها لعماد وتجمع الدمع بعيونها وهي تتذكر كلام عزة البعيد عن امها وسيرتها وارتجفت شفتها وهي على حافة الانهيار من جديد قالت : مافيني اتحمل .
لف يدينه عليها بسرعه وكأنه يقول " تعالي احضنك بدالها واعوضك عنها "
ضمها على صدره وهو يردد : وبس هذا اللي صبحك ونكد عليك .. وبس هذا اللي نزل هالدموع .. انفاسه الحارة تلهف وجهها ويدينه تحيطها ..
وصدره يلمها ..
وكله يحاصرها ..
وهي كتلة الوجع والقهر منسجمة على المساحة العريضه اللي احتوتها بكل امان وحنان ..
شافها مرتاحة وكأنها تلوذ به من شي وتركها على صدره دقايق وهو تداهمه احاسيس مختلفه ..
ويجتاحه شعور مجنون انه يضمها اكثر ويلمها من راسها لرجولها في حضنه ..
قال بهمس وصوت مختلف : ماتبين تقولين وش فيك ..؟
رفعت راسها قالت بتجلد وصبر واخفت وراه الضعف والكسر : خلاص قلت على اللي فيني .. مسحت سيل الدموع بيدينها وكملت بابتسامه باكيه : الحين ماعاد فيني شي .
: زين يالله البسي والحين نمشي لجده .
هزت راسها بلا ودموعها تنساب من جديد ..
قالت بصوت مبحوح من اثر البكا : مااقدر اروح الحين .
عقد حواجبه مندهش من رفضها قال : ليش ماتبين ..؟ اذا تخافين الدوام يردك ماعليك .. ماباقي عن الاختبارات شي وانا اجيب لك عذر بس قومي ..
رجعت خصلتها اللي اعتادت التمرد ورى اذنها ورجعت تتمرد من جديد قالت : مو اليوم .. انت لسه تعبان .
مسد ظهرها وهو يقول : ماعادني تعبان بس قومي والبسي .
رفعت له راسها قالت بلهجه فيها عصبيه تحاول تخفيها : الا تعبان ولازم ترتاح ..
رجعت حطت راسها على صدره وكملت بضعف : لاتضغط علي الله يخليك .
الجو مشحون بالعواطف الجياشه ..
حنان وخوف
وشعور بالانجذاب والانجراف ..
ورغبه بالاحتواء والاحتضتان ..
وخوفه ان رغبته تدفعه لها اكثر تحت تأثير العاطفه ..
بس لابد يدور على مفر ومنفذ للهروب ..
طالع في الباب وده يبعد ومشاعره ورجوله تمنعه ..
قال بعد تنهيده معبرة : انا برسل الشغاله عليك بشي تاكلينه ووقفي دموع يابنت الحلال .. ترى الدعوة مو محتاجه كل هالبكا تبين اهلك قومي اوديك .. ولا اذا فيه شي ثاني يبكيك ..
قاطعته بسرعه : لا مافيه غير اللي قلت لك .
رد بحزم ولهجه آمرة : اجل يالله قومي البسي وانا بنزل لفهد وجدتي وارجع الاقيك جاهزة ..
كانت بتتكلم وتعترض بس سكتها بحزم قال : يالله لاتجادليني .
قال جملته وهو يبعد عنها وطلع من الغرفه يدور ابعد مكان عنها يخمد شعوره تجاهها ويهجد احساسه ناحيتها .
رجع لها بعد ثواني قال بجديه وصوت جاف : انتبهي لاتنزلين ترى فهد في غرفة جدتي .
هزت راسها وهي تتبعه بنظراتها لين اختفى من امامها ..
وقامت دخلت الحمام ..
اخذت لها شور سريع ينشطها حتى تستعد لمواجهة حياتها الجديدة ..
وحتى ينعشها بعد سيل الدموع اللي سكبتها وورمت لها وجهها وعيونها ..
وحتى تاخذ راحتها في الحمام وتكمل الباقي من الدموع المخزنة وللحين مانزلت كلها .
الموضوع مو عادي ابداً ..
والحياة مو سهله ..
وعماد مو أي احد ..
وهي لابد تتصرف بعقلانيه واضعه شعوره واحساسه وحياته في الأولوية ورأس القائمة ..
أي تصرف خاطيء او تهور يمكن يزعزع حياتها بلحظة ويمكن ينهيها ..
لبست تنورة جينز سماوي وعليها بلوزة واسعه الوانها مموجه بتداخل البني والتركواز ..
جففت شعرها وهي تسترجع كل كلمة قالها وكل فعل افتعله من يوم عرفته لليوم ..
قسوته ولينه ..
جفاه وقربه ..
تجاهله لها وغزله ..
معناتها يبيها ويبي قربها والمرض هو الحاجز اللي يمنعه ويحيل بينه وبينها ..
وش الحل ..؟
تواجهه وتحط يدها على كتفه وتقول انا معك للأبد ..
ولا تسكت وتكون العون الخفي ..
غمضت عيونها وهي تلم شعرها اللي انسدل على اكتافها وتمتمت لربها انه يعينها ويساعدها على ماابتلاها لأنه هو الأقدر والأقوى والأعلم بالغيبيات وله القدرة على التحكم فيها ..
***
نزل من عند شادن لجدته وفهد اللي جاه من بدري ..
عقله مشغول وقلبه منشغل ..
قالت جدته اول ماشافت وجهه : انت وين رحت اللي دق عليك من ..؟
زم شفايفه قال : شادن رجعت من المدرسه .
فز قلب ام ناصر لهفه وخوف قالت : وش ردها هالحزة عسى ماهيب تعبانه .
جلس عندهم وعيون فهد تتأمل صدر عماد الملطخ بكحل شادن وروجها قال : والله ماادري عنها تبكي وتقول ان فيه مدرسه من زميلاتها كلمت امها وانها مشتاقة لها وطولت عليها ... زفر وكمل : الظاهر اني بوديها الحين لها .
: ليت ماعلموها عن حادث خوياتها .
ارتعب فهد من السيرة وعقد حواجبه لاشعورياً ..
وسرعان مافردها ورجعت الابتسامه متناسي وملتهي بحال عماد والآثار اللي على ثوبه ..
قال عماد وهو يجلس ويتكي وعقله ياخذ ويودي : مااعتقد .. لأنها ماجابت سيرته ومن كلام نايف انها متعلقه في صديقتها ولو درت ماقعدت دقيقه وحده .
رشف فهد من فنجاله وهو يدقق في صدر عماد عنوة وعمداً وقصد اً..
قال وهو يبتسم : والله شكل البنت مشتاقه لاهلها بس البركه فيك ياابو مشعل .
طالع عماد في المكان اللي فهد غارس عيونه فيه وهو يتكلم ..
تأمل آثارها عليه وسكت ثواني وعيونه على صدر ثوبه وخالجه شعور غريب مافسره ..
اخيراً رفع نظره لفهد وقال وعلى شفاهه ابتسامه حيَّة وبحرج : اشوفك تطالع في جيبي اذا تبي فلوس علمني لايردك شي .
اتسعت ابتسامة فهد قال : لاوالله الا ابي حنان .
ضحك عماد اللي فهم قصده قال : اقول اقلب وجهك بس . ثم يالله قوم وتوكل واسبقني للشركه .
قاطعته ام ناصر : حنان من ..؟ اختك ..؟ علامها وش بلاها ..؟
اخذ فهد شماغه ولبس طاقيته وهو يوجه كلامه لجدته ويقول : حنان مهب اختي .. حنان والله من اللي عند ابو مشعل .. الا اقول ياام ناصر الرجال ضيعته مرته ماغير مقابلها وتارك اشغاله خليها تحرره شوي ..
اخذت ام ناصر عصاها وهشت بها عليه قالت مقاطعته بلهجة حاده : انت وش تبي به هو ومرته .. ثم تراني من بكرة بروح اخطب لك من بنات لافي اشبع بحنانهن واترك عماد عنك .
فتح فهد عيونه وهو يطالع في عماد قال : وش لافي ....؟ لايكون لافي جاركم .
ردت بحده : ايه جارنا .. بخطب لك بنته المديرة دامك توظفت وتسنعت .
امتعض عماد من الطاري وفضل انه يسكت لأن الموضوع مايتعدى المزح وماحب انه يلفت النظر لرأيه وردة فعله ..
قال فهد وهو يعدل عقاله على راسه ويطالع في عماد : داخل على الله ثم عليك ياابو مشعل .. فكني من عجوزك لاتسوي فيني سواتها فيك .
ضحك عماد وهو يوقف معاه : موب قبل شوي تبي حنان .. هذا هو الحنان جاك يمشي برجوله .
كشر فهد بوجهه قال : تراني في وجهك ياعماد فكني منها ..اخاف اجي من جده والاقي هالعجوز قاضيةٍ من الملكة والعرس وجايبةٍ الحرمة في بيت ابوي . .
ضحك عماد منه وابتسمت ام ناصر من اسلوب فهد اللي بدا يرجع لطبعه ولو ان فيه حزن واضح وتغيير كبير ..
تكلم عماد وهو معقد حواجبه ويحاول يخفي الضحكه : استح على وجهك وقدر الاكبر منك لاتخليني ازوجك انا وغصب عنك ..
: عز الله بغيتك عون لقيتك فرعون .. الا اقول ماعلمتني وش وظيفتي .
قال عماد : انت متى بتمشي لجده ؟
: الحين بمشي .. تنهد وكمل : الديرة ماتنطاق من بعد اللي راح الله يرحمه .
ربت عماد على كتف فهد قال محاول تغيير السيرة وعدم الخوض فيها : توكل على الله وقابل فايز وانا اكلمه لك قبل اجيكم .. طالع في ساعته وكمل : انا بطلع البس واودي الحرمه اهلها .
تكلمت ام ناصر : ايه ياوليدي ارحم حالها تراها ابطت على امها .
قال فهد : يالله يالله .. اشوفكم على خير . انتظرك ياابو مشعل اليوم في جده .
هز عماد راسه لفهد وهو يقول : الله يستر عليك .. انتبه لاتسرع على سيارة نايف ..
رد فهد وهو يمشي متوجه للبوابه : مانيب راعي سرعه يالله سلام .
صك الباب وراه والتفت عماد لجدته اللي قالت : ياوليدي ياعماد مرتك ضعيفه شوف وش ينقصها ولاتخليها تحتاج شي وهي عندك .
: الله كريم يالغاليه .. انتي بس لاتفكرين باحد ولاتشيلين هم احد .
: ان ماشلت همك انت وبنية خالد الله يرحمه وش ابي بعمري .
مال عليها وسلم على راسها قال : والله ماقد ارتحت ليا ابعدت عنتس الا وشادن عندتس .. وهالمرة ان اخذتها ماادري وشلون ارتاح هناك .
: تعوذ من ابليس وانا جدتك .. واخذ مرتك ومشها واقعد معها عند اهلها وانا معي ربي متعودة من خلقتي على بيتي وعيالي مايبطون عليّ وهذي فوزية عندي كل يوم .
: زين يالله انا بطلع ابدل ملابسي ونمشي بدري قبل الجو يحتر .
طلع مع الدرج وهي تلهج بالدعوات الطيبة اللي اعتاد عليها وتعودت انها تدعيها له ..
***
في مستشفى فقيه بجده ..
تسلل صوت ام نايف اللي حلفت انها تبات مع سارة في المستشفى لسمعها وهي تقرأ عليها وتنفث بالمعوذات وآية الكرسي واللهم رب الناس مذهب الباس اشفها انت الشافي لاشفاء الا شفاؤك .. شفاءٌ لايغادره سقماً ..
رجع لها الشريط المؤلم زي كل مرة لمن تصحى بعد ساعات المنوم والمسكن ..
تذكرت لمن فزت من نومها مفزوعه على صراخ اميرة .. ونورة .. وتشهد فاطمه والجيمس يتقلب بعد مافقد ابو سعد السيطرة عليه ..!
والارتطام الأخير بعد مارماها من الباب اللي انفتح فجأة ..
وفقدانها لاصوات البنات ..!
تردد في سمعها صوت ساميه وهي تصرخ وتنادي اهلها وزوجها .. وتردد بنموت خلاااص ..
تذكرت آخر جملة لأميرة وهي تتشهد وتمتم بعيالي عيالي ..
وفجر قلبها وعقلها وسمعها صوت فاطمه باطمئنان وهي تتشهد خارج الجيمس اللي رماها وارتطمت على راسها وسيل الدم ينساب من اذنها الى ان فاضت الروح ..
انتبهت ام نايف لدموعها اللي بللت خدودها ..
واخذت منديل وقربت منها وهي تمسح دموعها وتقول : سارة حبيبتي ترى انتي بخير ماعندك الا كسور خفيفه وكلها ايام وتطلعين من المستشفى .
شهقت من دون ماتتكلم او تفتح عيونها ..
وهمست ام نايف : الحمد لله على السلامه .. ويالله احمدي ربي واشكريه على الصحة والسلامه .
هروبها كان صمت وغطا عيون ..
وأفكارها وقلبها مدفون في غبار الحادث وبين صراخ البنات وتأوهات ابو سعد اللي ماطالت ..
حاولت ام نايف تبعدها عن التفكير اللي واثقه انه في زميلاتها وحادثهن ومسحت على راسها قالت : امك وابوك ومشاري كلهم كانوا هنا ... وترى تلفوناتنا مافصلت كل الناس يسألون عنك ومهتمين فيك ويدعون لك بالسلامه .
حست بالألم يسري بيدها المكسورة ثلاثه كسور ومجبسة من الكتف للكف ..
وتأوهت من العمق بصمت وهي مكشرة ..!
قالت ام نايف : تبغين شي ياسارة ..؟ قولي لي وانا اسويه لك ..!
دخلت امها الغرفه وبعد ماسلمت وسألت عن حال سارة .. طمنتها ام نايف انها اليوم احسن وقامت طلعت من الغرفه احتراما لابو مشاري اللي بيدخل يتطمن على بنته بنفس الوقت بترجع لبيتها بما ان مهمتها انتهت بوجود ام سارة مع بنتها ..!
دخل ابوها وتهلل وجهه وهو يشوف سارة معقده حواجبها وتتألم دلالة على انها صاحية وتحس
سلم على جبينها قال : ماشاء الله تبارك الله ... لا اليوم دلوعة ابوها طيبة ..
قرب من اذنها وهمس : الحمد لله اللي طمن قلبي عليك .. يالله شدي حيلك عشان ترجعين معانا للبيت بسرعه .
ماتحرك منها شي لأن كل هالكلمات المشجعه تسمعها كل يوم بس ماأثرت فيها مع هول مصابها وعظم فجعتها ..
شدت امها على يدها وهي تقول : سارة ياحبيبة امها والله قطعتي قلبي عليك اسمعيني وشوفي حالي تراني ماعدت انام زي المسلمين وحالك هذا .
مرت الكلمات من عندها عبثاً وهباء ..
الاحساس مفقود الا بعاصفة الحادث الهوجاء ..
والألم اللي يشتد بباطن قلبها وجسدها .
وكل الشعور ميت الا من الوجع ..
ربت مشاري على كتفها وهو يقول : خلاص ياسويره هانت كلها كم يوم وتخرجين من المستشفى لاتزودين الدلع ترى اشتقنا لك ..
تنهدت بقوة وبقلبها " وين اخرج وكيف اخرج وليه اخرج وبأي حال يامشاري تبغاني اخرج "
دخلت عليها الممرضه وحقنتها بمسكن ومنوم ادخلها في نوم عميق من جديد .. وابعدها عن الواقع لساعات ..
واضطر ابوها انه يرجع لشغله بصحبة مشاري ..
اما امها فجلست على الكرسي مكان ام نايف وشغلت المسجل الصغير اللي جابته على صوت الشيخ سعود الشريم لعله يهدي نفسها ويريحها ويصبرها ..
***
بعد ماوصل الشركه وعرفه فايز على الموظفين ومكتبه الخاص .
جلس على الكرسي الدوار اللي مااعتاده ولا تعود عليه ..
الشغل وجوه وروتينه شي غريب عليه بس لابد يسلك حياة جديده ..
كل شي وله نهاية ..
والونس والمرح وحياة المزاجية انتهت من يوم مانتهى سعود وفنت معاه ..
بدأت حياة الجدية ..
والهروب من التفكير في اللي راح لابد منه حتى يقدر يكمل باقي حياته انسان طبيعي ..
لأنه لو بقى يفكر في سعود فلامحاله راح يصيبه الجنون .
اليوم كأي اول يوم دوام .
مافيه شغل ولا كلفه فايز بأي شي غير انه يتعرف على المكان واهله . .
دخل عليه الفراش ببيالة شاهي وهو يرحب فيه من اول ماعرف انه يقرب لرئيس الشركه ..
: حياك الله ياولدي .. ياريحة الرجال الطيب .
ابتسم له فهد وهو ياخذ بيالة الشاهي من الصينية ويقول : الله يسلمك ياعم ...
قاطعه : عمك سعيد . وابو عماد ..عندي ست بنات وولد عمره سنتين سميته على اسم الغالي رئيس الشركه وصاروا الناس ينادوني بأبو عماد ..
هز راسه وهو يقول : الله يسلمك ياعم سعيد ... اجل سميت على اسم ابو مشعل .
: ايه والله ياولدي يستاهل من يسمي عليه .. عارف اش كانت هديته لولدي .
رشف فهد من الشاهي قال : وش اهداك ..؟
: بيت على قدنا انا وبناتي وسجله باسمي ..
هز راسه فهد مو مستغرب من عماد هالفعل قال : مو غريبه على ابو مشعل خيره ضافي على الجميع ..
: اي والله وانت صادق ياولدي ..
طلع الشايب وهو يدعي لعماد بصوت عالي على انه فك ضقته وفرج كربه ويسر عليه ببيت ملك بعد الإجار اللي كان كاسر ظهره ..
تبعه فهد بنظراته وهو يتذكر عماد ..
هذا عماد بكل مكان يروح له يغرس له في قلوب اهله مكان ..
ورغم انه محبوب الا انه فارض هيبته واحترامه وشخصيته على الجميع ..
رمى فهد مفتاحه على المكتب وطلع جواله ودق على نايف بياخذ اخباره ويسأله السؤال اللي اشغله من يوم الحادث لليوم ..
رد نايف : هلااااااا والله حيا الله هالصوت .
: هلا بك والله .. وشلونك ياابو خالد .
: الحمد لله بخير ماناقصني غير جيتك للبيت .
حط فهد رجله على طرف المكتب وسند بظهره على الكرسي قال : الله يسلمك ويجعلك دوم بخير .. وينك شكلك في الطريق .
: ايه والله رايح اجيب الوالده من المستشفى .
: عسى ماشر .
: ماشر ان شاء الله .. البارحة رافقت مع بنت جارنا ابو مشاري .
تنحنح فهد ونزل رجله وعدل جلسته قال : اها... صحيح وش هي اخبارها ماطلعت من المستشفى .
: لاوالله ماطلعت للحين عندها انهيار عصبي المهم تكفون شادن لاتدري عنها .
: لا اليوم عماد يقول انها للحين مادرت عنها . اجل جابوها لجده ..؟
: ايه جابها ابوها لفقيه .. المهم ترى ابومشاري موصيني اول مااشوفك ولااكلمك اقول لك انه يبيك ضروري ولازم يشوفك .
عقد فهد حواجبه قال : وش يبي ..؟
: والله ماادري بس انت قابله وشوف وش يبي ..؟
وقف فهد وهو يتفقد مفاتيحه ومحفظته قال : زين انا بعد ساعه وانا عندك في البيت ان شاء الله يمديك ترجع قبل .
: ايه خلاص هذاني عند المستشفى وربع ساعه وانا في البيت انتظرك بإذن الله .
: زين زين يالله اشوفك اجل بعد شوي .
: اوكي .. مع السلامه .
قفل من نايف وطلع من الشركه ..
وش يبي ابو مشاري . .
الله يستر لايكون في قلب الرجال شي عليّ وانا شايل بنته على ذراعي .
تذكر مكان الدم على ملابسه ..
صدره وبطنه وكتفه ..
وقشعر جسمه وهو يتذكر نظرات مشاري وهو يسأله عن الدم ..
اكيد عرفوا كيف شلتها ..
زفر وهو يزم شفايفه وبداخله رغبه لمعرفة وش يبي ابو مشاري منه يناقضها الابتعاد عنه وعن الاحراج له ولا لمشاري وابوه ..
ركب سيارته وتوجه لبيت نايف اللي يبعد عن شركة عماد قرابة الساعه الا ربع ..
***
كان الطريق طويل ..
هي اغلب وقتها ساكته او ترد عليه اذا قال اشربي ولا كلي ..
وهو اغلب وقته يرد على المكالمات اللي انهالت عليه ..
سمعت طريقته في الكلام مع الناس ..
صوته لوحده يحسسها بهيبته ..
ولهجته واسلوبه وطريقته الآمرة غالباً والمحترمه دايماً واللي محورها الى الآن عن الشغل والتجارة والاسهم .
تأملت يده السمرا وهي تمسك المقود بارتياح وانسجام ..
ساعته اللي تطوق معصمها بشياكه وفخامه ..
نظارته السوداء المناسبه لتشكيل وجهه الوسيم وتغطي عيونه ومظهرته بصورة ولا في احلام النساء ..
مسبحته وحباتها الفضية ومطوقه بخيط ذهبي ناعم ..
محفظته الجلد الغاليه واللي نزلها بجنبه بعد ماطلع منها بطاقة فيها رقم تلفون املاه على واحد كان يكلمه ..
جواله الأنيق اللي ينتقل من اذن لاذن بحركة رجولية ساحرة ..
ومدالية مفاتيحه اللي تشبه المسبحه قطعه فضية عريضه ومطوقه بخيط ذهبي رفيع ومحفور اسمه فيها ( عماد ال .. )
وقلمه الفخم اللي لمعته تعكس اشعة الشمس وتجهر اللي يطالع فيه ..
حتى جزمته ( الله يكرمكم ) فخمه وأنيقه
كل مافيه ينضخ بالفخامه والهيبه ..
تنهدت وهي تتذكر مرضه اللي ممكن بلحظة ياخذه من الدنيا ويتركها ويترك وراه كل هاللي يحيطه ..
ممكن ياخذه وتنحرم من هالصوت والوجه والأحاسيس اللي غمرها به اليوم بالذات ..
شهقت بصوت واضح ماقدرت تكبته وهو يكلم فايز ويوصيه على فهد ..
والتفت عليها قال : فايز اكلمك انا بعد شوي مضطر اقفل .. يالله مع السلامه .
مد عليها علبة المنديل وسحبت منه واحد وهو ساكت .. ومسحت وجهها من تحت غطاها وهي تاخذ نفس عميق حس به عماد ..
اخذ قارورة الموية ومدها عليها وعينه على الطريق قال : خذي اشربي وتعوذي من ابليس .
اخذت القارورة وشربت منها شوية قالت بهمس : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
قال : انتي سامعه شي مو زين قولي لي يمكن اقتنع بسالفة البكا والدموع هذي .
عورها بطنها بقوة وهي تحس نفسها كذابه في نظره وان كذبتها مامشت عليه وخافت انه يكتشف اللي مداريته عنه ..
قالت : لا ماسمعت شي ..
: زين تبين تكلمين اهلك قبل مانوصلهم تقولين لهم انك جايتهم .
ردت بصوت مبحوح : لا مااقدر اكلمهم .
عرف انها ماتبيهم يسمعون صوتها الباكي واخذ جواله دق على بيت نايف ومالقى رد ودق على جوال نايف على طول ..
ووصله صوت نايف اللي يرحب ويهلي كالعاده اذا كلمه عماد ..
قال عماد بعد ماسأله عن حاله واخباره .. : ترانا جايين انا وشادن عندكم .. باقي لنا نص ساعه وندخل جده ان شاء الله .
: الله يحييكم وهذي الساعه المباركه .. درت عن زميلاتها ..
حط عماد تلفونه على اذنه اليسار مايبي شادن تسمع قال : لا لا . على العموم حنا شوي ونكون عندكم وناخذ اخباركم كلها ..
: انتظرك الله يحييكم ..
قفل عماد من نايف والتفت على شادن وهي تفتح شنطتها وتطلع شنطة الميك اب الصغيرة واللي دايماً تحتفظ بها في شنطة يدها قالت : عماد ممكن توقف شوية . ابغى اسوي مكياجي اكيد شكلي يخرع الحين .
ابتسم قال : شكلتس يخرع من الدموع اللي ماكفت ومدري وش سببها ..
هدى السرعه ووقف على جنب مبتعد شوي عن الطريق والسيارات اللي تلتهمه مسرعه ..
فتحت غطاها وطلعت مرايتها وهي تحاول تصد عنه حتى مايشوف شكلها اللي الباكي ومورم ..
حطت طبقة اساس خفيفه وباودر وبلاشر ونثرت شادو بلون الزهر بحركه سريعه ..
التفت عليها وهي تحط قلوس الزهري بخفة على شفايفها اللي وهجها البكا اكثر ..
وصد عنها بصعوبه ..
رجال ياعالم ..
وبكامل رجولتي ..
ومع انثى مكتمله ..
وشلون اصد بسهوله ..
وشلون امتنع وامنع نفسي ورغبتي ..
للحظات يقنعه الشيطان فيها بأن ادنِ واقترب ..
لكنه تغلب على شيطانه وهو يتذكر العواقب لأقل فعل يرتكبه معاها ..
فتح الباب بصعوبة ومقاومه وخرج من السيارة وقفله بقوته كلها ..
تنهد وهو يمسد وجهه بيدينه ورفع نظره للسماء ..
اللهم اني قد مسني الضر فاكشفه عني ..
اللهم الهمني الصبر والقوة والعزيمة ..
وساعدني على شيطاني واغلبه بقوة ايماني .
رجعت اغراضها لشنطتها وهي مخنوقه من تصرفه وهروبه وترد الدموع لاتخسرها الجهد اللي بذلته في المكياج ..
التفت لها وهي تعدل غطاها وركب السيارة قالت بسرعه : عماد فيك شي ..؟
سكت ثواني ورد ببرود : رجولي تكسرت من السيارة قلت امشي شوي على بال ماتخلصين .
حرك سيارته من جديد وهو بعالمه وهي بعالمها وكلهم يجمعهم نفس الألم ..
خلال نص ساعه من الصمت والتفكير المضني وصلوا لجده ولبيت اهلها تحديداً ..
***
في المدرسة ..
دخلت نوير على عزة اللي تشرح لصف سادس حصة انجليزي ..
قالت : عزة تعالي ابغاك لو سمحتي .
عدلت عزة نظارتها السميكه على عيونها قالت بهدوء وصوت واطي رقيق كالعاده : خير نوير فيه شي .
: وش فيها شادن .. وش قلتي لها ..؟
هزت عزة اكتافها قالت : ماقلت لها شي ..!
: متأكده .. البنت راحت من عندنا تضحك ومبسوطه واول ما كلمتك طاحت ودمعتها ماجفت .
تخربطت عزة وهي تتذكر كلمة شادن لها .. ( ماابغى احد يعرف )
قالت : ماادري اصلاً من يوم جات ووجهها مخطوف .
صرت نوير عيونها لأنها ماتحب اسلوب عزة المنغلق واللي ابداً ماتتعامل بوضوح معاهم قالت : ياربي منك محد ياخذ منك شي ...
قطعت كلامها على صوت نوف اللي وصلها وهي تقول : نوير ليه تاركه فصلتس للحين مايكفي اني سمحت لتس تطلعين مع هالمدلعه .
طالعت عزة بنوير اللي مااستغربت طريقة نوف وكلامها عن شادن ..
قالت ارجعي لفصلتس يانوير ورجاءً بلغي شادن انها تجي بكرة وتجيب لي تقرير طبي ..
قاطعتها نوير بحقد : ياقلبي شادن وديتها للبيت وبغى يموت رجلها يوم شافها تعبانه .. ابتسمت وكملت بمكر : تصدقين ياعزة انه حتى مااهتم لوجودي وبغى يشيلها من كثر الخوف عليها .. ماشاء الله ماشاء الله عسى الله لايضرهم ويستر عليهم ويكفيهم شر الحاقدين . وانتي يانوف لاتهتمين بيجيب لها تقرير واجازة اسبوع على الاقل .
آخر شي تتمنى تسمعه ..
بهت لونها وبردت اطرافها وارتعشت شفتها وهي تتخبط ماتدري وش تقول : مالي شغل تجيب تقرير يعني تجيب . هذي قرارات وزارة موب لعب .. انا مالي شغل بلغوها .
اشفقت عليها نوير من حالها اللي تدري به اكثر من غيرها قالت : يانوف مية مرة قلت لك لاتحطين راسك براس زوجة عماد .
قاطعتهم عزة وهي تطالع في ساعتها وماعجبها الكلام والنغز وطريقة كلام نوف ورد نوير
قالت : عن اذنكم وراي درس طويل والحصة ضاعت عليّ .
طالعت نوف في ساعتها قالت : عجلي انتي بعد الحقي الحصة لاتضيع عليتس واتركي شغل المحاماة عنتس .
اعطت نوير ظهرها وهي تحث خطاها للادارة مكانها اللي ممكن تلوذ به عن عيون الطالبات والمدرسات ان نزل من عينها دمعه ولا تغير شي في ملامحها لسيرة عماد وحبه لشادن ..
***
وقف قدام البيت قال بمرح : ها تعرفين البيت هذا ..
انشرح صدرها وهي تشوف البيت وسيارة نايف اللي عرفت انها مع فهد من ايام رمضان ..
قالت بعفوية : اكيد اعرفه . . ياربي قد ايش وحشني .
فتحت الباب ورجعت سكرت وهي تلف بجسمها ناحيته قالت : ليه ماتنزل ..؟
: ها ايه .. يالله .. يالله نازل .
نزلت وخرجت مفتاحها من شنطتها وفتحت البوابه الخارجيه وناداها بصوت واطي : شادن .
وقفت خطواتها السريعه لداخل البيت والتفتت عليه قالت : الحين اقول لنايف يجيك .
: تعالي تعالي .. ترى فهد قدامك لاتدخلين .
: اووه صحيح .. مسرعه يجي مو كان عندنا الصباح .
قال وهو يرجع نظارته السودا لجيبه : فهد الله يهديه ويصلحه .. زفر وقال بينه وبين نفسه : هذا اول يوم مشى وترك شغله وماقدر يصبر لنهاية الدوام .
قالت شادن : طيب بدخل انا عند امي وانت روح لقسم الرجال .
رد عليها وهو يمشي معاها ناحية قسم الحريم : انا ماني جالس بسلم على امك وامر على العيال وامشي وراي مليون شغله .
هزت راسها بقهر وقالت وهي تفتح غطاها وتدق الباب الداخلي لقسم الحريم قالت : خلني اشوف اخاف فيه احد من جيراننا عند امي .
دخلت خطوتين وشافت امها في وجهها ..
ووقف كل الكون بلحظات ..
تأجج الشوق وانهارت حصون الصبر ..
ماقدرت امها ترد دمعة اللهفه ..
وتركت لها المجال تعبر
وفتحت يدينها تضمها لقلبها قبل قفصها الصدري ..
والثانية ماقصرت رمت نفسها في حضنها وشهقاتها متواصله ..
وكل هذا على مرأى ومسمع من عماد اللي انكسر قلبه على المشهد ..
العروس رجعت تزور اهلها ..
بأي قلب وأي جسد ..
على عكس العرايس والبنات ..
اللي يرجعون بجسد غير قلب يرفل بالسعاده والهموم ..
اما هي ...!!
الجسد مثل ماهو والقلب محمل بالهموم . .
وام العروس تنتظر تقرا الفرحه في عيونها بعد اللقاء ..
ياخيبت ياام العروس ..
العروس عادت محملة بالخيبة والحزن ..
حضنتها امها وربتت على كتفها قالت وهي تمسح دموعها وتبتسم بحرج من عماد الواقف بعيد ويحاول يصد ولا ينزل نظره عنهم حتى مايحرجهم ..
: شادن فضحتينا في زوجك خليني اسلم عليه .
رفعت جسدها من حضن امها ودخلت للصاله تكمل البكا اللي ماوقف من الصباح ..
سلم عماد على ام نايف بحذر وحيا ..
وبعد السؤال عن الحال والاخبار
قالت : تفضل من هنا للمجلس ترى نايف ينتظرك .
فك شماغه ونسفه من جديد وهو يقول : ايه بمر عليهم وامشي ..
حاولت ام نايف فيه انه يجلس بس مارضى ووعدها انه يمر عليهم بعد مايكمل شغله وبينهم تلفون ..
دخل على فهد ونايف اللي فز وهو يرحب ويهلي ..
: هلا والله حيا الله ابو مشعل .. يامرحبا ومسهلا ..
: الله يبقيك ويطول بعمرك ..
قال فهد باسلوبه الساخر اللي لازال طبع فيه : هذا خويك اللي تنتظره دخلته حرمته .. انا اشهد ان الحنان مجتمع في الطرفين .
لكزه عماد برجله في ساقه اللي يغطيها بنطلونه الابيض قال : انت يوم انك قاعد هنا وتارك شغلك .. وشو له توظف ..؟
رد فهد : هذا والله اللي بينشب لي .. اقول يانايف وش رايك تمسك مكاني عند عماد وانا امسك شغلك ..
قال عماد قبل يرد نايف : شغله وشو اللي تمسكه عنه .
سحب فهد مسبحة عماد من يده بحركه عفوية وقال : هذا ياطويل العمر الشيخ نايف بيتخرج الترم هذا .. وابو خويه ابراهيم عنده شركة كبيرة وعده بالوظيفه اول مايتخرج واول مربوط سته الاف ريال ..
رفع عماد حاجبه قال : نايف وانا اخوك وظيفتك عندي .
ابتسم نايف وهو يمد فنجال القهوة على عماد : الله يسلمك ياابو مشعل ادري انك ماراح تقصر معاي ...
قاطعه عماد : اترك عنك المجاملات ومن بكرة لو تبي حتى قبل ماتتخرج ابيك في مكتبك .. رشف من فنجاله وكمل : بس احذرك من الحين فهد ابعده عنك ولاتحتك فيه يخربك .
ضحك فهد من جدية عماد الصارمه قال : لاوالله يانايف اذا تبي نصيحتي هج وانا اخوك ترى عماد ماعنده يمه ارحميني في الشغل اذا انا اول يوم هاوشني وش بيسوي بي بعد كذا .
ضحك نايف من اسلوب فهد وماعلق على كلام عماد ..
قال : بالله يافهد قهو ابو مشعل بروح اسلم على اختي كأني ماشفتها لي عشر سنين .
وقف عماد وسحب مسبحته من يد فهد قال : انا ماشي بس علم الشغاله تاخذ اغراض شادن بنزلها داخل الحوش .
حاول نايف يثنيه عن رايه لكن عماد كان عازم انه يروح للشركه ويشوف وضعها قبل ماتقفل ويغادرها الموظفين ..
طلع من المجلس ونايف بالمثل وكل واحد له وجهه عكس الثاني ..
اول ماشافها في حضن امها تبكي وتمسح دموعها اللي للحين محد عرف سرها وسببها ..
قال : افا .. الحنفيه هذي ماتنضب ولاتجف .
وقفت عنده وضربته على صدره بخفيف وضمها بقوة وهي تقول : وحشتني يادب .. اشتقت لك وانت ماتقدر تكلف على نفسك مشوار تجي تشوفني .
: سلم على راسها وهو محوطها بيدينه وضامها لصدره وكأنها بنته مو اخته الاكبر منه..
قال : بغينا نجيك والله في العيد بس اللي صار ...
قطع كلامه وهو يطالع في امه اللي تحذره بإشارة من اصبعها وعيونها ..
رفعت راسها وبعدت شوي عنه قالت : صاير شي ..؟
: اقصد اللي صار لفهد وتعبه بعدين .. مادريتي انا اعتمرنا وامي جلست ثلاثه ايام ماتقدر تمشي من رجولها .. شكل الشغالة خربتها .. الا صحيح ماباركتي لها على الشغاله .. ولا عشان انتي اللي جبتيها ماتقولين مبروك ..
ضحكت من بين دموعها وهي تقول : شوي شوي يادب كل هذي طاقة كلاميه .. اكيد انك فقدتني وماعندك احد تسولف معاه .
: فقدتك .. ايه والله فقدتك .. بس الطاقه الكلاميه هذي عندي من خلقني ربي بس شكلك نسيتيني ..
مسحت دموعها قالت : عماد مشى ..؟
: ايه مشى .. نادى بصوت عالي على الشغاله : ياساندي ..
طلعت الشغاله راسها مع باب المطبخ قال : روحي جيبي الاغراض اللي في السور .
والتفت لشادن يسألها عن حالها واحوالها ..
قال : وجهك ليه كذا مورم .. لايكون زعلانه من عماد ولا سامعه شي ..؟
قالت بابتسامه حانية لاخوها : لاياعمري عماد مافيه منه بس عشان كنت مشتاقة لكم .
طالعت امه فيه قالت : نايف بتسوي غدا لاختك ولا تخليه عشا .
رد نايف وهو يمسح على شعره ويخلله بأصابعه لورى قال : والله ماادري خلينا نخليه عشا عشان عماد يجي اذا هو الحين مشغول .
: زين شورك وهداية الله .
طالع نايف بامه بعيون مليانه كلام واسئلة قالت امه اللي فهمت عليه : نايف يمه روح لولد عمك لاتتركه يجلس لوحده .
قالت شادن : نايف لحظة . فيه شي احس عندك كلام ماتبغى تقوله لي .
رفع نايف يده يعني سلام وهو يطلع من الصاله ويدخل من باب قسم الرجال وتارك لامه المهمه ..
***
دخل الشركه بدون علم موظفيها الا فايز اللي اعتاد على دخول عماد المفاجيء على الموظفين .. مر على المكاتب واحد ورى الثاني وعلى الموظفين اللي تعاملهم معاه نادر جداً لأن فايز غالباً يحل محله ..
محد كان متوقع دخوله بوقت متأخر مثل بعد الظهر واللي ياكل واللي يدخن واللي جالس يسولف مع خويه
دخل مكتب عصام وهيثم الثنائي الكسول والغير مبالي بالعمل ..
وهيثم يدخن وعصام يلعب في جواله كالعاده ..
قال: الحقوني ثنيناتكم بالفايلات كلها اللي عندكم .
فز عصام من مكانه وهيثم جامد بمحله وزقارته في فمه بلا حراك او حتى نفس ..
رجع عماد ماانتظر منهم اجابة او تعبير ودخل لمكتب فايز اللي رحب فيه : هلا طال عمرك تفضل .. كان ريحت نفسك وانتظرت لبكرة .
جلس عماد على الكرسي حق فايز وهو يقول : ماتفرق يافايز اليوم ولا بكرة كله واحد .. المهم عندك موظفين هيثم وعصام عطهم انذار اخير وان ماانضبطوا قرر فصلهم فوراً ماني مستعد اتحمل لامبالاتهم في العمل على حساب الشركه ومصالحها .. غيرهم يدور الشغل أكفأ وانشط .
رد فايز : ابشر باللي تبي طال عمرك .. انا قبل شهر محذرهم وشكله ماجاب نتيجه ..
دق اياد السكرتير الباب ودخل ومعاه فايل قال : استاز عماد عصام وهيثم ..
قاطعه عماد : خلهم يدخلون .
دخلوا وماتكلم لهم ووجه الكلام لفايز : شوف شغلك يافايز وحط في بالك ان أي مستهتر في العمل مكانه مو عندي في الشركه .
وقف وهو يشوف جواله يدق واسم فهد على الشاشه ..
رد عليه وتوجه لمكتبه الفخم في آخر الممر ..
: هلا يافهد .
وصله صوت فهد العالي وهو يقول : هلا بك ياابو مشعل انت وين انت ..؟
: في الشركه ..!
: ماتقدر تطلع ..؟
: ليش تبي شي ..؟
: لا انا ماابي غير سلامتك بس مرتك الظاهر انها درت عن زميلاتها وطاحت على اهلها .
جمدت ملامح عماد .. واخذ نفس عميق وتهاوى على كرسيه الاسود الكبير قال : كنت متوقع والله .. الا انت وينك ..؟ عندهم ..؟
: ايه في البيت ونايف اخذ اخته وداها للمستشفى .
فز عماد قال : المستشفى ليش ..؟
رد فهد بحده : اقول لك الحرمه طاحت عليهم واخوها وامها ماتحملوا ودوها للمستشفى على طول .
رد عماد بسرعه وهو يقاطعه : زين زين انا اشوف وش صار مع السلامه .
قفل بسرعه ودور رقم نايف ودق عليه بس نايف خذله ومارد عليه ..
دق مرة ثانية وثالثه وأخيراً رد نايف : هلا عماد .
: نايف وشلون شادن الحين ..؟
: الدكتور عندها وبيسوون لها تحليل حمل مدري وشو .
رد عماد بأمر وهو يعض على اسنانه : لايسوون لها شي لين اجيك .. البنت تعبانه من الصبح مااكلت شي .. لاتخليهم ياخذوون منها دم ..
: بس الدكتورة تقول ...
قاطعه عماد بصوت عالي : ناايف قلت لك لاتخليهم يسوون لها شي لين اجي انت بأي مستشفى .
قال له نايف على اسم المستشفى القريب من بيتهم وطلع عماد بسرعه بعد مامر على فايز وقال انه مضطر يطلع ..
ياقلبها المسكين ..!
وشلون تتحمل ..!
القسوة ولا الجفا
ولا فراق احبابها ..
شد على المقود بيدينه حتى ابيضت مفاصل اصابعه من كثرة التوتر ونفث بأوووف من اعماقه ..
ياطول الطريق رغم ان المسافه اقل من ساعه الا انه حس انها صارت الضعف ..
اخيراً وصل ونايف والدكتورة في نقاش حامي ..
الدكتورة مابين المكسب المادي اللي راح تضيفه للمستشفى الخاص اللي تنتمي لها ومابين المريضه اللي تحتاج علاج ومهديء ولابد تتأكد اذا حامل او لا .
وقف عند نايف اللي استقبله على طول قال : عندك ياابو مشعل تفاهم معاها .
رد عماد عليه من دون مايطالع في الدكتورة : شادن وينها .
اشر له نايف على غرفة مقابلة له قال : في الغرفه هذي .. امي تقول صحت بس تبكي ومنهارة .
دخل عليها وشافها جالسه على السرير وشعرها ووجها كله مويه بفعل امها وهي تحاول تصحيها ..
مثنية ركبها ودافنه وجهها بينها ..
قرب منها وجلس بجنبها قال : شادن ارحمي نفسك ترى اللي تسوينه مايصير .
هزت راسها من دون ماترد لأن مافيه كلام ولا فيها طاقه على التحمل ولا قدرة على الاحتمال .
مسح على راسها وامها تراقب بصمت قال : قومي معاي بوديك لصديقتك ترى ابوها كلمته اليوم ويقول ان عندها انهيار عصبي وتحتاج من يوقف معاها .
رفعت له راسها وشكلها يرثى لها ..
الدموع من قوة الصدمة اختفت .
والصوت من كثر البكا انجرح ..
والجفون مقرحه ..
القلب شُج بخبر الفقد ومصاب سارة ..
وانا من يوقف معاي ياعماد ..
انا ابي احد يسندني ويساندني ..
انت تموت وسارة تضيع والموت غيب ناس اعرفهم واحبهم حتى لو اني ماعرفتهم الا فترة قليله الا اني حبيتهم ..
قال بصوته الرجولي والآمر والحاني بنفس الوقت : يالله البسي خلينا نروح لزميلتك تطمني عليها واجلسي عندها على كيفك .
غمضت عيونها وهو يقول : انا من يوم عرفتك وانتي قوية .. يالله عاد المفروض تفرحين ان صديقتك بتقوم بالسلامه وماعندها الا كسور بسيطه ومع الوقت بتتعافى .
مسكها من معصمها ونزلها وهو يطالع بامها : عمتي لبسيها طرحتها وغطاها وانا اللي باخذها للبيت . قرب من وجهها وحدق فيه وكمل بحنان واضح : ولاتبين تروحين الحين لصديقتك .
هزت راسها وهي تقول : بروح لساره الحين .. ورفعت راسها وكملت بصوتها المبحوح : بس انت روح ارتاح في البيت خل نايف يوديني .
: امشي بس انا ارتاح اذا شفتك طيبه .
كلامه على انه الشفا الا انه السكين اللي ينهش بها جروحها ..
آهـ لوتدري ياعماد وش كثر قلبي يشيل ..
صدمتين وفي يوم واحد مؤلمة ..
انت وسارة ..
اغلى من سكن قلبي ..
طالعت في وجهه والتعب باين عليه قالت : خلاص انا برجع للبيت وبعد العصر اروح لسارة .
رد عليها : اكيد ماتبين تروحين لها الحين .
: اكيد بس انت تعال ارتاح عندنا في البيت .
طالع في ساعته اللي شارفت على 3 العصر وزم شفايفه قال : لاوالله مااقدر لكن المغرب امر عليك وآخذك للمستشفى .
دخل نايف قال عماد : وصلهم للبيت وشوي انا اجي اوديها للمستشفى .
حاول نايف فيه انه يرجع معاه للبيت بس اعتذر عماد بالشغل وانه مواعد رجال على الغدا .
وطلع من المستشفى بعد ماراح نايف وامه وشادن معاه ..
***
في الاجواد ..
جالسه على سجادتها تسبح وتهلل والوحده طاغية على البيت ..
والصمت مايقطعه الا صوت راديوها الخافت على برنامج فتاوي دينيه بإذاعة القرآن الكريم اللي ماحادت عنها موجة الرديو من يوم دخل بيتها ..
وصلها صوت شهد وفيصل وفوزية وهي تقول : لاتخربين على الناس اذا بتدخلين دراجتك العبي عند الباب لاتقربين من السجاد ..
دخلت غرفة امها وسلمت وجلست قالت : يمه شادن وشلونها شهد تقول ان العنود شافتها وهي تبكي في المدرسة . وعماد يقول مافيها شي بس مشتاقه لامها .
طفت ام ناصر راديوها واستغفرت ربها قالت : ايه الضعيفه علمتها زميلتها انها كلمت امها وتنشد عنها ثم صبحها ابليس .
وقفت فوزية قالت : ياقلبي عليها .. الله يهديك ياعماد كم لي وانا اقول له ودها امها وهو يقول بيجون وانا عازمهم .. هذي النتيجه ..
طالعت في الباب وتأملت المكان وكملت : بس والله ان مكانها خالي في البيت الله يردها بالسلامه ..
تنهدت ام ناصر وعقبت : ايه والله ماليةٍ البيت عليّ . .. الله يرضى عليها هي ورجلها .
دق الجرس وقامت فوزية تشوف من ورجعت وناصر اخوها وراها .
سلم على امه وجلس بجنبها قالت فوزية : ابو فهد صدق اللي قاله لي عماد .
رد ناصر برزانه : وعماد عمره كذب .. كل اللي يقوله صدق .
: اصبر اعرف وش قال ثم تكلم .
: وش قال ..؟
: يقول ان فهد توظف عنده وانه مشى اليوم لجده ..
قاطعتها ام ناصر : عماد وين جاتس وعلمتس بعلوم شادن وفهد ..؟
عقدت فوزية حواجبها بعدم رضا قالت : صبحني الساعه 8 وصحاني من عز نومي يقول لاتخلين جدتي تجلس لحالها .. وعلمني انه بيودي شادن لاهلها وعلمني عن فهد ..
طالعت في ناصر قالت : والله ياناصر ان من فرحتي ماقدرت اكمل نومي .. الله يهديه ويثبته .
قالت ام ناصر : فهد رجال وماعليه كلام ماعاد ينقصه غير المرة السنعه .
تكلم ناصر بحيرة قال : وش اسوي به يايمه كل ماجبت له طاري العرس قال الله لايقوله .
ضحكت ام ناصر وقالت : اليوم قلت له ابي اخطب لك من بنات لافي ثم انحاش لجده .
ضحك ناصر قال : انا قايل لتس .. مايبي العرس ولاودي اغصبه .
اخذت فوزية صينية القهوة من الشغاله اللي وقفت على الباب وجلست . .
قالت وهي تصب لاخوها فنجال قهوة : شوف عماد بعد ماغصبته امي على العرس .. ماشاء الله عليه مبسوط ومستانس .
رد ناصر بعد مارشف من فنجاله قال : والله ياحال عماد مهب معجبني .. ولا حرمته مااسنع منها بس اني كل مااشوف وجهه اقول فيه شي ولا مهب مرتاح .
هزت ام ناصر راسها قالت : اشوف بعيني ياناصر مير الله يهديه .
تكلمت فوزية وهي تبعد عماد عن محور الحديث : ياناصر لاتسكت عن فهد تراه بيدخل الـ 29 وهو لاحرمة ولا ولد . حتى بندر حلف مايتزوج قبله . على كذا عيالك بيجلسون لازواج ولا ذريه .
تنهد ناصر وقال : والله ياام فيصل هذا اللي هامني .. فهد ليا قلت عثرت اخوانك قال خلهم يعرسون ولحد يفكر فيني .. ولا بندر الله يرضى عليه مايردني في طلب الا انه حلف مايعرس قبل فهد .. وامه خطبت له من بنات نورة ..
قاطعته فوزية : بنات نورة متكلمين عيال عمهن وخطبوهن .
شرب بقية فنجاله ومده عليها وهو يقول : لا ريماس عيّت عن ولد عمها وبندر يبيها ونورة بعد تبي بندر ياخذها .. المهم ان الحريم متفقات .
قالت ام ناصر : الله يكتب اللي فيه خير .. ريماس وايناس كلهن سنعات وبندر رجالٍ (ن ) ينشري . اما فهد شاوره على بنات لافي ولاتسكت عنه .
قالت فوزية مقاطعه وباندفاع : الله لايقوله مانبي بنات لافي ولاقربهن .
التفت ناصر على فوزية قال : انتي وش تقولين وش فيه لافي رجال والنعم ثم بناته ماقد سمعنا عنهن الا كل خير سنعات وامهن سنعه .
: نوف هذي اكرهها ماتنطاق وشادن دايماً تقول لي انها ماتطيقها ولاتكلمها الا من طرف خشمها .
ردت ام ناصر بحكمه : هيِّن هذي الغيرة وماتسوي .. . وبكرة ليا انخطبت واعرست تنسى شادن ولاعاد تعرض لها .
مسد ناصر لحيته وهو يفكر قال : شورتس وهداية الله يالغاليه . بكلم فهد واللي فيه خير يكتبه ربي .
كملوا جلستهم والحوار ماابتعد عن العايلة ..
من فهد لعماد لـ احمد المبتعد بحكم عمله .. وراح يجي بعد ايام ..
***
بعد مغرب يوم صدمات عمرها ..
دق عليه نايف ومارد وعرفت شادن انه نايم ..
قالت وهي تلبس عبايتها : نايف خلاص لاتدق عليه .. انت ودني للمستشفى .
: زين يالله امشي خليني بس اكلم فهد اشوف وينه .
غطت وجهها واخذت شنطتها اللي فيها الورقة اللي قلبت لها حياتها بأخبارها الشينه ونايف يكلم فهد ويلح عليه انه يجي يسكن عندهم بس فهد رفض وفضل انه يسكن في شقة عماد ويمر عليه بين فترة والثانية حتى مايسبب لهم احراج ويثقل عليهم ..
قفل منه ومشى مع شادن اللي فضلت انها تقابل سارة لوحدها ولها من الروحه لوحدها مآرب اخرى ..
طول الطريق ساكته وت
رد: رواية ملامح الحزن العتيق للكاتبه اقدار
ليلة اخرى ..!!
مرت عليها متعبه ..
فيها بكاء كثير ..
وفيها حزن مضني ..
وفيها بوح من طرف واحد ..
وصفت لها سارة الحادث وهي غرقانه في دموعها ..
وحكت لها كل كلمة قالوها البنات بالتفصيل وانهارت اكثر من مرة وهي تردد .. اميرة ياشادن ماتت وهي كانت تقول عيالي عيالي .. آآه بس .
مسحت دمعتها وهي تتمدد بسريرها وتتذكر حالة سارة المفجوعه ومنهارة ..
واللي فقدوا بناتهم ,,
وعيال اميرة ,, واهل فاطمه ,,
حتى ساميه اللي ماعرفتها الا من كلام سارة عنها اشفقت على اهلها وزوجها وترحمت عليها ..
ابعدت سيرة الحادث عن ذهنها وتفكيرها واستبدلتها بوجع آخر ..
ضمت المخده وهي تتذكر انه دق عليها اربع مرات على البيت يدورها وماقدرت تكلمه . .
تحججت انها تعبانه وسط شكوك امها اللي احتارت من دفاعها المستميت عنه اذا اتهموه انه سبب حالها وبكاها .. ودموعها اللي ماكفت من قبل ماتدري عن سارة وان هالدموع لابد ان لها سبب .
لأنها ببساطه خايفه تسمعه وتنهار ..
شدت على عضدها ومكان الابرة وآلمها ...!
الابرة اللي نصحها فيها الدكتور اللي راحت وسألته عن حالة عماد وورته ورقة التحليل وأثبت لها ان عنده فايروس كبدي وبائي والنوع بي .. والمشكله انه نشط مو خامل ..
رجعت بها الذاكرة لقبل ثلاثه ايام وتردد كلام الدكتور في مسامعها ..
الأعراض اللي كانت على عماد نفسها اللي قالها الدكتور ..
يرقان اصفرار الجلد والعيون مثل عيون عماد اللي احياناً صفرا اذا مو غالباً ..
فقدان الشهية وعماد غالباً مو مشتهي اكل ولايطلب الاكل الا اذ فوت وجبة وجبتين ..
ضعف عام وإعياء وتعبه الدايم وظهري انكسر من شي ولاشيء ..
غثيان وقيء وهذا صار طبع في عماد وكان يرجع اسبابه للقولون .
حمى ، صداع ، أو ألم في المفاصل وهذي غالباً ترافقه وماتفارقه ..
ألم في الجزء الأيمن العلوي من البطن وعادته اللي اعتادتها ويده اليمين اللي كأنها صارت تنجذب للمنطقه هذي لاارادياً .
مريض الكبدي مايتحمل الطعام الدسم والسجائر وعماد اول شي عرفته عنه انه ماياكل دسم ولايدخن ..
تذكرت كلام الدكتور وهو يحرص عليها تعامله عادي لأن الأدويه اللي ياخذها تسبب له اكتئاب واحساس بالاحباط مثل الانترفيرون ..
وهي يمكن اللي تزيد بعده عنها واحساسه ان اجله قريب وان ماله داعي يعيش سعيد واحلامه محطمه ومايفكر انه يبني لنفسه مستقبل واذا كافح فهو عشان الآخرين ..
بإمكانه يعيش زوج طبيعي اذا الزوجه اخذت التطعيمات الثلاث في فترة معينه ماراح يضرها شي بإذن الله ونسبة الاصابه ماتتجاوز 5 %
رجعت خصلتها المزعجه ورى اذنها وهي تتذكر كلامه عن التطعيمات وان مدتها طويلة .. مرتين خلال كل ثلاث شهور والثالثه بعد ستة شهور ..
دخلت عليها امها وهي تفكر بعيد قالت : شادن صاحيه ..؟
: ها ..؟ ايوه يمه تبغين شي ..؟
: لاوالله بس حبيبتي وشلون بتنامين بملابسك هذي ..
طالعت في لبسها تنورة سودا عاديه وتي شيرت اسود عادي لبسته على السريع لمن راحت لسارة ..
ومن المستشفى طلعت لبيت ابو مشاري معاها ولارجعت للبيت الا بعد مانامت وتطمنت عليها قالت لامها : الحين بقوم آخذ لي شور والبس بيجامه .
قالت امها بحنان : تدرين ان عماد بيجي الليلة من ينبع ..
فز قلبها من مكانه وقاطعتها قالت : بيجي هنا ..؟
ابتسمت امها على لهفة بنتها قالت : لا .. بيروح لشقته بس تراه دق على نايف وهو في مجلس ابو مشاري يسأل عنك .
ابتسمت بحب قالت : تسأل عليه العافيه ان شاء الله .
: طيب قومي تحممي عشان تنامين يمكن زوجك يجي بكرة واذا جا لازم تقابلينه .
هزت راسها بحاضر وقالت : نايف وين ..؟
ردت امها وهي تقوم وتتوجه للباب بتخرج : في شقة عماد يقول بجلس مع فهد لين عماد يجي .
قامت دخلت الحمام بعد ماطلعت امها واخذت لها شور سريع وكلام الدكتور السعودي الملتحي دين وتقوى يتردد في ذهنها ..
: انتي لازم تصمدي اكثر منه ابحثي ودوري على علاج لزوجك .. فيه ناس تعالجوا من المرض بقدرة الله والدعاء والصبر وقوة الايمان والمواجهه ..
طلعت من الحمام وهي لافه الروب على جسمها والمنشفه على شعرها قالت بصوت مسموع وهي تطالع في شكلها بالمرايه : واجهي حياتك ياشادن .. خليك عون له مو عليه .. المفروض اسعده على قد مااقدر مو اتهرب منه واحسسه اني عبء عليه واشيله همي ..
نشفت شعرها بسرعه واخذت المجفف وجففت شعرها بسرعه وجوالها في يدها وتدق على رقم نايف اللي رد عليها بسرعه : هلا ياشادن .
: هلا نايف فينك ..؟
: في شقة رجلتس ..
ضحكت شادن من لهجة نايف الغريبه عليها ..
حست ان فهد اعداه باللهجة قالت : حلوة رجلتس ذكرتني بعماد .. فهد معاك ..؟
: ايه فهد معي وبيمشي خلاص مايقدر ينتظر عماد . بس بينظف الشقه قبل يمشي ..
: ليه عماد بيطول ..؟
: ايه حضرته نايم لين المغرب وتوه تذكر يمشي ..
: مالكم شغل فيه هو حر وعلى كيفه ..
قاطعها نايف وهو يكلم فهد ويقول : ماادري والله ..
رجع يكلمها : المكنسة الكهربائية تشتغل على خط كم 110 ولا 220 ..
: ليه ..؟
: فهد بيكنس الشقه مرة معفنه .
ضحكت شادن من اشكالهم وهم بينظفون ومايعرفون قالت : نايف اش رايك تجي تاخذني انا انظفها .
هتف نايف : والله فكره .. فهد امش امش روح لمشوارك وشادن بتجي تنظفها .
سمعت فهد يقول : تسوي خير والله خلها تنظف المطبخ ترى مافيه شي نظيف والهنود مافيه احد صاحي اجيبه ينظف وان جا عماد والبيت كذا عز الله بيمسكها عليّ لين اموت .
قال نايف : يالله ياشادن البسي وانا جايك .
: عماد في الطريق الحين .
: في الطريق يبي له ساعه ونص على الاقل .
: اوكي يالله .
لبست بسرعه بنطلون جينز ازرق عادي وتي شيرت احمر بأكمام قصيرة وحلقه بشكل سبعه وهو ماسك على جسمها بأناقه ..
ماهما تلبس له بقدر ماهمها انها تقابله وتكلمه وتجلس معاه وتراعيه ..
طالعت في وجهها ذبلان ونثرت عليه باودر وبلاشر وحطت قلوس لحمي لامع لعل وعسى انه يخفي ذبولها ولونها الباهت ..
بسرعه لبست عبايتها واخذت لها شنطه صغيره حطت فيها اغراض تلزمها هناك وراحت تقول لامها على مشوارها ..
***
وصل لشقته بعد ماقال له فهد انه مشى للديرة واعتذر عن دوام الاربعاء ..
شماغه في يده وزراير ثوبه اللي فوق مفتوحه ..
ينتظر بس يدخل حتى ينزل ثوبه ويرمي نفسه لأن الطريق الطويل اتبعه ..
استغرب ريحة البخور تعج في المكان ..
ورفع حاجبه مستغرب وبقلبه " لايكون فهد مبخر البيت .. يسويها ومااستبعد عليه شي "
دخل مفتاحه في الباب ودخل وهاله المكان ..
لولا انه واثق ان هذا طريق شقته وبابها ومفتاحها ولا قال انه غلطان ..
ابتسم لريحة البخور اللي ذكرته بها خاصة في رمضان ليلياً وهي تبخر البيت بعد مايروحون الناس من عندها ..
حست ان قلبها انعصر ووقف عن النبض وهي تسمع صوت الباب ينقفل ..
طلعت من المطبخ وجات تمشي كأنها مو على الارض
شوق ولهفه
وخوف من ردة فعله ..
وخوف عليه ..
وخجل وحيا من تصرفها ..
وقف بمكانه يطالعها بصدمه
آخر شخص توقعه في شقته هي شادن ..
طالع يمين ويسار ودخل يده في شعره قال : فيه احد معك ..؟
هزت راسها بلا قالت : بس انا .. قلت اجي انظف لك الشقه ..
قربت منه ومدت يدها عليه قالت : الحمد لله على سلامتك .
صافحها بدون تردد وسحبها سلم على خدودها وهو يقول : الله يسلمك ..
ترك يدها هروب وجلس على الكنبة تعب وانهاك من المواجهه ..
قال : هابشريني وشلونك الحين يقولون صار فيضان في بيتكم ..
ابتسمت قالت : نايف ها ..؟ طيب اوريهالدب اللي فضح فيني ..؟
ضحك بصوت عالي جمد كل اطرافها قال وهو يمس ظهره : آآآه ياجسمي .. وانتي من بيرجعك الحين انا ولا نايف ..؟
زمت شفايفها بقهر قالت بجرأة اغتصبتها من خجلها : لهذي الدرجة وجودي مضايقك .
طالع فيها وتأمل عيونها الخالية من أي زينه وكانها تقول انا اصلاً يائسة منك يوم اني مازينتها وكحلتها .. بس فيها سحر ممزوج بالحزن اللي تحاول تخفيه ..
تنهد وقلبه يقول " يالوتدرين ياشادن وجود في حياتي وش .. ولوتدري..؟ ماتجرأتي وسألتي "
غمض عيونه وسند براسه على الكنبة قال : لاوالله مو قصدي بس تدرين الناس يعرفون اني ساكن هنا عزوبي ماابي احد يتكلم ويشك فيني .
قربت وجلست على حافة الطاولة قدامه قالت بجدية : يعني بترجعني لبيتنا وتحرجنا مع امي ونايف .
قربها مايقدر يتحمله ..
حاول يبعد نظره عنها وماقدر ..
مايحس الا بالانجذاب وكأنها تيار قوي جارف
حط عيونه في عيونها ومد يده ومسك يدها قال : الا والله جيتي وجابك الله .. حسابي معك عسير ..
سحبت يدها منها بقوة وهي تطالع فيه بجديه قالت : ها .. اش سويت ..؟
وقفت وبعدت عنه ولحقها بسرعه مسكها عضدها قال : وينك وانا ادور عليك من تلفون بيتكم لتلفون نايف وانا اصلاً ادري انك تتهربين ..
قاطعته : أي أي عماد يدي والله تألمني .. سيبها .
: لا لا ماراح افكها لين تقولين .. يالله اعترفي .. اول شي سالفة البكا في الديرة ثم الانهيارات اللي ورى بعض .. ثم تهربك مني وكأني ذابح لك احد .
مدت عليه يدها اليمين قالت : أي عماد اسمع .. امسك يدي هذي وسيب هذي .. هذي ترى مرة تألمني .
يحس انه بدا يفقد السيطرة على نفسه وقرب من وجهها قال : ش فيها يدك ..؟ ها ..
اختنق صوتها وهي تشوفه مايقدر يسيطر على نفسه قالت : انا اقول لك بس سيبني .. سيبني عماد ..
تهاوت يدينه من عليها قال بأمر : روحي من قدامي .. يالله .
ابتسمت له قالت : بروح .. بس انت ادخل خذ لك شور على بال مااطلب لنا عشا .
رفع يده قال : انا اكلت المغرب يوم صحيت انتي ماتعشيتي ..؟
قالت بخجل وهي تشوفه يصد عنها : الا تعشيت .. تدري ان سارة صحت .
: والله .. وانا اقول المزاج ماشاء الله .. التفت عليها وكمل : شادن سألتك بالله وش فيك ذاك اليوم يوم جيتي من المدرسة .
عقدت حواجبها قالت : لاتسألني بالله .. مااقدر اقول لك .
رجع لها قال بحزم : لابتقولين .
عدت من عنده ودخلت المطبخ اللي يطل على الصاله قال بصوت وصلها : مافيه ياشادن بتقولين يعني بتقولين مافيه مفر .
وش تقول له ..؟
وش الحجه والعذر ..
خطرت على بالها كذبة مادرت انها راح تدمرها وتدمره اكثر منها قالت وهي تصد عنه : خلاص اقول لك .. البنات كل مايشوفوني يقولون ..
التفتت وطالعت فيه .. وسكتت
قال وهو يصر عيونه : ايوه كملي . وش يقولون ..؟
: يقولون .... عماد لاتحرجني بليز ..
جا يمشي قرب منها وابتسم قال : بتقولين ولا ..؟
نفضت يدينها بملل وهي تقول : يقولون انتي حامل او لا .
ثبتت نظراته في مكان واحد ..
وماتت البسمه ومابقى الا البرود
والملامح فاترة تحمل الخيبة وتأنيب الضمير ..
مرت الثواني ببطء وهي تشوفه مايتحرك
ادري انه مو بيدك
ادري انك مافيك شي
ادري .. والله ادري ياعماد
بس لازم تعيش حياتك
لازم تكون اب ..
وتفرح في عيالك وهم يكبرون ..
جاهدت وهي ترد الدمعه قالت : آسفه ..
رفع نظره لها وزم شفايفه قال بصوت بارد : انتي ليه زعلانه ومقومة الدنيا .. ان شاء الله بتحملين وبيجيك عيال ويرزقك الله ..
اخذ كمية اكسجين يحاول يوصلها لأوردته اللي جفت ونشفت
لعل وعسى انها ترد الدم يجري مثل ماكان ..
كمل بأسى : كلها فترة ياشادن وتشوفين حياتك ..
هزت راسها بلا وشافته يعطيها ظهره ويتوجه لغرفته ..
راحت تجري بسرعه لين وقفت قدامه واضطر انه يوقف قالت بضعف واضح حاولت انها تخفيه تحت قوة مصطنعه : بس انا ابغى اشوف حياتي معاك انت .. انا .. انا .. انت مو فاهمني ليه ..
سحبها وضمها على صدره بقوة وقال : انتي والله اللي مو فاهمه شي ..
سكتت وماعقبت ولاعلقت
وقلبها يردد " الا والله ياعماد عرفت وفهمت وادركت كل شي .. "
( المسافه بينـي وبينك طويلـه ..
والعشــم فينـي كبيـر .. بس مابيدينــي حيله !
لاني اللي نســاك ،، ولاني قــادر أجي لك
الصبـر فيني قضــا
والشـــوق أكبــر وسيله ..
والعشــم فيني كبيـــر
وآآآآآهـ .. مابيدينــي حيلــه ..) *
فكها من بين يدينه بعد مده مايدري هل هي طويله والساعه صادقه .. ولا انها قصيرة على شوقه وشعوره نحوها والساعه ضاعفت الوقت وكذبت عليه ..
تنهد بعمق قال : نامي في الغرفه حقتي وانا بروح انام مكان فهد في المجلس ..
هزت راسها بطيب وسكتت ..
لأنهاعارفة الوضع ومقدره ..!!!!
***
وصل الديرة في الليل ..
واهله نايمين ودخل غرفته على طول ونام ..
عماد وصاه بأغراض يشتريها ويوصلها لبيته ..
وماتذكرها الا الساعه 11 لمن صحى ..
سلم على ابوه وامه وافطر وهو جالس عندهم ..
قال : فيه اغراض بوديها بيت عماد نسيتها في السيارة وهو موصيني اوديها اول مااوصل والله الظاهر يمديها خربت في السيارة ..
قال ابوه : الاغراض تنتظر .. عسى مافيها لبن ولا شي تفسده الشمس .
: الا والله فيها البان وحليب واجبان .. الله يعين بس .
: زين ودها وتعال ابيك في سالفه .
رد فهد وهو يتذكر كلام جدته قال : الله يكفيني شر العجوز لاتكون كلمتك بشي ..؟
ابتسم ابوه قال : الله يخليها لنا شورها دايم في محله .. وش رايك وانا ابوك ..؟
وقف فهد قال : اصبر اصبر الله يخليك لي .. مهب وقتها المواضيع هذي .. الا اذا انت ناوي تغصبني ..
قاطعه ابوه : مافيه غصيبه ان شاء الله بس شوف هذا عماد قبلك كان يقول اللي انت تقوله وهذا هو مرتاح ومستانس وبنت عمك شايلته على كفوف الراحه ..
: بس انا مابي العرس اقل شي هالسنتين .
تهدج صوت ابوه وهو يقول : ياوليدي انا ابيك تعرس .. وابي اخوك يعرس .
: وبندر وش عليه مني خله يعرس وافرح بعياله الله يخليك لي .
قالت امه بحنان : الحين وانا امك اللي يردك وشو ..؟
: اللي يردني اني رجال ماكونت نفسي الوظيفه مالي فيها الا اسبوع وياعالم اقعد فيها ولا اتركها .
رد ناصر بنفس صوته المتهدج : انت ماتعرف تقول لي لبيه وابشر يايبه ليا طلبت منك شي دايم وانت تردني وتعاندني .. ؟
صد فهد بوجع ورجع سلم على راس ابوه قال : الله يخليك لي لو تبي روحي فدا لك .. بس العرس ...
قاطعه ابوه : وليا طلبتك ورجيتك تردني .
تنهد وتنفس بعمق قال : اصبر عليّ خلني افكر ..!
قاطعته امه : ياوليدي مافيها تفكير .. لاتردنا يافهد .. مانبي غير شوفة عيالك .. وعرسك والمهر كله على ابوك وانت ماعليك الا انك توافق بس .
كمل ابوه : بكرة ابي اكلم لافي ..
فهد : لا الله يخليك لي ..
قاطعه ناصر : لا ليش ..؟ انت تعرف بناته سامع شي ..؟ لافي رجال والنعم مصلي صوام جارنا من سنين وماشفنا منه الا كل خير .
كملت ام فهد وكأنها تاخذ الدور عن زوجها : وبناته كل و حده ازين من الثانية ..
رد فهد بعصبيه : امهلوني افكر .
التفت على ابوه اللي قال بحزم : اذا تبي رضاي يافهد الخميس نروح لـ لافي ونخطب منه .
: ابي رضاك بس ..
قاطعه ابوه بحزم اكثر : بس انك تطيعني وتسمع كلامي .. انا لي سنين وانا مخليك على كيفك .. جا الوقت اللي تمشي فيه على كيفي وتسوي اللي ابيه اذا يهمك رضاي .
شد شعره ومسد وجهه بقوة قال : سو اللي تبيه يايبه .. الحياة ماعاد هي مثل اول ..
ابتسم بوجع وهو يوقف وكمل : الله يرحم واحدٍ كان مزينها في نظري .
تنهد بمرار لسيرة الفقيد وطلع من البيت وترك امه وابوه ..
مابين فرحهم لموافقته .. وحزنهم على حاله ..
هز ابو راسه وهويقول : ماودي انا ضغطنا عليه .. وماكنت ابيه يوافق غصب .
ابتسمت امه وهي تربت على فخذ ابو فهد وتهديه قالت : اليوم ضايق وبكره يستانس ياابو فهد .
هز ابو فهد راسه قال : جهزي عمرتس تروحين انتي وامي لمرة لافي واخذوا فوزية معكم ..
--------------------------------------------------------------------------------
فصلٌ رابع عشر ..
]~~ مشاعرٌ مبعثرة مطعونةٌ .. مقتولة .. مولودة .. ~~
النصيب مااهو اقوى من القدر ..
والقدر اخذ مني الصديق ..
والحياة بعد فرقى سعود ماهي حياة ..
وماعاد تفرق اني اضيع او اموت ..!
او حتى يقودوني على امرٍ ماابيه ..!
نزل الاغراض في بيت جدته وسلم عليها وطلع من دون مايفتح أي موضوع معها ..
التفت لبيت لافي المقابل لبيت عماد وجدته وزفر بقهر ..
انا وين ربي بلاني بكم ..!
ركب سيارته ومشى على نية انه يرجع لبيت اهله ..
بس المواضيع اللي تنتظره في بيت اهله ماتسره وتزعجه وماتقبلها ابداً ..
غير مساره لبيت فوزية ..
هي الاخت والعمه واللي يقدر اقل شي يشتكي لها وتوقف في صفه
بالرغم ان الموضوع تقريباً حُسم وانتهى امره ..!
الا ان الأمل لازال له بصيص ..!
طالما الخميس ماجا والخطبة ماتمت ..!
دق عليها الباب وفتحت له الشغاله اللي اعتادت على حريم القرية وزياراتهن في الضحى ..!
قال : فوزية فيه ..؟
ردت الشغاله وهي ترجع ورى الباب : يس مستر مدام فيه بس نوم .
دخل وهو يقول : روحي روحي صحيها بسرعه قولي فهد يبغاتس ضروري .
نادى بصوت عالي وهو يتوجه للصاله .. : ياولــــد ياشهــــد يافيصــــل .. يااهل البيت .. ياولد ..
المكان يلج بصوته الثقيل والعالي ..
نزلت فوزية بعيون نايمه وهي مغسلة وجهها ولابسه روب طويل على بيجامتها ..
قالت : حيَّا الله فهيدان .. جابك الله ..
سلمت عليه وهي تقول : زين انك جيت ابي اعرف العلوم اللي سمعتها صدق ولا اشاعه .
رمى نفسه على الكنب باحباط قال : مسرعها توصلتس .. ولا مخططين لي كلكم قبل ارجع .
ضحكت قالت : ياخي انا للحين مو مصدقه .. مااقدر اتخيل صراحه .. بس وش فيك محبط كذا ..؟
: وش اللي مايحبطني وانا مغصوب عاد انا جايتس ابي فزعتس ولا رايتس .. رفع رجله على الطاوله اللي تتوسط الانتريه وسند براسه على الكنب وكمل : عاد آخر عمر فهد يحتاج مشورة مرة .. صدق هزلت ...!
ضحكت فوزية قالت : الحمد لله رب العالمين اللي يشوفك يقول شايب ومابينه وبين القبر شي وانت تقول آخر عمري .. المهم انا والله يافهد ماقد فرحت مثل مافرحت يوم سمعت اخبارك الطيبة من عماد .
فز وعدل جلسته قال : عماد وش دراه ..؟
رفعت فوزية حاجبها بغرابه قالت : وشو اللي وش دراه .. موب وظيفتك عنده في شركته ..؟
: الحين وش دخل وظيفتي في اللي انا اقوله لتس .
عقدت حواجبها قالت : وش اللي انت تقوله لي .. انا مو فاهمه منك شي ترى قصدي بالاخبار اللي جاتني عنك الوظيفه وانك صرت تشتغل عند عماد .
: وبس هذا ا للي مفرحتس ومطير النوم من عينتس .
: اجل وش اللي محبطك ان شاء الله ومغصوبٍ عليه ..؟
: انتي ماتدرين ان عجوزتس شبت في ابوي تبيني اخطب من بنات لافي .
فزت فوزية على حيلها قالت :لا ان شاء الله مايقوله الله ..؟ اذا ماتبي منهن يافهد انا اللي اقف في وجه امي وناصر .
ابتسم فهد لردة فعلها قال : بعدي والله عمتي ..! فكيني من العرس كله ..
: لا العرس كله لا آسفه .. بس اذا انت ماتبي من بنات لافي ابشر من يفكك . اصلاً انا اساس البلا كله لأني قلت لناصر الرجال كبر ونبي نشوف عياله وامي ماصدقت خبر وعرضت بنات لافي .
صر فهد عيونه وهو يطالعها قال : اهااااا .. اجل انتي اسباب البلا .. ماعاد عليّ يافوزية مثل ماورطتيني تفكيني .. بعدين بنات لافي وش فيتس عليهم . ماقد سمعنا عنهن الا كل طيب ..!
ردت فوزية وهي تزفر بأوف : انا بعد ماسمعت عنهن الا كل طيب بس شادن دايماً تقول نوف شرسه في تعاملها معها .. غير كذا شهد بعد تقول لي .. .. المهم ماعليك انت منها البنت ابداً ماتناسبك والثانية اصغر منك بواجد .. ضحكت قالت : ولا تبي لك مقرودة مثل العنود . عاد تخيل بزارينك يافهد مثل العنود هههههههههههههههههه .
عقد فهد حواجبه قال : ام كشة اللي تطوف الديره كلها حافيه .. اححح والله يوم اشوفها تمشي حافيه ان رجولي تعورني ..
ضحكت فوزية منه وفجأة كتفت يدينها وكأنها تذكرت شي مهم بعيد عن الضحك قالت بجديه : كلمت عماد ..؟ اخذت رايه ..؟ ولا في الامور هذي ماعليكم منه ولاتفكرون فيه الا اذا احتجتوه ..؟
رد فهد بعصبيه وهو يوقف : انا ولد ابوي .. الكلام هذا وشو .. انتي تدرين ان عماد اخوي الكبير وكل امرٍ امشي فيه آخذ شوره قبل شور ابوي .. ولا بس انتي منفعله وودتس تحطين حرتس فيني بالكلام اللي يغث . الشرهه موب عليتس ....
قاطعته بصوت اهدى وفيه لكنة اعتذار : ماقصدي يافهد بس موضوع مثل هذا لابد تاخذون راي عماد فيه .. بعدين تعال .. ليش ماتنتظرون احمد عماد يقول بيجي بعد شهرين ثلاثه بالكثير ..
اتسعت ابتسامة فهد وهو يقول : والله وجبتيها ياام فيصل .. هالمرة سامحتتس على الخرابيط اللي قبل شوي عشان الفكرة الحلوة هذي .. يالله بروح لابوي اقول له بننتظر عمي احمد .. سلام .
عطاها ظهره وهي تقول : اصبر تغدا عندنا ترى عزيز على وشك يجي الحين ..
رد عليها وهو يفتح الباب من دون مايلتفت لها : تغدي مع عزيزتس لحالتس عليكم بالعافيه .
***
وصل لشقته الساعه عشرة صباحاً راجع من الشركة ...
ومرعليها قبل ماينام ... شافها تغط بنومها في سريره وانسحب من الغرفه للمجلس ..
دخل في فراش فهد اللي للحين غريب عليه وتغطى ببطانيته وغمض جفونه يستجدي النوم يجيه لايسوي فيه مثل البارحه لمن عانده وهجره ..!
البارحة كانت ليلته عصيبه ..!
جافاه النوم لأن قربها والتفكير فيها شيء اصعب منه بكثير
والحالة اللي هو فيها اكبر من كل التوقعات ..
حاول ينام وهو يتقلب في فراش فهد اللي مااعتاد عليه ..
النوم ماقدر يوصله من بين الزخم الهائل في الأفكار اللي هاجمته وكانت سد منيع ضده .. !!
تنهد من اعماقه وهو يسند براسه على مخدته ويعيد حساباته من جديد ..
" البنت متعلقه فيني وانا ماانفعها ولا افيدها ولاراح اسعدها
وياخوفي انها بانية مستقبلها معاي وانا مستقبلي مظلم وكئيب ..
مسد شعره وغمض عيونه بقوة وزفر " البلا اني مااقدر اتركها .. مااقدر ياربي .. ومستحيل اتخيل انها مع غيري .. آآآآآآهـ يااارب رحمتك .. يارب رحمتك .."
ضم جفونه على بعض والتهى بالمعوذات وآية الكرسي لعلها تهدي عواصف الأفكار اللي أرقته ..
ردد (اللهمَّ إني أسألك في صلاتي ودعائي بركة تُطهر بها قلبي، وتكشف بها كربي، وتغفر بها ذنبي، وتُصلح بها أمري، وتُغني بها فقري، وتُذهب بها شري، وتكشف بها همي وغمي، وتشفي بها سقمي، وتقضي بها ديني، وتجلو بها حزني، وتجمع بها شملي )
غفت عينه على الذكر بسلام ..
..
وبعد اذان العصر ..!
فتح عيونه بصعوبة على صوتها ..
: عماد ... عمااااد قوم صل الظهر والعصر .. عماااااد .
تراءت له صورتها بالبيجامه الواسعه بلون الزهر وأكمامها طويلة ..
شعرها الأسود ينزل على خدودها بتمرد وعصيان وهي ترجعه ورى اذنها باستمرار وحركة اعتادها وصارت لها طبع ..
نفسه يمد يده لها ويضمها دقيقتين ، ثلاث ، خمس بالكثير ..
لكن ضميره الصاحي له بكل محاولة تهور رده ومنعه ..
انقلب على جنبه وظهره ناحيتها قال : اطلعي وسكري الباب .
: طيب عماد قوم .. العصر راح وقته بعدين انا صاحيه من الظهر لوحدي .
غطى وجهه باللحاف وهو يقول : دقي على نايف خليه يجي يرجعك لبيتكم .
تأففت باعتراض وزعل ورجعت للصاله ..
وهو قام وجلس ..
شد شعره بقلق وحيرة ..!
وبقلبه " وش هالحياة اللي اهرب منها وتلحقني واعيشها بعذاب "
طالع في الباب يتبع اثرها اللي اختفى ورمى اللحاف عنه و راح يتوضأ في دورة المياه الملحقة بقسم الرجال ..
رجع للمجلس وبعد ماصلى فرض العصر طلع لها ..
كانت جالسة على الكنبة وتكلم امها وتضحك معاها ..
وقف عندها ينتظرها تكمل قالت وهي تطالع فيه : طيب يمه هذا عماد صحى ......... حاضر ان شاء الله ولايهمك يالغاليه ........... الله يسلمك .......... مع السلامه .
طالعت فيه قالت : امي تسلم عليك .
جلس على الكنبة وهو يقول بصوت نايم : الله يسلمها اسمعك تقولين حاضر وولايهمك .
ابتسمت له وهي تاخذ الريموت وتشغل التلفزيون قالت : توصيني عليك .. تقول اهتمي فيه ولاتخلينه ياكل شي من برا وانتي عنده .
خلل شعره بأصابعه قال : ايييه ذكرتيني طبعا مااكلتي شي للحين ..
: ليش البيت فيه شي ..؟ حتى سكر ماحصلت عشان اسوي شاهي ..!
: شقة عزوبي عاد .. يالله قومي البسي بنروح نتغدى في مطعم .
عضت على شفتها السفلى قالت : مممم لا خلاص طلبت .
رفع راسه من على الكنبه قال وهو عاقد حواجبه ولهجة عدم الرضا واضحه : وشو ..؟ طلبتي ..؟ ومن اللي قال لك تطلبين ..
قامت وجلست بنفس مكانها البارحه على الطاولة ومقابلة له قالت : عماد اش فيها اذا طلبت ..؟ ترى المطعم اللي طلبت لك منه راح يعجبك .. طالعت في الارض وكملت : بعدين انا متعوده زمان اني اطلب .. ولو ادري انك ماترضى ماطلبت ولا سويت لك مفاجأة ولاغديتك على ذوقي .
ردها كله اعتذرا وحنية ..!
تمنى انها ماجات للبيت ولا جلس معاها لوحدها ولا سمع منها هالكلام ..
ضم وجهه بيدينه قال : متى طلبتي ..؟
: قبل ساعه ... بس يبغى له كمان نص ساعه عشان يوصل .
عقد حواجبه قال : وش طالبه ذبيحه ..؟
ضحكت بصوت واطي قالت : لا لا موذبيحه .. بتشوفه بعد شوي .
قال : اجل بقوم اتروش على بال مايجي غداتس .
مشى من عندها هارب ..
خايف منها وعليها ..
" يارب "
لفظها لسانه مستغيث ومستنجد ودخل الحمام لعله يبعد عنها لحد مايجي الغدا ويلتهي فيه .
في نفس الوقت ..!
تمسد وجهها المتوهج خجل من نفسها وتصرفها وكلامها ..!
ضميرها الحي يحثها على الاستمرار وخجلها وعدم تعودها ينفرونها من التمادي ..!
"يافضحي منه الحين وش بيقول ..!
جريئة ورامية نفسها ليّ .."
حركت رجلها بعصبيه ورفعت وجهها بشموخ ..
" عساه يقول اللي يقول
المهم اني اقدر اقرب منه واقدر اساعده في النور ..
اقدر اقول سافر وتعالج
اقدر اقول روح لطبيب عربي
اقدر اقول لاتاكل كذا وكل كذا ..!
هذا يفيدك وهذا يضرك "
تنفست بعمق وهي تردد
لسه ياشادن مابدا التعب ..!
هيأي نفسك للجاي وقوي عزيمتك .
رفعت نظرها للسماء ويدينها تضغط على خدودها بقوة وقالت نفس كلمته بنفس حاجته ورغبته
" يارب "
بعد برهه من الوقت ..!
قطع صوت الجرس عليها تفكيرها وشافت عماد يعدي من عندها وفتح الباب ..
ناداها بصوت عالي بعد ماقفل الباب : شادن .
وجاته تمشي قالت : ها وصل ..؟ خلاص اتركه انا ادخله واحضره .
اخذت اطباق السمك المشوي ورتبتها على السفرة وهي تفكر بكلام الدكتور : لازم ياكل هو وكل من يهدد بالعدوى اطعمة تقوي من جهاز المناعه مثل السمك اللي بدون زيوت والخضار والفاكهه والزعتر مهم جداً ومفيد جداً ..
ناداها عماد وهي مسرحه وتتذكر وش بعد يحتاج جسم عماد لتقوية جهاز مناعته قالت بارتباك : ها اا هلا هلا .. سوري ماسمعتك .
جلس على السفرة وهو يقول : وين رحتي . . ؟
عضت على شفايفها بحركة خجولة وقالت بذكاء ساعدها في الموقف : بصراحه شكلك رجع لي ذكرى .. مممم ماادري تحبها ولا لا .
حط اللقمه في فمه وهو يقول : أي ذكرى .
طالعت في شعره الرطب قالت : تتذكر هذاك اليوم قبل زواجنا وانت خارج من غرفتك وانا طالعه مع الدرج ..
قاطعها : ايه اذكر ... الا وش طاري عليك تطلبين سمك ومشوي ..؟
: اش رايك بالله مو لذيذ .
: الا والله المطعم هذا عزمت فيه وفد اماراتي وصاروا اذا جوا لجده مايتعدونه .
قالت بمكر : عشان تعرف اني ذوق واختياري دايماً بمحله .
رفع نظره لها قال بخيبه : ايه والدليل انك تركتي امك واخوك وصديقتك واخترتي تجلسين عندي .
حست انها مخنوقه من كلمته ..!
تبكي قدامه وتصرخ وتقول الا عندي ذوق وانت بالدنيا كلها ..!
ولا تسكت وتمشيها وتحسسه انها مافهمت ..
بلعت لقمتها بقوة قالت : اش رايك نخرج نتمشى .
: وش رايك اردك لاهلك تجلسين عندهم للجمعه وترجعين عشان دوامك .
: بروح لامي واجلس عندها الليلة بس برجع الجمعه عشان بيتي وزوجي وجدتي .. والدوام آخر همي .
كفت يدها ورجعت ورى وهو يطالع فيها ..
يحب ابتسامتها ويحب ضحكتها اكثر
ويحب يشوفها معصبة ورافعه حاجبها بزعل ..
ويحب كلامها رغم انه معترض عليه ..!
قال : بتتغدين ولا تراني قمت وخسرتك عزيمتك .
: تغدى انت اش عليك فيني . بعدين ماعادت عزيمتي مو انت اللي دفعت .
ابتسم قال : امشي بس كملي اكلك خلي حركات البزارين عنك ... عشان نروح لعمتي ام نايف ماشفتها لي اسبوع بسلم عليها وآخذ علومها .
تهلل وجهها فرح وهو يقول عمتي ..
هذا الشي الوحيد اللي يحسسها انه مو معترض على زواجه منها ..
رجعت مكانها وكملت غداها وهي كل ماتحاول تفتح اي موضوع بدهاء يسكره عماد بذكاء ..!
***
الفقد في حياتنا صعب على أي شخص مهما كانت قدرات تحمله ودرجات صبره وتجلده ..!
له وقعه وتأثيراته
احياناً يودي بنا للجنون
أحياناً يورث بدواخلنا الخوف للأبد ..
والأكيد انه يوغل الحزن بقلوبنا لسنين عدة اذا ما استمر طول العمر ..!!
جالسه في غرفتها وكل شي حولها غريب ..!
رغم ان المكان هو هو ..!
والأشخاص هم نفسهم ..!
الا ان الدنيا موحشة عليها وكأنها اول مرة تواجه الحياة لوحدها ..
تعبانه ومثقله لدرجه انها ماتقدر تفكر بشي ..!
ولا تسمع شي ..
ولا حتى تقول شي ..!!!
دخلت عليها امها في يدها صينيه فيها كاسة حليب وشرايح توست مدهونة بجبنة ..
قالت والابتسامه تعتلي وجهها فرحة بوجود سارة في البيت وقومتها بالسلامه : ياصح النوم .. صحيتي ياقلب امك ..؟
ابتسمت سارة لامها بوجع .
قالت : هلا يمه صح بدنك .. ليه تتعبي نفسك ماني جيعانه .
ردت امها وهي تحط الصينيه على الكومودينو بجنبها وتجلس على طرف سريرها : ياقلبي لازم تاكلين اليوم ماتغديتي زين .. والدكتور يقول انك نزفتي دم كثير يبغالك شهور عشان تعوضينه .. خذي اشربي .. قولي بسم الله .
رشفت سارة من كاسة الحليب مجامله ودفته بعيد عنها قالت : يمه مااقدر .. يكفي البارحه شادن قاعده تدف الاكل في فمي غصب .
تنهدت امها بحب وهي تتذكر موقف شادن قالت : ياربي ياهالبنت ماادري كيف ارد لها جميلها .. صدق ماتعرفين معدن الطيب الا وقت الشدة وشادن اصيله ماخيبت الظن فيها الله يرزقها ..
ابتسمت سارة بامتنان قالت : تصدقين انها دقت عليّ بعد العصر وصحتني اصلي .. عاد انا صعب اقدر اوصل للحمام ولولا الشغاله نايمه عندي كان تبهذلت .
قالت امها بلوم : قلت لك بنام عندك بعد الظهر وانتي اللي رفضتي .
: لا يمه مو يكفي انك تاركه ابوي كل الفترة اللي راحت وانا في المستشفى ومقابلتني والبارحه نايمه عندي .. خلاص انا الحين احسن الحمد لله .
ضمت امها على يدها قالت : ترى ابوك ومشاري قرروا انا نروح للمدينه بناخذ هناك اسبوع اسبوعين على كيفك ..
تنهدت ساره وغمضت وهي تحط راسها على صدر امها وتحاول ترد العبرة قالت : يمه انا مرة تعبانه ... ابغى ارتاح .. ماادري فين اروح .
مسحت امها على راسها بلطف وقالت : تدرين ان ابوك قال نبغى نروح لتركيا لأنك تحبينها بس انا رفضت قلت نروح للمدينه .. كل هذا عشان ترتاحين نفسياً لأن اللي يروح لها مهموم ينشرح صدره وترتاح نفسيته .
سكتت سارة محملة بالهموم والذكريات تمخر قلبها وتنزفه كل ماعصفت بتفكيرها ..
واكتفت امها بالكلام هذا لأن الدكتورمحرص عليهم مايطولون الكلام معاها حتى مايرهقونها بالكلام او حتى الاستماع ..!
***
في الديرة ..!
حول النار الصغيرة في المنقل ( وعاء معدني مستطيل الشكل على اربع قوائم يوضع في الجمر اما للتدفئة او تسخين القهوة والشاي ) اللي يتوسط مجلس ناصر ..
جالس في صدر المجلس وفهد على يمينه ودلة القهوة في يده يصب لابوه واخوانه ويرجعها على طرف المنقل ..
البرد اشتد في القرية والمناطق اللي حولها ..
قال ناصر بلهجة حاده : انا علمتك الخميس يعني الخميس . ولا انت تبي تماطلنا لين تغير رايك .
فك فهد شماغه اللي تلثم به لأن ريحة كربون النار تضايق صدره اللي للحين مابريء من التهاب البرد وشكلها وريحتها تذكره بوجع سعود وفراقه ..!
قال لابوه : يايبه انا ماقلت شي .. واللي تبيه يصير وعلى راسي بس يرضيك اني اخطب وعماد مادرى .. ترى مهب زينه في حق عماد اللي يعتبر نفسه ولدك الكبير واخونا كلنا .
: وانا اشهد ان عماد ولدي واكبر عيالي بس الخوف انك حاط(ن) عماد حجة وتبي تغير رايك ويكون في علمك يافهد انا علمت لافي وغازي اخوه قلت الخميس نبي نجتمع عندكم والرجال لمحت له وعرف وش ابي منه واكيد انه ينتظرنا بكرة لاتحاول تثنيني عن اللي ابيه ..
قال بندر وهو متكي على التكاية وينعس : والله مهيب زينه في حق ابو مشعل .. انتظره يبه ولا خلني بكرة اروح لأي ديرة فيها شبكة وادق عليه .
قالت ام فهد وهي تحرك الجمر وتثبت ابريق الشاهي عليه بعد ماصبت لخالد المتمدد في آخر المجلس منه بيالة : ياابو فهد .. انت تراك تعجلت ماكان قلت للافي عن جيتكم ...
قاطعها بنبرة عصبيه : وراني مااتعجل يوم ابي شوف عيال فهد وبندر .
وقف بندر وهو يقول : اسمحوا لي ابي ادخل انام .. وانت يافهد والله ان مادقيت على عماد وبلغته لياخذ بخاطره ... هذا مهب أي موضوع هذا زواج ووقفة رجال لازم يكون معنا .
هز فهد راسه قال : وانا وش اقول من اليوم ..؟ والله الظاهر اني ابي اسري ادق عليه .
ردت ام فهد : لا والله ماتروح في هالليل والبرد وانت صدرك تعبان .. خله بكرة من اصبح افلح .
دخلت عليهم منال وكتابها في يدها قالت : فهد تقدر تشرح لي مسألة هنا .. صعبة وبندر يقول مايقدر يشرح وهو نعسان .
قال فهد : هاتيها اشوف .
قام خالد وعدل جلسته قال : انتي يامنال وش اللي معنيتس قايل لتس ادخلي معهد معلمات مثل بنات لافي وتخرجي مدرسه .. ها وش بتحصلين بعد الثانوية .
قال فهد وهو يكتب مسألة الفيزيا في كشكول منال : وش بتحصل يعني اكيد مادخلت الثانوية الا عشان تكمل دراستها .
قالت امها : وين تكملها ..؟ ولا تبيها تدخل السكن مثل خوات مرة عمك احمد .
فز خالد ولد ال16 سنه قال : والله لتموت مادخلته .. هذا اللي ناقص نفك بناتنا في السكن ولحالهن .
: لا وش يدخلها السكن تروح معي وتسكن عندي هي واختها لين يخلصون دراستهم .
رد ابوهم اللي اثاره فهد بموضوع عماد وحس انه تسرع .. رغم انه ماغاب عنه بس حب يخطب والملكه يشهدها عماد ولاتفوته .. : هالحين اشرح لاختك ثم لياكملت الثانوية يالله في العافيه هذيك الساعه تعالوا قولوا اللي عندكم .
قال فهد : منال تدرين انا نزلت الكيس اللي من عند ام نايف لكم ولا لا انا ماعاد اجمع ذاكرتي فشلتني بخلق الله .
ردت امه مقاطعه : لاوالله وانا امك ماشفنا شي .
قال فهد لخالد اللي يتصفح كتابه بملل : خالد فز هات الكيس الأبيض الكبير من شنطة السيارة ..
رمى عليه المفتاح وقام خالد .. وانغمس فهد يشرح لمنال المسأله اللي فهمتها على طول وبدون عقد ..
قالت : اشوا انها سهله ..
قاطعتها امها وهي تفتح الكيس اللي جابه خالد للتو ..
: ماشاء الله تبارك الله . . الله يبيض وجه هاك الحرمه ..
قربت منال منها قالت : اشوف يمه .
فتحت الكيس الكبير وحصلت فيه عسل نحل وبخور من الأصلي الفاخر ..
وداخله كيس ثاني فيه قطع اقمشة وخاتم ذهب وعطورات للبنات وبلايز صوف .
سحبت منال البلايز والعطورات قالت : عز الله ماذاكرت حنان ان شافتها .. بس بروح اوريها اكيد انها بتنسى هم المذاكرة .
طلعت من المجلس والكل منشغل بنفسه اللي يفكر وشلون يوصل الموضوع لعماد
واللي يفكر متى يجي عماد ويفكه من الموضوع كله ..
واللي منشغل باختبار بكرة وشلون يعدي منه ..
واللي منشغله بتمييز الهدايا باعجاب وتفكر وشلون ترد الهديه بأحلى واحسن ..!
***
ظهر الخميس ..!
وفي بيت امها ..
اخذت جوالها وكلمت سارة وتطمنت انها وصلت للمدينه وانها احسن من امس واللي قبله ..
وبعد مكالمة سارة اللي ماطولتها جلست بملل ..!
طالعت في امها الملتهية بمراجعة الجزء اللي راح تختبر فيه بكرة عصر الجمعة في الدار ..
جو السكوت يحيلها للتفكير
وتفكيرها محصور في حياتها مع عماد ..!
وحياتها مع عماد شائكة ومتعبه ومرهقه ..
عماد تعبها بسلبيته وبعده وعدم تجاوبه معاها رغم انه يبي ..!
وهي تعبت من يوم اخذته وهي تصبر وتتحمل وتنتظر بكرة ..
امس لولا ان نايف حلف انه يتعشى عندهم ويضيفهم ولا ماجلس بعد القهوة دقيقة وحده ..
اصراره على عدم الاحتكاك فيهم اكثر من ضيف خفيف يوترها وينرفزها ..
وعذره اللي هي فاهمته ومقدرته ان عماد حاس انه مو من حقه يجلس معاهم ويلبس ثوب زوج بنتهم اللي لابد يحتفون به ..
وهو بنظره انه على العكس
زوج وهمي ومايستحق الحفاوة ..!
تسحبت وهي تتذكر كلامه لها قبل مايخرج ..
" اذا بغيتي شي دقي عليّ رقمي مع نايف خذيه منه .. واذا بغيتي تجين للشقة بلغيني قبل "
دخلت غرفة نايف وهو غاط في نومه ..!
واخذت جواله وسجلت رقم عماد في جوالها وراحت لغرفتها ..
دورت على حجه تبرر له اتصالها عليه ..
حجه ماتحرجها ولاتحرجه ..!
سبب قوي والأهم يقنعه ..!
ضغطت زر الاتصال بتهور وبعزيمة والحجه للحين ماجات ولالقتها ..
دق مرة ومرتين وثلاث ..
اخيراً رد بصوت نايم وهو يقول : الو .
تنحنحت بصوت خافت قالت : هلا عماد .. السلام عليكم .
سكت لبرهه ورد : عليكم السلام من معي ..؟
: ها ..؟ ماعرفتني .
: اوووه هلا هلا شادن .. اجل هذا رقمك .
: ايوه . عماد انت نايم ..؟
عدل راسه على المخده قال : لا خلاص صحيت . بغيتي شي .
: ممم .. ايوه ..
جاتها الفكرة والحجه لعندها من عند ربي قالت : ابغاك تقوم تصحصح وتاخذ لك شور وتصلي الظهر وتجي للغدا عندنا .
رد وهو يتثاوب ويعدل اللحاف عليه قال بعفوية : والله ياشادن صوتك في التلفون ابد مايساعد ان الواحد يصحى .
ردت بعفوية مماثلة : ها ..؟ كيف .. مافهمت .
ضحك وصوته النايم والكسول يخترقها ويستقر بقاع قلبها قال : هههههههههههههه عليك صوت مهوب صاحي في التلفون .
امتقع وجهها حمرة خجل ..
اول مرة يغازلها ..
لا لا مو اول مرة قد مسك يدها قبل وقال " الحلو يصنع حلو "
بس هذا اللي سمعته منه ..
وصلها صوته هالمرة مختلف ..
الاحساس بالذنب وصحوة الضميرة واقفين له سد منيع بينه وبينها ..
قال وهو يتنحنح ويحاول يرجع لطبعه الجاف معاها : وشلون امك ونايف .
غمضت عيونها بخيبة واحباط قالت : كلهم بخير ويسألون عنك .. يالله عماد ترى استناك على الغدا لاتردني .
: لا لا تغدوا البارح انا متعشي عندكم يكفي ..
قاطعته : عماد الله يخليك لاتقول هالكلام وتحسسني انك غريب عنا ترى هذا بيت خالك وعياله .
: ادري انه بيت خالي وعياله بسس .
: بس مافيه عذر يالله قول طيب ..
: لاوالله مايمديني اجيكم .. بروح احلق وامر على واحد من العيال يمكن اطلع انا وياه نتغدى برا .
: عماد طلبتك لاتردني .. يمديك تحلق وتجي .. اصلاً انا لسه ماسويت الغدا . بعوض عزيمة امس اللي صارت على حسابك وانا اللي كنت ناوية اغديك على حسابي .
وش اللي تسويه فيه
يوم بعد يوم تقتحمه اكثر
ليته رجع للديره ولا جلس في جده وشافها وكلمها وحس فيها اكثر ..
ليته يقدر يهرب ويبعد وينساها وينسى شكلها وصوتها وقربها ..
: ها اش قلت ..؟
تنهد وهو يرفع اللحاف عنه ويقوم قال : وش قلت بعد .. امرنا لله .. بنت خالد تامر وحنا ننفذ .
عضت على شفتها والابتسامه الخجلى على محياها قالت : تسلم الله يخليك لي .. يالله استناك وخذ راحتك .
تجاهل جملتها الاولى قال بلهجة جافه مصطنعه : زين يالله مع السلامه .
همست : الله معاك .
قفلت منه وراحت للمطبخ بسرعه وفي راسها مليون فكرة وش الأنسب واللي يصلح له ..
اخيراً استقرت على اكلات مو دسمة ..
مرقوق وصينية خضار باللحمه وجريش وسلطات ..!
ساعتين من الجهد والعمل بتفاني وتفنن مرت عليها هي وامها وشغالتهم الاندنوسية ..
اخيراً انجزوا بإتقان ورضا ..
دقت على عماد قال انه قريب من البيت وراحت تصحي نايف اللي قام بسرعه ونزل تحت ينتظر عماد ..
الاستقبال والترحيب والجو الأسري اللي في بيت اهل شادن عمره ماحس فيه رغم انه عاش عند جدته وأفضت عليه من الحنان لدرجة الاشباع ..!
وعاش مع عمانه واعتبرهم اهله لكن وجود الام والأخ والأخت وهو بينهم وكأنه واحد منهم احساس غريب ..!
بعد ماتغدى مع نايف جابت شادن القهوة والشاهي وجلست عندهم وجات امها كملت الجلسة ..!
ومع السواليف الهادية اللي كانت تدار غالباً بين عماد ونايف وعماد يسهب لنايف في شرح أي سؤال يقوله عن الاقتصاد ... الاسهم .. ادارة الاعمال .. تأثير الصحافه على التجارة .. الاعلانات ودورها .. وماتطرق للحديث عن نفسه ابداً الا لمن قال نايف : طيب انت مافكرت في الدكتوراه بعد الماجستير .
طالع في شادن وعمته قال : ماكتب الله اني اكملها .. ولو ان الفكرة كانت وارده واحتمال تنفيذها بأي وقت . بس اني اسافر واترك جدتي بعد ماسافر احمد صعب عليها .
قالت ام نايف : ليه ماتكملها هنا في السعودية .
: في السعودية اريح لي لكن الشهادة من برا لها ميزات افضل ...
قطع عليهم صوت المسج اللي وصل لجوال عماد الحديث وفتحه قرا مسج فهد والمجلس يدور فيه " انا لي ثلاث ساعات احاول ادق عليك والشبكة زفت عيا الاتصال يمسك .. لكن تعال اليوم ضروري الشايب مصمم يخطب لي من جارك لافي .. وكلمهم على اساس العصر نجيهم .. تكفى ياابو مشعل لاتخيب ظني فيك انت خابر رايي زين في مسألة العرس وفوزية ناشبة لي تقول لاتناسب لافي .. عاد انا مالي غير الله ثم انت "
وقف وهو مرتبك ..
مصيبة حلت عليه وعلى فهد واهله ..!
وش يسوي والعصر على وشك وهو لابد يوقف الخطبة بأي حال من الاحوال ..
طالع في نايف اللي قال : عسى ماشر . ؟
قال : ماشر ان شاء الله .. انا مضطر امشي الحين للديرة .
شهقت شادن بهلع وطالع فيها قال بسرعه : مافيهم الا العافيه بس فيه موضوع يبيني فهد اجي احله بسرعه ومايحتمل التأجيل .
قالت وهي مو مصدقه : عماد لاتكذب علينا .. جدتي فيها شي .. عماني ..
قاطعها نايف بلهجه حاده : شااادن وش هالكلام ..؟ بعدين يالله البسي بسرعه وامشي مع زوجك .
قالت بخوف ولهجة حازمة : ايوه طبعا ماشيه استناني عماد لاتروح .
زم شفايفه وهو يحس ان الوقت يداهمه قال : عجلي عليّ معك عشر دقايق ان تأخرتي مشيت ..
طلعت بسرعه والتفت على نايف اللي تايه مابين ياخذ كلامه ويصدقه ولا يصدق حدسه وتعابير عماد المكتئبة ومهمومه ..
قالت ام نايف بتروي وهدوء : فيه شي ياعماد ..؟ شكلك يقول ان الرسالة كدرتك ..!
قال عماد بهدوء مصطنع : لاتخافون والله مافيه مايروعكم بس ان فهد غصبه خالي على العرس وهو مايبيه وينخاني ( يطلب نخوتي ) يبيني افكه من الموضوع .
عصب نايف قال : وبس .. ؟ ياخي ماتحتاج المسأله انك تطق مشوار بهالسرعه .. بعدين هو حر مايبي الزواج يقول لا . وانا اعرف عمي ماتوصل معاه للغصيبه .
: عاد فهد مايبي يزعل ابوه ونوى يحطها في راسي انا .
قالت ام نايف بنفس الهدوء والخجل اذا قابلت عماد احتراماً له وتقدير : الله يستر عليك ياولدي لاتستعجل بالله .. وتأكد ان اللي ربي كاتبه راح يصير واذا فيه قسمه لفهد محد رادها .
هز راسه باقتناع قال : اللي عليّ بسويه والباقي على ربي .
وقف على باب المجلس ينتظرها بقلق وبركان انفعالات حاول جاهد انها ماتظهر وتبين عليه آثارها ..!
مو معترض على زواج فهد وقسمته بقدر اعتراضه على نسب لافي وقرب لافي وبنت لافي ..!
زفر وهو يطالع في ساعته قال : بالله يانايف استعجلها ..
خرخ نايف من المجلس ورجع بعد دقيقتين وشنطتها في يده وهي تمشي بسرعه وتلف طرحتها على راسها قالت : ماعليه آسفه .
رد عماد بسرعه : يالله يالله عجلي .
التفت على امها ونايف قال : يالله نسلم عليكم .
خرج بسرع متحاشي وداعها لامها واخوها اللي من بدايته ادمع عيونها وفضل انه ينتظرها برا ..!!
***
اعتادت بيوت القرية الصغيرة انها تطلق اطفالها في طرقات القرية كل عصرية واذا قرب المغرب ضمتهم وسكرت ابوابها عليهم ..
الدنيا امان والناس مسالمه ومحد يخاف من جاره ولااحد يخاف على عياله ..
كانت العنود واقفه مع شهد بمريول المدرسه اللي ماتنزله الا اذا جات تنام وشعرها متطاير بدون تسريح او ترتيب ورجولها اللي اعتادت السير على تراب الديرة وعرفتها وعرفت مكامن الخطر والأمان حافية وعارية ..
حكت فروة راسها بعنف وقالت : شهد ابلا شادن متى تجي .
ردت شهد على العنود اللي تعودت تلعب معاها غالباً اذا سامر ولد نوير ما جا عندهم لأن في حضور سامر عند شهد يبطل الكل ..
: امي تقول راحت عشان تشوف زميلتها اللي صار عليها حادث .
: طيب متى بتجي .
هزت شهد اكتافها ببراءة قالت : ماادري .. اصلاً احنا كلنا بنجيكم بعد شوي .. امي وجدتي وخالتي ام فهد حتى خالي ناصر وخالي فواز كلهم بيجون عشان يخطبون نوف اختك .
فتحت العنود عيونها بقوة متفاجئة قالت : قولي والله .
ردت شهد : والله انا سمعت امي امس تقول لابوي بنروح نخطب نوف .
: طيب من اللي يبي ياخذها .. عماد ..؟
: لااااااااااا عماد متزوج شادن ياغبيه .
صرت العنود عيونها بحيرة قالت : وحتى اذا هو متزوج ...! انتي ماشفتي ابوسليِّم عند اربعه حريم وعياااااله واااااجد حتى مااقدر اعدهم .
ردت شهد بحماس واندفاع : بس عماد حلو مو شايب مثل ابو سليم .
عضت العنود على شفتها وهي تصر عيونها وتفكر بزوج نوف المستقبلي : اممممممم اجل من بياخذها .. ابوتس ولا عمتس فواز .
: ابوي لاااااا .. بس يمكن خالي فواز لان خالتي حليمه كانت تعبانه في رمضان وراحت للمستشفى .
زمت العنود شفايفها قالت : انا اصلاً منيب معرسه بعدين عشان رجلي مايعرس عليّ .
قالت شهد بلهجة تحذير وهي تعض على شفتها السفلى وتلتفت على بيت امها : اسكتي عيب تقولين كذا .. امي تقول عيب تتكلمون في الزواج .
هزت العنود اكتافها بلا مبالاة قالت : حتى امي تقول عيب بس انا سمعت نورة ونوف يهرجون في العرس ونوف تقول انا ماابي حمود ونورة تقول اخذيه ازين لتس من عماد معرس وعنده مرة . ونوف تقول عادي اهم شي ياخذني لو عنده ثلاث حريم ..
ابتسمت العنود بمكر وكملت : اصلاً اختي نوف كل يوم تقز عماد مع الطاقه .
حطت شهد يدينها على وسطها باعتراض قالت
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
مواضيع مماثلة
» رواية أطباء في الحب رواية حجازية
» رواية دريت إنك بنت يا بنت بس ليه في جامعتنا
» رواية سواها قلبي
» رواية حب في الجمسس..ممورا روعه
» (( رواية الله يخليك لي ولا يحرمني منك ))هبال ووناسه رومانسي
» رواية دريت إنك بنت يا بنت بس ليه في جامعتنا
» رواية سواها قلبي
» رواية حب في الجمسس..ممورا روعه
» (( رواية الله يخليك لي ولا يحرمني منك ))هبال ووناسه رومانسي
صفحة 1 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى